الشاعر عبد القوى الأعلامى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالأحداثموسوعة الأعلامى الحرةأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر
 

 بريد الأهرام ( بريد الجمعة )

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1 ... 45 ... 86, 87, 88
كاتب الموضوعرسالة
الليلة الكبيرة
مرشح
الليلة الكبيرة

انثى
عدد الرسائل : 786
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 210
بلد الإقامة : الفيوم
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 Office10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 110
نقاط : 7011
ترشيحات : 7
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 Awfeaa10

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 I_icon_minitime27/4/2017, 21:25

بريد الجمعة يكتبه : أحـمــد البـــرى
رجفة خوف!


بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 2017-636252988948830205-883


أكتب إليك هذه الرسالة داعيا الله أن يفرّج كربتى على يديك، وأن تشير علىّ بما يمكن أن أصنعه للخلاص من الكابوس الجاثم فوق صدرى، فأنا رجل فى سن الخمسين وحياتى مليئة بالأحداث المرة والمواقف العصيبة،
ولم تفارقنى المتاعب والأحزان منذ سنوات الشباب، فلقد نشأت لأب يعمل مدرس تربية رياضية بإحدى المدارس، وأم ربة منزل وتسعة أشقاء «ستة ذكور وثلاث إناث»، ترتيبى بينهم قبل الأخير حيث تلينى صغرى أخوتى، ولك أن تتخيل حياة أسرة تضم هذا العدد الكبير بمرتب بسيط يكفى بالكاد احتياجاتهم الأساسية، ولكن بفضل الله وحسن تدبير أمى الأمور رضينا بحالنا، ولم يعكر صفونا شىء، وكنا نسعد بأى طعام تعده لنا مهما يكن بسيطا، إذ إن حلاوته فى أفواهنا كانت تفوق كل ما لذ وطاب من الأطعمة التى يعجز أبى عن توفيرها لنا، ولم تقتصر مهمة أبى على تربيتنا فقط، إذ ساهم بالجهد والمال فى مساندة أخوته، ونال أشقائى جميعا قسطا وافرا من التعليم، وبمرور الوقت صارت لكل منهم حياته الخاصة، أما أنا فقد التحقت بمعهد فوق المتوسط بعد الثانوية العامة، وبعد عام واحد سافرت إلى ألمانيا، واستقررت هناك لفترة عملت خلالها فى عدد من المطاعم والفنادق، ثم عدت إلى مصر، ولم أكمل دراستى فى المعهد، وأديت الخدمة الوطنية، ثم امتهنت أعمالا كثيرة منها سائق سيارة، ومندوب مبيعات، وأمين مخزن، وعامل إنشاءات، وسافر شقيقى الذى يكبرنى مباشرة إلى دولة خليجية، وبعدها أرسل لى تأشيرة زيارة وأتيحت لى فرصة عمل، وحصلت على عقد براتب بسيط، وقررت أن أستقر فى هذا البلد العربى، وكان عمرى وقتها ثلاثين عاما، وبرغم قلة الدخل فإننى فضّلت الإقامة هناك، وبعد حوالى خمس سنوات أفصحت لأخى عن رغبتى فى الزواج، فشاور عددا من أصدقائه، ورشحوا لى فتاة مغربية تصغرنى بحوالى اثنى عشر عاما، وأثنوا على أخلاقها وأنها من أسرة بسيطة، ولن تكلفنى الكثير، فتقدمت إلى أهلها وطلبت يدها فرحبوا بى، وانتقلنا إلى عش الزوجية، ووجدتها «كويسة جدا»، ومريحة، وهادئة، مثلما قيل لى عنها، ولكن بعد حملها فى ابنتى الأولى، تكشفت شخصيتها الحقيقية، إذ اتضح أنها مريضة نفسيا، ولديها عدوانية شديدة وشراسة لا حد لها، ولم تفلح محاولاتى لعلاجها، أو تهدئتها من حالة الهياج التى تنتابها من حين إلى آخر، ولم يقتصر عنفها علىّ وحدى، وإنما امتد إلى أمها أيضا.

وعرف بحكايتها الجيران فى المنطقة التى نقطن بها، فسألونى عما أوقعنى فى هذه الزيجة، ولماذا لم أتزوج من مصر بفتاة تتسم بطباعنا وعاداتنا وتقاليدنا؟.. والحقيقة أن دافعى الأول للزواج منها هو أننى خشيت أن أفعل ما يغضب الله، ولم تكن لدىّ الإمكانات اللازمة للعودة إلى مصر، والزواج من فتاة تكلفنى الكثير، وقد وافقت أسرة زوجتى على ارتباطى بها بإمكانات قليلة وأثاث بسيط للغاية، وكم تمنيت أن تكون هى الزوجة التى تلازمنى مدى حياتى، وأن نبنى معا أسرة صغيرة، ولكنى فجعت فيها بعد أن رأيت منها قسوة وجفاء لم أرهما فى حياتى، ومع ذلك لم أدخر جهدا فى سبيل إرضائها، لكن هيهات لها أن ترضى، وتحملت الحياة الصعبة معها ما يقرب من أربع سنوات دون أن أنطق بكلمة واحدة ضدها، وبرغم هذ فوجئت بها تترك لى ابنتنا، وتذهب إلى بيت أمها، وبلغ صنيعها معارفنا وأصدقاءنا فى الغربة، فتدخلوا بيننا وأعادوها إلىّ، وتكرر ذلك مرات عديدة، وفى كل مرة تهيننى، وتسب ابنتنا، فإذا ذهبت إلى بيت أمها لكى أطلعها على ما فعلته بى، تثور ضدى، وتتفوه بألفاظ صعبة، والحق أن أمها كانت تعنفها، وتطلب منى ألا ألقى بالا لكلامها، ثم توفيت ففقدت برحيلها سندى الأساسى فى محنتى، فى الوقت الذى وضعت فيه زوجتى ابنتى الثانية، وظلت معى شهرا واحدا، ثم حملت المولودة الصغيرة وغادرت البيت، ولم أحاول منعها من الخروج هذه المرة بعد أن فاض بى الكيل، وكرهت وجودها معى، وانفصلنا وذهب كل منا إلى سبيله.

ومرت الأيام وحاولت أن أعرف أخبارها، لكنها لم تستقر فى بيت أمها رحمها الله، وتنقلت من مسكن إلى آخر، وفشلت فى العثور عليها هى وابنتى الصغرى، وظللت عامين على هذه الحال، وساءت حالتى النفسية والصحية، ولم أستمر فى أى عمل نتيجة الاضطراب الذى انتابنى خوفا على ابنتى، ولما ضاقت بى السبل طرقت أبواب أقسام الشرطة والمحاكم، وبكيت بكاء مريرا راجيا أن يساعدونى فى البحث عن ابنتى، وأخيرا استطاع رجال البحث الجنائى التوصل إليها وإحضارها إلى المحكمة، وطالت الجلسات إلى عدة شهور ثم صدر لى حكم بزيارة ابنتى كل أسبوع، فكانت تحضر مرة، وتغيب مرة، واستمر هذا الوضع أكثر من عام تمكنت خلاله من إقناعها عن طريق أفراد تنفيذ الأحكام بضم ابنتى لحضانتى لتكون فى صحبة أختها، على أن تزورها وقتما تشاء، وكانت حجتى فى ذلك أن الطفلة اقتربت من دخول المدرسة، وبالفعل سجلت اسمها فى مدرسة «حضانة»، وفرحت كثيرا بهذا الحل، إذ كنت قد استنفدت جميع الحجج أمام المحكمة من أجل حضانتها، وتنفست الصعداء بعد أن صارت ابنتاى معى، وتبدد الخوف الذى انتابنى على الصغرى، فلقد عشت شهورا من الرعب عندما تأكدت من أن مطلقتى تزوجت بشخص من البلد الذى أعمل به، وقد شاهدته بصحبتها كثيرا، واتصل بى عدة مرات محاولا ابتزازى، وهددنى بأنه سيؤذينى أنا وابنتىّ إذا لم أدفع له مبلغا من المال!، ولاحظت من طريقة كلامه أنه مدمن مخدرات، وازداد غلظة وحدة فى حديثه معى عبر الهاتف بمرور ال، وتحولت حياتى إلى جحيم خوفا من أن يمس ابنتىّ أى مكروه، وانقطعت مطلقتى عن رؤية ابنتيها عدة شهور، وأصبت بإعياء شديد، وعانيت الأمرين من إرهاق العمل وضعف الراتب، وخدمتى ابنتىّ من إعداد الطعام وغسل الملابس وتنظيف البيت، ولم أتركهما لحظة واحدة بمفردهما.

عند هذا الحد قررت العودة إلى مصر، وساعدنى على اتخاذ هذا القرار، الظروف الصعبة التى واجهتها الشركة فى ظل الأزمة الاقتصادية التى تعصف بهذا البلد وإجراءات التقشف التى اتخذتها معظم الشركات، واتجاه عدد كبير منها إلى الاستغناء عن جزء من العمالة لديها، أو تخفيض الرواتب، فقدمت استقالتى، وتأكدت من أنه بإمكانى السفر بابنتىّ إلى مصر دون أن أتعرض للمساءلة من جانب مطلقتى، ولم أحصل من جهة عملى إلا على حوالى نصف المكافأة المفروض أن أحصل عليها، ومع ذلك لم أفكر فى الشكوى إلى مكتب العمل، حيث كان كل همى أن أنجو بابنتىّ من أمهما وزوجها، وأن أعود إلى أهلى وبلدى مهما تكن الظروف، ولم أبال بما أبلغنى به أخوتى عن قلة فرص العمل وارتفاع الأسعار فى مصر، خاصة أننى بلغت خمسين عاما، كما أن إمكاناتى لا تسمح لى ببدء مشروع خاص أو استئجار محل لبيع أى سلعة، ومضيت فى طريقى الذى رسمته لنفسى بعدم العودة إلى هذا البلد العربى، وبعت أثاث منزلى هناك بثمن بخس، وعدنا إلى أرض الوطن، واستقررنا فى بيت العائلة بالإسكندرية، وهو عبارة عن شقة فى عمارة قديمة بإيجار قديم، تسكن فيها شقيقتى الكبرى المنفصلة عن زوجها منذ سنوات طويلة، وهى معلمة على المعاش، وتساعدنى فى تربية ابنتىّ، وبعد أيام خرجت للبحث عن عمل فى محافظتى فلم أجد، وأسقط فى يدى إذ لا أستطيع أن أتركهما من أجل العمل فى محافظة أخرى، كما أن جميع أخوتى يتحملون مسئوليات أسرهم فى حدود إمكانياتهم، ولكل منهم ظروفه الخاصة، ولا يستطيع أحد أن يتحمل عبء البنتين فى الذهاب إلى المدرسة والعودة إلى البيت، ومراجعة الدروس لهما، ولذلك فكرت فى الزواج، ولكن أين هى التى تقدر ظروفى وتساعدنى فى اجتياز هذه الفترة العصيبة من حياتى، وتكون أما لابنتىّ؟.. إننى فى حيرة من أمرى وأجدنى بعد غربة تقرب من عشرين عاما أدور فى حلقة مفرغة، ووصلت إلى طريق مسدود فى حياتى الزوجية، ويقتلنى اليأس والفراغ، وبرغم الحرف العديدة التى أتقنتها، أجدنى عاجزا عن التحرك، وكأن قيودا حديدية تكبلنى، ولا أعرف طريقا إلى التخلص منها، وأملى أن أجد لديك ما ينير طريقى، ويرسم البسمة على شفاه طفلتىّ، فكم يعذبنى أن تطلب منى الصغرى أن تزور أمها وتقول لى بكلمات يملؤها الحزن والأسى «نفسى أشوف ماما»، وللأسف الشديد فإن مطلقتى لا تسأل عن ابنتيها، ولا تعرف عنهما شيئا، وليس بإمكانى السفر إلى البلد العربى ولو لزيارة مؤقتة لكى تتواصلا معها، وتنتابنى رجفة خوف لا تغادرنى، وأقف عاجزا عن اتخاذ أى خطوة على طريق الحياة الآمنة والمستقرة لابنتىّ الحائرتين اللتين لا ذنب لهما فيما صنعته بنا الأقدار، فبماذا تشير علىّ؟

> ولكاتب هذه الرسالة أقول :

فى مسألة الخوف فإن الإنسان مفطور عليه لقوله تعالى «إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا، إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا، وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا». (المعارج 19 : 21)، وحتى بعض الأنبياء قد أصابهم الخوف فى مواقف تعرضوا لها، فذكر القرآن الكريم خوف موسى وهارون عليهما السلام من مواجهة فرعون، فقال تعالى «قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى قَالَ لَا تَخَافَا، إِنَّنِى مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى»، (طه45، 46)، وتناولت آيات أخرى خوف إبراهيم عليه السلام من الملائكة الذين زاروه فى صورة بشر، ولم تصل أيديهم إلى الطعام الذى قدمه لهم، فقال عز وجل «وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ، فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ»، (هود 69، 70)، فكل إنسان يتعرض للخوف يمكنه التغلب عليه باستحضار معية الله، فهو سبحانه وتعالى يسمع ويرى كل شىء ويوجه الخائف إلى طريق نجاته، وهذا ما حدث مع موسى وأخيه، «فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ، قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّى سَيَهْدِينِ»،(الشعراء 61،62)، وإذا وصل الإنسان إلى هذه القناعة، فإنه سوف يطرد من قلبه خوفا موهوما يوسوس به الشيطان إليه، على نفسه وولده ومستقبله وصحته وغير ذلك، فقال: «إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ»، (آل عمران 175)، فما يصيب الإنسان من مكروه لا يأتى اعتباطا، وإنما هو مقدر من الله لقوله عز وجل «قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ» (التوبة 51)، وحينما ينزع المرء الخوف الموهوم يكون قد ولدّ الأمن الذى يطرد القلق.

وهذه هى الخطوة الأولى التى يتعين عليك اتخاذها قبل كل شىء عن طريق اليقين بأن أمر المؤمن كله خير، إن أصابه خير شكر فكان خيرا له، وإن أصابه ضر صبر فكان خيرا له، فإذا وصلت إلى هذه المرحلة من الرضا، ستصبح حياتك مليئة بالسعادة والعمل الإيجابى والعبادة، فإحساس المؤمن بالقرب من الله تعالى هو أقوى سلاح يقاوم به الاكتئاب، وحتى فى أشد حالات الضيق والهم، فإنه عز وجل يأمرنا بعدم الحزن أو الخوف، وهذا لوط عليه السلام عندما ضاق بقومه ذرعا أرسل إليه ملائكة لتوعيته وتهدئته، حيث يقول تعالى: «وَلَمَّا أَن جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ»، (العنكبوت 33)، فعليك أن تتأمل الأمر الإلهى بعدم الخوف والحزن واثقا من أن الله سوف ينجيك من الأزمة التى ألمت بك.

ومن المهم استيعاب الدرس بأن تكون خطواتك محسوبة بدقة، فلا تقبل على أى خطوة غير مدروسة، فالخطوة الخاطئة تترتب عليها نتائج وخيمة، والحقيقة أن الخطوات التى اتخذتها فى بداية مشوار حياتك هى التى أوصلتك إلى الحالة التى أنت عليها الآن، إذ كان الخط السليم الواجب عليك التزامه يتمثل فى أن تنهى دراستك أولا، ثم تلتحق بأى عمل أو مشروع تبنى به مستقبلك، وبعده تفكر فى الارتباط بعد التحرى الدقيق عمن ترغب فى أن تشاركك حياتك، بدلا من أن تلجأ إلى «زواج الفرصة» من باب سد حاجتك الجسدية لا أكثر، فالزيجات من هذا النوع تقوم على أساس هش، وتنهار مع أى خلاف بسيط، وقد ساهم أيضا فى فشل حياتك الزوجية أن من رشحوها لك من دولة أخرى، وتعيش فى البلد العربى كمهاجرة، ولا مجال للود والتواصل بين أهلك وأهلها، وقد نسيت أو تناسيت أن من أهم شروط الزواج أن تتخير المرأة الصالحة من كل الوجوه لقوله صلى الله عليه وسلم «تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس».

ولا شك أن انفصال الأبوين تترتب عليه دائما نتائج سلبية تنعكس على الأبناء، حيث يستقر فى قرارة نفس كل ابن أن الأب والأم هما كل شىء فى العالم، فيستمد منهما العطف والحنان، ويتوجه إليهما للحماية والرعاية، ويلجأ إليهما فى كل صغيرة وكبيرة، وتنساب أسئلته بالاستفسار كالسيل المدرار، ويكون عقله فى مرحلة الطفولة كالطين، يمكن للأب أن يشكله كما يشاء، وتكون نفسه كالصفحة البيضاء تخط الأم فيها ما تريد، وتثبت عليها ما ترغب فيه، وعندما يقع الطلاق بين الأبوين فإنه يتشتت بينهما، ومن هنا فإن غياب أم طفلتيك يعد عقوقا منها لهما، وسوف تتسرب إلى نفسيهما بمرور الوقت رواسب كره وعداء لها، ولن تستطيع فيما بعد أن تستميلهما إلى صفها، فإذا كانت قد تخلت عنهما، فكيف نطلب منهما الاهتمام بها؟.

لقد بات عليها أن تتواصل معهما عبر وسائل التواصل الاجتماعى، وأن تحدثهما باستمرار، وأن ترتب مواعيد دورية لزيارتهما سواء فى مصر أو فى البلد العربى بترتيب مسبق معك، وفى حضور الأهل، على أن تعودا معك إلى مصر بعد إنتهاء الزيارة، وليعلم زوجها أن حرمانها من رؤية ابنتيها فيه إثم كبير، وقد يكون مردوده سلبيا عليه فى الدنيا والآخرة، فليتفق الجميع على منهج محدد فى تربيتهما يكفل سلامتهما النفسية، وعليك أن تختار زوجة مناسبة تكون أما بديلة لهما، وأن تتلمس الخطى نحو عمل مستقر يكفل لك حياة مستورة، وسوف يكلل الله جهودك بالنجاح لنقاء سريرتك وسعيك الدءوب نحو الاستقرار.. أسأل الله لك التوفيق والسداد، وهو وحده المستعان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عقبه بن نافع
عضو نشيط
عضو نشيط
عقبه بن نافع

ذكر
العمر : 35
عدد الرسائل : 228
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 Studen10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 8010
نقاط : 6526
ترشيحات : 2
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 Awfeaa10

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 I_icon_minitime2/5/2017, 23:46

التجربتان الفاشلتان

أنا فتاة فى الخامسة والعشرين من عمرى، تخرجت فى الجامعة، وأعمل الآن‏ بإحدى الوظائف,‏ وأعيش فى أسرة مستقرة إلى حد ما‏,‏ ولم تكن لى علاقات داخل الجامعة سوى مع بعض الزميلات‏,‏ وعدد محدود جدا من الزملاء‏,‏
وقد رفضت الدخول فى أى علاقة حب خوفا من الفشل، وفى بداية عملى تقرب لى زميل فى العمل، وشيئا فشيئا بدأت أميل إليه وفاتحنى فى الارتباط غير الرسمى أولا عن طريق الاتصال التليفوني, ففهمت مقصده, وعرفت أنه «زير نساء» وبخبرته عرف أننى بنت خام, فأحب أن يلعب بى فتجاهلته, ومرت الأيام وسمعت بخبر زواجه فبكيت بكاء مريرا, فهو أول شخص فى حياتي, وبعد فترة تجاوزت هذه المحنة, وحصرت تفكيرى فى عملي, ثم تقرب إلىّ شاب آخر كانت تربطنى به علاقة زمالة, وفاتحنى فى الارتباط بنفس الطريقة. فلم أثق به, ولم أجد من ناحيتى أى ميول إليه, وقد قابلته أكثر من مرة وأبلغته بأنه مثل أخي, وكما فعل الأول فقد تركنى ثم حاول العودة إلىّ مرة أخرى لكنى لم أرد على اتصالاته المتكررة، وقد أفقدتنى هاتان التجربتان الثقة فى الشباب، والآن يريد شاب ثالث أن يتقدم لخطبتي, وهو حاصل على مؤهل متوسط ويعمل بالتجارة, ولا أدرى ماذا أفعل؟ وهل سيكون هناك فارق بيننا فى التفكير؟.. اننى أخشى أن يفوتنى قطار الزواج, فبماذا تشير عليّ؟

ولكاتبة هذه الرسالة أقول :

أحسنت أنك لم تنساقى وراء الشباب المستهترين الذين لا غرض لهم إلا التسلية, ولا هدف إلا التغرير بأى بنت تنخدع بأساليبهم غير الأخلاقية، لكنى أراك تبالغين كثيرا فى مسألة السن، فأنت مازلت فى بداية الطريق, وينبغى ألا تتسرعى فى الارتباط بأى شاب فقد تتكشف فيه عيوب خطيرة بعد فوات الأوان، ولذلك أنصحك بالتريث ودراسة الأمر مع أهلك، فإذا كان الشاب الحاصل على مؤهل متوسط جادا فى مسألة الارتباط, فلا يفعل ما فعله الآخران, وليطرق بابكم طالبا يدك، وعلى أسرتك أن تتيح لكما الفرصة الكاملة للتعارف، فإذا وجدت فيه الشاب الذى يمكنك أن تبدئى معه حياة زوجية مستقرة فوافقى على الخطبة، وراقبى تصرفاته معك، ودرجة تعلقك به وعلاقاته مع الآخرين، ومن خلال النتائج التى تتوصلين إليها سوف تتخذين القرار المناسب بقبول الزواج منه, أو فسخ خطبتك له.. أما مسألة المؤهل العالى والمؤهل المتوسط, فهى لا تكفى وحدها للحكم على الأشخاص, فكم من حاصل على مؤهل عال يشك فيمن حوله ويحيل حياتهم إلى نكد مستمر, وكم من حاصل على مؤهل متوسط يتمتع بثقافة عالية, ويزن الأمور بميزان دقيق، فاحسمى أمرك بالتشاور مع أهلك، وسوف يوفقك الله إلى ما فيه الخير.

رابط دائم: 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com
عقبه بن نافع
عضو نشيط
عضو نشيط
عقبه بن نافع

ذكر
العمر : 35
عدد الرسائل : 228
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 Studen10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 8010
نقاط : 6526
ترشيحات : 2
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 Awfeaa10

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 I_icon_minitime2/5/2017, 23:47

الثقة المفقودة


سأحاول جاهدا التعبير عن حجم إحباطاتي‏,‏ بعد أن تراكمت علىّ الأحزان والمشكلات‏,‏ ولم أعد قادرا على تحملها‏,‏ ودعنى أدخل إلى صلب الموضوع، فأقول لك إن سبب أحزانى ومتاعبى هو شقيقى الوحيد فلقد نشأت فى أسرة صغيرة وبسيطة للغاية
ولى أخت وحيدة أيضا، وسلكنا جميعا طريق التعليم دون اللجوء الى الدروس الخصوصية بعناية أبى وأمى لنا واجتزت الثانوية العامة بنجاح كبير, وكنت من الأوائل على مدرستى، وتوافرت لى الفرصة لتحقيق طموحى الكبير فى الالتحاق بإحدى كليات القمة التى تكفل لى فرصة عمل جيدة فى المستقبل، لكن أخى أصر على الحاقى بكلية لم أكن أرغبها وأجبرنى على دخولها رغما عني, ومرت السنوات سريعا وتخرجت فيها, وبعد ثلاثة أشهر تعرضت لحادث عنيف وخطير تسبب فى اصابتى بكسر مضاعف فى ساقى وظللت فى الفراش تسعة أشهر، وعندما تحسنت صحتى بعض الشىء وجدتنى غير قادر على المشى وأصبحت استخدم العكاز فى السير, وحاولت ألا يعوقنى ذلك عن خروجى للعمل, وبدأت بتجارة بسيطة تناسب ظروفى الجديدة, وقد تعرفت خلالها على قلب حنون جدا لشخص وثق فى أمانتى وعهد إلىّ بمبلغ من المال مقابل أن أشاركه بمجهودى، وفرحت بهذا المشروع كثيرا ولكن فرحتى لم تدم طويلا, إذا وقف أخى الأكبر ضدى مرة أخرى ومنعنى من استكمال هذا المشروع بدعوى انه ينصحني! وهكذا مارس أنانيته معى من جديد، ومرت الأيام, وساءت حالتى النفسية وتدهورت صحتي, وصرت عاجزا عن التفكير, وكلما بدأت مشروعا أفشل فيه فشلا ذريعا, فقررت الابتعاد عن أخى تماما, وأن أخوض تجاربى واتحمل نتائجها وحدى، لكن يبدو أننى فقدت الثقة فى نفسي, فلقد ساورتنى شكوك بأننى مصاب بسحر وحسد شديدين, وللتغلب على هذا الوسواس أفكر فى أن أنخرط فى العمل من جديد, لكن أين هو العمل الذى يناسبني, فكل مايعرض على من أعمال يتطلب مجهودا بدنيا شاقا, حيث أن معظم العروض فى صناعة الأثاث التى تتطلب الوقوف طوال اليوم، أما التجارة فقد فشلت فيها.. إننى أعلم تماما أننى مشوش التفكير.. فهل أجد لديك حلا لمعاناتى؟

ولكاتب هذه الرسالة أقول :

نقطة البداية فى حل مشكلتك هى أن تستعيد الثقة بنفسك، وأن توظف ذكاءك فى رسم خطة جديدة تسير بها فى الحياة, فإذا كان أخوك ـ على حد تعبيرك ـ قد وقف فى طريقك وهو ما لم تذكر له تفسيرا، ولا شرحا لمواقفه معك التى تثبت ظنونك, فإن الأمر قد أصبح بيديك الآن بعد أن كبرت واستقللت بحياتك, وصار لك منهج وطموح تسعى اليه، ولن تتحقق لك ثقتك فيما تقوم به من أعمال إلا حين تطرد الوساوس من ذهنك, وتعرف أن كل شيء مقدر ومكتوب عند الله, وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبيك, وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك, وأن الأمة لو اجتمعت على أن يضروك بشئ لن يضروك إلا بشئ قد كتبه الله عليك، فلا تحمل الأمور فوق طاقتها, وانس تماما ما فعله معك أخوك، وابدأ مشوارك فى أى عمل ولو بسيط, فنجاحك فيه هو الذى سيفتح لك مزيدا من الأعمال التى تتطلع اليها, وثق بأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا, وما أكثر أصحاب الأعمال الذين يبحثون عمن يثقون فيه فيوكلون اليه إدارتها, لكن المشوار إلى ذلك طويل وشاق, ويتطلب دائما الصبر والاجتهاد.. وفقك الله إلى الطريق المستقيم، وهو وحده المستعان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com
عقبه بن نافع
عضو نشيط
عضو نشيط
عقبه بن نافع

ذكر
العمر : 35
عدد الرسائل : 228
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 Studen10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 8010
نقاط : 6526
ترشيحات : 2
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 Awfeaa10

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 I_icon_minitime2/5/2017, 23:47

بريد الجمعة يكتبه : أحـمــد البــرى
الحلقة الجهنمية!



بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 2017-636289327437922628-792


أكتب إليك بعد أن فاض بى الكيل، وخارت قواى، ولم أعد قادرا على الخروج من الحلقة الجهنمية التى وجدتنى فيها، وأبدأ رسالتى بهذين البيتين من الشعر:
دع ذكرهن فما لهن وفاء

ريح الصبا وعهودهن سواء

يكسرن قلبك ثم لا يجبرنه

وقلوبهن من الوفاء خلاء

فلقد قرأت رسالة «سجينة الرعب» التى ذاقت كاتبتها الأمرين مع زوجها الذى زور توقيعها وهددها بإيصالات وهمية، ووجدت أحداثها متوافقة مع كل ما حدث لى مع اختلاف بعض الأمور، فأنا رجل فى سن الخمسين، وأعمل فى إحدى الوظائف، ونشأت وعشت وتزوجت فى مدينة بجنوب بنى سويف منذ سبعة عشر عاما، ولدى ثلاثة أبناء «ولدان وبنت» هى الوسطى، وكنا ننعم بحياة مستقرة إلى أن اشتريت شقة فى المحافظة إلى جانب مسكننا، وسجلتها باسم زوجتى بمحض إرادتى، فهى أم أولادى ولا يشغلنى شىء فى الدنيا سوى إسعادهم، ولكنها تحولت تماما إلى النقيض بعد أن تسلمت الشقة وتمكنت منها، وأصبحت تختلق المشكلات يوميا بلا سبب، وعندما أعاتبها ترد علىّ بأنها فى إمكانها أن تعيش فى شقتها على مزاجها، وشيئا فشيئا صارت أمها ملازمة لنا فى كل شىء وتمكث معنا طوال أيام الأسبوع ماعدا يوم واحد تعود فيه إلى بيتها، ثم تعاود الحضور من جديد، بعد أن أغلق أخوة زوجتى أبوابهم فى وجهها، بل وطردوها فى كثير من الأحيان بسبب تدخلها غير المبرر فى حياتهم، ولم تجد سوى زوجتى لكى تحيل حياتنا إلى نكد دائم، وذات يوم أخرجها أحد أبنائها من بيته فى الثالثة فجرا، وفوجئنا بأحد الأصدقاء يصطحبها إلينا ويبلغنا بما حدث، فرحبنا بها وظلت معنا ثمانية وثلاثين يوما متصلة، وليست هى وحدها التى تلجأ إلينا، فإحدى شقيقات زوجتى لم تجد لها مأوى عندما غضبت من زوجها سوى بيتى، مع أن حماى حى يرزق، ويتباهى بأنه رجل تقى وحافظ القرآن الكريم، ولم تتوقف زوجتى عند هذه النوعية من الخلافات الأسرية، إذ امتدت مشكلاتها إلى النواحى المادية بشكل فج، ومنها أننى ذات يوم اكتشفت ضياع خمسة وعشرين ألف جنيه من المنزل، وكان هذا المبلغ يخص عملى فى أحد المشروعات، وأذكر أيضا أننى خرجت ذات صباح كعادتى يوميا، وقصدت عملى، وعندما عدت آخر النهار لم أجدها، وكانت أمها بالمنزل وقتها، فسألتها عنها فقالت لى إنها خرجت إلى السوق فى الصباح ولم تعد حتى الآن، فاتصلت بهاتفها فوجدته مغلقا، واحترت ماذا أفعل فسألت كل أقاربنا عسى أن تكون لديهم معلومات حولها فأكدوا جميعا أنهم لا يعرفون عنها أى شىء، وأصاب اليأس الجميع من العثور عليها، وفى منتصف الليل جربت الاتصال بها فوجدت الهاتف مفتوحا وردت علىّ بأنها مخطوفة، وأن خاطفيها ذهبوا بها إلى القاهرة، فأصابتنى حالة ذهول، بينما ظل أبوها وأمها وإخوتها صامتين ولم يحركوا ساكنا، وبدا الأمر وكأنهم يعرفون أن ما قصصته علىّ مجرد تمثيلية فسكت ولسان حالى يقول لهم: أنتم كاذبون، وتساءلت فى نفسى: ما السر وراء ادعائها أنها مخطوفة على غير الحقيقة؟، وفى اليوم التالى جاءنى أبوها ومعه المصحف الشريف، وبصحبته ابن عم لى، وقال إنه مستعد للقسم على المصحف بأن ابنته كانت مخطوفة، فاعتبرت الأمر كأن لم يكن، وحدث ما توقعته إذ أخفت بعض المصوغات الذهبية التى كانت ترتديها ومنها القرط والخواتم وغويشة، ولا أدرى كيف ترك خاطفوها هاتفها المحمول، وهو أول ما يأخذه اللص أو الخاطف لكى يضمن عدم الوصول إليه؟.. لكنى لم أطرح ذلك عليهم، وأبديت عدم الاكتراث بما فعلته من أجل أن تسير الحياة بأولادى فى أمان.

ومرت أسابيع ثم تعرضت لحادث سيارة ومكثت فى مستشفى الهلال الأحمر بالقاهرة ثلاثة أشهر كاملة، وأجريت لى عدة جراحات لتركيب شرائح ومسامير فى أكتافى بعد أن أظهرت الأشعات وجود كسور فى عظام الترقوة، وتم عمل دعامة لعينى اليسرى فى مستشفى عيون تخصصى بمدينة نصر، وبعد أن تماثلت للشفاء عدت إلى منزلى فوجدتها أكثر عنفا، وزادت شراسة أهلها ضدى لدرجة أن شقيقها حاول طردى من منزلى، فثرت فى وجهه بأنه ليس له حق التدخل فى أمورى، أما زوجتى فأخذت صف أهلها وقسمت الشقة إلى نصفين فأعيش وحدى فى حجرة، وهى وأمها والأولاد فى غرفة أخرى، وأصبحنا منذ تلك اللحظة لا نتناول الطعام معا، كما أنها حرضت أبناءنا على عدم الرد علىّ أو الحديث معى، مستغلة صغر أعمارهم حيث إن الأكبر كان وقتها فى الصف الأول الثانوى، والبنت بالسنة الثالثة الإعدادية، أما أصغر أبنائى فيدرس بالصف الخامس الابتدائى، وفوضت أمرى إلى خالقى، وحاولت أن أضبط أعصابى، وفى صباح أحد الأيام اقتحمت حماتى حجرتى، وقالت لى إن ابنتها تطلب الطلاق، وأنها لن تتراجع عنه بعد أن تعبت معى، فرددت عليها بأن زوجتى مازالت معى فى شقة الزوجية، ولا يمكن أن تؤخذ الأمور بين أى زوجين على هذا النحو ثم سألتها عما إذا كان حماى يعلم شيئا عن ذلك، وما هو موقفه، فقالت: إنها المسئولة عن ابنتها وليس هو!.. أما عن وجود رجل لإنهاء ترتيبات الطلاق، فإنهم سيوكلون الأمر إلى أحد الجيران وذكرت لى اسمه، فبادرت بالاتصال به، وشرحت له الأمر، وقلت له كن أنت الحكم بيننا، فأقنع حماتى بالعودة إلى منزلها، واكتشفت بعد ذلك أنها خطة أو قل إنها «حلقة جهنمية» يشارك فيها الجميع بمن فيهم جارنا، وزوج شقيقة زوجتى، إذ قال لى حماى إن هذا الرجل «الجار» سوف يحل محله فى كل ما يخص ابنته من أمور، وتمادوا أكثر من ذلك فى شحن نفوس أبنائى ضدى وبأننى أكرههم، وهذا ما قاله لى ابنى الأكبر!، ورددت عليه بأنه لا يعقل أن يكره أب أبناءه.

ومرت الأيام وذهبت إلى القاهرة لإجراء بعض الفحوص الطبية والمتابعة فى أحد المستشفيات، وعندما عدت إلى بيتى وجدت أن زوجتى استولت على محتويات الشقة، ولم تترك سوى بعض الأشياء القديمة والتالفة، وعرفت من الجيران أنها أخذت كل شىء على مدار ثلاثة أيام هى فترة وجودى بالقاهرة، فاتصلت بأبيها لأعرف ما حدث، فردّ علىّ بأن أعصابها تعبانة هى والأولاد، وسوف ترجع إلى بيتها بعد أن ترتاح «شوية»، وجاءنى بعض الجيران، واقترح علىّ أحدهم أن أحرر محضرا ضدها لكن لم أفعل ذلك، وإنما ذهبت إلى عمها فى قرية مجاورة وقصصت عليه أفعالها الأخيرة، فقال لى إن شقيقه «والد زوجتى» أبلغه بأنها تريد الطلاق بسبب عجزى وعدم قدرتى على ممارسة حياتى الزوجية! فضربت كفا بكف، وقلت له: أبعد سبعة عشر عاما تقول هذا الكلام؟.. وكيف تحملتنى كل تلك السنين؟، وكيف أنجبنا ثلاثة أبناء؟.. وتدخل أهل الخير من أجل أن تعود المياه إلى مجاريها، ولكن هيهات أن يلين جانبها، بل إنها رفعت ضدى قضايا نفقة وخلع وتبديد عفش ومصاريف مدارس وغيرها.

ومن بين الألغاز التى لم أفهمها أن الجار الذى تدخل بيننا هو الذى نقل العفش وافتتح محل بقالة لها، وإزاء ذلك كله لم يكن أمامى حلا سوى أن أحرر محضر إثبات حالة بأنها أخذت المنقولات، وبالفعل أثبتت تحريات المباحث ذلك، ووجدتنى أتذكر ما قاله الشاعر الإيطالى دانتى من «أن الأقدار قد حكمت على من لا يحفلون بالروابط الأسرية بالمشى الأبدى فوق رمال حارقة ملتهبة، فإذا أرهق السير أحدهم، ووقف لحظة ليستريح من التعب، تجمد فى مكانه مائة عام يكابد فيها لهيب الرمال»، فإذا كان هذا العقاب فى خيال الشعراء والمفكرين، فما بالنا بعقاب رب السماء لظالمى أزواجهم «رجال ونساء»، ولكل من يتدخل للتفرقة بين زوج وزوجته وأولاده، ولأم وأب كل همهما فى الحياة الاستيلاء على شقة زوج ابنتهما التى كتبها باسمها من باب حسن النية، والمعيشة على نفقة يدفعها الأب لأولاده؟..

إن الأوضاع مازالت عالقة، ولكن بالحيل والألاعيب والطرق الملتوية حكمت علىّ المحكمة بالحبس ستة أشهر، وعملت معارضة على الحكم، ومازلت تائها فى بحر الأكاذيب وشهادة الزور، وأفوض أمرى إلى الله، وإننى أقف عاجزا عن فهم ما يفعله حماى خصوصا إزاء هذا الجار الذى يقول إنه بديل عنه فى حل مشكلة ابنته معى، فلقد سمح له أن يجلس معها ليلا ونهارا فى المحل التجارى الذى افتتحه لها، ولا أدرى كيف تسمح زوجة وأم لنفسها أن تركب سيارة مع رجل غريب عنها فى منتصف الليل، وهل والد زوجتى يطبق الدين فى بعض الأمور، ولا يطبقه فى أمور أخرى؟.

إننى أُعاقب على كرمى وطيبتى مع زوجتى وحماتى وكل من حولى، ومطالب الآن بأن أهدم أسرتى بسبب الاستهتار والجشع والطمع، وأعيش بمفردى، وكلما حاولت الاطمئنان على أولادى يتجاهلون الرد علىّ، وأجدنى أردد مع الشاعر قوله:

أمضيت زمانى أمنى الأمانى

أبيع الأغانى لكل الطريق

وكان جزائى رغم وفائى

لهيب الحروق

هذه هى حالى مع غدر الزوجة والأهل والأصدقاء والجيران، فماذا أفعل؟.

ولكاتب هذه الرسالة أقول :

ما أقسى الطعنات عندما تأتى من شريك الحياة، فأن يطعنك أحدهم فى ظهرك، فهذا أمر طبيعى، ولكن أن تلتفت وتجده أقرب الناس إليك، فهذه هى الكارثة، ومن المؤسف حقا أن تبحث عن الصدق فى عصر الخيانة، وعن الحب فى قلوب جبانة، وبصراحة شديدة فإننى أشفق عليك من «الحلقة الجهنمية» التى أحاطت بك وأحالت حياتك إلى جحيم بين زوجتك وأمها وأبيها وأخوتها وجاركم الذى تحوم حوله علامات استفهام كثيرة، فألقى كل منهم بك إلى الآخرين، وتقاذفك الجميع وتلقيت الطعنات بلا ذنب ولا جريرة، ولا حتى رحمة مع أنك لم تسئ لأحد، ولم يكن لك هم إلا إرضاء الآخرين، ومن الطبيعى والحال كذلك أن يحطم الغدر القلب، وينتزع الحياة من أحشاء الروح، لكن العاقل هو الذى يضع الأمور فى نصابها الصحيح، ويدرك أن ما انكسر يحتاج إلى صبر طويل حتى يمكن رأب صدعه, وربما لا يمكن إصلاحه، كما أن إعادة الحياة بينكما صارت أشبه بمن يحرث فى البحر، فما دامت زوجتك مصرة على موقفها منك بهذه الأنانية التى بلغت حدا يصعب تحمله، فإن الحل الوحيد هو الانفصال عنها مهما يكن الثمن، فحل المشكلات المستعصية لا يتحقق إلا عندما نكون على استعداد للعمل على إسعاد الآخرين بالإضافة إلى أنفسنا، ولو كان فى نية زوجتك الصلح ولو بعد حين ما صنعت صنيعها، ولما سعت إلى تراكم خلافاتكما وبقائها دون حل، ولاستمعت إلى صوت العقل بالسعى إلى صيغة مقبولة لتلافى شقاقكما، وما دام كل منكما لا يتخذ الخطوة الأولى للتخلى عن بعض ما يريده، فإن صراعكما سوف يستمر إلى ما لا نهاية. إننى لا أدرى ما الذى صنعته معها فأوصلها هى وأهلها ومعارفها إلى هذا الموقف المعاند لك، وأحسب أن هناك وقائع لم تذكرها ربما تكون قد ساهمت فى تأجيج خلافاتكما، إذ غاب عنكما أن الحرص على الحياة الزوجية هدف شرعى أصيل، ومن ثم أمر الله كلا الزوجين بالمعاملة بالمعروف والرفق ببعضهما، وإحسان كل واحد للآخر والتجاوز عن الهفوات، فإن وقع الشقاق رتب الله طرقا للعلاج من الوعظ وتدخل أهل الخير وغير ذلك، ولكن إذا احتد الشقاق واستحالت العشرة بين الزوجين، أباح الله الطلاق كحل لا مفر منه، فقال تعالى: «وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا» (النساء 130)، أما زوجتك التى تتفنن فى البحث عن ثغرات قانونية لكى تحصل بها على الخلع والنفقة وغيرها من الأمور المادية، فإننى أسوق إليها ما حدث للكاتب الفلسطينى الدكتور إحسان عباس والذى ذكره فى كتابه «غربة الراعى»، إذ أصر والده على أن يتزوج إحدى قريباته، ولم يكن هو راغبا فى الارتباط بها، لكنه لم يجد حلا سوى الخضوع لأبيه، ثم حاول كثيرا تأجيل الزواج لعل الله يكتب له انفكاكا منه، وللأسف لم يكن الوقت فى مصلحته، وكان ذلك فى الأربعينيات من القرن الماضى، وفى قرية فلسطينية صغيرة تم زفافهما، وهو غير مقتنع بها، وسارت بهما الحياة كئيبة، وأنجبا طفلين، وذات يوم طلب منها الانفصال، وأن تذهب إلى أهلها فى فلسطين، وكان وقتها يقوم بالتدريس فى جامعة الخرطوم بالسودان، فجمعت زوجته أغراضها وتقبلت الأمر، إذ كانت تشعر منذ ارتباطها به أنه ليس سعيدا، وأنه رضخ لرغبة والده حين تزوجها، ولما رأى الأمتعة مكومة فى ركن من المنزل وطفلاه يلعبان بها أخذته العبرة، وحدث ما غيّر تفكيره تماما، إذ أعلن وقتها قيام دولة إسرائيل، وبدأ تهجير الفلسطينيين من قراهم وبلدانهم إلى مناطق أخرى وصاروا لاجئين بلا مأوى ومشردين بلا مساكن خاصة أن قريتهم كانت ضمن القرى التى احتلتها إسرائيل، وعندما رأى مناظر الأطفال والنساء والشيوخ وهم يهيمون على وجوههم فى أماكن لم يعرفوها من قبل، قال لنفسه: هل اللاجئون فى حاجة لإضافة ثلاثة آخرين ـ يقصد زوجته وطفليه؟, وعندئذ طلب من زوجته أن يبقوا ويعيشوا معا، وقال كلمته التى تحمل درسا بليغا: «إذن علىّ أن أنضم إلى أكبر حزب فى الوطن العربى، وهو حزب الأزواج غير السعداء»!.. هذا هو كلام الدكتور إحسان عباس عما عاشه منذ أكثر من سبعين عاما، وأجدنى أنصح به زوجتك كحل أخير حتى ينشأ الأبناء بينكما، فليس على الحب تبنى البيوت، وإنما على التراحم والتكافل، وحسن العشرة، ولعل من حولها يشيرون عليها بذلك، ويعملون على تقريب المسافات بينكما، فكنوز الدنيا كلها لا تساوى أن يتشرد الأبناء بين أبوين لا يريد أحدهما الآخر لغرض زائل، إذ كم تساوى الشقة والمنقولات أمام انهيار أسرة كانت آمنة مطمئنة حتى لعب الشيطان برأس أم الزوجة فأحالت حياة ابنتها إلى جحيم؟!.

إننى على هذا الأساس أدعوكم جميعا إلى تحكيم العقل بعيدا عن المحاكم، وأن تتوصلوا إلى حل وسط، فمن يدرى فربما تتبدل الأحوال ويعيد كل واحد النظر فى موقفه من الآخر، وفى ذلك يقول الشاعر:

ما بين طرفة عين وانتباهتها

يغير الله من حال إلى حال

والمؤمن لا ييأس أبدا مهما أصابه من بلاء، وأعلم أنك إن استقمت على طاعة الله وصبرت على ما ألم بك من آلام، فلن يضيّعك سبحانه وتعالى أبدا، وأبشر بكل خير لقوله تعالى: «إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ» (يوسف 90)، وأقول لحماك وحماتك وأبنائهما وجارهما: لا تنسوا أن الله يمهل ولا يهمل، وأن ما تزرعونه اليوم سوف تحصدونه غدا، والله فعّال لما يريد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com
همسة عتاب
عضو متميز
عضو متميز
همسة عتاب

انثى
عدد الرسائل : 541
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 210
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 Unknow10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 8511
نقاط : 6633
ترشيحات : 3
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 Awfeaa10

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 I_icon_minitime12/5/2017, 12:43

بريد الجمعة يكتبه : أحـمــد البــــــرى
حزن فى الذاكرة!



بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 2017-636301430147521526-752


قرأت صباح الجمعة الماضى رسالة «شعاع خلف الغيوم»، وفوجئت أننى المقصود بها،
والحقيقة أنها أضاءت لى شعاعا من الأمل الذى كدت أفقده بعد سنوات طويلة من البحث والانتظار والحزن العالق بذاكرتى برغم مرور خمسة وعشرين عاما على اختفاء كاتبتها دون أن أعرف لها مكانا، فأنا زوجها، وقد استوقفتنى الأحداث التى سردتها عن أننى أذيتها كثيرا وأذقت أولادى منها العذاب ألوانا وأشكالا، وسردت أحداثا قد يراها الإنسان فى خياله أو إذا تعرض للكوابيس أو انتابه مرض نفسى، لكنها لا يمكن أن تحدث فى الواقع بنفس الوصف الذى جاء على لسانها، والذى أدرك أنك خففته كثيرا، وربما حذفت منه بعض ما وجدته غير منطقى.. نعم أدرك ذلك، ولا يهمنى أبدا ما ألصقته بى من اتهامات ومستعد أن أرضيها بالصورة التى ترغب فيها، كما أن شقيقها الذى مازال على قيد الحياة لا تفارقه صورتها منذ خروجها من المنزل، أما شقيقها الذى تناولته بالحديث فى رسالتها، فقد رحل عن الحياة، وأمها سيدة عجوز فى الخامسة والثمانين من عمرها، ولا يغمض لها جفن حزنا على ابنتها، إذ ظننا أنها أصيبت بمكروه لا قدر الله، حيث لا نعرف لها مكانا منذ أكثر من ربع قرن، وهى الآن فى الثانية والستين من عمرها، وأنا أكبرها ببضع سنوات ومازالت فى عصمتى ولم أطلقها، وربما كان الخيط الوحيد الذى يؤكد أنها مازالت على قيد الحياة هو أنها تسحب المبلغ الشهرى الذى أودعه فى حسابها بالبنك كل شهر، وقدره الآن ثلاثة آلاف جنيه، لمساعدتها على المعيشة فى المكان الذى هجرتنا إليه، أما حديثها عن الميراث والمعاش فهو كلام من وحى خيالها، وإننى أقدر الظروف النفسية التى عاشتها خصوصا بعد إنجابها ابننا الثالث أيمن الذى لم أره منذ أن كان عمره ستة شهور.

وإليك الحكاية منذ البداية، فلقد تزوجت من ابنة خالى بمباركة الأهل، ونشأت بيننا علاقة حب كبيرة، ومضت الأمور على ما يرام، وظللت السعادة بيتنا، ولم تقع أى خلافات سوى المناوشات البسيطة التى تنشأ عادة بين الأزواج حديثى العهد، ثم سرعان ما نتلاشاها، وتعود الأمور بعدها إلى ما كانت عليه، وربطتنى بأسرتها علاقة حب ومودة، واعتبرت والدتها أما وأشقاءها أخوة ولكن شيئا فشيئا تدهورت نفسيتها، وأصبحت تتخيل أشياء لا وجود لها فى الواقع، ثم تفاقمت حالتها، ورفضت زيارة أى طبيب نفسى، برغم استعدادى لأن نخضع معا للعلاج إذا اقتضى الأمر، وافتعلت مشكلات كثيرة، ولم يهدأ لها بال حتى حصلت على بعض ميراثها، وأخذت منى مبلغا كبيرا، وكنت على استعداد لأن أعطيها ما تريد، فما كان يعنينى هو ألا تغادر المنزل، وأن تحتوى أبناءنا، فنحن جميعا فى أحوج ما نكون إليها، ولم أدخر جهدا لإرضائها بأى شكل حتى أننى اعتذرت لها عن وقائع لم تحدث، ووعدتها ألا أكررها فى سبيل أن ترسو بنا سفينة الحياة فى مرفأ آمن، ولكننا فوجئنا بها تأخذ الأولاد إلى مكان مجهول، وعرفت أن مرضها النفسى قد يؤدى بها إلى أن تفعل بنفسها ما لا تحمد عقباه خصوصا أن جانبا كبيرا منه وراثى، وكانت لها ابنة عم تعانى نفس مرضها وقد انتحرت بعد أن تفاقمت حالتها، ولذلك لم يغمض لنا جفن منذ خروج زوجتى من المنزل، وللأسف تنقلت بالأولاد فى أكثر من مكان، وبذلنا محاولات مضنية بحثا عنهم، فلم نعثر لهم على أثر، وفوجئت ذات يوم بابنى الأكبر أحمد يدق جرس المنزل، وعندما فتحت الباب وجدته أمامى، ففرحت به فرحة عارمة واحتضنته بشدة، وسألته عن والدته وشقيقيه، فقال إنهم بخير لكنه يريد الإقامة معى، بعد أن فكر طويلا ولم يجد تفسيرا لما تفعله والدته، ومضت شهور حاولت خلالها أن أذهب إلى المنطقة التى أرشدنى ابنى إليها حيث يقع محل سكنهم، لكنى عرفت من الجيران أنها أخذت أولادها إلى منطقة أخرى، ثم فوجئت بابنى الثانى عمرو يطرق الباب هو الآخر لينضم إلينا، ودعوت الله أن يجمع شمل الأسرة، وعرفت أن أمه تقول له عن إننى سحرت أحمد، وتخشى أن يتعرض هو الآخر للسحر، وقال: «هنا أدركت أن والدتى تعانى مرضا نفسيا لكنها لا تعترف به، فتركتها هى وأيمن وجئت لأعيش معكما»، وانخرطنا نحن الثلاثة فى بكاء مرير، وقالت لى والدتها أنه يصعب عليها كأم أن تطلب منى الزواج، لكنه الحل الوحيد لى ولأولادى، فرددت عليها بأننى لا أريد إنجاب أطفال جدد، ويكفينى أبنائى الثلاثة، ولو تزوجت فإننى أرغب فى أن أرتبط بمن لا تنجب، وبعدها رشحت لى العائلة شابة مطلقة لعدم الإنجاب، ووجدتها سيدة فاضلة احتوت ابنىّ أحمد وعمرو، وصارت لهما أما بديلة، وعشنا حياة مستقرة، وظل حزنى على غياب زوجتى أم أولادى ومعها أيمن كامنا فى ذاكرتى حتى الآن، وكم حدثتنى نفسى وأنا ذاهب إلى البنك كل شهر لأودع لها مبلغا شهريا يعينها على متاعب الحياة أن يكون قد حدث لها مكروه، ولم أطمئن على أنها مازالت حية إلا بعد أن تأكدت من أن المبلغ المودع فى الحساب كل شهر تسحبه من أى فرع للبنك، فهى حريصة على ألا تتردد على فرع بعينه ظنا منها أننى قد أراقبها!، أما موقف أيمن فلقد ظل لغزا لا حل له، حيث أخذته أمه وهو طفل رضيع ولم أره حتى اليوم، ولا يعرف عنا شيئا وإن كنت أتحسس أخباره على مر السنين، فمثلا عند الالتحاق بالجامعة عرفت أنه حصل على مجموع فى الثانوية العامة أهله لدخول كلية الهندسة جامعة المنصورة لكنها سحبت أوراقه منها وأدخلته معهدا عاليا خاصا للهندسة بالعريش لكى لا أتتبعه وأعرف مكانه، وقد حصل منه على تقدير عال، ولا أدرى أين هو الآن، لكننى أدخر له كل مستحقاته مثل شقيقيه، ومنها شقة تضم بعض الأثاث فى حى كبير، وله مبلغ فى البنك أوصيت بأن يأخذه عندما يعرفون مكانه إذا كنت قد غادرت الحياة، فما أقسى على الأب من أن يكون له ابن لم يره ولم يحتضنه مثل أخوته، وليته يدرك الوضع الحقيقى الذى عشته، ولا أقول أن أمه كاذبة، وإنما هى مريضة توهمت أشياء لا وجود لها، وعليه أن يعرف الحقيقة من شقيقيه، وأن يساعد أمه فى الحصول على كل ما تريده، وأنا على استعداد لأن ألبى لها كل ما تطلبه منى حتى وإن رأت ألا أظهر فى حياتها مرة أخرى، فمازالت زوجتى وأحبها وأقدرها، ولم يمس أحد شقة الزوجية بكل أثاثها منذ أن تركتها قبل خمسة وعشرين عاما، ولدينا أكثر من شقة بمساحات واسعة فى أحياء راقية ولها أن تختار الشقة التى تناسبها، كما أن كل ما تطلبه من مال سوف تحصل عليه. لقد أحيت رسالتها إليك الأمل فى أن تعود إلينا من جديد بصحبة أيمن وترغب أمها فى أن تراها قبل رحيلها عن الحياة بعد أن أصابتها أمراض الشيخوخة وهدّ الحزن حيلها، ومازالت دموع شقيقها الراحل تتراءى أمام عينىّ، وهو يذكرها بكل الخير قبل الرحيل، وأرجوك يا سيدى أن تساعدنا فى الوصول إليها، فكما تقول دائما فى ردودك: «هناك أمل ما بقيت الحياة»، ومازال حلمى الوحيد فى هذه الدنيا هو أن تطل علينا من جديد، وسوف أبذل المستحيل لعلاجها وإعادتها سالمة معافاة من أى مكروه وسأكرس ما بقى لى من عمر فى خدمتها، ولعل أيمن يسمع صرختى فيمد جسور المودة معنا لنعيش كلنا فى مودة وأمان، ولك منا جميعا التحية والسلام.

ولكاتب هذه الرسالة أقول :

يلمس كل من يقرأ رسالة زوجتك ما تملكه من مفردات اللغة العربية، وما تتمتع به من قدرة على سرد الأحداث حتى يخيل إليه أن كاتبتها سيدة مثقفة ومتميزة بكل المقاييس إذا استثنينا حكاياتها عن الأعمال السحرية! وما تعتبره أحداثا وقعت فى حياتها، وما قد يبدو فيها من شطط فكرى كرواياتها عن قصص تعذيبها هى وابنيها أحمد وعمرو، وإهانتك المستمرة لهم، وهو ما حذفته منها.. نعم إنها سيدة عبقرية لكن يبدو أن «الاعتقاد الخاطىء» الذى سيطر على تفكيرها كان له مردود سلبى على تصرفاتها، فى حين يخيل إليها أن ما تقوله هو الحقيقة, ولم تقتنع بإصابتها بمرض نفسى زادت حدته بعد إنجابها ابنكما الثالث، ومن البديهى والحال كذلك أن ترى نفسها إنسانة طبيعية، وأن غيرها هم غير الطبيعيين «أمها زوجها وشقيقها»، فكل من يبدى ملاحظة على تصرفاتها، أو يتبنى رأيا مخالفا لرأيها هو شخص تعرض للسحر الذى سلبه عقله وفكره، وقد كان من الممكن احتواء حالتها فى مهدها لو أنها استمعت إلى صوت العقل وآمنت بأن «هناك شعرة بين العبقرية والجنون» على حد القول الشائع، ولنضرب مثلا واحدا بإسحاق نيوتن أحد أعظم العقول البشرية والذى كان عبقرية تمشى على قدمين فهو المنظّر الأول لقانون الجاذبية وقوانين الحركة ومخترع التليسكوب العاكس وعشرات الاختراعات والقوانين الأخرى، ومع ذلك كان يعانى بإجماع المؤرخين اضطرابات عنيفة، وكان من الصعب جدا الجلوس معه فترة طويلة لتقلب مزاجه، وسرعة انفعاله، وشدة غضبه وضيق أفقه، بل وكان يتحدث مع نفسه كثيرا على هذا النحو دون تغيير برغم الزلزال العلمى الذى أحدثه فى الكون.

.. أقول ذلك لأن زوجتك لم تصل إلى مرحلة الجنون بمعنى التخلف العقلى، فهى تتمتع بذاكرة قوية، وتربط الأحداث ببعضها، ولكن تنتابها بعض الوساوس والاعتقادات الخاطئة هى التى تجعلها دائما فى حالة نفور ممن حولها فتعتقد أنهم يتربصون بها، والصدام مع مثل هذه الشخصية يؤدى إلى استفحال حالتها ومن ثم يصبح من الصعب السيطرة عليها، أما احتواؤها ومسايرتها فى بعض أفكارها ومناقشتها بهدوء فيما تقوله فإنها عوامل تساعدها على تجاوز الأخطار والوساوس التى تخنقها، وتجعلها دائما مرتابة فيمن حولها بينما تبدو طبيعية مع الغرباء، ولا أدرى لماذا لم تصحبوها إلى أطباء نفسيين فى مرحلة مبكرة وقبل أن يتمكن المرض منها، خصوصا أن ابنة عمها أصيبت بالمرض نفسه، وانتحرت من فرط معاناتها منه، ولكن ما مضى فات، ولنا الساعة التى نحن فيها، فاجترار الأحزان لن يفيد، وقد حان الوقت لإزالة ما علق بالذاكرة من أحداث ومواقف عبر السنين، ولا شك أن العبء الأكبر فى احتواء هذه المشكلة يقع على عاتق ابنك الأصغر الذى لم يرك من قبل، وافتقدته وهو طفل رضيع بعد أن انتقلت أمه به إلى مكان غير معلوم، فعليه أن يزن الأمور بميزان دقيق، وأن يتأمل ما أوصانا به الله سبحانه وتعالى ببر الوالدين، فليدع ما ترسب فى نفسه تجاه أبيه على مدار السنين، وليدرك حقيقة المرض الذى تعانيه والدته، وأرجوها أن تستجيب لندائى بأن توافق على زيارة الطبيب النفسى، وسوف أكفل لها كل ما تطلبه من ضمانات بألا يضايقها أحد، وأن تحصل على كل ما تريد من شقة مناسبة وميراث، ومال مخصص لها، ولإبنها، فالحق أننى لمست استعدادا كاملا منك لتلبية رغباتها، ولعلها تكون بارة بأمها وهى السيدة المتدينة التى تعرف حقوق الوالدين، فحتى لو صح ما علق بذهنها من أن والدتها اتخذت موقفا مضادا لها فى بعض الأحيان وساندتك فى مواجهتها، فإنها فعلت ذلك بقلب الأم التى تريد أن تحيا ابنتها حياة مستقرة مع زوجها وأولادها، ولا يمكن أبدا أن تتركها نهبا لهواجسها، وهذا ما تصنعه كل أم حريصة على بناتها وأولادها.

ولا شك ان الدرس الأكبر من قصتكما هو أن يحاول كل من الزوج والزوجة رأب الصدع الذى قد يتعرضان له فى أى مرحلة من العمر باللين والرفق والرحمة والاحتواء، ولا يتعاملان بطريقة الند للند، كما يجب أن يدركا أن من أبرز الأسباب الشخصية لفشل الحياة الزوجية أن يكون أى منهما شكاكا وغيورا ومستبدا ومتعاليا وأنانيا، وكذابا ومخادعا، فكلما كان ودودا ومشاركا بالرأى وصادقا زادت الألفة وقوى الترابط بينهما، فالقصور فى فهم احتياجات الطرف الآخر يؤدى دائما إلى نزاعات تتفاقم بمرور الأيام، والمرأة لها مطالب خاصة فى الحب والاحتواء والرعاية قد لا يوفيها الرجل، أو لا ينتبه إليها برغم حسن نياته، والرجل له احتياجات خاصة فى الرعاية والتقدير والسكن والحب والمودة، قد لا تلتفت إليها المرأة أو يتناقص اهتمامها بها بمرور الأيام، أيضا يلعب العناد والعدوان والانتقاد الدائم والسخرية اللاذعة والإيذاء الجسدى أدوارا مؤثرة فى ابتعاد الطرفين عن بعضهما شيئا فشيئا إلى أن تستحيل العشرة بينهما، وأحسب أن هذه العوامل هى التى أدت إلى هروب زوجتك من حياتك مدفوعة بما يتراءى لها من أوهام وخيالات ساهم فيها مرضها النفسى الذى أدى بابنة عمها إلى الانتحار.

ولتكن الخطوة الأولى لكم جميعا هى بدء صفحة جديدة، والاستعانة بالله، وعلى زوجتك أن تستعيذ به سبحانه وتعالى من الشيطان الرجيم، وأن تدرك أن أى ساحر ليس باستطاعته أن يقدم أو يؤخر أو يلغى ما أراده الله سبحانه وتعالى، فالشيطان هو الذى يوسوس للإنسان لكى يجعله دائما فى حالة قلق وتوتر، فإذا أوكل أمره إلى المولى عز وجل, اطمأن قلبه وعمل بما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله, وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشىء لن ينفعوك إلا بشىء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشىء لن يضروك إلا بشىء قد كتبه الله عليك», ولتعلموا أن الثقة فى الله هى مفتاح الحل فى الأزمات والأوقات الصعبة، فجميعنا نمر خلال حياتنا فى أودية مظلمة، ويقودنا الخوف إلى الضغط النفسى، بينما يدفعنا الإيمان بعيدا عنه.. صحيح أن الظلام مخيف، لكن علينا أن نتذكر دائما أن هناك خلف الغيوم شعاعا من نور سوف يبدد مخاوفنا، ويعيدنا إلى جادة الصواب إذا وضعنا الله نصب أعيننا وتجاوزنا عن الأخطاء وتطلعنا إلى غد أفضل، فانفضوا عنكم الأحزان، وإنى على يقين من أن ابنك أيمن سوف يكون هو شعاع الأمل فى إعادة المياه إلى مجاريها ليلتئم شمل العائلة كلها من جديد، والله المستعان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أكرم عبد القوي
__________
__________
أكرم عبد القوي

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 23180
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 Profes10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 3011
نقاط : 37122
ترشيحات : 136
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 411

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 I_icon_minitime30/5/2017, 17:27

حطام امرأة

أنا سيدة شابة، واجهت فى حياتى مصاعب جمة ومتاعب لا حصر لها
ويكاد عقلى ينفجر بعد أن انسدت كل الأبواب فى وجهي, فلقد كنت أعيش مع والدتى التى تزوجت بشخص آخر بعد أبي, وتقدم لى شاب طالبا يدي, فوافق عليه زوج والدتى دون تردد, وهدد أمى بالطلاق إذا لم أتزوجه, وخشيت أمى أن ينفذ تهديده فضغطت علىّ لكى أقبل الزواج بهذا الشاب, بدعوى أنه طيب القلب ويعمل محاسبا فى الخارج, وأننى سأسافر معه بعد الزواج, وفى يوم قراءة الفاتحة أحضر خطيبى معه عددا من أهله ومعارفه, وانتحى بوالدتى جانبا وطلب منها أن أرتدى الذهب الذى أملكه حفاظا على مظهره العام، وسوف يشترى لى بدلا منه خلال شهور، وتوالت الفصول المضحكة المبكية, حيث اتفقنا على شراء حجرة نوم فقط ما دمنا سنسافر إلى الخارج, وعندما حددنا موعد شرائها تكرر نفس السيناريو ودفعت والدتى ثمنها، وتزوجنا ووجدت أن كل ما قاله وهم، وأصبح دائم الشجار معى ويضربنى ضربا مبرحا, وأمام الضغوط استمررت معه وأنجبت ولدين، وأعيش فى عذاب لا يتوقف وأنتظر مساعدة أخوتى وأمى كل شهر، أما من أعيش وسطهم من عائلة زوجى فلا أحد يسأل عنا منهم, فهل يعى هؤلاء أن حسابهم سيكون عسيرا أمام الله, ومتى يفيق أبو أولادي, ويعرف أن له أبناء يحملون اسمه ولا يجدون ثمن الطعام والدواء؟

> ولكاتبة هذه الرسالة أقول :

تثير رسالتك قضية التكافؤ فى الزواج وطريقة اختيار شريك الحياة ومسئولية الأسرة فى تأمين مستقبل بناتها، وبمجرد قراءتى السطور الأولى منها أدركت هذه النتيجة التى وصلت إليها, فما بنى على خطأ فهو خطأ، وقد كان كل أساس حياتك الزوجية منذ البداية خطأ والدتك بالدرجة الأولي, إذ تساهلت بشكل غير مقبول مع العريس الذى استقدمه زوجها لكى يتخلص منك، وهذا الوضع معروف ومفهوم بالنسبة لمعظم أزواج الأمهات, وكان ينبغى عليها ألا ترضخ لضغوطه خصوصا أنه لم يتكلف شيئا فى نفقات معيشتك فهى ميسورة بطبيعة الحال وفى مركز مرموق، وحتى لو تمادى فى تهديده وطلقها بالفعل, فقد كان الواجب عليها أن تصمد وأن تدرك أن مثله لا يستحق مشاركته فى الحياة، ولما كان أساس زيجتك هشا فإن كل ما يتعلق بها يصبح قابلا للانهيار فى أى لحظة، إذ ماذا كنت تنتظرين من شاب يأمر فيطاع, ويطلب فيجد كل طلباته مجابة.
إننى استغرب موقف أسرة هذا الشاب ولا أدرى كيف تركه أبوه يفعل ما يحلو له دون توجيه ولا مراجعة.. إن رسالتك جرس إنذار لكل الأسر المصرية للتدقيق فى اختيار شريك الحياة، وأن يتم ذلك بالاتفاق بين الطرفين مع تدوين كل كبيرة وصغيرة فى عقد الزواج لحفظ الحقوق التى يكفلها الشرع والقانون.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أكرم عبد القوي
__________
__________
أكرم عبد القوي

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 23180
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 Profes10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 3011
نقاط : 37122
ترشيحات : 136
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 411

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 I_icon_minitime30/5/2017, 17:29

الاعتقاد الخاطئ



تلقيت تعليقات عديدة واستجابات كثيرة من قراء أفاضل يرغبون فى مساعدة كاتبة
رسالة «شعاع خلف الغيوم»، وأوجه الشكر إليهم جميعا، فلقد أبدى زوجها تلبية كل ماتطلبه، ومازلت فى انتظارها لوضع حد لمعاناتها.

وقد اخترت تعليقا على الرسالتين للأستاذة علياء ناصف تقول فيه: قرأت رسالة «حزن فى الذاكرة» واستوقفنى ردك الكريم ما قلته عن «الاعتقاد الخاطئ» الذى أدى بصاحبة رسالة «شعاع خلف الغيوم» إلى مجموعة الهواجس التى تعيشها، ووجدتنى أتساءل عن كم العلاقات التى كان هذا الاعتقاد سببا فى هدمها وتدميرها، فكم من رجل وامرأة دفعتهما اعتقاداتهما الخاطئة إلى إلصاق كل منهما التهم جزافا على الآخر.

ولا شك أن كل علامات الاستفهام والتعجب تقف مصطفة بجوار بعضها أمام هؤلاء الناس الذين لا تسوغ لهم أنفسهم أن يتأكدوا من صحة ظنونهم تجاه غيرهم، بل إن البعض لا يجد مانعا من أن يسطر كلمة النهاية لقصته مع أحدهم عن أن يفتح حوارا بوعى وإدراك ليتأكد من مدى صدق مزاعمه.

إن من البشر من يفهم أقوال وأفعال الغير فهما فى غير محله، ويترك ردود أفعاله هى التى تعبر عنه دون أن يتحدث هو عن القصد والنية من هذه الأقوال وتلك الأفعال، ففهم بعض الناس يتجاوز حدود سوء التفاهم إلى كل ما هو ضد الحقيقة، ويتصرفون بأسلوب صادم وغريب لأنهم فهموا فهما لا أقول مشوشا وإنما منافيا تماما للمراد والصواب، وهكذا تتسلل بذور المشاعر السلبية إلى القلوب لتنمو وتترعرع، معلنة إسدال الستار على علاقات كان يمكن أن تزدهر إلا إنها «الإيجو»، وهى كلمة تتردد على ألسنة البعض رمزا لكونهم ينتمون إلى الطبقة المثقفة الواعية الفاهمة المدركة! وهى كلمة غربية تعنى «الأنا» و«الغرور» و«الذات» بالعربية، وليت كل من يتحدث عن «الإيجو» يعرف حقيقتها المرعبة المدمرة قبل أن تستكمل رحلتها فى خداعه والنيل من حياته، فكم دمرت «الإيجو»، وكم هدمت وفرقت! ما أبشعها وما أقساها وما أسوأها حين تجعل أحدهم واقفا مكانه يكتفى بالإنصات لدوى ألمه ، وهو يأبى أن يعترف ويقر أنه متألم، متعب، ومنهك القوى! بل إن هناك من يأبى الاعتذار بأى وسيلة من الوسائل الممكنة لمن أخطأ فى حقه وأدمى قلبه، فلا يهم كل هذا، إنما يهمه فقط الحفاظ على «الإيجو» الخاصة بذاته وبكبريائه وفقا لفهمه ورؤيته، ويبقى الأمل فى أن يفتح كل واحد نافذة فكره أمام بارقة نور تضيء قلبه، ليعيد ترتيب أفكاره من جديد، ويبادر باتخاذ القرار الأصوب لحياة أفضل بإذن خالقه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أكرم عبد القوي
__________
__________
أكرم عبد القوي

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 23180
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 Profes10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 3011
نقاط : 37122
ترشيحات : 136
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 411

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 I_icon_minitime30/5/2017, 17:31

الضوء الأحمر


بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 2017-636313506239215072-921

أنا سيدة أقترب من سن الأربعين، نشأت فى أسرة متوسطة لأب يعمل موظفا بإحدى الشركات‏,‏
وأم ربة منزل نالت قسطا من التعليم ثم تزوجت, وتفرغت لرعاية بيتها وأولادها، ولى أخ يكبرنى بثلاث سنوات وأخت اصغر منى بسنتين، وأصررت منذ صغرى على التفوق والانتقال من حياة القرية البسيطة إلى آفاق المدينة الواسعة التى أرى أنها المكان الوحيد للوصول إلى تطلعاتى وطموحاتى فى العمل والنجاح، ولم يفارق هذا الهدف خيالي, وصممت أذنى عن كل كلام عن الزواج فتزوجت معظم زميلاتى قبل أن يكملن تعليمهن, أما أنا فلقد رفضت أكثر من عريس تقدموا لخطبتى لأنى لم أر فى أى منهم الزوج المناسب, وانتقلت للاقامة بالقاهرة, فى شقة تملكها الأسرة, وعشت بين أقاربى الذين غادروا بلدتنا منذ سنوات طويلة, ولم تعد لهم صلة بها إلا فى المناسبات, وتقدمت للعمل فى أكثر من جهة, ونجحت فى اختبارات هيئة كبري, وتدرجت فى العمل بها سريعا, وخلال ثلاث سنوات صرت مسئولة عن قطاع مهم بها, وهمست لى صديقاتى بأنه حان وقت الزواج قبل أن يفوتنى القطار الذى لا ينتظر من يتقدم بها العمر، ووجدتنى أنصت اليهن واستجيب لهن, فلقد تزوجت أختى الصغري, وانجبت ولدا جميلا, وكذلك اخى الذى انجب ولدا هو الآخر, وصار لكل منهما بيت وأسرة, وتمت خطبتى لشاب فى نفس الهيئة التى أعمل بها, ولم يمض شهران حتى تم فسخ الخطبة لأسباب تافهة, منها أنه يريدنى أن أزور أمه باستمرار قبل الزواج وان ارتب معها المنزل, ولم أقتنع بكلامه, بل وشككت فى نياته, وهنا فوجئت به يفسخ الخطبة فحمدت الله أن كشف لى أمره قبل الزواج, وتكرر السيناريو نفسه مع اثنين آخرين ولم تتم الخطبة.
ومرت شهور, وجاءنى عريس جديد يمتهن العمل الحر، فيأخذ مقاولات هنا وهناك.. وعرفت أنه كان متزوجا من مهندسة باحدى الشركات المعروفة وأنه انجب منها ولدا ولكنه لم يجد راحة معها, وكانت دائمة الشجار لاتفه الأسباب ولبس أمامى ثوب الفضيلة, والتدين, واستطاع بكلماته وعباراته المنمقة أن يقنعنى بالزواج منه, فوافقت بلا قيد ولا شرط, وتزوجنا بعد أن اشترى حجرة النوم فقط, أما باقى الأثاث فلقد اشتريته من مدخراتي, وبالطبع عشنا فى شقة الأسرة، ورأيت أن كل ذلك يهون من أجل الزواج الهادئ والمستقر، ولكن هيهات أن تعرف حياتى الاستقرار, فلقد أبلغنى بعد الزواج بثلاثة أيام أنه سيسافر إلى إحدى المحافظات النائية، حيث إنه سيتولى اقامة أحد العقارات لجهة كبرى هناك، وأننى سألحق به بعد أيام، وسافر وهاتفنى ان أذهب إليه فأخذت إجازة من عملى لمدة أسبوع، وهناك وجدته يعيش فى شقة فندقية من حجرة وصالة صغيرة وكان يأتينى بضع ساعات ثم يقول لى إنه لابد أن يبيت فى موقع العمارة لمتابعة الأعمال بنفسه، وتتكرر ذلك مرات ومرات، وشككت فى أمره خصوصا بعد أن تغيرت معاملته لى تماما وأخذ يحدثنى عن عيوبي, ومنها أننى لا أجيد الكلام ولست مثقفة، وأنه لا يشعر بما أسميه “النجاح” فى عملي!
وشعرت أنه متخبط وبأننى تسرعت فى الزواج منه, ثم جاء اليوم الذى لم أكن اتخيله أبدا إذ ذهبت إليه فى شقته حسب اتفاقنا, ففاجأنى بأنه سوف يسلم الشقة فى اليوم التالى وأن علّيّ ان أعود إلى القاهرة فى الصباح الباكر, وأنه سوف يرتب لى زيارة أخرى بعد أن يستأجر شقة أخرى وحجز لى تذكرة السفر, فعدت وأنا أدرك أنه كذاب وأن حياتى معه لا يمكن ان تستمر على هذا النحو, وأنه هو الذى يريد ان يطلقنى كما فعل مع زوجته السابقة التى كان يجب على أن أسعى للقائها ومعرفة سبب طلاقها, وفى ظهر اليوم التالى اتصلت بتليفون العقار الذى كنا نسكن به فعرفت أنه أخذ اجازة لمدة أسبوع. وهنا اتصلت بوالدته فأنكرت أنها تعرف مكانه, وبعد قليل اتصلت بتليفون الشقة التى كان يعيش فيها فى منزل أسرته وهى تقع بجوار شقة والدته بنفس المنزل فاذا به يرد على فانفعل بشدة واعتبر أننى أتجسس عليه فأغلقت سماعة التليفون، ولم أجد بدا من أن أخبر أهلى بما حدث ورويت لوالدى ووالدتى ماحدث معى طوال الشهور الستة الماضية منذ زواجنا.. فرد على أبى بأنه كان يشعر بأن هناك شيئا أخفيه عنه وأنه كان ينتظر الضوء الأخضر منى لكى يتحرك، واتصل به لكى يفهم منه أسباب تغيره, أو اذا كنت قد أخطأت فى حقه, فقال له انه لن يستطيع لقاءه هذه المرة.. وسوف يناقش الموضوع معه فيما بعد. وفهمت أن هذه مراوغة جديدة من مراوغاته, فأصررت على الذهاب إليه فى بيت أسرته قبل أن ينهى اجازته, وبعد أقل من ساعة كنا هناك.. بالطبع كانت مفاجأة لوالدته التى اخفت عنى ان ابنها موجود عندها، أو أن هذه هى طباعه, وأنه لم يستقر مع أى زوجة.. وقد تلعثمت فى الكلام ثم قالت: لقد جاء متأخرا جدا, و”تعبان شوية”، ومع اصرارى على لقائه جاءنا وطلب لقاء أبى على انفراد, وأخذ يتحدث بكلام غير مفهوم عن أنه مريض, ويريد السفر للعلاج, وخلافه, وهنا أصررت على الطلاق خوفا من أن يتركنى معلقة ويختفي, كما أنه لايمكن أن تستقيم الحياة مع شخص بهذه الصفات.. وعندما سمع كلامى طلب من أبى أن أتنازل عن كل حقوقي, وبالفعل وقعت له على التنازل الذى كان يسعى إليه, وتم طلاقنا فى نفس الجلسة.
فهل اخطأت لأننى أصررت على الطلاق, وهل من الممكن إقامة حياة مستقرة مع مثل هذا الشخص؟ وهل كنت على حق عندما رفضت فكرة الارتباط والزواج؟ ثم ما الذى ينبغى أن تفعله فتاة لاحول لها ولا قوة لكى تنعم بزوج حنون وحياة مشتركة بين اثنين لايعرفان الأنانينة؟ وهل يجب أن تظل المرأة مغلوبة على أمرها مهما فعل زوجها حتى لايطلقها خوفا من كلام الناس؟

ولكاتبة هذه الرسالة أقول :

لقد أخطأت منذ البداية بإصرارك الغريب على العزوف عن الزواج، وأخطأ أبواك بمجاراتك فيما ذهبت إليه, فالطبيعى أن تنشأ الفتاة فى جو أسرى, وتعايش عن قرب زواج قريباتها وأقاربها وتراقب سلوك الأخريات فى الزواج واختيار شركاء الحياة.. أما ان تمضى حياتها على هذا النحو الذى سرت فيه, فهذا هو الخطأ القاتل الذى وقعت فيه, والذى يتحمل الجانب الأكبر منه أبوك وأمك اللذان ظنا أنك بانتقالك إلى القاهرة سوف تتفتح لك الأبواب وستجدين العريس الذى ينقلك نقلة كبرى بعيدا عن الحياة البسيطة فى القرية التى تعيشون فيها, وهو اعتقاد خاطيء يقع فيه الكثيرون دون أن يعوا ان انصراف الفتاة عن الأسرة سوف يجعل منها فتاة أخري, وقد يدفعها إلى الاصرار على انتهاج خط غير الخط الذى نشأت فيه, فتصبح متمردة على واقعها, مصرة على المضى فى الحياة الجديدة التى انتقلت اليها مهما كانت العواقب.
وتوالت أخطأؤك برفض كل من حاول الاقتراب منك طالبا الزواج، وعندما ألحت عليك صديقاتك بضرورة الزواج, وبعد أن تزوجت أختك الصغرى وأنجبت وافقت على عريس ظننته أنه المناسب من باب المظهر لا الجوهر، وخفت أن يطير منك برغم علمك بزواجه الفاشل الذى حمّل مسئوليته على مطلقته دون أن تتبينى الحقيقة، ولذلك سارعت بالموافقة عليه, بل ويسرت له كل شيء فعشت فى شقتك ولم يقدم لك سوى غرفة نوم لا أكثر.. ولأن ما جاء سهلا ينتهى سريعا, فإنه أفصح عن وجهه الحقيقى بعد أيام من زفافك إليه، وكان ما كان حتى انكشف أمره ولم يعد ممكنا أن يستمر فى لعبته أكثر من ذلك, ولذلك لم يتردد فى تطليقك انتظارا لضحية جديدة تنخدع بكلامه المعسول وأسلوبه الساحر!
ان التدقيق فى اختيار شريك الحياة أمر ضرورى لمن تنشد الاستقرار ولابد من أن تعطى نفسك الوقت الكافى قبل الاقدام على زواج جديد, وأن تكون هناك فترة تعارف مناسبة يحاول كل طرف خلالها أن يتعرف على خبايا الطرف الآخر، ويدرس تصرفاته, فإذا شك فى بعض السلوكيات أو استعصى عليه فهم بعض الأمور فلا يكمل المشوار وليبحث عن الشريك المناسب الذى يتوافق معه فى تصرفاته وأفكاره، ومن المهم أن ينتمى إلى نفس وسطه الاجتماعي، وليتعلم الآباء والأمهات الدرس الأكبر بضرورة أن يكون لهم رأى فى كل خطوة تخطوها ابنتهم، فمهما بلغت من درجات التعليم فانها لن تستطيع أن تفهم الأمور المتعلقة بالزواج كما يفهمونها بما لهم من خبرة فى الحياة.
أسأل الله لك التوفيق والسداد وان يرزقك بمن هو أهل لك والسلام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أكرم عبد القوي
__________
__________
أكرم عبد القوي

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 23180
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 Profes10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 3011
نقاط : 37122
ترشيحات : 136
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 411

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 I_icon_minitime30/5/2017, 17:33

بريد الجمعة يكتبه احـمد البـرى
أحزان الشيطان!



بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 88 2017-636313505606019365-601



عشت تجربة مريرة أدت بى إلى ما أعيشه الآن من متاعب وأحزان،
ولم أدرك فداحة أخطائى إلا فى هذه المرحلة من العمر بعد أن ظللت شيطانا فى أفعالى وتصرفاتى، ولم يردعنى شىء حتى أفقت على طامة كبرى عصفت بى وسوف أعانيها إلى أن تحل النهاية المحتومة، فأنا رجل اقترب من سن الستين، وأعمل مديرا فى هيئة حكومية، وكان لنشأتى دور كبير فى الحالة التى وصلت إليها، فمنذ صغرى لم يوجهنى أحد، ولم أجد من أبوىّ أى تعليق على سلوكياتى التى ارتبطت بمن حولى من أصدقاء وأغلبهم كانوا من أهل السوء فجذبونى معهم إلى الحرام، وبالرغم من أن أسرتى كانت على علم بكل تصرفاتى، فإننى لم ألق اهتماما من أى فرد بها، بل للأسف الشديد سهّلوا لى كل شىء حرام..أحيانا بالنصب على الناس، وأحيانا بالسرقة والاختلاس، وربما الكذب والوقيعة وشهادة الزور مادام هناك فى المقابل عائد مجز يحصلون عليه، فالمال كان همهم الأول والأخير وفى سبيله يفعلون المستحيل، وحينما فكرت فى الزواج، وجدت أمامى فتاة احلامى، وقد جذبتنى إليها بطيبتها ورقتها وجمالها، وهى حاصلة على مؤهل عال، ولا تأتى الأفعال التى أسلكها، لأنها قريبة من الله، وتخشاه، وترجو رضاءه، فعقدت العزم على ألا أعود إلى أى معصية تغضبه عز وجل، ورزقنا الله بالأولاد والبنات، وسبحان الله العظيم فلقد نشأوا على الأخلاق الحسنة والقيم النبيلة، والمواظبة على الصلاة وحسن معاملة الناس، وتفوقوا فى دراساتهم، ولعبت أمهم بما وهبها الله من عقل راجح، وصبر طويل دورا كبيرا فى ذلك، والحقيقة أننى لم أتخلص من الآفات التى أصابتنى، فظللت سائرا فى طريق السوء، بل إن أهلى حرضونى على زوجتى من باب أنهم يكرهونها، ولا أدرى سببا لذلك، إلا لأنها لا تجاريهم فى لهوهم وغيِّهم، واستمروا فى موقفهم المعاند بلا ذنب ولا جريرة، وكانت كلما دبَّروا موقفا لافتعال مشاجرة معها، تمتص غضبهم وتزداد تفانيا فى خدمتهم، وتستغل كل دقيقة فى المذاكرة للأولاد، والقيام بشئون المنزل، وتلبية طلبات العائلة كلها!.

ولأن “الزن على الودان أمر من السحر” كما يقولون، فإننى لم أعر كل خدماتها اهتماما، وأسأت معاملتها، فلم تسلم يوما من سبابى وإهانتى لها، ولو تجرأت وفاتحتنى فى أننى تغيَّرت من ناحيتها، أنهال عليها ضربا وركلا ولا أتركها إلا بعد أن يسيل دمها، ولا أتورع عن إيذائها أمام أولادنا، وهم يبكون ويصرخون من هول غلظتى ووحشيتى تجاه أمهم، فإذا انتهيت من هذه المهمة الحقيرة التى أشار علىَّ أهلى بها، أذهب إليهم، وأقص عليهم ما حدث بالتفصيل وأبالغ أحيانا فى تمثيل المشاهد الدامية ورد فعل زوجتى، فيضحكون ويطلبون منى مزيدا من القسوة عليها لأنها تستحق ذلك!

والغريب الذى لم أجد له تفسيرا، أننى كنت مدفوعا لإيذائها بشكل لا يصدقه عقل برغم أنها لم تفعل شيئا يغضبنى، وكانت ترجونى أن أفصح لها عن سبب واحد لتنكيلى بها، وتؤكد لى أننى مهما فعلت بها فلن تترك بيتها وأولادها فأزداد عنادا، وأظل عند اهلى بالشهور، وأتركها وأولادى بلا مصاريف، ولا أسأل عنهم، وكلما هممت بالاتصال بهم يمنعونى عنهم، ولم أسمع منهم كلمة واحدة حلوة عن زوجتى وأولادى، وقد لا تتصور أنهم كانوا يحضرون لى نساء ساقطات لكى أمارس معهن الرذيلة وأنشغل بهن عن زوجتى، ولا ألقى بالا بأولادى، نعم فعلت ذلك متجاهلا القول البليغ الذى كان يرن فى أذنى عند كل إيذاء لزوجتى وكل معصية لربى «إذا دعتك قدرتك على ظلم الآخرين، فتذكر قدرة الله عليك»، ولم أعرف قدر أبنائى وأمهم، وهم النعمة التى وهبها الله لى، ولم أصنهم، بل تماديت فى إذلالهم بشتى الطرق!.

ومرت الأيام وأنا بعيد عنهم، وجاءتنى جارة فاضلة لأسرتى وأبلغتنى على مرأى ومسمع من الجميع أن ابنتى الكبرى أصيبت بوعكة صحية، وأن زوجتى باعت بعض أثاث المنزل لكى توفر لها ثمن الدواء، وقالت لى: «أشهد الله أننى أبلغتك بما هم فيه، وعليك أن تتقى الله فى بيتك وأولادك»، وتركت جلستنا وهى تضرب كفا بكف، وأنا جالس مكانى بلا اكتراث وكل ما فعلته بعدها أننى أرسلت إليهم بعض المصاريف الضرورية، وانغمست من جديد فى مغامراتى النسائية التى أدمنتها.. ومرت سنوات على هذه الحال وتخرج أولادى فى الجامعة وعملوا فى هيئات وشركات كبرى، بينما أنا غارق فى ملذاتى!.

وحانت ساعة القصاص العادل، إذ تعرضت للفضيحة على رؤوس الأشهاد فى موقف يندى له الجبين خجلا بعد أن تم ضبطى مع إحداهن، ونسيت أن لكل واحد نصيبا من الستر، فإذا نفد رصيده انكشف أمره، وصدق الله العظيم إذ يقول فى كتابه الكريم “إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَاد” (الفجر 14)ِ .. نعم كان موقفا عصيبا وصدمة مروعة، وكارثة أخلاقية على أولادى الذين لم أستطع أن أبرر موقفى أمامهم، ولم يجدوا بدا من أن يتركوا البيت، وينتقلوا إلى أعمال أخرى، من هول ما رأوه وما سببته لهم من جراح بتصرفاتى الدنيئة.. ولا أعرف إلى أين ذهبوا؟، وأين اختفت زوجتى؟، فلقد سألت الكثيرين عنهم، فلم يردوا علىَّ، وكل ما فعلوه أنهم نظروا إلىَّ باحتقار شديد، وانفضوا من حولى بمن فيهم أهلى!.

وزادت متاعبى الصحية وسقطت على الأرض مغشيا علىَّ، فأخذنى أحد أخوتى إلى المستشفى، وهناك كانت الفجيعة الكبرى بإصابتى بالمرض اللعين فى مرحلة متقدمة، وأننى على مشارف الموت فى أى لحظة، وأدركت أنها عدالة السماء، وأتعبنى التفكير فى مصيرى المحتوم بينما زوجتى وأولادى يتخبطون فى الحياة بسبب اللألاعيب الشيطانية التى مارستها فى حياتى، وأدرك تماما استحقاقى الرجم حتى الموت، ولكنى أطمع فى أن يغفر الله لى ذنوبى، فهو الغفور الرحيم، وأشهدكم جميعا أننى تبت إليه ولن أعود إلى أى ذنب أبدا، وأرجو أن يقرأ أولادى وزوجتى رسالتى فيسامحونى على ما سببته لهم من متاعب وظلم وفضائح، وكفانى ما أعيشه من أحزان.. وليت كل من سلك الطريق الذى سلكته يدرك نهايته الأليمة، علاوة على ما ينتظره من قصاص عادل فى الدنيا والآخرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

> ولكاتب هذه الرسالة أقول :

يقدم كثيرون من الناس على التوبة بشكل هامشى غير نادمين، ومن ثمَّ فإنهم يعاودون الذنب والتوبة مرات ومرات، وهذا ما فعلته كثيرا من قبل، وفاتك أنه كلما قويت قوة الندم، وقوى الاعتراف بالذنب، كلما أُحرقت آثار ذلك الذنب فى قلب المرء، وصاحب تذكره الندم، وبالتالى يصعب تكراره، إذ أن الندم والاعتراف يمنعان معاودته، وهذا هو الدرس الكبير الذى لم تتعلمه ولا يأخذ به معظم المذنبين أيا كانت ذنوبهم وأخطاؤهم، فلقد كررت اساءاتك لزوجتك وأولادك، وارتكبت المعاصى، وسلكت مسالك السوء، وبرغم أن الله نجاك من كل ذلك، ومنحك مئات الفرص للرجوع عن خطاياك فإنك لم ترتدع حتى حانت لحظة القصاص العادل فتعرضت للفضيحة، واكتشفت إصابتك بالمرض اللعين، ولا سبيل إلى تدارك معاصيك إلا بالتوبة النصوح حيث يقول تعالى فى كتابه الكريم «وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا» (الفرقان 68 و69 و70) ،.. إذن شرط التوبة ألا يعود المرء إلى المعصية أبدا، وإذا كان فيها ظلم لأحد فلا تقبل حتى يأخذ المظلوم حقه، بمعنى أن يأخذ أولادك وزوجتك حقوقهم منك بعد كل ما ارتكبته ضدهم من ذنوب وأخطاء، والتوبة النصوح يجب أن تتبعها الأعمال الصالحة التى تزيل أثرها، وتطهر المذنب من أدرانها وتبدلها حسنات، فلتكن توبتك هذه المرة توبة نهائية لا عودة فيها للمعاصى، وليتعظ أهلك مما حدث لك، وبالتأكيد سوف يلقى كل من حرضك منهم على زوجتك وأولادك جزاءه فى الدنيا قبل الآخرة.

وإنى أستغرب ان يكون تدخل أهلك لإفساد حياتك الزوجية إلى درجة أن يدفعوك إلى ارتكاب الموبقات، وتسهيل الكبائر حتى الزنا.. أى عقل يستوعب ذلك؟، وكيف تركت لهم الحبل على الغارب لكى يقضوا على أسرتك طمعا فى الاستئثار بأموالك؟، إن أكثر من أربعين فى المائة من حالات الطلاق تقع نتيجة تدخلات الأهل فى حياة الزوجين، ومع أننى لا أحبذ تدخلهم فى أى مشكلة إلا أن ذلك ليس مرفوضا بشكل كلى، بل هو مطلوب بشرط أن يكون إيجابيا وبنَّاء ويخدم استمرار قطار الحياة الزوجية على طريقه الصحيح نحو مزيد من الألفة والمحبة والصلح والاستقرار، وليس على طريقة تدخل أهلك الذين صبوا الزيت على النار وأججوا الأزمات فلا حق لأبويك وأخوتك فيما فعلوه ووافقتهم عليه طلبا لمتع زائلة، وكان يجب عليك ألا تطيعهم، صحيح أننى أطالب دائما الأزواج بأن يبروا آباءهم بالمعروف، ولكنى أيضا أنصحهم بألا يطيعوهم إذا تعدوا حدود الله، ولا يعينوهم على الظلم، ومن ذلك ظلم زوجات الأبناء، وعليهم أن يجادلوهم بالحسنى، وألا يحولوا بينهم وبين طاعة الله تعالى، ويجب أن يكونوا جريئين فى الحق، بل إذا اقتضت المصلحة المباعدة بين الزوجة والأهل فلا حرج فى ذلك، ولتتسع أخلاقنا وصدورنا وليتحمل بعضنا بعضا، ولا ننسى الفضل بيننا، وأن نأتمر بالمعروف، ونصبر وندفع الإساءة بالإحسان.

والحقيقة أننى أميل إلى الاتفاق المسبق بين الزوجين على سياسة التعامل مع أهل كل منهما برسم حدود للعلاقات المتبادلة بينهم، والاتفاق على الأمور التى يجب ألا يتدخل فيها أحد باعتبارها من الأسرار الزوجية، مثل العلاقة الحميمة واختلاف الطباع والآراء، والأخطاء السلوكية، والمطالب الخصوصية أو المنزلية وغيرها، وأيضا عدم إدخال الأهل فى تفاصيل الحياة اليومية، وتتضمن هذه السياسة كذلك فن التقرب والتودد إلى الأهل، وتحديد الزيارات، وافتعال المناسبات التى تؤلف بين القلوب، وتعطى لهم فرصة التواصل الإيجابى ومراعاة الحقوق والواجبات، إلى جانب التوازن بألا يشعر الابن أمه بأن زوجته استحوذت عليه أو العكس، بمعنى أن يجعل والدته تحس بأنها رقم واحد فى حياته، ويشعر زوجته بأنها كذلك، ولا يذكر أحدهما إلا محاسن الطرف الآخر ولا يتناول عيوبه أو سيئاته، بل يعمل دائما على تحسين صورته، وترضية خواطر الطرفين بالكلمات الطيبة المتبادلة.

ومن الأمور المهمة مراعاة الخلل فى العلاقة بين الزوجة وأخت الزوج، فلا شك أن تهرب الزوج من مسئولياته تجاههما، وإرجاءه حل النزاع بينهما يفتح الأبواب أمامهما ليفعلا ما يحلو لهما، وهنا عليه أن يفض الاشتباك بحنكة ويجعل فترات لقائهما متباعدة، ويساعد كلا منهما على امتصاص غضبها تجاه الأخرى.

إن الأمل فى عفو الله وغفرانه لا يصمت أبدا، ولكن بشرط أن يتراجع المرء عن كل ما ارتكبه من معاص وأخطاء، وإنى أرى فى اعترافك بأفعالك الشيطانية، وتجملك بالرجوع عنها إلى الأبد، ودعوتك لزوجتك وأولادك إلى العودة إليك، مع تأكيدك التكفير عن ذنوبك وتوبتك النصوح.. أقول أننى أرى فى كل ذلك فرصة أخيرة للم شمل الأسرة، ولا شك فى أن اعترافك بكل الحقائق التى ذكرتها، وبأنك ظلمت أسرتك هو الخطوة الأولى على طريق ترك الأعمال الشيطانية والعودة إلى طريق الحق والصواب، وأسأل الله أن يصلح مسار حياتك، وأنى أدعو زوجتك وأولادك إلى طى الماضى وألا يتركوك فى محنتك، وأن تبدأوا معا صفحة جديدة ناصعة البياض، ومن يدرى فلعل الله يكتب لك الشفاء من المرض الذى ألم بك، فتصبح سليما معافى، ولتكن فى قصتك عبرة وعظة لكل عاص ومذنب، والله المستعان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بريد الأهرام ( بريد الجمعة )
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 88 من اصل 88انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1 ... 45 ... 86, 87, 88
 مواضيع مماثلة
-
» بريد الجمعة يكتبة : احمد البرى الطفل الكبير !
» سطو مسلح على مكتب بريد في المعادي
» سطو مسلح على مكتب بريد «قها» في القليوبية
» اجعل لك بريد مجاني على الـ hotmail - شرح بالصور
» كيفية حظر بريد الكتروني بسكربت whmcs

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشاعر عبد القوى الأعلامى :: المنتديات العامة :: المنتدى العام-
انتقل الى: