الشاعر عبد القوى الأعلامى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالأحداثموسوعة الأعلامى الحرةأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر
 

 بريد الأهرام ( بريد الجمعة )

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1 ... 35 ... 67, 68, 69 ... 78 ... 88  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
كابتن أحمد منصور
مشرف
مشرف
كابتن أحمد منصور

ذكر
عدد الرسائل : 6488
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 210
بلد الإقامة : المدينة الفاضلة
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 Office10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 Bookwo11
نقاط : 17058
ترشيحات : 47
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 710

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 I_icon_minitime30/5/2014, 23:08

دائرة الخوف!

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 2014-635369951130913713-91

أكتب إليك قصتى بعد أن أثارت شجونى رسالة «جنون العظمة»التى روى لك فيها كاتبها أن اباه دمر أسرته بقصد أو دون قصد، فلقد ذكرتنى هذه الرسالة بالرجل الذى دمر حياتى أنا وأبنائى بتصرفاته الأنانية والهوجاء

وتركنا فى مهب الريح وراح يتخبط فى قراراته وحياته وضل الطريق السليم، فأنا سيدة تجاوزت الخمسين بقليل، ولدت فى أسرة لم أدرك فيها معنى الابوه إذ غاب أبى عنا، وأنا فى سن الثامنة تقريبا، وكنت أكبر أخوتى، بعد خلافه الشديد مع أمى التى طلبت الطلاق وأصرت عليه لبخله الشديد برغم سعة ماله، ولقسوته عليها وعلينا نحن أبناءه الثلاثة، فأرادت أن تنقذنا من هذا الجو المشحون بالمشكلات، وكرست حياتها لنا، فكانت نعم الأم والأب فى آن واحد مع أنها كانت ربة منزل لا تعمل، وساعدها على ذلك أخوالى، وكانوا أربعة رجال يشغلون مناصب مرموقة، وبذلوا ما فى استطاعتهم من جهد لتعويضنا عن غياب أبينا، فتخرج ثلاثتنا فى كليات القمة.. وكان هذا هو السبب الرئيسى لحفاظى فيما بعد على حياتى الزوجية برغم ما مررت به من مشكلات ولمحاولاتى المتكررة تجاوزها، حتى أحافظ على بيتى، ولا يصبح أولادى أيتاما وأبوهم على قيد الحياة مثلما فعل بنا والدنا، كما سأروى لك بشىء من التفصيل.

فمنذ دخولى الجامعة تقرب إلىّ بعض زملاء الدراسة، حيث جذبهم جمالى الهادئ وأخلاقى التى يشهد بها الجميع، فلم يجدوا منى إلا الصد، إذ كانت قناعتى أن العلاقة الوحيدة المسموح بها فى حياتى مع الطرف الآخر هى الزواج، وكثر خطابى وكان شرطى الوحيد فيمن سأرتبط به أن يكون ملتزما دينيا تطبيقا لقول رسول الله (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير).



ونظرا لطيبة والدتى وعدم خبرتها فى الحياة فإنها وافقت على شاب تقدم لخطبتى عن طريق صديقة لى بدا متدينا من حديثه، وفرحت أنا به، ولم أتوقف عند ما قاله عن ظروفه المادية الصعبة، وأنه مسئول عن أخيه وأمه وأخته غير الشقيقة وزوجة أبيه بعد موت والده، وكبر فى عينى وعين والدتى واعتبرناه رجلا مسئولا ـ فأحببته سريعا لأنى أحسست لأول مرة بمشاعرى البريئة التى ادخرتها لمن سيصبح زوجا لى تتدفق نحوه، وأقبلت والدتى على مساعدته بارتياح، ولم تكلفه شيئا من لوازم الزواج، وقبلت بما قدمه من مهر وجهزت لنا عش الزوجية .. أما الشقة التى سنسكن فيها، فراوغنا فى الحديث عنها ثم اكتشفنا بعد عقد القران الذى أصر على إتمامه بعد شهر واحد من التعارف، أنها تقع فى منطقة شعبية، فاعترضت وطلبت منه تأجيل الزفاف إلى أن يكرمنا الله بمسكن آخر بالايجار فى منطقة أفضل لكنه ألح علىّ بإتمام الزفاف على وعد بأن ننتقل من هذا المكان بعد سنتين فقط وصدقته، واستخدم فى إقناعى الوداعة واللطف اللذين يتميز بهما فى التعامل مع الآخرين لنيل ثقتهم ثم يعيد استخدامها فى التلاعب بهم!.



وخلال تلك الفترة راحت زوجة أبيه وأخته تختلقان المشكلات معه وقطعتا علاقتهما بنا بلا سبب يذكر، فكان يبرر لى تصرفاتهما بأنهما كانتا ترغبان فى زواجه من ابنة عمه لكنه رفض إذ يعتبرها أختا له.



وتزوجنا بعد أقل من سنة من عقد الزواج، وكنت قد تخرجت فى كليتى، فاشترط علىّ ألا أعمل، وأن أتفرغ له، ولبيتى فامتثلت لرغبته، ولم يكن يملك إلا وظيفته، فوقفت بجواره أدعمه وأهون عليه مصاعب الحياة خصوصا بعد أن رزقنا الله ببنت وولد، وكانت أمى أكرم الله مثواها لا تبخل علىّ، ولا على أخوتى بأى شىء نحتاجه حتى بعد أن تزوجنا... ومع ذلك ظهرت المشكلات فى حياتى سريعا بسبب عصبيته وغيرته الشديدة التى ترقى للشك أحيانا برغم التزامى بالحجاب، وعزوفى عن الاختلاط بالآخرين، ووجدته سليط اللسان يطلق العنان لكلماته دون أن يحسب ما يقول، فإذا راجعته بعد أن يهدأ يتهمنى بأننى لم أفهم كلماته، ولم آخذها على المحمل الذى يراه، وذلك دون أدنى شعور بالذنب أو الندم على ما قاله أو فعله فى أثناء مشاجرته، والتى غالبا لا يكون لها سبب سوى تفويت الفرصة علىّ لكى لا أطلب منه أى طلب ولا اسأله عن أى شىء، سوى ما يسمح لى هو بمعرفته، فيما يخص دخله وأهله وعلاقاته بزميلات العمل أو الدراسة، والتى استمرت علاقته بهن بعد التخرج، وبعد الزواج أيضا برغم إجبارى على قطع صلة رحمى بأبناء أخوالى وأعمامى لأنه غيور!! فرضخت لأول مرة ايثارا للسلامة وبعدا عن المشكلات.



ولم يكتف بهذا، بل كان كلما حدثت مشادة بيننا يسرع إلى والدتى ويشكونى إليها، فتطيب خاطره وعندما ألقاها تقرعنى وتلقى علىّ اللوم فيما حدث بيننا، ولكنها عندما تسمع منى الحقيقة تتعجب من قدرته على قلب الحقائق وتنصحنى بأن أصبر وأتحمل من أجل أبنائى.. وكانت أول من أدرك أنه مضطرب نفسيا، ويمثل دور المتدين الورع والإنسان الحنون الذى تدمع عيناه تأثرا بأى موقف، وهو وإن كان فى الظاهر يحب من يحيطون به، فإنه فى الباطن يقف ضدهم فصبرت عليه، وكان عزائى أن هذا هو رأى والدته فيه، وهى فلاحة على فطرتها تحضر من قريتها لتقضى معنا شهرا أو شهرين كل عام تستمتع فيهما بمصاحبتنا وتأنس بأحفادها.



أما أخته وزوجة أبيه، فبعد أن عادت المياه إلى مجاريها معهما أخذتا فى التدخل فى حياتى وتنغيص معيشتى، فآثرت الابتعاد عنهما وتركته وأولادى يتعاملون معهما فحرضاه علىّ وعلى أولادى وشجعاه على أن يتزوج بأخرى، وبعد عدة سنوات فتح الله عليه بابا جديدا للرزق، فاستبدل سيارة فارهة بسيارته القديمة، وأصبح صاحب مكتب مقاولات ونقلنا إلى شقة تمليك فى منطقة راقية بعد سبعة عشر عاما من زواجنا، وفى هذه الاثناء توفيت والدتى، وبدلا من أن يحتضننى ويعوضنى عن غيابها إذا به يلهث فى البحث عن زوجة ثانية، فتقدم لخطبة أرملة تصغره بعشرين عاما لكنها رفضته لكبر سنه ثم طرق باب سيدة من معارف أصدقائه الذين كانوا يتخيلون أننا نحيا حياة كلها ترف وفخفخة، حيث كان يغدق عليهم الهدايا والعطايا، ويعزمهم باستمرار فى أفخم المطاعم، بينما كنا نعيش فى مستوى أقل بكثير مما يتصوره هؤلاء، بل وعلى حد الكفاف أحيانا كثيرة، وكان يدعى دائما أنه مديون بعكس الحقيقة التى أدركتها بعد زمن طويل من عمله الخاص.. وهى أنه دائن ومدين فى الوقت نفسه، وهذه طبيعة عمله كمقاول، فله مستحقات مالية عند أصحاب المشروعات التى يتولى تنفيذها، وعليه ديون للمقاولين الصغار الذين يعملون معه : بمعنى أن دورة رأس المال فى مثل هذه الأعمال تسير بشكل طبيعى.



وكلما واجهته بما عرفت من هذه الأخبار ينكرها، ويقول إنه ليس له غيرى وأولادى فى حياته، فلا أصدقه، ولكن أتظاهر بتصديقه حتى تمضى سفينة الحياة بأمان فى خضم هذه الأمواج العاتية من تصرفاته غير السوية، وأحمد الله أن أولادى أسوياء يشهد الجميع بأخلاقهم وتربيتهم، وكلما نظرت إليهم أوقن بأن الله عوضنى عن الزوج بهم، وأحتسب أجرى عنده عز وجل، وقد رأيت أن أخرج من هذه الدائرة التى يريد أن يحصرنى فيها.. (دائرة النكد والخوف من المستقبل) بحفظ القرآن الكريم وتعلم تلاوته الصحيحة، وأكرمنى الله به فى أربع سنوات من أجمل فترات حياتى على الاطلاق ووجدت فى كتاب الله السكينة والطمأنينة والفرج من كل كرب وهم.



ثم تعرض زوجى لأزمة مالية بسبب عمله، وكعادتى نسيت ما فعله بى، وما سببه لى من ألم نفسى، ووقفت إلى جواره أسانده وأدعمه نفسيا وأستغنى عن طلباتى وطلبات أولادى الأساسية إلى أن يعوضه الله عن خسارته، ولكنه لم يتحمل أن يتعرض للخسارة كباقى البشر فدخل فى حالة اكتئاب زادت حدتها يوما بعد يوم فكان لا ينام، ولا يأكل ولا يتكلم ويبكى كثيرا عندما يكون معى، ويطلب منى أن أسامحه لأنه ظلمنى كما كان يقول!! فشجعته على زيارة طبيب نفسى، ظل يعالجه لمدة سنتين ساءت خلالهما صحته فرحت أحنو عليه وأواسيه، وبعد أن أتم الله شفاءه كنت أول من اكتوى بنار غدره، فاتهمنى بأننى غير طبيعية مع أنه هو الذى تغير، ولم يكن الرجل الذى عرفته إذ ارتبط بزوجة ثانية دون علمى، واكتشفت ذلك بعد ثلاثة أشهر من عقد زواجه عليها، فطلبت الطلاق لأنى لم أقصر فى حقه لكنه رفض، فطلبت منه أن يعطينى مصروفا للبيت، ويتركنى وأولادى، فرفض أيضا ـ ففوضت أمرى إلى الله وظللت على ذمته، ولم تمر ثمانية أشهر حتى طلق زوجته الثانية واستعد للزواج من ثالثة تعرف عليها خلال عمله، وكانت متزوجة ولديها أولاد من زواج سابق، وكان يسعى لتطليقها من زوجها، ولم أتخيل ذلك وتصورت أنها نزوة من نزواته المتكررة، فعندما فاتحته فى أمرها قال إنها سيدة متزوجة وتربطها به علاقة عمل فقط، ولكن يبدو أن هذه العلاقة تعدت الحد المسموح به بين رجل وامرأة كل منهما متزوج، فإذا بها تطلب الطلاق من زوجها ويموت الرجل بعد شهر واحد من انفصالهما، ثم يطلقنى زوجى غيابيا ليتزوجها بناء على شرطها!.



وبصراحة كان وقع الطلاق علىّ صعبا خصوصا أنه لم يعطنى أى حق من حقوقى، بل أصر على أن أترك البيت أنا وابنتى ويؤجر لنا شقة أخرى، وكان ابنى قد تزوج فى أثناء زواج أبيه الثانى، ولم يساعده فى توفير شقة تمليك، ولذلك وحتى الآن يعيش ابنى فى مسكن ايجار جديد يدفع فيه نصف راتبه، وكانت لنا ابنة أخرى ماتت بمرض خطير، وتركت فىّ أثرا لن يمحوه الزمن : فلقد قصر فى علاجها إذ لجأ إلى المستشفيات الحكومية لكى يوفر ثمن العلاج فى المستشفيات الخاصة، وعندما وجدنى وابنتى متمسكتين بالبقاء فى بيتنا اشترى شقة فاخرة وتزوج فيها، كما اشترى أثاثا جديدا ودفع مهرا وشبكة ـ وهكذا ظهرت الأموال التى طالما ادّعى أنه لا يملك منها إلا القليل، وأنه مديون دائما أما أنا، فلا أملك إلا أن أقول حسبى الله ونعم الوكيل هو سبحانه وتعالى قادر على أن يعوضنى خيرا، وقد بدأت بشائر هذا الخير تهل علينا إذ منّ الله علىّ بعمل جيد فى هذه الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد، ولا يجد الشباب فيها عملا، وأكرم الله ابنى بزوجة صالحة أعتبرها ابنة لى، وأستمتع ببرهم وعطفهم علىّ وإسراعهم فى تلبية احتياجاتى... والحمد لله رب العالمين، وكلما استرجعت شريط حياتى أتذكر أمى الحنون التى منحتنى وأخوتى ما لم تمنحه أم لأبنائها فى كنف زوجها، ورزقنى بأولاد أبرار لم تنجبهم أسرة سوية فيها أب فاضل لا يعانى مشكلات نفسيةأو أخلاقية، فالحمد لله العدل الذى يقسم الأرزاق سبحانه وله فى خلقه شئون.





ولكاتبة هذه الرسالة أقول :



الإنسان صنيعة نفسه، فإذا استطاع أن يقهر الصعاب، ويتعامل مع المتغيرات التى تطرأ على حياته متسلحا بالعزيمة والإيمان بالله، فإنه يتجاوز المحن والآلام، ويخرج من دائرة الخوف والاضطراب فيرتاح باله ويسعد بحياته... أما إذا استسلم لها، فإنه سوف يكره الدنيا ويكتئب، ولا يرى فيها إلا كل ما هو ردىء، وباعث على التشاؤم، ولقد أدركت ذلك بحكمتك ورجاحة عقلك، فأوكلت أمرك إلى خالقك، وشغلت نفسك بتربية ابنيك، بعد رحيل ابنتك الكبرى التى كانت فجيعتكم فيها وحدها كفيلة بأن تجعل أباها يحيد عن الطريق الذى سلكه بزواج واحدة بعد الأخرى، والصرف ببذخ على المعارف، وجلسات السهر على حساب متطلبات أسرته التى تعيش مستوى أقل بكثير من المستوى الذى يظهر به أمام الآخرين، حتى إنه ضن على ابنته الراحلة بالعلاج فى مستشفى خاص يقدم خدمة متميزة للحالات الحرجة، وطرق أبواب المستشفيات الحكومية التى تعالج المرضى بالمجان، ولم يتعلم من الانذارات المتتالية التى بعث الله بها إليه، حين فقد ماله، وانتابته حالة اكتئاب شديدة خضع على أثرها للعلاج لفترة، ثم فشله فى أكثر من مشروع، ورحيل ابنته فى ريعان الشباب، وتطليق زوجته الثانية بعد أشهر معدودة من ارتباطه بها... نعم لم يتعلم من كل ذلك، وارتكب خطأ جديدا بزواجه الثالث من سيدة انفصلت عن زوجها لترتبط به، واشترطت عليه أن يطلقك وأنت أم أولاده، مقابل الطلاق من زوجها!.. ولا أدرى كيف أمن جانبها، واستسلم لها، وهى تأتى هذه التصرفات التى يأباها العقل، ولم يدرك أنها لن تستقيم لها حال، وسرعان ما سوف تتركه للبحث عن صيد جديد، عندما تتدهور أحواله، ويقل ماله، فمن طلبت الطلاق من زوجها وتخلت عن أولادها لكى ترتبط به، سوف تكرر فعلتها معه بعد أن تستنزفه ماديا، وهنا سيلجأ إلى الزواج من رابعة ثم خامسة إلى أن يصل إلى طريق مسدود، فهذه هى النهاية الطبيعية لمن يتركون أنفسهم لأهوائهم وملذاتهم.



أننى أرى حالة مطلقك على هذا النحو أبعد من الأزمة النفسية المعروفة باسم «أزمة منتصف العمر».. التى تنتاب بعض الرجال فى المرحلة العمرية بين الخامسة والأربعين، والخامسة والخمسين، وربما أقل أو أكثر حيث يرتبط هؤلاء بزيجات أخرى لا تطول مدتها عن أشهر معدودة، فالواضح أنه منذ اصابته حالة اكتئاب بعد خسارته المادية الكبيرة فى أحد مشروعاته، وهو يأتى تصرفات غير سوية فى حقك وحق أبنائك، وقد تجاهل ـ من باب الأنانية ـ أن الحياة الزوجية السليمة تعتمد على التضحية والصبر، والرحمة والإحسان، ولو أن كل أزمة تطرأ على الأسرة تدفع الزوج إلى التفكير فى الطلاق أو الزواج بأكثر من واحدة، لانهارت كل الأسر فى اللحظات الأولى لتكوينها، وتخطئ الزوجة إذا ظنت أن الحياة الزوجية خلية عسل يمكن أن تجنيها بغير أن تصاب بلسعة نحلة فيها، ويخطئ الزوج إذا تخيل أن علاقته بزوجته باقة ورد لا شوكة فيها، فيتلذذ بشمها والنظر إليها دون أن يصاب بشىء منها، فالأسرة عبء ثقيل ومسئولية كبرى تحتاج إلى همم عالية، وتضحيات كثيرة، وجهود مشتركة ومتواصلة من أجل تحقيق الغايات والأهداف لكنكما وصلتما إلى حالة «الطلاق النفسى» أولا بعد أن خفتت العاطفة بينكما بفعل خلافاتكما المكتومة، ونظرة كل منكما إلى الآخر بأن شيئا ما قد تغير فى علاقتكما الخاصة، فسره هو بأنك غير طبيعية، وفسرته أنت بضعف قوته وسوء حالته النفسية نتيجة الأدوية التى كان يتعاطاها... وبرغم ذلك استمرت حياتكما ظاهريا، وظللتما تعيشان معا تحت سقف واحد لفترة لم تطل، وكنت فى داخلك رافضة لهذا الوضع لكنك قبلته باعتباره مأوى وملاذا بدلا من الانفصال والتشتت... وراح زوجك يثبت لنفسه أنه، كما هو، لم يتغير فيه شىء، فتزوج بأخرى ثم ثالثة مضحيا بك ومتجاهلا انعكاس ما يفعله على ابنائه، فالزواج والانجاب مسئولية كبرى، ليس فى اعالة الأسرة وتأمين احتياجاتها المادية فحسب، بل أيضا، وبشكل خاص فى بناء أشخاص أسوياء يضيفون شيئا جديدا إلى الحياة، ويتوقف ذلك على العلاقة الثلاثية التى تربط الأب والأم والأبناء، وهى علاقة لا تكون فعالة، إلا إذا اعتمدت على الحب والعطاء، ولعل مطلقك يدرك ذلك، فيعيد احتواء أسرته من جديد، وليت كل زوجين يتعلمان كيف يخففان مشاعر الأسى والكرب التى يشعران بها، والتراجع عن مواقفهما المتشددة قبل أن يطفح الكيل، والتحدث معا بوضوح، ويسعيان إلى التهدئة التى بدونها يصعب حل أى مشكلة، وعلى مطلقك أن يجلس إلى نفسه، ويسترجع ماضيه والتقلبات التى سادت أحواله، ويصحح خطأه الكبير، باعادتك إلى عصمته من أجل أن يلتئم شمل الأسرة، ويتعين عليك تقريب المسافات معه، وأرجو أن يدرك ذلك قبل أن تتدهور أوضاعه، إذ أنه وقتها لن يجد أحدا بجانبه، لا مطلقته التى أفنت عمرها فى خدمته، ولا ابنيه اللذين انصرف كل منهما إلى حاله، فلن يكون أى منهما على استعداد للتواصل معه بعد كل ما فعله بهما وبأمهما... هكذا علمتنا تجارب الحياة لكن هناك من يتعامون عنها، ولا يدركون فداحة ما ارتكبوه من أخطاء إلا بعد فوات الأوان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كابتن أحمد منصور
مشرف
مشرف
كابتن أحمد منصور

ذكر
عدد الرسائل : 6488
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 210
بلد الإقامة : المدينة الفاضلة
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 Office10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 Bookwo11
نقاط : 17058
ترشيحات : 47
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 710

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 I_icon_minitime30/5/2014, 23:17

فتاة الأحلام!

أنا أم لولدين ملتزمين دينيا، وزوجة لطبيب، وأعمل فى شركة كبرى، وأكتب إليك عن ابنى الأكبر الذى تخرج فى كلية مرموقة وعين معيدا بها، فلقد لفتت نظره فتاة تصغره بعامين، وهو يدرس لها فى قاعات البحث المعروفة باسم «السكاشن»

وأعجب بها لكنه لم يبح لها بمشاعره نحوها الى أن تخرجت، فأفصح لها عن حبه ورغبته فى التقدم لخطبتها، فرفضته بأسلوب لطيف ولأسباب تتعلق بها ومن منطلق أنها لا ترغب فى الاقامة معه بالقاهرة، وتفضل أن تكون بجوار أسرتها المقيمة فى عاصمة محافظة كبري، ثم أبلغته بأن والدها يريد أن يزوجها لابن عمها حتى لا يخرج الميراث الى الغرباء، حيث ان والدها مهندس وحالتهم المادية ميسورة لعمله فى دول الخليج سنوات طويلة، وهنا رد عليها بأنه على استعداد للاقامة معها فى محافظتها برغم اعتراضنا على ذلك، لكنها حسمت الموضوع بأن والدها قال لها «انك ستتزوجين ابن عمك»، وانعكس رفضها له على حالته النفسية، فلقد كان يتصور أنها تبادله الحب طوال سنوات الدراسة حينما كانت تتصل به للاستفسار عن بعض الدروس، وتمت خطبتها لابن عمها لكن الخطبة لم تستمر طويلا، إذ سرعان ما تم فسخها لعدم رغبتها فيه كما قالت، ثم خطبها شاب آخر وتزوجته، وحملت منه، وبعد ذلك اكتشفت أنه مدمن فنشبت بينهما مشكلات عديدة، فانفصلت عنه بعد ستة أشهر فقط ووضعت طفلها وهى مطلقة، وبذل أهلها محاولات عديدة لرجوعه إليها لكن مطلقها رفض، وحتى مولودته لم يفكر فى رؤيتها.

ومر عام تقريبا، واذا بها تعاود الاتصال بابنى مرة أخرى لتشكو له ظروفها، وندمها على أنها رفضته بحجة أنه لم يكن باستطاعتها أن تبوح لأبيها بحبها له بحكم تربيتها المحافظة.. وطلبت منه أن يقابلها لتشرح له كل ما حدث لها، وقابلها بالفعل، وبعدها عاوده الحنين إليها، وعرض ابنى علىّ الأمر، فلم أرحب بهذه الزيجة، وقلت له: انها رفضته وقت أن كانت الظروف فى مصلحتها، وكان الكثيرون يخطبون ودها، واليوم عندما تبدلت الحال وجدته غنيمة تريد أن تأخذها، وقد رفضها أيضا أبوه، وشقيقه الذى يوشك أن يصبح معيدا بكلية مرموقة أخري.



إن ابنى متعلق بها، ويرحب بتربية ابنها، واتصلت هى بى ثم والدتها لتحديد ما اذا كان ابنى سيتزوجها أم لا؟.. ولم أعطهما جوابا، فابنى الآن يستعد لمناقشة الماجستير ولا استطيع أن أصدمه بقرارنا الأخير، وبصراحة فلقد وعدتهما بزيارة للتعرف على الأسرة، وأنه لا داعى للتسرع.. لكننى فى حيرة من أمري.. هل نكمل الموضوع أم لا، إذ أخشى أن ينقلب مزاجها تجاه ابنى فى أى لحظة، خاصة أنه ليس فتى أحلامها، وانما هو منقذ لها فى ظروفها الحالية، بعد أن تزوج طليقها تاركا ابنهما لكى يربيه من سترتبط به فما رأيك؟.



ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

لقد أجبت أنت على السؤال الذى طرحتيه بأنه ليس فتى أحلامها، وانما هو منقذ لها فى ظروفها الحالية، وبالتالى فإن هذه الزيجة محكوم عليها بالفشل قبل أن تبدأ، ويزيد من احتمالات فشلها وجود طفل من مطلقها سيكون دائما سببا للتواصل بينها وبينه من أجل رؤيته، وفى ذلك تنغيص لحياة ابنك واستقراره، وسيجد نفسه يستعيد الذكريات المؤلمة كل عدة أيام.. ان تحكيم العقل فى مثل هذه الأمور هو الحل الوحيد، فاستقرار البيوت لا يبنيه الانسجام والتوافق، ولو كانت سيدة أخرى فى مثل ظروفها، وأحبها ابنك لكان الأمر عاديا ولا شىء فيه، لكننا هنا بصدد سيدة ارتبط بها منذ أن كانت طالبة بالجامعة وألح عليها فى الزواج منها لكنها تذرعت بأسباب واهية من أجل الزواج بآخر، ثم كيف رفضت ابن عمها وتم فسخ خطبتها له، ثم تزوجت بآخر، وهى لا تستطيع أن تبوح بحبها له إلى أبيها؟ . وأين كانت أمها وقتئذ؟



يا سيدتى احسمى الأمر بأن كل شىء نصيب واشرحى لابنك أسباب رفضك، فإذا أصر على موقفه بعد ذلك فله ما أراد، ففى النهاية عليك تبصيره بما ترينه صالحا له، ولكن ليس باستطاعتك أن تفرضى رأيا عليه، واسأل الله أن يوفقه لما فيه الخير.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نهى 1
عضو فعال
عضو فعال
نهى 1

انثى
عدد الرسائل : 189
بلد الإقامة : بلا وطن
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 Unknow10
نقاط : 6423
ترشيحات : 0
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 Awfeaa10

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 I_icon_minitime6/6/2014, 09:07

القلب الحجرى !

أتابع بابك الشهير، وأتأمل تجارب أصدقائه بكل ماتحمله من هموم وآلام ودروس وعبر، ووجدتنى أكتب إليك قصتى الطويلة مع المعاناة التى مازلت أتجرع كأس مرارتها، فأنا سيدة فى الثالثة والستين من عمرى، تزوجت بعد السنة الثانية فى كليتى من شاب قريب لوالدتى رأت فيه زوجاً مناسباً لى، وأتممنا إجراءات الزفاف، وسافرت معه إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كان يعمل مدرساً فى إحدى جامعاتها.

وطلب منى أن أؤجل الدراسة إلى حين انتهاء مهمته هناك، وعودتنا إلى مصر، فوافقت وأقبلت على الحياة معه بكل حب وارتياح، وأنجبت ابنى الأول، ثم اقتضت ظروف عمله أن ننتقل إلى كندا، فشجعته، وسافرت معه إليها، وهناك وضعت ابنى الثانى، وبفارق عامين بينه وبين شقيقه، وجاءتنا الأنباء من القاهرة بوفاة والده، فحزنا لرحيله كثيراً، فلقد كان رجلاً طيب القلب، ولمست فيه روحاً جميلة فى الفترة القصيرة التى تعاملت معه خلالها، وبعد ست سنوات عدنا إلى مصر، فذكرته بوعده لى أن أستكمل دراستى، فوافق على مضض، وأتممتها بنجاح، وجاءتنى فرصة عمل فى جهة دولية مهمة بمصر، فثار علىّ ثورة عارمة، وطالبنى بالتفرغ للبيت، وهكذا دبت الخلافات بيننا، وكان ابنى الأكبر وقتها قد بلغ عمره أحد عشر عاماً، وذات يوم فوجئت بعد عودتى من العمل، بأن الولدين لم يحضرا من المدرسة، وعرفت أن زوجى أخذهما إلى مكان غير معلوم، فخرجت أبحث عنهما فى كل مكان، وأنا مذعورة مما حدث، ولم أتمكن من الوصول إليهما، وعشت فترة عصيبة لم أذق فيها طعم النوم، وطرقت أبواب أهله وأهلى، ورجوت الجميع أن يتدخلوا لإنقاذ ولدىّ اللذين ليس لى فى الدنيا غيرهما، وعرفت بعد جهد كبير أنه نقلهما للإقامة مع شقيقه الأكبر، حيث كان صاحب تأثير كبير عليه، ولم يرزق هو وزوجته بأولاد، وعاش ولداى معهما فى محافظة ساحلية، ونقلهما أبوهما إلى مدرسة خاصة غير المدرسة التى كانا يدرسان بها، ورجوته كثيراً من خلال الأهل والمعارف أن يدلنى على مكانهما. أو يذكر لى اسم المدرسة التى يدرسان بها، وأننى على استعداد للسفر إليهما فى أى مكان لكى أطمئن عليهما، وأتواصل معهما، فلم يستجب، وفشل كل من تطوعوا للتدخل بيننا فى إنهاء هذه الأزمة، فسألت فى جميع المدارس الخاصة حتى وصلت إليهما فى مدرسة معروفة، ولكن ناظرها منعنى من الدخول، فوقفت على بابها فى انتظار خروجهما وإذا بالناظر يأخذهما من باب آخر إلى بيته، وماكان له أن يفعل ذلك إلا بالاتفاق مع أبيهما، فذهبت إليه فى مكان عمله لأسأله عما فعل، وكيف وصل به الأمر الى هذا الحد دون أن يعبأ بما يترسب داخل نفسية الطفلين، أو أن يحافظ على صورتنا أمام الآخرين. وما إن رآنى حتى شن علىّ هجوما عنيفاً، ولم أتوصل معه الى أى نتيجة بشأنهما، وزاد من حدة موقفه تأثير شقيقه عليه، وكذلك والدته التى لم تعجبها أشياء كثيرة فى تصرفاتى، وظللنا على هذا الوضع سنوات طويلة.. محاولات كثيرة من جانبى لأخذ ابنىّ، أو على الأقل التواصل معهما، ومراوغات لا حصر لها من جانبه هو وأهله، وكان كلما لاحقته بطلب رؤية ولدىّ، ولا يجد مفراً من الاستجابة لى، يرسل معى مندوباً من شركته، حيث أراهما بضع دقائق، ولا أستطيع أن آخذهما لبعض الوقت، بالرغم من أنهما كانا وقتها فى سن صغيرة، ومن حقى حضانتهما، وكنت أدرك تماماً أن بعدهما عنى سوف تترتب عليه عواقب وخيمة، وأن ذلك سوف ينعكس عليهما بأثر سلبى، ولكن ما باليد حيلة، وحدث ماتوقعته، فلقد ملأ ذهنيهما بكراهيتى، وأننى لست حريصة عليهما، وأن عمهما وزوجته هما اللذان يخافان عليهما، ويحافظان على مستقبلهما، وانفصلنا بعد استحالة عودة الأمور بيننا إلى ماكانت عليه، وتزوج هو من سيدة أخرى، وبعد فترة استقلت بمنزل منفصل فصار هو يعيش مع الولدين بعد أن أخذهما من عمهما ، وتعيش هى مع أهلها، وكان ابناى قد أنهيا المرحلة الثانوية وانتقلا إلى الجامعة، وعرفت فيما بعد أن ابنى الأكبر تعثر فى الدراسة، وأن الثانى هو الذى تخرج فى كليته، والتحق الاثنان بشركة الكمبيوتر التى يملكها أبوهما، والتى أنشأها بعد أن أغلق مشروعاً آخر لم يحقق النجاح، وكلما استفسرت عن شىء يخصهما أجد إجابات غير واضحة، وخصوصاً فيما يتعلق بإبنى الأكبر، ولم أفلح فى معرفة حقيقة ما يمر به من ظروف، أما ابنى الأصغر، فاتصل بى بعد تخرجه قائلاً إنه فى حاجة إلىّ، ففرحت كثيراً، وتصورت أنه سيعود إلى أحضانى وطلبت منه أن يزورنى على وجه السرعة، وكنت فى لهفة وشوق لمعرفة أخبارهما، فإذا به يريدنى أن أعطيه مالا لكى يتزوج، ويبدأ مشواره فى الحياة، وكان هذا هو كل مايريده منى، ولم يذكر شيئاً عن الأموال التى يملكها أبوه، وشركته التى تدر عليه دخلاً كبيراً، وبعدها سافر إلى الخارج، ولم يحدثنى بكلمة واحدة، ولم أعرف له عنوانا برغم أنه وعدنى أن يكون على اتصال بى، فكان كل مايهمه هو أن ينال طلبه، ثم يختفى، ومن خلال متابعتى أخباره عن طريق الأقارب، عرفت أنه يدير الآن شركة فى مجال الكمبيوتر بدولة عربية، وأعتقد أنه تزوج واستقرت أوضاعه هناك، أما ابنى الأكبر فمازال وضعه غامضاً، وقيل لى إنه مريض نفسياً، ولم يكمل دراسته، ولكن لم يتسن لى أن أعرف حقيقة ظروفه، الأمر الذى يقتلنى يومياً، وقد تستغرب لذلك ـ ياسيدى ـ لكنها الحقيقة، فلم أترك باباً، إلا وطرقته من أجله، لدرجة أننى طلبت من أحد أصدقاء زوجى، وهو أستاذ فى الجامعة، ويعرف كل التفاصيل عن أسرتنا بحكم صداقتهما الوطيدة أن يتدخل كوسيط بيننا لمد جسور الصلة مع ابنى الأكبر الذى لا يغادر المنزل، ونقل الرجل رغبتى إليه، فرد بقوله : «ابنها موجود أمامها اسألوه إن كان يريد رؤيتها».. فأخذت رقم هاتف ابنى واتصلت به، وسألته عن أحواله، وأبلغته أننى أريد أن أراه فصدمنى بقوله : «أنت بتشهرى بى»، ثم أغلق الهاتف، وكلما اتصلت به، وجدت «البريد الصوتى» فأترك له رسالة، وبالطبع لا يرد علىّ، وبرغم ذلك لم تضعف عزيمتى، ورحت ألتمس أخباره عبر «الفيس بوك» وأدهشنى ألا أجد اسمه ضمن العائلة التى يسجلها أبوه على حسابه الشخصى فى شبكة التواصل الاجتماعى، وكنت أجد فى هذه الوسيلة فرصة لمعرفة أحوال ابنى، لكن الجميع رفضوا صداقتى ولم يعد بإمكانى التواصل معهم عبر الانترنت !

لقد سلب والدهما حريتهما ووصلت حالة ابنى الأكبر إلى ماوصلت إليه من تدهور لكنى مستعدة لأن أبدأ المشوار معه من نقطة الصفر، إذ يشغلنى كثيراً برغم أنه تعدى الآن سن الأربعين، وإننى على استعداد لأن أتجاوز مرارة السنين الطويلة التى عشتها بعيداً عنه هو وشقيقه وقد بعثت إلى والدهما برسائل كثيرة، ولم يرد على أى منها، وقلت له فيها «إننا جميعا مخطئون، وكان فى إمكاننا ببعض التنازلات البسيطة أن نتجاوز الخلافات، وأن نربى ابنينا فى أحضاننا، فلا شىء فى الدنيا يعادل أن ينشأ الأولاد نشأة مستقرة بين أبويهم».. لكن قلبه لم يلن، ومازال كما هو لم يتغير برغم انه تعدى سن السبعين.

نعم ياسيدى.. هذه هى الحقيقة التى لا يدركها الآباء والأمهات إلا بعد فوات الأوان، وربما لا يدركونها أبداً، فيغادرون الدنيا، وقد تركوا خلفهم أبناء مقهورين يعيشون بعقدة مافعله والداهم بهم، ولو أيقن الجميع بالنتيجة السلبية لتعنتهم وعنادهم، وهم يتنازعون الأبناء ما ارتكبوا هذه الحماقات، ولن تفلح أى قوانين فى حل هذه المعضلة سواء كان الحاضن الأب أو الأم.. فكما أن هناك آباء كثيرين يشكو كل منهم من أن الأم أخذت الأولاد، ولم تلتزم بقانون الرؤية الذى يتيح للأب رؤية أبنائه كل أسبوع، فإن هناك أمهات كثيرات يواجهن ماهو أصعب من ذلك، ولم يفلح أى قانون فى تمكينهن من رؤية أولادهن كما حدث معى، فالألاعيب كثيرة، وثغرات القوانين متعددة.. وإننى مازلت أتعلق بالأمل فى أن يعود إلىّ ابناى، وأن أتمكن من التواصل مع ابنى الأكبر، وكل ماأريده هو إتاحة الفرصة لى لاحتوائه، والوقوف إلى جواره فى الظروف التى يمر بها، فليس لى ذنب فى موقف أبيهما المتقلب الذى اتخذه عندما كنا فى سن الشباب، وأذاقنى الأمرين بإبعادهما عنى.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ولكاتبة هذه الرسالة أقول :

توقفت عند جملتك المعبرة عن المشكلة برمتها فى رسائلك الأخيرة إلى والد ابنيك بقولك «كلنا مخطئون» فلقد كان عليكما منذ البداية تقريب المسافات بينكما، وعدم الاندفاع فى تصرف طائش سوف تدفعان ثمنه مدى الحياة، إذ ماذا كان يضيره لو وافق على خروجك إلى العمل فى الوظيفة التى أتيحت لك وقتها، مادمت ستوازنين بين عملك وبيتك ورعاية ابنيك، فهذا هو التصرف السليم الذى غاب عنه، ولم يدرك أبعاد صنيعه هذا عندما حرمك من رؤية ابنيك، بتهريبهما ـ على حد تعبيرك ـ إلى عمهما الذى أخطأ هو الآخر بقبول هذه المهمة حتى لو لم يرزق باولاد، حيث كان باستطاعته أن يتدخل لإزالة سوء التفاهم العالق بذهنيكما، واعادة حياتكما إلى وضعها الطبيعى، ولا مانع من أن يسهم هو وزوجته فى تربية ابنيكما، لكن ذلك لم يحدث، ولم يكتف زوجك بما صنعه، وإنما تعمد الاساءة إليك امام الآخرين، فعلم بقصتكما من يعملون معه فى شركته، حتى ناظر المدرسة الخاصة الذى من الواضح أنه كانت تربطهما علاقة صداقة دفعته إلى القيام بمهمة يأباها أى «رجل تربوى» بإخفاء ابنيك بعيدا عنك!.

ولم تقتصر نتيجة ما فعله على حرمانك منهما فقط، وإنما امتدت أيضا إلى التركيبة النفسية لكل منهما، فانعزل الأكبر عن الآخرين، وتعثر فى دراسته، وصار أسير البيت لا يغادره بالرغم من توافر فرصة عمل له فى شركة أبيه، ولم يتزوج، ولم يرتبط بأى علاقات مع الآخرين، ويزيد على ذلك أن أباه مازال يصور له بعد كل هذا العمر أنك تسيئين إليه أمام الآخرين... أما ابنك الاصغر، فسافر إلى الخارج، وابتعد عن الجميع... هذا ما جناه والد ابنيك على مدى ثلاثين عاما، علاوة على افتقاد الدفء والاستقرار الأسرى الذى ينشده كل الازواج والزوجات.

وبرغم أن الشريعة والقانون حددا مسئولية حضانة أبناء الطلاق، ورعايتهم النفسية والمادية، إلا أن هناك من تستبد بهم الرغبة فى إيذاء شركاء حياتهم أو الانتقام منهم، فيأخذ الأب الأبناء بعيدا عن أمهم لسنوات طويلة، قد تمتد إلى النهاية ـ كما فى حالتك ـ وعندما يبتعد الابن عن أمه، فإنه يصاب بالتشوش النفسى، وتظل هى تصارع كل ما حولها من أجل الوصول إليه، ومع مرور السنين يبقى ألمها فى داخلها إلى آخر يوم فى عمرها.

ولا سبيل إلى تدارك الآثار السلبية لانفصال الابوين إلا بأن يعيا ضرورة الاتفاق على ما يتعلق بمستقبل الأبناء، الذين ينبغى تنشئتهم تنشئة سليمة تتسم بالصحة النفسية، والقيم الأخلاقية، واحترام الوالدين، وعدم اهانة أحدهما الآخر، حتى لا ينكسر رمزا «الأمومة» و «الأبوة» لديهم، وأن يتواصل الطرف الحاضن مع الطرف غير الحاضن بكل احترام وود، وأن يتذكروا دائما الوسيلة الإلهية «ادفع بالتى هى أحسن».

لقد حكم الإسلام فى حالتك حكما حاسما بقوله تعالى (لا تضار والدة بولدها، ولا مولود له بولده) فلا يجوز شرعا أن يقع ضرر على الأم بسبب طفلها، وهى التى تحملت أشهر الحمل ومتاعب الرضاعة والفطام والرعاية والاهتمام، ولا ننسى أن تشويه كل من الأب والأم الآخر، يجعل الابن يفقد الرمز والقدوة، وقد يؤدى به إلى أن يكون معاديا للمجتمع بأثره، حيث أن مجتمعه الصغير المتمثل فى أسرته كان معاديا له، فمن يهرب بأولاده عليه أن يدرك أن الكراهية التى ينشأون عليها لا توجه إلى شريك الحياة الذى تركه، وإنما ستكون (طلقة رصاص) نحو الأبناء، وستظل تحت جلدهم طوال الحياة.

ومع أن العلاج الصحيح لمشكلتك يا سيدتى قد فات أوانه، فإننى أرى فى استعدادك النفسى للبدء من نقطة الصفر فى رعاية ابنك الأكبر، ضوءا جديدا يحيى الأمل فى انتشاله من براثن المرض النفسى، والتخلص من حالة العزلة التى فرضتها عليه الظروف التى تربى فيها، ولعل والد ابنيك يعيد حساباته، وهو فى هذه السن المتقدمة، ويدرك الخطأ الفادح الذى وقع فيه قبل أن يلقى الله عز وجل، فربما تمتد جسور التواصل معهما من جديد، وتنقشع السحابة الثقيلة التى غطت سماء حياتكم كل هذه السنين، والله على كل شىء قدير.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نهى 1
عضو فعال
عضو فعال
نهى 1

انثى
عدد الرسائل : 189
بلد الإقامة : بلا وطن
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 Unknow10
نقاط : 6423
ترشيحات : 0
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 Awfeaa10

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 I_icon_minitime6/6/2014, 09:10


الأم الحائرة

أكتب أليك بعد أن ضاقت بى السبل، وأصبحت فى موقف صعب، لا أعرف كيف اتغلب عليه، فأنا أم لفتاتين الأولى بلغت الرابعة والأربعين، والثانية الخامسة والثلاثين، وربيتهما على الفضيلة والتقوى وخشية الله، وكنت أخاف عليهما من الاختلاط كثيرا بالناس، أو خوض تجارب عاطفية كما تفعل كثيرات من بنات اليوم.

ولا أدرى إن كان ما فعلته صحيحا أم خطأ؟ فابنتاى شديدتا الخجل، وتجدان صعوبة بالغة فى التعامل مع البشر، وتفتقدان الى الجرأة والقوة برغم أن الأولى تعمل مفتشة بوزارة الصحة والثانية كانت معلمة لغة انجليزية وقد خفت عليها من بعد المسافة بين البيت ومكان عملها نظرا لانها مريضة بالسكر من النوع الأول فطلبت منها أن تتركه.

اننى ادفع الآن ضريبة تربيتى المتشددة، فالتقييد الذى مارسته معهما أضاع عليهما فرص الزواج، ومن تقدم اليهما من الاقارب والأهل لم يعجبه خجلهما الزائد عن الحد، وأنى أسألك: هل الاخلاق والفضيلة والخجل صارت عيوبا فى البنات بدلا من أن تكون مزايا لهن؟ إن كل ما أردته هو مصلحتهما كأى أم فى الدنيا.

ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

هناك فرق بين الرقابة الصارمة وإبداء النصيحة، فعندما تصدر الأم أو الأب فرمانات على الأبناء خصوصا البنات، فإنهن يصبحن أمام أحد طريقين، إما الامتثال لما يريده آباؤهن وأمهاتهن، فينطوين على أنفسهن ويتجنبن الحديث مع أى شاب ولو من باب التعارف حتى داخل أسوار الجامعة أو مواقع العمل، وإما أن يتحايلن على هذه الفرمانات بلقاء من يرغبن بعيدا عن أعينهم، وفى كلتا الحالتين لا يتحقق الغرض المنشود، ففى الحالة الأولى تقل فرص التعارف بمرور الوقت ومع تقدم السن تنعدم فرص الزواج من شباب فى مثل أعمارهن ولم يسبق لهم الارتباط، وفى الحالة الثانية تكون العواقب وخيمة فى ظل اللعب بالعواطف، وانعدام الخبرة فى التعامل مع الجنس الآخر، ولذلك فإن اسلوب الرقابة الصارمة والفرمانات لا يصلح أبدا لتربية سوية، وإنما يجب على الأمهات أن يصادقن بناتهن حتى يفضين اليهن بأسرارهن، وبالتالى يلتمسن منهن النصيحة، ويكون الاحتكاك بالشباب دائما فى الحدود المسموح بها، فإذا رغب الشاب فى الارتباط بمن يرى فيها فتاة أحلامه، فإنها ترشده الى التقدم اليها طالبا يدها، ووقتها سوف تتاح له فرصة التعارف عن قرب عليها وعلى أهلها.

ولعل ابنتيك قد استوعبتا هذا الدرس فتتخليان عن بعض خجلهما الزائد عن الحد وتتعاملان بواقعية مع الحياة، وسوف يطرق بابهما من يقدرهما ويدرك أنه بارتباطه باحداهما انما سيحصل على هدية نادرة فى هذا الزمن، فأبشرى ياسيدتى بفرج الله القريب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نهى 1
عضو فعال
عضو فعال
نهى 1

انثى
عدد الرسائل : 189
بلد الإقامة : بلا وطن
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 Unknow10
نقاط : 6423
ترشيحات : 0
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 Awfeaa10

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 I_icon_minitime6/6/2014, 09:13


الكلام المعسول!



أنا فتاة فى سن الأربعين، تقدم لى الكثيرون منذ تخريجى فى الجامعة، ولكن كانوا جميعا دون المستوى العلمى والاجتماعى الذى يتناسب معي، وفى سن الثلاثين تعرفت على زميل لى فى العمل، أسمر البشرة، ويتعامل مع الآخرين بحب وحنان، ولم آر فيه عيبا، وتقدم لى طالبا يدى فرحبت به وأصر وقتها على عقد القران، لتسهيل مجيئه إلى بيتنا والخروج معي، فوافقت على طلبه، واغرقنى بالهدايا والكلام المعسول،

ومرت شهور ثم تبدلت الحال فتحول إلى إنسان حاد الطباع، وشكاك فى كل تصرفاتي، وأصبح يختلق المشكلات معى لأتفه الأسباب.. كل ذلك وأنا مازلت فى بيت والدي، ولم يتم زفافى إليه بعد، واعتبرت موقفه وتصرفاته هذه مجرد غيرة، ومر عام كامل ولم يجهز شيئا من مستلزمات الأزواج، ولما سألته عنها قال: «لو انت مستعجلة جهزى أنت، أنا بصراحة اتسرعت فى عقد القران» وبدا غاضبا من كل شيء وناقما على كل انسان ناجح ولم يعد يرد على مكالماتي، وإذا رد على إحداها فإنه يكلمنى بأسلوب سيىء للغاية، ومرضت أمى مرضا شديدا، ثم رحلت عن الحياة ـ رحمها الله ـ ولم يكن أمامى سوى الطلاق للخلاص من المصير الذى سأنساق إليه، وبعد مماطلة شديدة وافق على تطليقى بشرط أن يأخذ كل الهدايا التى احضرها لى فى فترة ارتباطى به، ومصاريف الفرح، مع تهديدى بأن لن أتزوجه، ولن اتزوج أحدا بعده، ومنذ ذلك الوقت لم تكتمل لى خطبة وكل من حولى مندهشون مما يحدث لي، برغم ما أتمتع به من تدين وأناقة وجمال.. فهل أخطأت يا سيدى فى موقفي؟ وهل تتزوج الفتاة من أى طارق لبابها حتى لو لم ترتح إليه حتى لا يقال إنها «عانس»؟!

ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

ما فعلتيه هو التصرف السليم، بعد كل ما بدر منه، وتهديده لك بأنك لن تتزوجى أحدا بعده، مجرد كلام لا أساس له، ولا قيمة حتى وإن صادف الواقع، وأنا على يقين دائما بأن الله سبحانه وتعالى يختار للعبد ما فيه مصلحته، وليس معنى أنك لم تتزوجى حتى الآن أن بك عيبا، ولكنه يعنى أن نصيبك فى الحياة لم يأتك بعد، فتمسكى بموقفك الذى لاغبار عليه، ولا ترتبطى إلا بمن ترتاحين إليه، فالزواج المستقر ليس مجالا للتجربة وإنما يجب أن تتوافر فيه كل الشروط المتعارف عليها والتى تؤهله للنجاح والاستمرار، وهذا الشاب سوف يلقى جزاءه العادل بعد غدره بك بلا أسباب، فالله سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل، وإن غدا لناظره قريب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أم البنات
مشرفة
مشرفة
أم البنات

انثى
عدد الرسائل : 9513
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 210
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 Unknow10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 8010
نقاط : 19672
ترشيحات : 44
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 333310

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 I_icon_minitime20/6/2014, 01:22

النهاية المحتومة!

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 2014-635388063887062016-706

فكرت كثيرا فى أن أكتب إليك بحكايتى لكى أسترشد برأيك فيما يمكن أن أفعله حتى أتخطى المتاعب التى تواجهنى

. لكنى كنت أتراجع وأؤجل كتابتها، إلى أن استجمعت عزيمتى، وها أنا أرويها لك، فأنا سيدة فى الخامسة والثلاثين من عمرى. ولدت فى أسرة بسيطة لأب يعمل فى أكثر من وظيفة ليوفر لأسرته متطلبات المعيشة. وأم ربة منزل وأربعة أشقاء. وترتيبى الصغرى بينهم. أو كما يقولون «آخر العنقود». ولمست منذ سنواتى الأولى حنان أبى الذى احتضننا وأحبنا وكان يحرم نفسه من أشياء كثيرة ليشترى لنا ما نريده.، وكانت تكفيه علامات السعادة التى ترتسم على وجوهنا كلما أتى بشىء مما نرغب فيه، ولم يضرب أحدا منا أبدا، فبرغم انه لم ينل أى قدر من التعليم، فإنه اتبع اسلوب الحوار فى تربيتنا، وكان نعم الأب والزوج أيضا، فعامل أمى بحب واحترام، وعاشا معا فى تفاهم تام، ولم نجد منه إلا الكلمة الحلوة والعشرة الطيبة، وإذا ألم بأحدهما مرض بسيط، عاش الثانى فى قلق وتوتر وخوف، ولايعرف النوم سبيلا إليه حتى يطمئن على نصفه الآخر، ونظرا لظروف الحياة الصعبة فإن أبى كان يعمل صباحا فى وظيفته الأساسية، ثم يحضر بعد الظهر، حيث يتناول معنا طعام الغداء، ويرتاح لمدة ساعتين، ويخرج إلى عمله الثانى الذى يدر عليه دخلا اضافيا يساعده فى توفير متطلباتنا.. أما يوم الجمعة فكان عيدا اسبوعيا يلتئم فيه شمل العائلة، حيث يزور أبى أعمامنا وأقاربنا، ونحن نلعب ونلهو حولهم فى جو مفعم بالحب والسعادة، وهى عادة البسطاء أمثالنا، وكان بارا بوالديه، وماتا وهما راضيان عنه، وكنت أسمعهما وأنا طفلة يدعوان الله لنا ولأمنا بالسعادة وراحة البال.

وبينما كنا نعيش هذه الأجواء الجميلة، إذ بأبى يرحل عن الحياة فجأة، وهو فى الثانية والخمسين من عمره، وكانت أمى وقتها فى سن الرابعة والأربعين، وخيم الحزن على منزلنا، وغابت عنه الابتسامة التى لم تفارقنا منذ أن وعينا على الدنيا، وأصاب أمى الذهول، وظلت فترة طويلة غير مصدقة أن رفيق عمرها غادر الحياة.



ومرت الأيام. وحصلت على مؤهل فوق المتوسط، بينما حصل كل إخوتى على مؤهلات عليا، ورضيت بما قسمه الله لى، وحافظت على «الخط» الذى انتهجه كل إخوتى، فلم تربطنى علاقة عاطفية بأحد، وادخرت كل ما أكنه داخلى من مشاعر وأحاسيس لمن سيشاركنى حياتى فى المستقبل، وتقدم لى كثيرون من الشباب لما لمسوه فىّ من طيبة و حسن الخلق ـ على حد تعبيرهم ـ وهم يتحدثون عما دفعهم لطرق بابى، علاوة على قدر من الجمال كنت أنا الوحيدة الذى لا أراه، والحقيقة اننى لم أجد فى أى منهم من أطمح للارتباط به من خلال سردهم أوضاعهم وطموحاتهم، ولم تكن لى مواصفات لفتى أحلامى سوى أن يكون على خلق، ويستطيع أن يتولى مسئولية بيت بسيط، ويكون لى كل حياتى مثلما كان أبى هو كل حياة أمى، ولذلك رفضتهم جميعا، وبعد فترة تقدم لى صديق لأحد أشقائى وتمت خطبتنا، ولكن بعد أسابيع لم ارتح لأخواته اللاتى تدخلن فى كل شىء، وبدت غيرتهن منى واضحة، فآثرت أن أفسخ الخطبة فى هدوء، وأعدت إليه شبكته وهداياه، ثم طرق بابى شاب، قال لأهلى إنه رآنى وأنا أشترى بعض طلبات «البيت» من «السوبر ماركت» القريب منا، وسأل عنى الجيران، فأرشدوه إلينا، فروى لأمى وإخوتى ظروفه، وأكد لهم إنه ارتاح إلى «وجهى الملائكى»، وسيوفر لى حياة كريمة، فأمهلوه بعض الوقت، وسألونى عن رأيى فيه، فلم أجد فيه ما يعيبه ظاهريا، فوافقوا على زواجنا، وهنا طلب «عقد القرآن» حتى يصبح فى مقدوره زيارتنا بلا حرج، لأنى سأكون حينئذ زوجته، وأقنع الجميع بموقفه، وتحملت أسرتى تكاليف حفل «عقد الزواج»، وجاءنا محاطا بأهله وأصدقائه، بلا هدية ولا حتى علبة شيكولاته ولم يكتب قائمة منقولات كالتى تكتبها أسر العرائس دائما، واكتفى فقط بقائمة بسيطة شكلية، ولم يعترض أهلى، كما أهدانى شبكة متواضعة، سرعان ما أخذها منى بعد شهرين فقط لتجهيز شقة الزوجية، وأعطيتها له بارتياح شديد، وعندما حان موعد الزفاف، لم يدفع سوى ثلاثمائة جنيه لاغير نظير تأجير الفستان والكوافير، ولم يقدم للمعازيم ولو كوب ماء، بل وانتظر أهلى أن يستضيفوهم، كما فعلوا فى «عقد القران»!



وسرعان ما تكشفت حقيقته، فهو كاذب فى كل ما يقول، ويمتلك مالا كثيرا عرفت فيما بعد أنه يدخره فى صورة ودائع بأحد البنوك، وانه يعمل بالتجارة إلى جانب وظيفته الحكومية، ويقضى اليوم كله خارج المنزل، ولا أراه إلا قليلا، وشيئا فشيئا تبين أن المرأة بالنسبة له كقطعة الأثاث يحركها كيفما شاء، فهى خادمة له ولأولاده، وليس لها سوى أن تأكل وتشرب فقط، أما هو فيعيش فى غرفة مستقلة، ولا تعلم زوجته أى شىء عن تفاصيل حياته، وقد أنجبت طفلى الأول بعد عام، ولم أجد حولى سوى أمى، ولم يشفع لى مرضى أن يقف بجوارى حتى فى هذه اللحظة التى ينتظرها كل أب، بل إنه طالبنى بأن أؤدى كل ما يطلبه منى، والا أذهب الى بيت أهلى، مستنكرا أن «آكل بغير أن أعمل»!!



وعلى مر الأيام لم أسمع منه إلا كلمات جارحة، وألفاظا أعف عن ذكرها، وبحثت عن الشخصية الورعة الطيبة التى ارتدى قناعها عندما تقدم لخطبتى، فلم أجدها! وهو لا يعترف بالعاطفة، ولا بمشاعر الحب، ومنهجه فى الحياة قائم على المنفعة والمصلحة الشخصية فقط، وقد أنكر نعمة الله عليه، وضنّ على البسطاء بالزكاة التى فرضها الله سبحانه وتعالى.. ولم أجد بدا من أن أتعايش مع الأمر الواقع، وأنجبت ابنى الثانى، وزاد فى غطرسته وجبروته، وتبين لى أن أسرته وأصدقاءه وجيرانه يعرفون أنانيته الشديدة، واننى أعيش فى عذاب معه، لدرجة أن أمه قالت لى عنه حين وجدت الدموع تنساب من عينى حسرة على نصيبى وبختى، إن ابنها طول عمره بهذا الأسلوب الذى ورثه عن أبيه، الذى كان قاسى القلب، ولم تعرف الرحمة، ولا اللين طريقا اليه، برغم أنه كان رجلا جامعيا، وتذكرت أبى الرجل البسيط الذى لم ينل أى قدر من التعليم، وكيف عامل أسرته بحب، ورجاحة عقل لاتتوفران فى كثيرين ممن تلقوا تعليما عاليا، وأسرت لى والدته بذلك بعد أن وجدتنى قريبة منها أرعاها، وأحترمها، لكنها لم تجرؤ على ان تتحدث معه بكلمة واحدة لكى لا تنال عقابه وأذاه!



لقد سرقنى الزمن، وإذ بخمسة عشر عاما قد مرت على زواجنا، وأنا أسيرة المنزل، وكل عالمى هو جدرانه الأربعة، فلم يخرج زوجى معنا فى نزهة، ولو لساعات معدودة كما يفعل كل الناس للترويح عن ذويهم، خصوصا فى الإجازة الصيفية، ففى قناعته أن الإجازة راحة من مصاريف الأولاد.. أما مصاريفه الشخصية فهى شأن خاص به، ولكى يهرب من الحديث عن «الفسحة» التى ستكلفه الكثير من وجهة نظره، فإنه يوافق على أن أصطحب ابنىّ الى بيت أسرتى لكى يلعبا ويروحا عن نفسيهما هناك.. أما الملابس الجديدة فلم تعرف طريقها إلىّ وظللت طول هذه السنوات استخدم الملابس التى أحضرتها معى عند الزفاف!



وفى شجاراته التى لا تنتهى يحدثنى عن أنه «العلامة» الحاصل على مؤهل عال لم أحصل أنا عليه، واننى لا أناسبه، ونسى أنه ساق علينا الكثيرين من أجل الموافقة عليه وان معظم من تقدموا لى لم يقلوا عنه فى شىء، لكنه النصيب،، كما أن الفارق بين مؤهلى ومؤهله ليس كبيرا الى الدرجة التى يرمينى فيها بالجهل!



وهكذا تفاقمت أزمتنا، وصار الشجار بصوت عال، هو وسيلته فى التعامل معى، ووصل الأمر الى حد الطلاق، لكنه تراجع عنه لكى لا يفقد الشقة، حيث ان ابنىّ مازالا فى سن حضانتى، ولجأ الى «الانفصال» داخل المنزل، بحيث أؤدى له طلباته مقابل ان يصرف على المنزل دون حوار أو كلام!.. وانتقلت حياتنا إلى هذا «الطور الجديد» من أطوارها العجيبة، وأنا أراقب تصرفاته وأفعاله وعرفت أنه على علاقة بأكثر من سيدة، وتزوج إحداهن عرفيا لعدة أشهر ثم طلقها وأن هناك من تأتى له بالنساء مقابل المال! وتكالبت علىّ المتاعب وأصبت بمرض ضغط الدم، وأتلقى له علاجا منتظما.



إن الحياة التى أحياها الآن لا تستقيم أبدا، وأعرف تماما أنه بعد انتهاء فترة حضانتى للولدين سوف يطردنى شر طردة، وأمى تعدت سن السبعين، وتعيش فى شقة بالإيجار الجديد، وليس لها مورد رزق سوى المعاش البسيط الذى تتقاضاه مع مساعدات إخوتى لها ولن يقبل أحدهم بالصرف على أبناء غيره، خصوصا وأن والد ابنىّ ميسور الحال، وله تجارته الواسعة بالإضافة الى وظيفته الحكومية الكبيرة، وقد فكرت فى الخروج الى العمل فى أى وظيفة بمؤهلى فوق المتوسط، لكى لا أكون عالة على أحد، واستطيع أن أواجه متطلبات الحياة بعد الطلاق الذى اقترب منه يوما بعد آخر، فهل ترانى على صواب فى نظرتى وتقديرى لمشكلتى؟ وهل أجد العمل الذى يضع حدا لمتاعبى؟

ولكاتبة هذه الرسالة أقول :

حين لا تكون الطرق المباشرة ملائمة لتعامل الزوج مع زوجته وحصوله على ما يريده منها، أو حصولها هى على ما تطلبه منه، وحين يحاول أحدهما تغيير أسلوب الآخر، أو كسب مساندته وتأييده له فى موقف ما.. فإن الدهاء والتمثيل والكذب تصبح الوسائل التى يلجأ إليها أى منهما لكى يحصل على ما يريد من الآخر، وهذا ما فعله زوجك منذ إصراره على «عقد القران» دون أن تكون لكما معرفة سابقة ببعضكما أو صلة قرابة تشفع له هذا الإصرار، فلقد أراد أن يضعك أمام الأمر الواقع لكى تنساقى وراءه فى استكمال مشوار الزواج، ولا تكون لديك فرصة للمراجعة، بعد أن وضع كل المفاتيح فى يديه!.. ولذلك عندما تكشفت لك طباعه السيئة التزمت الصمت، وابتلعت كل ممارساته ضدك، من عنف لفظى، وضرب واهانة، وتقتير وهجر، وكان رد فعلك بمثابة حقن لقنبلة انفجرت بعد كل هذه السنوات من تنامى الشعور بالظلم، والإحساس بالقهر، وما نتج عن ذلك من أمراض ألمت بك، إلى جانب ما لحق بإبنك من أذى نفسي نتيجة هذا الجو المشحون بالكراهية. لقد ظن زوجك أنه يستطيع أن يفرض سيطرته عليك، بأسلوب «الضغط» والزجر واشعارك دائما بأنه أفضل منك، فراح يهاجمك بأن المؤهل الذى حصلت عليه، أقل من مؤهله، وهذا قصور واضح فى تفكيره، فالمؤهلان متقاربان، كما أنه لا علاقة للمؤهل الدراسى بنجاح الحياة الزوجية، أو فشلها، ولديك المثل الواضح لذلك فى أبيك الذى لم ينل أى قدر من التعليم، ومع ذلك نجح بفطرته، وخبرته فى الحياة، فى أن ينتهج الأسلوب الصحيح لتربيتكم، ومعاملة والدتك وأهله، وأبنائه بالحوار والإقناع، وليس بالضرب والإهانة.



وضل زوجك بهذا المنهج الخاطئ طريقه إلى السعادة التى ينشدها، بعد أن حصرها فى كنز المال، وتلبية ملذاته وشهواته، وتناسي أو تجاهل أن من لا يجعل الله نصب عينيه تتحول خيراته إلى نكبات، وأفراحه إلى أتراح، مصداقا لقوله تعالى «سنستدرجهم من حيث لا يعلمون» وهو بما يفعله سوف تذهب عنه الدنيا، وبعدها الآخرة، بعد أن أعرض عن الطريق الصحيح، وسوف يندم على لهوه، ومعاملته الفظة لأسرته، حينما يصيبه الهم والغم، ووقتها سوف يصرخ.



ألا موت يباع فأشتريه



فهذا العيش ما لا خير فيه



إذا أبصرت قبرا من بعيد



وددت لو أنى مما يليه



نعم يا سيدتى هذه هى حال كل من يتورط فيما يغضب الله، وتغرُّه الدنيا بزينتها الزائلة، فالحياة أقصر مما يتصور أولئك الذين يزين الشيطان لهم سوء أعمالهم، ولو عرف المرء الله سبحانه وتعالى، وعبده فى كوخ صغير، لوجد الخير والسعادة والراحة والهدوء، ولكن عند انحراف سلوكه، فلو سكن أرقى القصور، وأوسع الدور، وملك كل ما يشتهى، فلا مفر من خاتمته المرة وتعاسته المحققة.



لقد توقفت أمام قصتك طويلا، ووجدت أن نهايتها المحتومة هى الطلاق الذى يؤجله زوجك إلى حين انتهاء فترة حضانتك لطفليك، ومادام الأمر كذلك، وبعد كل ما وقع بينكما من خلافات صار رأب الصدع عسيرا، إن لم يكن مستحيلا، وليس هناك بديل عن العزم والجزم، مادام قد لمع لك بارق الصواب، وظهر غالب الظن، فأقدمى على الطلاق بلا التواء أو تأخر ويحضرنى هنا قول الشاعر :



علاج ما لا تشتهيه



النفس تعجيل الفراق



هذا هو الحل النهائى للخلاص من زوج وأب أصر على إهانة زوجته التى اتبعت كل السبل لإرضائه لكنه يتمادى فى غيه، وظلمه لها، وتستطيعين أن تستقلى بحياتك بعيدا عنه، وأن تخرجى إلى العمل، ومادامت لديك العزيمة والإصرار فسوف تجدين من يقف إلى جانبك، ويأخذ بيدك بتوفير فرصة عمل شريفة تقيلك من عثرتك، ووقتها سوف تحققين ما تسعين إليه من الاستقرار النفسى.. أما ابناك فلتكن هناك طريقة للتواصل معهما بعد أن تنتهى فترة حضانتك لهما، وفقا لما يقضي به القانون، ومن خلال مساعى أهلك للتوافق معه على الأسلوب السليم الذى تتواصلان به معهما بعيدا عن المشاحنات والمشاجرات فلا تيأسي يا سيدتى، إذ لا يحزن من عنده رب يقدر ويغفر، ويستر ويرزق، ويرى، ويسمع، وبيده مقاليد الأمور.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أم البنات
مشرفة
مشرفة
أم البنات

انثى
عدد الرسائل : 9513
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 210
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 Unknow10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 8010
نقاط : 19672
ترشيحات : 44
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 333310

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 I_icon_minitime20/6/2014, 01:27

المكان المجهول!

استوقفتنى رسالة «الثمن الفادح» للسيدة التى أوهمها زوجها بمشروعات عديدة حصل بسببها على كل ما جمعه من مال، وزاد عليه قرضا من البنك ثم عندما عجز عن سداد ما عليه هرب وتركهم بلا عائل، علاوة على علاقاته النسائية وسلوكه غير السوى.

وتعليقا عليها أقول لصاحبتها، لقد ذكرتنى رسالتك بقول أحد الشعراء :

دنياى والنفس والشيطان والهوى

كيف الخلاص وكلهم اعدائى

فلقد علمتنا الحياة ألا نتبع الهوى وأن علينا الاستماع إلى نصيحة الأبوين بكل عقل وتبصر واستشارة الحكماء العقلاء كبار السن فى العائلة ثم استخارة الله تعالى فى كل الأمور.

فما خاب من استشار وما ضل من استخار، فنصيحة الأبوين مهمة وهما وحدهما اللذان يريدان أن يريا أبناءهما احسن حالا منهما، ومن كل الناس وقد نزل والدك مع عدم اقتناعه بهذا الشاب على رغبتك فيه لما يسمع كثيرا عن الزواج العرفى وخلافه فآثر السلامة أملا فى أن تتغير حاله بعد الزواج.

ثم ان الحكماء العقلاء كبار السن فى العائلة ابدوا لك النصيحة الطيبة بما علمتهم ايام الحياة بحلوها ومرها، كما أن الإستخارة تعنى ترك الأمر لله تعالى ليسهل لك ما هو خير ويصرفك عما هو شر لك فى حياتك العاجلة أو الآجلة فهو وحده الحكيم العليم.



إن الاديان السماوية كلها تحدثنا عن وجوب التكافؤ بين الزوجين من كل النواحى سواء السن أو القدرة المالية أو الظروف الاجتماعية للعائلتين.. والآن وبعد كل هذا العناء أرجو الله أن يفرغ عليك صبره وأدعوه أن يصلح حال زوجك، ولكن عليك أن تهجريه هجرا جميلا ولا تذكريه بسوء أمام أولادك واتركى له الفرصة لعل الله يتوب عليه وينصلح حاله، فتعودان مع الأولاد أسرة سعيدة، ولا تفهمى كلامى أنى أدعوك إلى طلب الطلاق منه أو الخلع، لكن فقط خذى موقفا جادا منه وابتعدى عنه بعض الوقت، واستعينى بأهلك ولا تكتمى عنهم شيئا فربما يكون فى نصائحهم الخير لك، ويجب أن يعينه الاولاد أيضا على صلاح حاله، فبصبرك عليه سوف تكون لك الجنة بإذن الله.

تلقيت هذا التعليق من الدكتور حمدى أبو بيه الأستاذ بطب المنيا، وهو واحد من تعليقات كثيرة حول رسالة (الثمن الفادح) وقد تابعت ظروف كاتبة الرسالة، فوجدت أن زوجها يحاول الاتصال من مكانه المجهول بأبنائه، وكلما سأله ابنه الطالب بالفرقة الرابعة بالجامعة الأجنبية فى مصر عن بعض المال ليسدد به المصروفات المتبقية عليه للحصول على الشهادة، لا يجد منه إجابة سوى الاعتذار لأنه لم يجد عملا بعد، وكذلك ابنته التى يرغب خطيبها فى إتمام الزفاف بعد أن طالت الخطبة لأكثر من ثلاث سنوات.. ومازال موقفه غامضا وحياته أكثر غموضا، ولا يريد الافصاح عن مكانه ولا عمله، ولا تدرى هذه السيدة ماذا تصنع؟... ولعله يستجيب إلى صوت العقل، فيعود إلى بيته، ويبدأ من جديد، وأعتقد أن أهله سوف يساندونه فى تجاوز ما أوقع نفسه فيه بتصرفاته الخاطئة... ولا حل يريح الأسرة من متاعبها سوى ذلك، وأرجو أن تكون هذه الرسالة قد وصلت إليه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أم البنات
مشرفة
مشرفة
أم البنات

انثى
عدد الرسائل : 9513
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 210
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 Unknow10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 8010
نقاط : 19672
ترشيحات : 44
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 333310

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 I_icon_minitime20/6/2014, 01:31

يوم «المصيبة»!

أنا سيدة تعديت سن الخامسة والعشرين ببضعة شهور، وقد نشأت فى قرية بإحدى محافظات الدلتا، وتخرجت فى كلية نظرية، وسعيت للحصول على الماجستير، وتقدم لى شاب من عائلتي، ولكن لم تكن لنا معه صلة قوية،

فوافقت عليه أسرتى من منطلق التقوى والورع اللذين بدا بهما أمامنا، وعند الاتفاق قال إنه سيسكن فى القرية إلى حين تدبير سكن بجوار عمله، فوافق أبي، ولم يغال فى متطلبات الزواج، وما أن تزوجنا وانتقلت إلى البيت الجديد حتى اكتشفت أن أمه هى التى تقود البيت، وتسيطر على الجميع، فلا يتم شيء إلا بموافقتها وقد أشارت عليه بأن يترك عمله لرعاية الأرض التى يملكها والده، مع أن حماى وحماتى موظفان فى جهة حكومية واحدة!.. وفوجئت بزوجى يستجيب لها ويترك عمله، ولم تفلح محاولاتى لإثنائه عن ذلك، ومضت شهور صعبة، ثم حملت، وأظهرت الأشعة أننى حامل فى »بنت«، فأعلنوا الحرب ضدي، لأنهم »يقدسون« الذكور، وتظاهرت أمام أهلى بأننى سعيدة إلى أن جاء يوم الولادة الذى أطلقوا عليه »يوم المصيبة« نظرا لقدوم بنت وليس ولدا. كما كانوا يأملون.. حتى زوجى انساق وراء كلام أمه، ولم يفكر فى السؤال عنى ولا عن ابنته، فبكيت بحُرقة من فعل أب لا يعرف معنى الأبوة، وزادوا فى ظلمهم لى بتحريضه عليّ، فاتصلت بأهلي، وفور دخولهم المنزل تشاجرت حماتى معهم، فجمعت ملابسي، وعدت إلى بيت أبي، واشترطت لعودتى إليه، أن يرجع إلى عمله، فجاءنى الرد من والدته.. لا.. لن يعود إلى عمله، ويترك أرض أبيه!.. وساومونى على الطلاق، فلجأت إلى القضاء الذى أنصفنى وحصلت على حقوقي، وأنا راضية بما قسمه الله لي، وقد تعرضت ابنتى لحادث بسيط حيث وضعت يدها فى الماء الساخن فاحترقت، وتركت الحروق أثرا عليها، ولعل أحد الأطباء المتخصصين فى علاج الحروق من قرائك يساعدنا فى علاجها، والحمد لله فى كل الظروف والأحوال.

ولكاتبة هذه الرسالة أقول :

من الآفات التى مازالت قائمة فى مجتمعنا التفرقة بين الولد والبنت، مع أنه لا فرق بينهما، إلا بعطاء كل منهما وجهده، وما يضيفه للحياة، بل وفى أحيان كثيرة تكون البنت أفضل من الولد فى كل شيء.. أما مسألة الانجاب، فهى رزق من الله عز وجل، حيث يقول «يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور، أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما«.. انها حكمته جل وعلا، فلا راد لعطائه ولا معقب لحكمه.. ولا أدرى هل إذا تزوج مطلقك من أخرى وأنجب منها بنتا سوف يطلقها أيضا؟.. انه منطق غريب وتصرف أحمق فلا تحزنى يا سيدتي، ولعل فى انفصالك عنه مصلحة لك، وقد تتزوجين ممن هو أفضل منه.. وكل ما هو مطلوب منك أن تتريثى فى الاختيار، أما بالنسبة لعلاج ابنتك فأرجو أن ترسلى إلى الأهرام بياناتها الكاملة، ورقم هاتفك ليتسنى الاتصال بك، وليدبر الله أمرا كان مفعولا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مسافر زاده الخيال
عضو متقدم
عضو متقدم
مسافر زاده الخيال

ذكر
عدد الرسائل : 668
بلد الإقامة : البرراري والبحار
نقاط : 6973
ترشيحات : 11

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 I_icon_minitime18/7/2014, 17:24

الليــالى العصيبــة!

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 2014-635412291369108623-910

نا واحدة من قرائك ومتابعي بابك الشهير، عشت مأساة بكل المقاييس لا لضيق ذات اليد، ولا للمرض، ولا للحرمان من ملذات كثيرة في الدنيا، فهي مسائل قدرية لا نملك ازاءها حيلة، كما أنها ليست من صنع أيدينا، ويكفينا أننا نبذل أقصي الجهد ثم نترك الأمر لله، ولكن مبعث حزني هو ما جناه زوجي علينا، وعلي نفسه، وعلي آخرين ارتبطوا به وكان لهم نصيب في أن يتجرعوا كأس المرارة مثلنا

فأنا سيدة تعديت سن الخمسين بقليل، ونشأت في أسرة بسيطة لأبوين مكافحين بإحدي قري محافظة ساحلية، وحصلت علي مؤهل متوسط، وزوجني أبي علي الفور بأول طارق للارتباط بى، وهو من قرية مجاورة، ويكبرني بست سنوات، وتتشابه ظروف أسرته معنا، وحصل علي مؤهل متوسط أيضا، وجهز له أبوه شقة صغيرة في منزل العائلة، وتزوجنا بأثاث متواضع، ولم تشغل بالي مسألة الشبكة والمظاهر،التي تعد جزءا لا يتجزأ من طبيعة الأرياف، وأقبلت علي الحياة معه بكل حب وارتياح وتنقل زوجي بين شركات خاصة ومصانع صغيرة، إلي أن استقرت به الحال في وظيفة بشركة معروفة، وتم تثبيته بها وصار عليه أن يسافر يوميا من البلدة التي نقطن بها إلي القاهرة حيث يقطع عشرات الكيلو مترات ذهابا وعودة، وما أن يصل إلي المنزل حتي ينام بضع ساعات ليستيقظ في الصباح الباكر لمواصلة مشواره من جديد.

وبرغم التعب والإرهاق، فإننا عشنا معا في سنواتنا الأولي حياة سعيدة وأنجبنا ابننا الأول، وتحسن وضع زوجي في عمله، فأستأجر شقة في منطقة شعبية بالقاهرة قريبة من مقر الشركة ومضت السنوات تباعا، وانجبنا بنتا ثم ولدا ليصبح لدينا ولدان وبنت وركزت كل جهدي في تربيتهم، ولم أؤخر لزوجي طلبا، ولم أشعره يوما بأي متاعب، ولم يشك من أي تقصير، وأصبحنا علي موعد كل أسبوع لزيارة الأهل والأقارب في بلدتنا وبلدته وصار يوم الاجازة عيدا يلتئم فيه شملنا، وفرصة للتواصل والتزاور.



وكبر أبناؤنا، والتحقوا بالمدارس، وحصل الأكبر علي مؤهل فوق المتوسط من أحد المعاهد الفنية، والتحق بمركز صيانة شركة للأجهزة الكهربائية، وسعدت به، فهو مثال للأدب والأخلاق، ومطيع لأقصي درجة، ويتمتع بروح انسانية لم أعهدها فيمن حولي، فلقد دأب علي مساعدة المحتاجين ولا يتأخر عمن يلجأ إليه لأداء خدمة في متناول يديه، وفوق كل ذلك، خفيض الصوت ووجدتني ملهوفة علي الاطمئنان عليه في اليوم الواحد أكثر من مرة ولا يهدأ لي بال إلا عندما يحضر آخر النهار، ويجلس وسطنا، كأن أمرا غامضا سيحدث له، أو مكروها سيصيبه، وكلما جال بخاطري هذا الهاجس المرعب، استعيذ في نفسي بالله من الشيطان الرجيم لكنى لم استطع التغلب عليه، حتي حانت اللحظة التي كنت أخشاها، فلقد مات ابني في حادث سيارة، وهو في طريقه إلي عمله مع عدد من زملائه، ومنهم من لقي حتفه مثله، ومن أصيب بعاهات مستديمة، ولم تفلح جهود الأطباء في انقاذه، وخيم الحزن علي المنزل، وانسدت نفسي عن الدنيا كلها، إذ كيف يهنأ لي بال، وفلذة كبدي قد راح في غمضة عين، ولم تتركني قريباتي علي مدي ثلاثة أشهر حيث تناوبن علي رعايتنا، وأنا غائبة عن الدنيا بأسرها، بعد أن انقلبت حياتي رأسا علي عقب، فلم أعد أعرف للحياة طعما بعد رحيل ابني، وتطاردني الكوابيس وأنا في فراشي ليلا، فلا يغمض لي جفن، وتنساب دموعي بلا حساب، فاستعيذ بالله، كما تعودت، وأتوضأ، وأصلي، واقرأ القرآن، وادعوه سبحانه وتعالى أن يخفف كربي، وهو القائل: «وإذا سألك عبادي عني فإني قريب، أجيب دعوة الداع، إذا دعان، فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي، لعلهم يرشدون»، وأظل أسبح بحمد الله، إلي أن يأتي الفجر فأصليه، ثم آوي إلي فراشي، وانظر إلي زوجي وابني وابنتي، واسأله عز وجل أن يبارك لي فيهم، ويجعلهم عوضا عن ابني الحبيب الراحل.



وامضينا عاما علي هذا النحو، لم تعرف الابتسامة خلاله طريقا إلينا، وانعكست الأحزان علي ابنتي فلم ترتد غير اللون الأسود، وصار ابني الأصغر يقضي كل وقته بين كليته والمنزل، واعتزل كل ألوان الترفيه والتنزه مع الأصدقاء، ولم يتغير شيء من برنامج زوجي حيث يعمل نهارا ويعود ليلا فيطمئن علينا ثم يحدثني في بعض ما مر به من مواقف وما يشغله من هموم الدنيا ومتاعب العمل.



ثم حدث تطور مفاجئ في نمط حياة زوجي، إذ أصبح يتعلل بتكليفه بمأموريات خارج القاهرة بمحافظات نائية، مما يقتضي مبيته بها، وأحيانا يمكث بالأسبوع بعيدا عنا، ولم يدر بخلدي ما فعله زوجي، ولم يتكشف لي أمره إلا بعد عامين تقريبا، عندما ذهب ابني لاستخراج كشف عائلة من السجل المدني لحاجته إليه، فإذا به يفاجأ بأن لأبيه زوجة ثانية لم تكمل سن الثلاثين بعد، وقد أنجب منها طفلة لم تبلغ العام، فأصيب بذهول، وبعد عودته أحسست من تجهم وجهه أنه يخفي عني شيئا فألححت عليه أن يفضى إليّ بما يكتمه في صدره، وحاصرته شقيقته بالأسئلة وبعد محاولات مضنية أباح لنا بما وجده مدونا في السجلات، فصرخت بأعلي صوتي «ليه عمل كده»، وتجمع الناس حولي، وعرف الجيران بفعلة زوجي، أنا التي لم يعرف عنها أحد شيئا من قبل، واتصلت به لكى يأتي علي الفور، فجاء واعترف بكل برود أنه تزوج وأنجب طفلة من زوجته الثانية وأنني لا ينقصني شيء لكي أعيب عليه ما فعله، فهي تعيش في مسكن مستقل بالايجار الجديد، حيث يقسم راتبه علي البيتين، ولا مبرر لكي أفضحه بهذه الطريقة، وغادرنا علي عجل، ولم يعد مرة أخري، واكتفي بإرسال مبلغ شهري الينا من أجل المصاريف، واضطر ابني الأصغر إلي العمل بجانب الدراسة لكي يسهم في نفقات المعيشة، وعملت البنت بعد حصولها علي دبلوم تجاري متوسط كبائعة في محل ملابس، ثم تمت خطبتها لزميل معها بنفس المحل، وأوكلت أمري إلي خالقي وأنا أتعجب من حال زوجي الذي نسي ابننا الراحل لدرجة أن يتزوج من فتاة في سن ابنته.



ومرت عليّ «ليالي عصيبة» انغمس فيها زوجي في حياته الجديدة، وذات يوم دق جرس هاتف ابني فإذا بزميل لأبيه في العمل يبلغه بأنه تعرض لحادث مفجع علي أحد الطرق السريعة، وقد تم نقله إلي العناية المركزة في حالة حرجة، فانتفض ابني واقفا، ونسيت كل ما فعله، وخرجنا معا أنا وابني وابنتي مهرولين إلي المستشفي فوجدناه في غيبوبة كاملة، فاستعدت ما حدث لابني الأكبر، ودعوت الله أن ينجيه من أجل أبنائه، وقد فشلت جهود الأطباء في إفاقته، وطلبوا محاليل وأدوية كثيرة بعيدا عن الحساب المدون علي الشركة التي يعمل بها، وساندنا معارفنا في محنته، أما زوجته الثانية فبمجرد أن علمت بحالته جمعت أثاثها من الشقة وأخذت ابنتها وانتقلت للإقامة مع شقيقها الوحيد، إذ ليس باستطاعتها دفع ايجار الشقة، كما أن راتب زوجي لن يستطيع أحد صرفه حيث إنه محّول إلي بنك اقترض منه مبلغا كبيرا من المال، وغير مسموح لأحد بصرف فارق الراتب إلا بتوكيل شخصي منه، فكيف إذن سيوكل من ينوب عنه وهو غائب عن الوعي!



ولم تفكر زوجته الثانية في زيارته بالمستشفي، ولو من باب ذر الرماد في العيون، وتكتفي بتتبع أخباره من زملائه، فكل ما يهمها الآن هو نصيبها في الراتب.... ونحن لا ندري إلي متي سيظل في حالة الغيبوبة، فكما علمت من الأطباء فإن هناك حالات تستمر شهورا وأحيانا سنوات، وبرغم غدره بي وأنا الأم الثكلي التي لم تعرف طعم السعادة ولا راحة البال منذ رحيل ابنها الغالي، فإنني ابتهل إلي الله أن يكتب له الشفاء، ويعود إلي أولاده سالما، فليس لهم في الدنيا غيره، ولا ذنب لطفلته الصغيرة في المصير المجهول، الذي يهددها، إذا تزوجت أمها بعد رحيل أبيها؟!



فهل تراني قد قصرت في حق زوجي، ولماذا يلجأ كثيرون من الأزواج إلي الارتباط بفتيات في مثل أعمار بناتهن؟ وما الذي يدفع أسرتها إلي الموافقة علي زواجها من رجل كبير في السن؟



إنني كلما تذكرت ما فعله زوجي، وأنا جالسة أمام غرفة العناية المركزة تسوّد الدنيا في وجهي، وأجدني حزينة مكتئبة، ولا أجد فكاكا من هذه النظرة التعيسة، ولا أمل في أن تعود إليّ البهجة بعد كل ما جري لي.

ولكاتبة هذه الرسالة أقول:



لقد ارتبط زوجك بأخري من منطلق أن الإسلام أباح تعدد الزوجات، كما أنه وجد في نفسه القدرة الجسدية التي تساعده علي تحقيق رغبته في الزواج بفتاة في مثل عمر ابنته، وربما يكون قد لجأ إليه، بعد أن وجد لديك عزوفا من هذه الناحية لسوء حالتك النفسية بعد رحيل ابنك ولا يستطيع الصبر على اشباع حاجته، وإذا كان الاسلام قد أباح الزواج بأكثر من واحدة، فإنه وضع لذلك شروطا أهمها العدل بين الزوجات، فليس كل مباح يكون مباحا لكل الناس، فهناك من لاينفع له »المباح« لضرر يصيبه، أو يصيب الآخرين، وهنا ينتقل من المباح إلي المكروه، وقد يصل إلي التحريم إذا كان الضرر كبيرا، وبصفة عامة فإننا في حاجة إلي نظرة واسعة تراعي المصالح المترتبة علي الزواج الثاني، والأضرار الناتجة عنه، ومن الضروري الحرص علي هذا الفهم، وذلك الادراك قبل خوض غمار تجربة زواج جديدة.



ولاشك أن الزوجة الثانية لها دور كبير في تهدئة الأوضاع، وأدعوها إلي أن تضع نفسها مكان الزوجة الأولي، وأن تكون علي يقين بأن الأيام دول، فلا تضمن أن تظل كفتها دائما هي الأرجح لدي الزوج، ومن هنا يجب عليها أن تعينه علي العدل بينهما.



إن ما حدث معك يتكرر باستمرار مع أخريات، فزواج الرجل بأكثر من واحدة ظاهرة قائمة ومنتشرة خصوصا في الأوساط الشعبية والريفية، والأكثر ملاحظة هو اتجاه البعض للزواج بمن هن في أعمار بناتهن، حيث يسلم الأهل ابنتهم الشابة إلي رجل كبير في السن، وتتعدد أسباب هذا الزواج، لكنها غالبا ما تكون دوافع مادية. أو لضيق ذات يد الأسرة، وهو بالطبع زواج مرشح للانهيار مع تغير ظروف الزوج أو وفاته، إلي غير ذلك من الأسباب.



وفي حالتك هذه يا سيدتي أري أن بإمكانك أن تبتهجي للحياة، وأن تري الأشياء من حولك جميلة وواعدة، وبإمكانك أيضا أن تكرهي الدنيا، وتكتئبي لها، ولا تري فيها إلا كل ما هو رديء ومحزن، وباعث علي التشاؤم، فالخيار بيديك وحدك.. صحيح أن الأحزان التي ألمت بك برحيل ابنك عن الحياة، وهو في ريعان الشباب، ثم انصراف زوجك إلي نفسه وارتباطه بأخري في سن ابنته، وتجاهل الظروف القاسية التي تعيشها أسرته، هي العوامل التي أدت إلي ما أنت فيه الآن من مآس وعدم الاحساس بالأمان، وتراجع الأمل في أن تعود إليك ابتسامتك المفقودة.. لكن الصحيح أيضا أن الدنيا مزيج من الفقر والغني والراحة والشقاء والسعادة والحزن، والعاقل هو الذي يضع الأمور في نصابها السليم.



وأحسب أنك بما اكتسبتيه من خبرات تراكمية في الحياة قادرة علي تجاوز آلامك. والصمود أمام العاصفة الجديدة التي هبت علي حياتك بالحادث الذي تعرض له زوجك، وأدي إلي دخوله في غيبوبة كاملة... وأرجو أن تواصلي مشوارك معه بنفس الهمة، وطيبة النفس اللتين اتسمت بهما طوال حياتك، فلا يؤثر زواجه من أخري عليك، بل انك سوف تحسنين صنعا، لو مددت جسور الصلة بين ابنيك وأختهما من الأب، فليس للأبناء ذنب فيما صنعه أبوهم، وسيرحل عن الدنيا حينما يحين أجله ويبقي الإخوة سندا لبعضهم.



وعليك بالرضا بما قدره الله لك، إذ لا مفر من التسليم بالقدر، لأنه سوف ينفذ لا محالة، فإذا اقتنعت بذلك، صارت النتيجة في مصلحتك، والعاقبة لك، فتنجين من كارثة الإحباط العاجل، والافلاس الآجل، وعلي حد تعبير الشاعر:

ولما رأيت الشيب لاح بياضه

ومفرق رأسي قلت للشيب مرحبا

ولو خفت أني إن كففت تحيتي

تنكب عني رمت أن يتنكبا

ولكن إذا ما حل كثرة فسامحت

به النفس يوما، كان للكره اذهبا

فاطمئني يا سيدتي وضعي ثقتك في الله، يهييء لك من أمرك رشدا.... وأسأله عز وجل لزوجك الشفاء، ولكم التوفيق والسداد وراحة البال، وهو وحده المستعان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مسافر زاده الخيال
عضو متقدم
عضو متقدم
مسافر زاده الخيال

ذكر
عدد الرسائل : 668
بلد الإقامة : البرراري والبحار
نقاط : 6973
ترشيحات : 11

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 I_icon_minitime18/7/2014, 17:44


الشــرط الســطحى!



بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 68 2014-635412292438000067-800

أريد أن أستشيرك فى أفكار غريبة وتصرفات عايشتها، ولم أجد لها تفسيرا، لكنى أستطيع أن أصفها بأنها «انفلات فكري»، فأنا مستشار علمى بإحدى الهيئات ولى شقيقة تكبرنى بعدة سنوات، وكانت تشغل وظيفة حكومية مرموقة، وتزوجت من قاض يعمل مستشارا بوزارة العدل،، ورزقهما الله بولد وبنت، تخرجا فى الجامعة وشق كل منهما طريقه فى الحياة،

حيث حصل الولد على عقد عمل فى دولة أوروبية، وحرص على قضاء الاجازة السنوية مع أسرته، وتتراوح مدتها بين شهر وشهرين كل عام، وساعد تفوق البنت على التحاقها بشركة كبري، وهى تتسم بقدر عال من الجمال والجاذبية، وينطبق عليها المثل الشعبى «تقول للقمر قوم، وأنا أقعد مكانك»، ثم جاءها عقد عمل فى عاصمة دولة خليجية بمميزات كبيرة، وهى الدولة التى كنت أعمل بها فى ذلك الوقت مستشارا علميا لشركة معروفة بالمدينة نفسها، فكانت فرصة طيبة أن تقيم معى وأسرتي، وسعدت بتوفيق الله لها، ووفقت إجازاتى معها، لنزور مصر معا، ونلتقى بالأهل والأحباب، وبعد ست سنوات رشحتها الدولة الخليجية مع مجموعة من زميلاتها الخليجيات اللاتى يعملن فى نفس مجالها، لبعثة دراسية الى أمريكا لمدة أربع سنوات متواصلة، ولم نقف ضد طموحها، فسافرت، وبدأت دراستها هناك، ثم رحل أبوها عن الحياة، بعد خروجه الى المعاش بشهور، وخلا البيت على شقيقتي، وأحسسنا جميعا بالغربة الشديدة لعدم وجودها بيننا، كما ان شقيقها الأصغر استقر فى الخارج، ولم تفلح وسائل الاتصال الحديثة فى تخليص أمهما من الإحساس بالوحدة.. وكنت أنا أيضا ملهوفا عليها لارتباطى بها، فما بالك بأمها القابعة فى البيت بمفردها ليلا ونهارا، وهى فى هذه السن المتقدمة من العمر.

وحرصت على زيارة شقيقتي، ومتابعة أحوالها قدر استطاعتي، وذات مرة حدثتنى عن رغبتها فى عودة ابنها وابنتها الى مصر ليكونا بالقرب منها، وكفاهما غربة، فلقد بلغ عمر الابن أربعا وثلاثين عاما، والابنة اثنين وثلاثين عاما، وانتهيت معها الى أن أعرض عليهما الأمر، وأترك لهما حرية الاختيار، والحقيقة أننى لم أتوقع استجابتهما السريعة، فلقد أنهى الابن عمله بالدولة الأوروبية، واستخرج الأوراق والمستندات التى تساعده وتسمح له بالعودة إليها فى أى وقت يشاء، وكذلك فعلت الابنة التى لم تزد فترة وجودها بأمريكا على سبعة أشهر، وسوف تخسر الدراسة عندما تنقطع عنها، كما ستخسر عملها بالدولة الخليجية، فلم يثنها شيء عن تلبية رغبة أمها، وفضلت أن تكون الى جانبها.



وهكذا التأم شمل الأم وابنها وابنتها من جديد، ثم طرأ موضوع جديد على حياتنا، وهو أن كثيرين من الشباب يطرقون باب ابنة اختى للارتباط بها، وجميعهم يشغلون وظائف مرموقة، ومن عائلات معروفة فى محافظتنا الصعيدية، وهنا ظهرت المشكلة التى أكتب إليك بشأنها، وهى أن ابنة اختى لا ترتدى الحجاب، أى لا تغطى شعرها، وإننى استغرب أن يكون ذلك مثار خلاف ومحل تحفظ!، صحيح ان العروس جميلة لدرجة تجعل من ينظر إليها يتمتم فى نفسه «تبارك الله فيما خلق».. لكن ملابسها راقية، وهى فتاة أنيقة، محتشمة، مثل كثيرات ممن هن فى مثل سنها واللاتى يرتدين الأزياء الوقورة، ولا يعرفن الموديلات الصارخة، وللأسف فإن ذلك لا يمثل شيئا للشباب فالمهم لديهم تغطية الشعر، وأصبح هذا هو الشغل الشاغل لمن يطلب يدها، فعندما تأتينا سيدة مع ابنها الشاب لخطبتها يكون أول طلب لها هو أن تغطى شعرها، وذات مرة كنت فى زيارة أختى عندما جاءتها والدة عريس يرغب فى الزواج من ابنتها، وعندما اشترطت عليها أن ترتدى غطاء الرأس سألتها: وما الضرر أو الحرج فى أن يظل شعرها مكشوفا، مادامت ترتدى الملابس الأكثر احتشاما ممن يطلق عليهن محجبات، فأقرت والدة العريس بالفعل أن ملابسها ممتازة، ولا ملاحظة عليها، ولكن تظل مسألة تغطية الشعر مهمة، لان مجتمعنا كله تغطى فيه السيدات والفتيات شعرهن، ويجب أن تكون بناتنا مثلهن.



وكررت أنا أيضا السؤال نفسه على الشاب ابن هذه السيدة فى زيارة أخرى فرد علىّ بقوله، ليست لدى مشكلة فى هذه المسألة، ولكنى أطلب منها أن ترتدى الحجاب الى أن يتم الزفاف ثم تخلعه بعد الزواج، لأنى بصراحة أشعر بالحرج من اخواتى وقريباتي، وكلهن محجبات، فتعجبت أن يكون هذا هو تفكير كثيرين من الشباب، فالشرط الوحيد لإتمام الزيجة من وجهة نظر الشاب هو تغطية شعر من سيرتبط بها!! ولا يلقى بالا لأى مطالب أو شروط أخرى كالاحتشام والثقافة والأسرة الطيبة، والاخلاق الحميدة، والمعاملة الحسنة.



لقد تربينا فى الزمن الماضي، ولم يكن الحجاب بمفهومه الحالى قائما وقتها، وكانت أسرنا وبناتنا يكشفن رءوسهن، وكلهن احترام وثقة بالنفس، ولم يجرؤ أحد على مجرد النظر إليهن، فلقد سألتنى اختى عن رأيى فى هذا الشرط فرددت عليها بأننى لا أوافق أن يبدأ الشاب حياته مع زوجته بمثل هذا «الشرط السطحي»، فمن يتمسك بقشور الأمور لا يأمن أحد تصرفاته بعد الزواج، فهل ترانى قد أخطأت فيما أشرت عليها به؟

ولكاتب هذه الرسالة أقول:

استوقفتنى إشارتك السريعة إلى استجابة ابن وابنة أختك لرغبة أمهما بالعودة من الخارج، وترك أعمالهما ودراستهما ليكونا بجوارها، وليؤنسا وحدتها بعد إحالتها إلى المعاش، وهو موقف يدل على معدنهما الأصيل، وتربيتهما السليمة، ويؤكد فى الوقت نفسه تماسك عائلتكم، وحرصكم على صلة الرحم، وهذه فضيلة كبرى تحسب لكم جميعا، فهنيئا لأختك بهما، وهنيئا لهما بأم أحسنت تربيتهما.



أما مسألة الحجاب واشتراط من يتقدم للارتباط بابنة شقيقتك تغطية شعرها، فإن أبلغ تعبير والذى أؤيدك فيه تماما هو ما وصفته بأنه «شرط سطحى».. وإنى أتساءل: ماذا يجدى غطاء الرأس والبنت أو السيدة ترتدى ملابس مجسمة ومثيرة، وتضع كل ألوان الماكياج الصارخة؟..أليست الملابس المحتشمة التى تغطى الجسم كله، ولا تبين مفاتنه هى الأفضل؟.. فكشف الشعر وحده لايمثل أى نوع من الإثارة، وهناك كثيرات يرتدين الحجاب من باب العادة، أو مسايرة لأسرهن، أو بفرض من أزواجهن، دون أن يكون داخلهن الاقتناع الكافى به.



والأمر برمته يرتبط بالثقافة السائدة فى المجتمع، وإنى أوافقك تماما فى هذه المسألة فالوضوح والصراحة هما عنوان حياة ابنة اختك التى أراها من وصفك لها ولمشوارها فى الحياة فتاة ناضجة عاقلة متزنة ومتسقة مع نفسها ولديها قناعة داخلية بذاتها وكيانها، وتنظر إلى الأمور بمقياس العقل وتتعامل مع الآخرين بشفافية، وهى صفات تؤهلها لأن تكون زوجة وأما ناجحة، وتكرر تجربة والدتها التى ربتها هى وشقيقها وقدمتهما كنموذجين مثاليين فى الحياة، فلا تقلق ياسيدى على ابنة شقيقتك. وسوف يطرق بابها الرجل المناسب لها من كل الوجوه.. رجل يقدرها ويعرف قيمتها الحقيقية بعيدا عن «الشرط السطحى» !.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بريد الأهرام ( بريد الجمعة )
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 68 من اصل 88انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1 ... 35 ... 67, 68, 69 ... 78 ... 88  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» بريد الجمعة يكتبة : احمد البرى الطفل الكبير !
» سطو مسلح على مكتب بريد في المعادي
» سطو مسلح على مكتب بريد «قها» في القليوبية
» اجعل لك بريد مجاني على الـ hotmail - شرح بالصور
» كيفية حظر بريد الكتروني بسكربت whmcs

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشاعر عبد القوى الأعلامى :: المنتديات العامة :: المنتدى العام-
انتقل الى: