العمر : 57عدد الرسائل : 18803بلد الإقامة : مصراحترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783ترشيحات : 121الأوســــــــــمة :
موضوع: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 15/9/2009, 21:32
الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش
لم يكن محمود درويش يعبث لحظة واحدة بأدوات رسالته لفرط حساسية هذه الأدوات . فأداة الشاعر الفلسطيني واحدة بطبيعته الاستثنائية ، هذه الأداة هي الوطن المفقود الذي يصبح في الغياب فردوسا مفقودا ، هكذا صدر الحكم ـ قدريا ـ على محمود درويش الشاعر أن يولد فلسطينيا ليصبح لسانا لهذه الأرض التي أُفقدت عن عمد الكثير من ألسنتها . والمتتبع لحياة محمود درويش يجدها قد مثّلت ـ بصورة نموذجية ـ أبعاد قضية شعبه على مدار ستين عاما هي مدتها ، وعبر توصيفات صدقت في كل وقت على كل أفراد هذا الشعب .
مع الميلاد : عندما كنت صغيرا . . كانت الوردة داري . . والعصافير إزاري
في عام 1942 وُلد محمود درويش في قرية "البروة " بالقرب من عكا ، وهي القرية التي لا يذكر منها الكثير ، حيث بترت ذكرياته فجأة وهو في السادسة من عمره . في إحدى الليالي حالكة السواد استيقظ فجأة على أصوات انفجارات بعيدة تقترب ، وعلى هرج في المنزل ، وخروج فجائي ، وعدوٍ استمر لأكثر من ست وثلاثين ساعة تخلله اختباء في المزارع من أولئك الذين يقتلون ويحرقون ويدمرون كل ما يجدونه أمامهم " عصابات الهاجاناة " . ويستيقظ الطفل محمود درويش ليجد نفسه في مكان جديد اسمه "لبنان " ، وهنا يبدأ وعيه بالقضية يتشكل من وعيه ببعض الكلمات ، مثل : فلسطين ، وكالات الغوث ، الصليب الأحمر ، المخيم ، واللاجئين . . وهي الكلمات التي شكّلت مع ذلك إحساسه بهذه الأرض ، حين كان لاجئا فلسطينيا ، وسُرقت منه طفولته وأرضه . وفي عامه السابع عشر تسلل إلى فلسطين عبر الحدود اللبنانية ، وعن هذه التجربة يقول: " قيل لي في مساء ذات يوم . . الليلة نعود إلى فلسطين ، وفي الليل وعلى امتداد عشرات الكيلومترات في الجبال والوديان الوعرة كنا نسير أنا وأحد أعمامي ورجل آخر هو الدليل ، في الصباح وجدت نفسي أصطدم بجدار فولاذي من خيبة الأمل : أنا الآن في فلسطين الموعودة ؟! ولكن أين هي ؟ فلم أعد إلى بيتي ، فقد أدركت بصعوبة بالغة أن القرية هدمت وحرقت " . هكذا عاد الشاب محمود درويش إلى قريته فوجدها قد صارت أرضا خلاء ، فصار يحمل اسما جديدا هو: " لاجئ فلسطيني في فلسطين " ، وهو الاسم الذي جعله مطاردًا دائما من الشرطة الإسرائيلية ، فهو لا يحمل بطاقة هوية إسرائيلية؛ لأنه "متسلل " . . وبالكاد وتنسيقًا مع وكالات الغوث بدأ الشاب اليافع في العمل السياسي داخل المجتمع الإسرائيلي ، محاولا خلق مناخ معادٍ للممارسات الإرهابية الصهيونية ، وكان من نتيجة ذلك أن صار محررا ومترجما في الصحيفة التي يصدرها الحزب الشيوعي الإسرائيلي ( راكاح ) ، وهو الحزب الذي رفع في تلك الفترة المبكرة من الستينيات شعارا يقول : " مع الشعوب العربية . . ضد الاستعمار " ، وهي الفترة ذاتها التي بدأ يقول فيها الشعر ، واشتُهر داخل المجتمع العربي في فلسطين بوصفه شاعرا للمقاومة لدرجة أنه كان قادرا بقصيدته على إرباك حمَلة السلاح الصهاينة ، فحينئذ كانت الشرطة الإسرائيلية تحاصر أي قرية تقيم أمسية شعرية لمحمود درويش . وبعد سلسلة من المحاصرات ، اضطر الحاكم العسكري إلى تحديد إقامته في الحي الذي يعيش فيه ، فصار محظورا عليه مغادرة هذا الحي منذ غروب الشمس إلى شروقها في اليوم التالي ، ظانا أنه سيكتم صوت الشاعر عبر منعه من إقامة أمسياته .
إلى المنفى: وطني على كتفي . . بقايا الأرض في جسد العروبة
وهنا بدأ محمود درويش الشاعر الشاب مرحلة جديدة في حياته بعد أن سُجن في معتقلات الصهيونية ثلاث مرات : 1961 – 1965 – 1967 . ففي مطلع السبعينيات وصل محمود درويش إلى بيروت مسبوقا بشهرته كشاعر ، وعبر أعوام طويلة من التنقل كان شعره صوتا قويا يخترق أصوات انفجارات الحرب الأهلية في لبنان . وفي عام 1977 وصلت شهرته إلى أوجها ، حيث وُزع من كتبه أكثر من مليون نسخة في الوقت الذي امتلكت فيه قصائده مساحة قوية من التأثير على كل الأوساط ، حتى إن إحدى قصائده ( عابرون في كلام عابر ) قد أثارت نقاشا حادا داخل الكنيست الإسرائيلي . هذا التأثير الكبير أهَّله بجدارة لأن يكون عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية على الرغم من عدم انتمائه لأية جماعة أو حزب سياسي منذ مطلع السبعينيات ، وقد تطورت علاقته بمنظمة التحرير حتى اختاره " عرفات " مستشارا له فيما بعد ولفترة طويلة ، وقد كان وجوده عاملا مهما في توحيد صفوف المقاومة حينما كان يشتد الاختلاف ، وما أكثر ما كان يشتد ! . يذكر " زياد عبد الفتاح " أحد أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واقعة تؤكد هذا المعنى فيقول : "قرأ محمود درويش على المجلس الوطني الفلسطيني بكامل أعضائه ومراقبيه ومرافقيه وضيوفه وحرسه قصيدة: " مديح الظل العالي " فأثملهم وشغلهم عن النطاح السياسي الذي شب بينهم في تلك الجلسة . وهذا ما جعل ياسر عرفات يحاول إقناع محمود درويش بُعيد إعلان قيام الدولة الفلسطينية في المنفى بتولي وزارة الثقافة الفلسطينية ، ولكن الرد كان بالرفض ، معللا هذا الرفض بأن أمله الوحيد هو العودة إلى الوطن ثم التفرغ لكتابة الشعر . وقد عاش محمود درويش كثيرا من مآسي هذه المقاومة ، وشاهد بنفسه كثيرين من أصدقائه ورفقاء كفاحه وهم يسقطون بأيدي القتلة الصهاينة ، وكانت أكثر حوادث السقوط تأثيرا في نفسه حادث اغتيال " ماجد أبو شرار " في روما عام 1981 ، حين كانا يشاركان في مؤتمر عالمي لدعم الكتاب والصحفيين الفلسطينيين نظَّمه اتحاد الصحفيين العرب بالتعاون مع إحدى الجهات الثقافية الإيطالية . . وضع الموساد المتفجرات تحت سرير ماجد أبو شرار . . وبعد موته كتب محمود درويش في إحدى قصائده : " أصدقائي . . لا تموتوا " . كان محمود درويش مقيما في بيروت منذ مطلع السبعينيات ، وعلى الرغم من تجواله المستمر إلا أنه قد اعتبرها محطة ارتكازه ، كما كانت حياته في بيروت زاخرة بالنشاط الأدبي والثقافي ، فقد أصدر منها في أواخر السبعينيات مجلة الكرمل التي رأس تحريرها والتي اعتبرت صوت اتحاد الكتاب الفلسطينيين .
تحت القصف : ( بيروت . . لا )
أثناء قصف بيروت الوحشي ، كان محمود درويش يعيش حياته الطبيعية ، يخرج ويتنقل بين الناس تحت القصف ، لم يكن يقاتل بنفسه ، فهو لم يعرف يوما كيف يطلق رصاصة ، لكن وجوده ـ وهو الشاعر المعروف ـ بين المقاتلين كان يرفع من معنوياتهم ، وقد أثر قصف بيروت في درويش تأثيرا كبيرا على مستويات عديدة . فعلى المستوى النفسي كانت المرة الأولى التي يحس فيها بالحنق الشديد ، على الرغم من إحباطاته السابقة ، وعلى المستوى الشعري أسهم هذا القصف في تخليه عن بعض غموض شعره لينزل إلى مستوى أي قارئ ، فأنتج قصيدته الطويلة الرائعة " مديح الظل العالي " ، معتبرا إياها قصيدة تسجيلية ترسم الواقع الأليم ، وتدين العالم العربي ، بل الإنسانية كلها . وأسفر القصف عن خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت ، بينما فضّل محمود درويش البقاء في بيروت ، معولا على عدم أهميته بالنسبة للصهاينة ، لكنه وبعد عشرين يوما من بقائه علم أنه مطلوب للتصفية ، فاستطاع أن يتسلل هاربا من بيروت إلى باريس ليعود مرة أخرى إلى حقيبته وطنا متنقلا ومنفى إجباريا . وبين القاهرة وتونس وباريس عاش محمود درويش حبيس العالم المفتوح معزولا عن جنته الموعودة . . فلسطين .
لقد كان الأمل في العودة هو ما يدفعه دائما للمقاومة ، والنضال والدفع إلى النضال .
كان محمود درويش دائما يحلُم بالعودة إلى أرضه يشرب منها تاريخها ، وينشر رحيق شعره على العالم بعد أن تختفي رائحة البارود ، لكنه حلم لم يتحقق حتى الآن ! . اتفاقات التسوية " لماذا تطيل التفاوض يا ملك الاحتضار " ؟ في عام 1993 وأثناء تواجده في تونس مع المجلس الوطني الفلسطيني ، أُتيح لمحمود درويش أن يقرأ اتفاق أوسلو ، واختلف مع ياسر عرفات لأول مرة حول هذا الاتفاق ، فكان رفضه مدويا ، وعندما تم التوقيع عليه بالأحرف الأولى قدم استقالته من المجلس الوطني الفلسطيني ، وشرح بعد ذلك أسباب استقالته قائلا: " إن هذا الاتفاق ليس عادلا ؛ لأنه لا يوفر الحد الأدنى من إحساس الفلسطيني بامتلاك هويته الفلسطينية ، ولا جغرافية هذه الهوية إنما يجعل الشعب الفلسطيني مطروحا أمام مرحلة تجريب انتقالي . . وقد أسفر الواقع والتجريب بعد ثلاث سنوات عن شيء أكثر مأساوية وأكثر سخرية ، وهو أن نص أوسلو أفضل من الواقع الذي أنتجه هذا النص " . وعاد درويش في يونيو 1994 إلى فلسطين ، واختار الإقامة في رام الله ، وعانى مذلة الوجود في أرض تنتمي له ، ويحكمها ـ ولا يحكمه ـ فيها شرطي إسرائيلي . . واستمر يقول الشعر تحت حصار الدبابات الإسرائيلية ، إلى أن تم اجتياحها أخيرا ، ولم يسلم هو شخصيا من هذا الاجتياح ، حيث داهمت الشرطة الإسرائيلية منزله ، وعبثت بأسلحته : أوراقه وأقلامه .
رحلة الإبداع " مع الشعر مجيئي … مع الشعر رحيلي "
" إذا كنا هامشيين إلى هذا الحد فكريا وسياسيا فكيف نكون جوهريين إبداعيا ؟ " هكذا أجاب درويش ، وهكذا يرى نفسه وسط عالم من الإبداع الجيد والمبدعين " الجوهريين " ، رغم التقدير الذي يلقاه داخل وطننا العربي وخارجه الذي بلغ ذروته حين قام وفد من البرلمان العالمي للكتاب يضم وول سوينكا وخوسيه ساراماغو وفينثنثو كونسولو وبرايتن برايتنباك وخوان غويتيسولو إلى جانب كريستيان سالمون سكرتير البرلمان 24 مارس 2002 بزيارة درويش المحاصر في رام الله مثل ثلاثة ملايين من مواطنيه ، وهذه الخطوة ـ زيارة وفد الأدباء لفلسطين ـ التي لم تستغل جيدا رغم أنها حدث في منتهى الأهمية تنم عن المكانة التي يحتلها درويش على خريطة الإبداع العالمي . وعلى هامش الزيارة كتب الكاتب الأسباني خوان غويتسولو مقالا نشره في عدد من الصحف الفرنسية والأسبانية اعتبر فيه محمود درويش أحد أفضل الشعراء العرب في القرن الحالي ويرمز تاريخه الشخصي إلى تاريخ قومه ، وقال عن درويش إنه استطاع : تطوير هموم شعرية جميلة ومؤثرة احتلت فيها فلسطين موقعا مركزيا ، فكان شعره التزاما بالكلمة الجوهرية الدقيقة ، وليس شعرا نضاليا أو دعويا ، هكذا تمكن درويش ، شأنه في ذلك شأن الشعراء الحقيقيين ، من ابتكار واقع لفظي يرسخ في ذهن القارئ باستقلال تام عن الموضوع أو الباعث الذي أحدثه . وكان درويش قد شارك في الانتفاضة الأخيرة بكلماته التي لا يملك غيرها بديوان كتبه في أقل من شهر عندما كان محاصرا في رام الله ، وأعلن درويش أنه كتب هذا الديوان ـ الذي أهدى ريعه لصالح الانتفاضة ـ حين كان يرى من بيته الدبابات والجنود, ويقول: " لم تكن لدي طريقة مقاومة إلا أن أكتب, وكلما كتبت أكثر كنت أشعر أن الحصار يبتعد, وكانت اللغة وكأنها تبعد الجنود لأن قوتي الوحيدة هي قوة لغوية " . وتابع قائلا " كتبت عن قوة الحياة واستمرارها وأبدية العلاقة بالأشياء والطبيعة . الطائرات تمر في السماء لدقائق ولكن الحمام دائم ، كنت أتشبث بقوة الحياة في الطبيعة للرد على الحصار الذي أعتبره زائلا ، لأن وجــود الدبابة في الطبيعة وجود ناشز ، وليس جزءا من المشــهد الطبيعي ". اللافت أن درويش لم يخاطب رئيس الوزراء الإسرائيلي إريل شارون في أي قصيدة من قصائد الديوان . وقال درويش بشأن ذلك: إن شارون " لا يستحق قصيدة فهو يفسد اللغة . . هو متعطش للدماء ولديه حقد كبير, ولكن المشكلة في الدعم الأميركي الذي يمنحه بعد كل مجزرة وساما بأنه رجل سلام " . وما زال الشاعر ابن الستين ربيعا متفجرا يعيش تحت سماء من دخان البارود الإسرائيلي وخلف حوائط منزل صغير مهدد في كل وقت بالقصف أو الهدم ، وبجسد مهدد في كل وقت بالتحول إلى غربال . . ورغم ذلك فإن كل هذا يقوي من قلمه ، ويجعله أشد مقاومة .
ملحوظة : النص السابق منقول بتصرف
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57عدد الرسائل : 18803بلد الإقامة : مصراحترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783ترشيحات : 121الأوســــــــــمة :
موضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 15/9/2009, 21:33
1 ـ أبي
غضّ طرفا عن القمر وانحنى يحضن التراب وصلّي . . لسماء بلا مطر ، و نهاني عن السفر ! أشعل البرق أوديه كان فيها أبي يربي الحجارة من قديم . . و يخلق الأشجار جلده ينزف الندى يده تورق الشجر فبكى الأفق أغنية : ـ كان أوديس فارسا . . كان في البيت أرغفة و نبيذ ، و أغطية و خيول ، و أحذية و أبي قال مرة حين صلّى على حجر : غض طرقا عن القمر واحذر البحر . . و السفر ! يوم كان الإله يجلد عبده قلت : يا ناس ! نكفر ؟ فروى لي أبي . . و طأطأ زنده : في حوار مع العذاب كان أيوب يشكر خالق الدود . . و السحاب خلق الجرح لي أنا لا لميت . . و لا صنم فدع الجرح و الألم و أعني على الندم ! مرّ في الأفق كوكب نازلا . . نازلا و كان قميصي بين نار ، و بين ريح و عيوني تفكر برسوم على التراب و أبي قال مرة : الذي ما له وطن ما له في الثرى ضريح . . و نهاني عن السفر
2 ـ أبيات غزل
سألتك : هزّي بأجمل كف على الأرض غصن الزمان ! لتسقط أوراق ماض وحاضر ويولد في لمحة توأمان : ملاك . . وشاعر ! ونعرف كيف يعود الرماد لهيبا إذا اعترف العاشقان ! أتفاحتي ! يا أحبّ حرام يباح إذا فهمت مقلتاك شرودي وصمتي أنا ، عجبا ، كيف تشكو الرياح بقائي لديك ؟ و أنت خلود النبيذ بصوتي و طعم الأساطير و الأرض . . أنت ! لماذا يسافر نجم على برتقاله و يشرب يشرب حتى الثمالة إذا كنت بين يديّ تفتّت لحن ، وصوت ابتهاله لماذا أحبك ؟ كيف تخر بروقى لديك ؟ و تتعب ريحي على شفتيك فأعرف في لحظة بأن الليل مخدة و أن القمر جميل كطلعة وردة و أني وسيم . . لأني لديك ! أتبقين فوق ذراعي حمامة تغمّس منقارها في فمي ؟ و كفّك فوق جبيني شامه تخلّد وعد الهوى في دمي ؟ أتبقين فوق ذراعي حمامه تجنّحني . . كي أطير تهدهدني . . كي أنام و تجعل لاسمي نبض العبير و تجعل بيتي برج حمام ؟ أريدك عندي خيالا يسير على قدمين و صخر حقيقة يطير بغمزة عين
3 ـ أجمل حب
كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة وجدنا غريبين يوما و كانت سماء الربيع تؤلف نجما . . و نجما و كنت أؤلف فقرة حب . . لعينيك . . غنيتها ! أتعلم عيناك أني انتظرت طويلا كما انتظر الصيف طائر و نمت . . كنوم المهاجر فعين تنام لتصحو عين . . طويلا و تبكي على أختها ، حبيبان نحن ، إلي أن ينام القمر و نعلم أن العناق ، و أن القبل طعام ليالي الغزل و أن الصباح ينادي خطاي لكي تستمرّ على الدرب يوما جديداً ! صديقان نحن ، فسيري بقربي كفا بكف معا نصنع الخبز و الأغنيات لماذا نساءل هذا الطريق . . لأي مصير يسير بنا ؟ و من أين لملم أقدامنا ؟ فحسبي ، و حسبك أنا نسير . . معا ، للأبد لماذا نفتش عن أغنيات البكاء بديوان شعر قديم ؟ و نسأل يا حبنا ! هل تدوم ؟ أحبك حب القوافل واحة عشب و ماء و حب الفقير الرغيف ! كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة وجدنا غريبين يوما و نبقى رفيقين دوما
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57عدد الرسائل : 18803بلد الإقامة : مصراحترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783ترشيحات : 121الأوســــــــــمة :
موضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 15/9/2009, 21:34
4 ـ أحبك أكثر تكبّر . . تكبرّ ! فمهما يكن من جفاك ستبقى ، بعيني و لحمي ، ملاك و تبقى ، كما شاء لي حبنا أن أراك نسيمك عنبر و أرضك سكر و إني أحبك . . أكثر يداك خمائل و لكنني لا أغني ككل البلابل فإن السلاسل تعلمني أن أقاتل أقاتل . . أقاتل لأني أحبك أكثر ! غنائي خناجر ورد و صمتي طفولة رعد و زنبقة من دماء فؤادي ، و أنت الثرى و السماء و قلبك أخضر . . ! و جزر الهوى ، فيك ، مدّ فكيف ، إذن ، لا أحبك أكثر و أنت ، كما شاء لي حبنا أن أراك : نسيمك عنبر و أرضك سكر و قلبك أخضر . . ! وإنّي طفل هواك على حضنك الحلو أنمو و أكبر !
5 ـ أحمد الزعتر ليدين من حجر و زعتر هذا النشيد . . لأحمد المنسيّ بين فراشتين مضت الغيوم و شرّدتني و رمت معاطفها الجبال و خبّأتني . . نازلا من نحلة الجرح القديم إلي تفاصيل البلاد و كانت السنة انفصال البحر عن مدن الرماد و كنت وحدي ثم وحدي . . آه يا وحدي ؟ و أحمد كان اغتراب البحر بين رصاصتين مخيّما ينمو ، و ينجب زعترا و مقاتلين و ساعدا يشتدّ في النسيان ذاكرة تجيء من القطارات التي تمضي و أرصفة بلا مستقبلين و ياسمين كان اكتشاف الذات في العربات أو في المشهد البحري في ليل الزنازين الشقيقة في العلاقات السريعة و السؤال عن الحقيقة في كل شيء كان أحمد يلتقي بنقيضه عشرين عاما كان يسأل عشرين عاما كان يرحل عشرين عاما لم تلده أمّه إلّا دقائق في إناء الموز و انسحبت . يريد هويّة فيصاب بالبركان ، سافرت الغيوم و شرّدتني ورمت معاطفها الجبال و خبّأتني أنا أحمد العربيّ ـ قال أنا الرصاص البرتقال الذكريات و جدت نفسي قرب نفسي فابتعدت عن الندى و المشهد البحريّ تل الزعتر الخيمة و أنا البلاد و قد أتت و تقمّصتني و أنا الذهاب المستمرّ إلي البلاد و جدت نفسي ملء نفسي . . راح أحمد يلتقي بضلوعه و يديه كان الخطوة ـ النجمة و من المحيط إلي الخليج ، من الخليج إلي المحيط كانوا يعدّون الرماح و أحمد العربيّ يصعد كي يرى حيفا و يقفز . أحمد الآن الرهينة تركت شوارعها المدينة و أتت إليه لتقتله و من الخليج إلي المحيط ، و من المحيط إلي الخليج كانوا يعدّون الجنازة وانتخاب المقصلة أنا أحمد العربيّ ـ فليأت الحصار جسدي هو الأسوار ـ فليأت الحصار و أنا حدود النار ـ فليأت الحصار و أنا أحاصركم أحاصركم و صدري باب كلّ الناس ـ فليأت الحصار لم تأت أغنيتي لترسم أحمد الكحلىّ في الخندق الذكريات وراء ظهري ، و هو يوم الشمس و الزنبق يا أيّها الولد الموزّع بين نافذتين لا تتبادلان رسائلي قاوم إنّ التشابه للرمال . . و أنت للأزرق و أعدّ أضلاعي فيهرب من يدي بردى و تتركني ضفاف النيل مبتعدا و أبحث عن حدود أصابعي فأرى العواصم كلها زبدا . . و أحمد يفرك الساعات في الخندق لم تأت أغنيتي لترسم أحمد المحروق بالأزرق هو أحمد الكونيّ في هذا الصفيح الضيّق المتمزّق الحالم و هو الرصاص البرتقاليّ . . البنفسجة الرصاصيّة و هو اندلاع ظهيرة حاسم في يوم حريّة يا أيّها الولد المكرّس للندى قاوم ! يا أيّها البلد ـ المسدس في دمي قاوم ! الآن أكمل فيك أغنيتي و أذهب في حصارك و الآن أكمل فيك أسئلتي و أولد من غبارك فاذهب إلي قلبي تجد شعبي شعوبا في انفجارك . . سائرا بين التفاصيل اتكأت على مياه فانكسرت أكلّما نهدت سفرجله نسيت حدود قلبي و التجأت إلي حصار كي أحدد قامتي يا أحمد العربيّ ؟ لم يكذب عليّ الحب . لكن كلّما جاء المساء امتصّنى جرس بعيد و التجأت إلي نزيفي كي أحدّد صورتي يا أحمد العربيّ . لم أغسل دمي من خبز أعدائي و لكن كلّما مرّت خطاي على طريق فرّت الطرق البعيدة و القريبة كلّما آخيت عاصمة رمتني بالحقيبة فالتجأت إلي رصيف الحلم و الأشعار كم أمشي إلي حلمي فتسبقني الخناجر آه من حلمي و من روما ! جميل أنت في المنفى قتيل أنت في روما و حيفا من هنا بدأت و أحمد سلم الكرمل و بسملة الندى و الزعتر البلدي و المنزل لا تسرقوه من السنونو لا تأخذوه من الندى كتبت مراثيها العيون و تركت قلبي للصدى لا تسرقوه من الأبد و تبعثروه على الصليب فهو الخريطة و الجسد و هو اشتعال العندليب لا تأخذوه من الحمام لا ترسلوه إلي الوظيفة لا ترسموا دمه و سام فهو البنفسج في قذيفة صاعدا نحو التئام الحلم تتّخذ التفاصيل الرديئة شكل كمّثرى و تنفصل البلاد عن المكاتب و الخيول عن الحقائب للحصى عرق أقبّل صمت هذا الملح أعطى خطبة الليمون لليمون أوقد شمعتي من جرحي المفتوح للأزهار و السمك المجفّف للحصى عرق و مرآه و للحطاب قلب يمامه أنساك أحيانا لينساني رجال الأمن يا امرأتي الجميلة تقطعين القلب و البصل الطري و تذهبين إلي البنفسج فاذكريني قبل أن أنسى يدي … و صاعدا نحو التئام الحلم تنكمش المقاعد تحت أشجاري و ظلّك … يختفي المتسلّقون على جراحك كالذباب الموسميّ و يختفي المتفرجون على جراحك فاذكريني قبل أن أنسى يديّ ! و للفراشات اجتهادي و الصخور رسائلي في الأرض لا طروادة بيتي و لا مسّادة وقتي و أصعد من جفاف الخبز و الماء المصادر من حصان ضاع في درب المطار و من هواء البحر أصعد من شظايا أدمنت جسدي و أصعد من عيون القادمين إلي غروب السهل أصعد من صناديق الخضار و قوّة الأشياء أصعد أنتمي لسمائي الأولى و للفقراء في كل الأزقّة ينشدون : صامدون و صامدون و صامدون كان المخيّم جسم أحمد كانت دمشق جفون أحمد كان الحجاز ظلال أحمد صار الحصار مرور أحمد فوق أفئدة الملايين الأسيرة صار الحصار هجوم أحمد و البحر طلقته الأخيرة ! يا خضر كل الريح يا أسبوع سكّر ! يا اسم العيون و يا رخاميّ الصدى يا أحمد المولود من حجر و زعتر ستقول : لا ستقول : لا جلدي عباءة كلّ فلاح سيأتي من حقول التبغ كي يلغي العواصم و تقول : لا جسدي بيان القادمين من الصناعات الخفيفة و التردد . . و الملاحم نحو اقتحام المرحلة و تقول : لا و يدي تحيات الزهور و قنبلة مرفوعة كالواجب اليومي ضدّ المرحلة و تقول : لا يا أيّها الجسد المضرّج بالسفوح و بالشموس المقبلة و تقول : لا يا أيّها الجسد الذي يتزوّج الأمواج فوق المقصلة و تقول : لا و تقول : لا و تقول : لا و تموت قرب دمي و تحيا في الطحين ونزور صمتك حين تطلبنا يداك و حين تشعلنا اليراعة مشت الخيول على العصافير الصغيرة فابتكرنا الياسمين ليغيب وجه الموت عن كلماتنا فاذهب بعيدا في الغمام و في الزراعة لا وقت للمنفى و أغنيتي . . سيجرفنا زحام الموت فاذهب في الرخام لنصاب بالوطن البسيط و باحتمال الياسمين واذهب إلي دمك المهيّأ لانتشارك و اذهب إلي دمي الموحّد في حصارك لا وقت للمنفى . . و للصور الجميلة فوق جدران الشوارع و الجنائز و التمني كتبت مراثيها الطيور و شرّدتني ورمت معاطفها الحقول و جمعتني فاذهب بعيدا في دمي ! و اذهب بعيدا في الطحين لنصاب بالوطن البسيط و باحتمال الياسمين يا أحمد اليوميّ يا اسم الباحثين عن الندى و بساطة الأسماء يا اسم البرتقالة يا أحمد العاديّ ! كيف محوت هذا الفارق اللفظيّ بين الصخر و التفاح بين البندقيّة و الغزالة ! لا وقت للمنفى و أغنيتي . . سنذهب في الحصار حتى نهايات العواصم فاذهب عميقا في دمي اذهب براعم و اذهب عميقا في دمي اذهب خواتم و اذهب عميقا في دمي اذهب سلالم يا أحمد العربيّ . . قاوم ! لا وقت للمنفى و أغنيتي . . سنذهب في الحصار حتى رصيف الخبز و الأمواج تلك مساحتي و مساحة الوطن ـ الملازم موت أمام الحلم أو حلم يموت على الشعار فاذهب عميقا في دمي و اذهب عميقا في الطحين لنصاب بالوطن البسيط و باحتمال الياسمين . . و له انحناءات الخريف له وصايا البرتقال له القصائد في النزيف له تجاعيد الجبال له الهتاف له الزفاف له المجلّات الملوّنة المراثي المطمئنة ملصقات الحائط العلم التقدّم فرقة الإنشاد مرسوم الحداد و كل شيء كل شيء كل شيء حين يعلن وجهه للذاهبين إلي ملامح وجهه يا أحمد المجهول ! كيف سكنتنا عشرين عاما و اختفيت و ظلّ وجهك غامضا مثل الظهيرة يا أحمد السريّ مثل النار و الغابات أشهر وجهك الشعبيّ فينا واقرأ وصيّتك الأخيرة ؟ يا أيّها المتفرّجون ! تناثروا في الصمت و ابتعدوا قليلا عنه كي تجدوه فيكم حنطة ويدين عاريتين وابتعدوا قليلا عنه كي يتلو وصيّته على الموتى إذا ماتوا و كي يرمي ملامحه على الأحياء إن عاشوا ! أخي أحمد ! و أنت العبد و المعبود و المعبد متى تشهد متى تشهد متى تشهد ؟
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57عدد الرسائل : 18803بلد الإقامة : مصراحترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783ترشيحات : 121الأوســــــــــمة :
موضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 15/9/2009, 21:36
6 ـ اعتذار حلمت بعرس الطفولة بعينين واسعتين حلمت حلمت بذات الجديلة حلمت بزيتونة لا تباع ببعض قروش قليلة حلمت بأسوار تاريخك المستحيلة حلمت برائحة اللوز تشعل حزن الليالي الطويلة بأهلي حلمت . . بساعد أختي سيلتفّ حولي وشاح بطولة حلمت بليلة صيف بسلّة تين حلمت كثيرا كثيرا حلمت . . إذن سامحيني ! !
7 ـ أعراس عاشق يأتي من الحرب إلي يوم الزفاف يرتدي بدلته الأولى ويدخل حلبة الرقص حصانا من حماس وقرنفل وعلى حبل الزغاريد يلاقى فاطمة وتغنّي لهما كل أشجار المنافي ومناديل الحداد الناعمة ذبّل العاشق عينيه وأعطى يده السمراء للحنّاء والقطن النسائي المقدس وعلى سقف الزغاريد تجيء الطائرات طائرات طائرات تخطف العاشق من حضن الفراشة ومناديل الحداد وتغّني الفتيات : قد تزوّجت تزوّجت جميع الفتيات يا محمّد ! ! وقضيت الليلة الأولى على قرميد حيفا يا محمّد ! يا أمير العاشقين يا محمّد ! وتزوجت الدوالي وسياج الياسمين يا محمّد ! وتزوّجت السلالم يا محمّد ! وتقاوم يا محمّد ! وتزوّجت البلاد يا محمّد ! يا محمّد !
8 ـ أغني الأسير
ملوّحة ، يا مناديل حبّي عليك السلام ! تقولين أكثر مما يقول هديل الحمام و أكثر من دمعة خلف جفن . . ينام على حلم هارب ! مفتّحة ، يا شبابيك حبيّ تمرّ المدينة أمامك ، عرس طغاة ومرثاة أمّ حزينة و خلف الستائر ، أقمارنا بقايا عفونة . و زنزانتي . . موصدة ! ملوّثة ، يا كؤوس الطفولة بطعم الكهولة شربنا ، شربنا على غفلة من شفاه الظمأ و قلنا : نخاف على شفتينا نخاف الندى . . و الصدأ ! و جلستنا ، كالزمان ، بخيله و بيني و بينك نهر الدم معلّقه ، يا عيون الحبيبة على حبل نور تكسّر من مقلتين ألا تعلمين بأني أسير اثنتين ؟ جناحاي : أنت و حريتّي تنامان خلف الضفاف الغريبة أحبّكما ، هكذا ، توأمين !
9 ـ أغنيات حب إلي إفريقيا
هل يأذن الحرّاس لي بالانحناء فوق القبور البيض يا إفريقيا ؟ ألقت بنا ريح الشمال إليك واختصر المساء أسماءنا الأولى وكنّا عائدين من النهار بكآبة التنقيب عن تاريخنا الآتي وكنّا متعبين . ضاع المغنّي والمحارب والطريق إلي النهار ـ من أنت ؟ "عصفور يجفّف ريشه الدامي" ـ وكيف دخلت ؟ "كان الأفق مفتوحا ؟ وكان الأكسجين ملء الفضاء ـ وما تريد الآن ؟ "ريشة كبرياء وأريد أن أرث الحشائش والغناء فوق القبور البيض . . يا إفريقيا ! هل يأذن الحراس لي بالاقتراب من جثة الأبنوس . . يا إفريقيا ؟ ألقت بنا ريح الشمال إليك ، واختبأ السحاب في صدرك العاري ، ولم تعلن صواعقنا حدود الاغتراب والشمس بالمجّان مثل الرمل والدم ، والطريق إلي النهار يمحو ملامحنا ، ويتركنا نعيد الانتظار صفا من الأشجار والموتى تحّبك . . نشتهي الموت المؤقت نشتهيه ويشتهينا نلتف بالمدن البعيدة والبحار لنفسر الأمل المفاجئ والرجوع إلي المرايا ـ من أنت ؟ "جندي يعود من التراب بهزيمة أخرى وصورة قائد ـ ماذا تريد ؟ "بيتا لأمعائي وطفلا من حديد وأريد صك براءتي "وأريد يا إفريقيا ماذا تريد أريد أن أرث السحاب من جثة الأبنوس . . يا إفريقيا ألقت بنا ريح الشمال إليك يا إفريقيا . . ألقت بنا ريح الشمال لنكون عشاقا وقتلى . وبدون ذاكرة ذكرنا كل شيء عن ملامحنا ووجهك فوق خارطة الظلال مرّ المغني تحت نافذة وخبّأ صوته في راحتيه سرا يحبّك ، أو علانية يمرّ وينحني كالقوس ، يا إفريقيا وحشيّتان عيناك ـ يا إفريقيا ـ وحزينتان عيناك كالحبّ المفاجئ كالبراءة حين تفترع البراءة مرّ المغني تحت نافذة وأعلن يأسه ـ من أنت ؟ " عاشق " ـ من أين جئت ؟ أنا من سلالات الزنابق والمشانق والريح تحبل . . ثم تنجبني وترميني على كل الجهات ـ ماذا تريد ؟ "أريد ميلادا جديد وأريد نافذة جديدة لأحبّها سرّا وتقتلني علانية وأرحل عنك . . يا إفريقيا !
10 ـ أغنية
و حين أعود للبيت و حيدا فارغا ، إلّا من الوحدة يداي بغير أمتعة ، و قلبي دونما ورده فقد وزعت ورداتي على البؤساء منذ الصبح . . ورداتي و صارعت الذئاب وعدت للبيت بلا رنّات ضحكة حلوة البيت بغير حفيف قبلهتا بغير رفيف لمستها بغير سؤالها عني ، و عن أخباري مأساتي وحيدا أصنع القهوة و حيدا أشرب القهوة فأخسر من حياتي . . أخسر النشوة رفاقي ها هنا المصباح و الأشعار ، و الوحدة و بعض سجائر . . و جرائد كالليل مسودّة و حين أعود للبيت أحسن بوحشة البيت و أخسر من حياتي كل ورداتي وسرّ النبع . . نبع الضوء في أعماق مأساتي و أختزن العذاب لأنني وحدي بدون حنان كفيك بدون ربيع عينيك ! . .
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57عدد الرسائل : 18803بلد الإقامة : مصراحترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783ترشيحات : 121الأوســــــــــمة :
موضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 15/9/2009, 21:37
11 ـ أغنية إلي الريح الشمالية
قبلّ مجففة على المنديل من دار بعيد ونوافذ في الريح ، تكتشف المدينة في القصيدة . كان الحديث سدى عن الماضي وكسرني الرحيل وتقاسمتني زرقة البحر البعيد وخضرة الأرض البعيدة أماه ! . . وانتحرت بلا سبب عصافير الجليل . يا أيّها القمر القريب من الطفولة والحدود لا تسرق الحلم الجميل من غرفة الطفل الوحيد ولا تسجل فوق أحذية الجنود اسمي وتاريخي ـ سألتك أيّها القمر الجميل . هربت حقول القمح من تاريخها هرب النخيل . كان الحديث سدى عن الماضي وكان الأصدقاء في مدخل البيت القديم يسجلون أسماء موتاهم وينتظرون بوليسا وطوق الياسمين قبلّ مجففة على المنديل من دار بعيده . ونوافذ في الريح تكسر جبهتي قرب المساء كان البريد يعيد ذاكرتي من المنفى ويبعثني الشتاء غصنا على أشجار موتانا وكان الأصدقاء في السجن . كانوا يشترون الضوء والأمل المهرّب والسجائر من كل سجّان وشاعر كانوا يبيعون العذاب لأي عصفور مهاجر ما دام خلف السور حقل من ذره وسنابل تنمو . . بلادي خلف نافذة القطار تفاحة مهجورة . ويدان يا بستان كالدفلى . . كأسماء الشوارع . . كالحصار . بالقيد أحلم ، كي أفسّر صرختي للعابرين بالقيد أحلم ، كي أرى حريّتي ، وأعدّ أعمار السنين بالقيد أحلم ، كيف يدخل وجه يافا في حقيبة بيني وبينك برهة في زى مشنقة ولم أشنق . . فعدت بلا جبين بيني وبين البرهة امتدّت عصور بالقيد أحلم ، كيف يدخل وجه يافا في حقيبة ! . . قبلّ مجفّفة على المنديل من دار بعيده . ونوافذ في الريح ، يا ريح الشمال ردّي إلي الأحباب قبلتهم ولا تأتي إلي ! من يشتري صدر المسيح ويشتري جلد الغزال ومعسكرات الاعتقال ديكور أغنية عن الوطن المفتت في يديّ ! . . كان الحديث سدى عن الماضي ، وكان الأصدقاء يضعون تاريخ الولادة بين ألياف الشجر ودّعتهم . . فنسيت خاصرتي وحنجرتي وميعاد المطر وتركت حول زنودهم قيدي فصرت بدون زند ، واختصمت مع الشجر والأصدقاء هناك ينتظرون بوليسا وطوق الياسمين وأنا أحاول أن أكون ولا أكون . .
12 ـ أغنية حب علي الصليب مدينة كل الجروح الصغيرة ألا تخمدين يدي ؟ ألا تبعثين غزالا إليّ ؟ وعن جبهتي تنفضين الدخان . . وعن رئتيّ ؟ ! حنيني أليك . . اغتراب ولقياك . . منفى أدقّ على كل باب . . أنادي ، وأسأل ، كيف تصير النجوم تراب ؟ أحبك ، كوني صليبي وكوني ، كما شئت ، برج حمام أذا ذوبتني يدلك ملأت الصحارى غمام لحبك يا كلّ حبي ، مذاق الزبيب وطعم الدم على جبهتي قمر لا يغيب ونار وقيثارة في فمي ! إذا متّ حبا فلا تدفنيني و خلي ضريحي رموش الرياح لأزرع صوتك في كل طين و أشهر سيفك كل ساح أحبك ، كوني صليبي و ما شئت كوني و كالشمس ذوبي بقلبي . . و لا ترحميني
13 ـ الأغنية والسلطان لم تكن أكثر من وصف . . لميلاد المطر و مناديل من البزق الذي يشعل أسرار الشجر فلماذا أقاموها ؟ حين قالت إن شيئا غير هذا الماء يجري في النّهر ؟ و حصى الوادي تماثيل ، و أشياء أخر و لماذا عذبوها حين قالت إن في الغابة أسرارا . و سكينا على صدر القمر ودم البلبل مهدور على ذاك الحجر ؟ و لماذا حبسوها حين قالت : و طني حبل عرق و على قنطرة الميدان إنسان يموت و ظلام يحترق ؟ غضب السلطان و السلطان مخلوق خيالي قال : إن العيب في المرآة ، فليخلد إلي الصمت مغنيكم ، و عرشي سوف يمتد من النيل إلي نهر الفرات ! أسجنوا هذي القصيدة غرفة التوقيف خير من نشيد . . و جريدة أخبروا السلطان ، أن الريح لا تجرحها ضربة سيف و غيوم الصيف لا تسقي على جدرانه أعشاب صيف و ملايين من الأشجار تخضر على راحة حرف ! غضب السلطان ، و السلطان في كل الصور و على ظهر بطاقات البريد كالمزامير نقيّ و على جبهته وشم للعبيد ، ثم نادي . . و أمر : أقتلوا هذي القصيدة ساحة الإعدام ديوان الأناشيد العنيدة ! أخبروا السلطان ، أن البرق لا يحبس في عود ذره للأغاني منطق الشمس ، و تاريخ الجداول و لها طبع الزلازل و الأغاني كجذور الشجرة فإذا ماتت بأرض ، أزهرت في كل أرض كانت الأغنية الزرقاء فكره حاول السلطان أن يطمسها فغدت ميلاد جمره ! كانت الأغنية الحمراء جمره حاول السلطان أن يحبسها فإذا بالنار ثوره ! كان صوت الدم مغموسا بلون العاصفة و حصى الميدان أفواه جروح راعفة و أنا أضحك مفتونا بميلاد الرياح عندما قاومني السلطان أمسكت بمفتاح الصباح و تلمست طريقي بقناديل الجراح آه كم كنت مصيبا عندما كرست قلبي لنداء العاصفة فلتهبّ العاصفة ! و لتهبّ العاصفة !
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57عدد الرسائل : 18803بلد الإقامة : مصراحترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783ترشيحات : 121الأوســــــــــمة :
موضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 15/9/2009, 21:38
14 ـ إلي أمي
أحنّ إلي خبز أمي و قهوة أمي و لمسة أمي و تكبر في الطفولة يوما على صدر يوم و أعشق عمري لأني إذا متّ ، أخجل من دمع أمي ! خذيني ، إذا عدت يوما وشاحا لهدبك و غطّي عظامي بعشب تعمّد من طهر كعبك و شدّي وثاقي . . بخصلة شعر بخيط يلوّح في ذيل ثوبك . . عساي أصير إلها إلها أصير . . إذا ما لمست قرارة قلبك ! ضعيني ، إذا ما رجعت وقودا بتنور نارك . . وحبل غسيل على سطح دارك لأني فقدت الوقوف بدون صلاة نهارك هرمت ، فردّي نجوم الطفولة حتى أشارك صغار العصافير درب الرجوع . . لعشّ انتظارك
15 ـ إلي ضائعة إذا مرت على وجهي أنامل شعرك المبتل بالرمل سأنهي لعبتي . . أنهي و أمضي نحو منزلنا القديم على خطى أهلي و أهتف يا حجارة بيتنا صلّى ! إذا سقطت على عيني سحابة دمعة كانت تلف عيونك السوداء سأحمل كل ما في الأرض من حزن صليبا يكبر الشهداء عليه و تصغر الدنيا و يسقي دمع عينيك رمال قصائد الأطفال و الشعراء ! إذا دقّت على بابي يد الذكرى سأحلم ليلة أخرى بشاعرنا القديم و عودة الأسرى و أشرب مرة أخرى بقايا ظلك الممتد في بدني و أومن أن شباكا صغيرا كان في وطني يناديني و يعرفني و يحميني من الأمطار و الزمن
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57عدد الرسائل : 18803بلد الإقامة : مصراحترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783ترشيحات : 121الأوســــــــــمة :
موضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 15/9/2009, 21:39
16 ـ إلي قارئ الزنبقات السود في قلبي و في شفتي . . اللهب من أي غاب جئت يا كل صلبان الغضب ؟ بايعت أحزاني . . و صافحت التشرد و السغب غضب يدي . . غضب فمي . . و دماء أوردتي عصير من غضب ! يا قارئي ! لا ترج مني الهمس ! لا ترج الطرب هذا عذابي . . ضربة في الرمل طائشة و أخرى في السحب ! حسبي بأني غاضب و النار أولها غضب !
17 ـ امرأة جميلة في سدوم يأخذ الموت على جسمك شكل المغفرة ، وبودي لو أموت داخل اللذة يا تفاحتي يا امرأتي المنكسرة . . و بودّي لو أموت خارج العالم . . في زوبعة مندثرة ( للتي أعشقها وجهان : وجه خارج الكون ووجه داخل سدوم العتيقة و أنا بينهما أبحث عن وجه الحقيقة ) صمت عينيك يناديني إلي سكّين نشوة و أنا في أوّل العمر . . رأيت الصمت و الموت الذي يشرب قهوة و عرفت الداء و الميناء لكنك . . حلوة ! . . . . و أنا أنتشر الآن على جسمك كالقمح ، كأسباب بقائي ورحيلي و أنا أعرف أن الأرض أمي و على جسمك تمضي شهوتي بعد قليل و أنا أعرف أنّ الحب شيء و الذي يجمعنا ، الليلة ، شيء و كلانا كافر بالمستحيل . و كلانا يشتهي جسما بعيدا و كلانا يقتل الآخر خلف النافذة ! ( التي يطلبها جسمي جميلة كالتقاء الحلم باليقظة كالشمس التي تمضي إلي البحر بزي البرتقالة . . و التي يطلبها جسمي جميلة كالتقاء اليوم بالأمس و كالشمس التي يأتي إليها البحر من تحت الغلالة ) لم نقل شيئا عن الحبّ الذي يزداد موتا لم نقل شيئا و لكنا نموت الآن موسيقى وصمتا و لماذا ؟ و كلانا ذابل كالذكريات الآن لا يسأل : من أنت ؟ و من أين : أتيت ؟ و كلانا كان في حطين و الأيام تعتاد على أن تجد الأحياء موتى . . أين أزهاري ؟ أريد الآن أن يمتلئ البيت زنابق أين أشعاري ؟ أريد الآن موسيقى السكاكين التي تقتل كي يولد عاشق و أريد الآن أن أنساك كي يبتعد الموت قليلا فاحذري الموت الذي لا يشبه الموت الذي فاجأ أمّي . . ( التي يطلبها جسمي لها وجهان : وجه خارج الكون ووجه داخل سدوم العتيقة ) و أنا بينهما أبحث عن الحقيقة
18 ـ أمل
ما زال في صحونكم بقية من العسل ردوا الذباب عن صحونكم لتحفظوا العسل ! ما زال في كرومكم عناقيد من العنب ردوا بنات آوى يا حارسي الكروم لينضج العنب . . ما زال في بيوتكم حصيرة . . وباب سدوا طريق الريح عن صغاركم ليرقد الأطفال الريح برد قارس . . فلتغلقوا الأبواب . . ما زال في قلوبكم دماء لا تسفحوها أيّها الآباء . . فإن في أحشائكم جنين . . مازال في موقدكم حطب و قهوة . . وحزمة من اللهب . .
19 ـ الآن إذ تصحو ، تذكر
الآن ، إذ تصحو ، تذكر رقصة البجع الأخيرة . هل رقصت مع الملائكةِ الصغارِ وأنت تحلمُ ؟ هل أضاءتك الفراشةُ عندما احترقت بضوء الوردة الأبدي ؟ هل ظهرت لك العنقاءُ واضحةً . . وهل نادتك باسمك ؟ هل رأيت الفجر يطلع من أصابع من تُحبُّ ؟ وهل لمستَ الحُلمَ باليد ، أم تركت الُحلمَ يحلُمُ وحدهُ ، حيث انتبهت إلي غيابك بغتةً ؟ ما هكذا يُخْلي المنام الحالمونَ ، فإنهم يتوهجون ، ويكملون حياتهم في الحُلمِ . . قل لي كيف كنت تعيش حُلمك في مكان ما ، أقل لك من تكون والآن إذ تصحو ، تذكر : هل أسأت إلي منامك ؟ إن أسأت إذاً تذكر رقصة البجع الأخيرة ! تُنسى ، كأنك لم تكن, تُنسى ، كأنك لم تكن تُنسى كمصرع طائر ككنيسة مهجورة تُنسى ، كحب عابر وكوردة في الليل . . تُنسى أنا للطريق . . هناك من سبقت خُطاه خُطاي من أملى رؤاه على رؤاي . هناك من نثر الكلام على سجيّته ليدخل في الحكاية أو أضاء لمن سيأتي بعده أثراً غنائياً . . وحدسا تُنسى ، كأنك لم تكن شخصاً ، ولا نصاً . . وتُنسى أمشي على هدي البصيرة ، ربما أعطي الحكاية سيرة شخصية . فالمفردات تسوسني وأسوسها . أنا شكلها وهي التجلّي الحر . لكن قيل ما سأقول . يسبقني غدٌ ماضٍ . أنا مَلِك الصدى . لا عرش لي إلا الهوامش . والطريق هو الطريقة . ربما نسيَ الأوائل وصف شيء ما ، أُحرّك فيه ذاكرة وحسّا تُنسى ، كأنك لم تكن خبراً ، ولا أثراً . . وتُنسى أنا للطريق . . هناك من تمشي خطاه على خطاي ، ومن سيتبعني إلي رؤيايَ . من سيقول شعراً في مديح حدائق المنفى ، أمام البيت ، حراً من عبارة أمس ، حراً من كناياتي ومن لغتي ، فأشهد أنني حيّ وحرّ حين أُنسى
20 ـ الآن في المنفي
الآن ، في المنفى . . نعم في البيتِ ، في الستّينَ من عُمْرٍ سريعٍ يُوقدون الشَّمعَ لك فافرح ، بأقصى ما استطعتَ من الهدوء ، لأنَّ موتاً طائشاً ضلَّ الطريق إليك من فرط الزحام . . . وأجّلك قمرٌ فضوليٌّ على الأطلال, يضحك كالغبي فلا تصدِّق أنه يدنو لكي يستقبلك هُوَ في وظيفته القديمة ، مثل آذار الجديدِ . . أعادَ للأشجار أسماءَ الحنينِ وأهمَلكْ فلتحتفلْ مع أصدقائكَ بانكسار الكأس . في الستين لن تجِدَ الغَدَ الباقي لتحملَهُ على كتِفِ النشيد . . ويحملكْ قُلْ للحياةِ ، كما يليقُ بشاعرٍ متمرِّس : سيري ببطء كالإناث الواثقات بسحرهنَّ وكيدهنَّ . لكلِّ واحدةْ نداءُ ما خفيٌّ : هَيْتَ لَكْ / ما أجملَكْ ! سيري ببطءٍ ، يا حياةُ ، لكي أراك بِكامل النُقصان حولي . كم نسيتُكِ في خضمِّكِ باحثاً عنِّي وعنكِ . وكُلَّما أدركتُ سرَاً منك قُلتِ بقسوةٍ : ما أّجهلَكْ ! قُلْ للغياب : نَقَصتني وأنا حضرتُ . . لأُكملَكْ
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57عدد الرسائل : 18803بلد الإقامة : مصراحترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783ترشيحات : 121الأوســــــــــمة :
موضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 15/9/2009, 21:40
21 ـ إن مشيت علي شارع
إن مشيت على شارعٍ لا يؤدي إلي هاوية قُل لمن يجمعون القمامة : شكراً ! إن رجعتَ إلي البيت ، حيّاً ، كما ترجع القافية بلا خللٍ ، قُلْ لنفسك : شكراً ! إن توقَّعتَ شيئاً وخانك حدسك ، فاذهب غداً إلي حيث كُنتَ ، وقُلْ للفراشة : شكراً ! إن صرخت بكل قواك ، ورد عليك الصدى "مَنْ هناك ؟" فقل للهويّة : شكراً ! إن نظرتَ إلي وردةٍ دون أن توجعكْ وفرحتَ بها ، قل لقلبك : شكراً ! إن نهضت صباحاً ، ولم تجد الآخرين معك يفركون جفونك ، قل للبصيرة : شكراً ! إن تذكرت حرفاً من اسمك واسم بلادك ، كن ولداً طيباً ! ليقول لك الربُّ : شكراً !
22 ـ أنا آت إلي ظل عينيك أنا آت إلي ظل عينيك . . آت من خيام الزمان البعيد ، و من لمعان السلاسل أنت كل النساء اللواتي مات أزواجهن ، و كل الثواكل أنت أنت العيون التي فرّ منها الصباح حين صارت أغاني البلابل ورقا يابسا في مهب الرياح ! أنا آت إلي ظلّ عينيك . . آت من جلود تحاك السجاجيد منها . . و من حدقات علقت فوق جيد الأميرة عقدا . أنت بيتي و منفاي . . أنت أنت أرضي التي دمّرتني أنت أرضي التي حوّلتني سماء . . و أنت كل ما قيل عنك ارتجال و كذب لست سمراء ، لست غزالا ، و لست الندى و النبيذ ، و لست كوكبا طالعا من كتاب الأغاني القديمة عندما ارتجّ صوت المغنين . . كنت لغة الدم حين تصير الشوارع غابه و تصير العيون زجاجا و يصير الحنين جريمة لا تموتي على شرفات الكآبة كلّ لون على شفتيك احتفال بالليالي التي انصرمت . . بالنهار الذي سوف يأتي اجعلي رقبتي عتبات التحول ، أول سطر بسفر الجبال الجبال التي أصبحت سلما نحو موتي ! و السياط التي احترقت فوق ظهري و ظهرك سوف تبقى سؤال أين سمسار كل المنابر ؟ أين الذي كان . . كان يلوك حجارة قبري و قبرك ما الذي يجعل الكلمات عرايا ؟ ما الذي يجعل الريح شوكا ، و فحم الليالي مرايا ؟ ما الذي ينزع الجلد عني ، و يثقب عظمي ؟ ما الذي يجعل القلب مثل القذيفة ؟ وضلوع المغنين سارية للبيارق ؟ ما الذي يفرش النار تحت سرير الخليفة ؟ ما الذي يجعل الشفتين صواعق ؟ غير حزن المصفد حين يرى أخته . . أمه . . حبه لعبة بين أيدي الجنود و بين سماسرة الخطب الحامية فيعض القيود . و يأتي إلي الموت . . يأتي إلي ظل عينيك . . يأتي ! أنا آت إلي ظل عينيك آت من كتاب الكلام المحنط فوق الشفاه المعادة أكلت فرسي ، في الطريق ، جراده مزّقت جبهتي ، في الطريق ، سحابه صلبتني على الطريق ذبابة ! فاغفري لي . . كل هذا الهوان ، اغفري لي انتمائي إلي هامش يحترق ! و اغفري لي قرابة ربطتني بزوبعة في كؤوس الورق و اجعليني شهيد الدفاع عن العشب و الحب و السخرية عن غبار الشوارع أو غبار الشجر عن عيون النساء جميع النساء و عن حركات الحجر . و اجعليني أحب الصليب الذي لا يحب واجعليني بريقا صغيرا بعينيك حين ينام اللهب أنا آت إلي ظل عينيك . . آت مثل نسر يبيعون ريش جناحه و يبيعون نار جراحه بقناع . و باعوا الوطن بعصا يكسرون بها كلمات المغني و قالوا : اذبحوا و اذبحوا . . ثم قالوا هي الحرب كر وفر ثم فروا . . وفروا وفروا . . و تباهوا . . تباهوا . . أوسعوهم هجاء وشتما ، و أودوا بكل الوطن ! حين كانت يداي السياج ، و كنت حديقة لعبوا النرد تحت ظلال النعاس حين كانت سياط جهنم تشرب جلدي شربوا الخمر نخب انتصار الكراسي ! . . حين مرت طوابير فرسانهم في المرايا ساومونا على بيت شعر ، و قالوا : ألهبوا الخيل .كل السبايا أقبلت من خيام المنافي كذبوا لم يكن جرحنا غير منبر للذي باعة . . باع حطين . . باع السيوف ليبني منبر نحو مجد الكراسي ! أنا آت إلي ظل عينيك . . آت من غبار الأكاذيب . . آت من قشور الأساطير آت أنت لي . . أنت حزني و أنت الفرح أنت جرحي و قوس قزح أنت قيدي و حريتي أنت طيني و أسطورتي أنت لي . . أنت لي بجراحك كل جرح حديقة ! أنت لي . . أنت لي . . بنواحك كل صوت حقيقة أنت شمسي التي تنطفئ أنت ليلي الذي يشتعل أنت موتي ، و أنت حياتي و سآتي إلي ظل عينيك . . آت وردة أزهرت في شفاه الصواعق قبلة أينعت في دخان الحرائق فاذكريني . . إذا ما رسمت القمر فوق وجهي ، و فوق جذوع الشجر مثلما تذكرين المطر و كما تذكرين الحصى و الحديقة و اذكريني ، كما تذكرين العناوين في فهرس الشهداء أنا صادقّت أحذية الصبية الضعفاء أنا قاومت كل عروش القياصرة الأقوياء لم أبع مهرتي في مزاد الشعار المساوم لم أذق خبز نائم لم أساوم لم أدق الطبول لعرس الجماجم و أنا ضائع فيك بين المراثي و بين الملاحم بين شمسي و بين الدم المستباح جئت عينيك حين تجمد ظلي و الأغاني اشتهت قائليها
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57عدد الرسائل : 18803بلد الإقامة : مصراحترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783ترشيحات : 121الأوســــــــــمة :
موضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 15/9/2009, 21:45
23 ـ آه ، عبد الله
قال عبد الله للجّلاد : جسمي كلمات ودويّ ضاع فيه الرعد و البرق على السكّين ، و الوالي قوي هكذا الدنيا . . و أنت الآن يا جلاد أقوى ولد الله . . و كان الشرطيّ ! . . عادة ، لا يخرج الموتى إلي النزهة لكن صديقي كان مفتونا بها . كلّ مساء يتدلّى جسمه ، كالغصن ، من كل الشقوق و أنا أفتح شباكي لكي يدخل عبد الله كي يجمعني بالأنبياء ! . . كان عبد الله حقلا و ظهيرة يحسن العزف على الموّال ، و الموال يمتد إلي بغداد شرقا و إلي الشام شمالا و ينادي في الجزيرة . فاجئوه مرة يلثم في الموال سيفا خشبيا . . و ضفيرة . . حين قالوا : إنّ هذا اللحن لغمّ في الأساطير التي نعبدها ـ قال عبد الله : جسمي كلمات . . ودويّ هكذا الدنيا ، و أنت الآن يا جلاد أقوى ولد الله و كان شرطي عادة ، لا يعمل الموتى ، و لكن صديقي كان من عادته أن يضع الأقمار في الطين ، و أن يبذر في الأرض سماء . و أنا أفتح شباكي لكي يدخل عبد الله حرّا و طليقا كالردى و الكبرياء . . كان عبد الله حقلا لم يرث عن جدّه إلاّ الظهيرة و انكماش الظّل و السمرة عبد الله لا يعرف إلاّ لغة الموّال ، و الموّال مفتون بليلى أين ليلى ؟ لم يجدها في الظهيرة يركض الموّال في أعقاب ليلى يقفز الموال من دائرة الظل الصغيرة ثم يمتدّ إلي صنعاء شرقا و إلي حمص شمالا و ينادي في الجزيرة : أين ليلى ؟ كان عبد الله يمتدّ مع الموّال و الموّال ممنوع يقول السيّد الجلاّد : إن البعد في الموّال لغم في الأساطير التي نعبدها . . و تدلى رأس عبد الله في عزّ الظهيرة . آه ، عبد الله و الأمسية الآن بلا موتى و أنت الآن حل للحلول آه . . عبد الله ، رموز و فصول آه . . عبد الله ، لا لون و لا شكل لأزهار الأفول آه . . عبد الله ، لا أذكر بعد الآن ما كنت تقول آه . . عبد الله ، لا تسمعك الأرض و لا ليلى . . و لا ظلّ النخيل . و لد الله و كانت شرطة الوالي و مليون قتيل ! !
24 ـ أهديها غزلانا
وشاح المغرب الوردي فوق ضفائر الحلوة و حبة برتقال كانت الشمس . تحاول كفها البيضاء أن تصطادها عنوة و تصرخ بي ، و كل صراخها همس : أخي !يا سلمي العالي ! أريد الشمس بالقوة ! . . و في الليل رماديّ ، رأينا الكوكب الفضي ينقط ضوءه العسلي فوق نوافذ البيت . وقالت ، و هي حين تقول ، تدفعني إلي الصمت : تعال غدا لنزرعه . . مكان الشوك في الأرض ! أبي من أجلها صلّى و صام . . و جاب أرض الهند و الإغريق إلها راكعا لغبار رجليها وجاع لأجلها في البيد . . أجيالا يشدّ النوق و أقسم تحت عينيها يمين قناعة الخالق بالمخلوق ! تنام ، فتحلم اليقظة في عيني مع السّهر فدائيّ الربيع أنا ، و عبد نعاس عينيها وصوفي الحصى ، و الرمل ، و الحجر سأعبدهم ، لتلعب كالملاك ، و ظل رجليها على الدنيا ، صلاة الأرض للمطر حرير شوك أيّامي ، على دربي إلي غدها حرير شوك أيّامي ! و أشهى من عصير المجد ما ألقى . . لأسعدها و أنسى في طفولتها عذاب طفولتي الدامي و أشرب ، كالعصافير ، الرضا و الحبّ من يدها سأهديها غزالا ناعما كجناح أغنية له أنف ككرملنا . . و أقدام كأنفاس الرياح ، كخطو حريّة و عنق طالع كطلوع سنبلنا من الوادي . . إلي القمم السماويّة ! سلاما يا وشاح الشمس ، يا منديل جنتنا و يا قسم المحبة في أغانينا ! سلاما يا ربيعا راحلا في الجفن ! يا عسلا بغصّتنا و يا سهر التفاؤل في أمانينا لخضرة أعين الأطفال . . ننسج ضوء رايتنا
25 ـ برقية من السجن
من آخر الســــجن ، طارت كفّ أشعاري تشد أيديكم ريحـــا . . على نــــــار
أنا هنا ، ووراء الســــور ، أشـــــجاري تطوّع الجبـــل المغرور . . أشجــاري
مذ جئت أدفع مهر الحرف ، ما ارتفعت غير النجــوم على أســـــلاك أسواري
في اليـــوم ، أكبر عاما في هـــــوى وطني فعانقـــــوني عناق الريـــــــح للنـار
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57عدد الرسائل : 18803بلد الإقامة : مصراحترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783ترشيحات : 121الأوســــــــــمة :
موضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 16/9/2009, 02:51
26 ـ بطاقة هوية
سجل أنا عربي و رقم بطاقتي خمسون ألف و أطفالي ثمانية و تاسعهم سيأتي بعد صيف فهل تغضب سجل أنا عربي و أعمل مع رفاق الكدح في محجر و أطفالي ثمانية أسل لهم رغيف الخبز و الأثواب و الدفتر من الصخر و لا أتوسل الصدقات من بابك و لا أصغر أمام بلاط أعتابك فهل تغضب سجل أنا عربي أنا اسم بلا لقب صبور في بلاد كل ما فيها يعيش بفورة الغضب جذوري قبل ميلاد الزمان رست و قبل تفتح الحقب و قبل السرو و الزيتون و قبل ترعرع العشب أبي من أسرة المحراث لا من سادة نجب وجدي كان فلاحا بلا حسب و لا نسب يعلمني شموخ الشمس قبل قراءة الكتب و بيتي كوخ ناطور من الأعواد و القصب فهل ترضيك منزلتي أنا اسم بلا لقب سجل أنا عربي و لون الشعر فحمي و لون العين بني و ميزاتي على رأسي عقال فوق كوفية و كفى صلبة كالصخر تخمش من يلامسها و عنواني أنا من قرية عزلاء منسية شوارعها بلا أسماء و كل رجالها في الحقل و المحجر فهل تغضب سجل أنا عربي سلبت كروم أجدادي و أرضا كنت أفلحها أنا و جميع أولادي و لم تترك لنا و لكل أحفادي سوى هذي الصخور فهل ستأخذها حكومتكم إذن كما قيلا سجل برأس الصفحة الأولى أنا لا أكره الناس و لا أسطو على أحد و لكني إذا ما جعت آكل لحم مغتصبي حذار ، حذار من جوعي و من غضبي
27 ـ البكاء ( 1 ) ليس من شوق إلي حضن فقدته ليس من ذكرى لتمثال كسرته ليس من حزن على طفل دفنته أنا أبكي ! أنا أدري أن دمع العين خذلان . . و ملح أنا أدري ، و بكاء اللحن ما زال يلح لا ترشّي من مناديلك عطرا لست أصحو . . لست أصحو ودعي قلبي . . يبكي ! ( 2 ) شوكة في القلب مازالت تغزّ قطرات . . قطرات . . لم يزل جرحي ينزّ أين زرّ الورد ؟ هل في الدم ورد ؟ يا عزاء الميتين ! هل لنا مجد و عزّ ! أتركي قلبي يبكي ! خبّئي عن أذني هذي الخرافات الرتيبة أنا أدري منك بالإنسان . .بالأرض الغريبة لم أبع مهري . .و لا رايات مأساتي الخضيبة و لأنّي أحمل الصخر وداء الحبّ . . و الشمس الغريبة أنا أبكي ! أنا أمضي قبل ميعادي . . مبكر عمرنا أضيق منا ، عمرنا أصغر . . أصغر هل صحيح ، يثمر الموت حياة هل سأثمر في يد الجائع خبزا ، في فم الأطفال سكّر ؟ أنا أبكي !