بريد الجمعة يكتبه : أحـمـد البـرى الناقوس الزجاجى!أنا فتاة فى سن الشباب، لا يشغلنى ولا يؤرق مضجعى شىء سوى مأساة صديقتى فهى على شفا انهيار عصبى بعد أن تحطمت أشياء كثيرة بداخلها،
وصارت حياتها نزيفا متواصلا من الأحزان والآلام، وقد وجدتنى بعد تفكير طويل أكتب إليك حكايتها عسى أن تأخذ بيدها إلى بر الأمان، وتساعدها على الخلاص من العذاب الذى تعانيه بلا ذنب ولا جريرة، فهى فتاة عمرها خمس وعشرون سنة، بدأت رحلتها مع المتاعب عندما كان عمرها أربع سنوات، إذ انفصل أبوها عن أمها التى هربت مع شخص ما، ولا يعلم عنها أحد شيئا منذ ذلك الوقت، وتولى أبوها رعايتها هى وأشقائها «بنتان وولد»، وكان يعمل وقتها موظفا صغيرا بإحدى الجهات نهارا وحارسا لعمارة تملكها مديرته فى العمل ليلا، وأصبحت البنات يجلسن مع والدتها فى العمارة نفسها، إلى أن يعود من عمله، واستمر الوضع على هذه الحال لفترة، وذات يوم اصطحب ابنته الصغيرة إلى العمل، ورأتها سيدة أخرى تشغل منصبا قياديا فى الجهة التى يعمل بها، فاقترحت عليه أن تأخذها وتربيها، فلم يتردد، وفرّط فيها، مع أن هذه السيدة لديها أبناء يعيشون مع أبيهم الذى انفصلت عنه، وتزوجت بآخر لديه أبناء أيضا، وقد تسألنى وما الذى دفعها إلى أن تأخذ هذه البنت؟.. والإجابة ببساطة أنها فكرت فى تسجيلها باسمها هى وزوجها لتكون من ورثته فيما بعد، ولا يأخذ أولاده معظم التركة، والغريب أنه لم يفكر فى هدف زوجته الخبيث ولم يخطر له على بال، وأخذ البنت وعاملها بإحسان، لكنه لم يكتبها باسمه بعد أن تأكد من حرمة التبنى، وهكذا وجدت نفسها وسط عالم آخر بين يوم وليلة.. أب وأم غير الأب والأم الحقيقيين، وأخوة جدد غير أشقائها الذين كانت تعيش معهم، وصار عليها أن تناديهما بـ «بابا» و «ماما»، وأحبها الرجل بشدة، واعتبرها بالفعل إبنة له، لكن بناته كرهنها فى البداية، ثم شيئا فشيئا تعودن عليها، ونجحت هذه السيدة فى تحقيق هدفها، وتحدت الجميع بطفلة بريئة.
وقد تظن أن حياتها أصبحت وردية بعد هذه البداية العصيبة، لكن ما حدث هو العكس، فإذا فعلت أى خطأ كما يخطىء الصغار دائما يكررون على مسامعها الجملة التى دأبوا على ترديدها «حنطردك إلى الشارع»، وعاملتها السيدة التى اعتبرت نفسها أمها بقسوة، أما زوجها فكان هو ملاذها الوحيد، ودافع عنها ووقف فى صفها، وبرغم أن أبناء هذه السيدة يعيشون بعيدا عنها مع زوجة أبيهم، وهم أربعة «ثلاثة ذكور وبنت واحدة هى الكبرى»، فإن إبنتها هذه دأبت على التربص بها، وظل هدفها الوحيد هو أن تحيل حياة الفتاة المسكينة إلى نكد دائم، فى الوقت الذى تحاول فيه أن تبدو طيبة فى نظر الآخرين، وبمرور الوقت صارت إبنة هذه السيدة صاحبة القرار والرأى والمشورة لديها، فإذا ادّعت كذبا أن البنت الصغيرة ارتكبت خطأ أو لم تنفذ أمرا، يكون الرد قاسيا بضربها وسبها.
وبفضل الله وكرمه تفوقت البنت برغم المكائد التى دبروها، ومحاولات إفشالها فى الدراسة، وفى المرحلة الثانوية ضيقوا الخناق حولها بافتعال مشاجرة وألقوا بها فى الشارع، فاستلت سكينا وبدأت فى تقطيع شرايينها سعيا إلى الخلاص من حياتها المؤلمة، ورأى الرجل الطيب هذا المشهد العصيب، فأسرع إليها وحملها إلى المستشفى وسط إصرار زوجته على تحرير محضر ضدها وسجنها أو إيداعها فى ملجأ أو دار أيتام، وبعدها هدأت الأمور قليلا، وبمساعدته أيضا ركزت فى دروسها وحصلت على مجموع كبير أهلها لكلية الهندسة، والحق أنه ساندها حتى تخرجت، ولم تجد عملا لمدة سنتين متواصلتين، ثم التحقت بمكتب هندسى لم تستمر فيه طويلا، وتسارعت الأحداث حولها، إذ مرضت السيدة التى تعيش معها، وخضعت لعملية جراحية، ثم مات الرجل الذى لم يكن لها فى الدنيا سواه، والذى كان يحبها أكثر من بناته، وقد كتب باسمها مبلغا لا بأس به من ماله الخاص حيث أنها لن ترث فيه.
وبعد رحيله ظهرت إبنة السيدة على حقيقتها، وكشفت عن طمعها فى أموال زوج أمها الذى لم تعش معه، ولم تخدمه أو تربطها بأبنائه أى علاقة، وعلا صوتها على الفتاة الضحية، وأحالت حياتها إلى جحيم من جديد، فإذا أتى لها عريس توسم فيها الزوجة الصالحة لا تتركه حتى يخرج ولا يعود مرة أخرى، ولا تكتفى بذكر الحقيقة المجردة عن حياة الفتاة المسكينة، وإنما تزيد من مخيلتها وقائع وأحداثا غير صحيحة للإساءة إليها بأنها ليس لها أهل معروفون، ولا تنطق السيدة متحجرة القلب بحقيقة ما صنعته، كما أن أباها الحقيقى لم يظهر حتى الآن!.
إنها لا تحيا حياة طبيعية مثل كل البنات، والخيط الرفيع الذى يربطها بهذا المنزل الذى تربت فيه هو هذه السيدة دائمة المشكلات معها، فلو ماتت سوف تجد نفسها فى الشارع فعلا، ولن يدعها أحد تعيش فيه.. لا إبنة السيدة ولا أبناؤها، ولا أبناء الرجل.. الكل سوف يتخلصون منها، وهم أيضا يستخسرون فيها زوجا مناسبا، ويعتبرون أن مثلها يجب ألا تنظر إلى أعلى، ولا أدرى ما ذنبها؟، فلقد عاشت فى مستوى راق، ولم يكن بيدها أن تختار من تحيا معهم، وإنما وجدت نفسها مع هذه الأسرة بما فعلته هذه السيدة، أى إنها أجبرت على هذه الحياة، وعاشت مع أناس لا يعرفون سوى الحقد والنفاق والطمع والجشع والغيرة والخداع، وبرغم المآسى والأهوال التى تعرضت لها من الكثيرين حولها فإنها حافظت على نفسها وأخلاقها، ولم تتشبه بهم، ورفضت تماما أن تلعب نفس حيلهم وألاعيبهم، وهناك الكثير من ألوان المعاناة، وتفاصيلها المروعة التى تبين الفظائع التى مازالت تتعرض لها، وقد تسألنى عن أمها الأصلية، فالحقيقة أننى لم أكتب عنها شيئا، إذ ليس لها دور فى قصة إبنتها، وقد حاولت أن أتوصل إليها، فهناك من يقول أنها ماتت، ومن يقول أنها هاجرت إلى مكان غير معلوم، والله وحده هو الأعلم أين تكون، ولكن لا فائدة من أم رمت أولادها، وشردتهم، وكذلك الحال بالنسبة للأب الحقيقى الذى ضحى بابنته، ولم يحاول ان يتصل بها، ولا تعرف له موطنا!.
لقد مرت خمسة شهور على وفاة الرجل الطيب، وتزداد الدنيا سوادا فى عينيها كلما مرت الأيام وهى على هذه الحال، وأحاول يوميا أن أزيل هذا السواد، وأقول لها إن الأمل قائم فى غد أفضل، لكن الموت حاضر بقوة فى حياتها، وقد تقدم على الانتحار من جديد إذ تعتبره أهون من إلقائها فى الشارع، ولا أدرى ماذا أفعل لها بعد أن ترسخت فى عقلها فكرة أن تقتل نفسها، فبماذا تنصحها؟
> ولكاتبة هذه الرسالة أقول :
هناك مجرمان فى حق صديقتك البريئة التى تتقاذفها الأمواج وتتهددها الأخطار منذ طفولتها وحتى الآن، وتدق أجراس الخطر ناقوس حياتها الزجاجى القابل للكسر فى أى لحظة.. أما المجرم الأول فهو أبوها الذى ضحى بها، وسلمها لمديرته ربما مقابل بعض المال، أو أى ثمن آخر، غير مبال بمستقبلها، ولا بالمتاعب التى ستواجهها، ولا ما سوف تصنعه بها الأيام والليالى، ولم يفكر فى متابعة أحوالها، ولو من بعيد، فهى تحمل اسمه، ومن حقها عليه أن يتابع أحوالها، ويكون على صلة دائمة بها، وأن يمد جسور التواصل بينها وبين أشقائها، والمجرمة الأخرى هى السيدة التى أخذتها لكى تنغص بها حياة أبناء زوجها بعد أن أخذ مطلقها أولادهما، ولكن الله كان لها بالمرصاد، فلقد أحب الرجل الطفلة وكان لها نعم السند والمعين وعرف ربه حق المعرفة، فلم ينسبها لنفسه لحرمة التبنى، وإنما رباها وعلمها وخصص لها مبلغا من أمواله يعينها على متاعب الحياة بعد رحيله، فحقق ما أمرنا به القرآن الكريم، وأذكر فى هذا الصدد تبنى رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة الذى أهدته له السيدة خديجة رضى الله عنها، وأطلق عليه اسم زيد بن محمد إلى أن أبطل الله التبنى فى قوله تعالى «مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا» (الأحزاب 40)، وقوله أيضا «مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِى جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِى تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِى السَّبِيلَ، ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِى الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا» (الأحزاب 4 ، 5)، وهذا هو الطريق الصحيح الذى سلكه الرجل الطيب معها، فهو وأولاده ليسوا من محارم الفتاة، ومن الممكن أن يتزوجها أحدهم، ولذلك فإن فى الأمر خطرا شديدا لوجودها مع شباب كبار تحت سقف واحد، علاوة على ما فى ذلك من أذى نفسى لها.
والحقيقة أنه أحسن صنعا بكفالته لها وليس بتبنيها انطلاقا من قول الله عز وجل «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» (التوبة 71)، كما أن هذه الفتاة تحمل اسمى أبيها وأمها الحقيقيين منذ مولدها، ومن ثم فإن طريق الكفالة كان هو الأنسب لها، ولكن السيدة التى أخذتها من أبيها لم تدرك فداحة جرمها، ولم يفهم هو أن إقصاء ابنته من حياته سيكون وبالا عليها، فليس معنى أن تنضم إلى أسرة ثرية أنها ستكون واحدة منها، فالواقع يقول من خلال التجارب المماثلة أن النتيجة الحتمية لذلك هى رجال ونساء مشوهون نفسيا، يلعنون اليوم الذين جاءوا فيه إلى الدنيا، ويحدث هذا مع «اللقطاء» الذين لا يعرفون لهم أباء ولا أمهات، فما بالنا بمن تدرك أن أباها وأمها قد انفصلا، وأخذ أبوها أشقاءها معه إلى مكان مجهول بعد أن سلمها لسيدة لا تبالى بمستقبلها وتهددها بالطرد إلى الشارع كلما ادّعت عليها ابنتها الكبرى سلوكا لم تأته أو تصرفا فسرته حسب مزاجها!.
ولا شك أن منبع مشكلة صديقتك بدأ منذ طلاق أبويها، فالأم تزوجت بآخر، وانتقلت إلى مكان غير معلوم، والأب تصور أن تخلصه من ابنته الصغرى سيكون فى مصلحتها لأنها ستصبح فى رعاية أسرة قادرة ماديا، ولم يفطن إلى أن «ثقافة الإقصاء» التى تصورها خيرا لها، ستؤدى بها إلى ما هى فيه الآن من اضطراب نفسى شديد قد يؤدى بها إلى الهلاك، وحتى لو ظهر أهلها الآن، فإنها لن تستطيع العودة إليهم والتأقلم معهم، بعد أن قضت كل مراحل تكوينها وحتى الآن فى كنف أسرة اعتبرت أفرادها هم أهلها، ومن هنا فإن علاج مشكلتها يجب فيه مراعاة الظروف التى نشأت وتربت فيها ، وأحسب أنها مكسب كبير لمن سيرتبط بها، فهى ليست مجهولة النسب لكى يبتعد عنها من يرغب فى خطبتها والزواج بها، فالظروف التى أحاطت بها هى التى أوجدت المشكلة منذ البداية، وتتحمل هذه السيدة مسئوليتها كاملة أمام الله، وعليها تكفيرا لذنبها أن تكمل معها المشوار إلى النهاية، وأن تبعد ابنتها الكبرى عن طريقها.
إن ابنة هذه السيدة التى عاشت مع أبيها بعد طلاقهما لم تلق التربية السليمة، ولذلك مارست الحقد على الفتاة المغلوبة على أمرها، وتحاول إلحاق الأذى بها، بالإدعاء عليها كذبا أفعالا لم تأتها، وتهديدها بالطرد إلى الشارع. ولقد سئل رسول الله أى الناس أفضل فقال: «كل مخموم القلب صدوق اللسان»، ثم فسر مخموم القلب بقوله هو النقى التقى، لا إثم فيه ولا بغى ولا غل ولا حسد، فلتعلم أن إيذاءها فتاة بريئة سوف تلقى عنه جزاءها العادل ممن لا يغفل ولا ينام، وعليها أن تراقب نفسها داخليا، وأن يتوافق سلوكها مع منهج الله، والابتعاد عن مهاوى الضلال، إذ يقول تعالى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (الحشر18)، ويقول رسول الله «اتقوا معاصى الله فى الخلوات فإن الشاهد هو الحاكم»، فإذا ضعفت الرقابة الداخلية، فلا نهاية للأفعال الخلوية التى سرعان ما تظهر سماتها الإجرامية والعدوانية تجاه الآخرين، مصداقا لقوله تعالى «وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ» (الأعراف 96).
والشخص السوى يحب للناس ما يحبه لنفسه، لكن والد هذه الفتاة التى هى من صلبه لم يتعلم شيئا من ذلك ليضيف آفة جديدة إلى آفات انفصال الأبوين وتشتت الأبناء، والدرس الكبير الذى يجب أن يتعلمه الجميع فى تربية أبنائهم هو ضرورة تنمية الحس والوازع الدينى والضمير وحب الخير من أجل الخير، وليس من أجل المصلحة الشخصية، والعقاب الرادع والحاسم والمؤثر فى حالة الخطأ.
وإنى أتساءل: ألا تدرك الإبنة الكبرى أن كل من حولها يعرفونها على حقيقتها حتى وإن أبدت سلوكيات طيبة بعكس المكائد التى تدبرها فى الخفاء؟، وفى مثلها قال رسول الله «إن من شر الناس عند الله يوم القيامة ذا الوجهين» لأنه يتخذ أسلوب الكذب، والتملق تجارة يحقق من خلالها أرباحه الدنيئة من مصالح دنيوية، ولا يتورع عن ارتكاب أشد المعاصى بحق الآخرين، فيتفنن فى توجيه المكائد من كذب وبهتان، ولم يغفل القرآن الكريم هذا الجانب فقال عز وجل «وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا» (النساء 112).
فكفى صديقتك نصرا أنها ترى هذه السيدة وابنتها تعصيان الله فيها، وعليها أن ترد إساءاتهما إليها بإحسان، وأن تضع نصب عينيها أن عاقبتها عند الله، فالمكر السيئ لا يحيق إلا بأهله، ويجب ألا تنزل إلى مستواهما، فهى ليست أول ولا آخر من واجه المكائد والحسد.
وكما قال الشاعر:
لولا اشتعال النار فيما جاورت
ما كان يعرف طيب عرف العود
وأرجو أن تضع صديقتك الأمور فى حجمها الصحيح، ولا تبالى بكل ما حولها، وتستطيع أن تبدأ حياة مستقرة فى سكن مستقل، وأن تسعى إلى عمل مناسب، وسوف يأتيها نصيبها العادل فى الحياة، وعليها أن تتقرب من الله سبحانه وتعالى، فيهيئ لها من أمرها رشدا، وهو وحده المستعان.