الشاعر عبد القوى الأعلامى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالأحداثموسوعة الأعلامى الحرةأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر
 

 بريد الأهرام ( بريد الجمعة )

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1 ... 39 ... 74, 75, 76 ... 81 ... 88  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
مظلومة بس مسامحة
عضو متميز
عضو متميز
مظلومة بس مسامحة

ذكر
عدد الرسائل : 532
بلد الإقامة : مصر
نقاط : 6827
ترشيحات : 5

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 I_icon_minitime22/5/2015, 16:12

بريد الجمعة يكتبه احمد البرى
سيدة المهام الصعبة!

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 2015-635678430550180465-18

أكتب إليك طلبا لاستشارتك فيما أستطيع أن أفعله لكى أتخلص من الكابوس الجاثم فوق صدرى منذ سنوات طويلة. ولا أعرف وسيلة للتغلب عليه، فأنا مهندسة تعديت سن الثلاثين، تزوجت منذ عشر سنوات من صيدلى يعيش فى محافظة غير التى نقطن بها،

وعلى صلة قرابة بزوج أختي، وقد حدثتنى عنه كثيرا، ووصفته بأنه قمة فى التدين والأدب والالتزام. وأن أباه رجل دين، كما أثنى زوجها عليه بكلمات إطراء ومديح جعلتنى أوافق عليه، فكل ما كنت أتطلع إليه هو أن ارتبط بشخص يراعى الله فى تعامله معي، وإذا اختلفنا حول أمر ما يكون الخلاف بيننا فى حدود الاحترام، وتمت خطبتى له، واتفقنا على تحديد موعد الزفاف بعد أن ينتهى من تجهيز صيدليته الخاصة، وبعد شهور شكا لى من أن العمل فى الصيدلية يسير ببطء شديد، وأن العمال يتأخرون فى إنجاز الأعمال المكلفين بها، ثم طلب منى إتمام الزواج على وعد بأن يفتتحها خلال أسبوعين، إذ وقتها سوف تستقر أوضاعه، ويصبح بإمكانى مساعدته فى اتمام تشطيبات الصيدلية، ونزلت على رغبته، وتزوجنا فى شقة منفصلة بمنزل عائلته، حيث يعيش والداه فى الشقة الواقعة أسفل شقتنا، ومنذ اليوم الأول ظهر الوجه الآخر لزوجي، إذ وجدته شخصية شديدة العصبية، ولا يستطيع السيطرة على نفسه، ولا على ردود أفعاله، وقد يثور فجأة وتنتابه موجة من الغضب بلا سبب، ويكون رد فعله عنيفا سواء بالتعدى اللفظى أو الجسدى وأحيانا بتكسير الأشياء، فلا يترك أى قطعة أثاث أو أداة من أدوات المنزل التى يجدها أمامه فى تلك اللحظة إلا ويحطمها، ووجدته أيضا ابنا عاقا لوالديه، ويعاملهما أسوأ معاملة، ويحملهما كل مسئولياته، ولم أجد منهما إزاء تصرفاته اللا عقلانية سوى السلبية الشديدة، وإذا ثار ضدى يصمتان ولا يحركان ساكنا، وكل ما يفعلانه هو أن يطلبا منى الصبر والتحمل، ويخشيان مواجهته تجنبا لرد فعله عليهما، ولا أجد من أبيه رجل الدين سوى الكذب.

ومضت حياتى بينهم بلا طعم. وازدادت أنانية زوجي، فهو يرى نفسه على صواب، وان مكانه دائما فى المقدمة، ويأتى بعده الآخرون، ومن حقه أن يخطئ دون أن يحاسبه أحد.. واحترت فيما يمكن أن أفعله معه أو أن أتجنب مواجهته، ولم يكن أمامى سوى الصبر، عسى أن تعلمه الحياة دروسها وعبرها، لكنه لا يتعلم أبدا.

ثم وجدتنى حاملا فأيقنت أن الأمور اختلفت، وليس أمامى أى بديل سوى أن أعاونه عسى أن تنصلح حاله، وترددت معه على الصيدلية لمساعدته فى ترتيبها، وفرشها، وشجعته على سرعة افتتاحها، برغم خطورة الأمر على صحتي، إذ أمرنى الطبيب بالراحة التامة لظروف حملي، لكنى آثرت أن أعاونه، أملا فى أن تتغير معاملته، لكن هيهات له أن يتغير، بل زادت إهاناته لى ولأهلي، وانتابته شكوك فى تصرفاتي، وتصرفات كل من حولنا.

وعندما اقترب موعد الولادة، ذهبت إلى محافظتى لأضع طفلى تحت رعاية والدتي، وأمضيت فترة لدى أسرتى استعدت فيها بعض صحتي، وسهرت أمى على راحتي، ولم تدعنى أشاركها فى أعمال المنزل حتى الأشياء البسيطة، ثم عدت إلى شقتى من جديد، فوجدت العذاب فى انتظاري، وخارت قواي، وسقطت على الأرض من كثرة الإعياء، وذات ليلة بكى الطفل بشدة، وكان ينام فى سرير مجاور، فطلبت من زوجى أن يحضره لي، لإصابتى بألم شديد فى الظهر يجعلنى طريحة الفراش، وأنى سآخذ مسكنا يساعدنى على الوقوف على قدميّ، لكنه رفض، وتركنا وخرج من المنزل، وهو يردد كلمات السباب المعتادة!.. وتحاملت على نفسى ورتبت البيت وأعددت طعام الغداء، وعاد من الصيدلية، فوجدنى أرضع الطفل، فنظر إلىّ نظرة حادة وقال لي: «هاتى الغدا» فطلبت منه أن يمهلنى دقائق حتى أنتهى من إرضاع ابننا، وبدلا من أن يضع لنفسه الطعام الجاهز على المنضدة، فوجئت به يتقدم نحوى ثائرا، ثم شد الطفل من على صدري، ووقف أعلى الفراش يهزه بعنف، فبكيت ورجوته أن يتركه، لكنه تمادى فى هزه، وصرخ بأعلى صوته، وجاء أبواه، وشاهدا ما حدث، ورجوتهما أن يأخذا منه الطفل الذى لم يكمل ثلاثة أشهر، وأدركت وقتها أنه لا يدرك ما يفعل، وتركتهما معه، وذهبت إلى المطبخ، وأتيت له بالغداء على صينية ــ بيدين مرتعشتين ــ فسقط بعض الطعام عليها،. وما أن وضعتها أمامه حتى زاد غضبه، وثارت ثائرته مرة أخري. وبدأ موجة جديدة من السباب لى ولأهلي، وتحطيم كل ما حوله من أشياء.

وإزاء ذلك تركت البيت، وطلبت الانفصال، وجمعت أسرتينا جلسة عائلية أثنى فيها أهله على أخلاقى وحسن تصرفى معه، ووصفونى بالزوجة المثالية، وانه دائم الخطأ، وأننى لم أقابل فعله معى بأى إساءة، واستمرت المفاوضات لمدة عام ونصف العام، دون أن نصل إلى حل نهائى لهذا الوضع الذى لا يتحمله بشر، ورفعت فى تلك الفترة قضية خلع، وادعى زوجى وقتها أمام المحكمة أنه دفع لى مهرا ثلاثة أضعاف ما دفعه بالفعل على غير الحقيقة، ومع ذلك وافق والدى على أن يعطيه المبلغ الذى ذكره، مادام فى ذلك خلاصى منه، ولما وجد أبى جادا فى كلامه، وأن المسألة المادية لا تعنيه، فكل ما يريده هو راحتي، جاءنا بوفد من أهله، وألح عليّ بالعودة إليه، مع تعهده بأن يغير نفسه، وأن يصبح إنسانا ملتزما لا الشخص الكاذب العصبى الذى فوجئت به بعد الزواج، وترك لى أهلى حرية الاختيار بين الخلع والعودة إليه، فوافقت على الصلح من منطلق أن ما حدث قد لقنه درسا لن ينساه، وبالفعل التزم بوعده لفترة، ثم عادت الأمور إلى ما كانت عليه من عدم تحمل المسئولية، والإهانة، والضرب، وكان والده هو الذى يصرف علينا، وعشت وضعا تأباه أى زوجة، وخجلت من أن أطلب أى شىء، لأن زوجى يعيش عالة على والده.

وبينما نحن على هذه الحال، وضعت مولودى الثاني، فزاد العبء، ولم تكن لى حيلة إزاء كل ما أتعرض له، ففكرت فى أن أجرب حلا مختلفا عسى أن يأتى بنتائج طيبة تغير تركيبته العجيبة، فطلبت منه أن نزور معا طبيبا نفسيا، لكنه رفض حتى مجرد مناقشة هذا الأمر، وتجددت المشاكل، مما دفعنى إلى أن أترك المنزل للمرة الثانية بعد أربع سنوات، ومعى طفلان، وتكرر ما حدث فى المرة الأولي، حيث جدد تعهداته بحسن معاملتي، والتزامه بعمله، وعدت إليه أملا فى حدوث تغيير، ولو طفيف بعد أن أصبح أبا مسئولا عن طفلين وزوجة، والمفروض أن يكون حريصا على تربية ولدينا فى أسرة طبيعية بين أبويهما، ولم أيأس من محاولاتى معه لزيارة الطبيب. وبعد جهد كبير وافق على طلبي، وفى العيادة جمعنا لقاء طويل، تعرف فيه الاستشارى النفسى على كل شىء، وقال إن ما يعانيه زوجى من مشكلات عديدة، يرجع إلى ظروف نشأته وتربيته وتدليله الزائد، ومعاملة أبويه له على انه «ملك فوق الجميع»، وتكررت زياراتنا للطبيب، وتحسنت حالة زوجى بعض الشىء، ثم حدث أن سافر هذا الطبيب إلى الخارج، ورفض زوجى أن ننقل العلاج إلى طبيب آخر، مدعيا انه كما هو ولم يتغير شىء، وانه يتصرف بشكل طبيعي، ولا يرى فيما يفعله أى مرض، وساءت أوضاعه كما هى العادة، وكثرت إهاناته اللفظية والجسدية، حتى إن العلاقة الخاصة بيننا، أصبح يستخدمها كعقاب لى عندما يغضب عليّ، ويشعرنى باستمرار أن ما ينفقه على البيت والأسرة، هو مقابل لهذه العلاقة، وبلغ ابنى الأكبر ثمانى سنوات، ولاحظ تصرفات أبيه، وتأثر بما يفعله معنا، وسألنى ذات مرة إذا كان والده يكرهه أم لا، بل وقال لى أنه يشعر بكره تجاهه، وبدأ فى مواجهة أبيه بما يفعله.. وهنا شعرت بخوف شديد من أن ينشأ أبنائى فى هذا الجو الغريب، وتتأثر تربيتهم بما يلاحظونه من تصرفات غير مسئولة من أبيهم، وراودتنى فكرة الانفصال التى كنت أتراجع عنها كلما أحسست بشعاع من الأمل فى أن يتغير، ثم أوقفت التفكير فى الطلاق عندما توفى والده، ورأيت أن من واجبى مساندته ومساعدته، وانه قد يشعر بالمسئولية بعد رحيل من كان يعتمد عليه فى كل شيء، ويستيقظ ضميره، ويدرك أن له أسرة تحتاجه حتى لا تتشرد وتتعرض للضياع، ولكن هيهات أن يعى ذلك، وقد ورث عن أبيه مبلغا كبيرا، ولا نعلم ماذا يفعل به، إذ ازداد بخلا وغموضا فى تصرفاته، وساءت نفسية إبنى الأكبر، وألح عليّ أن نذهب إلى بيت أبى لنعيش معه، فحاولت تهدئته، وعاودتنى فكرة الانفصال، وأخذت الولدين وانتقلت إلى منزل أهلى الذين رأوا أنه لا مفر من الانفصال، ونقلت ابنيّ إلى مدرسة فى محافظتي، ومرت شهور على هذا الوضع، ورفعت دعوى طلاق.. وأنا مصممة على إنهاء العذاب الذى أعيشه مع من لا يعرف للاستقرار الأسرى سبيلا، وهنا ظهر، وطلب أن أعطيه فرصة أخيرة، ووعدنى بالانتظام فى عمله، وأنه سيزور طبيبا نفسيا جديدا، فأعطيته مهلة طوال العام الدراسى الحالى ليثبت فيها صدق ما يقوله، واننى سأظل فى بيت والدى إلى أن ألمس تغييرا حقيقيا، ثم ننظر فى أمرنا معا على ضوء تصرفاته، ومدى تغيره الفعلي، فوافق، والتزم لفترة، ثم غلبت طباعه عليه، فأهمل عمله، وتوقف عن العلاج، وها هو يقدم عرضا جديدا بأن أعود إلى البيت حتى أكون بجواره، لأنه لا يستطيع بمفرده أن يفعل شيئا، وأخشى أن أستجيب له فأجد ما عانيت الأمرين منه، وتستمر أوضاعه على هذا المنوال إلى ما لا نهاية، وأكون بذلك قد ظلمت ولديّ، وربما أنجب آخرين فتزداد «الطينة بلة» كما يقولون... والله إننى أرسم أمامهما صورة رائعة لأبيهما وأعدت حبهما له، وساعدنى على ذلك بعدهما عنه، إذ لا يريانه إلا فى زياراته لنا. حيث يكون ملتزما فيها بحسن معاملتهما لقصر المدة التى يقضيها معهما.. وإنى أسألك: هل هناك أمل فى هذا الزوج؟.. وهل يمكن أن يتغير؟ وهل إذا أكملت مشوار الطلاق سيكون تأثيره على ولدينا أسوأ أم أن الاستمرار فى حياة كهذه هو الذى سينعكس بصورة سلبية عليهما.. أرجو أن تشير عليّ كيف أتخلص مما أنا فيه؟

ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

يخطيء الكثيرون حين يقدمون على الزواج دون اتخاذ خطوات محددة تضمن لهم عدم التعرض لمفاجآت، أو هزات عنيفة فى شخصيات شركاء حياتهم، وأولى هذه الخطوات أن تكون هناك فترة كافية يتعرف فيها كل طرف على طباع الطرف الآخر، ويلاحظ سلوكياته ومدى قدرته على تحمل المسئولية، وتقلباته المزاجية، فجلسة واحدة أو حتى عدة جلسات ولقاءات عابرة لا تكفى للوصول إلى خباياه، لأنه يحاول خلالها أن يتطبع بصفات مغايرة لسلوكه الطبيعى الذى يتكشف بعد الزواج، وهذا هو ما حدث معك إذ اكتفيت بكلمات المدح التى قالتها أختك فيه بناء على ما قاله لها زوجها، وفاتك أنت وأهلك أن تسألوا عنه وعن أسرته فى محيط معارفها، وأن تخرجا معا فى حضور والدك مثلا، فتتاح لك فرصة أكبر لفهم شخصيته الحقيقية.

وحتى بعد الزفاف تغاضيت عن علامات مؤكدة على أنه متقلب المزاج، ويتسم بالعصبية، ومع ذلك حملت منه وأنجبت واحدا بعد الآخر، ولم تدركى للحظة واحدة أن إنجابك منه وهو على هذه الحال خطأ كبير ما كان لك أن تقعى فيه، لأن حياتكما معا مرشحة للفشل منذ اليوم الأول للزواج، وتغاضيك عن حماقاته ليس سوى نوع من الضغط عليه عسى أن يتغير.. نعم فلقد فعلت ذلك بأوجه عديدة، منها تركه وحده وجلوسك عند أهلك، وطلب الخلع، وكان بإمكانك أن تحصلى عليه لكنك تراجعت عن فكرة الانفصال أملا فى أن تنصلح أحواله، أما ادعاؤه بأنه أعطاك مهرا ثلاثة أضعاف ما حصلت عليه، فهو كلام بلا وزن، لسبب بسيط هو أن كل شيء تم تحريره بقسيمة الزواج، أو بقائمة المنقولات، وقد اتخذت ذلك ذريعة للعودة إليه برغم أن والدك قال لك إنه سيعطيه ما يريده مقابل أن تنفصلى عنه وتتحررى من قيوده.

أيضا من بين أوجه ضغطك عليه، نقلك إبنيك إلى مدرسة فى المحافظة التى تعيش فيها أسرتك، وعودته الى العلاج النفسي، لكنك تخشين أن تتكرر أفعاله اذا عدت إليه هذه المرة، وهو بالتأكيد سيعود إليها، ويبين سلوكه طوال عمره أنه لن يتغير ولن يصبح بالصورة المثلى التى تنشدينها، فهل معنى ذلك أن تطلبى الطلاق أو أن تستمرى فى إجراءات الخلع الى النهاية؟.. فى رأيى أن الأمر يحتاج الى تحكيم العقل، والنظرة الى المسألة بمنظور أعمق وأشمل بمعنى أن من تحملت العذاب خلال السنوات العشر الأولى للزواج، قادرة على أن تبحث لنفسها وسط هذا الظلام عن شعاع ضوء يهديها الى الطريق السليم، وأن تجد لنفسها من الوسائل ما يجعلها تتحاشى لحظات العصبية التى تنتاب زوجها، ولكن بشرط ألا تنجب المزيد من الأطفال، وكفاك ابناك اللذان يجب أن تحافظى على صورة والدهما أمام عيونهما، تماما كما تقولين بأنك تبرزين الوجه الحسن لأبيهما، والذى يظهر لهما خلال زياراته القليلة، وقد أوشك العام الدراسى على الانتهاء، فحثيه على أن يحتوى ابنيه وأن يصحبهما معكما فى زيارات متقاربة، ورحلات اليوم الواحد فى بداية الاجازة الصيفية، ويمكن أن تؤجلى نقلهما الى مدرستهما الأولى بعض الوقت، وعاودى زيارة الطبيب معه، مع تفادى كل ما يثيره من مشكلات بسيطة يمكن احتواؤها.

وأرجو أن تعلمى أن ما تعانينه من عصبية زوجك تعانيه أيضا زوجات كثيرات، فالزوج العصبى مستنفر دائما، وتكون ردود أفعاله حادة حتى فى أفضل حالاته، ويثور لأتفه الأسباب، ولا يحسن الاستماع الى زوجته، ولا يستطيع فى أغلب الأحيان التحكم فى انفعالاته، وتصرفاته التى قد يندم عليها فيما بعد مع شريكة حياته، وكثيرا ما يهدأ، وينسى السبب الذى انفعل من أجله، ولكى لا تصلى معه إلى حافة الهاوية، عليك أن تفهمى نفسيته، وأظنك قد أصبحت على دراية كبيرة بخبايا نفسه، ولا تتحدثى معه فى أثناء احتدام أى موقف بينكما بكلمات تعتقدين أنها تعمل على حل المشكلة، فى حين أنها فى الواقع تزيدها اشتعالا، وحاولى أن تكونى مستمعة أكثر منك متحدثة، ولا تصرى على رأيك أو تعارضيه بحدة، ولا تسعى لإيجاد حل لحظى للمشكلة، بل انتظرى إلى أن تهدأ الأمور، فعدة دقائق قد تكون فاصلة، وتسهم فى الحل إلى حد كبير، وفى لحظات الصفاء ركزى على الصفات الإيجابية التى يتحلى بها، وتمتعى بروح المرح والدعابة معه لكى ترضيه وتمتلكى قلبه، وستكون النتيجة هى سعيه إلى تغيير تصرفاته ومحاولته السيطرة على انفعالاته.

أما فيما يتعلق بكذبه، فإنه ربما يعانى «الكذب القهري» حيث يكذب فى كل شيء تقريبا، حتى وإن كان الأمر تافها، ولعل الحل الأمثل لذلك هو ان تفتحى خطا من الحوار معه دون أن تلقى عليه تهمة أو تعليقا جارحا، أو التقليل من شأنه، ولا تعايريه بأخطائه، كما أن من أهم احتياجات الرجل أن تقبله زوجته، وأن تشعر بأنها تثق فيه، وهذه العوامل مجتمعة تفتح الطريق أمام استعادة العلاقة السوية مع زوجها.

أما فيما يتعلق بتربية الأولاد، فإنها دون نفوذ الأهل وهيبتهم، كالبحّار فى قارب بدون شراع، وبدون دفة فى بحر الحياة العاصفة، والتربية تقوم على ملاحظة الأبناء سلوكيات آبائهم، وليس بالحديث معهم، مع انتهاج سلوك آخر، وفى ذلك يقول «مكارينكو» لا تعتقدوا أبدا أن تربيتكم طفلكم تكون بالحديث معه، أو تعليمه، أو أمره بشيء ما، فالتربية تكون فى كل لحظة، فالطفل يتابع أهله ويرى كيف يلبسون، وكيف يتكلمون عن الآخرين، وكيف يتحاورون مع بعضهم، وعلى الآباء أن يتجنبوا العديد من السياسات الخاطئة فى تعاملهم مع أبنائهم ومنها إملاء الشروط والتحكم، والمواجهة المستمرة، والبعد عنهم، فهذه الأساليب وغيرها توجد فجوات بين الآباء والأبناء، كما أن القمع والمعاملة القاسية، والحدة فى فرض الأوامر، تترك أثرا عكسيا عليهم، إذ يرى «تولستوي» أن الإكراه فى التربية، أو استخدام العنف هو نوع من التسرع وعدم الاحترام الكافى للطبيعة الإنسانية، من هنا تأتى أهمية إيجاد الحوار، واشاعة الحب، والصداقة كعوامل أساسية فى تربية الأبناء، ولا تنسى قوله تعالى «واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، وبالوالدين إحسانا»، فقد قرن الله الإحسان الى الوالدين بالعبادة، فعلما أبنيكما الصفات الحسنة، وحاولى أن تبنى جسور الثقة بينك وبين زوجك، واستجيبى لطلبه العودة إلى بيتك بخطوات مدروسة حتى لا تفاجئى بمزيد من الانفعال، واعتقد أنك ستكونين أكثر حكمة فى إدارة دفة الأمور، وفقك الله وسدد خطاك، وهو وحده المستعان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
moon14
عضو محترف
عضو محترف
moon14

انثى
عدد الرسائل : 485
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 Profes10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 8010
نقاط : 6978
ترشيحات : 0
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 Awfeaa10

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 I_icon_minitime30/5/2015, 01:34

بريد الجمعة يكتبه:أحمد البرى
الصفحة السوداء !
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 2015-635684467595208220-520


تتقاذفنى الأمواج العاتية من كل جانب، وأتلفت حولى فلا أجد سبيلا إلى النجاة، فالغرق هو مصيرى المحتوم، وأكاد أن أستسلم له بعد أن خارت قواى، وأصابنى اليأس من الوصول إلى شاطئ الأمان، فأنا سيدة عمرى خمسة وثلاثون عاما، نشأت فى أحد الأحياء الشعبية بالقاهرة لأسرة بين الفقيرة والمتوسطة، ولى خمسة أشقاء، ثلاث بنات، وولدان، وترتيبى الكبرى، وقد تربينا مع أمى وحدها، ولم نعش حياة طبيعية بين أبوينا،
إذ إن والدى كان دائم الشجار مع والدتى، ولم نعرف يوما واحدا اتفقا فيه على شىء، وانتهى الأمر بهما إلى الطلاق، وذهب كل منهما إلى طريق مختلف عن الآخر، وعاد أبى إلى بلده فى الصعيد، وتزوج بأخرى، وأنجب منها خمسة أبناء، أما أمى فلم تتزوج، وإنما كرست حياتها لتربيتنا، ومرت الأيام ونحن لا نعرف عن أبى، ولا عن إخوتى منه شيئا، ومازلنا نجهلهم وسط ملايين البشر، وكم تمنيت أن أعرفهم وأزورهم، ولكن هيهات لى أن أصل إليهم، فلقد تركنا صغارا لا نعى ما حولنا، وتكبدت أمنا كل صنوف الشقاء لتربيتنا، وجاهدت قدر استطاعتها لتعليمنا، ولكنى خرجت من المدرسة، ولم أحصل على أى شهادة، ومع ذلك أعرف القراءة والكتابة، ولدى شغف لتسجيل خواطرى عن بعض المحطات المهمة فى حياتى، وبعد أن وصلت إلى سن الزواج ارتبطت عاطفيا بشاب من الجيران أحببته بكل كيانى، وملك عقلى وقلبى، ولم أحب غيره، ولا أتخيل أن أكون لشخص سواه، وهو يعرف ذلك جيدا، وما أكثر المشكلات التى افتعلها معى، وأنا سلبية تماما فى رد فعلى لتصرفاته من شدة حبى له، فمهما ضربنى أو أهاننى أجدنى مستسلمة تماما، وقد أنجبت ولدين وبنتا، ويبلغ عمر الأكبر الآن ستة عشر عاما وقد أتم الصف الأول الثانوى، والثانية ثلاثة عشر عاما ونجحت فى الشهادة الابتدائية، أما ابنى الأصغر فعمره خمس سنوات، وزوجى صنايعى، يعمل فى ورشة وكان يذهب إليها بانتظام، ومرت حياتنا هادئة فى سنوات زواجنا الأولى، ثم تغيرت الأوضاع، وتسللت إلينا المشكلات تباعا، ثم تعمقت الخلافات بيننا، عندما تعرف على أصحاب السوء الذين جروه معهم إلى تعاطى المخدرات فساءت حاله، ولم يعد زوجى الذى أحببته بكل كيانى، فعرف لأول مرة الغياب عن عمله الذى لم ينقطع عنه يوما، واكتشفت أنه صار أسيرا للحبوب الممنوعة، وفقد السيطرة على أعصابه ويثور فى وجوهنا لأتفه الأسباب، وزاد الطين بلة أنه أجبر ابننا الأكبر على أن يشترى له هذه الحبوب من أشخاص يعرفهم، فكان يرسله إليهم، لكى يعطوه ما أطلق عليه «الأمانة» ولم يمض وقت طويل حتي عرف ابني أن «الأمانة» هذه ليست سوى المخدرات، فامتنع عن إحضارها له، وأصر على موقفه، فإذا بأبيه يمسكه بعنف ويخلع ملابسه ثم ينهال عليه ضربا بمنتهى القسوة، ولم يتركه إلا بعد أن سقط على الأرض مغشيا عليه، وأصيب الولد بأزمة نفسية مازال يعانيها حتى اليوم، ولم تفلح توسلاتى إليه أن يترك ابننا وقلت له: «إنت عايز إبنك يبقى مدمن»، فلم يرد علىّ، ولذلك توقفت عن الحديث معه، وصبرت على هذا البلاء حتى لا أكرر ما مرت به أمى بعد طلاقها من أبى والمعاناة القاسية التى عشناها بلا أب، وتصورت وقتها أنه أعاد حساباته، وأدرك الخطأ الفادح الذى ارتكبه بحق ابنه، ولكن مثله لا يفكر بهذه الطريقة، وإنما يعنيه نفسه فقط، ولم تمر أيام معدودة حتى نادى عليه، وأمره أن يذهب لاحضار «الأمانة»، فانفجر ابنى فيه، وقال له بلا تردد ولا خوف: «لن أذهب إلى هذا المكان، ولن أحضر شيئا». فهاج زوجى، ولطم الولد على وجهه، فأسرعت إليه. ووقفت أمامه، وهنا انهال علىّ أنا الأخرى لطما وركلا بلا رحمة، وأصبت بدوار شديد وأجريت لى فحوص وآشعات عديدة أكدت سوء حالتى الصحية والنفسية، نتيجة الضغوط المتتالية التى تعرضت لها منذ زواجنا.


وزاد حزنى وانكسارى فانطويت على نفسى، وذات يوم ثار ضدى كعادته دون سبب يذكر، فأصر أبوه وأمه على اصطحابى إلى قسم الشرطة، وشهدا على بلاغ ضده بكل ما فعله بى، وقالا لى إنهما لا يرضيان أبدا بما فعله ابنهما، ولن يتخليا عنى، وأثنيا على أخلاقى وتربيتى، بل ويريان أننى ابنتهما، ويحباننى كثيرا، ولما علم بهذا البلاغ، أصابته لوثة عقلية، وضرب أباه ضربا مبرحا، وصار كالثور الهائج، فخشيت على نفسى وأولادى، فتركنا له المنزل، وذهبنا إلى بيت أمى التى احتوتنا، ولم تدخر جهدا فى سبيل راحتنا، ولم ننم باطمئنان إلا معها، ولكن ظل شغلى الشاغل هو كيف ستمضى حياتنا على هذا النحو، وأولادى يعيشون بعيدا عن أبيهم، فكم تمنيت أن ينشأوا فى أسرة مستقرة وسعيدة، ولم يدر بخلدى أن تكون هذه هى حال زوجى، ومرت أسابيع وأنا أنتظر اللحظة التى يراجع فيها نفسه، ويأتى إلينا طالبا الصلح، فنعود معه، ونطوى هذه الصفحة السوداء من حياتنا، لكنى فوجئت بما لم يخطر على بالى، فلقد تزوج من أخرى، فى شقتى وعلى أثاثى الذى دفعت فيه أسرتى دم قلبها، فأغمى علىّ، وأسرعت أمى بى إلى المستشفى، وفحصنى الأطباء، وقالوا لها إننى تعرضت لصدمة شديدة، ووصفوا لى بعض المهدئات، وشيئا فشيئا تأقلمت مع واقعى الجديد، كزوجة مع إيقاف التنفيذ، أما هو فلقد أنجب من زوجته الثانية توءما، ونسى أولاده الذين وجدوا أنفسهم بلا أب يرعاهم برغم أنهم يرونه كل يوم فى غدوهم ورواحهم.


ومع زيادة الضغوط النفسية والمادية، وعجزى عن توفير متطلبات أولادى بجانب أعباء المعيشة، اضطررت إلى تشغيل ابنى الأكبر فى إحدى الورش بضعة أيام فى الأسبوع بعد خروجه من المدرسة لكى يوفر احتياجاته الخاصة، ولجأت إلى العديد من المشروعات متناهية الصغر دون أن تكون لدىّ الخبرة التى تؤهلنى لإنجاحها، ولذلك فشلت جميعا.. وهنا بدأت مأساة جديدة، وهى أن أمى ضاقت ذرعا بأولادى، وأصبحت فى أحيان كثيرة تتعرض لهم بالضرب والمعاملة القاسية هى وإخوتى، وهم يفعلون ذلك فى الظاهر من منطلق أن الشدة وسيلة للتربية السليمة، وفى الباطن فإنهم ينتقمون من زوجى فيهم، ولم تكن بيدى حيلة إزاء ما نحياه من ذل ومهانة، إلا أن أسعى للحصول على حق أولادى من أبيهم الذى مازلت على ذمته، فلجأت إلى محام لكى يرفع لى دعوى للحصول على نفقة لتربيتهم، وبالفعل حصلت عليها وهى عبارة عن مبلغ ضئيل لا يكفى ثمن الخبز وحده، فزادت ضغوط أهلى علىّ، ولم أجد مفرا من أن أترك لهم المنزل، وأبحث عن حجرة واحدة فى أى مكان، ولكن ما أن جمعت أشياءنا أنا وأولادى حتى جاء إخوتى، وانهالوا علىّ ضربا بشكل هيستيرى إذ يرفضون أن أعيش أنا وأولادى فى حجرة بأحد المنازل لخطورة ذلك علىّ، وخوفا وتحاشيا لطمع الآخرين فىّ.


وبعدها بأيام قابلت زوجى فى الطريق فاستوقفنى، وقال لى إنه يريد أن نرجع إلى بعضنا، بعد قراره تطليق الثانية التى قال انه طردها بالفعل، وأخذ التوءم منها ويرغب فى أن أربيهما مع أولادى، ففرحت بشدة. وكلى أمل أن أستقر فى شقتى التى استولت عليها من ليس لها حق فيها، وأسرعت إلى حماتى، وأبلغتها بما قاله زوجى، فردت علىّ: «هذا قرارك، فأنت وحدك الأدرى بما يفعله، وعليك أن تتحملى تبعات هذا القرار»، فالشقة عليها إيجار متراكم على مدى أربع سنوات وصل إلى ما يقرب من خمسة عشر ألف جنيه، حيث انها مؤجرة وفقا لقانون الاسكان القديم بثلاثمائة جنيه فى الشهر، وأن صاحب المنزل رفع دعوى لطرده من الشقة، وصدر حكم لصالحه، فأسرعت إلى المحامى الذى طعن على الحكم من منطلق إنها الشقة التى تزوجنا فيها، وإننى حاضنة لأولادى، وأن من حق المالك أن يحصل على الإيجار المتأخر، وبالفعل حكمت المحكمة بأحقيتى فى الشقة، وتداينت من الكثيرين لتدبير هذا المبلغ إلى جانب أتعاب المحاماة.


وتسلم زوجى الشقة من جديد، وسألته: متى ستأتى إلى إخوتى لتنفذ وعدك لى، فتهرّب منى، وماطلنى كثيرا، وأعطانى أكثر من موعد، ولم يف بكلمة واحدة مما قاله، ثم كانت الصاعقة التى حلت بى، عندما علمت أنه أعاد زوجته الثانية إلى الشقة التى ينعمان فيها الآن بالراحة والسعادة، أما أنا فالديون تحاصرنى، والقلق يقتلنى، ولا أجد ولو كلمة طيبة ممن حولى.


ووسط هذا الظلام ظهر من يريد أن ينتشلنى، ويأخذنى إلى بر الأمان، وهو رجل يكبرنى بأكثر من عشر سنوات، وأرمل وليس لديه أولاد. وقد زارنا مع أخى، وعرف بحكايتى كاملة، فقال لى: إنه على استعداد لأن يرتبط بى إذا انفصلت عن زوجى، ويشترط أن أترك له الأطفال، ويرى أخى أن هذا الرجل جاد فى الزواج وليس طائشا كما هى حال زوجى، وإننى لا يعقل أن أستمر على الوضع الحالى، فنظرات الناس قاسية، ويحسبون كل خطوة على من تعانى نفس ظروفى، لكنى فى الوقت نفسه أخشى على أولادى من المصير الذى يتهددهم مع أب قاس ومدمن، ولا تعرف الرحمة إليه سبيلا، فبماذا تنصحنى؟


ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

عمق المأساة التى تعيشينها أراه فى أبنائك الذين تلقوا صدمات متتالية فى تعاملهم مع أبيهم المدمن، فزوجك بحسب أبوته هو صاحب السلطة عليهم، وبالتالى يجبرهم على أن يمتثلوا لقراراته، كما فعل مع ابنكما الأكبر حينما أمره بأن يحضر له المخدرات من أحد تجارها واصفا إياها بـ«الأمانة» لكن ابنك أدرك برغم صغر سنه أنها مخدرات، فامتنع عن إحضارها له، وكانت النتيجة أنه ضربه بشدة، فتحول إلى مريض نفسى، وفقد الثقة فى العالم من حوله، وتوالت تبعات إدمان الأب، فتفككت الأسرة، حيث انتقلت بالأولاد إلى بيت أمك وإخوتك الذين تحملوا أعباء معيشتكم فوق أعبائهم الشخصية، أما زوجك فأرتبط بأخرى وأنجب منها، غير مبال بعواقب ما يسوق نفسه إليه من دمار صحى ونفسى، وخراب بيته وتشرد أسرته.


والحقيقة أن طريقة اختيارك زوجك منذ البداية كانت خاطئة فلا تكفى المشاعر التى تتولد لدى المرء فى لحظة معينة لكى يبنى عليها حياته، صحيح أنك ربما تكونين قد ارتحت إليه من أول نظرة، أو جذبك مظهره العام، لكن والدتك وإخوتك لم يتحروا السؤال عنه، والتعرف على شخصيته ومد جسور الصلة مع أهله. فهذه ثوابت معروفة فى كل الأسر التى تسعى إلى زواج مستقر يستطيع الصمود أمام عواصف الزمن، كما يسهم فى الحالة التى وصلت إليها، ذلك التفكك الذى تسبب فيه أبوك بهروبه الى الصعيد وزواجه من أخرى وإنجابه إخوة لك لا تعلموا عنهم شيئاً، وهو ما يجب أن يتداركه فى أسرع وقت فيمد جسور التواصل بينكم، فلا يعقل أبداً ألا يعرف الإخوة بعضهم، على النحو الذى أشرت إليه.


وفات زوجك أن سلوكه سوف ينعكس بالضرورة على أبنائه، فالأب والأم مسئولان عن تكوين السلوك السوى لدى الأبناء، إذ إنهم يتأثرون بطبائعهما، وأرصد هنا عدة ملاحظات أبرزها أن الأبوين هما اللذان يحددان التكوين الجينى والبيولوجى والفسيولوجى للابن، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس»، كما أن شخصية الأب وأسلوبه فى تربية أبنائه من أهم العوامل التى تتحكم فى السلوك السوى لهم وفى ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا»، فبالرحمة يتحقق السلوك الديناميكى لديهم، فيصلون إلى الصواب، وبها أيضاً لا يقعون فى الخطأ والضلال.


لكن كل ذلك غاب عنك، فانجرفت فى تياره بدعوى أنك أحببتِه، وكان التصرف السليم هو أن تضعى معه النقاط على الحروف منذ اللحظة الأولى لاكتشافك إدمانه، فمن ينتهج هذا النهج فى حياته ليس من السهل أن يتراجع عنه، وأحسب أن أبويه يعرفان ذلك جيداً منذ البداية، وفاض بهما الكيل من تصرفاته، فأيداك فى تحرير محضر ضده فى قسم الشرطة، ولم يبال أبوه بتصرفه المشين عندما اعتدى عليه. ولا أدرى ماذا كنت تنتظرين بعد ذلك؟ وهل مثله يأمن أحد تقلباته المزاجية وتصرفاته الحمقاء؟ لقد ارتكبت خطأ فادحاً عندما تصورت أنه سوف يطلق زوجته الثانية، ويصلح مافسد من علاقتكما، فسارعت بالاستدانة من الآخرين لكى تدفعى الايجار المتأخر على الشقة التى استولى عليها، فحتى لو لم يغدر بك، وأعادك بالفعل إلى البيت.. هل كنت تعتقدين أنه تعافى من إدمانه، وانتظم فى عمله، واستقرت أحواله المعيشية؟.. لا ياسيدتى.. فهذا الرجل غارق فى ملذاته. ولا ينظر أبعد من قدميه، والحياة بالنسبة له أكل وشرب وإدمان، وقد يتطور الأمر إذا لم يجد دخلا يغطى احتياجاته إلى البلطجة والسرقة، «فانفدي بجلدك منه» واطلبى الطلاق، وسوف تحصلين عليه، واستمرى فى مشوار الخلاص منه.. أما الرجل الذى تقدم إليك راغبا فى الزواج منك بعد انفصالك عن زوجك فإعطى نفسك فرصة لدراسة ظروفه، وليتمهل شقيقك فى الموافقة عليه، ولابد أيضا من وضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بمستقبل أبنائك، وهم فى هذه الأعمار الخطيرة، والحقيقة أننى لا أميل إلى أن يكونوا مع أبيهم، بل الأفضل أن يكونوا مع والدتك لكى يتربوا فى كنفك وبالقرب منك على أن تحصلى على نفقة مناسبة لهم من أبيهم، وأرجو أن يتفهم من يريد الزواج منك أنك إذا لم تكونى أمينة على أولادك، فلن تكونى أيضاً أمينة عليه، وأنك ترغبين فى حياة مستقرة، وربما تنجبين منه إخوة لهم، وبالتالى لن تكررى خطأ أبيك الذى ترككم صغاراً، وتزوج بأخرى وحتى الآن لا تعلمون شيئاً عن إخوتك منه.


إن التريث فى اتخاذ القرارات المتعلقة بالزواج فيه السلامة، فلا تتسرعى فى قبول الارتباط بهذا الشخص أو غيره، ولابد أن تعرفى كل شىء عنه أولاً، وبعد ذلك تضعى معه النقاط على الحروف، ليكون كل شىء فيما بينكما واضحا وقائما على بينة.. أسأل الله أن يهديك إلى الطريق السليم، فتتخلصين من الرجل الذى أساء عشرتك، وتواصلين حياتك مع من يعرف قدرك، ويحسن معاشرتك، وتكملان معا مشوار الحياة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صفية السباعى
عضو فعال
عضو فعال
صفية السباعى

انثى
عدد الرسائل : 185
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 210
بلد الإقامة : Egypt
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 Office10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 1210
نقاط : 5637
ترشيحات : 1
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 Awfeaa10

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 I_icon_minitime12/6/2015, 17:24

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 Images?q=tbn:ANd9GcSUo--4v4LfD0zrNx3u52HT-4GcXUdWJgD629gxQgxxG58VjYMazg
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nasertoba
مرشح
nasertoba

ذكر
عدد الرسائل : 6343
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 Collec10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 110
نقاط : 17201
ترشيحات : 29
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 222210

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 I_icon_minitime31/7/2015, 12:27

بريد الجمعه يكتبه أحمد البرى
المشاعر الخرساء !

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 2015-635738854136384190-638

ا فتاة أقترب من سن الثلاثين، تربيت فى أسرة عادية مثل كثير من الأسر المصرية، لأبوين متحابين، ووجدتنى البنت الكبرى التى تكون دائما محط أنظار الجميع، ويلينى فى الترتيب أخ وأخت، وجمعنا الحب والتفاهم ودفء العائلة.
وقد بدأت حكايتى منذ ولادتي، إذ لاحظ أبواى وقتها أننى قد أكون غير طبيعية صحياً، حيث أعانى اضطراباً طفيفاً، وآتى بحركات لا إرادية فى أثناء السير أو الكلام، فأحاطانى بحبهما ورعايتهما، وبثا فىّ الثقة بالنفس والاعتماد على الله، فتولد لدى إصرار وعزيمة على الكفاح والنجاح، حتى بت فى داخلى متأكدة أننى طبيعية تماماً، ولا فرق بينى وبين الآخريات ممن هن فى مثل عمري، ولما حان وقت دخولى المدرسة عانى أبى الأمرين فى إلحاقى بها، فلقد رفض مديرو المدارس التى طرق أبوابها قبول أوراقي، وأبلغوه أن مثلى ليس لها سوى مدرسة مخصصة لذوى الاعاقة، فلم ييأس وعرض مشكلتى على المسئولين بالتربية والتعليم، وأثبت لهم أننى ذكية ومتفوقة، وكنت أصحبه فى مشاويره وأعيش اللحظات العصيبة التى أسمع فيها قرار قبولى أو رفضي، وأدعو الله فى نفسى «يارب لا تخذلنا» وكلل سبحانه وتعالى جهوده بالنجاح، والتحقت بمدرسة عادية، وأقبلت على المذاكرة واستذكار الدروس بشغف، ولم أبال بما واجهته من صعاب، وتمتعت بعزة نفس عالية، ولم يكن هناك ما يحزننى سوى نظرة الناس التى طالما ترفضنى بلا وجه حق، ولا سابق معرفة، بدليل أن من اقترب منى وعرفنى المعرفة الحقيقية أحبني، ولكن ظل شبح الرفض يطاردنى فى كل مكان جديد أذهب إليه، وأعود إلى البيت فأروى لأبى وأمى ما صادفته فى يومي، فيهدئانى بكلمات الصبر والأمل والاصرار الى أن وصلت للثانوية العامة التى تخيلت كثيراً أنها ستكون نهاية المطاف لمن تعانى هذه الظروف الصحية، واستعددت لها بكل ما أوتيت من قوة وعزيمة، واعتمدت على نفسى فى تحصيل الدروس، ولم أتلق مساعدة من أحد، ووقف بجانبى كثيرون من أساتذتى بالمدرسة، فالحق أنهم ساندونى فى كل خطواتى، ووجدت لديهم الجانب الحلو الذى افتقدته فى غيرهم على مدى عمري، وشجعتنى أمى بكلمات تؤكد ثقتها الكاملة فى قدراتي، ومازالت ترن فى أذنى حتى اليوم «لو مش هتخدى الثانوية بمجهودك، أنا مش عاوزاكى تخديها، هاتى خمسين فى المائة بس بمجهودك».. وبفضل الله نجحت وفرحت الأسرة والأهل والجيران بي، وحثونى على مواصلة مشوار الدراسة، وعند تنسيق القبول بالجامعات تلقيت اقتراحات كثيرة منها أننى أستحق كلية أعلى من مجموعى بحكم ظروفى الصحية، لكنى رفضت ذلك بشدة، وأدرجت رغباتى وفقا لما هو متاح لى من رغبات حسب مجموعى العادي، وجاءتنى كلية البنات، ويالها من فرحة عارمة حلت بنا، وانطلقت الزغاريد مدوية فى أرجاء المنزل، ثم كانت المفاجأة الحزينة أن ادارة الكلية حاولت عرقلة التحاقى بها، عندما رآنى الموظفون وعرضونى على طبيبة الكلية، واستغرب أبى وأمى هذا الموقف العنيد الذى يتنافى مع أبسط حقوقي، فهؤلاء يرفضوننى بلا أسباب، وهو سلوك يتعارض مع القواعد المتبعة فى القبول بالجامعات والمدارس وأبواب العمل المختلفة، وبعد جهد جهيد التحقت بالكلية، وجاء الرفض هذه المرة من زملائى وبعض الأساتذة، حيث خافوا منى بسبب الحركات اللاإرادية التى لا ذنب لى فيها، واستغربت موقفهم، فمن المفروض أنهم مثقفون وعاقلون، وعرض علىّ أحدهم أن يعطينى درجات أعمال السنة من غير امتحان أو ابحاث، فرفضت بشدة، بل وأصررت على أن أقابله اكثر من مرة، حتى عرفنى جيداً، وزالت من تفكيره الفكرة الخاطئة التى أخذها عنى بطريق الانطباع، ومضيت فى تعريف نفسى للجميع، وما يلبث أن يعرفنى أحد جيداً حتى يحبنى بصدق، صحيح ان بعضهم كان يشفق عليّ، لكنهم جميعا شجعونى على الاستمرار وكونت صداقات مع عدد من زميلاتي، وتخرجت فى الكلية بفرحة لا توصف.. وهكذا سارت حياتى التعليمية، أما عن حياتى كأنثى لها قلب ومشاعر، وتسعى الى أن تجد من يشعرها بأنها شيء فى حياته، فلها قصة أخري. إذ أحاطنى أبواى وشقيقاى بالحب، واعتبرت أختى الصغرى توأمي، فهى تشجعنى وتخفف عنى كثيراً، وأخى أرى فيه الابن والأخ المساعد والمشاكس، وكل مايمكن أن يكون الولد فى حياة أخته، أما أمى وأبى فلا استطيع وصف شعورى تجاههما. فلقد تعلمت منهما الكثير، ولم أعرف كلمة المستحيل بفضلهما، ولم أشعر بأى نقص بين أهلى جميعاً، فأحبهم ويحبوني، ويفخرون بى ويشجعوننى ويساعدوننى عند الحاجة، وأشاركهم فى كل شيء حتى عمليات البيع والشراء، والفسح وكل المناسبات، وبطبيعة الحال لم يخل الأمر من بعض المنغصات، وكان هناك تساؤل لدى كل طفل فى العائلة عني، وبعده أكسب حبه واحترامه، وفى سن المراهقة تعلقت بمدرسى المرحلة الثانوية، ثم تلاشت هذه الفكرة تماما من ذهنى بدخولى الكلية فلم تكن لى أى أحلام فى الارتباط سوى بالمجهول، وتساءلت: هل يوجد من يرضى بي؟.. ووجهت تفكيرى نحو أشخاص بعينهم من عائلتي، ولم أصرح لأحد بما فى نفسي، وتعرفت عن طريق «الفيس بوك» على أصدقاء كثيرين، وفكرت فى التعرف على أحدهم بهدف الارتباط
وصارحت أمى به، بعد أن توسمت فيه الصدق، فلم تشجعنى على الاستمرار فى هذه التجربة، وطلبت منى قطع صلتى به تماما، فامتثلت لما رأته، ولم يكن هذا الشخص سوى «حب التجربة» لا أكثر، وعندما تخرجت فى كليتى حدثتنى أمى بشأن أحد أقارب زوجة عمي، وقالت لى انهم يرشحونكما للزواج، ويريدون أن تجلسا معا بشكل غير رسمي، وأن قريبهم هذا يعانى إعاقة بسيطة تماثل اعاقتي، فلم أرفض عرضها لسبب واحد هو أننى لا أريد أن يرفضنى أحد لهذا السبب، وأدينا أنا وأمى وأبى صلاة الاستخارة، وتركنا الأمر لله، ثم وقعت احداث عديدة عطلت لقاءنا.. مرة السفر، ومرة حالة وفاة، ثم أغلق الموضوع تماما، وكانت هذه هى المرة الوحيدة التى حاول فيها أحدهم الارتباط بي.

ورحت أمارس حياتى كخريجة جامعة، وحاصلة على دورات تدريبية فى اللغة الانجليزية والكمبيوتر، وبحثت كثيرا عن عمل مناسب، وقال لى أبى إنه سيسعى الى توظيفى بنسبة الخمسة بالمائة المخصصة لذوى الاحتياجات الخاصة، وأحسست وقتها أننى أهد البناء الذى استغرق عمرى كله، فلقد عشت حياتى وأنا أحارب كل المعوقات لكى أثبت شيئا، والآن أثبت عكسه، ولم يكن بيد أبى حيلة لتشغيلى فمارس ضغوطا شديدة علىّ لكى أقبل بموضوع الاعاقة، واستخرجنا الشهادة التى تثبت أننى واحدة من هؤلاء الذين اقتضت ظروفهم أن يقعوا تحت هذا التصنيف، وأشفق علىّ الكثيرون من أصحاب الأعمال ورؤساء المصالح، وجاءتنى فرص عديدة لـ«المرتب المنزلي»، بمعنى ألا أعمل، ولكن فى الوقت نفسه أكون مقيدة لدى الشركة أو المصلحة، ولى كل المستحقات فرفضت بلا نقاش، وبعدها سعى أبى لدى صاحب مدرسة من معارفه لأعمل لديه، لكن الرجل رفض بطريقة كلها ذوق، ثم وافق صاحب مدرسة أخرى على تشغيلي، واشترط عليه أبى أن أؤدى الامتحان المطلوب للوظيفة مثل اى متقدم للعمل، فأكد أنه سوف يقبلنى وفقا لما ستسفر عنه نتيجة الامتحان فلا خواطر عنده، ونجحت فى الاختبار، وقال لى صاحب المدرسة إنه سوف يسند لى عملا لا أحتك فيه بالأولاد ولا بأولياء أمورهم، وان كل تعاملى سيكون مع الكمبيوتر، حتى نتجنب أى حرج لى أو لهم،وسعدت جدا بعملي، وتولد لدى احساس بالانتصار والاستقرار وصار داخلى شعور بأن مديرة المدرسة هى التى تقف بجوارى دون أن تشعرنى بذلك، وتعلمت الكثير من التجربة والممارسة وعرفت أن كل شىء لا يتحقق بالحب والعاطفة، وأن الشغل مصلحة وطموح، وواجهت كثيرا من المواقف جعلتنى أكثر ادراكا للأمور، وعاصرت مشكلات شخصية لزميلاتي، وشاركتهن الرأى حتى وصلن إلى حلول ناجحة.

ومع استقرار وضعى فى المدرسة، شغلنى أمر الارتباط من جديد بحكم أننى لم اتعامل مع الشباب إلا فيها، وقد تعرفت على الجيد والسيئ منهم، والخدوم و«بتاع مصلحته«، وعرفت معنى التسلية، ومعنى الرغبة ومعنى الحب الحقيقي.

.. نعم تعرضت لأحاسيس كثيرة فى هذا الشأن بين التخيل والتمنى والرفض، وبفضل الله حافظت على نفسي، ولم انزلق فى أى من هذه العواطف نحو احدهم، فكلها مشاعر عابرة تأتي، ولا تلبث ان أنساها، ولا استطيع أن أصف سعادتي، عندما تقدم العرسان لأختى فلقد عرفت المعنى الحقيقى لفرحة الأخت بأختها، وكدت أطير من السعادة عندما استقر رأى أبى على من ارتضاه زوجا لها، وقد أخذ رأى عمى الأكبر فى إقامة حفل لخطبتها فرد عليه «هتجوز الصغيرة قبل الكبيرة».. فكدت أدخل فى الحوار، وأقول له نعم تتزوج وتفرح وتسعد، واعتبرت أن مجرد تفكيرهم فيّ هو اعتراف بحقى فى الحب والزواج.

آه ياسيدى من «المشاعر الخرساء» التى لا يستطيع المرء التعبير عنها، مشاعر فى الحب والحياة، والعمل، والمعاملات والمصالح والشوارع والاندية الاجتماعية.. فالحديث يجرى إلى نواح أخرى كثيرة، ومن بين مواجهاتى مع المجتمع ما ألاقيه من رفض فى المؤسسات المختلفة كالبنوك والسجلات المدنية، وخلافها، فهم يرون أننى لست مؤهلة لأن يكون لى حساب خاص، أو أن أقوم بعمل توكيل لأحد، ومن ثم أحصل على حقى بعد صراع طويل، وفى هذا الإطار ومن أجل الحصول على أخذ حقوقى طالبت صاحب المدرسة التى أعمل بها بالتأمين علىّ لدى المعاشات ففعل وصار لى وضع قانونى ونلت حقى بعد عذاب وأنتظر الآن التأمين اصحي، وأترقب العودة إلى دائرة الأطباء حتى أحصل على ما يكفله لى القانون من حقوق مثل الآخرين!

وإنى أسألك: متى نتخلص من هذه «النظرة العجيبة»؟.. ومتى سيتحرر المجتمع البشرى من القيود والجهل؟.. ومتى يدركون أن الله أعطى كل إنسان نصيبه من الدنيا؟ وأنه سبحانه وتعالى عادل لا يظلم أحدا؟.. ومتى نهتم بالجوهر لا بالمظهر؟.. إننى أوجه رسالتى إلى كل فئات المجتمع، كل فئة حسب مجالها، من أجل الوصول إلى بر الأمان مع من ابتلاه الله بأى عجز، فنحن لم نخلق أنفسنا، والله هو خالقنا، وهو الذى سيحاسبنا.. فما دخل البشر بيننا وبين ربنا أم أنهم يحكمون على الله؟.. يا أيها الآباء والأمهات والمعلمون والأطباء والمسئولون: اتقوا الله فيما آتاكم من مسئولية تجاه كل شخص شاء القدر أن تكون له ظروف خاصة، فهو يعرف قدره ويستشعر قيمته من خلال التعامل مع الآخرين فلا تلقوا به إلى الهلاك، ثم تحكموا عليه بالفشل بل اعرفوا حقيقة وضعه وتفاصيل عجزه، واهتموا بنفسيته، وعلموه الاعتماد على نفسه والثقة فى قدراته، حتى ينهض واقفا على قدميه مواجها التحديات، فبالارادة يستطيع أن يقدم الكثير، ويكون عضوا نافعا فى المجتمع، ولله الأمر كله.

< ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

لم تكن مشاعرك على مدار السنين خرساء أبدا، وإنما كانت مشاعر ناطقة بكل معانى الحب والتضحية والكفاح، فهناك نفوس تستطيع أن تصنع من كل شيء سعادة ولا تتوقف أمام نظرات الجاهلين، وذوى النفوس الخربة، وأنت واحدة من هؤلاء فابتسمت للحياة وتقويت بعزيمتك فى مواجهة الشدائد والأعاصير، وأصبحت أكثر قدرة على العمل، وأكثر تحملا للمسئولية، وأدركت بفطرتك وذكائك الذى وهبه الله لك تعويضا عما وصفته بـ«الحركات اللا إرادية»، أنه لا شيء يجعل الإنسان عابثا ومكتئبا يؤوسا، ولذلك حاربت اليأس بالأمل والابتسامة فكان النجاح حليفك ولم تبالى بأى صعاب فعالجتيها وأنت فى قمة الرضا والهدوء والسكينة، فهل هناك ما هو أروع من صنيعك هذا؟.

إنه لا شيء أقتل للنفس من الإحساس بقلة القيمة وصغر الشأن، وأنه لا يمكن أن يصدر عنها عمل عظيم، ولا ينتظر منها خير كبير، وهذا الشعور وحده يفقد الإنسان الثقة بنفسه، فإذا أقدم على عمل تشكك فى قدراته وإمكان نجاحه، فيعالجه بفتور، وهنا يفشل فيه، ومن هذا المنطلق فإن الثقة بالنفس فضيلة كبرى يقوم عليها النجاح فى الحياة، وشتان بينها وبين الغرور الذى يعد رذيلة، والفارق كبير بينهما فالغرور يعنى اعتماد النفس على الخيال والكبر الزائف، والثقة بالنفس تعنى القدرة على تحمل المسئولية والمضى فى طريق النجاح.

أما عن البشر، فلقد أراد الله لهذه الدنيا أن تكون جامعة للضدين والنوعين والفريقين والصلاح والفساد والسرور والحزن، ولقد أدركت ذلك فعشت واقعك ولم تسرحى مع الخيال، وأقبلت على دنياك كما هي، وطوعت نفسك لمعايشتها، وهذا هو الفوز الكبير، وأحسب أن من سيرتبط بك سوف يكسب كنزا لا ينضب من الصدق والإخلاص، والعطاء، والحقيقة أنك باستمرارك على هذا النهج الرائع ستكونين قدوة للآخرين فيحذون حذوك، ويأخذون مسارك ويسيرون على دربك، وما أعظم الناجحين فى الحياة الذين لم يوقفهم مرض، ولا عقبات، أمام طموحاتهم، فملأوا أسماع الدنيا بعطائهم من أمثال «هيلين كيلر، وطه حسين»، وهما من العظماء.

والشدائد مهما تعاظمت لا تدوم على أصحابها، ولا تخلد على مصابها، بل انها أقوى ما تكون استعدادا وامتدادا واسودادا، أقرب ما تكون انقشاعا وانفراجا، وانبلاجا عن يسر وفرج وحياة مشرقة، فيأتى العون من الله عند ذروة الشدة، وهكذا فإن نهاية كل ليل غاسق فجر صادق.

ولقد طلع هذا الفجر فى حياتك، وأشرقت نفسك بنور ربك، وكان الأمل العظيم الذى نلته بنقاء سريرتك، ونجاحك فى العمل والحياة، هو الباعث الأول على حالة الاستقرار التى وصلت إليها، والتى نتمنى أن يصل إليها كل الناس، ولو نظروا بعين التفاؤل الى الوجود، لرأوا الجمال شائعا فى كل ذراته، فالله سبحانه وتعالى قد يغلق أمامنا بابا لكى يفتح بابا آخر، أفضل منه، ولكن معظم الناس يضيعون تركيزهم وأوقاتهم فى النظر الى الباب المغلق، بدلا من باب الأمل الذى انفتح أمامهم على مصراعيه، على حد تعبير الراحل د. إبراهيم الفقي، ولا أدرى لماذا كل هذا الخوف الذى ينتاب البعض، وهم يعلمون أن الشمس لا تظلم من ناحية إلا وتضيء فى ناحية أخري؟

إننى أحييك على إحساسك الإيجابى بالحياة برغم الظروف والتحديات التى واجهتك، ومازلت تجربين مفاتيح كثيرة للوصول الى بر الأمان فى السعادة والزواج والاستقرار، وسوف تجدين حتما المفتاح المناسب حين يأذن الله، وأرجو أن تكون رسالتك القيمة قد وصلت الى الجميع فيتعلمون منها الدرس الأكبر الذى نسعى إليه، وهو أنه مادامت هناك حياة فإن الأمل قائم، وعلينا أن نبذل أقصى ما فى وسعنا لتحقيق سعادتنا وراحتنا وليكن منهجنا وشعارنا دائما «لا يأس مع الحياة».
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كابتن أحمد منصور
مشرف
مشرف
كابتن أحمد منصور

ذكر
عدد الرسائل : 6488
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 210
بلد الإقامة : المدينة الفاضلة
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 Office10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 Bookwo11
نقاط : 17058
ترشيحات : 47
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 710

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 I_icon_minitime14/8/2015, 01:49

نظرات الشك






0

1032
طباعة المقال

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 2015-635751021206618433-661


أنا فتاة فى الخامسة والثلاثين من عمري، ولى خمسة أشقاء منهم اثنان متزوجان، وتبدأ حكايتى عندما كنت فى الثانوية التجارية حيث جاءتنا ابنة عمي،

 وطلبت منى أن أذهب معها للبحث عن عمل. وانتهى بنا المطاف فى محل للملابس الجاهزة عملت بأحد فروعه فى الهرم، وعملت هى فى فرعه بأحد الفنادق الشهيرة، وحصلت كل منا على أجر شهرى قدره مائتان وخمسون جنيها، وهو مبلغ كبير فى ذلك الوقت، وساهمت بجزء كبير منه فى مصروف البيت، واستمررت فى هذا العمل، والتحقت بمعهد محاسبة لمدة سنتين بعد أن أهلنى مجموعى فى الصف الثالث الثانوى التجارى له، واستطعت التوفيق بين عملى ودراستي، وتركت البنات اللاتى يعملن معى المحل واحدة تلو الأخري، وبقيت فتاة لها خبرة طويلة فى هذا المجال وتكبرنى بعدة سنوات، وقد وصفها صاحب المحل بأنها «بنت سوق» حيث كانت تحقق لهم مبيعات كبيرة، وبالأسعار التى تفرضها حسب الزبون، وكان من بين الزبائن ممثلون لا ينظرون إلى السعر، والغريب أن أصحاب العمل اعتبروها ماهرة.
وذات يوم أخبرتنى أنها ستأخذ «سالوبيت بيبي» لابن اختها وسوف تقيده فى فاتورة بيع من فواتير زبون يدفع الحساب دون أن يدقق فيما يدفعه، وخشيت أن أخبر صاحب المحل بما ستفعله، خوفا منها، وهكذا سرقت قطعة الملابس، ومرت الأيام وجاءت إلى المحل بنطلونات جينز بناتى كبيرة من نفس مقاسي، وأعجبنى أحدها فدخلت إلى«البروفة» ووجدته مناسبا جدا لي، ولم يكن معى ثمنه نظرا لأن أمى تأخذ مرتبى وتعطينى مصروفى الشخصى فقط، ولاحظتنى زميلتى السارقة فشجعتنى بل وساعدتنى على أن آخذه، وبعدها أحسست فى عينيها الفرح كأنما تقول لي: «لقد أصبحت سارقة مثلي»، وكلما لبست هذا البنطلون أشعر بالندم الشديد، وتأنيب الضمير والضيق، فأتراجع عن ارتدائه، وبمرور الوقت أخفيته عن ناظرى حتى لا يذكرنى بالفعلة الشنعاء التى ارتكبتها، وكررت زميلتى سرقاتها وأنا مجبرة على السكوت، وظل هذا الأمر مكتوما داخلي، ثم انتقلت هى إلى فرع آخر للمحل، وحدثت لها مشكلة هناك وطردها صاحب المحل، ولما جاءنا الخبر انتابنى الخوف من جديد، وطار النوم من عيني، وكان العقاب الثانى من الله لى بعد انعدام راحة البال والضمير، هو اننى أصبحت أخشى عالم «الجن والعفاريت» الذى سمعت عنه لأول مرة، عندما انتابت ابن مالك المنزل الذى نسكن فيه حالة من الصراخ والصرع وكأنه يستغيث من أحد يطارده، وسمعنا صوت تكسير، ثم نزل على السلالم مسرعا، وهو يقول بصوت عال «ارحمونى ابعدوا عني» وظل على هذه الحال حتى بزوغ النهار، ولم يجرؤ أحد على فتح الباب لاستطلاع ما يحدث له، حتى إخوته، ولم يفلح «الشيوخ» الذين عرضته أمه عليهم فى علاجه، المهم أن هذا الموضوع أخذ حيزا كبيرا من تفكيري، وصرت أتلفت حولى وأشعر كأن شخصا يتبعني، وجاهدت نفسى على البعد عن التفكير فى مثل هذه الأمور.
وواصلت عملى بإخلاص، وذات يوم جاء زبون كبير اشترى الكثير من الملابس الموجودة بالأقسام ماعدا قسم الأطفال الذى أبيع فيه، ورفع البائعون الأسعار عليه، ثم ضبطوا الفواتير بعد خروجه من المحل، ووضعوا الفارق فى جيوبهم، ثم تبين أن ما حدث مجرد اختبار من صاحب المحل وعرف أنهم جميعا لصوص، وقام بتحويل الموضوع إلى النيابة، وكنت الوحيدة الناجية من هذا الفخ، وجاء فريق عمل جديد، وبعد فترة تغيرت معاملة مدير المحل وإبنته معي، وقال لأحد البائعين أمامى «خللى بالك منها دى حرامية» وهنا عرفت ما خشيت منه، وكان بامكانه طردى من العمل لكنه فضّل مراقبتي، ولما علم زملائى الجدد الحكاية لجأ عدد منهم إلى السرقة متأكدا أن أى تهمة من هذا النوع سوف تلتصق بي، وظللت أتعذب فى هذا الجحيم ثلاث سنوات، وبمرور الوقت تراكمت الملابس الموجودة من موديلات قديمة، ولم يعد قسم الأطفال يحقق مبيعات تذكر، فاستغنى عنى صاحب المحل وفرحت وقتها بأننى خرجت من هذا السجن، وطبعا حزن أبى وأمى لذلك كثيرا، فلقد انقطع مورد الدخل الذى كان يكملان به متطلبات المعيشة للأسرة الكبيرة.
ولم تمض ثلاثة أيام فقط حتى وجدت عملا فى مركز تجارى بالقرب من البيت، وفوجئت بإبنة صاحب المحل القديم تزور المحل الجديد الذى أعمل به فى المركز، وكأنها جاءت خصيصا لتقول له «إنها سارقة»، وتأكدت من ذلك عبر «نظرات الشك»التى نظر بها صاحب المحل إليّ، لكنه تأكد من أننى لم أرتكب أى أخطاء، أما الباعة من حولى وربما فى المحلات المجاورة فيبدو أنهم عرفوا بالواقعة القديمة فلم أنج من نظراتهم واستفزازاتهم لدرجة أننى حررت محضرا ضد شاب تفوه ضدى بألفاظ جارحة، وبعد عامين لم أجد بدا من أن أترك العمل، وكنت وقتها قد حصلت على دبلوم معهد المحاسبة فوق المتوسط، وظللت أبحث عن عمل آخر واهتديت إلى مدرسة للثانوية الفندقية عملت بها مدرّسة آلة كاتبة، ولم استمر فيها طويلا بسبب مضايقات التلاميذ، واحساسى الداخلى بأنهم يستهزئون بي، حيث قدمت استقالتى بعد انتهاء العام الدراسي، وكان أبى وقتها قد خرج إلى المعاش، ودخل بمكافأة نهاية الخدمة فى مشروع، وانتقلنا إلى شقة فى الشيخ زايد، وأحسست أننى أولد من جديد، وهناك بحثت عن عمل مناسب، والتحقت بمكتب عقارات ومر عام كامل، وأنا سعيدة به، إلى أن وقعت مشاكل مماثلة لكل ما سبق من نظرات ومضايقات، ورويت لأمى بعض ما حدث معي، فردت علىّ بأننى موهومة، وكنت وقتها قد كرهت كل شيء فى الحياة، فظللت حبيسة المنزل لمدة عام لم أغادره، وكانت أختى الكبرى قد تزوجت من أحد أقاربنا فى محافظة بوسط الدلتا، وتزوجت أختى التى تلينى فى كلية الآداب، وعملت مدرّسة بمعهد أزهري، وحمستنى هى وأمى على مواصلة العمل، وبالفعل التحقت بمدرسة حضانة وأحببت التدريس فيها، وبمرور الوقت صرت معلمة لتلاميذ المرحلة الابتدائية وأصبحت معروفة على مستوى حضانات الحي، وعرفت الاستقامة فى كل خطواتي، والمواظبة على الصلاة فى أوقاتها، ثم توقفت عن الذهاب إلى الحضانة واكتفيت بالدروس الخصوصية فى منزلنا فقط.
وخلال هذه الفترة ساءت حالتى النفسية، وزادت الكوابيس، وعرضتنى أمى على شيخ عمل لى جلسة لإخراج الجن من جسمى على حد تعبيره ـ لكن شيئا لم يتغير، وجاءنى بعض الشباب لطلب يدى ولم أوفق فى الزواج بأى منهم بالرغم من أننى خطبت لأحدهم، حيث إننى لم أجده الشخص الذى أتمناه زوجا لي، وبعدها انتابتنى حالة من الوسواس القهري، وتشككت فى كل شيء حولي، وزاد ترددى على المشايخ الذين قيل إنهم يفهمون فى مثل حالتي، ولم أتوصل إلى نتيجة، وكثيرا ما جلست إلى نفسي، وتذكرت واقعة البنطلون القديمة، وأقول فى نفسى يجب أن اعترف بالسرقة، وأرد ثمن البنطلون لصاحبه، وبالفعل بحثت عن رقم هاتفه، واعترفت له بكل شيء، وقال الرجل إنه سامحني، ولا يريد ثمن البنطلون فأكدت له أننى سوف أتصدق بضعف ثمنه، وفعلت ذلك، وأحسست بنوع من الرضا، والتحقت بالجامعة المفتوحة، وتعرفت على شاب عن طريق «الفيس بوك» ونشأت بيننا صداقة، قال لى إنه متزوج ولا يشعر بأى عاطفة تجاه زوجته، وطلب منى أن أبعث إليه بصورة لى فيها تفاصيل مظهرى الخارجي، حتى بدون وجهى إن كنت أخشى من اظهار صورتى كاملة، واستجبت له، وكانت الطامة الكبرى أن كل من حولنا عرفوا بذلك، وتأكدت من أن هناك من يتجسس على هاتفي، ومرت الأيام وتخرجت فى الجامعة، لكن صورتى فى المنطقة صارت سيئة، ووصل الأمر إلى حد أن جارة لنا قطعت علاقتها بنا لهذا السبب.
وتتأرجح حالتى بين التحسن لفترات بسيطة، والتدهور لفترات طويلة، ولا أدرى كيف أواجه نظرات الناس وكلامهم الذى يدمرنى نفسيا، لدرجة أننى أشعر أنهم يعرفون عنى ما لم أعرفه عن نفسي، وأصبحت أدخل إلى حجرة نومي، وأنا خائفة من الغد، ولا أشعر أن هناك حلا لمشكلتي، فكل يوم يزيد الكلام ولا أستطيع أن أمنعه، ويصعب علىّ أن أجد صورة أبى وأمى وإخوتى وسط الناس بهذه البشاعة، وأكون أنا السبب فيها. أننى أواجه ابتلاءات ومصائب منذ أن كان عمرى ستة عشر عاما، ولا أدرى كيف أتخلص من العذاب الذى أعانيه؟ وانى أسألك، هل هناك أمل فى أن أجد الشخص المناسب الذى ينتشلنى من عالم الضياع، ويؤمن بصدق كل كلمة قلتها، وما العيب الذى تراه فىّ بعد كل ما ذكرته لك، وكيف السبيل إلى أن أعيش حياتى فى أمان وسلام؟
 ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
كل نظرات الشك التى تتوهمينها إليك، ليست سوى حالة مرضية ألمت بك، وزادت حدتها عندما سرقت قطعة ملابس من المحل الذى كنت تعملين به، بغرض محاكاة زميلتك التى ارتكبت السرقة مرات عديدة، فلقد أصبت بالوسواس القهرى الذى طاردك فى كل مكان تذهبين إليه حتى فى حجرة نومك، ورحت تتخيلين أن كل الناس يطاردونك، وأن زملاءك بلا استثناء يسرقون المحلات التى يعملون بها، وهو قول فيه مبالغة شديدة، وربما ليس له وجود إلا فى خيالك فقط، كما أنه لا يعقل أن يعلم صاحب عمل بأن إحدى العاملات لديه سارقة، ويتركها تعمل بالسنوات بدعوى اختبارها، إذ ما الذى يجبره على ذلك، وهناك آلاف الأمناء والأمينات الذين من الممكن وضع الثقة فيهم وعدم الشك فى تصرفاتهم.
إن الأمر برمته لا يعدو كونه حالة وسواس قهرى ربما تكون له جذور وراثية، ولا تندرج حالتك تحت مرض السرقة مادمت لم تسرقى سوى مرة واحدة، وقد كفرت عنها بإبلاغ صاحب المحل بالسرقة، حتى ولو بعد حين، فرفض أن يأخذ ثمن قطعة الملابس، فأخرجت ضعف قيمتها صدقة فى أوجه الخير، فالمعروف أن مرض السرقة أو«الكلبيتومانيا» يعنى عدم القدرة على التوقف عن السرقة، بهدف الحصول على الإثارة الفورية واللذة الآنية، وهو حالة نفسية اضطرابية تتمثل فى عدم القدرة على مراقبة النزوات والسيطرة على «الرغبات الجامحة» ومن هنا فإنك لا تندرجين تحت المصابين بهذا الداء، أما عن تجاربك الحياتية سواء فى العمل أو فى علاقاتك العائلية، ومنها العاطفية، فإنها تنحصر فى الوسواس القهري، وهو مرض لا يتم علاجه عن طريق مدّعى العلاج من الجن والعفاريت وانما يتطلب الأمر جلسات نفسية مطولة مع طبيب متخصص الى جانب العلاج الدوائى الذى قد يتطلب الأمر تعاطيه لمدد طويلة، والمهم هو الاستعداد النفسى من جانبك لتقبل هذا العلاج.
وأولى خطوات العلاج هى أن تعلمى أن الاشتغال بالماضي، واجترار الكوارث التى انتهت ضرب من الحماقة، وعدم الإيمان، وأن الحزن على ما فات لا يقدم فى الواقع شيئا، بل هو كالرياح الهوجاء، تبعثر كل شيء، وتحيل الحياة إلى نكد دائم.
وإنى أسألك: ألا يشرح صدرك، ويزيل همك وغمك، ويجلب سعادتك قول الله تعالى «قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعا، إنه هو الغفور الرحيم»، وألم تفرحى بقوله سبحانه أيضا «والذين اذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم، ومن يغفر الذنوب إلا الله، ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون».. ألا يفرحك أن هذه الآيات تؤكد لك أن توبتك عن السرقة، وامتناعك عن علاقات الفيس بوك غير المضمونة وبعدك عن الانخراط فى علاقات غير سوية مع شباب مستهترين، فيها رضا من الله عنك، وأنك من معدن أصيل، لا يعرف الى الانحراف سبيلا؟ فكل ما هنالك أنك ارتكبت خطأ أو خطأين ثم رجعت الى رشدك، فهداك الله الى سواء السبيل؟.
إن هذا ما حدث بالفعل فما الذى يجرك الى الوساوس والأوهام؟.. انك مطالبة بألا تحزنى أو تقلقي، وأن تنتظرى الفرج، حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن أفضل العبادة، انتظار الفرج»، ويقول المثل العربى «اذا اشتد الحبل انقطع» بمعنى أنه اذا تأزمت الأمور، فإنه سوف يعقبها الفرج، ويقول رب العزة فى الحديث القدسى «أنا عند ظن عبدى بي، فليظن بى ما شاء».
ولا تلتفتى الى ايذاء الآخرين لك، ويكفى أن أذكرك بقول الله عز وجل «والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس»، فلا تلقى بالا لأمثال هؤلاء الموتورين، واعملى بما جاء فى كتاب الله «ولا تك فى ضيق مما يمكرون».
أما عن الحب والزواج، فإن نصيبك العادل منه سوف يأتيك فى الوقت الذى يحدده الله لك لكن ينبغى عليك أن تقطعى كل صلة لك، بالمستهترين، فالزواج له طريق واحد واضح وشروط محددة ومعروفة، حتى يكبر وينمو ويستمر إلى النهاية، لأن ما يبنى على باطل فهو باطل.
وعليك بمفتاح السعادة، وهو الإيمان والرضا بما قسمه الله، ألم تقرئى قول الله تعالى«إن الله يدافع عن الذين آمنوا» أى يدفع عنهم شرور الدنيا والآخرة نتيجة إيمانهم؟.. إنه بشرى من الله، ومن ثمرات الإيمان أيضا أنه يسلى العبد عند المصائب، ويهون عليه الشدائد والنوائب، فقال «ومن يؤمن بالله يهد قلبه»، انها وعود من الله لكل من ينتهجون الطريق السليم، وأحسب أنك قادرة على المضى فى الاتجاه الصحيح، بإدراكك الأخطاء التى وقعت فيها، واتخاذك أول خطوة نحو الخلاص من الماضى بكل ما فيه من مآس، فالتمسى العلاج لدى طبيب نفسى متخصص لكى يحدد لك العلاج الدوائي، ولنبدأ المشوار من الآن إلى أن تتعافى بإذن الله، وأرجو أن تتفضلى بزيارتي، وليدبر الله أمرا كان مفعولا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أم البنات
مشرفة
مشرفة
أم البنات

انثى
عدد الرسائل : 9513
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 210
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 Unknow10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 8010
نقاط : 19672
ترشيحات : 44
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 333310

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 I_icon_minitime18/9/2015, 23:51

حكمتك يارب!

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 2015-635781254481545440-154

دفعتنى رسائل قرائك عن تجاربهم فى الحياة، والدروس والعبر التى خرجوا بها من هذه التجارب، وأرادوا أن ينقلوها إلى الآخرين عبر بريدك الشهير إلى أن أروى لك حكايتى بكل ما فيها من مرارة مازلت أتجرع كأسها حتى اليوم، فأنا سيدة تعديت الخامسة والستين، وأعيش فى إحدى قرى محافظة ساحلية، وانتمى إلى أسرة عادية من أسر الأرياف، حيث يرتبط الجميع بعلاقات نسب ومصاهرة بين بعضهم، وكنت الوحيدة بين أخواتى البنات التى تتمتع بقوة الشخصية والحضور والجرأة فى التعامل، وتعلمت فى مدرسة متوسطة فى حين لم يلتحق أى فرد من أسرتى بالتعليم، واكتفوا بالعمل فى المزارع والمصانع مثل الكثيرين من أقرانهم، ولاحظت وقتها شابا من أسرة ثرية يحاول أن يتقرب إليّ، وينظر لى بإعجاب، ثم جاءتنا والدته وخطبتنى له، وظللت الفرحة بيتنا، وأثنى أهلى على أسرته، ووصفوهم بأنهم مثال رائع للطيبة والكرم وحسن الأخلاق، وعرفت أن خطيبى هو الابن الثانى لأبيه، حيث يكبره أخ واحد بعامين، وأنه هو الذى يدير ثروة أبيه من الأراضى الزراعية لما يتمتع به من القوة والحزم بعكس شقيقه الذى يغلب عليه الهدوء وعدم القدرة على مواجهة الآخرين.

وأقام والده لنا حفل زفاف كبيرا حضره أهل القرية والقرى المجاورة، وانتقلت إلى بيتهم الواسع ذى الغرف المتعددة، فى ركن خاص بي، وتمتعت مع زوجى بكل شىء، ووجدت والدته سيدة رائعة، وأبوه رجلا دمث الخلق، وشقيقه شابا سمحا، لا يتكلم كثيرا ولا يحتك بمن حوله، ولعل ذلك هو ما دفع أباه إلى أن يفوض زوجى فى كل الأمور. ولاحظت الرضا على الجميع بهذا الوضع، فهم وحدة واحدة، وقرارهم واحد، وبعد مضى عام على زواجنا، انجبت طفلا جميلا، فانطلقت الزغاريد تجلجل فى أرجاء البيت، وعلت الابتسامة وجه حماى وحماتي، وصار إبنى هو شغلهما الشاغل، فيسأل عنه حماى فى «الرايحة والجاية»، وتحمله حماتى «نائما أو مستيقظا»، وذات يوم وفى أثناء تناول طعام الغداء، فاتح حماى، شقيق زوجى فى مسألة الزواج الذى كان يؤجله باستمرار، وقال له «نفسى أفرح بيك زى أخوك»، فطرق رأسه فى الأرض، قائلا: «ربنا يسهل»، فاعتبرت رده علامة على الموافقة، وحدثتنى نفسى بأن أختار له العروس التى سوف يتزوجها على مزاجي، وصارحت زوجى بما يدور داخلي. وقلت له: «أنت الذى تدير أملاك أبيك ومن حقك أن تنال فى النهاية هذا الارث. ثم يكون لأولادك من بعدك، ولو تزوج أخوك وأنجب سيحصل على نصف الميراث، ومادام أنه لايفكر فى الانجاب ووصلت الأمور إلى حد الضغط عليه من أجل الارتباط، فسيوافق على من نختارها له»، فاقتنع زوجى بكلامى وسألنى عن الفتاة التى أرشحها له، فقلت له: «أنها ليست فتاة انها سيدة مطلقة لم تمكث مع زوجها سوى عام ونصف العام ثم طلقها لعدم الانجاب، مع أنها جميلة وتتمتع بالأخلاق الحميدة، علاوة على روحها المرحة، وهى تقترب فى صفاتها من صفات شقيقك، وقد اخترتها بالذات حتى لا تنجب، وتكون تركة إبيك فى النهاية لأولادك، فوافقنى على رأيى وتوليت مسئولية اقناع حماتى بالعروس المناسبة من وجهة نظرى دون أن أفصح عن سبب طلاقها، ولم يتوقف شقيق زوجى عند مسألة طلاقها، بل أبدى سعادته بهذا الاختيار، ومازال رده يرن فى أذنى إذ قال فى نهاية جلستنا «توكلت على الله» وخرج إلى المسجد لأداء صلاة العشاء، وتم عقد القران والزفاف وسط لقاء عائلى دون حفل كما جرت العادة مع من سبق لهن الزواج، وأحسست وقتها بنشوة الانتصار، وبأن خطتى للاستئثار بالميراث تمضى كما رسمتها، وعشنا معا حياة مستقرة، لم يعكر صفوها شىء، ومرض حماى ثم رحل عن الحياة، وودعناه بالدموع، والتففنا حول حماتى وازددنا ترابطا، وأصبح شقيق زوجى هو رجل البيت باعتباره الأكبر سنا، ولكن الأمور كلها ظلت بيد زوجي، ثم فوجئنا بما لم أتوقعه إذ حملت زوجته، وظهر عليها الحمل، فأخذت أضرب كفا بكف، كيف تحمل وهى عاقر، فلقد كان السبب فى طلاقها هو عدم الانجاب وظللت اطمئن نفسى بأنه «حمل كاذب»، فلقد سمعت وقتها عن بعض الحالات، حيث تعيش الزوجة وهم الحمل ثم تفاجأ فى النهاية بأنها ليست حاملا، وأن الأمر كله لا يعدو كونه مجرد تهيؤات وخيالات.. نعم ظننت ذلك، ولكن شهور الحمل مرت بشكل عادى، ووضعت زوجة شقيق زوجى توءمين جميلين، وانجبت ولدين فى بطن واحدة، وعنفنى زوجى على صنيعى فالحق أننى التى ضغطت عليه لاقناع شقيقه بقبول هذه الزيجة للهدف الذى كنت أسعى إليه، لكنه بانجاب الولدين أصبح سرابا، كما أننى لم يكن لدى وقتها سوى ابنى الوحيد الذى لم انجب سواه، وكبر الولدان وكلما شاهدتهما أمامى يمر برأسى شريط الذكريات، وما كنت أرتب له بعد رحيل الكبار حين تصبح الأرض كلها ملكا لأولادي، ثم توالى انجابها البنين والبنات فانجبت ولدا ثالثا وبنتين، فى حين توقف انجابى تماما، وأدركت أننى سوف أجنى ما صنعت، وأن من يتخيل أنه قادر على أن يفعل ما يريد واهم، فالقادر هو الله، ونحن البشر مهما فعلنا فلن نغير قدره سبحانه وتعالي.

ودارت السنون وصار الأولاد شبابا، وأصبحت أخاف على إبنى من كل خطوة يخطوها، فأتتبعه وأسأل عليه، وكان لدينا جرار زراعي، يعمل عليه فى أرضنا الزراعية فى أيام الأجازات الدراسية، وذات يوم أخذ الجرار، وذهب فى طريقه إلى الحقل، فصدمته سيارة نقل مسرعة فى أحد المنحنيات، فأطاحت به بعيدا لعشرات الامتار، وجاءنا الخبر المفجع، فأسرعنا به إلى المستشفى المركزى القريب منا، ثم الى مستشفى شهير بالقاهرة، وظل فى العناية المركزة ثلاثة أيام، ثم صعدت روحه الى بارئها، ودارت بى الأرض وغبت عن الوعي، وأخضعونى للفحص الطبي، وشخصوا حالتى بانها صدمة عصبية شديدة، وتلقيت علاجا استمر مدة طويلة، ولما أفقت، وجدت زوجى قعيدا بعد اصابته بجلطة فى المخ، ورأيت شقيقه الى جواره يبكى بمرارة، أما أبناؤه، فلم يغادروا حجرتنا. ولازمونا ليلا ونهارا، ولم أسمع منهم سوى كلمتى «أبي» و«أمي» وهم ينادوننا أنا وزوجي، وبعد أسابيع قليلة مات زوجى ولم أحد بجوارى سوى أبناء شقيقه الذين حاولت أن أمنع وجودهم فى الحياة، بالحيلة الدنيئة التى دبرتها له للزواج من عاقر، فإذا بالله عز وجل يخلف ظني، ويحدث ما حدث، وافقد ابنى الوحيد ليؤول كل شىء إلى أولاد شقيق زوجي، الذين صاروا أولادى بالفعل بعد كل ما صنعوه لي.

ولقد أراد الله أن أعيش لأرى كل من حولى يرحلون من الدنيا واحدا بعد الآخر لكى انال العقاب الذى استحقه فى الدنيا، فلقد رحل شقيق زوجى وبكيته كثيرا، ثم رحلت زوجته، وكنت إلى جوارها فى اللحظات الأخيرة، وكان مشهد رحيلها مؤثرا فى نفسى الى حد لا استطيع وصفه، إذ امتلأ وجهها نورا، وكانت تتمتم قائلة «الحمد لله». وكررتها كثيرا، وكانما كانت ترى مقعدها فى الجنة، نعم والله يا سيدي: سمعتها وهى تؤكد شكرها لربها، وأدركت أنها تشاهد جزاء نقاء سريرتها، وقربها من الخالق العظيم.

وإننى أعيش الآن بين أبنائى أقصد ابناء شقيق زوجى الراحل.. وأنا بالنسبة لهم بمنزلة الأم، بل لا يتخذون خطوة واحدة فى حياتهم إلا بعد استشارتي، وكلما جاءنى أحدهم ضاحكا مناديا يا أمي، أقول فى نفسى «حكمتك يا رب».. إنه سبحانه وتعالى علام الغيوب، وقد أراد لى أن تعلم الدرس البليغ بأن الله يفعل ما يشاء، وان المكر السيئ لا يحيق إلا باهله، ولقد تعلمته بالفعل، وإننى أدعوه فى كل صلاة، وفى كل وقت ان يغفر لى ذنوبى ويستر لى عيوبي، وأرجو أن يتعظ كل ضال، وأن يعود كل من يتربص بالآخرين إلى رشده، فالله هو القاهر فوق عباده، ويعلم خائنة الأعين، وما تخفى الصدور، «ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب» ولك منى التحية والسلام.

ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

عندما اخترت سيدة مطلقة لعدم الإنجاب لتكون زوجة لشقيق زوجك، كان دافعك الداخلى هو ألا تنجب وريثا لزوجها، وبالتالى تؤول الى أولادك التركة كلها، وظننت أن الأمور ستسير وفق مزاجك وأهوائك من حيث الإنجاب والعمر، وتناسيت أن الأعمار بيد الله، وأنك لا تملكين إزاء إرادته عز وجل حيلة، وأن كل شيء سيكون وفق ما قدره سبحانه وتعالى، وكان دافعك الظاهرى أنها جميلة وتتمتع بأخلاق حميدة، ولما كان شقيق زوجك رجلا نقى القلب، لا يضمر حقدا ولا غلا لأحد، وكانت زوجته هى الأخرى كذلك، فلقد هيأ الله لهما من أمرهما رشدا، وصارت هذه الزوجة الصالحة فاتحة خير عليه، فسعد بها، وأنجبت البنين والبنات بفضل من الله، وانقلبت موازين حياتك فلم تنجبى غير ابنك الوحيد، وللأسف صار زوجك فى ركابك وغرته أفكارك السوداوية وقتها، فأقنع أخاه بالزيجة التى خالفت ظنونكما، على النحو الذى جاء فى رسالتك.

ولقد شاءت إرادة الله أن تعيشى حتى الآن، ويرحل الجميع الى دنيا الحق، لكى تدركى خطأ ما ظننته، فأولاد شقيق زوجك هم الآن أبناؤك الذين لم يعد لك سواهم، وتجدينهم حولك فى كل صغيرة وكبيرة، ويستشيرونك فيما يعن لهم من أمور.. إنه حقا درس إلهى كبير للذين يمكرون بالناس ويوهمونهم أنهم يعملون الصالحات على غير أهدافهم الحقيقية! فإنه ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله تعالى على صفحات وجهه، وفلتات لسانه، وكساه رداءها، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.

ويحضرنى قول الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه:

دع الحرص على الدنيا

وفى العيش فلا تطمع

ولا تجمع من المال

فلا تدرى لمن تجمع

فلقد أردت أن تجمعى تركة شقيق زوجك لأنه لن ينجب فرحل الجميع وبقى أولاده، وقد أصبحت بحوزتهم كل الثروة، فكان حرصك على الدنيا وبالا عليك، مازلت تتجرعين مراراته، وما ترديدك عبارة «حكمتك يا رب» إلا اعتراف بخطئك، وتأكيد أن إرادة الله لا تعلوها إرادة.

إن الناس بقلوبهم وليسوا بوجوههم، وكذلك الدين ليس بما يظهره المرء، من طقوس وعبادات، ولكن بما يخبئه فى نفسه، ويتجوهر فى نياته، وقد كانت دواخل نفسك مليئة بالشرور والآثام تجاه أناس مسالمين، وثقوا فيك، فإذا أنت غير أهل لهذه الثقة، صحيح أنه لم يصبهم أذى من صنيعك، لكنك كنت بالفعل تتمنين هذا الأذى وتضمرينه لهم، وبعد أن استوعبت الدرس الثمين، وأنت فى سن الجلال والاحترام، أرجو أن تقتربى من أولاد شقيق زوجك الراحل، وأن تكونى أما لهم، وجدة لأبنائهم، وأن تتبدل نظرة الأسى والحزن لديك، الى نظرة رضا بما قسمه الله، وإيمان بقدرته وعظمته، وأن تكونى حلقة الوصل بينهم، وليكن هناك يوم أسبوعى تلتقون فيه، ويجلسون حولك، يتسامرون معك، وتروين لهم مواقف من حياة أمهم العظيمة، وأبيهم الطيب.

فهذه الروح الجميلة هى التى توجد السعادة، ويخطئ من يتصور أنها تتحقق بامتلاك الأموال والقصور والأراضى والمصانع، أو تتحقق بالجاه والارتقاء فى السلم الاجتماعي.. صحيح أن جانبا منها يناله الإنسان عن بعض هذه الوسائل، لكنها تكون سعادة مؤقتة، وسوف يطلب حينئذ المزيد، وفى ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «لو كان لابن آدم واد من ذهب، أحب أن يكون له واد آخر، ولن يملأ فاه إلا التراب، والله يتوب على من تاب».

وتنقلنا رسالتك ياسيدتى الى جانب آخر مهم، وهو أن ندرك أن حياتنا ممر، وليست مقرا، وأنها قنطرة توصل الإنسان الى الدار الآخرة، فلا تنتهى الحياة بنهاية الدنيا، فهناك الحياة الأبدية الباقية فى الآخرة، والدنيا مجرد لعب ولهو، وفى ذلك يقول الحق تبارك وتعالى «اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر فى الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفى الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور»، فحين تقاس الحياة الدنيا بمقاييسها، وتوزن بموازينها تبدو للعين أمرا عظيما، ولكنها حين تقاس بمقاييس الوجود، وتوزن بموازين الآخرة تبدو شيئا زهيدا وتافها، هذه هى الحقيقة، ولا يعنى ذلك العزلة عن الحياة أو عدم السعى فى الأرض، وإنما المقصود هو تصحيح المقاييس الشعورية، والقيم النفسية، والاستعلاء على غرور المتاع الزائل، وجاذبيته المقيدة بالأرض، والذى من أجله يصنع الإنسان صنيعا يوقعه فى الزلل، وقد يؤدى به الى المهالك وعذاب الضمير، مثلما صنعت ـ يا سيدتى وأنت تحسبين أنك تحسنين صنيعا، لكن إرادة الله كان لها موقف آخر، وغاية أخرى فى الدنيا قبل الآخرة.

إن النظرة المتكاملة للحياة تجعلها فى نظر الإنسان كنزا ثمينا يستطيع استثماره فيما ينفعه، فهى جسر الى السعادة الأبدية، ولا شك أن رسالتك تفتح أمام الجميع باب الصلح مع الله، وتدفع من يضمر شرا أو أحقادا للآخرين الى أن يتراجع عما هو سائر فيه، فيخوض غمار الحياة واثق الخطي، بعد أن أيقن أن كل ما ملكه أو يحاول أن يملكه غير باق.. وعليه أن يسعى للاستمتاع بما معه دون إسراف، مع إيمان داخلى بأن ما يمتلكه من الدنيا موجود فى قبضة يده وليس فى قلبه، ولن يضره ما فاته أو أصابه منها، يقول تعالى «ما أصاب من مصيبة فى الأرض ولا فى أنفسكم إلا فى كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير. لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور».

أسأل الله العفو والمغفرة لكل الراحلين وأن يتقبل توبتك، وأن يديم المودة بينك وبين أولاد شقيق زوجك، وأن يرزقهم بالذرية الصالحة، ويكتب لكم جميعا الرضا والطمأنينة وراحة البال.. إنه على كل شيء قدير.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طارق البورسعيدي
عضو متقدم
عضو متقدم
طارق البورسعيدي

ذكر
عدد الرسائل : 660
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 210
بلد الإقامة : بورسعيد
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 Unknow10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 710
نقاط : 7177
ترشيحات : 5
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 Awfeaa10

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 I_icon_minitime4/10/2015, 01:35

بريد الجمعة يكتبه: احـمد البـرى
الملعقة الساخنة!

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 2015-635793353198052830-805

تختلف رسالتى إليك عن كثير من الرسائل التى يطلب أصحابها مشورتك فيما يعانونه من قضايا ومشكلات،
وقد وجدتنى أكتبها إليك عسى أن يستفيد من دروسها من تراودهم أنفسهم أن يصنعوا صنيعي. فأنا أستاذ جامعى تعديت سن الثمانين ببضع سنوات، وقد نشأت فى إحدى محافظات وسط الدلتا لأسرة مكافحة حرصت على تعليمي، وكان هم أبى وشغله الشاغل أن أتفوق فى دراستي، وأصل إلى أعلى الدرجات العلمية، فبذلت كل جهدى لكى أحقق حلمه، وتخرجت فى كلية المعلمين بتفوق، وعملت معيدا بها، وحصلت على الماجستير والدكتوراه وتراكمت لدىّ خبرات كثيرة فى التربية وتأهيل ذوى الاحتياجات الخاصة، وسافرت إلى أمريكا، والتحقت بعدة مراكز بحثية فيها، وتعرفت على فتاة فلبينية أمريكية فى جامعة «وسكنسن»، وربطتنى بها علاقة قوية وخطبتها، وجئنا إلى مصر، وفى حضور الأهل والمعارف أقمنا حفل زفاف رائعا سادته الفرحة والبهجة ولمست فيها حبا أعجز عن وصفه، فهى تتمتع بروح جميلة وهدوء منقطع النظير، إذا ابتسمت ضحكت الدنيا، وعشنا حياة حلوة بكل معانى الكلمة، والتحقنا بهيئة التدريس فى جامعتى عين شمس والأزهر، وواصلنا أبحاثنا فى مجال تخصصنا، وتبادلنا الزيارات بين عائلاتنا فى مصر والفلبين والولايات المتحدة الأمريكية، وكانت تدين بالمسيحية وتنتمى إلى الكاثوليك، ثم أشهرت إسلامها، وتعلمت اللغة العربية، فأصبحت تعرف القراءة والكتابة بها، وزرنا معظم دول العالم فى رحلات ثقافية وعلمية، ولاحظت حبها للمجوهرات، فاشترينا منها الكثير، ولم نزر دولة إلا واخترنا ما يناسبها فيها، وكلها تحف ثمينة فى غاية الذوق والفخامة، ومعها شهادة الأصل والدولة المنتجة. وثمنها بالدولار أو الاسترليني، ومضت سنوات طويلة دون أن تنجب، وطفنا بالعديد من الدول الأجنبية المتقدمة فى مجال الطب، فأكدت الفحوص الطبية أنها غير قادرة على الإنجاب، إذ كانت قد أجريت لها جراحة فى الرحم استحال بعدها أن تحمل، واستمررنا فى حياتنا الناجحة، ولم تشغلنى مسألة الانجاب لحظة واحدة، فوجودها بجانبى لا يعادله أى شىء آخر، ومر ثلاثون عاما ونحن على هذا الوضع الجميل من الحب والإيثار، لكن «دوام الحال من المحال»، فلقد أصيبت زوجتى بالسكر، وعانت منه متاعب جمة، وأسلمت الروح إلى بارئها، ودفنتها فى مقابر الأسرة بمدينة نصر. وبكيتها بحرقة وألم، إذ كانت كل شىء فى حياتي، وفقدت برحيلها الكثير من القيم والمثل التى لم يعد لها وجود فى هذا الزمان.

وبعدها قتلتنى الوحدة، وتعرضت لحالة اكتئاب شديد، بعد أن فقدت من كانت تواسينى وتوفر لى المتطلبات المنزلية برغم انشغالها الدائم فى عملها، ولم أجد أحدا بجانبي.. لا جارا، ولا زميلا، ولا قريبا، وأصبح الطلبة هم كل عالمي.. اقتربوا منى واقتربت منهم، وأعجبتنى كثيرا أساليب تفكيرهم، ولمست فيهم نضجا كبيرا، وسألت نفسي: هل يمكن أن ارتبط بطالبة من تلميذاتى وأنا فى سن متقدمة، وبيننا فارق هائل فى السن؟ ووجدتنى أفكر فى الأمر من زوايا عديدة منها العائلة، فهناك الأسر المناسبة، وغير المناسبة، ومستوى التعليم، خصوصا فيما يتعلق بالدكتوراه، والأهم الأهل والتربية، فالمتغيرات الأخرى يمكن الوصول إليها، ووقع اختيارى على واحدة منهن كانت تتردد عليّ كثيرا، وتفتعل أى أسباب لكى تحدثنى عن عائلتها وكفاح أبويها فى الصرف عليها، هى واخوتها الأحد عشر أخا وأختا، وتصميم والدها على أن تتفوق، وتواصل دراستها للماجستير والدكتوراه، وزاد قربنا لدرجة أنها طلبت منى أن أوصلها إلى الجامعة الأخرى التى يوجد بها مركز للكمبيوتر والبحوث ولا يوجد فى جامعتنا، وكانت تصحب أختها معنا خلال لقاءاتنا، وذات يوم أبلغتنى أن والدها جاء من الصعيد إلى القاهرة لكى يعطيها مصاريفها الشهرية، وهمهمت ببعض العبارات عنه بكل ذكاء اجتماعى حساس بما يعنى إيحاء لرؤيته أو مقابلته، وفى مرة أخرى قالت لى إن ابن عمها، وهو عمدة بلده تقدم لخطبتها لكنها رفضت، إذ يريدها أن تكتفى بالدراسة الجامعية، ولا تلتحق بالدراسات العليا، أو أن يكون لها عمل تديره، أى انه يريدها «زوجة العمدة».

وأصدقك القول اننى لا أدرى ماذا حدث لي، فلقد اختلطت أوراق حياتى وتبعثرت هنا وهناك، ولم أعد أعرف منهجا أسير عليه، فى هذه المرحلة من العمر، إذ طلبتها للزواج، وكان الرد سريعا بالموافقة، وسألتنى عن الشبكة التى سأقدمها لها فاندفعت عاطفيا وانفعاليا، وقدمت لها أغلى ما عندي، حيث فتحت خزينة المجوهرات بالمنزل واستخرجت المصوغات الخاصة بزوجتى الأولي، واخترت لها مجموعة من المصوغات النادرة، ولدى صور لكل تحفة منها، وحملتها فى حقيبة خاصة، لتقديمها إليها، وفى احتفال الشبكة، لم يحضر أحد من عائلتي، وقابلت أباها وهو شيخ بلدة وجلسنا معا فى حديث طويل، طلب خلاله أن يقابل أسرتي، فوافق إخوتى على لقائه، واعتذر البعض الآخر، وكانوا جميعا يحتلون مناصب مرموقة فى الدولة.

وفى يوم توثيق القران، اتفقنا أن أكتب نصف الفيلا التى أملكها بالعاشر من رمضان باسمها، وطلبوا منى أن أوقع العقد أصلا وصورة، ولكن لأننى كنت على موعد سفر، وقعت على بياض، فإذا بهم دون علمي، وبعد أن غادرت المكان يكتبون عقدين بالفيلا لزوجتي، النصف الأول منها مقابل المهر، والثانى «بيع وشراء»، ومرت الأيام، وأنا لا أعلم شيئا عن ذلك، وتزوجنا وأنجبت بنتا، ثم بنتا أخري، وبينما كنت أبحث فى أوراقى عن بعض المستندات، وتطلب الأمر وجود عقد نصف الفيلا الذى باعته زوجتى مستغلة توقيعى على بياض، فاكتشفت الخديعة وأبلغت عائلتينا بما حدث، واجتمع الكل لدى شقيقي، وبعد مناقشات مستفيضة قرروا أن يتم طلاقنا، وانفصلنا، وظلت ابنتاى معي، وأجريت فحوصا للصغيرة، أظهرت أنها تعانى حساسية فى الصدر، ولم أجد بدا من إعادة أمهما إلى عصمتي، وقد وافقت على العودة سريعا، لكن عودتها لم تكن بنية خالصة، حيث رتبت أمورها للاستيلاء على جميع ممتلكاتي، وعاونها فى ذلك ابن عمها الذى قالت إنها رفضت الزواج منه، ولاحظت اتصالاتها الكثيرة وخروجها المتكرر بغير أن أعلم الجهة التى ستذهب إليها، وعرفت أنها على علاقة بصديق لها يساعدها فيما تهدف إليه.. كل هذا وهى تؤكد اخلاصها لي، وتحاول أن تخفى خطتها ضدي، وقد حدثتها ذات يوم بأن نقيم مؤسسة لرعاية ذوى الاحتياجات الخاصة، فرحبت بالفكرة، وسميتها باسمي، واشتريت مقرا لها عبارة عن شقة فى مصر الجديدة، وتكلف انشاء المؤسسة مليون جنيه من أموالى الخاصة، بهدف تقديم عمل خيرى ينفع الناس، وأقبلنا على مساعدة المحتاجين بكل اخلاص، ولكن من يفكر فى الغدر لا يمكن أن يتخلى عنه، فهذا ما حدث مع زوجتي، إذ سرقت «ختم المؤسسة» وراحت توقع أوراقا لا أعرف عنها شيئا، وكشفت عن وجهها الحقيقى عندما سبتنى بأحط الألفاظ، بل ووصل الأمر إلى حد الاعتداء الجسدى عليّ، وأثبت ذلك تقرير طبى للمستشفى الذى عالجنى من أثر الاعتداء!

وفكرت فى الاتصال بوزيرة التضامن الاجتماعى عن طريق بعض الشخصيات المهمة فى العمل الدينى والاجتماعي، إذ أريد تحقيقا شاملا فى شأن ما يحدث فى مؤسستى الخاضعة بحكم القانون للوزارة، لكن لم أجد لطلبى صدي، ووجدت خللا هائلا فى العمل الادارى الخاص بالجمعيات والمؤسسات الخيرية، فقدمت استقالتى وقبلوها على الفور دون اجراء التحقيق الذى طلبته.

كل ذلك جرى ونحن نعيش تحت سقف واحد، لكن عدوانيتها لم تتوقف عندى وحدى وإنما امتدت إلى ابنتيها، ففى أحد أيام الجمعة، وبعد أن تناولنا طعام الافطار وتصفحت الأهرام ذهبت لأداء الصلاة، ثم ناديت، أحد النجارين وهو يسكن فى الشارع المقابل، لإصلاح باب البلكونة، وكانت البنتان تلعبان، وتقفزان هنا وهناك، مثل كل الأطفال، لكن أمهما لم تتحمل هذا الصخب وانهالت عليهما ضربا وركلا، ثم هددتهما بالحرق بملعقة ساخنة! فصرخت فى وجهها، وتكهرب الجو لعدة دقائق ثم سكت الجميع، فاصطحبت الرجل لشراء قطع الغيار المطلوبة للبلكونة، وغبنا نصف ساعة فقط، وعندما دخلنا البيت وجدتها فى حالة صراخ، وهى تقول «حرقتهم.. حرقتهم» فاندفعت نحو باب غرفة المكتب فوجدته مغلقا، فبحثت عن المفتاح، وفتحت الغرفة، فوجدت الفتاتين ملقاتين على وجهيهما على الأرض، وأيديهما مكتوفة بدوبارة، ولا صوت، ولا ضوء، ونظرت إليهما، فوجدت أن أمهما كتمت صوتيهما بكمامة، وعشت فترة عصيبة للغاية، وهممت بإبلاغ البوليس لكن الجيران منعونى حرصا على مستقبل زوجتي، وأشار أحدهم إلى أنها ربما تكون قد تعرضت للحرق بهذه الطريقة وهى صغيرة، فاكتفيت بالكشف الطبى عليهما، والبدء الفورى فى علاجهما طبيا ونفسيا، وشكوت إلى أهلها فى الصعيد، فبعثوا بشقيقها لتهدئة الأمور، وقال لى فى وجودها «بكرة العيال تكبر، وتنسي، وهيه دى الطريقة التى عاملونا بها، وكنا بنخاف وبنحفظ الدروس كويس»، ولم يتوقف عقابها لهما عند هذا الحد، فهى ترى أن كل تصرف منهما بمثابة تحد لها، يجب عقابهما عليه، ومن ألوان العقاب العض، وذلك بالنوم على الطفلة «سطحيا» ثم عضها عشوائيا فى عدة أماكن، وهكذا وجدت أن جسمى الطفلتين مملوءان بالعض اليومى المتنوع فى طوله وعرضه وعمقه!

ومضت زوجتى فى طريقها الذى رسمته منذ البداية، ولم تصدق فى أى اتفاق بأن تكون أما وزوجة مثل كل الأمهات والزوجات، وظلت تخطط لأخذ كل شيء بمستندات مزورة، وتحقق لها ما أرادت، ثم خلعت نفسها، وأصبحت خالى الوفاض بعد أن كنت واحدا من كبار الأثرياء، وتأثر كل شيء فى حياتي، لكن ما يهمنى هو مصير الطفلتين المعرضتين للنوم فى الشارع بعد أن جردتنى أمهما من كل أملاكي، وسيطول حبل التقاضى الذى لا أقوى عليه، وأنا فى هذه المرحلة من العمر.

أعلم أننى أخطأت عندما تزوجت فتاة فى سن أحفادى وربما أصغر منهم، ولم ألق بالا للمستوى الاجتماعى والتعليمى والاقتصادي، وضرورة تقارب السن، لكننى دفعت الثمن غاليا، ولا يشغلنى شيء سوى أن أطمئن على مستقبل ابنتّىّ، فأمهما ليست أمينة عليهما، وليست بيدى حيلة الآن، فبماذا تشير عليّ لإنقاذ ما يمكن انقاذه؟ وكيف أعيش ما تبقى لى من عمر فى أمان وسلام؟

ولكاتب هذه الرسالة أقول:

الخطأ الذى يرتكبه المرء، فى سن متقدمة، هو خطأ قاتل لا يمكن علاجه بأى حال من الأحوال، فلقد أقدمت على الزواج الثانى بعد أن تعديت سن السبعين تقريبا، ووجدت ضالتك فى فتاة تصغرك بأكثر من خمسين عاما، فأى زيجة هذه؟.. وكيف يمكن أن تنجح وهى قائمة على غير أسس بالمرة؟.. إذ إن من تصورت أنها سوف تعوضك عن زوجتك الراحلة، وجدت فيك فريسة ثمينة، سرعان ما تنقض عليها، وتمتص دماءها، ثم تتركها عظاما نخرة، وحققت ما أرادت، بمساعدة أهلها الذين باعوا ابنتهم بثمن بخس، فلجأوا الى حيلة الأصل والصورة لكى يأخذوا الفيلا كلها، ثم أغواك شبابها ففتحت لها خزينة المجوهرات والتحف غالية الثمن والقيمة والتى دفعت فيها رفيقتك الأولى كل مدخراتها، وكان أملها أن تنجب أولادا وبنات يرثونها بعد رحيلها لكن إرادة الله قضت بألا تنجب، وبدلا من أن تحافظ على أشيائها وممتلكاتها اذا بك تعطيها لمن اعتقدت أنها ستكون باب السعادة عليك.. نعم كان هذا هو هدفك منذ البداية، السعادة والمتعة، أما الاستقرار فلابد أنك تعلم وأنت استاذ فى التربية أنه لا يمكن أن يتحقق فى مثل هذه الزيجة، حيث ان له عوامل عديدة أهمها تقارب السن والتربية الصالحة، والأخلاق الحميدة، وموافقة الأهل من كلا الطرفين.. ولكن للأسف ضربت عرض الحائط بكل ما تؤمن به وتنادى تلاميذك بأن ينتهجوه طلبا لمتعة زائلة بكل تأكيد.
وبرغم أن الشواهد التالية لواقعة الفيلا قد كشفت لك «الخطة الخبيثة» التى وضعتها زوجتك مع أهلها وابن عمها الذى ادعت انه كان يريدها زوجة له ورفضته، فإنك استمررت معها، بل وأعدتها الى عصمتك بعد طلاقها!.. وتوالت أخطاؤك بإشراكها فى مسئولية مؤسسة خيرية، وأنت تعلم تماما أن نهايتك ستكون على يديها، فصرت «مغيبا» فاقدا الوعي، وراحت تنكل بك كيفما شاءت، وأنت مسلوب الإرادة!

ونصل الى واقعة «الملعقة الساخنة» التى لسعت بها البنتين فى أثناء وجودك خارج البيت مع النجار لشراء لوازم إصلاح باب البلكونة، وبالرغم من العنف الذى مارسته ضد الطفلتين، فإن الأمر تحصيل حاصل، وسواء كان ذلك سلوكا مستحدثا لديها، أو أنه ناتج عن عقدة نفسية عانتها منذ صغرها فإن هذه الواقعة فى النهاية ليست الأساس فيما آلت إليه أحوالكما التى كان طبيعيا أن تنتهى الى ما صارت إليه بخلعك من حياتها، بعد أن استولت على كل شيء.

إن الفارق الكبير فى السن بينكما والذى يزيد على خمسين عاما لا يمكن أن يؤهل الحياة الزوجية للنجاح، فأقصى فارق لا يؤثر على العلاقة بين الزوجين هو عشر سنوات، أما اذا تعدى ذلك فتحدث المشكلات التى تنتهى فى أغلب الأحوال بالانفصال، والوضع يختلف من المجتمعات التقليدية عن الحضرية، ففى الأولى قد تستقر الزوجة رغما عنها بحكم طبيعة الحياة التى تعيشها، والأجواء المحيطة بها، أما فى الثانية فسرعان ما تكتشف الزوجة وهم ما كانت تتخيله، فتبحث عن أى وسيلة للخروج من دائرة الزوج الكهل ولو بالخلع، طلبا للزواج والحياة مع شاب مثلها يقاربها فى السن، وتستعيد معه شبابها الضائع!

واذا كان الزواج سكنا للنفس، فكيف تسكن نفس الفتاة الصغيرة فى أول تفتحها للحياة مع نفس مسن توشك أن تودع الدنيا؟.. بالطبع هذا شيء مستحيل وبالتالى فإن هذا الزواج يلحق الأذى النفسى بالفتاة فلا تتكيف مع شريك حياتها، وتدخل فى أطوار من عدم الراحة النفسية، وربما تنتابها حالات من القلق والخوف والتوتر والشعور بعدم الأمان، مما يعمق لديها عدم الرغبة فى الحياة، أو السعى الى تغيير واقعها سواء بالهروب الى أحلام اليقظة، أو بالمواجهة، أو بتحويل الحياة الزوجية الى جحيم لا يطاق مثلما فعلت زوجتك التى أصيبت بحالة نفسية جعلتها تحرق ابنتيها بالملعقة الساخنة، وتخطط لكى تجعلك على «البلاطة» فتصبح فى هذا الوضع الذى أنت فيه الآن.

ولاشك أن الفجوة العمرية غير المناسبة بين الزوجين يترتب عليها الشك والغيرة، فانعدام «الأمن العاطفي» خاصة لدى كبار السن يمكن أن يؤدى الى الشكوك والوساوس بشأن سلوك الزوجة برغم أنه لا يكون هناك أساس لذلك، كما أن جنون العظمة «الاضطراب العقلي» أمر شائع جدا بين الرجال الذين يلجأون الى هذا الزواج، فيشكون فى كل قول وفعل لزوجاتهم الشابات.

وقد تحدث مواقف محرجة للزوجين، ففى كثير من الأحيان يعتقد البعض أن الزوجة الشابة برفقة المسن هى ابنته، فيسعى الى حجبها عن الآخرين، ويتجدد الشك ويسود القلق حياته.

أيضا يقدم الزوج على تقديم تنازلات من أجل إرضائها، ولكن لا أحد يستطيع الاستمرار فى ارضاء شريك حياته الى الأبد، فالعلاقة الزوجية أخذ وعطاء، ويزداد الأمر صعوبة عندما تشعر الزوجة بأن ما تحصل عليه من امتيازات حق طبيعى وثمن للبقاء مع زوج عمره أربعة أو خمسة أمثال عمرها!.. وهنا تحدث الفوضى التى يدفع ثمنها الأطفال، مثلما تعانى ابنتاكما الآن بعد أن خلعتك أمهما وراحت تبحث عن زوج شاب مناسب لها.

هذه هى الصور والنماذج التى تزخر بها الحياة، ولم أكن أتصور أن رجلا فى مكانتك العلمية والاجتماعية ينزلق الى التفكير فى زيجة غير متكافئة بهذا الشكل، ولقد بات عليك أن تستعين بالعقلاء من عائلتيكما فى حل المشكلات العالقة بينكما سواء فى المؤسسة الخيرية التى تحمل اسمك، لكنك قدمت استقالة مسببة من رئاستها، أو الشقق والعقارات التى استولت عليها، وليكن الدافع الى ذلك هو ابنتاكما اللتان يجب تنشئتهما فى جو أسرى بعيدا عن الشقاقات والخلافات، فإذا ضمنت الحد الأدنى من حقوقك فلا داعى للمحاكم التى تطيل أمد القضايا وقد لا تحصل فى النهاية على حقوقك بما حررته هى من مستندات مزورة، ولكن بأختام سليمة، ومن واقع ما بحوزتها من صلاحيات اتفقتما عليها من قبل، وأرجوها أن تستمع الى صوت العقل والحكمة، وهى الأستاذة الجامعية إذ أننى أعيب عليها أن تنتهج هذا السلوك الذى يرفضه العقل والدين، كما أن كنوز الدنيا كلها لا تساوى «بهدلة» بنتين فى عمر الزهور.. وأقول لها: عودى الى رشدك، واعلمى أن ما تزرعينه اليوم سوف تحصدينه غدا، وأن الذى يغويك على التنكيل بمطلقك، سوف ينبذك بعد حين ولن ينفعك الندم بعد فوات الأوان، فالكرة فى ملعبك الآن وتستطيعين إصلاح ما أفسدتيه، فسارعى الى مغفرة من ربك، وسوف تتفتح لك أبواب الرزق الحلال، والخير الوفير، وتسعد ابنتاك بك، وبأبيهما الذى أرجو أن يكون قد استوعب هذا الدرس الكبير، واسأل الله أن يرشدكما الى الطريق الصحيح، وهو وحده المستعان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سعوديه وافتخر
عضو متألق
عضو متألق
سعوديه وافتخر

انثى
عدد الرسائل : 715
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 110
بلد الإقامة : الرياض
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 Studen10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 S3eed10
نقاط : 6488
ترشيحات : 4
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 Awfeaa10

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 I_icon_minitime4/10/2015, 11:44

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 13511941873
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 11042616123776
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أكرم عبد القوي
__________
__________
أكرم عبد القوي

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 23180
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 Profes10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 3011
نقاط : 37123
ترشيحات : 136
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 411

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 I_icon_minitime9/10/2015, 21:50

التجربة المؤلمة


توقفت كثيرا عند رسالة «الملعقة الساخنة» للرجل المسن الذى تزوج فتاة تصغره بأكثر
من خمسين سنة بعد وفاة زوجته التى لم تنجب، ولكنها بعد أن انجب منها بنتين كشرت عن أنيابها، وخلعته لتتزوج بشاب آخر يقترب من سنها، وأرى أن هذا الرجل محترم، وقد عاش حياته كلها مخلصا لزوجته الأولى برغم عدم انجابها، وهو عندما تزوج الفتاة الصغيرة لم يخالف دينا ولا شرعا، وهى المخطئة ولم يكن متوقعا أن تفعل ما فعلته خصوصا وأنها من أسرة ثرية حسب ما تشير إليه سطور رسالتها، وبعد أن انجبت منه بنتين.. وبرغم ما جرى فإننى أرى أنه لم يخسر شيئا، فالمال ليس كل شيء، فلقد عاش تجربة وتعلم منها، وكسب ابنتيه اللتين ستكونان له سندا فى الدنيا، وأرجو أن يستوعب الجميع هذا الدرس.

> هذا التعليق تلقيته من م. حاتم محمد والحقيقة أنه تكشفت فصول جديدة فى هذه القصة إذ اتصلت بى مطلقة الأستاذ الجامعى واعترفت بأنها هى التى خلعته وأكدت صدق بعض التفاصيل. وتحفظت على البعض الآخر، وقالت إنها تزوجت من رجل فاضل، ولا تريد أن تخوض فيما حدث بينهما مع اعترافها بأنها أخطأت عندما ارتبطت بمن هو فى عمر جدها.

إن الأخطاء المتعلقة بالزواج، وعدم مراعاة التكافؤ بين الزوجين تكون عواقبها وخيمة، فليفكر كل واحد ألف مرة قبل أن يقدم على زيجة فاشلة كما حدث مع كاتب رسالة «الملعقة الساخنة».

رابط دائم:
http://www.ahram.org.eg/NewsQ/442619.aspx

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أكرم عبد القوي
__________
__________
أكرم عبد القوي

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 23180
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 Profes10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 3011
نقاط : 37123
ترشيحات : 136
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 411

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 75 I_icon_minitime9/10/2015, 21:51

الأيام القاسية

لا أعرف من أين أبدأ حكايتي، إذ أننى أعيش أياما قاسية بعد أن خذلنى أقرب الناس
وأحبهم إلى قلبي، فلقد عملت مدرسة، ووصلت إلى مديرة مرحلة بالتعليم، وحققت المركز الأول على مستوى الجمهورية، فى أكثر من مجال تعليمي، وبعد أن خرجت إلى المعاش أسست أكثر من مشروع خيري، ومن بين تجاربى الناجحة محو أمية البدويات، واستطعت خلال فترة وجيزة تعليم أربع منهن القراءة والكتابة، وقد توفى زوجي، ولدى أبنة وحيدة متزوجة ولها ظروفها الخاصة حيث تعيش بعيدا عني، وصرت بمفردي، لا أحد يؤنس وحدتى وبلغت سن السابعة والسبعين، وتعرضت منذ ستة أسابيع لكسر وأجريت لى جراحة فى الركبة، وتلفت حولى فلم أجد سوى جارتى جزاها الله كل خير، أما أخوتى وابنتى فإنهم يتصارعون على ممتلكاتى ومن يبيع ومن يشترى وأنا على قيد الحياة.

لقد بلغت الضغوط النفسية بى مداها وأعيش انتكاسة صحية، وكلما تماثلت للشفاء أتعرض للانهيار من جديد، ولدى رغبة فى أن تؤنس وحدتى فتاة طيبة القلب أكون لها كل شيء وترعاني، وتعيش معى بشرط أن تختارها لى من بين قارئاتك وتقبل الإقامة فى الإسكندرية، أو أن تشير عليّ بمن يعينى على المعيشة والحياة فيما تبقى لى من عمر، مع جزيل الشكر والامتنان.

ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

يا الله .. كيف تنساق ابنتك وراء إرث لا قيمة له سواء قل أو أكثر، وكيف يفكر اخوتك فى ميراثك وأنت على قيد الحياة؟ هل خلت الدنيا من أصحاب الضمائر الحية؟ ألا يعرفون أن صلة الرحم خير من الدنيا وما فيها، ومن ينشد السعادة فى المال فسوف يكون نصيبه الخسران المبين، إننى احذرهم من عواقب ما يفكرون فيه، وأحذر ابنتك من غضب الله جل فى علاه، وإننى أعرض الأمر على قارئات «بريد الجمعة» عسى أن تكون بينهن من تكون لك عوضا عن ابنتك، ولا تبغى من الدنيا شيئا، كما أننى سوف أتواصل معك فربما توصلنا إلى دار للمسنين تناسبك وتلبى احتياجاتك، وسنساعدك على المضى قدما على الطريق الآمن، وفقك الله لما يحبه ويرضاه، وهو على كل شيء قدير.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بريد الأهرام ( بريد الجمعة )
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 75 من اصل 88انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1 ... 39 ... 74, 75, 76 ... 81 ... 88  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» بريد الجمعة يكتبة : احمد البرى الطفل الكبير !
» سطو مسلح على مكتب بريد في المعادي
» سطو مسلح على مكتب بريد «قها» في القليوبية
» اجعل لك بريد مجاني على الـ hotmail - شرح بالصور
» كيفية حظر بريد الكتروني بسكربت whmcs

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشاعر عبد القوى الأعلامى :: المنتديات العامة :: المنتدى العام-
انتقل الى: