الشاعر عبد القوى الأعلامى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالأحداثموسوعة الأعلامى الحرةأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر
 

 بريد الأهرام ( بريد الجمعة )

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1 ... 40 ... 76, 77, 78 ... 82 ... 88  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
كابتن أحمد منصور
مشرف
مشرف
كابتن أحمد منصور

ذكر
عدد الرسائل : 6488
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 210
بلد الإقامة : المدينة الفاضلة
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 Office10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 Bookwo11
نقاط : 17057
ترشيحات : 47
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 710

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 I_icon_minitime4/12/2015, 19:04

الأرصفة الجديدة

تعقيبا على رسالة «الحب المستحيل» للفتاة المعاقة التى تزوجت من شاب سليم،
أود أن أحييك على اهتمامك بالبعد الإنسانى فى هذه العلاقة، وأرجو أن تنتهز ردود فعل القراء وتعليقاتهم المتعددة على هذه الرسالة، لتسليط الضوء بشكل أوسع وأشمل على قضية ذوى الإعاقة فى مصر، فالحقيقة أن كبرياء هدى واعتزازها بنفسها وبكرامتها ورفضها الصدقة التى قدمها لها إيهاب، حينما لفتت نظره فى البداية، هو الذى جعله يتمسك بها وتتحول نظرة الشفقة والعطف لديه الى شعور بالاحترام والتقدير، ثم الحب والزواج فى النهاية، ولكن الواقع المجتمعى والسياسى والثقافى الذى تعيشه هدى وأمثالها من ملايين المعاقين حركيا فى مصر، يمتهن كرامتهم وإنسانيتهم بشكل يومي، وللأسف الشديد فإن المسئول الأول عن ذلك فى رأيى هو المهندس الذى يعجز حتى الآن عن تصميم شوارع وأرصفة ومرافق ومساكن حضارية للملايين أمثال هدي، ولم يلتزم بتطبيق ما ورد فى المعاهدة الدولية للأمم المتحدة المعنية بحقوق الأشخاص ذوى الإعاقة، ويشاركه فى هذا التصور المهنى جميع المثقفين والسياسيين والمسئولين التنفيذيين، فهل يمكن أن يتبنى بريد الأهرام الدعوة الى حملة قومية لتمكين المعاقين حركيا من سهولة المرور فى الشوارع، وتعميم مبدأ أو فكرة «التصميم من أجل الحياة المتكاملة» لجميع المصريين وليس من أجل المعاقين حركيا فقط؟ وهل يصبح لدينا مشروع لتصميم الأرصفة الجديدة وتعديل الأرصفة القديمة المشيدة بالفعل بحيث تكون مطابقة للمعايير الدولية؟، وأيضا فى مشروعات البناء حيث لا يوجد فى القاهرة أو الجيزة أو الاسكندرية مسرح واحد أو دار سينما واحدة مجهزة وسهلة الوصول للأشخاص ذوى الإعاقة، بما فى ذلك دور السينما ذات خمس نجوم الملحقة بالمراكز التجارية والفنادق الكبري.

لقد حجزت سيدة مصرية من ذوى الإعاقات الحركية تعمل فى دولة الإمارات وحدة سكنية فى كمبوند تنفذه وتسوقه شركة عقارية فى السادس من أكتوبر، وطلبت من الشركة أن تراعى فى تنفيذ العمارة التى ستحجز فيها شقتها اعتبارات سهولة الوصول بدءا من المدخل والرصيف الخارجي، وكانت هذه الشركة على درجة كبيرة من الوعى والاحتراف المهنى والإداري، بحيث لم تكتف بمجرد تصميم العمارة الخاصة بهذه السيدة فقط لتكون سهلة الوصول، وانما صممت جميع العمارات والمرافق فى مشروعها داخل «الكمبوند» بهذا التصميم، وذلك على أساس أن هذه السيدة المعاقة لن تنحبس فى مسكنها أو عمارتها فقط وانما ستستخدم سائر مرافق «الكمبوند» وستتزاور مع بعض جيرانها وأصدقائها فى العمارات الأخري.

كم أتمنى لو أن الجهات المسئولة لدينا تسير على نهج هذه الشركة، وأن تكون جميع مشروعات الدولة مطابقة لمعايير كود البناء العالمى الخاصة بسهولة الوصول.

بهاء شاهين ـ مستشار سابق بالأمم المتحدة

{ أؤيدك فى ضرورة أن تكون هناك مسارات محددة لذوى الاحتياجات الخاصة، فهذا هو حقهم الطبيعى الذى تأخذ به كل دول العالم، وأحسب أن الجهات المسئولة ستكون لها وقفة فى هذا الصدد فى المشروعات الجديدة، وما يجرى تعديله فى الأرصفة، ومداخل العمارات السكنية، والمصالح والجهات المختلفة حتى تصبح الحياة أكثر يسرا وسهولة أمام من شاء القدر أن يكونوا من هذه الفئة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كابتن أحمد منصور
مشرف
مشرف
كابتن أحمد منصور

ذكر
عدد الرسائل : 6488
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 210
بلد الإقامة : المدينة الفاضلة
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 Office10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 Bookwo11
نقاط : 17057
ترشيحات : 47
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 710

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 I_icon_minitime4/12/2015, 19:05

الشهامة

من منا لم يذكر إسلام باهر متولى الشاب الشهم الذى
ضحى بحياته من أجل إنقاذ طفلين صغيرين كانا بصحبة والدتهما عندما هطلت الأمطار بغزارة على الإسكندرية، فلقى مصرعه، ومات شهيدا للواجب، تاركا وراءه أمه وأخته بلا عائل ولا مورد رزق، وفى هذه الظروف تظهر معادن الناس، حيث يسرع أهل الخير إلى تقديم يد العون لهذه الأسرة البسيطة وأمثالها من الأسر التى يموت عائلها فجأة دون أن يكون لها مصدر للرزق.. وعلينا أن نعلى قيمة الشهامة فى المجتمع ونقدم يد العون لهذه الأم المكلومة، وابنتها التى لا تجد من يأخذ بيدها، والله فعال لما يريد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nasertoba
مرشح
nasertoba

ذكر
عدد الرسائل : 6343
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 Collec10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 110
نقاط : 17200
ترشيحات : 29
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 222210

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 I_icon_minitime10/12/2015, 23:32

الأسباب المضحكة


أنا فتاة عمرى سبعة وعشرون عاما، تخرجت فى كلية جيدة، وأعمل فى مكان مرموق، وأصلى وأخشى الله، ولكنى مدخنة، وربما يكون السبب فى ذلك أننى لم أتزوج بعد مع أننى أملك كل الصفات التى يتمناها من يبحث عن زيجة رائعة، وكلما مرت الأيام أجدنى ناقمة على الحياة، فأواصل التدخين، وانزعج أهلى كثيرا من تصرفى، وقالوا لى لن تجدى من تتزوجيه إذا ظللت مدخنة.
وإنى أسألك: هل الحب مرتبط بالمثالية حتى بالنسبة للتدخين؟ وهل يجب أن أكون مثالية بهذا المفهوم حتى يحبنى رجل! فى الحقيقة أننى وكثيرات غيرى يتم رفضنا لأسباب مضحكة مثل سواد البشرة أو القصر أو زيادة الوزن، والمسألة برمتها بعيدة عن المنطق.. أليس كذلك؟
{ المنطق الذى تتحدثين عنه هو نفسه الخطأ الذى ترتكبينه وتصرين عليه، فالتدخين لديك مرتبط بعدم زواجك برغم ما ترينه فيك من مميزات تجعل منك زوجة رائعة، على حد تعبيرك، ولا أدرى سببا لهذا الانزعاج، فأنت مازلت فى مقتبل العمر، والبنت تتزوج فى أى سن مثل الرجل تماما، واذا كان زواجك قد تأخر بعض الشيء فليس معنى ذلك أنك لن تتزوجى أو أن قطار الزواج يبتعد عنك تدريجيا وفقا لتصور البعض غير الصحيح، فسوف يأتيك الزوج المناسب، وما يقوله لك أهلك عن «المرأة المدخنة» ينطبق فى أحيان كثيرة على الرجل المدخن، فهناك بنات يرفضن الارتباط بالمدخنين، ومادام التدخين لديك مرتبطا بعدم زواجك، فأرجو أن تتوقفى عنه، وتكفى مخاطره لكى تدركى أنك تدفعين نفسك إلى التهلكة، ولا تقلقى فسوف يأتيك من يقدرك ويحبك لشخصك واتزان عقلك الراجح، فتتحقق السعادة التى تنشدينها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nasertoba
مرشح
nasertoba

ذكر
عدد الرسائل : 6343
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 Collec10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 110
نقاط : 17200
ترشيحات : 29
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 222210

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 I_icon_minitime10/12/2015, 23:34

بريد الجمعة يكتبه : أحـمــد البــــــرى
مفتاح الأمان!


بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 2015-635853878045443675-544

أكتب إليك طلبا للنصيحة بعد أن وصلت الأمور إلى طريق مسدود، لعلى أجد لديك حلا يخفف ما أعانيه من متاعب وآلام، فأنا سيدة فى سن السابعة والثلاثين، نشأت فى أسرة مكافحة لأب يعمل بأحد المساجد، وأم ربة منزل، وكافحا معا لتعليمنا حتى تخرجت أنا وأخوتى فى الجامعة، وتربينا فى جو أسري،
وجمعتنا الألفة والمحبة، والكرم برغم ضيق ذات اليد، ولم تكن لنا علاقات مع الآخرين، إذ أغلقنا بابنا على أنفسنا، ولم يعرف عنا أحد شيئا، وبجانب العمل فى المسجد اشتغل والدى فى الفلاحة، فكان يزرع قطعة أرض تقع على مسافة بعيدة من القرية التى نقطن بها، وكان لديه حمار هو وسيلته الوحيدة للذهاب إليها، وعندما التحقت أختى بالجامعة احتاجت إلى مصروفات كثيرة، ولم يكن أمام والدى حل سوى أن يبيع الحمار لتوفير المبلغ الذى طلبته منه، ولما كبرت ولمست المعاناة الشديدة التى يقاسيها فى توفير لقمة العيش لنا، لم ألجأ إلى الدروس الخصوصية مثل كل الطلبة، خصوصا فى الثانوية العامة، وأصررت على التفوق، فواصلت الليل بالنهار، ولم يكن لى همّ سوى أن أثبت وجودي، وأصبح طبيبة فلست أقل من الأخريات ذكاء ومهارة فى تحصيل الدروس، والحمد لله حصلت على مجموع كبير، والتحقت بكلية الطب، وتخرجت فيها، والتحقت بمستشفى قروى فى بلدة مجاورة لنا، وظللتنا السعادة وراحة البال، وادخرت مرتبى لتجهيز نفسي، ولم يسألنى أبى عنه، إذ كانت ثقته فينا بلا حدود، وتقدم لخطبتى صيدلى تعلقت به، وكان مناسبا لي. لكنه تمسك بأجهزة محددة فى العفش يتعين عليّ شراؤها، فلم أعارضه وقتها، وتمت خطبتى له أربعة أشهر، والحق أننى لمست فيه صفات رائعة، وكان حريصا على ألا أبذل مجهودا فوق طاقتي، وقد أحببته لخوفه عليّ، لكن تعنته فى التزامات العروس من الأثاث، هو ما أدى إلى فسخ الخطبة، وتقدم لى بعدها كثيرون بينهم مدرس لغة فرنسية جاهز ماديا، ولديه شقة ملكه، لكنهم لم يلفتوا نظري، ولم أشعر بميل نحو أى منهم، وكانت رغبتى أن أرتبط بشاب متدين يكون لى زادا فى الدنيا والآخرة.

وذات يوم حضرت مؤتمرا طبيا بجوار أحد المساجد، وحينما حان موعد الصلاة ذهبت إليه لأدائها حيث لم يكن هناك مكان للصلاة فى مقر المؤتمر، فشاهدت إعلانا عن تيسير الزواج للراغبين والراغبات، فتركت بياناتى فى خطاب مع إمام المسجد، وبالفعل اهتم به، وتقدم لى أكثر من شاب أحدهم فى مثل عمري، قال لى إنه يعمل محاسبا بجهة كبري، ومطلق ولديه طفل من زيجة سابقة، وأن مطلقته تعانى «الذئبة الحمراء»، وأن المرض انتقل إلى الطفل البالغ من العمر تسعة أشهر، وأنه جاء من المحافظة التى كان يعيش فيها إلى القاهرة، وصدقت ما قاله، واستشعرت من كلامه وأسلوبه انه مناسب لي، وقدمته لأبي، فلم يسأل عنه، واعتمد على المعلومات التى سردتها له على لسان هذا الشاب، ودار بينهما حوار قال لأبى فيه إنه استأجر شقة جديدة وأثثها، ولا ينقصه شئ، وأقمنا حفل الزفاف فى حضور والدته وشقيقاته، وبعد الحفل سافرنا مباشرة إلى مصيف ساعدنى والدى فى تكاليفه، حيث لاحظت ارتباك زوجى وعدم وجود مال كاف معه، فاتصلت بأبى وجاءنى بما سددنا به ثمن الاقامة، ولم أفاتح زوجى فى شيء، لكنى أحسست بأنه يخفى أشياء كثيرة، وتأكدت من إحساسى عندما دخلنا شقة الزوجية، إذ لم أجد أى قطع موبيليا جديدة بها، فكل شئ فيها قديم ومستهلك ماعدا الأنتريه والمفروشات ومتعلقات المطبخ وبعض الأجهزة الكهربائية وهى التى اشتريتها، وتوالت الصواعق فوق رأسي، إذ عرفت أنه عامل بالجهة السيادية وليس محاسبا كما قال، وانه متزوج من طبيبة أيضا وله منها «طفلان توأم»، أما العمل فقد عرفته من واقع الأوراق الموجودة معه، وذلك برغم انه حاصل على مؤهل عال، وأما الزواج فقد علمت به من إحدى جاراتنا التى كانت تعتقد أننى أم طفليه، وتأكدت من صدق كلامها بعد أن أوهمنى أنه يعمل فترة مسائية، ويبيت معظم الليالى فى العمل لتحسين دخله، فى حين أن الحقيقة هو أنه يبيت مع زوجته الأولي، ولم أستطع أن أفاتحه فى هذا الأمر خوفا من أن يكون ذلك ذريعة لكى يخرج ولا يعود، وتحملت العذاب ألوانا وأشكالا أملا فى أن أصل معه إلى أسلوب حياة يرضينا، ويحافظ على بيتنا، لكن أوضاعنا سارت من سيئ إلى أسوأ، ثم كانت الفاجعة الكبرى بتعاطيه منشطات تجعله فى حاجة دائمة إلى العلاقة الزوجية، فيقضى معظم الوقت مع زوجته الأولي، ويأتينى بعدها، ويصر على أخذ حقه الشرعى مرات عديدة، والويل كل الويل لى إذا تألمت أو اعترضت حيث ينهال عليّ ضربا وركلا، لدرجة أنه لكمنى فى وجهى لكمة شديدة تسببت فى جرح قطعي، وسال الدم دون أن يرق قلبه، فمن يلجأ إلى هذه الحبوب تنتابه حالة هياج فلا يستطيع السيطرة على نفسه، وهو يقضى وقتا طويلا فى مشاهدة المواقع الاباحية، ولا وقت نقضيه معا فى الحديث عن أمورنا الحياتية.. وكل همه «العلاقة الخاصة» التى يتفنن فيها طلبا لمتعة مصطنعة، ليس فيها أى إحساس سوى الألم، أما إذا وجد لديه بعض الوقت فإنه يأتى بأولاد أخوته، فيلعب معهم، ويعد لهم «الفيشار» ويحضر الفطير والمشروبات ثم يتركون المكان وبعد ذلك يأتى صاحبه فيجلس معه عدة ساعات، وأحيانا يفضى إليه بأسرارنا، لدرجة أنه قال لى إن صديقه هذا قال عنى اننى «ناشز» لأننى لا أعطى زوجى حقه الشرعي!.. وكم قلت له إن ما يفعله لا يليق، ويجب ألا يخبر أحدا بما يدور بيننا، ولكن هيهات أن يفهم شيئا مما أقوله!

ولقد أنجبت منه بنتا أخشى عليها من ممارساته، فهى تكبر بمرور الأيام، وتعى الكثير مما يدور حولها، وتردد بعض كلامه، فمثلا يقول لها: «قولى للمجنونة تعمل لى قهوة»، أو «قولى للمجنونة تجيب كذا»، حتى حدث لها «ارتباط شرطي». فما أن تراه حتى تقول له: «المجنونة عملت كذا». ويكون رد فعله الضحك، وبعد أن يخرج من المنزل تقول لى: «انتى حبيبتي» فأنبه عليها بألا تكرر ما يقوله: فتعدنى بذلك ثم تعود إلى ما كانت عليه بتأثير أبيها الذى لايدرك مدى خطورة تصرفاته على ابنته، فهو لا يتورع عن فعل أى شيء أمامها، حتى لو أراد أن يمارس حقه الشرعي!

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، وإنما سرقنى مرات عديدة، حيث اختفت من الشقة أشياء ثمينة من الذهب الذى اشتريته بمالي، وأيضا مبالغ مالية ادخرتها لوقت الشدة، فمرتبى ليس كبيرا، وأعمل فى الحكومة ولا يعقل أبدا أن أفتقد الأمان فى بيتي.. ولم أجد بدا من أن أنتقل إلى شقة أخري، واستأجرنا شقة جديدة لكن الحال لم تتغير. وكل ما حدث أننا غيّرنا المنطقة، أما أوضاعه فظلت كما هى بالنسبة لعمله وبيته الثاني، وأهله وأصدقائه. وهو حتى الآن لم يأخذ مفتاحا للشقة فمفاتيحها معي، لكنه إذا أراد أن يستولى على شئ فى أثناء وجودى بالعمل فسوف يستخرج مفتاحا جديدا. وبصراحة فإننى أبحث عن «مفتاح آمن» بحيث لا يستطيع أن يدخل الشقة فى عدم وجودي، وأخشى أن يثور ضدى ويقتلنى إذا فعلت ذلك.. كما أننى لم أعد أتحمل هذا العذاب، وأخاف أن أطلب الخلع فتضيع حقوقى ولا يتركنى فى حالي.

إن زوجى مثل كثيرين من الشباب وقع فى «بئر الأوهام» بأن المنشطات تمنحه متعة ولذة، وهذا غير صحيح، فهى تفسد حياة الأزواج والزوجات، وقد تنبهت الدول الأجنبية لهذا الخطر، فلا تسمح بصرف الأدوية والمنشطات إلا بموحب «روشتات طبية»، ومن الأسباب المهمة أيضا لتقنين تداولها هناك هو أن لها تأثيرا سلبيا على الأجنة، فقد يولد الأطفال فى حالة تشوه بسببها، إلى جانب أنها تدفع من يتعاطاها إلى السلوك العدواني، وما أكثر الأمثلة على النتائج الوخيمة المترتبة على متعاطيها، وقد تابعت كثيرا من الحالات الصعبة لزوجات قدرهن أنهن تزوجن من رجال مهووسين بالبحث عن منشطات جديدة، فهذه سيدة عادت إلى أسرتها عدة مرات فارة من عنف زوجها، وقد توسط الجيران لإعادتها إليه من أجل أطفالها، فلم تكتمل تلك الليلة حتى ذبحها زوجها وفر بأولادها، وكم من عروس نفرت من زوجها بعدما عانت فى أولى ليالى العرس من تأثير هذه المواد.

.. المسألة جادة وخطيرة، ويجب أن نناقشها بعقلانية، فهذه المشكلة صارت ظاهرة واضحة، وتعرض كثيرا من البيوت للخراب بسبب التكتم الشديد عليها، وإننى من واقع ما عايشته كطبيبة أقول إن الأمر خطير، ولكنى عاجزة عن اتخاذ قرار بشأن حياتي، فكيف السبيل إلى حياة آمنة مستقرة، يدرك فيها زوجى ما له من حقوق، وما عليه من واجبات، ويعدل بينى وبين زوجته الأولي، ويكون عنوانها الصراحة والوضوح؟.. وإذا لم يلتزم بذلك، هل أطلب الطلاق؟.. وكيف أحصل على حقوقى منه إذا لم يطلقنى أو اتهمتى بأننى «ناشز» كما يقول كذبا عني؟.. إننى فى حيرة من أمرى فبماذا تنصحني؟..

ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

من نقطة البداية يتحدد المسار، فعندما تكون الخطوة الأولى خاطئة يصبح كل ما يتلوها من خطوات فى دائرة الخطأ، ويكون من الصعب التراجع عنها، أو تدارك السلبيات التى أحاطت بها، وهذا هو ما حدث معك منذ أن رأيت إعلانا حول تيسير الزواج فى أحد المساجد فانسقت إليه دون ترو، واخترت من جذبك مظهره الخارجى، ولم تتحرى الدقة فى السؤال عنه، بل إن أباك تجاهل هذه المسألة تماما، بحجة انشغاله بأمور أخرى وكأنه أراد تزويجك حتى لا يفوتك قطار الزواج.. فهكذا يلجأ الكثيرون الى تزويج بناتهم من باب «سد خانة»، لكى لا يقال إن ابنتهم «عانس».. وهى فكرة مدمرة تماما وتعد السبب الرئيسى فى زيادة نسبة الطلاق التى وصلت بين المتزوجين حديثا الى ما يقرب من خمسين بالمائة، وقد تماديت فى تجاهل أمور مهمة ساهمت فى استفحال مشكلاتكما الزوجية، إذ اكتشفت أنه يكذب عليك فيما يتعلق بوظيفته، وأثاث الشقة، وزوجته الأولي، فبالنسبة للوظيفة كان بإمكانه أن يخبرك بالحقيقة فهو حاصل على مؤهل عال، ولكنه لم يجد وظيفة مستقرة إلا بشهادة الإعدادية مثلا فعمل بها انتظارا لأن يتحسن وضعه ولو بعد حين، فما الذى يضيره لو أخبرك بالحقيقة؟ هو خشى ألا توافقى عليه، ولذلك ادعى كذبا أنه يعمل محاسبا بالجهة نفسها، وكذلك فعل أيضا مع زوجته الأولى وهى طبيبة أيضا، ثم كذب من جديد فقال لك إنه طلقها وله منها ولد مريض، ولم تجدى الأثاث الذى اتفقتما عليه، ألم يكن كل ذلك كافيا لأن تعيدى حساباتك معه، وتضعى النقاط على الحروف قبل الإنجاب؟

ان استمرار تجاهلك ما يرتكبه زوجك من حماقات، هو الذى يدفعه الى التمادى فيما يفعله، فأنت تظنين أنك لو فاتحته فى مسألة زواجه من أخرى سيكون ذلك مبررا كافيا لأن يبتعد عنك تماما، وذريعة لاختفائه معظم الوقت، وهذا تفكير خاطئ بكل تأكيد، فالسلبية لن تفيدك، بل إنها تدفعه الى ارتكاب المزيد من الأخطاء، بدليل أنه لجأ الى تعاطى المنشطات التى يظن أنها تكسبه قوة، جاهلا أو متجاهلا أنه يلقى بنفسه الى التهلكة، فالأدوية يصفها الأطباء للمرضي، ومنها هذا النوع الذى يضر من يتعاطاه دون استشارة الطبيب، كما أن جسم الإنسان له قدرة محددة على احتمال أى دواء، فإذا أخذ جرعة تزيد على الجرعة الموصوفة له، تصبح حياته فى خطر، وقد يلقى حتفه فجأة حتى لو صور له خياله المريض أنه قوى البنية، وأنت طبيبة وتعلمين الكثير من هذه الناحية، فلماذا لم تشرحى له أضرار ما يفعل؟..

واننى أتعجب من تفكيرك فى البحث عن «مفتاح أمان» للشقة التى تسكنون فيها ولا تبحثى عن «مفتاح أمان» يكفل لك حياة مستقرة؟.. ثم بماذا بررت له أنك لم تعطه مفتاحا للشقة؟.. أليس زوجك ومن حقه أن يدخل ويخرج وقتما يشاء، ويكون على علم بكل كبيرة وصغيرة بالمنزل، وأنت كذلك.. ثم إذا أراد أن يعود الى المنزل فى أى وقت ولم يجدك.. ماذا يفعل؟.. هل يجلس على الباب فى انتظارك؟.. إن هناك نقاطا عديدة فى حياتكما تحتاج الى تفسير، ومكاشفة، ولا سبيل الى حلها إلا بأن تجلسا معا جلسة محددة وقاطعة تضعان فيها كل أوراقكما على «طاولة المناقشة»، وتفنداها ورقة ورقة، وتصلان الى حل نهائى بشأن كل منها، ومن ثم مسار حياتكما، فإذا توصلتما الى ما يرضيكما، فسوف تنعمان بالهدوء والاستقرار، وان اختلفتما فسيكون وقتها لكل حادث حديث.

والى أن تعقدا هذه الجلسة التى يجب أن يتفهمها زوجك، أدعوكما الى الاجتهاد فى ستر مشكلاتكما، فلا تخرج الى الأهل والجيران، ومن الأفضل أن تصطنعى السعادة أمام الآخرين فيشعرون بأن الأمور قد تغيرت، فيبتعد عنكم من يتربصون بكم شرا، وعليه أن يكف عن فضح أسرار بيته إلى صديقه أو غيره، فمعظم النار من مستصغر الشرر.

وأحسب أنه يعانى خطأ فى التصور هو الذى أدى به الى خلل سلوكه معك، فلقد نظر اليك باعتبارك ملكا له، ولست انسانة تتفاعلين معه وفقا لموقفه منك، وربما يكون قد فهم معنى القوامة فهما غير صحيح مثل كثيرين غيره، فقوامة الرجل على المرأة لا تعنى التسلط والقهر، وإنما هى تكليف إلهى له بحسن إدارة المنزل للوصول به الى بر الأمان، وبقدر مهارته وقدرته على ذلك يكون تماسك أسرته وبقاؤها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشاور نساءه ويداعبهن، ولم يقلل ذلك من قوامته، وقال «النساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم»، أما كيفيتها فنجدها فى قوله «خيركم، خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي»، وهذا المنهج النبوى لم يلتزم به زوجك معك، بل ان رغبته فى تملكك مغلفة بمشاعر الحب، وهى نرجسية شديدة منه، فكل همه أن يشكل حياتك فى القالب الذى يختاره لك، ويغيره وقتما يريد، وكلما مرت الأيام وهو على هذه الحال، سوف يزداد أنانية وقسوة، ومن هنا لا بديل عن أسلوب مشترك بينكما فى التواصل والتغلب على المشكلات الطارئة، أولا بأول.

أما عن جفاف المشاعر، وتحول العلاقة الخاصة بينكما الى علاقة آلية كلها ألم، فإن لذلك أسبابا كثيرة أبرزها الاختيار الخاطئ له منذ البداية، ثم انطفاء جذوة العاطفة بينكما تدريجيا، وإيثار زوجك نفسه وانشغاله بعمله وأصدقائه وأهله، وزوجته الأولي، واستهانته بأهلك، وأقاربك، ولجوئه الى التفوه بألفاظ بذيئة وضربك، وتحريض ابنتكما على مناداتك بـ«المجنونة» غير مدرك العواقب الوخيمة التى ستنعكس على ابنته بعد أن تكبر، اذ ستكرر صنيعه، وستخزن فى عقلها الباطن كل ما رأته من سلوكيات مرفوضة من جانب أبويها، وعلى جانب آخر فإنك فقدت الثقة فيه، ولا تحدثيه عن أى أمر من أمور البيت، وصارت حياتك معه «مراقبة وترقبا»، مراقبة تصرفاته، وترقب رد فعله تجاهك، وبالطبع لا تستقيم أى حياة على هذا النحو.

إن الحياة الزوجية مشاركة بين اثنين، ويجب أن يسودها الحب، وعلى الزوج أن يقدر زوجته، وعليها هى الأخرى أن تكون عند ظنه بها، فلقد حدثنا الأصمعى عن امرأة فى يدها اليمنى مسبحة تسبح الله وتذكره بها، وفى يديها اليسرى كحل تكحل به عينيها، وعندما سئلت: كيف توفق بين هذا وذاك، قالت:

ولله منى جانب لا أضيعه

وللهو منى والبطالة جانب

وعلق الأصمعى على موقفها بقوله «إنها امرأة صالحة تتزين لزوجها» بمعنى أنها تطيع الله فتذكره، وتطيع زوجها فتتزين له، واذا كانت هذه حالها فيجب أن يكون زوجها عند ظنها هى الأخرى به، فلا يقسو عليها أو يحملها فوق طاقتها، أو يؤذيها، وإنما يتخير الأوقات المناسبة لكى تقبل على العلاقة الزوجية ولا تنفر منها.

والحقيقة أن الخلاف بين كل زوجين أمر واقع، فمن الذى يخلو من الأخطاء والعيوب؟.. لكن هناك فارقا بين العتاب وتصحيح الخطأ، وبين القسوة وجفاف المشاعر، فلنبادر جميعا بتصويب أوضاعنا، وإننى أدعوكما للنظر الى الايجابيات المشتركة بينكما، والنقاش المتحضر للمسائل الخلافية والتسامح، والابتعاد عن الحرب الباردة، والتحكم والسيطرة، وأن تجعلا السعادة هدفكما، فإذا توصلتما الى ذلك بالحوار الهادئ الإلحاحى الذى يؤكد أن حبكما كامن فى صدريكما، وأنه لا يستطيع كل منكما الاستغناء عن الآخر، فلتواصلا مشوار الحياة على أساس واضح وشفاف يكف فيه زوجك عن تعاطى المواد التى يتعاطاها، ويشرح لك فى وضوح كل ما يتعلق بحياته مع زوجته الأولى وعمله، بل ويمد جسور المودة بينك وبينها حتى ينشأ أبناؤكما فى أسرة مستقرة ويتواصلون معا، فهم فى النهاية اخوة من أب واحد، واذا استمر فى غموضه فلا بديل عن الطلاق أو حتى الخلع، والقانون يحفظ حقوق الأبناء، ووقتها سوف يهيئ الله لك الأمر مادمت لم ترتكبى خطأ ولا جريرة فى حقه، والله المستعان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أم البنات
مشرفة
مشرفة
أم البنات

انثى
عدد الرسائل : 9513
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 210
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 Unknow10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 8010
نقاط : 19671
ترشيحات : 44
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 333310

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 I_icon_minitime23/12/2015, 21:35

بريد الجمعة يكتبه : أحـمـد البـرى
البركان الصامت!


بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 2015-635859883451602612-160

تعرضت فى حياتى لهزات عنيفة، ورضيت بأقداري، وكنت فى كل مرة أواجه فيها أزمة أو مشكلة أعقد العزم على عدم اليأس والتمسك بالأمل الذى تبثه فى نفوس قرائك عبر بريدك الشهير،
ولكن فى الأزمة الأخيرة وجدتنى فى حيرة ماذا أفعل؟ وكيف أتغلب عليها؟ وماهو السبيل إلى أن أواصل حياتى بنفس المنهج الذى سرت عليه، وأنا فى هذه المرحلة من العمر، فأنا رجل فى سن الخامسة والخمسين، أشغل مركزا مرموقا بهيئة كبري، نشأت فى أسرة متوسطة لأبوين مكافحين وعشنا حياة مستقرة، وبعد تخرجى فى الجامعة، والتحاقى بالهيئة التى أعمل فيها حتى الآن، جذبتنى فتاة قريبة منى فى السن، وعرفت أنها تعيش فى المنطقة التى نقطن بها، فالتقيتها وعرضت عليها رغبتى فى الزواج منها، فسكتت، وعرفت أن سكوتها علامة الرضا كما يقولون، وأسرعت إلى أبوىّ وحدثتهما بشأنها، فأثنيا على اختياري، ووافق أهلها على ارتباطى بها، وتزوجنا فى حفل بسيط وجميل، وبدأنا حياتنا معا فى حب وتعاون وإيثار، وأنجبنا ولدا ثم بنتا، وسعدنا بهما، وأفاء الله علىّ من فضله فادخرت مبلغا من المال وإشتريت قطعة أرض فى إحدى المناطق الشعبية بالقاهرة وهى قريبة من منزلي، وذات يوم شعرت زوجتى بآلام شديدة، فأسرعت بها إلى الطبيب فأجرى لها تحاليل وأشعات أظهرت إصابتها بالمرض اللعين، فمادت الأرض بي، وساءت حالتى النفسية، واضطربت أحوالى فى العمل، وصار شغلى الشاغل أن أجد لها علاجا، وكلما نظرت إليها تنهمر دموعى فتربت على كتفي، وتقول: «الحمد لله.. كل اللى ربنا بيجيبه كويس»، وأشعر وقتها أنها ترى شيئا لا أراه، وأن نقاءها وسلامة سريرتها هما زادها فى الدنيا، وذخرها فى الآخرة.. نعم هذا هو الإحساس الذى كنت أشعر به، وهى على فراش المرض، وبرغم آلامها الرهيبة، لم تغادر الابتسامة شفتيها، وظلت على هذه الحال أربع سنوات ونصف السنة، ثم لقيت وجه ربها راضية مرضية، وخيم الحزن على المنزل، وصار كل همى أن أنتشل إبنّى من بئر الأحزان، فكنت أصحو مبكرا أعد لهما طعام الإفطار، وأذهب بهما إلى المدرسة، ثم اتجه إلى عملي، وأظل أتابعهما بالهاتف، إلى أن يعودا مع سائق أتوبيس المدرسة وأرجع مسرعا بعد انتهاء عملي، لكى نتناول معا طعام الغداء، ثم أرتب البيت، وأستذكر معهما بعض الدروس، وقد اعتمدنا على الوجبات الجاهزة، إذ يصعب عليّ طهى الطعام، وليس لدى وقت ولا معرفة بشئون المطبخ،

وجاءنى أهلي، وأشاروا عليّ بالزواج، وأرشدونى إلى أرملة شابة لديها طفل، وتوفى زوجها فى حادث سيارة، وهى تصغرنى بخمس سنوات، وتعمل فى شركة كبري، ورتبوا للقاء بيننا فى بيت أسرتها، فارتاح كل منا للآخر، وعاهدتها أن أكون أبا لابنها، ووعدتنى أن تكون أما لإبنىّ، وانتقلت إلى بيتي، وبدأنا حياتنا معا، ومضت الفترة الأولى لزواجنا هادئة وأنجبت منها ولدا وبنتا، ثم بدأت متاعبى معها تدريجيا، إذ طالبتنى بأن ننتقل إلى شقة جديدة، تليق بها وبمركزها وانها لن تعيش معى فى هذا «البيت الشعبي»، فشرحت لها الأمر، وقلت إن هذه المنطقة أفضل من غيرها، وأننى لا أملك ثمن شقة جديدة، فى حى راق، فأشارت عليّ ببيع قطعة الأرض التى اشتريتها قبل زواجى بها، وبالفعل ذهبت إلى المنطقة التى تقع بها الأرض، فوجدت مجموعة من البلطجية قد استولوا عليها فى ظل حالة الانفلات الأمني، وأن استعادتها منهم سوف تستغرق وقتا طويلا، وجهدا مضنيا، ومن الأفضل أن أنتظر بعض الوقت لكى تهدأ الأوضاع، وبعدها سوف يكون باستطاعتى أن أوفر طلبها، ورجوتها أن تهدأ، وأن تدرك أن نعم الله علينا كثيرة، واننا فى وضع أفضل من معظم الأهل والجيران، فردت عليّ بحدة «إن وجودى فى هذه المنطقة أضاع عليّ فرصا كثيرة فى الترقى بالعمل»! وتعجبت لقولها فالمنطقة التى تتحدث عنها بها قصر رئاسى ومبان مهمة لجهات كبري، ولسنا نعيش فى أوكار للمخدرات، أو البلطجية مثلا، وعلت نبرة صوتها فى الحديث أمام الأولاد، ولكى لا تتطور الأمور بيننا طلبت منها تأجيل النقاش إلى وقت آخر، وعرضت قطعة الأرض للبيع، وأنذرت البلطجية بالابتعاد عنها، وجاءت عروض لشرائها بأقل من ثمنها، فبعتها حتى أتخلص من «وجع الدماغ» من ناحية نتيجة التعدى المستمر عليها، ولكى ألبى رغبة زوجتى فى الشقة الجديدة من ناحية أخري، وفرحت زوجتى بهذه الخطوة، وانتقلنا إلى شقة جديدة فى حى آخر، وأغلقت بيتى القديم، ومضت الأمور على ما يرام، وواصلت عملى إلى أوقات متأخرة من الليل أملا فى مبلغ إضافى يعيننى على متاعب الحياة، أما هى وبرغم أن مرتبها يزيد على مرتبى كثيرا، فلم تصرف مليما واحدا فى البيت، ولا أعرف عن دخلها وأموالها شيئا، ومنعنى حيائى من أن أطلب منها أن تساعدنى فى مصاريف المعيشة بجزء من مرتبها الكبير، وعاش ابنها معنا كأنه ابني، وربطتنى به علاقة أبوة كما عاهدتها من قبل، أما هى فليست علاقتها بابنيّ بنفس الدرجة من الحب، ولم تدرك أن أمهما ماتت، وأنها «الأم البديلة» وكم من أمهات بديلات أدين واجبهن نحو أبناء أزواجهن، وعاملنهم بما يرضى الله.. وكتمت «بركان الحزن» داخلى لكى أحافظ على حياتنا، ولما وصل ابن زوجتى إلى الثانوية العامة، حدثتنى عن أن أباها يريده أن يعيش معه وأنه جهّز شقة له فى بيته، وقالت إن ابنها لديه رغبة فى الانتقال إلى بيت جده، فسألتها إن كان هناك شئ قد ضايقه منا، فأكدت لى أنها رغبته، وغادر شقتنا، وسط حزن أخويه وابنىّ اللذين ارتبطا به كأخ لهما عاش معهما سنوات طويلة، ثم حدث ما لم أتوقعه، إذ بدأت زوجتى فى الذهاب إلى بيت ابيها كثيرا، وقد تبيت فيه عدة أيام بحجة الاطمئنان على إبنها، وصار هذا هو نمط حياتنا، أيام هنا.. وأيام هناك.. وبالطبع لم يعد لديها وقت لأعمال المنزل، فأصبحت أؤديها بدلا منها، مستعيدا الأيام الحزينة عندما قمت بالمهمة نفسها حينما مرضت زوجتى الراحلة وبعد وفاتها، وتخرج ابنى الأكبر وعمل فى جهة سيادية، وخطب بنتا لأحد معارفنا، وفى يوم الزفاف تعمدت زوجتى ألا تحضر بحجة أن أباها مريض، ولم تحضر الفرح، وكررت الأمر نفسه مع ابنتى من زوجتى الراحلة، ولم تفكر فى إهدائها أى مبلغ مساهمة فى زواجها، كل هذا وأنا صامت، وقد تتعجب من تصرفاتى لكننى لا أقول لك سوى الحقيقة التى عشتها ومازلت أعيشها، ولا أجد لها تفسيرا، فبعد أن خلا البيت من ابنيّ من زوجتى الراحلة، تصورت أنها ستهدأ وتستقر، فلم يعد معنا سوى ابنينا، لكنها على العكس، صارت أكثر غموضا وعصبية، فتأتى من العمل لتستريح بعض الوقت، ثم تجلس أمام التليفزيون وهى تحتسى فنجان القهوة أو الشاى إلى أن يحل موعد النوم، وربما تقضى ليلتها فى مكانها، أما طلبات ابنينا فلا مكان لها فى أجندتها، وأما الطعام فهى تتناول الوجبة الرئيسية خارج البيت، أما بقية الوجبات فتنحصر فى الأغذية المعلبة والمحفوظة، وإذا طلب منها أحدهما أن تعد طعاما لنا، تثور ضده، وقد واجهتها بما تفعله، فتفوهت بألفاظ أعف عن ذكرها ثم تقول: «طلقني»، فألقيت عليها يمين الطلاق وأنا فى غاية الانفعال والضيق من أفعالها وأقوالها، ثم ساد الصمت أرجاء البيت، وظلت ثلاث ساعات فى مكانها، وكنت وقتها قد هدأت بعض الشئ، فقلت لها: علينا أن نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وأرجو أن تلتزمى بالشرع والدين بأن تظلى فى البيت ولا تغادريه، ومادامت هذه هى الطلقة الأولى التى نطقت بها فى لحظة غضب، فإنها لن تؤثر على حياتنا وبيتنا، وعلينا أن نصحح مسارنا بعد أن ضللنا الطريق، لكنها كانت قد اتخذت قرارها، وذهبت إلى بيت أبيها، وبعد يومين اتصلت بها، فلم ترد، فاتصلت بشقيقها، ففاجأنى بأنها عند ابنها فى شقته الجديدة!!.. وهنا أدركت أن كل ما فعلته هو تمهيد لأن تشترى لابنها شقة باسمه من مالها، ولا أدرى لماذا لم تكن واضحة معى فى هذا الشأن وغيره، ووجدتنى أتصل بابنها وأسأله عنها، فردّ عليّ «مالكش فيها»! ثم أغلق الهاتف، فلجأت إلى خالها الذى عاود الاتصال بي، وأبلغنى أنها مصرة على اتمام الطلاق، ومرت أيام عصيبة وقد انقلب البيت رأسا على عقب، ثم جاءت من تلقاء نفسها، وتصورت أنها راجعت موقفها، وجلست معها، وابنانا إلى جوارها، وتحدثت بشكل عادي، واستمرت طول اليوم معنا، ثم خرجت على وعد بأنها سوف تجىء مرة أخري، وغابت من جديد فاتصلت بشقيقها فقال لى إنها مازالت مصممة على الطلاق، وانها سوف «تبريني» من كل شئ، وما تريده هو أن تكون هناك وسيلة بيننا للإطمئنان على إبنيها، فازددت حسرة وألما على موقفها، إذ لم أرتكب فى حقها خطأ واحدا، واحتفظت فى داخلى بالبركان الصامت، الذى لم ينفجر حتى الآن، وكل ما فعلته إزاء انسلاخها الغريب من حياتنا، وتطاولها المهين عليّ أن نطقت بكلمة «الطلاق»، ومازالت أمامنا فرصة لاصلاح ما فسد من علاقتنا، لكنها تلاعبنى بهذه الطريقة التى أحدثك بشأنها، ثم كان اتصالى الأخير بخالها الذى أبلغنى أنه فى زيارة إلى قريته مسقط رأسه حيث يعيش أهله بها، وأنه سيزورها ويحسم الأمر معها، ومن الواضح أن سلسلة «المماطلات» معها لن تنتهي، ولا أدرى ماذا أفعل؟ فكل الأحداث تشير إلى أن حياتنا معا أصبحت مستحيلة، وحتى لو استجابت وعادت إليّ بضغوط من أهلها فسوف تعاود ما دأبت عليه من تطاول وإهمال لى وللأولاد، كما أننى فى حاجة إلى زوجة وأم لطفلىّ وأخشى أن أتزوج من واحدة تكرر ما صنعته زوجتى الثانية بابنيّ من زوجتى الراحلة، بل ومع ولديها أيضا، ترى بماذا تنصحنى لكى أتخلص من العذاب الذى أعيشه؟

ولكاتب هذه الرسالة أقول:

خطأ البداية يجر خلفه أخطاء كثيرة تتراكم فوق بعضها الى أن تتعاظم ويصبح من الصعب السيطرة عليها، فتنفجر مخلفة وراءها خسائر جمة تنعكس آثارها على الأسرة، والخطأ الذى وقعتما فيه منذ ارتباطكما، هو أنك كنت تريد الزواج بأى شكل لتعويض احتياجاتك النفسية والجسدية، بعد معاناتك مع مرض زوجتك الراحلة أربع سنوات ونصف السنة، ثم رحيلها وقيامك برعاية أبنيك منها، والسهر على راحتهما، ومتابعة كل كبيرة وصغيرة فى حياتهما، أما هى فكانت تسعى الى الزواج طلبا لرجل تستند إليه، ويعوضها عن رحيل زوجها المفاجئ فى حادث مرور، فلما تقدمت اليها طالبا الزواج بها، وافقت على الفور، وهكذا أكدت لكما الشواهد المبدئية أن كل شيء تمام، وأخفى كل منكما عن الآخر بعض الجوانب الضرورية التى يتعين أن يكون الزوجان على علم بها قبل الارتباط، خصوصا فى حالتكما، مثل وضع ابنها، ووضع ابنيك، من حيث المصاريف والذمة المالية، فالواضح من كلامك أنها لم تنفق مليما واحدا على الأسرة، فهل معنى ذلك أنك كنت تصرف على ابنها حتى رحيله عنكم، ثم ألم تحدثها عن هذه المشكلة، وماذا كان رد فعلها؟.. لقد تجاهلت الحديث عن هذه النقطة المهمة وأحسب أن مشكلاتكما بدأت منها، إذ ما الذى يجعل والدها يقول لك: إنه سيأخذ ابنها ليقيم معه فى شقة خاصة به، إلا اذا كان قد حدث لغط بينكما بشأنه؟ فأحست هى أنك تبيت النية على طرده من البيت أو على الأقل لا ترغب فى وجوده معكم، خصوصا أنها لا تساعدك فى مصروفات الأسرة، ولذلك فكرت فى أن تكون له حياته الخاصة به، خطوة خطوة، فأقام مع جده الى أن تخرج، ثم اشترت شقة لتكون عش الزوجية له، علاوة على بيت والده الذى سيئول إليه بالميراث، ثم أرادت أن ترد لك الصاع صاعين، فامتنعت تدريجيا عن خدمة ابنيك، بل وافتعال المواقف التى تجعلها بعيدة عن مناسبات خطبتهما وزفافهما، بأنها ستزور أسرتها عدة أيام لمرض أبيها أو أى سبب آخر، ثم شيئا فشيئا تفجر «البركان الصامت» من جانبك، فألقيت عليها يمين الطلاق عندما تمادت فى المعاملة القاسية لك، وتجاهل ابنيك من زوجتك الراحلة الى هذا الحد الذى جعلهما يكرهانها، ولم ينحصر الخطر فى ذلك فقط، وإنما امتد الى ابنيك منها اللذين تستخدمهما ورقة ضغط عليها.

والحقيقة أن كليكما ابتعد عن الطريق الصحيح لمعالجة المشكلات التى تقع عادة بين الأزواج والزوجات، فحينما يواجه أى منا مشكلة، فإنه يقع تحت تأثير حالة من التوتر والاضطراب، وهذا أمر طبيعي، ولكن حين يريد تحديد موقفه منها، والتعامل معها، يجب عليه أن يهدأ تماما الى أن يستعيد توازنه العقلى والنفسى للوصول الى حل مناسب، فالعجلة فى تناول المشكلات الزوجية تزيدها تعقيدا، وتدفعها نحو الأسوأ، والأفضل دائما لكل زوج وكل زوجة، ترك التفكير فيها لفترة يرتاح فيها مما يساعده على تخيل آفاق جديدة لاستعادة الوفاق والتغلب على العقبات، إذن المسألة برمتها تقتضى التفكير بالعقل، وليس التفكير بالأمنيات والمخاوف، فالحكمة فى التصرف من جانب طرف تجعل الطرف الآخر يعيد حساباته، ويدرك أنه أخطأ فى حق شريك حياته، فيحاول استمالته ويصل الاثنان إلى أرضية مشتركة بينهما تعيدهما الى جادة الصواب.

وهناك نقطة مهمة تكشفها قصتكما وهى جفاف المشاعر بين الأزواج، فتفكير زوجتك المستمر فى عملها والترقى فيه، وربطه بأنها تعيش فى منطقة معينة مع خطأ هذا التصور بالطبع، ثم محاولتك استعادتها مما يشغلها عنك وعن البيت والأولاد.. وغير ذلك من العوامل الحياتية أوجدت لدى كل منكما مشاعر سلبية تجاه الآخر، وأثرت هذه المشاعر على المشاعر الإيجابية بينكما، فغابت السعادة عن البيت كله، فالإجهاد النفسى له دور مهم فى تقلب مشاعركما، وإقامة جبل من الجليد يقف حاجزا بين قلبيكما، كما أسهم فى جفاف علاقتكما كثرة شكواها من الحياة معك، وقلة ذات يدك، وإصرارها على أن تشترى شقة فى مكان آخر يناسبها دون أن تساعدك بأى مبلغ وهى التى تتقاضى مرتبا كبيرا، إلى جانب الشجارات المستمرة أمام الأبناء الذين تشتتوا وانشغل فكرهم بخلافاتكما، وأحسب أن هذه النقطة الخطيرة سوف تنعكس سلبيا على ابنيكما الصغيرين فيما بعد اذا لم تسرعا بعلاج جذرى يضع حدا لأزمتكما الأسرية.

وإنى استغرب أن يكون لديكما المال والأبناء، ثم تختلقان المشكلات بينكما على هذا النحو الذى تسرده، فلتعلم زوجتك أن السعادة فى القناعة، فكم من امرأة حرمت نفسها من السعادة الزوجية، لأنها تشغل نفسها بالنظر الى ما عند الآخرين، وتكثر مطالبها من زوجها بتوفير ما تراه هنا وهناك مما لا ضرورة له ولا حاجة، مثل حكاية الشقة فى مكان راق، مع أنها تعلم أنه يتعذر عليك ذلك، فزوجتك لم تساعدك بما لديها من أموال كثيرة، ولو نظرت بعين الانصاف لرأت جوانب كثيرة مشرقة فى حياتها، وهى كفيلة بإسعادها لو قنعت بمعيشتها، ورضيت بما أتاها الله من فضله، ولقد كانت المرأة قديما تقف على عتبة بابها حينما يخرج زوجها الى عمله فتقول له: «اتق الله فينا، إياك أن تأتينا بشيء من الحرام، فإننا نستطيع الصبر على الجوع، ولا نستطيع الصبر على النار»، فليس السعيد هو الذى ينال كل ما يرغب، لأن رغبات الإنسان لا تنتهي، فيظل يتمنى الى أن ينزل قبره، وانما السعيد هو القنوع والراضى بما قسمه الله له، وفى ذلك يقول الشاعر:

إذا اجتمع الإسلام والقوت للفتي

وكان صحيحا جسمه وهو فى أمن

فقد ملك الدنيا جميعا وحازها

وحق عليه الشكر لله ذى المن

وأحسب أن أمامكما خطوة واحدة لاستعادة حياتكما، وإلا فالطلاق هو الحل النهائى لكما، وهذه الخطوة تتمثل من جانبك فى نسيان ما فات، وعدم التطلع الى مال زوجتك بأى حال، فيكون لها القرار إن شاءت ساهمت فى المعيشة، وإن شاءت احتفظت بمالها لنفسها، ولا تعقد مقارنة بين ابنها من زوجها الأول وابنيها منك، فاليتيم له ظروف خاصة، ولديه مستحقات ورثها عن أبيه، وإنما ركز حياتك فى أنك أنت المسئول عنها وعن ابنيك منها، أما هى فعليها أن تتقبلك على ما أنت عليه، فلا تلجأ إلى أسلوب النقد ظنا منها أنه أسلوب مفيد فى ترويض الزوج، فالحقيقة أن كثرة النقد تولد العناد والإصرار على الخطأ ـ إن كان خطأ ـ فكيف يكون الوضع اذا كان الزوج يرى أن أسلوبه فى الحياة هو الأصوب؟

ولما كانت الخلافات الأسرية أمرا طبيعيا فإنها يجب ألا توسع رقعة مشكلاتكما حتى لا تصل إلى المرحلة التى تستحيل معها العشرة بينكما، ولتكن لبقة عندما تطلب منك شيئا، ولتكن أنت أيضا كذلك، ولا تضخما التوافه، وعليها أن تقوم ببعض الأعمال المنزلية بنفسها، لا أن تتبع أسلوب «التيك أواي» فى كل وجبة، أو أن تستعين بمن يقوم عنها بأعمال المنزل، فلقد أثبتت دراسة مهمة أن غسل أدوات المطبخ يقضى على القلق عند الزوجة، ويعمل على تحسين حالتها النفسية، وقد تبين أن تسعين بالمائة ممن شملتهن الدراسة قد شعرن بمزاج عال وحالة معنوية مرتفعة بعد أداء الواجب المنزلي، وأن العلاقة بين العمل المنزلى والاسترخاء النفسى تكمن فى محاولة الخروج من الدائرة المغلقة التى يدخلن فيها نتيجة تولد شعور القلق لديهن، وبالتالى يتم كسر هذه الدائرة بعمل ايجابي، فبرغم أن عملية غسل الأطباق آلية لا ابتكار فيها إلا أنها مفيدة من الناحية النفسية، وهذا يؤكد أن انخراط الزوجة فى أعمال مملكتها الصغيرة يزيدها تمسكا بالبيت، فلا تتسرب إليها هواجس الطلاق الذى تكون عواقبه وخيمة، فإذا رفضت زوجتك العودة الى بيتها وأصرت على الطلاق، أو أنها عادت إليك لفترة ثم سلكت نفس المنهج الذى تسير عليه الآن، فإن الانفصال هو الحل النهائي، وليغن الله كلا منكما، حيث يقول تعالى «وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته»، ولتتمهل فى اختيارك الزوجة الجديدة، والله المستعان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أم البنات
مشرفة
مشرفة
أم البنات

انثى
عدد الرسائل : 9513
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 210
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 Unknow10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 8010
نقاط : 19671
ترشيحات : 44
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 333310

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 I_icon_minitime23/12/2015, 21:40

«نوَّارة» العائلة


أنا شاب عمرى ستة وثلاثون عاما، نشأت فى قرية صغيرة فى محافظة الدقهلية، وكان والدى فلاحا يمتلك قطعة أرض صغيرة، وبيتا ريفيا بسيطا, ولى سبعة أشقاء «خمسة أولاد وبنتان»،
وبرغم ضيق ذات اليد، فإنه أصر على تعليمنا، ورفض أن يخرج أحدنا لمساعدته فى الزراعة، وأنا ترتيبى الرابع فى الأولاد، ولم ألتحق بأى دروس خصوصية، وكان الجميع يحسدون والدى علينا ويضربون بنا المثل فى الأدب والتدين والتفوق، وكانت أمى تساعد أبى فى الحقل، وكم كان سعيدا بى عندما ألحقونى بمسابقات أوائل الطلبة، ولما دخلت الصف الأول الثانوي، فوجئت عند عودتى من المدرسة ذات يوم بوجود عدد كبير من أهل القرية فى البيت، وكانت الصدمة القاسية أنه مات، وسقطت أمى على الأرض مغشيا عليها، ونقلوها الى المستشفي، وعشنا أياما يصعب وصفها، وبعد عودتها الى المنزل، كانت دائما تذكر اسم أبى وتقول «ياربى كيف سأدبر حال ثمانية أطفال»، فتجمعنا حولها، وأصبحنا يدا واحدة، نذهب الى مدارسنا فى الصباح، ونعمل معا فى فلاحة الأرض بعد الظهر، وفى المساء نذاكر دروسنا، وعندما ظهرت نتيجة الثانوية العامة حصلت على المركز الأول، وبكت أمى من الفرحة، والتحقت بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، وتخرجت فيها ثم تخرج إخوتى فى كليات أخري، وتزوجت البنتان، وجاءنى خطاب لتعيينى محاسبا فى المستشفى القريب من بلدتنا، ولكنى رفضته فى البداية، ثم نصحنى معارفى بقبوله ثم بعد فترة أقرر ما أشاء اذا جاءتنى فرصة أفضل، وبالفعل أحببت عملى وتمسكت به، وتزوج أخوتى الأكبر مني، ولما جاء دورى فى الزواج أشارت أمى علىّ بأن أتزوج ابنة خالتي، لكنى وجدتها غير مناسبة لى إذ أنها غير متعلمة من جهة، ولأن أباها تاجر كبير ومعروف من ناحية أخري، واذا تزوجتها سأعانى الأمرين لأنها أفضل منى ماديا.
وتصادف فى ذلك الوقت أننى تعرفت على فتاة متوسطة الجمال تعمل فى المستشفى وحاصلة على بكالوريوس تمريض، وشعرت نحوها بإحساس جميل، وتملك حبها قلبي، ووجدتها تبادلنى الإحساس نفسه، وتعلقت بها جدا، وصارت قصة حب معروفة للجميع، وأجدهم يتحدثون عنها فى محيط العمل وخارجه، ويقولون إنها أكبر منى بثلاث سنوات، وهى بالفعل كذلك، لكنى لم أشعر بهذا الفارق ولم أعطه أدنى اهتمام، وعندما فاتحت أمى فى الزواج منها، اشتعلت المشكلات فى بيتنا الهاديء، وثارت ضدى ثورة عارمة، وقالت لى إنها «ستغضب علىّ الى يوم الدين لو تزوجت هذه الفتاة»، ووقف الجميع فى صف أمي، واستنكروا أن أتزوج بممرضة أكبر مني، وأنا «نوارة العائلة» كما يقولون.

ودخلت معهم فى حرب صعبة دفاعا عن حبي، واستمررت شهورا بين «المحايلة»، والاقناع والبكاء لأمى الى أن ظفرت بموافقتها، وخطبت فتاتى وتزوجتها خلال أسبوع واحد فقط فى شقة بالبيت نفسه، ورزقنا الله بتوأم عمره الآن ثمانى سنوات، والحق أن زوجتى تحملت «مناوشات» أمي، وساندتنى ماديا، وشيئا فشيئا صارتا صديقتين، وشاء القدر أن أحصل على عقد عمل فى السعودية، وبعد فترة قصيرة جاءتنى زوجتى وابني، والتحقت هى بمستشفى شهير فى الرياض، وعملت أنا بشركة مقاولات، وسددت ديونى واشتريت منزلا مكونا من أربعة أدوار فى مدينة قريبة من قريتنا، وبعثت لأمى بتأشيرة حج وعمرة، ولك أن تتخيل اللحظة التى وقعت فيها عينا أمى على الكعبة، إذ راحت تبكى وهى تبتهل الى الله بالدعاء لنا، ودعت لزوجتى وقالت لها: انت ابنتي، وقد عمت الفرحة بيت العائلة، واننى من خلال رسالتى أقول لأمى «لقد أديت رسالتك نحونا على أكمل وجه، وربنا يعطيك الصحة والعافية»، وأقول لزوجتي: «أنت حياتي، جزاك الله خيرا عنا».. ولعل رسالتى تقرؤها كل أم فتترك ابنها يخطط حياته كما يريد، وشكرا لك.

ولكاتب هذه الرسالة أقول:

لقد عرفت الطريق الصحيح منذ البداية فساندك الله، وسدد خطاك على طريق الدراسة فالعمل، ثم الزواج والنجاح فى الحياة، وما اتخذته من منهج صحيح فى مسيرتك هو الذى ساعدك على تخطى الصعاب، إذ حرصت على الفوز بموافقة أمك على زواجك من الفتاة التى أحببتها، ولم تبال بكلام البعض عن فارق السن أو أنها تعمل ممرضة، فهذه «النظرة الخاطئة» تفسد كثيرا من الزيجات الناجحة، وأحسب أن إيمانك بقدراتك، وثقتك فيمن ارتبطت بها، وحرصك على التقارب المادى والثقافى والاجتماعى بينكما، هى أبرز العوامل التى هيأت لزيجتك النجاح، وإننى أحيى والدتك على كفاحها الرائع الذى تستحق عنه أن تكون أما مثالية، وليت الجميع يتخذون تجربتك الجميلة فى الزواج منهجا يسيرون عليه، وفقك الله وسدد خطاك.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كابتن أحمد منصور
مشرف
مشرف
كابتن أحمد منصور

ذكر
عدد الرسائل : 6488
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 210
بلد الإقامة : المدينة الفاضلة
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 Office10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 Bookwo11
نقاط : 17057
ترشيحات : 47
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 710

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 I_icon_minitime25/12/2015, 08:11

بريد الجمعة يكتبه : احـمد البـرى
التابوت الزجاجى !



بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 2015-635865908537249456-724

أكتب إليك لعلى أجد لديك ما يريح نفسى التى تألمت من العذاب الذى أعيشه، وروحى التى كدت أفقدها يأسا من الوصول إلى الحل الناجع لمشكلتي، فأنا سيدة فى سن الأربعين، نشأت فى بيئة متشددة، فكنت دائما أخشى الجنس الآخر، وأرفض أى علاقة عاطفية، وكم زجرت شبابا حاولوا الحديث معي، برغم أنه كلام عادى لمجرد التعارف،
واستقر فى عقلى ووجدانى أن الوحيد الذى يحق له أن أتحدث معه هو من سأرتبط به، فكان زوجى الذى لا أعرفه كل عالمي، وقد تخيلته كثيرا فى يقظتى وأحلامي، وتمنيت أن أتعب معه، وأؤازره فى جميع خطواته ليكون رجلا عظيما، فنبنى معا عشا هادئا يتحاكى به معارفنا وأصدقاؤنا، ومضت حياتى على هذه الوتيرة إلى أن تخرجت وقدمت أوراقى فى إحدى الجهات المعروفة، لكن أمى رأت أن تزوجنى ممن أختاره من بين كثيرين تقدموا لي، ومازلت أتذكر ما قالته لى بأن البنت التى تتزوج فى سن صغيرة تستطيع أن تقدم الكثير لزوجها وأسرتها، ومن ثم تستقر حياتها، وتنعم بالراحة والأمان، واحترت ماذا أفعل، وأنا لا أعرف شيئا عن أى منهم؟

وجاءتنى جدتى فى زيارة لنا، وجلست معى فترة طويلة، وانضمت إليها قريباتي، وأجمعن على أن آخذ من يحبني، وليس من أحبه، وأشرن عليّ بشاب بعينه، فوجدتنى أنساق إلى من رشحنه لي، وهو يقترب منى فى المستوى المادى والاجتماعي، فتزوجته، وهو يعمل فى وظيفة تدر عليه دخلا متوسطا، وصار أبوه هو ملاذنا عند الحاجة، إذ إن راتبه لا يكفينا، وقد رفض أن أعمل، وفضل أن أتفرغ لرعاية الأسرة، وكنت إذا تأزمت الأمور ولا أجد المصاريف اللازمة للمعيشة، ألجأ إلى أمي، فتعطينى ما أطلبه منها، وأحيانا أزورها لبضعة أسابيع وأنتظر أن يطلب منى العودة إلى المنزل لأننى «وحشته» مثلا، فأراه سعيدا بإقامتى عندها، فأنا الابنة الوحيدة لوالدي، ولى شقيق واحد، وكلما خطر ببالى السؤال الذى يثور فى ذهن أى زوجة عما إذا كان يحبنى أم لا؟ أتراجع بسرعة وأقول لنفسي: لا بأس مادامت الحياة تسير بنا على ما يرام، ولا يوجد ما يعكر صفو حياتنا الزوجية.

ومرت سنوات على هذه الحال، ثم رحل والده، وبوفاته فقدنا من يعاوننا فى الحياة، وورث زوجى عنه مبلغا ليس كبيرا كما أبلغني، وبالمناسبة فإنه لا يحكى لى ما يدور بينه وبين شقيقيه، ولا أفرض نفسى عليه، وأتركه على راحته مع أهله، ولا أسأله إلى أين يذهب، أو ما هى تحركاته، ولا يحدثنى فى أى أمر من هذه الأمور، وما أكثر المواقف التى مرت بنا، ولم أتوقف عندها، ولما ضاقت بنا السبل قدمت أوراقى فى وظيفة حكومية، عملت بها فترة ثم رزقنى الله بمولودى الأول، فحصلت على إجازة دون راتب لفترة، ثم عدت إلى العمل وكل همى أن أحيا أنا وابنى وزوجى فى استقرار، واستمررت فى منهجى معه بألا أعارضه أو أبدى أى ملاحظات على تصرفاته، ثم حملت فى ابنى الثاني، وعند نهاية الشهر الثامن حدث ما قلب حياتى رأسا على عقب، إذ فوجئت برسالة على هاتف زوجى المحمول لم ينتبه إليها لكى يحذفها، كما يفعل عادة، وقرأتها فإذا بها رسالة غرامية اكتشفت منها أنه على علاقة حب بأخري، وتحريت الأمر فعرفت أنها زميلة له فى العمل، فلم أتشاجر معه، أو أسأله عن هذه السيدة، وإنما انسحبت بكل هدوء فى الصباح الباكر إلى بيت أبى باكية بمرارة بسبب خيانته لي، وتحسرت على طاعتى العمياء له حتى فى أدق خصوصياتي، كاختيارى لملابسي، فكنت أنصاع لما يمليه عليّ من ملابس، وتنازلت عن حريتى فى اختيار ما أريد مادمت لا أغضب ربي، وأرتدى الملابس المحتشمة، وامتثلت لإرادته، واحترمت غيرته التى طالما أزعجنى بها، وكتمت أحزانى فى نفسي، وأصبت بارتفاع شديد فى ضغط الدم، وكانت النتيجة أن حملى تسمم ونقلتنى أمى إلى المستشفى القريب من منزل أسرتي، وأدخلنى الطبيب على الفور إلى حجرة العمليات لإجراء جراحة قيصرية، وبعد ساعات سألت أمى والممرضات عن ابنى فقلن لي: إنه فى الحضانة، ثم شيئا فشيئا عرفت أنه مات فور ولادته، وعدت مع أمى إلى بيتها، ومكثت لديها قرابة أربعة أشهر، وزوجى لا يبالى بي، ولا يهتم بأمري، فوالدتى هى التى دفعت مصاريف المستشفى وتكاليف العلاج والمعيشة أما هو فكان مجرد «ديكور» لزوج، وحقيقته المرة أنه لا يفكر إلا فى نفسه، ويتجاهل زوجته وابنه، ومرت أشهر أخرى ثم جاءنا طالبا منى العودة إلى المنزل، فوافقت، ورجعت إلى بيتي، لكنى تغيرت تماما، فلم أعد الزوجة التى تطيعه فى كل ما يريد، فأصبحت أرتدى ما يحلو لى من ملابس دون أن أهتم برأيه، ونفضت عن نفسى غبار الأحزان، وآمنت بأن الحياة قصيرة، وأن من معى اليوم، قد لا يكون معى غدا، فعذرا للحزن، وعفوا للخصام، وبعدا للنكد، وأهلا بالحياة، وهكذا تسامحت مع الدنيا، ولكن برغم ذلك كلما تذكرت غدر زوجى بى وأنا وحدى فى المنزل أبكى بمرارة، وعندما أكون أمام الناس أبتسم، وأوزع الضحكات هنا وهناك، حتى إن من يرانى يتسرب إليه الإحساس بأننى سعيدة على عكس واقعى المؤلم، فلقد حرصت على أن أرتدى دائما «ملابس السعادة».

ومنذ ثمانى سنوات تم استبعاد زوجى من عمله، وتوقف دخله الذى كان يغطى جانبا من معيشتنا، وصارت أمى هى التى تعولنا، كما لجأت إلى دفتر التوفير الذى كانت تضع لى فيه بعض المدخرات، فصرفت معظم ما فى حسابي، ثم حصل على عمل بعد نحو ثمانية أشهر، ولم يستقر فيه كثيرا، وأخذ يتنقل بين العديد من الأعمال إلى أن تفتق ذهنه عن إقامة شركة تجارية صغيرة مع عدد من أصدقائه، وتولى هو إدارتها، ولم يمر شهران حتى أصيب بجلطة فى المخ وهو فى الثامنة والثلاثين من عمره، وكنت أنا فى الرابعة والثلاثين، ومكث فى المستشفى عشرة أيام لازمته خلالها، واستمر علاجه ستة أشهر كنت خلالها «ظله الظليل»، وأصيب بالضغط والسكر، ولم تعد بيننا العلاقة الحميمية بسبب ظروفه المرضية، ولم يقدر وقوفى إلى جانبه، وتأكد لى أنه لا يشعر بي، بل إنه بنى بيننا جبلا من الثلج، وزاد من حدة الأزمة أن شركته لا وجود لها على أرض الواقع، فهى مجرد اسم وشقة فارغة من كل شيء، إلا التراب، فحدثته أننى سأعود إلى عملى لكنه رفض تماما، وفى الوقت نفسه يقول إنه لا يملك ما يصرفه على الأسرة، ووصل الأمر إلى حد أنه يأخذ منى مصروفه الشخصي، وثمن سجائره، وهنا صرخت فيه «لازم أرجع إلى شغلي» فلم يرد، وبالفعل عدت إلى عملي، وأصبح يوصلنى إليه يوميا ثم يعود إلى المنزل ليجلس أمام التليفزيون، وعندما أعود آخر النهار أجده يشاهد مثلا فيلما كوميديا، وقد انخرط فى ضحك مستمر، وينادينى بأعلى صوته أن أسرع فى إعداد الطعام لأنه لا يحب «الأكل البايت»، فأكتم غيظى فى نفسى وأنا فى غاية الضيق والتبرم!

وكبر ابنى ولاحظ حال أبيه، وفهم أننى «رجل البيت»، وتمادى زوجى فى أفعاله غير المعقولة أمامه، لدرجة أنه اقترض مبالغ صغيرة من أصدقائه لم يسددها لهم، فانصرف الجميع عنه، ونسيت أنى زوجة ومن حقى أن أسمع كلمات ثناء من زوجى ولو من باب المجاملة، فبكل أسف أسمع من الآخرين كلمات الثناء والإعجاب، أما هو فلا يرانى كذلك، وتحملته إلى أبعد مدي، وحاولت استمالته لى فلم أجد منه سوى النفور والهروب مني، فحدثته بأن نزور الطبيب معا، ربما يكون لديه «عرض» سوف يزول بالعلاج، لكنه رفض تماما، وهكذا وجدتنى أعيش معه داخل «تابوت زجاجي» فى كفن يراه الجميع ولا أستطيع أن أغادره، ومرت سنتان وأنا مازلت داخل هذا التابوت وأرى من حولى يتحركون وهم سعداء بحياتهم، أما أنا «فمحلك قف».. لا حياة، ولا حركة، ولا أجد حتى من أتحدث معه، وأبوح له بما فى صدري، ولا أدرى كيف مر على زواجنا سبعة عشر عاما، وكلما استرجعت مشوارى معه أجد أننى ربطت نفسى بشخصية تافهة، وأننى عشت معه من أجل استكمال الصورة العامة لنا أمام الآخرين، وسألنى ابنى عن مشكلاتى مع أبيه، والحقيقة أننى رويت له بعض ما عانيته معه، خصوصا فى المسائل المادية، ودفعنى إلى ذلك أن زوجى أشاع بين الجيران أنه لا يملك أى أموال، عندما طالبه المسئولون عن العمارة التى نقطن بها بدفع مبالغ الصيانة والمياه وغيرهما، وذات يوم وعند دخولى العمارة أبلغنى البواب بأن زوجى قال له «أنا مش معايا فلوس»!، فكان موقفا عصيبا، وسألت نفسي: كيف يشوه صورتنا أمام الناس إلى هذا الحد؟! وما الذى دفعه إلى أن يجعل سيرتنا على كل لسان؟! فصعدت إلى الشقة وأسرعت إليه وطلبت منه الانفصال، وقلت له إننى لن أستطيع أن أتحمله أكثر من ذلك، وأنه لو ظل فى الشقة فسوف أخرج منها، علما بأن هذه الشقة اشترتها لى أمى منذ سنوات، أما مسكنه القديم فهو مغلق، ولما سمع منى هذا القرار ترك البيت وعاد إلى منزله، وانهرت نفسيا، لكنى أصررت على المضى فى الانفصال مهما يكن الثمن، وبعد أسبوعين اتصل بى صديق له وأبلغنى برغبته فى العودة إليّ، ثم اتصل زوجى بخالتى وأمى وأبي، وأيضا أخى الأصغر، بل وابننا، طالبا إصلاح ما فسد من علاقتنا، ولم يفكر أبدا فى الاتصال بى بشكل مباشر، وواصلت تمسكى بالطلاق وإصرارى على أن أخرج من «التابوت الزجاجي» الذى أقبع بداخله، وأعود إلى الحياة من جديد، لكن هذه العودة مرهونة برحيله عني، ولذلك لا مفر من الطلاق، وبعد استشارة الأهل والأقارب جمعتنى جلسة واحدة معه فى حضور أبى وعمى وأخى وأمي، واتفقوا جميعا على أن أتمهل وأدرس الأمر لمدة شهرين، ثم أخبرهم بالنتيجة، فإما أن أعود إليه، وإما أن أنفصل عنه، وانتهت الجلسة على أن نعود إلى الاجتماع عقب انتهاء المهلة، وبعد أن مضى منها أسبوعان أصيب زوجى بارتشاح فى الرئة، ونقل إلى العناية المركزة، ولم أذهب إليه هذه المرة، لكن أخى زاره فى اليوم التالى فوجد أن المستشفى قد طلب منه الخروج لأنه لم يدفع خمسة آلاف جنيه تحت الحساب، وعلى الفور سارع أخى بإحضار المبلغ لكى يستكمل علاجه، وقالت لى أمى إنه فى حالة خطيرة، ولا يصح أن أتخلى عنه فى هذه الظروف، فزرته مرتين ومعى ابننا برغم عدم ارتياحى للحديث معه، وأخذت معى ملابس وأطعمة، وبعد أن تعافى خرج إلى بيته، وقد حاولت أن أستميل قلبى نحوه فلم أستطع، ومازلت أريد الخلاص منه، فهل ترانى على صواب؟ وهل بطلاقى منه أكون قد أذنبت فى حق ابنى الوحيد الذى هو قرة عيني؟ وهل بعد الطلاق أعيش لابنى فقط أم أتزوج من رجل يحبنى وأحبه؟ وأعيش الحياة التى حرمت منها، وأجد من يؤنس وحدتي، خصوصا عندما يتركنى ابنى وتصبح له حياته وأسرته المستقلة؟ إن الحيرة تقتلنى فبماذا تنصحني؟

ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

تحدد خطوة البداية دائما ما يليها من خطوات، وكلما كانت هذه الخطوة مدروسة وقائمة على أسس متينة، تمضى الخطوات المبنية عليها بنفس الدقة والمتانة، وينتهى الأمر بالنجاح فى الوصول الى الهدف.. هذه الحقيقة ندركها جميعا فى باطننا، لكن الكثيرين لا يتوقفون عندها، ولا يعيرونها أى اهتمام، ولذلك تسيطر الاضطرابات على حياتهم، ويحتارون فى كيفية الخروج من المآزق التى يواجهونها، ولقد كانت الخطوة الأولى فى مشوار حياتك الزوجية غير مكتملة الجوانب، إذ ان ارتباطك بزوجك جاء بترشيح الجدة والأم والقريبات، وتولى أبوه مسئولية سد النقص فى متطلبات الأسرة الضرورية، وكذلك أهلك كلما دعت الضرورة الى ذلك، ففقد الدافع الى الاجتهاد والاستمرار فى العمل، وانجرف الى شلة الأصدقاء الذين وجد لديهم سبل التسلية التى أغنته عنك، فكان يفرح بإقامتك لدى أسرتك عدة أسابيع وربما شهور.. وهكذا غاب الحوار عنكما، وعرف النكد طريقه الى بيتكما، وتراجعت عوامل السعادة التى نشدتيها حين ارتبطت به، حدث كل هذا وأنت لا تؤدين أى دور تجاهه، ولا تفتحين حوارا معه، وسارت حياتكما معا فى صورة إملاءات من جانبه مثل تحكمه فى ملابسك، وطلبه الدائم سرعة إعداد الطعام الطازج لأنه لا يتناول «الطعام البايت»، فى الوقت الذى تعلو فيه ضحكاته وهو جالس أمام التليفزيون لمشاهدة الأفلام الكوميدية غير مبال بالإجهاد الذى عانيته طوال اليوم فى العمل وترتيب البيت وتوفير متطلبات الأسرة.. ووسط هذه الأجواء شغلته زميلة له برسائل غرامية اكتشفت احداها فكانت «النقطة الفاصلة» بالنسبة لك فى مسيرة حياتك معه، وبعدها تواصلت الأحداث من طلبك الطلاق، ثم خروجه الى بيته القديم ومرضه، وها أنت تنتظرين مهلة الشهرين التى اقترحها الأهل لكى تراجعى نفسك فيهما إن كنت ترغبين فى الاستمرار معه أو الطلاق وها هى قد أوشكت على الانتهاء وتسأليننى النصيحة..

والحقيقة أن السبب الرئيسى للحالة التى وصلتما إليها هو غياب الحوار، إذ إنه الركيزة الأساسية فى استقرار الأسرة، وصمام الأمان لنجاح العلاقة الزوجية، كما أنه يلعب دورا كبيرا فى ترسيخ قيم التفاهم وحل المشكلات بالسبل والأساليب الودية بعيدا عن الانفعالات والمشاحنات التى تؤدى الى تصدع الجدار الأسري، ومن ثم الطلاق وما يترتب عليه من تداعيات مؤلمة وباعثة على تشريد الأبناء، وانى أسألك ما الذى يجعلك تمضين عدة أسابيع أو شهور ـ على حد قولك ـ فى بيت أهلك بعيدا عن زوجك؟.. أليس هذا خطأ كبيرا ساهم فيما وصلتما إليه من خلافات؟.. فأنت لا تخرجين من بيتك إثر خلاف مثلا، فتنتظرين أن يأتى إليهم ليأخذك أو يطيب خاطرك، ولو أنه فاتحك فى المدد الطويلة التى تقضينها فى بيت أسرتك، لقالت والدتك: إنه لا يريدك أن تمضى معها بضعة أيام، ولا يرغب فى أن تتواصلى مع أبويك وأنت ابنتهما الوحيدة.. الى غير ذلك من الكلام الذى يتردد عادة فى مثل هذه الظروف.. ثم لماذا لم تصارحيه بمكنون نفسك منذ البداية وتركتيه يخرج مع هذا ويحادث تلك؟.. إننى لا أعفيه من الأخطاء التى ساق نفسه إليها بتأثير بعدك عنه، وإنما أقول إن غياب الحوار بينكما هو الذى ساهم فى تصدع عشكما الهاديء الى جانب «حالة اللامبالاة» التى يعيشها بالنسبة للعمل والأسرة، ويحضرنى القول الانجليزى الشهير «اذا دخل الفقر من الباب هرب الحب من الشباك»، فلا شك أن الحالة المادية الصعبة تؤثر بشكل أو بآخر على العلاقة الزوجية والأسرية لما يرافقها من أزمات على مختلف الأصعدة، فالظرف المادى الصعب يؤدى الى وضع عاطفى صعب، ويمكن التغلب على ذلك بوضع خطة تكفل حماية المركب من الغرق، وأستطيع أن أقول فى هذا الصدد لكل زوجين: «حددا قيمة المصاريف المطلوبة، والدخل الشهري، واعدا قائمة بالأشياء التى يمكن الاستغناء عنها كالنواحى الترفيهية ولو الى حين، واجعلا تسيير الأمور بيد الأقدر منكما، وربما تكون الزوجة هى الأكثر قدرة على العطاء والتوفير، مع مواصلة الحوار فى كل كبيرة وصغيرة بشكل واضح ودون مواربة، فالحياة الزوجية لا تعنى بالضرورة «الحياة الوردية»، فلا غنى عن المشكلات والخلافات والصعوبات التى من شأنها أن تزيد قوة وثبات العلاقة بين الزوجين إن أحسنا التصرف، وأحسب أن الطريق مفتوح أمامكما لطى صفحة الماضى وبدء صفحة جديدة، تستشرفان بها المستقبل، فمن واقع ما كتبتيه أرى أن الأمور لم تصل بينكما الى الحد الذى تستحيل معه العشرة، وهناك خلافات فى أسر كثيرة أعمق وأخطر من ذلك، وقد تم حلها باللين والرفق والهدوء، وانى أعتب عليك أن تطلعى ابنك وهو فى هذه السن الصغيرة على مثالب والده من وجهة نظرك، فالواجب دائما أن يرسم كل من الأبوين صورة مثلى للآخر فى عيون الأبناء، فلتصلحى الأمور على نحو صحيح، ولا تجعلى الرسالة التى وجدتيها على هاتفه المحمول «نقطة النهاية» فى حياتكما معا، فمن أدراك أنها دليل خيانة، وربما بعثت بها زميلته لإثارة غيرتك ودفعك الى الانقلاب على زوجك.. فالمبالغة الشديدة فى تضخيم التوافه تؤدى الى ما لا تحمد عقباه، وقد يصيبك الندم بعد افتراقك عن زوجك وهدم حياتكما المستقرة لأسباب بسيطة كان من الممكن تداركها وعلاجها فى مهدها.

ولقد فات زوجك أن المرأة بطبعها تحب أن يمتدحها الرجل، فيثنى على ملابسها وذوقها والطعام الذى تعده، واللمسات التى تدخلها على البيت، وتحب أيضا أن يستمع زوجها اليها عندما تتحدث، وأن يتجاوب معها، وهذه العوامل من شأنها أن تذيب جبل الثلج الذى يحول بينكما، فتشعران بدفء المشاعر، وتعود المياه الى نهر الحياة من جديد، ولتعلمى يا سيدتى أن التعبير عن الود والحب هو مفتاح الأمان لكل زوجين، وأن ركائز الحب هى الإخلاص والتفاهم والعطاء، وأن زوجك ليس فاقدا للحب، فهو مازال يحبك، لكن الإشكال ينحصر فى صور التعبير عن مشاعره، فالحب موجود فى قلبه، لكنه بكل أسف مكتوم، فاحذرى تصيد الأخطاء والبحث عن الزلات والعناد وتصلب الرأي، واحرصى على ألا تجرحى زوجك أو تتطاولى عليه، وعليك أن تتعلمى فنون التواصل اللفظى والجسدى والعاطفي، وأن تمتدحيه بالكلمة الطيبة والابتسامة اللطيفة «وكونى له أمة يكن لك عبدا، وكونى له أرضا يكن لك سماء»، فكلما زادت «القواسم المشتركة» زادت فرص احياء الحب وانتعاشة الحياة الزوجية بهذه المشاعر النبيلة.

ويضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حياته الخاصة النموذج العملى للعلاقة المثلى بين الزوجين، فلقد كان يداعب زوجاته، ويعاونهن فى متطلبات البيت، ويتحدث معهن فى شئون الحياة والدعوة، وتذكر لنا السيرة النبوية الكثير من الحوارات التى كانت تدور بين الرسول وزوجاته، فمثلا فى بداية الوحى كان يبلغ أم المؤمنين خديجة بما كان يحدث له، ويتحدث معها عما رآه وسمعه، وكانت تبادله الحديث مواسية له، وهى تقول: «انك لتصل الرحم، وتعين على نوائب الدهر» وهذا يؤكد أن الزوجة شريك كامل فى الحياة الزوجية، وتتحمل المسئولية بالمشاركة مع الزوج، وعليه أن يعى ذلك ويعطى من وقته جزءا لأهله، كما يعطى جزءا لعمله، وجزءا لربه، وأن يوازن بين الحقوق والواجبات.

وانى أرى أن تعودى الى زوجك، وتصلحى ما فسد من علاقتكما معا، وأن تدفعى حالة الصمت التى تعتريكما الى حالة حوار إيجابى تتداركان فيه كل أسباب الخلاف وسوء التفاهم، فإذا أثمر هذا الحوار رؤية جديدة عن التقائكما فى طريق مشترك، فلتكن هذه هى النتيجة السعيدة التى نتمنى أن تصلا إليها، واذا فشل الحوار، فليكن لكل منكما طريقه فى الحياة، مع الاتفاق على الوسيلة المثلى لتنشئة الطفل بينكما، والله المستعان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كابتن أحمد منصور
مشرف
مشرف
كابتن أحمد منصور

ذكر
عدد الرسائل : 6488
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 210
بلد الإقامة : المدينة الفاضلة
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 Office10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 Bookwo11
نقاط : 17057
ترشيحات : 47
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 710

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 I_icon_minitime25/12/2015, 08:16

الصوت العالى


أنا رجل فى سن السادسة والأربعين، وحاصل على ليسانس حقوق، ومن أسرة ميسورة، وكنت قد أعجبت فى أثناء دراستى بالسنة الثانية فى الكلية بجارة لي،
وكانت وقتها فى المرحلة الثانوية، فتقدمت لها، ووافق والدها على ارتباطى بها، وقرأنا الفاتحة، وعلى مدى ستة أشهر كانت من أسعد أيام حياتى وجدت منها التفاهم والحب، ولمست التقدير من والديها وأخوتها، وحددنا موعد الخطبة، وفى يوم شراء فستان الخطبة حضرت متأخرا عن الساعة التى اتفقنا عليها، وجلس الجميع فى انتظاري، ولما وصلت إليهم، بدت علامات الغضب على والدها، وعبر عن استيائه لعدم احترامى المواعيد، فما كان منى إلا أن خرجت على الفور من منزلهم، ولم تكتمل الخطبة، وتناسيت الموضوع، وأكملت دراستى بالكلية، وبعد تخرجى بأربع سنوات تزوجت فتاة رشحها لى المعارف والأقارب، ولم أكن أعرفها هى وأهلها من قبل، وهى حاصلة على دبلوم متوسط، وقد شعرت أنها طيبة، وقلت فى نفسي: تكفينى أخلاقها، لكنى وجدت بعد الزواج أنها ممثلة بارعة، إذ كشفت عن وجهها الحقيقي، وكانت حاملا فى ابنتى الأولي، وساد الصوت العالى والعناد، والاهمال حياتنا، وبعد انجابها ابنتنا تصورت أنها ستهدأ أو تغير أسلوبها الجاف فى التعامل، لكن هيهات لمثلها أن يتغير، ثم أنجبت بنتا ثانية وثالثة، ثم ولدا، وكبلنى الأولاد، فلم أجرؤ على تطليقها من أجلهم، ولجأت الى أسلوب الضرب فلم يجد شيئا.. ومرت تسعة عشر عاما على وضعنا هذا، وأصبت بالاكتئاب، ولا أدرى ما هو السبيل الى علاج هذه المشكلة؟

ولكاتب هذه الرسالة أقول:

تعددت أخطاؤك فكان طبيعيا أن تصل الى هذا المأزق الصعب الذى تعيشه الآن، فالخطأ الأول الذى يؤكد أنك تتصرف بعشوائية، ولا تعقل الأمور ولا تضعها فى نصابها الصحيح، هو أنك فسخت خطبتك من فتاتك الأولى لان أباها غضب من عدم التزامك بالموعد الذى حددته وتركت الجميع فى انتظارك، فإذا كان الالتزام بشكل عام مطلوبا، فإنه فى هذه الحالة يصبح عاملا أساسيا فى نظر أهل من سوف ترتبط بها، فى تحديد مدى التزامك من عدمه كما أن عدم مجيئك فى الموعد المحدد قد يسبب لهم حرجا بالغا أمام الآخرين، وكان بإمكانك أن تشرح لهم الأسباب التى أخرتك عن موعدهم، وبالتأكيد كانوا سيقدرون لك ذلك، لكن التسرع هو الذى أوصلك الى هذا القرار الذى خسرت به من كنت تكن لها حبا، ثم أين أهلك؟ وهل تتصرف فى أمور حياتك دون استشارة أحد؟..

أما عن زوجتك التى ارتبطت بها بشكل تقليدي، فإن الشماعة التى يعلق عليها الكثيرون فشل زيجاتهم هى «زواج الصالونات» مع أن هذا الزواج تتاح فيه دراسة الطرفين ويكون أكثر واقعية من زواج العلاقات العاطفية غير القائمة على أسس راسخة، وحتى لو اكتشفت صفاتها السيئة بعد الزواج، فقد كان يتعين عليك أن تضع النقاط على الحروف مع أهلها، واذا فشلت فى الوصول الى حل يكون الانفصال، «وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته»، وأرى أن تحاول تقريب المسافات بينكما مع بعض المرونة فى المواقف والمناقشات حتى تنصلح الأمور.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كابتن أحمد منصور
مشرف
مشرف
كابتن أحمد منصور

ذكر
عدد الرسائل : 6488
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 210
بلد الإقامة : المدينة الفاضلة
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 Office10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 Bookwo11
نقاط : 17057
ترشيحات : 47
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 710

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 I_icon_minitime1/1/2016, 19:06

بريد الجمعة يكتبه : أحـمـد البــرى
عصابة الشياطين !



بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 2015-635871960802817249-281

أكتب إليك بعد أن أغلقت الأبواب فى وجهي، ولم أجد غير نافذتك المضيئة لكى أبوح لك من خلالها بما يضيق به صدرى من متاعب وآلام، وكلى ثقة فى أنك لن توصد بابك الكريم فى وجه إنسانة يئست من الحياة الغريبة التى تحياها..
حياة أعطت كل شيء لمن لا يستحقه وأخذت كل شيء ممن يستحقونه، فأنا سيدة فى سن الأربعين نشأت فى أسرة متوسطة لأب موظف بشركة قطاع عام، وأم ربة منزل، وظل أبى فى وظيفته الى أن تخصخصت الشركة، ولم يرغب فى الاستمرار بها، فخرج الى المعاش مبكرا، وأذكر أن البيت انقلب رأسا على عقب عندما علمنا بذلك، فهو بالرغم من طيبته عصبى المزاج، ويثور لأتفه الأسباب، ويحيل حياتنا إلى نكد اذا لم يعجبه تصرف ما لأى منا، ولذلك كنا مبسوطين لعدم وجوده بالمنزل معظم ساعات النهار، فنحن خمس بنات وولد واحد، وأنا البنت الرابعة فى الترتيب، وقد درسنا جميعا فى المدارس المتوسطة، وتوقفنا عند هذا الحد لضيق ذات اليد، ومضت الحياة بنا بحلوها ومرها، وتقدم العرسان لأخواتى ثم لي، وتسابقوا على الارتباط بنا لما نتمتع به من أخلاق وجمال، ولكن لم تجرؤ أى منا على اختيار من ترتاح إليه، أو تشعر بعاطفة نحوه. فالاختيار لأبى وأمي، أما نحن فليس لنا أى فرصة للموافقة على هذا أو رفض ذاك، نظرا لطبيعة التربية التى نشأنا عليها بفرض الإملاءات، ولأن أبانا لم يعطنا الثقة فى أنفسنا، وعلينا أن نرضخ للزواج ممن يراه مناسبا لكل منا، فليس مهما عمره، ولا وظيفته، ولا عائلته، ولا أى شيء.

هذا السيناريو تكرر فى زواج أخواتى اللاتى يكبرنني، وكنت واثقة فى أن الدور آت علىّ لا محالة، وبعد حصولى على دبلوم المدارس التجارية، عملت فى محل ملابس بوسط القاهرة مع أختي، بدلا من زميلتها التى انتقلت الى محل آخر، ووجدت صاحب هذا المحل شابا صغير السن لديه بنت وزوجته حامل، وتقدم لخطبتى صديق أخى وهو جار لنا، والحق أنه من أسرة محترمة، ويتمتع بأخلاق عالية، وارتبطت به وأحببته، وكان يأتينى فى العمل يوميا عند الانصراف ليصطحبنى الى المنزل، وبمرور الأيام لاحظت اهتمام صاحب المحل بي، إذ كان يطيل النظر إلىّ، ويختلق أى سبب للحديث معي، ويسألنى كل يوم عن الطعام الذى أرغب فيه فى الغداء، والمشروب الذى أفضله فيشترى ما أشير عليه به، ونجلس معا نتناول الطعام والشراب، ثم بدأ يفتعل المشكلات معى أنا وأختى كلما رآى خطيبي، وخوفا من أن يستغنى عنا، طلبت من خطيبى ألا يحضر إلينا، وأننا سوف نعود الى المنزل بمفردنا، فاستجاب على الفور وقال لى «براحتك»، وهنا تعمد صاحب المحل أن يؤخرنا يوميا عن موعد الانصراف بعض الوقت لكى يوصلنا فى سيارته وأبلغت خطيبى بذلك، فغضب لهذا التصرف، وساورته الشكوك فى نية صاحب المحل، وخيرنى بينه وبين الاستمرار فى هذا العمل فاخترت العمل الذى رأيته الملاذ لى من جحيم البيت، الذى لم أعرف فيه سوى اللاءات، فلا للحديث مع صديقاتنا بالتليفون، ولا لمشاهدة التليفزيون، ولا لسماع أغان فى المسجل، ولا للوقوف فى البلكونة.. فكل شيء مرفوض بالمنزل، ولا سبيل الى الخلاص من هذا الوضع سوى الاستمرار فى الوظيفة المتاحة لى بهذا المحل، وفسخنا الخطبة، وعرف من أعمل لديه بأمرى ففرح كثيرا، وزاد اهتمامه بي، وزارنا فى بيتنا مرات عديدة، وتوطدت علاقته بأبى وأخي، وتردد علينا فى يوم الإجازة، وعرض على الأسرة توصيل أى فرد فيها الى المكان الذى يرغب فيه، وقضاء المشاوير التى يريدها أى منا، وصار هو وأبى صديقين، وإستطاع أن يغرس فى الجميع الثقة به، وشيئا فشيئا أفصح لى عن رغبته فى الارتباط بي، وروى حكايات عن حياته التى وصفها لى بالمرة منذ ان كان طفلا، وأنه لا يحيا سعيدا مع زوجته، ويرانى الزوجة المناسبة له من كل الوجوه، ولعبت كلماته برأسى فوجدتنى أحبه، وأذهب معه إلى المصانع حيث يشترى منها الملابس التى يبيعها فى المحل، ثم جاء اليوم الذى طلبنى فيه للزواج، فأخبرت أهلى بطلبه الذى كان متوقعا لكنهم أعلنوا رفضهم التام له، ووصفوه لى بأنه «ثعبان»، بينما أنا رأيته غير ذلك، ووقفت ضدهم، وخضت حربا ضارية من أجل أن أتزوج به، خصوصا بعد أن أكد لى أنه سيطلق زوجته لأنهما غير متفاهمين، وقلت فى نفسى انه مادام سينفصل عن زوجته فلماذا أتخلى عنه، وأنا لم أر منه ما يعيبه، أو يجعلنى أتردد فى قبوله؟.. ثم فوجئت بأنهم يعرضون علىّ الزواج من أحد أصدقاء الأسرة، فلم أدع لهم فرصة للتفكير، وأجبرت الجميع على الامتثال لرغبتي، وتزوجت صاحب محل الملابس، ولم يمض شهر واحد حتى ظهر وجهه الحقيقي، وتأكدت من كذب كل ما قاله لى عن حياته، بل وسرق النقود التى كنت أدخرها، وسلبنى مصوغاتى الذهبية «قطعة قطعة»، ثم تهرب من مسئولية البيت، وادّعى أنه مشغول فى متابعة عدة معارض للملابس الحديثة بالخارج، وتوقف عن إعطائى أى مصاريف للمعيشة، واضطررت إلى الذهاب للمبيت عند أختى الكبري، وكنت وقتها حاملا، ووجدته بعد غياب طويل يقول لي، اننا مطالبون بأن نترك الشقة لأن مطلقته رفعت عليه دعوى فى المحكمة، وسوف يحجزون على العفش وأنه خائف علىّ، ولا أدرى ما علاقتى بذلك، ولكن لم أجد حلا سوى اللجوء الى أختي، وقد هدأنى بأن هذا الوضع مؤقت إلى أن يحصل لنا على شقة أخرى فى مكان لا يعلمه أحد، وأكد أنه سيداوم الحضور إلىّ، وهكذا انسلخ من المسئولية مثل «الشعرة من العجين»، وجاءت مولودتى الأولى الى الحياة فى بيت أختي، ولم يبال بها أو يسأل عنها، ولم يكن يحضر الينا إلا بعد أن أتصل به، وأرجوه أن يعطينى مصروفا فأختى هى التى تتحمل مسئوليتنا، وعندما يزورنا يملأ الضيق وجهه، ويتملكه «القرف» وذات مرة قلت له «لست أنت الشخص الذى تزوجته، وتركت الدنيا كلها من أجله»، فرد علىّ «وأنا عملت إيه؟».. ولكى تسير الأمور، ولا يحدث صدام، عرضت عليه أختى أن يبيت معنا، وقالت له إن زوجها لن يبيت بالمنزل، فوافق، بل ان هذا العرض فتح له الباب لكى يبيت معى كلما احتاج لي!، وحملت للمرة الثانية، وأنا مقيمة لدى أختي، ولما علم بحملى هرب مرة أخرى الى أن وضعت ابنى الثاني، ووقتها زاد إحساسى بأنى أثقلت على أختى أكثر من اللازم، فاتصلت به وثرت عليه، وقلت له اننى سأترك منزل أختى «وكفاية بهدلة لحد كده»، فلم يجد بدا من أن يأتى إلينا وهو فى قمة الغضب، ووفر لنا شقة «بشعة» بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان، ويبدو أنه فعل ذلك لتطفيشى وطلب الخلع منه، والعودة الى أهلي، واحترت ماذا أفعل، وهم يرفضون عودتى إليهم ومعى طفلان منه، وقد رفضوه منذ البداية، كما أنهم كرهونى أنا الأخري، وقاطعوني، ولم يعد يتعامل معى سوى أختى الكبرى وهى ملاذى وقت الشدة، وأختى التى تصغرني، وهى تسأل عنى من حين الى آخر، واضطررت للمعيشة فى هذه الشقة غير الآدمية الواقعة فى مكان بشع، وسط جيران لا أجد لهم وصفا مناسبا، وقد رضيت بالهم، ومع ذلك سار زوجى على حاله نفسها، فيأتى بمزاجه، ويغيب بمزاجه، وأنجبت طفلة ثالثة، وعرفت المعاناة التى لم يعرفها أحد، وتذكرت أننى أخطأت كثيرا عندما تصورت أن الحياة فى بيت أبى كانت صعبة، وأدركت أن هناك من الأزواج والآباء من هم أشد قسوة وأكثر غلظة وتهاونا فى حق زوجاتهم وأبنائهم، وحالة زوجى خير مثال لذلك.. وبعد فترة ومع إلحاحى للانتقال الى منطقة أخري، استجاب وتركنا «عشة الفراخ» إلى مكان أفضل قليلا، ولم أبال بتركه لنا كما جرت عادته، واعتمدت على ما ترسله لى أختى من مصاريف أواجه بها متاعب الحياة، وبمرور السنين صار عندنا خمسة أطفال «ثلاثة أولاد وبنتان» والوضع كما هو!

وبعد أن وضعت ابنى الخامس شعرت بآلام شديدة، فذهبت بمفردى إلى أحد الأطباء، وأوضحت نتيجة التحاليل والأشعات التى أجريت لي، أننى مصابة بورم فى الغدة الدرقية، وخضعت لعلاج استمر عاما كاملا، ثم لجراحة أزيل فيها الورم، وتحسنت حالتى بعض الشيء.. وأحسست أن زوجى يخفى عنى أمرا ما، فبرغم أن دخله صار أفضل من ذى قبل، إلا أن طريقته معنا، بينت لى وجود متغيرات فى حياته، وبالفعل تأكدت من أنه أعاد مطلقته الى عصمته مرة أخري، وعندما تحقق لها ما أرادت أحكمت قبضتها عليه لكى تدفعه الى تطليقي، واستخدمت فى ذلك كل ألاعيب الشياطين بشخصيتها القوية، وجبروتها، إذ إنه يخاف منها بشكل لا يصدقه عقل، وعرفت من القريبين منى أنه أقنعها بتحقيق ما أرادت بعد أن أتنازل له عن حقوقى التى لا تساوى واحدا فى المائة مما أخذ مني، وبدأت خطتها بمطاردتننا أنا وأولادى فى كل مكان نذهب إليه أو نقيم فيه، وتفننت فى اختلاق مواقف تجعل الجيران يكرهوننا، وسلطت بعضهم لإيذائنا.. وتحملت الاهانات، وأنا صابرة وواثقة فى أن الله سينصفنا، وأصلى وأدعوه عز وجل ألا يتخلى عنا، وبمرور الوقت أخذ زوجى قطعة أرض فى مشروع «ابنى بيتك» بمدينة بدر وخصصه للزوجة الأولى وأولادها، وليس لى ولأولادى طوبة واحدة فيه، وتمكنت «عصابة الشياطين» من السيطرة على مستحقاتنا، ولما واجهته بما فعله، انهال علىّ ضربا وركلا، وفعل الشيء نفسه مع ابنى الأكبر، وكدت أموت بين يديه، فاتصلت بأختى الكبرى فجاءتنى ومعها اخواتي، وذهبنا الى قسم الشرطة، وحررنا محضرا ضده، وتم تحويل المحضر إلى النيابة فالمحكمة، وحكم عليه بالحبس، فارتدى «قناع الملائكة» واتصل بى ورجانى أن أسامحه، فهو لا يعرف كيف مد يده علىّ، ولا ما الذى جعله يتخلى عني، وقال إن زوجته نجحت فى التفريق بيننا بسبب أعمال السحر التى تلجأ إليها، وإنه لم يأخذ بنصيحة أمه عندما تزوجها فقد قالت له إنها معروفة بهذه الأعمال.. سمعت منه هذا الكلام ولم أعره اهتماما، فمن جهة أضع ثقتى فى الله الذى يصرف الأمور كيف يشاء، ومن جهة أخرى فإنه شخصيا يعطى زوجته مفتاح شقتى لكى تضع فيها أعمال السحر التى يتكلم عنها فى غيابى وتأكدت من ذلك بنفسي، ومن مظاهر هذه الأعمال أنه يقوم بتكسير كل شيء، وينتابه ضيق وغضب شديدان كلما زارنا، وقد تعرضت هذه «الحّية» للاصابة بأورام الرحم، وتم استئصاله، وخشيت أن يكون ذلك سببا كافيا للبعد عنها ولو خلال فترة الجراحة، ففكرت فى أن تحضر له صديقتها المطلقة لكى تشغل تفكيره بها!.. ووقع معها فى علاقة آثمة، ثم تزوجها، وهرب معها ليبدأ قصة جديدة!.. واتفقت زوجتاه الأولى والثالثة على مؤامرة دنيئة، بإحالة حياتى إلى عذاب أكثر مما هى عليه، وتفننوا جميعا فى إيذائنا أنا وأولادى، ثم اختلفتا معا، وتمكنت الزوجة الثالثة من الاستئثار به، وأجبرته على تطليق صديقتها التى كانت السبب فى زواجه منها، وبالطبع أخذت الأولى كل شيء، وظلت الثالثة «المحظوظة» معه، وترافقه كظله فى كل مكان يذهب إليه، لدرجة أنه اذا أراد أن يحدثنا فى أى أمر، أو اتصلنا به، فإنه يدخل إلى الحمام، ليكون بعيدا عنها، فيفاجأ بها وقد دخلت عليه، ونسمع الصياح والتأنيب، والشجار، فلقد أصبح أسيرها، وقد سافر إلى السعودية لكنه لا يرسل لنا أى مصاريف، وفكرت ماذا أفعل، ونحن لم يعد لدينا أى مصدر للدخل، وحتى زوج أختى ترك العمل فى شركة السياحة بعد أن ساءت أحوالها، واستغنوا عن الكثيرين من موظفيها، ووجدتنى اشترى بضاعة وأجهزة بالتقسيط وأبيعها نقدا، لكى استفيد بثمنها لبضعة شهور على متاعب الحياة، وهى كلها ديون مؤجلة، ولكن ماذا أفعل لكى أوفر القوت الضرورى لأبنائي، والملابس والدروس والكتب الخارجية، وبرغم ايمانى بالله فقد فكرت فى الانتحار، لكنى تراجعت عنه حتى لا أموت كافرة، فهل ترى لى أملا فى قادم الأيام، وهل من الممكن أن نجد من يقف الى جوارنا ويكون أبا حنونا لأبنائي، كأب فقد عائلته مثلا، فأولادى فقدوا الأب، ونكمل بعضنا، مع التفهم لوضعي، فأبنائى يكووننى بما يقولونه لي، فابنتى الكبرى تقول لي: «نفسى أخرج مع بابا واتفسح معاه، وابنتى الصغرى كتبت على حسابها على الفيس بوك «يارب تجيب لنا أب، علشان أصحابى ليهم أب، واحنا مالناش»!.. كلام مؤلم لكنه الحقيقة وأنا مثلهم لم أعش حياتي، ولا أدرى ماذا أفعل؟.. فهل من الممكن أن تشرق شمس حياتنا من جديد؟.

ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

ما وصلت إليه أحوالك أمر طبيعي، ونتيجة متوقعة منذ البداية بسبب أخطائك القاتلة، بدءا من فسخ خطبتك للشاب الرائع طمعا فى الإغراءات التى أغواك بها صاحب المحل المتزوج ولديه أولاد، ثم إنجابك خمسة أطفال برغم مثالبه الخطيرة التى تبينت لك وأنت حامل، حين أوهمك بأن مطلقته ستأخذ الشقة، فأجبرك على الذهاب الى أختك فى حين أن الواضح أنها كانت تمثيلية عليك لإعادة زوجته الأولى الى شقة الزوجية، وأيضا انجراف والدك وشقيقك نحوه من أجل الفوز بمشوار هنا أو هناك فى سيارته، مع أنهما يدركان حقيقته، ولذلك رفضا ارتباطك به، لكن الكلمات المعسولة، والأحلام الوهمية فى السعادة معه دفعتك الى إلغاء عقلك تماما، والتصرف بعاطفة هوجاء غبر محسوبة العواقب لما ستصير إليه أمورك فيما بعد، وتماديت فى التجاوز عن كل ما تبين لك من عيوبه.

والمؤسف أيضا فإن البيئة التى تعيشان فيها مهيأة لكل ألوان الانحراف الخلقى والسلوكي، سواء فيما يتصل بالعلاقات المحرمة، أو السرقة أو الكذب، بل وكل الصفات السيئة، ولا أميل الى حكاية السحر الذى تمارسه زوجته الأولى على النحو الذى أشرت إليه، وإلا استطاعت أن تبعد زوجها عن الزوجة الثالثة التى تقولين إنها هى التى رشحتها له لتكون بديلا لها خلال فترة مرضها!، فالواقع أنها «عصابة شياطين» يمارس أفرادها على بعضهم الغش والخداع، مثلما يفعلون بالآخرين، ولذلك أوقعت هذه السيدة المطلقة زوجك، ليس بإيعاز من زوجته الأولي، ولكن لأنه يريدها هى من باب أنها تجربة جديدة فى حياته، ولن يكتفى بزيجاته الثلاث، وإنما سوف يتزوج من أخريات، ويقيم علاقات خارج نطاق الزواج، لأن مثله لا يشبع أبدا، وسيحلو له الحرام إلى ما لا نهاية.

لقد انجرف زوجك إلى متعه وملذاته، أما أنت فسعيت الى حياة زوجية سعيدة ومستقرة، وقد أخطأ فيما ذهب إليه، بينما أخطأت فى اختيار من ليس أهلا لك.. صحيح أنه ليست هناك معادلة سحرية لتأمين حياة زوجية سعيدة، ولكن هناك خطوطا عريضة يمكن الاقتداء بها من أجل زواج أفضل، ولو استطاع الزوجان الاحتفاظ بعد الزواج بحب الخطبة وبهجتها لعاشا حياتهما فى سعادة واستقرار، والمطلوب لذلك توافر الانسجام النفسى والعقلى بينهما، ومعرفة أن الحياة الناجحة مزيج من الهموم والمرح والمسئولية والترفيه، وأن يكون الطرفان مستعدين للنقد، وتصحيح المسار، فكل منا يخطيء ويصيب، وأحيانا يتصرف بأنانية أو يبنى أحكامه على غير أساس، ولكنه يعود إلى رشده عندما يدرك أنه أخطأ، أما من يتمادى فى ارتكاب الأخطاء بلا حساب، فلابد أن تكون معه وقفة، فإذا أقر واعترف بعدم صواب تصرفه، وأعاد حساباته، فلا بأس من مواصلة المسيرة معه بعد أن يلتزم الطريق الصحيح، أما اذا تمادى فى أخطائه فلا بديل عن محاسبته بقدر خطئه، حتى لو أدى الأمر إلى الإنفصال، فالطلاق عند ادراك الأخطاء التى يصعب الخلاص منها، أهون كثيرا من الانسياق فى حياة محكوم عليها بالفشل، وللأسف فإنك لم تدركى ذلك، أو ربما كنت واثقة منه، لكنك تماديت فى الاستمرار مع زوجك، فوصلت الى النقطة التى من المستحيل فيها إصلاح ما فسد من علاقتكما الزوجية.

ولقد استخدم زوجك حقه فى تعدد الزوجات استخداما خاطئا، لأنه لم يعدل بين زوجاته وتناسى أن مشاعر المرأة هى نفس مشاعر الرجل، فكل امرأة يسوؤها أن ترى امرأة أخرى تشاركها فى زوجها، والمشاحنات والتباغض بين «الضرائر» تكون دائما تعبيرا صارخا عن رفض كل منهن وجود أخرى فى حياة زوجها، ولذلك حاولت كل واحدة استمالته ناحيتها، مرة من باب العاطفة، ومرة من أجل الأولاد، ومرات لأنه يجب أن يوفر لها المعيشة اللائقة بها، وهو بالطبع يريد الاحتفاظ بكن جميعا، ولذلك اذا كان صادقا فى تطليق الزوجة الأولى فى المرة الأولي، فقد أعادها الى عصمته، بعد الزواج منك، واذا كان صادقا فى أنه طلقها مرة ثانية من أجل الزوجة الثالثة، فسوف تدور الأيام ويعيدها الى عصمته من جديد، فهى أم أولاده وأولى زوجاته ومستقرة فى بيته، وتحت مسئوليته، وبرغم ذلك مازال لديك أمل فى إصلاح ما ارتكبه من أخطاء، ولا أحسب أنه سوف يستقر معك وأرى أنه لا حل لك سوى الانفصال عنه مع اللجوء الى القضاء للحفاظ على مستحقات أبنائك، وإلزامه بمصاريفهم ومتابعتهم.. والحقيقة أننى لم أفهم ما الذى تقصدينه بالبحث عن أب ليس لديه أبناء يرعى أبناءك، فإذا كنت تقصدين الزواج، فهذا سابق لأوانه لأنك مازلت على ذمة زوجك، واذا كان هدفك العطف من أحد فاعلى الخير، فكيف ذلك وأبوهم حى يرزق، ودخله يكفى لأن يعيش أبناؤه وزوجاته حياة مستقرة؟

إن الحزم مطلوب مع زوجك، فما حدث منه لا يمكن السكوت عنه، وواجباته تجاهكم واضحة، ولابد أن يتحمل المسئولية بالقانون، وسوف ينصفك القضاء منه، فهو رجل مستهتر، لم يبال بقيمة الحياة الزوجية، ولم يرع أبناءه، وقد اجتمعت فيه كل الصفات السيئة من البخل والكذب وخيانة الأمانة والاستهتار، وضعف الإرادة أمام اغراءات النساء، والغموض والتهرب من المسئولية، فليتحمل زوجك مسئولية أبنائه، فإذا كان من السهل عليه أنه تفادى مسئوليتهم، فإنه لن يستطيع مستقبلا تفادى النتائج المترتبة على تنصله من القيام بدوره نحوهم، سواء أمام القضاء الآن، أو حين يكبرون ويكون لهم موقف آخر منه، ووقتها لن ينفعه الندم، وسوف يعض النواجذ عندما يتخلون عنه، وهو فى أمس الحاجة إليهم.. فكما يدين المرء يدان.

ولا حل أمامك الآن سوى أن تحسمى أمرك معه، وبعد الانفصال وترتيب حقوق أبنائك، يصبح بإمكانك أن تحددى مستقبلك من الناحية الاجتماعية، وقد تتزوجين من ترينه مناسبا لك، وتتفقان معا على أن يكون أبناؤك معك، تحت رعاية أبيهم، والأمر برمته يحتاج الى تأن، واتخاذ الخطوات المستقبلية بترتيب بحيث تمضى الأمور طبيعية، وأرجو أن يصفح أبوك وأخوك وأهلك جميعا عنك، فكما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «كل بنى آدم خطاء وخير الخطائين التوابون»، فلقد أدركت أخطاءك فى حق نفسك، وعليهم أن يؤازروك قبل أن يفقدوك الى الأبد، والله المستعان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بيومي الفيومي
عضو مبدع
عضو مبدع
avatar

ذكر
عدد الرسائل : 818
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 210
بلد الإقامة : الفيوم مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 Unknow10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 8010
نقاط : 7315
ترشيحات : 7
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 Awfeaa10

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 77 I_icon_minitime15/1/2016, 12:46

ممكن أساهم في الموضوع المحترم ده
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بريد الأهرام ( بريد الجمعة )
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 77 من اصل 88انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1 ... 40 ... 76, 77, 78 ... 82 ... 88  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» بريد الجمعة يكتبة : احمد البرى الطفل الكبير !
» سطو مسلح على مكتب بريد في المعادي
» سطو مسلح على مكتب بريد «قها» في القليوبية
» اجعل لك بريد مجاني على الـ hotmail - شرح بالصور
» كيفية حظر بريد الكتروني بسكربت whmcs

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشاعر عبد القوى الأعلامى :: المنتديات العامة :: المنتدى العام-
انتقل الى: