الشاعر عبد القوى الأعلامى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالأحداثموسوعة الأعلامى الحرةأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر
 

 بريد الأهرام ( بريد الجمعة )

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1 ... 36 ... 68, 69, 70 ... 78 ... 88  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
أم البنات
مشرفة
مشرفة
أم البنات

انثى
عدد الرسائل : 9513
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 210
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 Unknow10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 8010
نقاط : 19672
ترشيحات : 44
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 333310

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 I_icon_minitime25/7/2014, 16:43

الورقة الفاصلة!



أكتب إليك هذه الرسالة بالنيابة عن أختى التى قاست الأمرين فى حياتها، وعانت الظلم والحرمان، وضاقت بها السبل، فلم تجد من يقف إلى جانبها، وقد هدانى تفكيرى إلى أن أبعث لك بمأساتها، وكلنا أمل فى أن نجد لديك ما يزيح عنها الكابوس الجاثم فوق صدرها.

وتبدأ قصة أختى عندما تقدم لها شاب فى الثامنة والعشرين من العمر، ويقطن بقرية مجاورة لقريتنا فى إحدى محافظات الدلتا، وتبدو على وجهه علامات «الصلاح»، ويشعر من يجلس معه بأنه شاب وقور وملتزم، وقد أسر أختى بطيبته وهدوئه من أول جلسة جمعتهما معا، فوافقت عليه بلا تردد، وعندما حدثها عن رغبته فى سرعة إتمام الزواج وقفت فى صفه، وتغاضت عن أشياء كثيرة من مستلزمات العروس، وماهى إلا أسابيع قليلة حتى انتقلت إلى بيته، وأقبلت على الحياة معه بكل حب وارتياح، لكن ظنها به لم يكن فى محله، إذ اكتشفت أن كل ما قاله لها مجرد تمثيل وافتعال وأنه يضمر فى نفسه عكس ما يظهره لها، وللآخرين، فكشر عن أنيابه، وأذاقها كل ألوان العذاب، ومنها بخله الشديد منذ اليوم الأول للزواج حيث تركها بلا مصروف للبيت، ولم يشتر أيا من مستلزمات المنزل، وجعل إقامته فى شقة أبيه بالطابق الثانى للمنزل، حيث يقضى بها معظم وقته، ويتناول الوجبات الثلاث: الإفطار والغداء والعشاء بصحبة أسرته فى الوقت الذى تقبع فيه وحيدة، ولا يسأل عنها أحد، ولما فاض بها الكيل، وهى عروس لم تفرح بشهر العسل مثل كل صديقاتها، فاتحته فى أمرها، ورجته أن يحسن معاملتها كما تظن فيه، فإذا به يتحول إلى وحش كاسر، فتعمد اظلام الشقة بقطع الكهرباء عنها، وتركها تعيش على ضوء الشمع، بينما هو غارق فى الضحك والسخرية منها وسط أسرته فى الطابق العلوي، وأحيانا يذهب إلى شقة أخيه بلا سبب واضح فتنخرط أختى فى بكاء مرير، وتعد الثوانى إلى حين عودته، وتحاول أن تجد مبررا لسلوكه معها، فلا تصل إلى نتيجة، وتنهار باكية وتزرف الدموع بغزارة، وتدهورت حالتها الصحية والنفسية بدرجة كبيرة.

وأعادت أختى عليه السؤال: لماذا تزوجتني؟ وهل تتصور أن هناك من ترضى بهذه الحياة الذليلة؟ فرد عليها: الحكاية كلها أننى أريدك أن تعيشى كما أريد، وليس مثلما ترغبين، متجاهلا المشاعر الانسانية، والعلاقة الواجب أن تربط كل زوجين يؤسسان بيتا مستقرا، فكتمت أحزانها، ولم تنبس ببنت شفة لأحد من أهلها، متعشمة أن تتحسن طباعه بمرور الأيام، لكنه ازداد سوءا، وشعرت ذات يوم ببعض التعب، فزارت الطبيب بصحبة والدتنا فأخبرها بأنها حامل، ولم يفرح لهذا الخبر أحد، بل أخذ الكل ينظرون إلى بعضهم، وفى ذاكرتهم علاقتها السيئة مع زوجها وأهله، وتساءلوا فى صمت: وماذا تخبئ لها الأيام؟!

وزارها أبي فى أحد الأيام، وكانت كالعادة بمفردها فى الشقة، بينما هو بين أهله، وعلم بوجود أبى فى بيته، فلم يكلف نفسه عناء لقائه لكى يسلم عليه ويرحب به، ولو من باب أنه زائر له، وليس حماه! وعندما سألته أختى عن سبب تجاهله أباها، لطمها على وجهها مرتين، وتركها تنعى سوء بختها، ثم جاء يوم «الخيانة الكبري» وفى الصباح استعد للذهاب إلى عمله، وكانت هى شبه نائمة، فدخل عليها، واخرج بعض الأوراق من دولاب غرفة النوم، وسحب يدها اليمني، ووضع الإبهام على «ختامة» لكى يبصمها على شيء مجهول وأوراق لا تعلم عنها شيئا، ولما أحس بحركتها، وأدرك أنها سوف تفيق من النوم، وتكشف حقيقة ما يفعله معها، لملم أوراقه وأعادها من حيث جاء بها، ومن شدة الرعب الذى انتابها، استمرت فى فراشها إلى أن غادر الشقة، وكان القلق باديا عليه، لأنه يعد لأمر ما لا تعرفه، وبعد أن تأكدت من خروجه إلى العمل فتشت فى الدولاب عن الأوراق التى حاول أن يضع بصمتها عليها، فوجدتها تحت «مشمع» فى درج خاص بأوراقه بدولاب الملابس، وقرأتها سريعا، وعرفت أن زوجها كان يحاول أخذ بصمتها على أوراق تفيد بتنازلها عن جميع حقوقها ونفقتها بإرادتها، وأنها فى كامل قواها العقلية!!

ومر يوم كئيب كغيره من الأيام التى لم تذق فيها ساعة حلوة، وعلمنا بما حدث لها، فذهب والداى إليها، وواجها زوجها بما فعله، فأنكر التهمة، وقال إن هذه الأوراق لا تخصه، وإنها تخص واحدا من أصحابه، واستند فى حجته إلى أنه لا توجد أسماء فى هذه الأوراق، فلقد ترك مكانها خاليا، ولم يفسر ما فعله بسحب يدها إلى «الختامة» وقال إنها هواجس وكوابيس لا وجود لها!

ولكى تمضى الأمور تغاضت أختى عن هذه الواقعة، واعتبرتها كأن لم تكن، لكن هيهات أن يتغير إلى الأحسن، فلقد ضاعف شجاراته، إلى حد أن الأمور تفاقمت تماما بينهما، وتركت البيت مكرهة، وذهبت إلى أبويها، وهى حامل فى الشهر السابع، ومر شهران وضعت بعدهما ابنها «يوسف» الطفل الجميل الذى أحبه كل من رآه، وتمنى من الله أن يرزقه بمثله، إلا أباه الذى لم يسأل عنه، أو يطلب رؤيته أو حتى يرسل نفقة له، وتكفل أبى بكل مصاريفه منذ ولادته، وانقضى عام كامل على هذه الحال، وتعجب الجيران والمعارف من سلوك زوجها، وتدخل بعضهم لإصلاح ما أفسده من أجل الطفل، وبعد جلسات صلح عديدة، عادت أختى إليه، فوجدته هذه المرة مختلفا، إذ تصرف معها لأول مرة بما كانت ترغب فيه من معاملة حسنة، ونقاش هادئ، واستغربنا هذا التغير الكبير الذى طرأ عليه، لكننا تعاملنا معه على أساس أن ما مضى فات، ولن يعود، وسلمت له أختى «ورقة الخيانة» التى ادعى أنها لا تخصه، وأيضا حكم النفقة الذى حصلت عليه من محكمة الأسرة خلال فترة غضبها لدى أبوي، وما هى إلا ثلاثة أشهر وبعد أن اطمأن إلى أن ما يخشاه أصبح بحوزته، حتى كشف عن وجهه الحقيقي، فقال لها بكل بجاحة «لا أريدك.. اخرجى من هنا»، واستعان بإخوته الثلاثة الرجال فى طردها، وأخذوا منها الطفل الرضيع لكى يحرقوا قلبها عليه، ونعتوها بأحط الألفاظ، دون أن ترتكب ذنبا ولا جريرة، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

لقد مر على هذه الواقعة أربعة أشهر تقريبا، ونحن لا نعلم عن ابن أختى شيئا ، حيث انهارت حالتها النفسية إلى درجة الصفر، ونخشى أن تتدهور إلى ماهو أسوأ من ذلك، ونحاول أن نعيد إليها ابنها، لكننا كلما ذهبنا إلى بيت زوجها لا نجده فيه، ولا نعرف إلى طفلها طريقا، ولم نجد مفرا من أن نعود إلى محكمة الأسرة، فحكمت لها بضمه إلى حضانتها، ولكن أين هو؟ وكيف نصل إليه؟

إننا نخشى أن يكون قد حدث له مكروه؟ وتنتابنا حالة هلع كلما تخيلنا أنه قد لا يعود إليها؟ ونحن من خلال بابك الإنسانى والاجتماعى نناشد الجهة المسئولة فى الدولة أن تهب لمساعدة أختى للخلاص من هذا الزوج الظالم، والحفاظ على حقوقها لديه، واستعادة ابنها منه... وأخيرا فإننى اسألك: كيف السبيل إلى كشف شخصية الرجال المرضى من هذا النوع قبل أن تقع الفأس فى الرأس، كما يقولون؟!

ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

استوقفنى تعبير «ورقة الخيانة» الذى وصفت به تصرف زوج أختك الطائش للسيطرة التامة عليها، واخضاعها له، فتنفذ ما يطلبه منها، وهى كسيرة، لا حول لها ولا قوة، وذلك عندما حاول أن يأخذ بصمتها على أوراق تفيد بأنها تنازلت عن كل حقوقها، وحضانتها لطفلها، ففعلته الشنعاء هذه تدخل فى باب الخيانة، وهى «الورقة الفاصلة» فى حياتهما الزوجية، ولم يكن ممكنا أن يواصلاها بعد هذه الواقعة التى تسبب فيها شحه وبخله، ولقد فاته أو أنه تجاهل أن البخل صفة مذمومة فى التعامل مع الآخرين، فما بالنا عندما يكون المرء بخيلا على أهله، ولو لم ينطق القرآن الكريم فى ذم البخل إلا بقوله تعالى «ولا يحسبن الذين يبخلون بما أتاهم الله من فضله هو خيرا لهم، بل هو شر لهم، سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة»، لكان أبلغ البلاغ، وأنهى النهى فالجواد حبيب إلى الناس، والبخيل بغيض إلى أهله.

نعم يا سيدتى، فزوج أختك لم يدرك بعد فداحة ما ارتكبه فى حق نفسه وابنه من حماقات، ولا أدرى ما الذى كان يمكن أن يكسبه، لو أنها تنازلت له عن النفقة، والمؤخر، وكل شىء طواعية، وليس عن طريق «ورقة الخيانة» التى حاول أن يأخذ بصمتها عليها... والله لو أمعن قليلا فيما أقدم عليه، لأدرك سوء تصرفه، وتفاهة تفكيره، فالجنيهات التى سيوفرها بهذه «الطريقة المخزية» لن تنفعه، وسوف يعض أصابع الندم فى وقت سيصعب فيه علاج الموقف، وسيكرر فعلته مع زوجة ثانية وثالثة، ولن تستقر له زيجة، وسيجد نفسه فى النهاية اسيرا للمرض والاكتئاب، بعد أن يكون قد شرد ابناءه هنا وهناك.

وانى اسأله : أترضى أن تدعو عليك الملائكة مع اشراقة كل صباح؟ فعن أبى هريرة رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال :«ما من يوم يصبح فيه العباد، إلا وملكان ينزلان فيقول احدهما : اللهم اعط منفقا خلفا، ويقول الآخر، اللهم اعط ممسكا تلفا» متفق عليه، فحرى بك أن تستعيذ بالله من البخل، وأن تسأله أن يشفيك منه، فأى داء أدوى من البخل كما قال أيضا رسول الله صلي الله عليه وسلم.

ويخالف الزوج البخيل شرع الله، إذ إنه لا يكون بخيلا فى المال وحده، وإنما أيضا فى العواطف والمشاعر الإنسانية، وهناك فرق بين البخل والحرص، إذ إنه من الممكن قبول الحرص، فأحيانا تكون الزوجة مسرفة، ويرى زوجها أنها لا تملك القدرة على إدارة البيت، فيتعامل معها بنوع من التوازن والحرص، ويحاول أن يوفق امكاناته حتى يتماشى مع أحواله، أو يكون الزوج من متوسطى الحال، فترى الزوجة نتيجة تبذيرها، واسرافها ان ذلك بخل مع أنه فى الحقيقة حرص مقبول... أما البخيل فهو الزوج الذى يملك المال ويستطيع الانفاق، ولكنه لا يصرف على أولاده، وبيته إلا القليل، وقد يكون الإنسان بخيلا بالفطرة فيكره العطاء، ومن الوارد أن يكون البخل نتيجة الحرمان الذى تعرض له فى الصغر، وهنا يجب التعامل معه بواقعية، كاصطحابه إلى السوق لكى يشترى ما تريده الأسرة بنفسه، ويتابع الاسعار، ويعيش الواقع الذى يجهله أو يتجاهله.

لقد تناسي زوج أختك أن العزلة التى يفرضها الرجل على زوجته أشد إيلاما وضررا من الاستبداد والتوحش العنيف، ولم يدرك أن المرأة لزوجها، ما أرادها أن تكون له ـ على حد تعبير بلزاك ـ فلقد كان باستطاعته أن يحتويها بتصرفات بسيطة، وكلمات رقيقة، لكن أسلوب الاستهتار الذى يتعامل به معها، هو الذى يدفعها إلى رفض الحياة معه، على هذا النحو الذى لا يطيقه أحد، ومن مظاهر «الاستهتار» تجاهله زيارة حماه إلى بيته، وعدم استقباله والترحيب به، فتسبب بسلوكه هذا فى تعميق الفجوة بينهما، ولو أنه التقاه ، وناقش معه فى هدوء الملاحظات السلبية التى رآها على زوجته، وبحثا سبل تلافيها، لما تفاقمت الأمور إلى هذا الحد.

وبعد كل ما جرى، لا أرى أن عودتهما للحياة الزوجية ستكون فى مصلحتهما، إلا فى حالة واحدة، هى أن يقر الطرفان باخطائهما، وتجاوزهما فى حق بعضهما، فهناك بالتأكيد اخطاء وقعت فيها أختك، حتى وإن كان هو البادئ بالتجاوزات، وأن يسطرا معا صفحة جديدة تطوى صفحة الماضى بكل ما فيه من آلام، وإذا تحقق هذا الحل فسوف تظلل السعادة الزوجية عشهما من جديد، ومن يدرى فلعل الله يجمع الشتيتين بعدما يظنان كل الظن أنهما لن يتلاقيا، وبهذه الطريقة يقتلعان ازمتهما من جذورها... أما إذا أصر على الاستمرار فى هذا المنهج الخاطئ، فليكن التسريح بمعروف، وليطلق أختك، ويعطيها حضانة ابنها التى كفلها لها قانون الأحوال الشخصية، وإذا تهرب من العدالة يوما، فلن يتمكن من الهروب إلى الابد، وسيجد نفسه وراء القضبان جزاء ما اقترف فى حق نفسه وابنه وزوجته التى مازالت فى عصمته، ولم يطلقها بعد.

وفى كلتا الحالتين يجب أن تخرج أختك من الدائرة الضيقة التى وضعت نفسها فيها، فلقد جربت الحزن فما نفعها، وعليها بالدعاء الحار إلى الله أن يثبتها على الحق، ويرشدها إلى الصواب، وهو وحده المستعان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أم البنات
مشرفة
مشرفة
أم البنات

انثى
عدد الرسائل : 9513
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 210
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 Unknow10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 8010
نقاط : 19672
ترشيحات : 44
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 333310

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 I_icon_minitime25/7/2014, 18:10

التجربة الصادمة!

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 2014-635418304660260765-26

أتابع بابك باهتمام شديد لكى استفيد من تجارب الآخرين وأجد دائما فى كل شخص مكيدة أو أزمة لا يستطيع التعامل معها مهما تكن فطنته، أو تبلغ درجة ذكائه، ولذلك يلجأ إليك طلبا للمشورة، ووجدتنى واحدة من هؤلاء، فأنا فتاة فى سن السادسة والعشرين، ومن عائلة ميسورة، وحسنة المظهر،

ووحيدة أبوى اللذين دللانى طوال حياتي، لكنى التزمت طريق الكفاح، ولم يشغلنى شىء عن المذاكرة والتفوق، ونجحت فى دراستي، وتخرجت فى كلية مرموقة، وأعمل حاليا فى وظيفة ممتازة، وظل موضوع الزواج شائكا بالنسبة لي، ومبعث متاعبى هو اننى رومانسية جدا، إؤمن بالحب، ولا أحبذ الارتباط عن طريق العائلات أو ما يسمونه «زواج الصالونات» الذى أجده جافا خاليا من أى مشاعر!ومررت بأكثر من تجربة حب فاشلة، ونجوت من آلامها جميعا إلا التجربة الأخيرة التى صدمتنى بقوة، وجعلتنى أسيرة اكتئاب شديد مازلت أعانيه حتى الآن، وبطل هذه التجربة الصادمة شاب تعرفت عليه عن طريق صديقة لي، وللأسف لم تكن محل ثقة فى عرضها، ولم أدرك وقتها هذه الحقيقة المرة، فحين تعرفت عليه، كنت خارجة للتو من قصة فاشلة، وهو مطلق ويكبرنى بواحد وعشرين عاما.. وعندما التقيته وجدته هادئ الطباع، وسيما، ومتحدثا رائعا، ومستمعا منصتا لأقصى درجة، واعطانى الكثير من الاهتمام، وحرص على زيارتى فى عملي.. طبعا كانت ظروفه صعبة للغاية، لكنى اعتبرت حبه لى تعويضا عن أى متاعب أخري.. وطلب منى الارتباط، ووجدتها مهمة ثقيلة أن أشرح لأهلى ظروفه وأقنعهم به، فخضت حربا من أجله، وأمضيت فى هذه الحرب عاما كاملا، وأنا أتمسك به، وهم يرفضون!.. وتوالت أكاذيبه، وتبينت من محيط معارفه أنه تزوج أكثر من واحدة، ولديه عدد كبير من الأولاد، وكلما مر الوقت أفاجأ بحقيقة جديدة.. فصبرت حتى انتزعت موافقة أهلى عليه بشرط أن أتحمل المسئولية كاملة عما سيجرى لى فى المستقبل، ونقلت إليه الخبر، وأنا أتصور أنه سيطير من الفرح مثلي، لكنه قابلنى بتجهم شديد، وقال لى إنه سيطلع أولاده على قرار زواجه، وتباعدت اتصالاته، وعندما أبادر بالاتصال به، يرد مرة كل مائة محاولة، وانحصرت ردوده فى أن أولاده يعيشون حالة نفسية سيئة، منذ علمهم بنيته فى الزواج، فتعجبت من موقفه، وقلت له: إننى حاربت أهلى من أجله، فإذا به يتراجع أمام أول خطوة من الواجب أن يخطوها تجاهي، فعاد إلى نغمته المكشوفة: أمهلينى بعض الوقت لكى أقنعهم بضرورة زواجى بالنسبة لهم ولي، وبصراحة فإننى أحسست بالغدر لكنى كنت أكذب نفسي، ومع ضغطى عليه لتحديد موقفه النهائى قال: إنه فى موقف صعب، فعلاوة على غضب أولاده، فإن أمه وأخته ترفضان زواجه من الاساس، وأنه يتمنى لى حياة سعيدة مع إنسان آخر له ظروف أفضل منه فانهرت تماما، ومازلت غير مصدقة ما حدث لي.. وعرفت ممن حوله أن القصة كلها مكيدة مدبرة لكى يغيظ مطلقته فتخضع لشروطه، ويكفيها أنه ترك عذراء صغيرة فى السن من أجل أن تعود إليه!!

لقد فكرت فى الانتحار ثم تراجعت عنه ، ثم لجأت إلى السحر، وبحثت عن المشعوذين ودفعت لهم مبالغ كبيرة ولكن بلا فائدة، وانى أسألك هل من العدل أن يدمر انسان حياة آخر، ثم يعيش هانئا منتصرا محققا جميع اهدافه؟.. اننى أعلم أن الله يمهل ولا يهمل، ولكن حياتى متوقفة على اللحظة التى ينتقم فيها الله منه لكل ما فعل، وإننى أدعو عليه فى كل سجدة، ولكن متى يستجاب الدعاء؟.. ومتى يتعذب مثلما تعذبت ويحترق قلبه، كما حرق قلبي؟..

ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

لقد وقعت فى أخطاء كثيرة، فجاءت النتيجة فى غير مصلحتك، وهذا أمر طبيعى لمن لا يدرس خطواته، ويدقق حساباته، ومن أبرز هذه الأخطاء تكرار علاقات عاطفية فاشلة، فكنت تخرجين من تجربة لتقعى فى أخري، دون أن تكون لك وقفة مع النفس تعيدين فيها تقييم ما فات، ودراسة ما هو آت، ثم جاءت الفجيعة الكبرى بعلاقتك مع رجل مزواج يكبرك بواحد وعشرين عاما، ولديه أولاد من كل زيجة، وقد تعرفت عليه عن طريق صديقتك التى ما لبثت ان اكتشفت انها لم تكن أمينة فى عرضها عليك الزواج من هذا الرجل، وكانت كل الشواهد تؤكد لك انه مخادع، ومع ذلك تماديت فى علاقتك به، وتحديت أهلك بأنك لن ترتبطى بغيره، لكنهم أصروا على رفضه، فاستغل هذا الرفض فى أن يبين لك على غير الحقيقة ان ساحته خالية من العقبات التى تعرقل زواجكما فى الوقت الذى لا ينوى فيه اتخاذ هذه الخطوة، وعندما وجد نفسه فى مأزق بعد انتزاعك موافقة أهلك على غير رغبتهم، كشف عن قناعه الزائف وأوهمك أن أولاده وأهله يرفضون هذا الارتباط، فكيف سمح لنفسه بأن يتلاعب بك الى هذا الحد؟ وكيف صدقتيه طوال هذه الفترة؟

ان هذا الشخص لا يستحق منك لحظة واحدة من التفكير أو الاهتمام، فأخرجيه من ذهنك تماما، واحمدى الله على انتهاء هذه العلاقة الغامضة، التى كانت ستنتهى حتما بالطلاق واتركى مساحة الانتقام منه لله عز وجل، الذى بيده مقاليد الأمور أما ما ذكرتيه عن تفكيرك فى الانتحار ثم عدولك عنه ولجوئك الى السحر لكى تخربى بيته انتقاما منه، فدعك من هذه الأفكار الخاطئة واننى اذكرك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «اجتنبوا السبع الموبقات (المهلكات) قالوا وما هى يا رسول الله: قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التى حرم الله الا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولى يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات» وقال إيضا ما معناه ان السحر كفر وشرك بالله.

وما أروع ان تعيشى فى حالة سلام مع نفسك وان تتقربى الى الله بالدعاء بان يفك كربك، وان يرزقك بالزوج الصالح الذى يقدرك لذاتك، زوج متقارب معك من كل الوجوه، فإذا اخلصت النية لله، ونبذت هذه التجارب المؤلمة من حياتك ومحوتها من ذاكرتك فسوف تسعدين وسيرتاح بالك.. اسأل الله العظيم بوجهه الكريم، ان يزيح عنك همك، ويرزقك بمن هو أهل لك.. انه على كل شىء قدير.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أم البنات
مشرفة
مشرفة
أم البنات

انثى
عدد الرسائل : 9513
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 210
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 Unknow10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 8010
نقاط : 19672
ترشيحات : 44
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 333310

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 I_icon_minitime25/7/2014, 18:43

شجرة الحياة

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 2014-635418305973287514-328

قرأت بتعجب واندهاش شديدين رسالة «الزوجة المستثناه» التي تبين سطورها لكل ذي بصر وبصيرة أن صاحبتها تختلف تماما عن الزوجة التى نعاها زوجها فى رسالة «الدرس البليغ»، حيث انها تحمل الأفكار التى تنشر الفرقة وتشعل نار الفتنة بين الزوج والزوجة بسبب المسائل المادية، الأمر الذى أدى إلى ارتفاع نسب الطلاق وهدم البيوت وكذلك زيادة نسب «العنوسة» فى المجتمع الذي اهتزت أركانه بعد أن كان يوما ما مرآة للحب والعاطفة.

نعم ان الحب يقاس بالتضحيات والتفاني والعطاء وان لم يكن يقاس بذلك فبم يقاس اذن؟ هل بالسباب والألفاظ البذيئة والصوت العالي بلغة مسلسلات «العشوائيات» أنا زيي زيك، مافيش فرق بيننا، وهلم جرا وبالأنانية والنرجسية والبخل فى العواطف والعطاء واتباع اسلوب العناد.

وأقول لكل سيدة: أليس الرجل هو الذي تقدم اليك راضيا ان يرتبط بك وحولك من فتاة الي ربة بيت ويقف الي جانبك ويرعاك؟

فكم يساوي هذا أمام مال الزوجة التي تري كاتبة الرسالة انه لنفسها فقط.

انني اتناول هنا اخلاق العالم الغربي الذي يتشدق به كثيرون من المبهورين ببريقه الكاذب ولمعانه الزائف فماذا يحدث هناك؟

بعد ان تبلغ الفتاة سن السادسة عشرة تخرج من بيت أبيها طوعا أو كرها لتبدأ رحلة الاعتماد على النفس وتلتقي بشاب تشاركه الفرش والفراش بلازواج فى أغلب الأحيان وتدفع مقابل ذلك 50% من اجمالى تكاليف الحياة الشهرية وتنجب منه أطفالا غير شرعيين يخرجون إلى الدنيا حاقدين على المرأة التي انجبتهم من سفاح فإذا ما رسم القدر خيوطه علي الوجه وذبل الجمال وترهل الجسد ترك الشاب فتاته وألقاها كما يرمي الرجل سيجارته بعد أن تمتع بها تاركا إياها تداعب القطط وتمضغ الوحدة.

فكم يساوي هذا الرجل مقارنة بذاك؟

ولماذا لا تروى مع هذا الزوج شجرة الحياة بالحب.. هو يرويها صباحا بكفاحه أسدا يذود عن عرينه.. وانت ترويها مساء بالبشاشة وتربية الأبناء «الحلال»، فإن كشرت الدنيا عن أنيابها ذات يوم شريكة حياته فداء له لتقابل كفاحه بالوفاء والبذل والعطاء ناسية تماما الذمة المالية المنفصلة التي قررها الشرع الحنيف ليرفع قيمة المرأة ولا تكون تابعة لأحد وليكن لها حرية التملك والبيع والشراء وليتفق ذلك مع حديث الرسول «تنكح المرأة لأربع لجمالها ـ لمالها ـ لحسبها ولدينها» والمرأة ذات الدين لن تترك زوجها يصارع الحياة وحده وهكذا تورف أوراق الحب وتحلو ليالى العمر بدلا من الخريف المخيف، وتصبح كل أسرة أى أسرة عبارة عن قلبين على قلب واحد وإحساس واحد وذمة مالية واحدة.

هذه هي المودة والرحمة التى أرادها الله من الزواج وهكذا أصبحت السيدة خديجة بنت خويلد زوجة رسول الله صلي الله عليه وسلم واحدة من أربع نساء فضلهن الله على جميع نساء العالمين، فكان الرسول إذا بكي لا يعرف أهي دموعه التي تسقط منه أم أنها دموع خديجة التي تأخذه فى أحضانها؟.. هذا هو الحب.

> تلقيت هذا التعليق الوافى من الاستاذ محمد بدوى، والمعنى انه لا توجد قواعد جامدة في علاقة الرجل بزوجته ولا المرأة بزوجها فهما كيان واحد وإذا أخلصا النية لبعضهما تسير بهما سفينة الحياة فى هدوء إلى بر الأمان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أكرم عبد القوي
__________
__________
أكرم عبد القوي

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 23180
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 Profes10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 3011
نقاط : 37123
ترشيحات : 136
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 411

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 I_icon_minitime8/8/2014, 19:30

الحلم البديل!

لم أكن اتوقع أن أكتب اليك بمشكلتى التى تلازمنى منذ صغري،

ولكن دفعنى الى ان أعرضها عليك، ما لمسته عبر بريدك الاسبوعى من حلول سديدة، ورؤى صائبة تضيء الطريق أمام اصحابها. وتساعدهم على تخطى الصعاب، وأعود بحكايتى الى الوراء عندما كنت طفلة، فلقد نشأت فى اسرة متوسطة اجتماعيا تضم خمسة افراد، وتنتسب الى عائلتين من كبار العائلات فى احدى القري، وتزوج ابى وأمى بعد قصة حب ربطت بينهما طوال سنوات الجامعة، وكانت قد تخرجت قبله، بعدة سنوات، حيث انه رسب اكثر من مرة، وتحملت الكثير من أجله الى ان تخرج ثم تزوجا، لكنه ظل عاطلا، ولم يقبل باعمال كثيرة كانت كفيلة بمساعدته على القيام بمسئولياته تجاه اسرته، ولم تجرؤ والدتى يوما على ان تفاتحه فى ضرورة ان يعمل لكى يصرف على اولاده وبيته بدلا من ان ينتظروا الطعام من اهلها أو أهله، ولم تشعره بتقصيره، وصرفت كل ميراثها على المعيشة اليومية، وتوفير القوت الضرورى لنا.

وكبرت ووجدتهما قد تبادلا الادوار، فعندما كنت اطلب من أبى مصروفا، يرد بكل بساطة: «خذى من ماما»، ولم يجد حرجا فى ذلك، وكأنه شيء طبيعي، وكم تمنيت أن أكون ابنة لـ «رجل عادي» يعمل مثل كل الناس، ولو فى مهنة «النظافة» المهم ان يأتينا برزق حلال، ويرحمنا من الذل، ويتنازل عن انانيته المفرطة، فهو لايفكر إلا فى نفسه.



ولك ان تندهش من منطقه الغريب، فهو لايريد ان يعمل لدى الغير إذ يرى أنه يجب أن يكون «صاحب عمل» وما أكثر المشروعات التى اقامها لكنها فشلت جميعا، لاسباب عديدة منها انه لم يكن جادا فى إقامتها، ولم يعد دراسة جيدة لها، وكلما تراءى له فى مخيلته مشروع اقدم عليه، مختالا بفكره معلنا كبرياءه عازفا عن الاختلاط بالناس الذين يتعامل معهم بتعال، بينما كانت أمى هى التى تتصدر اى مشروع يقيمه، وتحاول قدر جهدها التوفيق بينه وبين مهامها المنزلية، ورعايتها لنا، الى ان ينتهى تماما وتحدث الخسارة، وهى نتيجة منطقية وفقا للمقدمات والمعطيات التى بنيت عليها.



ومازال أبى على حاله إلى الآن، يعمل احيانا ثم يتوقف عند أول مشكلة تواجهه، ولم يعرف يوما المعنى الحقيقى لمسئولية الاسرة والابناء برغم حبه الشديد لنا ولأمنا، فلم يترجم هذا الحب الى افعال، وتناسى قول رسولنا الكريم «كلكم راع، وكل راع مسئول عن رعيته»، وترك رعاية البيت والاسرة لآخرين تدخلوا فى اختياراتنا وتوجهاتنا بما يتناسب مع عطاياهم، فبدلوا حلمى الاصلى الى «حلم بديل»، فالتحقت بكلية ادبية بدلا من كلية علمية، واعترفت بالامر الواقع وسعدت بكليتى وتعايشت معها باعتبار انها الانسب لقدراتنا المادية، وكتمت احزانى فى داخلي، وفضلت الموت على ان اجرحه بكلمة، وحافظت على صورته كهرم مرفوع الهامة امام الجميع حتى اشقائي، ورفضت ان أعيش دور الضحية، كما فعل بعضهم، وفهمت المعادلة التى يجب ان اسير وفقها بكل دأب وجد وعزيمة، وسرعان ما فكرت فى العمل بعد الثانوية العامة حتى أتمكن من توفير احتياجاتى فى الكلية، والتحقت بعمل مناسب اكتسبت منه خبرات كثيرة، ودخل حياتى زميل لى فى العمل، سرعان ما تقدم لطلب يدي، ولكنى رفضت من الوهلة الأولى ليس لعيب فيه. وانما خوفا من فشل الزواج من جهة، ولأننى أعانى مرضا نادرا من جهة اخري، واكتفيت بالدراسة والعمل وسعدت بنجاحاتى فيهما، وأصر على معرفة سبب رفضي، فصارحته بما فى نفسي، فجاء رد فعله جميلا، ومازالت كلماته ترن فى اذنى: «كأننى لم اسمع شيئا منك، وارجوك الموافقة، فأنا اريدك زوجة لى»، فأعجبنى موقفه منى وتمسكه بى ورجاحة عقله، واعتبرت فارق السن بيننا وهو اربعة عشر عاما فى مصلحتي، حيث كان يمثل بالنسبة لى الاب اكثر منه الحبيب والزوج، وأبديت له موافقتى على الارتباط به، وعرضت الامر على اسرتى فباركت زواجنا، ثم جاءت الاعتراضات من العائلة الكبيرة التى تحفظت عليه من حيث السن والشكل والعمل، فلم اتوقف عند هذه الملاحظات، وتمت خطبتى له، ولاحظت عدم حماسه فى عمله، ولا مبالاته فى كل شيء، وراودتنى اسئلة كثيرة عن سبب تأخره فى الزواج وما أوصله الى الحالة التى اراه عليها، ولما طرحتها عليه أجاب بانه اقام مشروعا صغيرا خسر فيه كل ما ادخره من مال، وانه يساند والدته بتحمل اعباء علاجها، وبعد اسابيع طلب «عقد القرآن» فلم اوافق عليه قبل ان يحصل على شقة الزوجية ويبدأ فى توفير اثاث المنزل، وفقا للاتفاق المبرم بيننا، وكنت أناقشه فى هذه الامور وليس أهلى على عكس المتعارف عليه، فنفذ ما طلبت، وهزت فرحتى بالشقة قلبى الصغير، ثم حدث ما عكر صفو سعادتنا، إذ تم الاستغناء عنا فى العمل معا، فلم ايأس وسعيت بكل ما أوتيت من عزيمة وإصرار للحصول على عمل جديد، وكانت الفرص المتاحة لى فى مجالى اكثر منه، لكننى فضلت ان يحصل هو على عمل أولا، وبعد عدة اشهر عرض قريب لى عليه عقد عمل فى احدى الدول العربية فوافق عليه، وبعدها بأيام جاءتنى فرصة عمل، وابتسمت لنا الحياة من جديد، وشجعنى خطيبى على الكفاح والصبر، وخففت كثيرا من هول المفاجأة التى كانت فى انتظاره بالبلد العربي، حيث وجد أنه سيتقاضى نصف المرتب، وبدل السكن المتفق عليه، ومر عام طويل على الحال الجديدة، ثم تزوجنا بما أتيح لنا من أثاث، وتعرفت عن قرب على كل طباعه، فوجدته بطئ الحركة، وان ردود أفعاله تأتى دائما متأخرة، وطموحاته لا تعدو أن تكون «أحلام يقظة» مثل أبى تماما، وهى لا تتناسب مع إمكاناته بأى حال.



ولم يمكث معى سوى شهر ونصف الشهر ثم سافر إلى عمله بالبلد العربي، وتركنى وحيدة، وكنت أنا التى أبادر بالاتصال به والاطمئنان عليه، وحاولت أن ألفت نظره إلى ما أحتاجه من الوقوف إلى جانبى واحتوائى بعد كل ما لاقيته من متاعب على مر السنين.. وطلبت منه أن يتواصل معى تليفونيا أو عن طريق الانترنت، فجاءنى رده بأنه لا يستطيع أن يعمل ويهتم بى فى آن واحد! فتعجبت لهذا الرد، وكظمت غيظي!، وطالت فترة سفره لمدة تقترب من عامين، وعندما زارنا وجدته متبلد المشاعر بدرجة غريبة فأنا الملهوفة عليه دائما، وأنا التى ابدأ بالصلح إذا حدث خصام بيننا، فإذا سألته : لماذا يعاملنى ببرود وجفاء؟ ينفى بشدة عدم اهتمامه بي، ويقول إنه لا يستطيع الاستغناء عني!.



وشعرت كأننى زهرة فى بستان أخذها صاحبها من وسط أقرانها، ووضعها وحيدة فى بيئة جديدة عليها، وعندما بدأت فى التأقلم مع حياتها المستحدثة، واشتد عودها تناساها، وراح يقطر عليها الماء من حين إلى آخر، فلم يتركها تحيا فى بيئتها الأصلية، ولم يرحمها بأن يدعها تموت سريعا (موتة الرحمة) وفضل أن تموت ببطء... وهكذا ايقنت أن هذه هى مشاعره الحقيقية، فالرجولة من وجهة نظره تعنى التحكم فى المشاعر، وعدم البوح بحبه لزوجته حتى وإن كان يحبها بالفعل.. وإزاء موقفه الغامض فكرت فى طلب الطلاق، لكنى فى اجازته التالية وجدتنى حاملا فى طفلتي، التى جاءت إلى الدنيا فى ظروف نفسية صعبة بسبب ابيها، ولا ذنب لها بالطبع فى تصرفاته، وهكذا صرت وحيدة.. وابنتى هى كل عالمي، وقد مر عام جديد، وجاء زوجى فى إجازته المعتادة، وكنت أتصور أنه سيكون ملهوفا على رؤية ابنته، ومع الأسف الشديد قابلها بمشاعر عادية، ولم تتحرك عاطفة الأبوة لديه، تلك العاطفة التلقائية بين أب وابنته، ثم مر عامان، وكبرت ابنتنا ووجدتها تتعامل مع أبيها بحذر، ولم تثمر جهودى معها لتعريفها بأبيها وحثها على حبه والاقبال عليه إلا بقدر ضئيل، فالعلاقة تبادلية، ومن الضرورى أن تشعر الطفلة بوجود أبيها فى حياتها حتى تقبل عليه، وتتطلع إلى أن تكون معه فى كل خطوة من خطوات حياتها، فلقد كنت اشترى لها اللعب، وأقول لها إن اباها هو الذى ارسلها إليها حتى تنشأ على حبه.



إننى كلما نفد صبرى فى التعامل معه أجدنى أستعيد نفسى من جديد، ولم تقهرنى الصعاب، فهل يقهرنى رجل متبلد المشاعر، فأنا ذات الشخصية القوية المثابرة الناجحة فى عملها التى قهرت كل العقبات، ولم يقف امام طموحها شيء، وأنا نفسها صاحبة الشخصية الضعيفة التى سئمت حياتها فى انتظار زوجها الذى لا يشعر بها على الاطلاق، ولا يفهم متطلباتها كأنثى كل ما تتمناه أن تعيش فى ظل رجل يحتويها، ويشعرها بالقوامة والأمان ويعوضها عما فقدته فى بيت ابيها الذى لعبت فيه أمها دور الرجل، ثم ها هى تلعب الدور نفسه فى بيت زوجها... نعم يا سيدي، فلقد أوصلنى برود زوجى إلى حالة من اليأس لم أعد أستطيع معها الصبر، فأنا إنسانة لى قوة تحمل، ولست (ملائكية) وكل ما أريده من زوجى أن يهتم بى ويحتوينى ويشعرنى بوجودى كزوجة، ووجوده كأب.. إننى أتعجب من حاله وحال أمثاله : واسألهم : أين أنتم من وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنساء؟.. فمن حكمته سبحانه وتعالى أن يموت فى حجر زوجته.. لقد سقط أبى الهرم الأول فى حياتى منذ سنوات بعيدة، وها هو زوجى الهرم الثانى يسقط هو الآخر، فالرجال كالأهرامات إذا سقط رجل أصبح كالرمال!!.. وإنى أشكو إلى الله قلة حيلتي، وهواننا أنا وابنتى على زوجي، بعد أن نفد كل ما لدى من صبر.. فهل أجد لديك ما نستطيع أن نتغلب به على الأنواء والأعاصير التى تهز حياتنا بشدة، وقد تلقى بى إلى المجهول؟.



ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
لقد تركت نفسك يا سيدتى أسيرة أفكار فى داخلك، وحكمت على الأشياء بمنظورك الشخصي، ولو أنك غيرت هذه الأفكار منذ البداية، وناقشت مع زوجك احتياجك النفسى له، واقتربت منه أكثر من ذلك، وكنت صريحة وواضحة فى البوح بما يعتريك من هواجس وقلق وحيرة من بعض تصرفاته، وأهمها عزوفه عنك وتباعد لقاءاتكما معا.. أقول: لو أنك فعلت ذلك للفت نظره الى ما يؤلمك، ولغير أسلوبه معك على الفور، بدليل تأكيده لك بأنه يحبك، ولم يقف عند مرضك النادر الذى لم تفصحى عنه.. وأقبل على حياته معك بكل ارتياح، وهو أيضا لم يرتبط بأخري، ولا يوجد فى حياته سواك، بدليل أنك لم تنكرى إخلاصه معك ورعايته لك.. ومن هنا فإنك مطالبة بأن تغيرى نظرتك إليه وفكرك تجاهه، وأذكر ما جاء على لسان »جايمس إلين« فى كتابه »مثلما يفكر الإنسان» حيث قال: «سيكتشف الإنسان أنه كلما غير أفكاره إزاء الأشياء والأشخاص الآخرين، فإنهم سيتغيرون بدورهم.. دع شخصا ما يغير أفكاره، وستندهش للسرعة التى ستتغير بها ظروف حياته المادية، فالشيء المقدس الذى يشكل أهدافنا هو نفسنا».



نعم يا سيدتى فنحن بأيدينا أن نغير ما حولنا، وبإمكانك أن تحتوى زوجك بالحوار الإلحاحي، وبأن ترددى على مسامعه أنه كل حياتك، وأنك لا تملكين فى الدنيا طموحا أكثر من أن تسعدا معا بحياتكما وطفلتكما.. إننى أرى من ثنايا رسالتك أن ما يعذبك ليس استبداده، كما جرت عادة الزوجات فى شكاواهن من الأزواج، وانما يعذبك استهتاره، وعدم مبالاته بك على الأقل فى ظاهر الأمر، لكن المحب لا يتوقف عند هنات الحبيب، ويعطيه كل شيء.. يعطيه أفكاره وحياته وجسده وجميع ما يملك، كما أن كل رجل خالص القلب والعزيمة يحترم زوجته ويرعاها ويترفق بها، ويحنو عليها، ويصنعان زواجا ناجحا تسوى فيه كل الخلافات، وأحسب أنكما تزوجتما زواجا سعيدا، لم يكن وليد الظروف، وانما هو بناء شيدتماه على أساس متين، فلا يعقل بعد ذلك أن تهجراه، وتلجآن الى حلم بديل، فالحلم البديل بالتحاقك بكلية نظرية بدلا من الكلية العلمية التى كنت ترغبينها نتيجة الظروف المادية التى مرت بها أسرتك، لا ينسحب على حياتك الزوجية، فتطلبين الطلاق لسفر زوجك المتكرر، أو بعده عنك بعض الوقت، وانشغاله الدائم بعمله.



أما عن تبادل الأدوار، فإن للمرأة دورا أساسيا يتمثل فى رعاية أسرتها، الى جانب دور إضافي، كالعمل مثلا من باب تحقيق ذاتها، والحصول على عائد تساهم به فى تكاليف المعيشة، وتنظيم الإنفاق، أما الرجل فمسئول مسئولية كاملة عن الإنفاق على الأسرة وتوفير الحماية لها ورعايتها، وتهيئة الأبناء منذ الصغر لأن يكونوا أفرادا فاعلين فى الأسرة والمجتمع، ولنا فى السنة النبوية أسوة حسنة فى التكامل بين الزوجين، حيث كان النبى صلى الله عليه وسلم مع زوجته السيدة خديجة بنت خويلد، زوجا وأبا ومساعدا ومكملا، وكانت هى مصدقة له وداعمة ومساندة وحامية، ومكملة لدورها داخل الأسرة دون منّ أو تذمر أو شكوي.



وما يحدث الآن من تبادل الأدوار بين الرجل والمرأة فى أحيان كثيرة، يرجع الى عوامل عديدة أبرزها ضعف الوازع الديني، وقلة الثقافة الدينية، والتنصل من المسئوليات المناطة بكل منهما، والدافع الاقتصادى الذى يعد من أهم الأسباب، فأصبحت المرأة تتحمل فى بعض الأحيان مسئولية إعالة الأسرة.. وأعتقد أن ظروف عمل زوجك وطريقة تفكيره، قد جعلتا الحياة لديه مجرد روتين يومى ممل خال من المشاعر والعواطف المتقدة، مما أفقد حياتكما الزوجية طعمها ونكهتها، والحقيقة أنه أخطأ بعدم حرصه على إبداء عواطفه ومشاعره تجاهك برغم احتياج كل منكما لهذه الأحاسيس، وكانت النتيجة أنك لم تفهميه، ولم تستطعى التكيف معه على حياتك على هذا النحو، فى الوقت الذى ربما يتصور فيه أنك تدركين من تلقاء نفسك قدر حبه لك، وهو فى اعتقاده هذا لا يتخيل الحال التى وصلت إليها، والتى تسببت، أو سوف تتسبب فى اخفاء مشاعرك أنت الأخرى تجاهه، كرد فعل طبيعي، إما اعتقادا منك بأنه لا يستحق عواطفك، أو تيقنا من أنه متبلد المشاعر، وعند هذا الحد أخشى عليكما من الفتور العاطفي.



ومن هنا فإن الثقافة الزوجية مطلوبة من الطرفين، وهناك قاعدة متعارف عليها، وهى «ان المرأة تعطى كل شيء من أجل الحب، والرجل يعطى الحب من أجل كل شيء»، وحين يتوقف أحدهما عن أداء دوره الإيجابي، خاصة الدعم العاطفى والمعنوى لأى سبب تصبح العلاقة فاترة ومملة، فعلى زوجك أن يتنبه لذلك حتى لا يقتل مشاعر الحب المتبادلة، ولا يقف موقف المتفرج، وعليك أيضا ألا تستسلمى لأى ظروف قد تساعد على وجود فجوات بينكما، فصححا الاعتقادات الخاطئة لدى كل منكما تجاه الآخر بالكلمة الحلوة، واللمسة الرقيقة، فيذوب الفتور، وتتجدد حرارة حبكما بإذن الله.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أكرم عبد القوي
__________
__________
أكرم عبد القوي

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 23180
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 Profes10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 3011
نقاط : 37123
ترشيحات : 136
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 411

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 I_icon_minitime8/8/2014, 19:32


الحل الأخير

أنا سيدة فى سن الأربعين، وأعمل أستاذة بالجامعة

ومن أسرة محافظة مستواها المادى فوق المتوسط، ومنذ المرحلة الجامعية تقدم شباب كثيرون للزواج مني، لكن أبى وأمى رفضاهم جميعا، حيث إننى البنت الوحيدة لهما، وإن كل من تقدموا لى لا يستحقوننى، كما غالى والدى فى رفضه الارتباط بأى شخص إلا بعد حصولى على الدكتوراه، وركزت كل همى فى الدراسة، وسافرت الى دولة أوروبية وحصلت منها على درجة الدكتوراه وأنا فى التاسعة والعشرين من عمري، وصار صعبا علىّ أن أختار عريسا مناسبا فظللت أرفض كل العروض حتى بلغت سن الخامسة والثلاثين، وقتها قررت أن أتزوج من أول طارق لبابى دون التدقيق فى شخصيته ولا ظروف من سيكون عليه الاختيار، فلقد كان كل أملى أن تكون لى ذرية، ولا تنتهي حياتى وأنا وحيدة بلا ابن ولا رفيق! وبالفعل تزوجت طبيبا مشهورا، برغم ما كان يساورنى من شكوك فى نجاح زيجتنا لما بيننا من اختلاف وتباين واضح فى العادات والتقاليد، وبالفعل حدث ما توقعته، ولم أستمر معه سوى أيام معدودة، فلقد أخفى عنى مرضه وغشنى فكان الفشل هو النتيجة الطبيعية لما بنى على الغش، ورجعت الى بيت أبى أجر أذيال الندم، وظللت عامين أجتر أحزانى ثم تقدم لى شاب شرحت له ما حدث، فوعدنى بأن يبذل ما فى وسعه لإسعادي، وأنه لا يريد من الدنيا سواي، وكان عيبه الوحيد كما قال إنه تزوج وله ابن معاق، وأنه لم يعش لحظة سعيدة مع زوجته، لكنه يحتفظ بها من أجل الحفاظ على الأسرة، وأكد لى أننى لن أشعر بأى مشكلة، خصوصا أنه يعيش خارج مصر منذ عدة سنوات، وسوف أكون برفقته، فاعترض أهلى بشدة عليه، لكننى وافقت على الارتباط به أملا فى أن تكون لى ذرية وأسرة.

ومرت الشهور الأولى وأنا فى قمة السعادة، ثم بدأت زوجته الأولى تكيد لى بالإضافة الى حصار أسرتي، فأهلى لم يوافقوا عليه، ومازالت نفوسهم محتقنة منه، والأدهى من ذلك أنه عايرنى بزواجى الأول الفاشل، وأجبرنى على تناول أقراص منع الحمل، حتى هلكت أعصابى وساءت صحتي، ولم أجد بدا من الطلاق مع إبرائه الكامل من جميع مستحقاتي.

وتجددت عروض الزواج، لكنى أدرك جيدا أن من يتقدمون لى وهم فى مناصب جيدة يطمعون فى مستواى المادى ومنصبى الأدبى وبعض الجمال الذى حبانى به المولى عز وجل، وأخشى الزواج مرة ثالثة خوفا من الفشل، والمعايرة بعدم استمرارى فى زيجتين سابقتين مع أننى لم أكن السبب فى فشلهما، وقد فكرت فى أن يكون خير الحلول فى كفالة فتاة يتيمة تكون لى قرة عيني، وأعرف الشروط الصعبة لذلك بضرورة وجودى مع زوجي، وأن أحضر شهادة بأننى لا استطيع الانجاب.. فهل تساعدنى فى تحقيق أملى فتكمل معى أى فتاة تراها حياتي، وندخل الجنة معا بمشيئة الله؟

> ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

الأفضل لك يا سيدتى هو أن تنتظرى من يقدرك ويعرف قيمتك ويجمعه بك حلم الذرية الصالحة، وأمامك متسع من العمر لتحقيق أمنيتك لكى تكونى أما، وزوجة ناجحة، فما تعرضت له فى حياتك خارج تماما عن إرادتك، وربما يكون والداك قد ساهما فيه بشكل أو بآخر حينما حرماك من الزواج بحجة الحصول على الدكتوراه أولا، أو أن العرسان الذين يتقدمون إليك غير مناسبين، فالحق أنهما قد أخطآ فى حقك خطأ كبيرا، وقد اتخذا هذا الموقف الغريب من أنانية شديدة، تماما مثلما تفعل كثيرات من الأمهات اللاتى يرفضن زواج الولد الوحيد أو يتدخلن فى اختياره فتكون النتيجة فشله فى اقامة أسرة مستقرة.

عموما فإن قصتك عبرة وعظة لكل الآباء والأمهات، وأرجو أن يراجعا موقفهما منك، وأن يفسحا المجال أمامك لمناقشة الأمر معهما، واختيار من يصلح لك زوجا يكمل معك مسيرة الحياة، وليكن اللجوء الى كفالة طفلة يتيمة فى بيتك هو الحل الأخير.. ووقتها سوف يكون لكل حادث حديث.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أكرم عبد القوي
__________
__________
أكرم عبد القوي

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 23180
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 Profes10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 3011
نقاط : 37123
ترشيحات : 136
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 411

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 I_icon_minitime8/8/2014, 19:34

الحلقات المفقودة

منذ أن نشرتم رسالة الإبن الذى يحكى قصة أبيه

الذى تعثر فى بعض مشاريعه وخوفه على مستقبل أيامه، إنهالت على بريدكم رسائل الأغنياء المتعثرين، وكل منهم له أسبابه وآماله فى أن يجد من يرفع عن كاهله تلك المديونيات باعتبارهم من الغارمين، وكاتب رسالة (الشريك المخادع) أحد هؤلاء، وأسمح لى بأن أوجه إليه تعليقى على حكايته وأقول له : أحسست بعد أن انتهيت من قراءة رسالتك أننى أمسكت بميدالية بها حلقات مفقودة، وقد تبعثرت المفاتيح، وحيث إنك قصدت من رسالتك أن يستفيد منها قراء بريد الجمعة، وهو الهدف الأسمى من هذا البريد، فإننى وللهدف نفسه أحاول عرض هذه الحلقات حتى تكتمل الفائدة المرجوة.

الأولى : قلت إنك من عائلة فقيرة، وكانت تلك الحلقة مصدر خوفك الدائم على أبنائك الذين تحبهم كثيرا، وكان هذا هو الدافع الأساسى فى أن تهجر عيادتك والمستشفى الذى تعمل به للوصول إلى حرف العين الناقص لديك من عيون (عزبة ـ عمارة ـ عملات أجنبية ـ عربية لكل أبن) وبذلك تنتقل من المستوى الذى تعيش فيه إلى مستوى نادى أصحاب الملايين وهذا ما لمسه فيك الرجل الأمى ـ على حد قولك ـ واستطاع أن يسلبك الفطنة والحكمة، وينقلك من طبيب حر إلى طبيب يعمل تحت سيطرته، وهو ما جانبك فيه الصواب كثيرا.

الثانية : ليس من المنطقى أو المعقول أن تكون قد خطوت هذه الخطوة دون أن يكون بينك وبين رجل الأعمال هذا عقد مكتوب يحفظ لك حقوقك ومستوى الدخل الذى من أجله تركت كل ما لديك من أجل سراب خاصة أنه منذ اليوم الاول خاب أملك فيه فماذا عن اليوم الألف؟.

الثالثة : الزوجة التى عاشرتك عشرين عاما.. كيف صدقت هذا الواشى، وكذبت كل السنين التى عاشتها معك ما لم تكن تلك الوشاية بها كثير من الحقيقة، والواقع والصدق، وأكبر ظنى أن تلك الزميلة التى أردت الزواج منها كانت هى السبب الرئيسى فى أن تهجرك (أم العيال) ثم تهجرك هى فيما بعد ، وقد اكتشفت كلتاهما ما يسئ إليك.

الرابعة : لماذا هجرك زملاء المهنة بعد أن اسست بهم ولهم المركز الطبى المزعوم.. أليس غريبا أن يخدعك كل من يتعامل معك على اختلاف ألوانهم ما لم يكن العيب فى المخدوع (القاسم المشترك) فى كل هذه الوقائع؟.

الحلقة الأخيرة : لا أعتقد أنك سيصل بك الأمر إلى السجون، فلديك المركز الطبى الذى مازالت أوراقه ومستنداته بين يديك، وهى تفى بديون البنك، خاصة أن البنك لم يمنحك الفرصة إلا بعد أن كانت لديه ضمانات تعادل 120% من القرض نفسه.

ويبقى أن أقول لك: عد إلى زوجتك وأولادك.. وأعترف بأنك اخطأت فى حقهم، وكن صادقا فى توبتك وأعد عشيرتك إلى عشك، وستجد السعادة ترفرف على كل جنبات حياتك، وأعتقد أن زوجتك سيسعدها أن تفتح أحضانها لك إذا آمنت بصدق سريرتك، وإذا غيرت أنت قبلتك، ولم تعد ترتدى (رداء المخدوع).

< تلقيت هذا التعليق من الأستاذ محمد بدوى على رسالة (الشريك المخادع) وأرجو أن يجد حلا لمأساته، وسوف نتواصل معا إلى أن يتحقق ما يتطلع إليه، والله فعال لما يريد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كابتن أحمد منصور
مشرف
مشرف
كابتن أحمد منصور

ذكر
عدد الرسائل : 6488
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 210
بلد الإقامة : المدينة الفاضلة
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 Office10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 Bookwo11
نقاط : 17058
ترشيحات : 47
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 710

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 I_icon_minitime15/8/2014, 21:29

الصـيد الثـمين!

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 2014-635436327111884201-188

نكأت التجارب المؤلمة للكثيرين من قرائك جراحى، فوجدتنى أكتب إليك تجربتى التى أخلصت فيها إلى أقصى درجة لمن ملكت شغاف قلبى، فإذا بها تغدر بى، وتتنكر لكل ما قدمته لها، فأنا معلم لإحدى اللغات الأجنبية بمدرسة ثانوية فى قرية بكفر الشيخ، عرفت الالتزام منذ صغرى، وربطتنى علاقة طيبة بكل من حولى، ومنذ فترة لاحظت اهتماما واضحا من إحدى بنات القرية بى، وكنت أعرفها من بعيد، وكانت تطيل النظر إلىّ وأحسست أنها تريد أن تفضى إلىّ بشىء ما لا أعرفه، وبمرور الوقت تحدثنا معا، وعرفت انها تدرس بطب الاسكندرية، وقالت لى إنها تشعر بالارتياح لى، وتتمنى أن ترتبط بى، فأفهمتها أننى أيضا ارتحت إليها، لكن أمور الزواج لا تؤخذ على هذا النحو.

وأن هناك حسابات كثيرة قد تعوق زواجنا، منها اننا نعيش فى الأرياف، حيث إن الطبيبة فىوضع اجتماعى لا يتيح لها الارتباط إلا بطبيب أو مهندس، ولا يميل أهلها بأى حال لتزويجها من معلم مثلى. واننى إذا تقدمت بطلب يدها إلى أسرتها سوف أواجه بالرفض، وسيكون ذلك إهانة بالغة لا أرضاها لنفسى، فسكتت، وانصرف كل منا إلى حاله، ومرت عدة شهور، ثم قابلتها بالمصادفة فى حفل زفاف أحد معارفنا، فجاءتنى مسرعة، وسلمت علىّ، وأكدت تمسكها بى، قائلة انها رفضت كل من تقدموا لخطبتها من أجلى، ولم تدع لى فرصة تأكيد وجهة نظرى فى هذا الموضوع، وواصلت كلامها بأنها سوف تقنع أهلها بى، وكانت وقتها طالبة فى السنة الثالثة بالكلية.

وبدأت مرحلة جديدة من علاقتنا، وتابعت خطواتها فى كل كبيرة وصغيرة، وصارت هى شغلى الشاغل فى ذهابها إلى الكلية، ومجيئها منها، فى ظل حالة الانفلات الأمنى التى صاحبت ثورة الخامس والعشرين من يناير، ولك أن تتخيل حالى وأنا عائد فى منتصف الليل من الاسكندرية، فلقد تعرضت للموت أكثر من مرة على أيدى بلطجية، كانوا يهدفون إلى إيذائى وسرقة سيارتى، ومع ذلك خاطرت بحياتى كثيرا من أجلها، وتفرغت معظم وقتى لتنظيم مواعيدها، وكنت أوقظها بالهاتف فى المواعيد التى تحددها لكى تستذكر دروسها، وأشترى لها كل ما تريده من كتب ومذكرات، ولم يكن النوم يعرف طريقه إلىّ قبل أن أطمئن عليها، وأخذت على عاتقى تجهيز كل ما يلزمها من أشياء وطلبات المعيشة، وحملها إليها فى المدينة الجامعية التى تسكن بها.

وخلال مناقشاتنا اتفقنا على أن نتزوج فى العام الأخير للدراسة، وسألتنى عن الشقة التى سوف نسكن فيها، فعرضت عليها أن أبيع قطعة أرض ورثتها عن والدى، واشترى بثمنها شقة فى المكان الذى تريده، أو أن ابنى لها بيتا فى مكان تعرفه وأثنت كثيرا على موقعه المتميز، وقد قدمت لها هذا العرض برغم أننى أملك شقة فى بيت العائلة، فقالت إنها تفضل أن يكون لها منزل ، مستقل، وليس شقة، فهى لاتحب الحياة فى الشقق، فالبيت له خصوصيته، وفيه راحة لا تتوافر فى الشقق المتجاورة، (على حد تعبيرها)!، وامتثالا لرغبتها قطعت مشوارا طويلا للحصول على ترخيص مبان لقطعة الأرض، وشرعت فى بناء المنزل المراد على مساحة مائتى متر مربع، وأسسته على خمسة طوابق، وبنيت منه طابقين، وصرفت عليه كل ما كان بحوزتى من مال!

وأحسست أن الأمور استتبت بيننا، وزاد من هذا الاحساس انها طلبت منى أن أشترى لها سلسلة ذهبية، فخطر لى أنها تختبرنى إذا كنت سألبى لها هذا الطلب أم لا، فأخذتها معى فى نفس اللحظة إلى محل مجوهرات فى دمنهور، واشتريت لها سلسلة تعدى ثمنها أربعة آلاف جنيه، وأكدت لها أن شبكتها ستكون بمائة ألف جنيه، واننى مهما ضحيت بالمال، فإنه يكفينى أنها فضلتنى على كل من تقدموا للزواج منها!!.. ولكى ألبى لها ما تريده فكرت فى بيع السيارة، والحصول على قرض من أحد البنوك ،وطلبت منها أن تجلس مع أهلها وتتفاهم معهم على كل شىء يخص زواجنا، واننى سأوافق على جميع طلباتهم مهما كلفنى ذلك، فوعدتنى بأن تفعل كل ما تستطيع لإتمام زواجنا كما اتفقنا من قبل.

وحان الموعد المحدد لزيارة أهلها، لكى أطلب يدها منهم، فإذا بها تماطل، وتتذرع بأسباب واهية لتأجيل الموضوع، فقلت لها إننى قبلت بعلاقتى بها من أجل الزواج، وانها هى التى لفتت نظرى إليها، وحثتنى على أن أتقدم إليها فى الوقت المناسب، وانها قادرة على إقناع أهلها بى، فما الذى استجد إذن لكى تماطلنى؟ وما الذى ترمى إليه من عملية «التسويف» التى أشم فيها رائحة الخداع؟. فلاحظت عليها الارتباك، ولم تجد ما ترد به علىّ وانصرفنا، وانقطعت أخبارها تماما، ولم تعد هناك اتصالات بيننا، فظننت انها ستأتينى بالخبر السعيد بعد هذا الانقطاع، فإذا بأحد معارفى يبلغنى بعقد قرانها على شاب تقدم لها، ووافقت عليه هى وأسرتها، فسقطت من هول الصدمة مغشيا علىّ. فنقلونى إلى المستشفى وتبين من الفحوص اننى أصبت بذبحة صدرية، وظللت أتلقى العلاج وأنا ممدد على سرير المرض أياما عديدة، واسترجعت شريط الذكريات، فوجدتنى قد سلّمت لها بكل ما طلبته، ولم أقصر فى حقها، لكنها هى التى غدرت بى، وسيطر علىّ الحزن الذى لازمنى فى كل خطواتى، وكعادتها فى الظهور أمامى فى الوقت الذى تريده، جاءتنى لتبرير موقفها بأن أهلها أجبروها على عقد قرانها من شاب تقدم إليهم للزواج منها، ورأوه مناسبا لها، ولم يكن بيدها حيلة لرفضه، فلم أرد عليها، وطردتها، وأغلقت هاتفى، وانتهى كل شىء!!

إننى منذ ذلك الوقت لا أقوى على العمل، ولا أدرى لماذا خدعتنى كل هذه المدة؟ وما الذى تريده الآن بعد كل ما جرى؟.. لقد أبلغت والدتى بما فعلته بى، فكانت صدمتها هى نفس صدمتى، وأصيبت بأزمة صحية ألزمتها الفراش، وبكت كثيرا لما حدث لى على يد فتاة غررت بى، وأنا الذى ضحيت من أجلها بكل ما أملكه.. وقالت أمى لى إنها ادخرت عشرة آلاف جنيه من المصروف الذى نعطيه لها أنا وإخوتى، لكى تقدم لها هدية فى حفل خطبتنا تقديرا لها وحبا فيها، فهل مثل هذه الفتاة تستحق ما فعلناه من أجلها؟

لقد تم زفافها إلى فتاها الجديد، أما أنا فكرهت كل شىء فى الدنيا، وكلما تذكرت ما فعلته بى أبكى كالطفل الصغير، ولا أجد ما أقوله سوى «حسبنا الله ونعم الوكيل».. ولعل فى قصتى عبرة وعظة لأمثالى ممن يتوسمون فى بعض البنات الصدق والصراحة. ثم يفاجأون بالحقيقة المرة بأنهن انتهازيات، لا هدف لهن سوى تحقيق مصالحهن، ولو على حساب الفضيلة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.



ولكاتب هذه الرسالة أقول:



لم تكن أنت بالنسبة لفتاتك سوي «صيد ثمين» نالت منه أغراضها، ثم ألقت ببقاياه في أقرب سلة مهملات، فبحكم أنكما من قرية واحدة، كانت تعلم بثرائك، فجذبتها السيارة، والأموال والأملاك التي بحوزتك، ولذلك سعت إلي استنزافك، والحصول علي ما تبغيه منك بدعوي الحب، ثم ركلتك في اللحظة التي تأكدت فيها أنه ليس لديك جديد يمكن أن تقدمه لها.. نعم هذه هي الحقيقة التي غابت عنك، واعتقد أنك في داخلك كنت تشعر بها، لكنك تعاميت عن كل الشواهد من حولك علي عدم نقاء سريرتها تجاهك، وركزت تفكيرك علي شيء واحد فقط هو كيف تجذبها إليك بشتي السبل، ونسيت أو تناسيت أن ما بني علي غير أساس لا يصمد أمام أول عاصفة تهب عليه.

هل يعقل يا سيدي أن تبني أوهاما بهذا الشكل، فتتخذ قرارات مصيرية تتعلق بكل ما لديك من مال، وتبيع كل شيء من أجل أن تبني منزلا جديدا، وأنت تملك أكثر من شقة جاهزة للسكن فيها، وأن تنفذ كل ما أملته عليك دون أي كلمة مع أهلها لتتبين حقيقة موقفهم منك، بل وحقيقة موقفها هي أيضا!!، فهذا التصرف الذي أقدمت عليه غامض، ولا أجد له تفسيرا، ثم ما معني أن تتركها هي التي تتفق مع أهلها علي ما يريدونه، ثم تنفذ ما يطلبونه دون قيد أو شرط؟.. وأي عقل هذا الذي يذهب بصاحبه إلي هذا التفكير غير العقلاني؟.. وأي هوس ذلك الذي أوصلك إلى أن تصنع هذا الصنيع؟!

إنني لا أري فارقا في المستوي التعليمي بينكما، فكلاكما حاصل علي مؤهل عال، ولكل منكما مجال عمل غير الآخر، أنت في التدريس، وهي في الطب، فما الذي جعلك تدني نفسك إلي هذه الدرجة، فتظهر أمامها فى صوره أقل منها، وأن ارتباطها بك سيكون منّة منها باعتباره أملا يفوق الخيال!.. لقد كان هذا الموقف من جانبك، بداية مغالاة من جانبها فى انتظار اللحظة المناسبة التي تنبذك فيها من حياتها، تنازلات ورضوخ من جانبك لطلباتها دون أي ارتباط رسمي، بل إنك كنت تخشي عدم الاستجابة لما تطلبه منك، خوفا من أن تفقدها، فاختلقت مبررات لتصرفاتك.. مرة لإرضائها، ومرة لأنها تختبر حبك.. حدث ذلك كثيرا، خصوصا عندما اشتريت لها سلسلة ذهبية غالية الثمن، وحين بعت قطعة الأرض وأقمت منزلا جديدا، ثم فكرت في بيع سيارتك والاقتراض من البنك الذي تتعامل معه، وكل هذا لمجرد «ثرثرة» بينك وبينها، سميتها حبا وارتباطا!!.. وكان طبيعيا والحال كذلك أن تمتص هذه الفتاة دم الصيد الذي وقع بين يديها ثم تتركه باحثة عن شريك الحياة الذى يناسبها، ويبارك أهلها زواجها منه.

وإذا كانت هذه حالك فإنني لا ألوم والدتك، السيدة البسيطة علي موقفها المساند لك، لأنه رد فعل طبيعي لموقفك، فالأم ـ أي أم ـ تريد لابنها أن يحقق كل أمانيه، وأن يسعد بحياته، وهي لم تفعل ما فعلته بادخار مبلغ لشراء هدية لفتاتك بعد الخطبة، إلا ثقة في حسن اختيارك، وبأنك رتبت أمورك بطريقة صحيحة، أخلت فتاتك بوعدها لك، انهارت باكية حزنا علي غدرها بك.

وأما أهلها ومن واقع ما رويته، فلم يعلموا شيئا عن علاقتك بابنتهم، وكان الأمر كله خديعة كبري من فتاة وثقت فيها. فإذا بها تخون الثقة، وتفصح عن وجهها الحقيقي، وتنكر جميلك، وما أسديته لها من خدمات، وفي ذلك يقول الشاعر:

إذا أنت أكرمت الكريم ملكته

وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا

فحين لا يقر الإنسان المعروف والصنائع الجميلة التي أسديت إليه يكون منكرا للجميل، جاحدا للنعمة، كما أن الحياة والمشاعر الإنسانية والعلاقات الزوجية، لا تخضع لقوانين مطلقة، فما أكثر الزيجات الناجحة برغم فارق المستويين التعليمي والمادي، فأهم الشروط الواجب توافرها في الطرفين هي الأخلاق العالية والتمسك بالثوابت الدينية، فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم في شأن المرأة «فاظفر بذات الدين»، وقال في شأن الرجل «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه»، وهذا بالطبع مع تقارب العوامل الأخري، وليس تطابقها.

ولو أنك تزوجت من هذه الفتاة، لصارت كلمتك ثانوية، ولأصبحت كلمتها هي الحاكمة للبيت، وحين تكون الزوجة الآمر الناهي لزوجها، فإن شخصيته سوف تهتز أمام أبنائه، ولن ينصاعوا لتعليماته، ولا يعني هذا أنني أؤيد تسلط الزوج علي زوجته، فهذا أيضا أمر مرفوض.. والصحيح أن يبقي الرجل علي طبيعته في التعامل معها، مع تأكيد أن القوامة مسألة مهمة وخطيرة، أوكلها الله إليه، لما يحمله من قوة وشجاعة، ورباطة جأش، وقدرة علي مواجهة الشدائد بما يجعله الأقدر علي إدارة الأسرة، والسير بها إلي بر الأمان، ولا يجوز له أن يهين نفسه أو يضعف أمام أي امرأة مهما يكن شأنها، فهذا ليس من الرجولة في شيء، لأنه إذا انعكس الوضع، فسد القوام وفسدت الأسرة.

ولعل ما حدث لك يفيقك من غفلتك، ويساعدك علي شق طريق جديد لك في الحياة، تكون فيه واثقا من نفسك، ومستفيدا من دروس تجربتك، فلا تتذكر ما مضي، وإنما تنظر إلي يومك، وإلي الفجر الجديد الذي انبثق في حياتك بإزاحة الستار عما كنت ستتعرض له علي يد طالبة الطب، وأذكر كلمة للممثل المسرحي الهندي الشهير »كاليداسا« حين كتب »تحية للفجر« قال فيها»انظر إلي هذا النهار، لأنه هو الحياة بل حياة الحياة، ففي فترته الوجيزة توجد مختلف حقائق وجودك.. نعمة النمو، العمل المجيد، وبهاء الانتصار، ولأن الأمس ليس سوي حلم، والغد ليس إلا رؤي، فانظر جيدا إلي هذا النهار الذي تعيشه بأكمله.. هذه هي تحية الفجر«.

أسأل الله لك التوفيق مع تباشير الصباح الجديد الذي تعيش فيه الحقيقة بعيدا عن الأوهام التي سيطرت عليك، وكادت أن تؤدي بك إلي الضياع، وهو وحده المستعان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كابتن أحمد منصور
مشرف
مشرف
كابتن أحمد منصور

ذكر
عدد الرسائل : 6488
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 210
بلد الإقامة : المدينة الفاضلة
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 Office10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 Bookwo11
نقاط : 17058
ترشيحات : 47
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 710

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 I_icon_minitime15/8/2014, 21:30


الحقيقة المفزعة



بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 2014-635436327842550729-255

لا أعلم من أين أبدأ حكايتى، ولا من أى جزء أقص ما حدث لى؟.













ففى لحظة واحدة فقدت ابنتى التى لم يتجاوز عمرها خمس سنوات. وكدت أفقد الثانية لولا عناية الله وفضله، وصرت عاجزة لا أقوى على أن أرفع يدى أو أتحرك من موضعى، حتى ولو للجلوس على كرسى متحرك، فأنا سيدة فى سن الثامنة والعشرين، تزوجت من صديق لأخى ورزقنى الله منه بنتين «جنى وجودى» وهما زهرة عمرى وقرة عينى، وحلمت بهما كثيرا وهما فى ليلتى زفافهما، وذات يوم استعددت لحضور حفل خطبة أخى الأكبر فى إحدى قرى الصعيد، وألبست ابنتى لباس الخروج، وخرجنا للسفر فى طريقنا إلى الحفل وفجأة وقع ما لم يكن فى الحسبان، إذ انقلبت السيارة رأسا على عقب، ولم أشعر بشىء، وعندما أفقت وجدتنى ملقاة على سرير بالمستشفى، ولا أستطيع أن أتحرك يمينا أو يسارا، وسألت إخوتى: أين البنتان؟ فأجابونى بأنهما بخير، وأن جنى محتجزة بأحد المستشفيات بعد أن كسرت ساقها، ولن تتمكن من المجىء لزيارتى، وطال غيابها، فى حين جاءتنى أختها جودى، وعرفت أنها وقعت فى أثناء الحادث تحت مقعد السيارة، فكان ذلك ساترا لها من انقلاب السيارة عدة مرات.

ومع تكرارى السؤال عن جنى، كثرت الحجج والمبررات، ومنها أنها فى حالة نفسية سيئة، ويجب ألا ترانى على هذه الحال حتى لا تزداد حالتها سوءا، ومرت أربعة شهور على هذه الحال، لكن فى داخلى إحساس بأنها فارقت الحياة، لكن إنكارهم المتواصل كان يعطينى بصيص أمل بأنها مازالت على قيد الحياة وأن اخفاءها عنى بناء على رغبة الطبيب المعالج، ومع إصرارى على رؤيتها برغم كل ما يدعونه من أسباب، أخبرونى بالحقيقة المؤلمة فقالوا لى: إنها ماتت، ولا أعلم متى ماتت ولا كيف، ولم أحضر دفنها وأتلقى العزاء فيها، ورجعت إلى نفسى واستغفرت الله، فله ما أعطى. وله ما أخذ.

ثم تكشفت الحقيقة المفزعة الغائبة، وهى أن حالتى ميئوس من شفائها، لأننى مصابة بقطع فى النخاع الشوكى، وسأبقى طوال حياتى ملقاة على السرير، ولا أستطيع التقلب على جانبى، وهكذا أصبت بقرحة الفراش، وتآكل جسدى حتى بدت العظام منه،

ولك أن تتخيل مدى الألم الذى أشعر به، حينما أريد كوبا من الماء ليلا، وأنتظر حتى الصباح، لكى يأتينى به أحد أفراد أسرتى، فيروى عطشى.. ومقدار الألم الذى تشعر به أم لا تستطيع أن تضم ابنتها الصغيرة التى لم يتعد عمرها أربع سنوات إلى صدرها.. إننى أسأل نفسى كثيرا أسئلة صعبة ترهقنى وتزيدنى حزنا على حزن، ومنها من سيتولى شئون زوجى وابنتى، فإذا كان هو معى اليوم، فسوف يمل غدا، وكذلك إخوتى إذا عطفوا علىّ اليوم، فسوف تشغلهم متاعب الحياة، ومطالب أبنائهم،

كم تمنيت الموت لأستريح ويستريح من حولى. لكنى أعود فأستغفر الله، ووسط هذا الطوفان من اليأس والألم والإحباط بزغ لى ضوء أمل عندما علمت أنه يوجد فى الخارج مراكز لعلاج الحالات المماثلة لحالتى. وتصادفت معرفتى بهذا المركز عن طريق مريض كان يتلقى العلاج لدى طبيب أتردد عليه للفحص والعلاج، وقال لى إنه تمكن من المشى معتمدا على عصا، وقال لى إنه أصيب بقطع فى النخاع الشوكى خلال الأحداث التى صاحبت ثورة الخامس والعشرين من يناير، فأرسلته الحكومة إلى هذا المركز لتلقى العلاج به على نفقة الدولة، فمصاريف العلاج باهظة، وتزيد على مليون ونصف المليون جنيه، فمن أين لى بهذا المبلغ، فهل أصبح مكتوبا على أمثالى أن يعيشوا حياتهم على سرير المرض مدى الحياة لأنهم لا يملكون ثمن العلاج؟.. وهل ترى لى أملا فى أن تستجيب الجهات المسئولة فى الدولة لعلاجى فى الخارج، فتحيى أملى المفقود؟.

ولكاتبة هذه الرسالة أقول:



لا يأس مع الحياة ياسيدتى: فالله هو الذى يكشف الضر عن عباده، وستجدين علاجك الناجع حين يأذن سبحانه وتعالى، وإنى أستصرخ الدكتور عادل عدوى وزير الصحة أن ينظر إلى حالتك، والحالات المرضية الأخرى التى تنتظر قرارات العلاج على نفقة الدولة، وما أكثر المرضى الذين نشرت صرخاتهم عبر بريد الأهرام، لكننا لم نتلق ردا من وزارة الصحة، ووجهت إليه أسئلة عديدة عن «سياسة التجاهل» التى يتبعها فى التعامل مع الحالات المنشورة فى سابقة خطيرة لم تحدث من قبل، ولم يرد أيضا. ولم آخذ من مكتبه نفسه عناء متابعة أحوال المرضى.

وبرغم كل ذلك فإن الأمل قائم بإذن الله فى أن تجدى العلاج المناسب، وأن تعودى إلى حياتك الطبيعية، وتسعدى بابنتك، أما ابنتك الراحلة فستكون لك ذخرا فى الآخرة، ولا يفوتنى أن أشد على يد زوجك الرجل الشهم، وأؤكد لك أن مثله لا يتخلى عن شريكة عمره، بل إن ما حدث لك سوف يزيده تمسكا بك، وسوف تتفتح لكم أبواب الأمل قريبا بإذن الله.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أكرم عبد القوي
__________
__________
أكرم عبد القوي

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 23180
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 Profes10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 3011
نقاط : 37123
ترشيحات : 136
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 411

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 I_icon_minitime29/8/2014, 17:22

الميراث البغيض!



بريد الجمعة يكتبه:احمد البرى
الميراث البغيض!




6

6343
طباعة المقال

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 2014-635448561610973149-97


أكتب إليك بعد أن قطعت مشوارا طويلا فى نفق مظلم، فلم أجد فيه نقطة ضوء مما تتناوله دائما فى ردودك، وتملكنى اليأس بعد أن فشلت فى تحقيق ما كنت أصبو إليه، فأنا سيدة من أسرة متوسطة، لم أحس بمشاعر الأبوة فى حياتي، فلقد كان أبى فظا، غليظ القلب، يعشق النكد، ويسعى إلى الشجار معنا أنا وإخوتى لأتفه الأسباب
ويستمتع بإشاعة الأجواء المتوترة فى البيت، وكنا نلمح الحيرة على وجه والدتي، وهى تحاول إطفاء الحرائق التى تشتعل كل لحظة، وترجوه أن يترفق بنا، لأننا لم نرتكب إثما ولا خطيئة تجعله دائم السخط علينا إلى هذه الدرجة، وفى كل مرة تحاول لفت نظره إلى أمر ما يثور عليها، ويطردها من البيت حتى ولو فى عز الليل، ويطلب منها ألا تعود إليه إلا ومعها مال من أهلها وإخوتها! وبرغم صغر سنى وقتها، فإننى كنت أتعجب لمطلبه وتصرفاته، فأى رجل هذا الذى يجبر زوجته على أن تمد يدها لأسرتها لكى تتفادى أذاه، وتحافظ على وجودها وسط أولادها، وما هو دوره إذن فى رعاية أبنائه، والحفاظ على كيان أسرته؟.. ولم تكن لوالدتى حيلة فى ذلك سوى الصمت التام إلى أن يفرغ شحنة الانفعال، ويهدأ من تلقاء نفسه. وكتمت أحزانها، فساءت حالتها الصحية والنفسية وأصيبت بالقلب، وحاصرتها متاعب القولون والمعدة.
وتمادى أبى فى افتعال الشجار معنا، فإذا وجد ورقة ملقاة على الأرض يطلق سيلا من السباب ضدنا، وإذا أراد شيئا ينادى علينا جميعا بالأسماء. فنهرول إليه، وكلنا رعب أن يكون أحدنا قد أخطأ وهو لا يدرى فيناله التوبيخ وأحيانا الضرب، فإذا به يطلب كوباً من الثلاجة الموجودة إلى جواره، ولو مد يده لأخذ الكوب دون أن يتحرك من مكانه!!
.. أما يوم نتيجة السنة الدراسية فحدث ولا حرج عن الصوت العالى و «الزعيق» والنكد طوال الليل والنهار لمجرد أن أحدنا نقص درجة أو درجتين، مع أنه لا يبدى أى اهتمام بنا خلال العام، ولا يتابع أحوالنا، ويترك هذه المهمة لأمنا المغلوبة على أمرها، وعندما يحل الليل لا يعرف النوم سبيلا إلينا بسبب شخيره المزعج. ولا يستطيع أى منا أن ينبهه إلى أنه ربما يكون مصابا بالجيوب الأنفية، ويحتاج إلى العلاج حتى نرتاح من هذا العذاب، حتى والدتى لم تجرؤ على أن تقول له ذلك خوفا من العقاب الذى قد يصل إلى حد الطلاق!
واتبع مبدأ «فرق تسد» فى معاملتنا، والتفريق بيننا كأشقاء، فكان يفضل أحدنا على الآخر، فيعامل واحدا بلين ورفق، ويعامل الآخرين بجفاء وشدة، ونجح فى بعض الأحيان فى شحن نفوسنا تجاه بعضنا، ولولا أننا استوعبنا أسلوبه، لصار كل منا فى واد، وانفك رباطنا، بعكس كل الآباء الذين يحاولون التوفيق بين أفكار ومواقف أبنائهم ليكونوا «عصبة واحدة»، وبلغ به «التفكير الشرير» مداه، فلجأ إلى التنصت علينا، فإذا دخل أحد غرفته، وتكلم فى الهاتف، فإنه يحاول أن يسمع كل كلمة يتفوه بها، ويفسرها على هواه، ولما جمعنا أنفسنا، وواجهناه بما يفعل ثار علينا ثورة عارمة، وقال إنه يخشى أن تفسد أخلاقنا، ويفلت عيارنا.. وفى كل المواقف والتصرفات كانت أمى تهوّن الأمر، وكان ينوبها من المعاملة السيئة ما تنوء به الجبال، وكنا نتنفس الصعداء عندما يخرج من المنزل بعض الوقت، فنحاول أن نسرى عن أنفسنا الهم الذى لا يفارقنا، وننادى بعضنا بأسماء دلع، ويتصادف أن يعود فجأة فيجدنا فى حالة من السرور والارتياح، فيستكثر علينا الفرحة، ولو للحظات، ويسمم أبداننا بالسباب والشتائم!
وفجأة مرض أبي، ولازم الفراش فترة قصيرة، ثم رحل عن الحياة، وبرغم ما كان يفعله بوالدتي، فإنها حزنت عليه حزنا شديدا، فالتففنا حولها، وتفانينا فى خدمتها لتعويضها عن تعب السنين والعذاب الذى تعرضت له على يد أبينا، فأدت فريضة الحج، ثم أدت العمرة فى العام التالي، وأعددنا لها رحلات كثيرة إلى المصايف والمناطق السياحية للترفيه عنها، وكنا نتصور أنها ستسعد بصنيعنا، فإذا بها تتذمر، وتطلب فى كل مرة إعادتها إلى المنزل، وداومت على الشكوى من الخروج، وترفض بإصرار تناول أى طعام بعيدا عن البيت، وتتأفف من المناطق الترفيهية التى نصحبها إليها، فإذا تركنا لها حرية الاختيار، فإنها ما إن تصل إلى المكان الذى حددته بنفسها حتى تصفه بالسيئ، ولجأنا إلى كل الحيل والوسائل التى تجعلها راضية لكننا احترنا معها وفشلنا فى إسعادها!
ومرت عشر سنوات، ونحن على هذه الحال المتقلبة، ثم حدث ما لم أتوقعه أبدا، وكانت الصدمة المفجعة بتحول أمى تماما، حيث تقمصت شخصية أبى بكل سلبياتها، وأصبحت نسخة طبق الأصل منه، وعدنا إلى سماع نفس الأسئلة والاملاءات التى عانينا الأمرين بسببها من أبى رحمه الله، «من الذى وضع هذه الورقة هنا؟.. ومن أبعد هذا الكوب من مكانه؟.. وأين اختفت الصينية الموضوعة على منضدة السفرة؟».. أما «كرسى الصلاة» فتصر على وضعه فى منتصف الشقة، ولا يستطيع أحد أن يحركه من مكانه، وفشلنا فى إقناعها بوضعه فى حجرتها الخاصة، أو أى مكان يعجبها، ولا يعرقل التحرك فى البيت!.. وصارت «التكشيرة» تلازم وجهها فى كل الأوقات، وهكذا تنفذ نفس تصرفات أبى التى كانت تنتقدها من قبل، ووصل الأمر إلى حد الطرد من البيت لمن لا يوافقها على ما تقوله!، وبالطبع فلا أحد يرفض لها طلبا، خوفا من رد فعلها، فنحن نحبها، ونخشى أن تغضب علينا.
أما المتغير الجديد فى حياتها الآن، فهو أنها تنكر معظم المواقف التى نعاتبها فيها فى «ساعة الصفا»، وتتهمنا بأننا نختلق أحداثا لم تقع، ومواقف لم تشهدها! وهكذا أصبحت حياتنا أسيرة لميراث النكد الذى لم يفارقنا يوما واحدا لأسباب غير مفهومة، فأمى تقلب »المنضدة« دائما على رءوسنا فى كل شيء، ونحن نصاب بخيبة أمل كلما حاولنا انتشالها من الدائرة التى وضعت نفسها فيها، وقد تكلمنا معها كثيرا، وعقدنا مناقشات لا حصر لها، لكنها «حوارات الطرشان»، فالنتيجة هى الإنكار، وتغيير الأقوال، واستدعاء الماضى بكل أحزانه ومآسيه وبنفس ردود الأفعال، والحجج، والخصام، والنكد الذى لا نهاية له.
لقد تعبنا نفسيا وصحيا، وضاقت بنا السبل للوصول إلى تفسير لما يحدث فى حياتنا، أو إلى حل يضع حدا لمتاعبنا، ويعيد إلينا أمنا الحنون التى نخشى أن نفقدها إلى الأبد.
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
أخطأ والدك، رحمه الله، المنهج الصحيح فى تربيتكم بزرعه الرعب فى قلوبكم، وإهانتكم المستمرة بلا ذنب، وتفريقه بينكم فى المعاملة، وحسنا أنكم أدركتم ذلك، فجمعكم نقاء السريرة، وروح الود، واحتوتكم أمكم بما آتاها الله من الصبر والحكمة ونفاذ البصيرة، برغم ما لاقته من متاعب وأهوال وصلت إلى حد طردها من المنزل، وإذا كان والدكم لم يدرك خطأه الجسيم تجاهكم حتى رحيله عن الدنيا، فإن على والدتكم أن تعيد النظر فى موقفها منكم، وتنفض عن نفسها شخصية «الأب النكدي» التى تتقمصها الآن. ظنا منها أنها الوسيلة المثلى للسيطرة على البيت والأبناء، وهى تفعل ذلك من منطلق أن الأبناء مهما كبروا فى السن، فإنهم يظلون فى نظر آبائهم وأمهاتهم كالأطفال الصغار من حيث التوجيه والسمع والطاعة، وهذه هى الفلسفة التى اتبعها أبوكم قاصدا بها التربية السليمة وليس الإيذاء كما تتصورون!
وأسوق إلى والدتك هذه القصة الجميلة، عسى أن تستفيد منها، فى تعاملها معكم، وتتخلى عن «الميراث البغيض» من النكد الذى لا يعرف حدودا.. وهى تروى حكاية أب كبير فى السن، ويعيش مع أولاده بعد رحيل زوجته، وكان معروفا بقوته وهيبته، وعندما كبرت سنه أدركه الضعف، ولم تعد له سيطرة على أبنائه الذين تزوجوا، وأنجبوا أولادا وبنات انتشروا حوله فى أرجاء المنزل، وراح يراقب تصرفات أبنائه تجاه أولادهم، فأدرك فداحة ما ارتكبه فى حقهم، عندما وجد أن معاملتهم لهم تتسم بالود واللين والحوار، ويرشدونهم فى هدوء، ويبدون الملاحظات على تصرفاتهم بغير توبيخ ولا شتائم،.. وعندئذ بعث اليهم برسالة قال فيها: «العادات تسوقنا غالبا إلى الخطأ، فلقد كنت شديد القسوة عليكم، ليس لأنى لا أحبكم، فأنتم أغلى من أنفاسى التى تشق صدري، ولكن العرف والعادات كانت تقول: الأب القاسى هو الوحيد الذى يرى أبناءه يحققون النجاح، أما الأب الحنون، فهو فاشل يسوق أبناءه إلى الفشل، ولذلك نهجت نهج القوة، متوقعا أن ذلك أنفع لكم، وأفضل لتربيتكم، لكن الآن ، وبعد كل هذا العمر أجدنى قد أخطأت، وأشعر أنكم تغرسون خناجركم الحادة فى صدرى كل يوم، عندما أراكم تقبلون أبناءكم وتترفقون بهم، فوالله قلبى يتقطع ألما، وأود أن أصيح وأقول لكم : «وأنا أيضا كنت ومازلت أحبكم، فلماذا عندما يقبل أحدكم ابنه ينظر إليّ نظرة كالخنجر المسلول ليطعن بها قلبي، وكأنكم تقولون لي: تعلم وافهم كيف ينبغى أن يتعامل الآباء مع الأبناء.. أولادي: ليس هذا زمننا، ولن يعود شئ فات أوانه، فلا تعلموا شيخا شيئا لم يعد ينفعه، وإنى أطلب منكم العذر والسماح». وتأثر الأولاد برسالة أبيهم أشد التأثر، وانخرطوا فى بكاء حار لأنهم أساءوا الظن به، وراحوا يقبلون رأسه ويديه وردوا عليه برسالة جماعية بأنه لولا الله ثم تربيته لهم، ما أصبحوا رجالا ناجحين، واحتضن الشيخ الكبير أبناءه وأحفاده وسيطرت عليهم دموع الفرحة بعودتهم إليه، وعودته إليهم بكل المشاعر الحلوة، والأحاسيس الجميلة، وما هى إلا أسابيع معدودة حتى فاضت روح هذا الأب العظيم إلى بارئها وقد ارتاحت نفسه، وأيقن أبناؤه الحقيقة الغائبة عنهم!
فترفقوا ياسيدتى بوالدتكم، وتذكروا أفضالها عليكم حتى صار لكل منكم شأن كبير فى حياته وعمله وأسرته، وقربوا المسافات معها، واستجيبوا لما تطلبه منكم بغير تذمر أو تأفف، فهى مطالب بسيطة لكنها تمثل بالنسبة لها شيئا ثمينا، وبمرور الوقت سوف تصلون معا إلى «صيغة توافقية» ترضى الجميع، فتشعر هى بالأمان والطمأنينة، وتصلون أنتم إلى الهدوء وراحة البال، وأرى أن الطريق نحو استعادتكم لها، كما كانت دائما هو امتداحها والثناء عليها، والإقرار بفضلها، والتعامل معها بلين ورفق، وهى فى سن الجلال والاحترام، وأجدنى أردد قول الشاعر خليل مطران:
نعمت الأم أنجبت خيرة الأولاد
للبر والتقوى والوفاء
فأنتم مدينون لها بما وصلتم إليه من نجاح، وتذكروا عطاءها لكم، وصنيعها من أجلكم على مر السنين، وتحمّلوها فى كبرها، يهيئ الله لكم من أمركم رشدا، ويثيبكم من فضله وكرمه بعيدا عن ميراث النكد الذى يسيطر على تفكيركم، وادعوا الله لأبيكم بالرحمة والمغفرة، وياحبذا لو اجتمعتم يوما كل أسبوع مع أمكم فتعترفون بفضلها عليكم، وتسترجعون مواقفها الجميلة فى صغركم، فتشعر بالراحة وتطمئن إلى أنها محفورة فى قلوبكم فتزداد اطمئنانا، وتعم السعادة على الجميع والله المستعان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أكرم عبد القوي
__________
__________
أكرم عبد القوي

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 23180
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 Profes10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 3011
نقاط : 37123
ترشيحات : 136
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 411

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 I_icon_minitime29/8/2014, 17:26

الأحلام المزعجة


بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 69 2014-635448557179864397-986


ما سأقصه عليك يتعلق بأختى، وكلى أمل أن تضعنى على طريق الصواب، فمنذ ما يقرب من سبع سنوات، انتابتها لحظات خوف كثيرة، وسرعة فى ضربات القلب، فأخذتها إلى المستشفى، حيث تعاملوا معها على أنها خائفة من شىء ما، وقدموا لها محلولا لتهدئة سرعة ضربات القلب،
 ثم أجريت لها بعض الفحوص، ورسم قلب، وأشعة مقطعية، وأكدت جميعها أنها سليمة، ولا تعانى أى أمراض عضوية، وتصورت أنها حالة نفسية ناتجة عن اختلال فى افرازات الجسم، إذ كان عمرها وقتذاك ستة عشر عاما، وظللت إلى جوارها أطمئنها وأشد أزرها، ومرت أربع سنوات، وهى على هذه الحال وحدثتنى كثيرا عن أنها تنتظر الموت، وكنت أرد عليها بأنها يجب ألا تفكر فى هذه المسألة، فالموت حق، وهو أمر حتمى عندما ينتهى أجل الإنسان، وأنها لا تفعل شيئا يغضب الله لكى تخشى الموت، فهى تصلى وتصوم، وتراقب ربها فى كل خطواتها.. ولكن ظلت شكواها كما هى من آلام فى البطن وتنتابها وساوس كثيرة فى مسائل دينية، وهنا أدركت أنها تعرضت للسحر، فاصطحبتها إلى أكثر من شيخ لفك طلاسم حالتها، وأخيرا قال أحدهم إنه أخرج الجن الذى كان يسكنها، وبعد أن عدنا إلى المنزل بنصف ساعة فقط عاودتها المتاعب والآلام نفسها، فاعدت الاتصال بالشيخ فقال : إنه لا يستطيع أن يفعل أكثر مما فعله.
وظللت أبحث عن علاج لها دون جدوى، أما أبى فلا يعترف بمسألة السحر، وهى مسكينة ترى فى منامها أحلاما مزعجة، وأن أحدا يريد اغتصابها، وتشكو من صداع دائم، ولا ترى الشمس بوضوح، وتحس بأن هناك من يسير وراءها فى الطريق والضيق والعصبية لأتفه الأمور.
إننى مستعد لأن أبيع كل ما أملك حتى ملابسى من أجل علاجها، وكل أشقائنا ذكور، وأنا أعتبر نفسى بنتا مثلها، وألازمها أكثر من والدتنا، وبلغ عمرى واحدا وثلاثين عاما، لكنى لن أتزوج أو أفكر فى تكوين أسرة إلا إذا اطمأننت على شقيقتى، فهل ترى أملا فى إنقاذها من براثن هذه الحالة العجيبة والمميتة؟.
ولكاتب هذه الرسالة أقول:
مع التسليم بأن السحر موجود، فإنه لا أحد يستطيع أن يضر به غيره إلا بإذن الله، وعندما يريد سبحانه وتعالى له الشفاء: فلا راد لحكمه، وهناك آيات فى القرآن الكريم يستطيع الإنسان أن يتقى بها شر السحر والسحرة، فيقرأ آية الكرسى، وسورة الإخلاص والمعوذتين، وأن يستعيذ دائما بكلمات الله التامات من شر ما خلق، وأن يردد دائما بسم الله الذى لا يضر مع اسمه شىء فى الأرض ولا فى السماء وهو السميع العليم.
وقد لاحظت فى سردك لمشكلة أختك أنك لم تعرضها على طبيب نفسى، وهو أمر مهم لكل إنسان يتعرض لموقف أو أزمة حادة، فالآلام النفسية تترتب عليها آلام جسدية، ولدى الأطباء النفسيين علاجات دوائية تشفى مثل هذه الأعراض، فلماذا لا تلجأ إلى مستشفى للأمراض النفسية أو طبيب متخصص فى هذا المجال؟.
وأرى أن هناك أملا كبيرا فى علاجها، وأرجو أن تكتب إلىّ ببياناتها الكاملة لعرضها على أحد الأطباء النفسيين ومواصلة مشوار العلاج معها خطوة بخطوة حتى تتعافى بإذن الله.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بريد الأهرام ( بريد الجمعة )
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 69 من اصل 88انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1 ... 36 ... 68, 69, 70 ... 78 ... 88  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» بريد الجمعة يكتبة : احمد البرى الطفل الكبير !
» سطو مسلح على مكتب بريد في المعادي
» سطو مسلح على مكتب بريد «قها» في القليوبية
» اجعل لك بريد مجاني على الـ hotmail - شرح بالصور
» كيفية حظر بريد الكتروني بسكربت whmcs

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشاعر عبد القوى الأعلامى :: المنتديات العامة :: المنتدى العام-
انتقل الى: