| أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57 عدد الرسائل : 18803 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783 ترشيحات : 121 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 16/9/2009, 03:31 | |
| 89 ـ عن الصمودـ 1 ـلو يذكر الزيتون غارسه لصار الزيت دمعا ! يا حكمة الأجداد لو من لحمنا نعطيك درعا ! لكنّ سهل الريح،لا يعطي عبيد الريح زرعا ! إنّا سنقلع بالرموش الشوك و الأحزان..قلعا ! و إلام نحمل عارنا و صليبنا ! و الكون يسعى..سنظل في الزيتون خضرته،و حول الأرض درعا ! ! ـ 2 ـإنّا نحبّ الورد،لكنّا نحبّ القمح أكثر و نحبّ عطر الورد،لكن السنابل منه أطهر فاحموا سنابلكم من الإعصار بالصدر المسمّر هاتوا السياج من الصدور..من الصدور ؛ فكيف يكسر ؟ ؟ أقبض على عنق السنابل مثلما عانقت خنجر ! الأرض،و الفلاح،و الإصرار،قل لي : كيف تقهر..هذي الأقانيم الثلاثة،كيف تقهر ؟ ـ 3 ـعيناك يا صديقتي العجوز،يا صديقتي المراهقة عيناك شحّاذان في ليل الزوايا الخانقة لا يضحك الرجاء فيهما،و لا تنام الصاعقة لم يبق شيء عندنا..إلّا الدموع الغارقة قولي : متى ستضحكين مرة،و إن تكن منافقة ؟ ! ـ 4 ـكفاك يا صديقتي ذئبان جائعان مصّي بقايا دمنا،و بعدنا الطوفان و إن سغبت مرة،لا تتركي الجثمان و إن سئمت بعدها،فعندك الديدان إنّا خلقنا غلطة..في غفلة من الزمان و أنت يا صديقي العجوز..يا صديقتي المراهقة كوني على أشلائنا،كالزنبقات العابقة ! ـ 5 ـالغاب يا صديقتي يكفّن الأسرار و حولنا الأشجار لا تهرّب الأخبار و الشمس عند بابنا معمية الأنوار واشية،لكنها لا تعبر الأسوار إن الحياة خلفنا غريبة منافقة فابني على عظامنا دار علاك الشاهقة ـ 6 ـأسمع يا صديقتي ما يهتف الأعداء أسمعهم من فجوة في خيمة السماء : " يا ويل من تنفست رئاته الهواء من رئة مسروقة !..يا ويل من شرابه دماء ! و من بني حديقة..ترابها أشلاء يا ويله من وردها المسموم " ! !90 ـ عن إنسان وضعوا على فمه السلاسل ربطوا يديه بصخرة الموتى،و قالوا : أنت قاتل ! أخذوا طعامه و الملابس و البيارق ورموه في زنزانة الموتى،وقالوا : أنت سارق ! طردوه من كل المرافئ أخذوا حبيبته الصغيرة،ثم قالوا : أنت لاجئ ! يا دامي العينين و الكفين ! إن الليل زائل لا غرفة التوقيف باقية و لا زرد السلاسل ! نيرون مات،ولم تمت روما..بعينيها تقاتل ! وحبوب سنبلة تموت ستملأ الوادي سنابل..!
|
|
| |
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57 عدد الرسائل : 18803 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783 ترشيحات : 121 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 16/9/2009, 03:32 | |
| 91 ـ عودة الأسيرالنيل ينسى و العائدون إليك منذ الفجر لم يصلوا هناك حمامتان بعيدتان ورحلة أخرى و موت يشتهي الأسرى و ذاكرتي قويّة . و الآن،ألفظ قبل روحي كلّ أرقام النخيل و كل أسماء الشوارع و الأزقّة سابقا أو لاحقا و جميع من ماتوا بداء الحب و البلهارسيا و البندقيّة ما دلني أحد عليك و أنت مصر قد عانقتني نخلة فتزوّجتني شكّلتني أنجتني الحبّ و الوطن المعذب و الهويّة ما دلني أحد عليك وجدت وجدت مقبرة..فنمت سمعت أصوات..فقمت ورأيت حربا..فاندفعت وما عرفت الأبجدية قالوا :اعترف قلت :اعترفت يا مصر ! لا كسرى سباك ولا الفراعنة اصطفوك أميرة أو سيدة قالوا : اعترف قلت :اعترفت و توازت الكلمات و العضلات كانوا يقلعون أظافري و يقشّرون أناملي و يبعثرون مفاصلي و يفتّشون اللحم عن أسرار مصر..و تدفّقت مصر البعيدة من جراحي فاقتربت و رأيت مصر و عرفت مصر ما دلّني أحد،خناجرهم تفتّشني فيخرج شكل مصر يا مصر ! لست خريطة قالوا : اعترف قلت : اعترفت واصلت يا مصر اعترافاتي دمي غطّى وجوه الفاتحين و لم يغطّ دمي جبينك،و اعترفت و حائط الإعدام يحملني إليك..أنت الآن تقتربين . أنت الآن تعترفين فامتشقي دمي ! . و النيل ينسى ليس من عادته أن يرجع الغرقى و آلاف العرائس من تقاضي أجرها ؟ النيل ينسى . و القرى رفعت مآذنها و شكواها و أخفت صدرها في الطين و المدن ـ الجنود الغائبون ـ الاتحاد الاشتراكيّ ـ المغني راقصات البطن ـ و السياح ـ و الفقراء سبحان الذي يعطي و يأخذ ! ليس من عادات هذا النيل أن يصغي إلي أحد كأن النيل تمثال من الماء استراح إلي الأبد ماذا يقول النيل لو نطقت مياه النيل ؟ يسكت مرّة أخرى و ينساني لتسكت جوقة الإنشاد حول جنازتي ! و خذي عن الجثمان أعلام الوطن يا مصر ! تحيا مصر..تحيا مصر..تحيا مصر غطّى حفنة من رمل سيناء التي ابتعدت عن العينين و التجأت إلي الرئتين و امتشقي دمي و خذي عن الجثمان أعلام الوطن سيناء ليس لها كفن ! و النيل ينسى ماذا يقول النيل،لو نطقت مياه النيل ؟ يسكت مرّة أخرى و لا يستقبل الأسرى . ليسكت هاهنا الشعراء و الخطباء و الشرطي و الصحفيّ إنّ جنازتي وصلت و هذي فرصتي يا مصر..أعطيني الأمان يا مصر ! أعطيني الأمان لأموت ثانية..شهيدا لا أسير السدّ عال شامخ،و أنا قصير و المنشآت كبيرة،و أنا صغير و الأغنيات طليقة،و أنا أسير يا مصر !أعطيني الأمان إني حرستك . كانت الأشياء آمرة و آمنة و كان المطرب الرسمي يصنع من نسيج جلودنا وتر الكمان و يطرب المتفرّجين قد زيفوا يا مصر حنجرتي و قامة نخلتي و النيل ينسى و العائدون إليك منذ الفجر لم يصلوا و لست أقول يا مصر الوداع شبت خيول الفاتحين زرعوا على فمك الكروم،فأينعت قد طاردوك ـ و أنت مصر و عذبوك ـ و أنت مصر و حاصروك ـ و أنت مصر هل أنت يا مصر ؟ هل أنت..مصر ! .92 ـ عيون الموتى علي الأبواب مروا على صحراء قلبي،حاملين ذراع نخلة مرّوا على زهر القرنفل،تاركين أزير نحلة و على شبابيك القرى رسموا،بأعينهم أهله و تبادلوا بعض الكلام عن المحبة و المذّلة ماذا حملت لعشر شمعات أضاءت كفر قاسم غير المزيد،من النشيد،عن الحمائم..و الجماجم.. ؟ هي لا تريد..و لا تعيد رثاءنا..هي لا تساوم فوصية الدم تستغيث بأن تقاوم في الليل دقوا كل باب..كل باب..كل باب وتوسلوا ألا نهيل على الدم الغالي التراب قالت عيونهم التي انطفأت لتشعلنا عتاب : لا تدفنونا بالنشيد،و خلدونا بالصمود إنّا نسمّد لبراعم الضوء الجديد يا كفر قاسم ! من توابيت الضحايا سوف يعلو علم يقول : قفوا ! قفوا ! و استوقفوا ! لا :لا تذلوا ! دين العواصف أنت قد سدّدته،و انهار ظلّ يا كفر قاسم ! لن ننام..و فيك مقبرة و ليل ووصية الدم لا تساوم ووصية الدم تستغيث بأن نقاوم أن نقاوم..93 ـ غريب في مدينة بعيدة عندما كنت صغيرا وجميلا كانت الوردة داري و الينابيع بحاري صارت الوردة جرحا و الينابيع ظمأ ـ هل تغيّرت كثيرا ؟ ـ ما تغيّرت كثيرا عندما نرجع كالريح إلي منزلنا حدّقي في جبهتي تجدي الورد نخيلا و الينابيع عرق تجديني مثلما كنت صغيرا وجميلا..94 ـ فكر بغيرك وأنتَ تُعِدُّ فطورك،فكِّر بغيركَ لا تَنْسَ قوتَ الحمام وأنتَ تخوضُ حروبكَ،فكِّر بغيركَ لا تنس مَنْ يطلبون السلام وأنتَ تسدد فاتورةَ الماء،فكِّر بغيركَ مَنْ يرضَعُون الغمامٍ وأنتَ تعودُ إلي البيت،بيتكَ،فكِّر بغيركَ لا تنس شعب الخيامْ وأنت تنام وتُحصي الكواكبَ،فكِّر بغيركَ ثمّةَ مَنْ لم يحد حيّزاً للمنام وأنت تحرّر نفسك بالاستعارات،فكِّر بغيركَ مَنْ فقدوا حقَّهم في الكلام وأنت تفكر بالآخرين البعيدين،فكِّر بنفسك قُلْ : ليتني شمعةُ في الظلام95 ـ في الانتظار في الانتظار،يُصيبُني هوس برصد الاحتمالات الكثيرة : ربما نسيت حقيبتها الصغيرة في القطار،فضاع عنواني وضاع الهاتف المحمول،فانقطعت شهيتها وقالت : لا نصيب له من المطر الخفيف وربما انشغلت بأمر طارئٍ أو رحلةٍ نحو الجنوب كي تزور الشمس،واتصلت ولكن لم تجدني في الصباح،فقد خرجت لاشتري غاردينيا لمسائنا وزجاجتين من النبيذ وربما اختلفت مع الزوج القديم على شئون الذكريات،فأقسمت ألا ترى رجلاً يُهددُها بصُنع الذكريات وربما اصطدمت بتاكسي في الطريق إلي،فانطفأت كواكب في مجرتها . وما زالت تُعالج بالمهدئ والنعاس وربما نظرت إلي المرآة قبل خروجها من نفسها،وتحسست أجاصتين كبيرتين تُموجان حريرها،فتنهدت وترددت : هل يستحق أنوثتي أحد سواى وربما عبرت،مصادفة،بِحُب سابق لم تشف منه،فرافقته إلي العشاء وربما ماتت،فان الموت يعشق فجأة،مثلي،وإن الموت،مثلي،لا يحب الانتظار
|
|
| |
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57 عدد الرسائل : 18803 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783 ترشيحات : 121 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 16/9/2009, 03:33 | |
| 96 ـ في انتظار العائدينأكواخ أحبابي على صدر الرمال و أنا مع الأمطار ساهر..و أنا ابن عوليس الذي انتظر البريد من الشمال ناداه بحّار،و لكن لم يسافر . لجم المراكب،و انتحى أعلى الجبال ـ يا صخرة صلّى عليها والدي لتصون ثائر أنا لن أبيعك باللآلي . أنا لن أسافر..لن أسافر..لن أسافر ! أصوات أحبابي تشق الريح،تقتحم الحصون ـ يا أمنا انتظري أمام الباب..إنّا عائدون هذا زمان لا كما يتخيلون..بمشيئة الملاّح تجري الريح..و التيار يغلبه السفين ! ماذا طبخت لنا ؟ فإنّا عائدون . نهبوا خوابي الزيت،يا أمي،و أكياس الطحين هاتي بقول الحقل ! هاتي العشب ! إنّا عائدون ! خطوات أحبابي أنين الصخر تحت يد الحديد و أنا مع الأمطار ساهد عبثا أحدّق في البعيد سأظل فوق الصخر..تحت الصخر..صامد97 ـ قاع المدينة عشرون أغنية عن الموت المفاجئ كل أغنية قبيلة و نحب أسباب السقوط على الشوارع..كل نافذة خميلة . و الموت مكتمل،قفي ملء الهزيمة يا مدينتنا النبيلة في كلّ موت كان موتي حالة أخرى..بديلا كان للغة الهزيلة ( و العائدون من الجنازة عانقوني كسّروا ضلعين و انصرفوا ومن عاداتهم أن يكذبوا لكنّني صدقّتهم و خرجت من جلدي لأغرق في شوارعك القتيلة ) تتفجرين الآن برقوقا و أنفجر اعترافا جارحا بالحبّ : لولا الموت كنت حجارة سوداء كنت يدا محنّطة نحيلة لا لون للجدران،لولا قطرة الدم لا ملامح للدروب المستطيلة ( و العائدون من الجنازة عانقوني كسّروا ضلعين..و انصرفوا..و من عاداتهم أن يسأموا لكنهم كانوا يريدون البقاء..خرجت من جلدي و قابلت الطفولة ) . قد صار للإسمنت نبض فيك صار لكل قنطرة جديلة شكرا ـ صليب مدينتي شكرا..لقد علّمتنا لون القرنفل و البطولة يا جسرنا الممتدّ من فرح الطفولة ـ يا صليب ـ إلي الكهولة الآن،نكتشف المدينة فيك آه..يا مدينتنا الجميلة !..98 ـ قال المغني هكذا يكبر الشجر و يذوب الحصى..رويدا رويدا من خرير النهر ! المغني،على طريق المدينة ساهر اللحن..كالسهر قال للريح في ضجر : ـ دمّريني ما دمت أنت حياتي مثلما يدّعي القدر ـ ..و اشربينى نخب انتصار الرفات هكذا ينزل المطر يا شفاه المدينة الملعونة ! أبعدوا عنه سامعيه و السكارى..و قيّدوه و رموه في غرفة التوقيف شتموا أمه،و أمّ أبيه و المغني..يتغنى بشعر شمس الخريف يضمد الجرح..بالوتر ! المغني على صليب الألم جرحه ساطع كنجم قال للناس حوله كلّ شيء..سوى الندم : هكذا متّ واقفا واقفا متّ كالشجر ! هكذا يصبح الصليب منبرا..أو عصا نغم و مساميره..وتر ! هكذا ينزل المطر هكذا يكبر الشجر..
|
|
| |
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57 عدد الرسائل : 18803 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783 ترشيحات : 121 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 16/9/2009, 03:33 | |
| 99 ـ قتلوك في الواديأهديك ذاكرتي على مرأى من الزمن أهديك ذاكرتي ماذا تقول النار في وطني ماذا تقول النار ؟ هل كنت عاشقتي أم كنت عاصفة على أوتار ؟ وأنا غريب الدار في وطني غريب الدار..أهديك ذاكرتي على مرأى من الزمن أهديك ذاكرتي ماذا يقول البرق للسكين ماذا يقول البرق هل كنت في حطين رمزا لموت الشرق وأنا صلاح الدين أم عبد الصليبي ؟أهديك ذاكرتي على مرأى من الزمن أهديك ذاكرتي ماذا تقول الشمس في وطني ماذا تقول الشمس ؟ هل أنت ميتة بلا كفن وأنا بدون القدس ؟ طلعت من الوادي يقل تضاءل الوادي وغاب وجمالها السرّي لفّ سنابل القمح الصغيرة حل أسئلة التراب . هل تذكرون الصيف يا أبناء جيلي يا كل أزهار الجليل وكل أيتام الجليل هل تذكرون الصيف يصعد من أناملها ويفتح كل باب . قالت بنفسجة لجارتها عطشت،وكان عبد الله يسقيني فمن أخذ الشباب من الشباب ؟ طلعت من الوادي وفي الوادي تموت..ونحن نكبر في السلاسل طلعت من الوادي مفاجأة وفي الوادي تموت على مراحل . ونمرّ عنها الآن جيلا بعد جيل . ونبيع زيتون الجليل بلا مقابل ونبيع أحجار الجليل ونبيع تاريخ الجليل ونبيعها . كي نشتري في صدرها شكلا لمقتول يقاتل لم أعترف بالحبّ عن كثب فليعترف موتي وطفولتي ـ طروادة العرب تمضي..و لا تأتي كلّ الخناجر فيك،فارتفعي يا خضرة الليمون وتوهجي في الليل واتسعي لبكاء من يأتون الريح واقفة على خنجر ودماؤنا شفق لا تحرقي منديلك الأخضر الليل يحترق طوبى لمن نامت على خشبه ملء الردى..حيّه طوبى لسيف يجعل الرقبة أنهار حرية ! لم نعترف بالحبّ عن كثب فليغضب الغضب نمشي إلي طروادة العرب والبعد يقترب لا تذكرينا حين نفلت من يديك إلي المنافي الواسعة أنا تعلّمنا اللغات الشائعة ومتاعب السّفر الطويل إلي خطوط الاستواء والنوم في كل القطارات البطيئة والسريعة والحبّ في الميناء..والغزل المعدّ لكل أنواع النساء أنا تعلّمنا صداقة كل جرح ومصارع العشاق والشوق المّلعب والحساء بدون ملح ـ يا أيّها البلد البعيد هل ضاع حبّي في البريد ؟ لا قبلة المطاط تأتينا ولا صدا الحديد كلّ البلاد بلادنا ونصيبنا منه..البريد ! لا تذكرينا حين نفلت من يديك إلي السجون أنّا تعلمنا البكاء بلا دموع وقراءة الأسوار والأسلاك والقمر الحزين حرية..وحمامه..ورضا يسوع . وكتابة الأسماء عائشة تودّع زوجها وتعيش عائشة..تعيش روائح الدم والندى والياسمين ـ يا أيّها الوجه البعيد قتلوك في الوادي،وما قتلوك في قلبي أريدك أن تعيد تكوين تلقائّيتي يا أيّها الوجه البعيد ! ولتذكرينا..حين نبحث عنك تحت المجزرة وليبق ساعدك المطلّ على هدير البحر والدم في الحدائق وعلى ولادتنا الجديدة . قنطره ! ولتبق كل زنابق الكف الندية في حديقتها فأنّا قادمون من يشتري للموت تذكرة سوانا اليوم..من ! نحن اعتصرنا كل غيم خرائط الدنيا وأشعار الحنين إلي الوطن لا ماؤها يروي ولا أشواقها تكوي ولا تبني وطن . ولتذكرينا نحن نذكرك اخضرارا طالعا من كل دم طين..ودم شمس..ودم زهر..ودم ليل..و دم وسنشتهيك ـ وأنت طالعة من الوادي غزالا سابحا في حقل دم دم دم دم..يا قبلة نامت على سكين تفّاحة القبل من يذكر الطعم الذي يبقى ـ ولا تبقي ـ،كحديقة الأمل ! ـ أنّا كبرنا أيّها المسكين .قالت الدنيا . ـ حبيبتي ؟ "لا يكبر الموتى ـ وأقماري ؟ سقطت مع الدار" يا قبلة نامت على سكّين هل تذكرين فمي ؟ أني أحبّك حين تحترقين هل تحرقين دمي ! كالزنبق اللاذع وأحب موتك حين يأخذني إلي وطني كالطائر الجائع يا قبلة نامت على سكّي..، البرتقال يضيء غربتنا البرتقال يضيء والياسمين يثير عزلتنا والياسمين يضيءيا قبلة نامت على سكّين تستيقظين على حدود الغد تستيقظين الآن وتبعثرين الساحل الأسود كالريح والنسيان يا قبلة نامت على سكّين كبر الرحيل كبر اصفرار الورد يا حبي القتيل كبر التسكّع في ضياء العالم المشغول عني كبر المساء على شوارع كل منفى كبر المساء على نوافذ كل سجن وكبرت في كل الجهات وكبرت في كل الفصول..وأراك تبتعدين..تبتعدين في الوادي البعيد وتغادرين شفاهنا وتغادرين جلودنا وتغادرين..وأنت عيد وأراك أشجار النخيل سقطت . وماذا قال عبد اللّه ؟ ـ في الزمن البخيل يتكاثر الأطفال والذكرى وأسماء الإله وأراك كل يد تصيح هناك آه كنّا صغارا كانت الأشياء جاهزة وكان الحبّ لعبه . وأراك وجهي فيك يعرفني ويعرف كلّ حبّه من شاطئ الرمل الكبير وأنت تبتعدين عني والموت لعبه..وأراك..أحنت غابة الزيتون هامتها لريح عابره كل الجذور هنا هنا كل الجذور الصابرة فلتحترق كل الرياح السود في عينين معجزتين يا حبي الشجاع لم يبق شيء للبكاء إلي اللقاء إلي اللقاء كبرت مراسيم الوداع والموت مرحلة بدأناها وضاع الموت ضاع في ضجة الميلاد فامضي من الوادي إلي سبب الرحيل جسدا على الأوتار يركض كالغزال المستحيل..100 ـ القتيل رقم 18 غابة الزيتون كانت مرة خضراء كانت..و السماء غابة زرقاء..كانت حبيبي ما الذي غيرّها هذا المساء ؟ ........أوقفوا سيارة العمال في منعطف الدرب و كانوا هادئين و أدارونا إلي الشرق..و كانوا هادئين ........كان قلبي مرة عصفور زرقاء..يا عش حبيبي و مناديلك عندي،كلها بيضاء،كانت حبيبي ما الذي لطّخها هذا المساء ؟ أنا لا أفهم شيئا يا حبيبي ! ........أوقفوا سيارة العمال في منتصف الدرب و كانوا هادئين و أدارونا إلي الشرق..و كانوا هادئين ........لك مني كلّ شيء لك ظل لك ضوء خاتم العرس،و ما شئت و حاكورة زيتون و تين و سآتيك كما في كل ليلة أدخل الشبّاك،في الحلم،و أرمي لك فله لا تلمني إن تأخرت قليلا إنهم قد أوقفوني غابة الزيتون كانت دائما خضراء كانت يا حبيبي إن خمسين ضحيّة جعلتها في الغروب..بركة حمراء..خمسين ضحيّة يا حبيبي..لا تلمني..قتلوني..قتلوني..قتلوني..
|
|
| |
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57 عدد الرسائل : 18803 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783 ترشيحات : 121 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 16/9/2009, 03:34 | |
| 101 ـ القتيل رقم 48وجدوا في صدره قنديل ورد..و قمر وهو ملقى،ميتا،فوق حجّر وجدوا في جيبه بعض قروش وجدوا علبة كبريت،و تصريح سفرّ..و على ساعده الغض نقوش . قبلته أمّه..و بكت عاما عليه بعد عام،نبت العوسج في عينيه و اشتدّ الظلام عندما شبّ أخوه و مضى يبحث عن شغل بأسواق المدينة حبسوه..لم يكن تصريح سفر إنه يحمل في الشارع صندوق عفونة و صناديق أخر آه : أطفال بلادي هكذا مات القمر ! 102 ـ قراءة في وجه حبيبتي وحين أحدّق فيك أرى مدنا ضائعة أرى زمنا قرمزيا أرى سبب الموت و الكبرياء أرى لغة لم تسجل و آلهة تترجل أمام المفاجأة الرائعة . ..و تنتشرين أمامي صفوفا من الكائنات التي لا تسمى و ما وطني غير هذي العيون التي تجهل الأرض جسما..و أسهر فيك على خنجر واقف في جبين الطفولة هو الموت مفتتح الليلة الحلوة القادمة و أنت جميلة كعصفورة نادمة....و حين أحدق فيك أرى كربلاء و يوتوبيا و الطفولة و أقرأ لائحة الأنبياء وسفر الرضا و الرذيلة..أرى الأرض تلعب فوق رمال السماء أرى سببا لاختطاف المساء من البحر و الشرفات البخيلة !..103 ـ قصائد عن حب قديم ـ 1 ـعلى الأنقاض وردتنا ووجهانا على الرمل إذا مرّت رياح الصيف أشرعنا المناديلا على مهل..على مهل و غبنا طيّ أغنيتين،كالأسرى نراوغ قطرة الطل تعالي مرة في البال يا أختاه ! إن أواخر الليل تعرّيني من الألوان و الظلّ و تحميني من الذل ! و في عينيك،يا قمري القديم يشدني أصلي إلي إغفاءه زرقاء تحت الشمس..و النخل بعيدا عن دجى المنفى..قريبا من حمى أهلي ـ 2 ـتشهّيت الطفولة فيك . مذ طارت عصافير الربيع تجرّد الشجر وصوتك كان،يا ما كان،يأتي من الآبار أحيانا و أحيانا ينقطه لي المطر نقيا هكذا كالنار كالأشجار..كالأشعار ينهمر تعالي كان في عينيك شيء أشتهيه و كنت أنتظر و شدّيني إلي زنديك شديني أسيرا منك يغتفر تشهّيت الطفولة فيك مذ طارت عصافير الربيع تجرّد الشجرّ ! ـ 3 ـ..و نعبر في الطريق مكبلين..كأننا أسرى يدي،لم أدر،أم يدك احتست وجعا من الأخرى ؟ و لم تطلق،كعادتها،بصدري أو بصدرك..سروة الذكرى كأنّا عابرا درب،ككلّ الناس،إن نظرا فلا شوقا و لا ندما و لا شزرا و نغطس في الزحام لنشتري أشياءنا الصغرى و لم نترك لليلتنا رمادا..يذكر الجمرا وشيء في شراييني يناديني لأشرب من يدك ترمد الذكرى ـ 4 ـترجّل،مرة،كوكب و سار على أناملنا و لم يتعب و حين رشفت عن شفتيك ماء التوت أقبل،عندها،يشرب و حين كتبت عن عينيك نقّط كل ما أكتب و شاركنا و سادتنا..و قهوتنا و حين ذهبت..لم يذهب لعلي صرت منسيا لديك كغيمة في الريح نازلة إلي المغرب..و لكني إذا حاولت أن أنساك..حطّ على يدي كوكب ـ 5 ـلك المجد تجنّح في خيالي من صداك..السجن،و القيد أراك،استند إلي وساد مهرة..تعدو أحسك في ليالي البرد شمسا في دمي تشدو أسميك الطفولة يشرئب أمامي النهد أسميك الربيع فتشمخ الأعشاب و الورد أسميك السماء فتشمت الأمطار و الرعد لك المجد فليس لفرحتي بتحيري حدّ و ليس لموعدي وعد لك..المجد ـ 6 ـو أدركنا المساء..و كانت الشمس تسرّح شعرها في البحر و آخر قبلة ترسو على عينيّ مثل الجمر ـ خذي مني الرياح و قّبليني لآخر مرة في العمر ..و أدركها الصباح و كانت الشمس تمشط شعرها في الشرق لها الحناء و العرس و تذكرة لقصر الرق ـ خذي مني الأغاني و اذكريني..كلمح البرق و أدركني المساء و كانت الأجراس تدق لموكب المسبية الحسناء و قلبي بارد كالماس و أحلامي صناديق على الميناء ـ خذي مني الربيع وودّعيني..
|
|
| |
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57 عدد الرسائل : 18803 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783 ترشيحات : 121 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 16/9/2009, 03:36 | |
| 104 ـ قصيدة الأرضفي شهر آذار،في سنة الانتفاضة،قالت لنا الأرض أسرارها الدمويّة . في شهر آذار مرّت أمام البنفسج والبندقيّة خمس بنات . وقفن على باب مدرسة ابتدائيّة،واشتعلن مع الورد والزعتر البلديّ . افتتحن نشيد التراب . دخلن العناق النهائيّ ـ آذار يأتي إلي الأرض من باطن الأرض يأتي،ومن رقصة الفتياتـ البنفسج مال قليلا ليعبر صوت البنات . العصافير مدّت مناقيرها في اتجاه النشيد وقلبي . أنا الأرض والأرض أنت خديجة ! لا تغلقي الباب لا تدخلي في الغياب سنطردهم من إناء الزهور وحبل الغسيل سنطردهم عن حجارة هذا الطريق الطويل سنطردهم من هواء الجليل . وفي شهر آذار،مرّت أمام البنفسج والبندقيّة خمس بنات . سقطن على باب مدرسة ابتدائيّة . للطباشير فوق الأصابع لون العصافير . في شهر آذار قالت لنل الأرض أسرارها . ـ 1 ـأسمّي التراب امتدادا لروحي أسمّي يديّ رصيف الجروح أسمّي الحصى أجنحة أسمّي العصافير لوزا وتين أسمّي ضلوعي شجر وأستلّ من تينة الصدر غصنا وأقذفه كالحجر وأنسف دبّابة الفاتحين . ـ 2 ـوفي شهر آذار،قبل ثلاثين عاما وخمس حروب،ولدت على كومة من حشيش القبور المضيئة . أبي كان في قبضة الانجليز . أمّي تربّي جديلتها وامتدادي على العشب . كنت أحبّ " جراح الحبيب " وأجمعها في جيوبي،فتذبل عند الظهيرة،مرّ الرصاص على قمري الليلكيّ فلم ينكسر غير أن الزمان يمرّ على قمري الليلكيّ فيسقط في القلب سهوا..وفي شهر آذار نمتدّ في الأرض في شهر آذار تنتشر الأرض فينا مواعيد غامضة واحتفالا بسيطا ونكتشف البحر تحت النوافذ والقمر الليلكيّ على السرو في شهر آذار ندخل أول سجن وندخل أول حبّ . وتنهمر الذكريات على قرية في السياج وجدنا هناك ولم نتجاوز ظلال السفرجل كيف تفرّين من سبلي يا ظلال السفرجل ؟ في شهر آذار ندخل أول حبّ وندخل أول سجن وتنبلج الذكريات عشاء من اللغة العربية قال لي الحبّ يوما : دخلت إلي الحلم وحدي فضعت وضاع بي الحلم . قلت : تكاثر ! تر النهر يمشي إليك . وفي شهر آذار تكتشف الأرض أنهارها ـ 3 ـبلادي البعيدة عني..كقلبي ! بلادي القريبة مني..كسجني ! لماذا أغنّي مكانا،ووجهي مكان ؟ لماذا أغنّي لطفل ينام على الزعفران وفي طرف النوم خنجر وأمّي تناولني صدرها وتموت أمامي بنسمة عنبر ؟ ـ 4 ـوفي شهر آذار تستيقظ الخيل سيّدتي الأرض ! أيّ نشيد سيمشي على بطنك المتموّج،بعدي ؟ وأيّ نشيد يلاءم هذا الندى والبخور كأنّ الهياكل تستفسر الآن عن أنبياء فلسطين في بدئها المتواصل هذا اخضرار المدى واحمرار الحجارة ـ هذا نشيدي وهذا خروج المسيح من الجرح والريح أخضر مثل البنات يغطي مساميره وقيودي وهذا نشيدي وهذا صعود الفتى العربيّ إلي الحلم والقدس..في شهر آذار تستيقظ الخيل . سيّدتي الأرض ! والقمم اللولبيّة تبسطها الخيل سجّادة للصلاة السريعة بين الرماح وبين دمي . نصف دائرة ترجع الخيل قوسا ويلمع وجهي ووجهك حيفا وعرسا وفي شهر آذار ينخفض البحر عن أرضنا المستطيلة مثل حصان على وتر الجنس . في شهر آذار ينتفض الجنس في شجر الساحل العربيّ وللموج أن يحبس الموج..أن يتموّج..أن يتزوّج..أو يتضرّج بالقطن أرجوك ـ سيّدتي الأرض ـ أن تسكنينى وأن تسكنيني صهيلك أرجوك أن تدفنيني مع الفتيات الصغيرات بين البنفسج والبندقية أرجوك ـ سيّدتي الأرض ـ أن تخصبي عمري المتمايل بين سؤالين : كيف ؟ وأين ؟ وهذا ربيعي الطليعيّ هذا ربيعي النهائيّ في شهر آذار زوجت الأرض أشجارها . ـ 5 ـكأنّي أعود إلي ما مضى كأنّي أسير أمامي وبين البلاط وبين الرضا أعيد انسجامي . أنا ولد الكلمات البسيطة وشهيد الخريطة أنا زهرة المشمش العائليّة . فيا أيّها القابضون على طرف المستحيل من البدء حتى الجليل أعيدوا إليّ يديّ أعيدوا إليّ الهويّة ! ـ 6 ـوفي شهر آذار تأتي الظلال حريرية والغزاة بدون ظلال وتأتي العصافير غامضة كاعتراف البنات وواضحة كالحقول العصافير ظلّ الحقول على القلب والكلمات . خديجة ! ـ أين حفيداتك الذاهبات إلي حبّهن الجديد ؟ ـ ذهبن ليقطفن بعض الحجارة قالت خديجة وهي تحث الندى خلفهنّ . وفي شهر آذار يمشي التراب دما طازجا في الظهيرة… خمس بنات يخبّئن حقلا من القمح تحت الضفيرة… يقرأن مطلع أنشودة عن دوالي الخليل . ويكتبن خمس رسائل : تحيا بلادي من الصفر حتى الجليل ويحلمن بالقدس بعد امتحان الربيع وطرد الغزاة . خديجة ! لا تغلقي الباب خلفك لا تذهبي في السحاب ستمطر هذا النهار ستمطر هذا النهار رصاصا ستمطر هذا النهار ! وفي شهر آذار،في سنة الانتفاضة،قالت لنا الأرض أسرارها الدمويّة : خمس بنات على باب مدرسة ابتدائيّة يقتحمن جنود المظلات . يسطع بيت من الشعر أخضر … أخضر . خمس بنات على باب مدرسة ابتدائيّة ينكسرن مرايا مرايا البنات مرايا البلاد على القلب … في شهر آذار أحرقت الأرض أزهارها . ـ 7 ـ أنا شاهد المذبحة وشهيد الخريطة أنا ولد الكلمات البسيطة رأيت الحصى أجنحه رأيت الندى أسلحه عندما أغلقوا باب قلبي عليّا وأقاموا الحواجز فيّا ومنع التجوّل صار قلبي حارة وضلوعي حجارة وأطلّ القرنفل وأطلّ القرنفل ـ 8 ـ وفي شهر آذار رائحة للنباتات . هذا زواج العناصر . " آذار أقسى الشهور " وأكثرها شبقا . أيّ سيف سيعبر بين شهيقي وبين زفيري ولا يتكسّر ! هذا عناقي الزراعيّ في ذروة الحبّ . هذا انطلاقي إلي العمر . فاشتبكي يا نباتات واشتركي في انتفاضة جسمي،وعودة حلمي إلي جسدي . سوف تنفجر الأرض حين أحقّق هذا الصراخ المكبّل بالريّ والخجل القروي . وفي شهر آذار نأتي إلي هوس الذكريات،وتنمو علينا النباتات صاعدة في اتجاهات كل البدايات . هذا نموّ التداعي . أسمّي صعودي إلي الزنزلخت التداعي . رأيت فتاة على شاطىء البحر قبل ثلاثين عاما وقلت : أنا الموج،فابتعدت في التداعي . رأيت شهيدين يستمعان إلي البحر . عكا تجيء مع الموج عكا تروح مع الموج . وابتعدا في التداعي . ومالت خديجة نحو الندى،فاحترقت،خديجة ! لا تغلقي الباب ! إنّ الشعوب ستدخل هذا الكتاب وتأفل شمس أريحا بدون طقوس . فيا وطن الأنبياء..تكامل ! ويا وطن الزراعيين..تكامل ! ويا وطن الشهداء..تكامل ! ويا وطن الضائعين..تكامل ! فكلّ شعاب الجبال امتداد لهذا النشيد،وكل الأناشيد فيك امتداد لزيتونة زمّلتني . ـ 9ـ مساء صغير على قرية مهمله وعينان نائمتان أعود ثلاثين عاما وخمس حروب وأشهد أن الزمان يخبّئ لي سنبله يغنّي المغنّي عن النار والغرباء وكان المساء مساء وكان المغنّي يغنّي ويستجوبونه : لماذا تغنّي ؟ يردّ عليهم : لأنّي أغنّي وقد فتّشوا صدره فلم يجدوا غير قلبه وقد فتّشوا قلبه فلم يجدوا غير شعبه وقد فتّشوا صوته فلم يجدوا غير حزنه وقد فتّشوا حزنه فلم يجدوا غير سجنه وقد فتّشوا سجنه فلم يجدوا غير أنفسهم في القيود وراء التلال ينام المغنّي وحيدا وفي شهر آذار تصعد منه الظلال ـ 10 ـ أنا الأمل السهل والرحب ـ قالت لي الأرض . والعشب مثل التحيّة في الفجر هذا احتمال الذهاب إلي العمر خلف خديجة . لم يزرعوني لكي يحصدوني يريد الهواء الجليليّ أن يتكلم عني،فينعس عند خديجة يريد الغزال الجليليّ أن يهدم اليوم سجني،فيحرس ظل خديجة وهي تميل على نارها يا خديجة ! إني رأيت..وصدقّت رؤياي . تأخذني في مداها وتأخذني في هواها . أنا العاشق الأبديّ،السجين البديهيّ . يقتبس البرتقال اخضراري ويصبح هاجس يافا أنا الأرض منذ عرفت خديجة لم يعرفوني لكي يقتلوني . بوسع النبات الجليليّ أن يترعرع بين أصابع كفي ويرسم هذا المكان الموزّع بين اجتهادي وحبّ خديجة هذا احتمال الذهاب الجديد إلي العمر من شهر آذار حتى رحيل الهواء عن الأرض هذا التراب ترابي وهذا السحاب سحابي وهذا جبين خديجة أنا العاشق الأبديّ السجين البديهيّ رائحة الأرض توقظني في الصباح المبكر..قيدي الحديديّ يوقظها في المساء المبكر هذا احتمال الذهاب الجديد إلي العمر،لا يسأل الذاهبون إلي العمر عن عمرهم يسألون عن الأرض : هل نهضت طفلتي الأرض ! هل عرفوك لكي يذبحوك ؟ وهل قيّدوك بأحلامنا فانحدرت إلي جرحنا في الشتاء ؟ وهل عرفوك لكي يذبحوك ؟ وهل قيّدوك بأحلامهم فارتفعت إلي حلمنا في الربيع ؟ أنا الأرض..يا أيّها الذاهبون إلي حبة القمح في مهدها أحرثوا جسدي ! أيّها الذاهبون إلي جبل النار مرّوا على جسدي أيّها الذاهبون إلي صخرة القدس مرّوا على جسدي أيّها العابرون على جسدي لن تمرّوا أنا الأرض في جسد لن تمرّوا أنا الأرض في صحوها لن تمرّوا أنا الأرض . يا أيّها العابرون على الأرض في صحوها لن تمرّوا لن تمرّوا لن تمرّوا105 ـ قصيدة الخبز ( إلي إبراهيم مرزوق ) كان يوما غامضا..تخرج الشمس إلي عاداتها كسلي رماد معدنيّ يملأ الشرق..و كان الماء في أوردة الغيم و في كل أنابيب البيوت يابسا كان خريفا يائسا في عمر بيروت و كان الموت يمتدّ من القصر إلي الراديو إلي بائعة الجنس إلي سوق الخضار ما الذي أيقظك الآن تمام الخامسة ؟ كان إبراهيم رسّام المياه و سياجا للحروب و كسولا عندما يوقظه الفجر و لكنّ لإبراهيم أطفالا من الليّلك و الشمس يريدون رغيفا و حليب كان إبراهيم رسّاما و أب كان حيّا من دجاج و جنوب و غضب و بسيطا كصليب المساحات صغيره مقعد في غرفة . لا شيء..لا شيء و كان الرسم بالماء وطن و التفاصيل لكم . وجهي أنا برقيّة هل تقرأون الماء كي تتّفق الآن ؟ البياض الأسود احتل المسافات أنا الورد الذي لا يومىء القيد الذي يأتي من الحرية ـ الفوضى أو الهجز الذي يأخذ شكل الوطن ـ البوليس هل كان الوطن انطباعا أم صراعا ؟ وضياعا أم خلاص كان يوما غامضا..وجهي أنا برقيّة الحنطة في حقل الرصاص ما الذي أيقظك الآن تمام الخامسة ؟ كنت تعرف هي بيروت الفوارق هي بيروت الحرائق ما الذي أيقظك الآن تمام الخامسة ؟ إنّهم يغتصبون الخبز و الإنسان منذ الخامسة... لمم يكن للحبر في يوم من الأيّام هذا الطعم،هذا الدم هذا الملمس الهامس هذا الهاجس الكونيّ هذا الجوهر الكلي ّ هذا الصوت هذا الوقت هذا اللون هذا الفنّ هذا الاندفاع البشريّ . السرّ . هذا السّحر هذا الانتقال الفذ من كهف البدايات إلي حرب العصابات إلي المأساة في بيروت من كان يموت في تمام الخامسة ؟ كان إبراهيم يستولي على اللون النهائيّ و يستولي على سر العناصر كان رسّاما وثائر كان يرسم وطنا مزدحما بالناس و الصفصاف و الحرب وموج البحر و العمال و الباعة و الريف و يرسم جسدا مزدحما بالوطن المطحون في معجزة الخبز و يرسم مهرجان الأرض و الإنسان،خبزا ساخنا عند الصباح كانت الأرض رغيفا كانت الشمس غزالة كان إبراهيم شعبا في الرغيف و هو الآن نهائيّ..نهائي ّ تمام السادسة دمه في خبزه خبزه في دمه الآن تمام السادسة..
|
|
| |
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57 عدد الرسائل : 18803 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783 ترشيحات : 121 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 16/9/2009, 03:37 | |
| 106 ـ قصيدة الرملإنّه الرمل مساحات من الأفكار و المرأة،فلنذهب مع الإيقاع حتى حتفنا في البدء كان الشجر العالي نساء كان ماء صاعدا . كان لغة . هل تموت الأرض كالإنسان هل يحملها الطائر شكلا للفراغ ؟ البدايات أنا و النهايات أنا و الرمل شكل و احتمال . برتقال يتناسى شهوتي الأولى . أرى في ما أرى النسيان،قد يفترس الأزهار و الدهشة،و الرمل هو الرمل . أرى عصرا من الرمل يغطينا،و يرمينا من الأيام . ضاعت فكرتي و امرأتي ضاعت و ضاع الرمل في الرمل . البدايات أنا و النهايات أنا و الرمل جسم الشجر الآتي،غيوم تشبه البلدان . لون واحد للبحر و النوم . و للعشاق وجه واحد،..و سنعتاد على القرآن في تفسير ما يجري،سنرمي ألف نهر في مجاري الماء . و الماضي هو الماضي،سيأتي في انتخابات المرايا سيّد الأيّام . و النخلة أمّ اللّغة الفصحى . أرى،في ما أرى،مملكة الرمل على الرمل و لن يبتسم القتلى لأعياد الطبول ووداعا..للمسافات وداعا..للمساحات وداعا للمغنّين الذين استبدوا "القانون" بالقانون كي يلتحموا بالرمل..مرحى للمصابين برؤياي،و مرحى للسيول . البدايات أنا و النهايات أنا أمشي إلي حائط إعدامي كعصفور غبيّ،و أظنّ السهم ضلعي و دمي أغنية الرمّان . أمشي و أغيب الآن في عاصفة الرمل،سيأتي الرمل رمليا و تأتين إلي الشاعر في الليل،فلا تجدين الباب و الأزرق،ضاعت لفظتي و امرأتي ضاعت..سيأتي..سوف يأتي عاشقان يأخذان الزنبق الهارب من أيّامنا و يقولان أمام النهر : كم كان قصيرا زمن الرمل و لا يفترقان و البدايات أنا و النهايات أنا107 ـ قطار الساعة الواحدة رجل و امرأة يفترقان ينفضان الورد عن قلبيهما،ينكسران . يخرج الظلّ من الظلّ يصيران ثلاثة : رجلا و امرأة و الوقت..لا يأتي القطار فيعودان إلي المقهى يقولان كلاما آخرا،ينسجمان و يحبّان بزوغ الفجر من أوتار جيتار و لا يفترقان....و تلفت أجيل الطرف في ساحات هذا القلب . ناداني زقاق ورفاق يدخلون القبو و النسيان في مدريد . لا أنسى من المرأة إلّا وجهها أو فرحي..أنساك أنساك و أنساك كثيرا لو تأخّرنا قليلا عن قطار الواحدة . لو جلسنا ساعة في المطعم الصيني،لو مرّت طيور عائدة . لو قرأنا صحف الليل لكنّا رجلا و امرأة يلتقيان . .108 ـ قمر الشتاء سألّم جثتك الشهيدة و أذيبها بالملح و الكبريت..ثم أعبّها..كالشاي كالخمر الرديئة..كالقصيدة في سوق شعر خائب و أقول للشعراء : يا شعراء أمتنا المجيدة ! أنا قاتل القمر الذي كنتم عبيدة ! ! سيقال : كالمتسول المنفي..كان ردّوه عن كل النوافذ و هو يبحث عن حنان . لا عاشقان يتذكّران..ـ قلبي على قمر تحجّر في مكان و يقال..كان ! و أنا على الإسفلت تحت الريح و الأمطار مطعون الجنان لا تفتح الأبواب في وجهي و لا تمتد نحو يدي يدان عيني على قمر الشتاء..وقد ترمّد في دمي..قلبي على قرص الدخان ! لا تظلموني أيّها الجبناء لم أقتل سوى نذل جبان بالأمس عاهدني و حين أتيته في الصبح..خان..
|
|
| |
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57 عدد الرسائل : 18803 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783 ترشيحات : 121 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 16/9/2009, 03:37 | |
| 109 ـ كان ما سوف يكون في الشارع الخامس حيّاني . بكى . مال على السور الزجاجي،ولا صفصاف في نيويورك . أبكاني . أعاد الماء للنهر . شربنا قهوة . ثم افترقنا في الثواني . منذ عشرين سنه وأنا أعرفه في الأربعين وطويلا كنشيد ساحليّ،وحزين كان يأتينا كسيف من نبيذ . كان يمضي كنهايات صلاه كان يرمي شعره في مطعم " خريستو" وعكا كلها تصحو من النوم وتمشي في المياه كان أسبوعا من الأرض،ويوما للغزاة ولأمّي أن تقول الآن : آه ! ليديه الورد والقيد . ولم يجرحه خلف السور ألّا جرحه السيّد . عشّاق يجيئون ويرمون المواعيد . رفعنا الساعد الممتد،دشنا العناقيد اختلطنا في صراخ الفيجن البريّ . كسرنا الأناشيد . انكسرنا في العون السود . قاتلنا . قتلنا . ثم قاتلنا . وفرسان يجيئون ويمضون . وفي كل فراغ سنرى صمت المغني أزرقا حتى الغياب منذ عشرين سنه وهو يرمي لحمه للطير والأسماك في كل اتجاه ولأمّي أن تقول الآن : آه ! أبن فلّاحين من ضلع فلسطين جنوبيّ شقيّ مثل دوريّ قوي فاتح الصوت كبير القدمين واسع الكفّ . فقير كفراشه أسمر حتى التداعي وعريض المنكبين ويرى أبعد من بوابة السجن يرى أقرب من أطروحة الفن يرى الغيمة في خوذة جندي يرانا،ويرى كرت الإعاشة وبسيط..في المقاهي واللغة ويحب الناي والبيرة لم يأخذ من الألفاظ إلّا أبسط الألفاظ سهلا كان كالماء بسيطا..كعشاء الفقراء . كان حقلا من بطاطا وذره لا يحب المدرسة ويحب النثر والشعر لعلّ السهل نثر ولعلّ القمح شعر . ويزور الأهل يوم السبت يرتاح من الحبر الإلهي ومن أسئلة البوليس . لم ينشر سوى جزأين من أشعاره الأولى وأعطانا البقية شوهدت خطوته فوق مطار اللد من عشر سنين واختفى.. كان ما سوف يكون فضحتني السنبلة ثم أهدتني السنونو لعيون القتلة ..شاحبا كالشمس في نيويورك : من أين يمرّ القلب ؟ هل في غابة الأسمنت ريش لحمام ؟ وبريدي فارغ . والفجر لا يلسع . والنجمة لا تلمع في هذا الزحام . ومسائي ضيّق . جسم حبيبي ورق . لا أحد حول مسائي " يتمنى أن يكون النهر والغيمة "..من أين يمرّ القلب ؟ من يلتقط الحم الذي يسقط قرب الأوبرا والبنك ؟ شلاّل دبابيس سيجتاح الملذات التي أحملها . لا أحلم الآن بشيء أشتهي أن أشتهي لا أحلم الآن بغير الانسجام أشتهي أو أنتهي لا . ليس هذا زمني شاحبا كالشمس في نيويورك أعطيني ذراعي لأعانق ورياحي لأسير ومن المقهى إلي المقهى . أريد اللغة الأخرى أريد الفرق بين النار والذكرى أريد الصفة الأولى لأعضائي وأعطيني ذراعي لأعانق ورياحي لأسير ومن المقهى إلي المقهى لماذا يهرب الشعر من القلب أذا ما ابتعدت يافا ؟ لماذا تختفي يافا أذا عانقتها ؟ لا ليس هذا زمني وأريد الصفة الأولى لأعضائي وأعطيني ذراعي لأعانق ورياحي لأسير ..واختفى في الشارع الخامس،أو بوابة القطب الشماليّ . ولا أذكر من عينيه ألا مدنا تأتي وتمضي . وتلاشى،وتلاشى.. والتقينا بعد عام في مطار القاهرة قال لي بعد ثلاثين دقيقه " ليتني كنت طليقا في سجون الناصرة " نام أسبوعا . صحا يومين . لم يذهب مع النيل إلي الأرياف لم يشرب من القهوة إلّا لونها . لم يرى المصري في مصر ولم يسأل سوى الكتّاب عن شكل الصراع الطبقي ثم ناداه السؤال الأبديّ الاغتراب الحجري قلت : من أي نبيّ كافر قد جاءك البعد النهائيّ ؟ بكى من كسل في نظراتي . هل تغيّرت ؟ تغيّرت . ولم تذهب حياتي عبثا . مال إلي النيل وقال : النيل ينسى ؟ قلت : لا ينسى كما كنا نظنّ وتذكّرنا معا إيقاعنا الماضي وموجات السنونو فوق كف تقرع الحائط والأرض التي نحملها في دمنا كالحشرات وتذكرنا معا إيقاعنا الماضي وموت الأصدقاء والذين اقتسموا أيّامنا،وانتشروا لم يحبونا كما كنّا نشاء لم يحبونا ولكن عرفونا.. كان يهذي عندما يصحو . ويصحو عندما يبكي ويمشي كخيام في البعيد العربيّ ذهب العمر هباء وفقدت الجوهري واختفى قرب غروب النيل أعددت له مرثية أخرى وجنّاز نخيل يا انتحاري المتواصل أوقف العمر لكي نبدأ من أي رحيل وتأجّج كنباتات الجليل وتوهّج كقتيل يا انتحاري المتواصل قف على ناصية الحلم وقاتل فلك الأجراس ما زالت تدقّ ولك الساعة ما زالت تدقّ وتلاشى مرة أخرى وخانتني الغصون كان ما سوف يكون فضحتنى السنبلة ثم أهدتني السنونو لسيوف القتلة كانت نيويورك في تابوتها الرسمي تدعونا إلي تابوتها . في الشارع الخامس حيّاني . بكى . مال على نافورة الاسمنت . لا صفصاف في نيويورك . أبكاني . أعاد الظل للبيت . اختبأنا في الصدى . هل مات منّا أحد ؟ كلّا . تغيّرت قليلا ؟ لا . هل الرحلة ما زالت هي الرحلة والميناء في القلب ؟ . نعم . كان بعيدا وبعيدا ونهائيّ الغياب دخّن الكأس.. تلاشى كغزال يتلاشى في مروّج تتلاشى في الضباب ورمى سيجارة في كبدي وارتاح لم ينظر إلي الساعة لم يسرقه هذا القمر الواقف تحت الطابق العاشر في منهاتن . التفّ بذكراه..تغشّاه رنين الجرس السريّ . مرّت بين كفينا عصافير عصافير و موت عائليّ . ليس هذا ومني . عاد شتاء آخر . ماتت نساء الخيل في حقل بعيد . قال إنّ الوقت لا يخرج مني . فتبادلت و قلبي مدنا تنهار من أوّل هذا العمر حتى آخر الحلم.. أنبقى هكذا نمضي إلي الخارج في هذا النهار البرتقاليّ فلا نلمس إلاّ الداخل الغامض ؟ من أين أتيت ؟ اخترقت عصفور رمحا فقلت اكتشفت قلبي أنبقى هكذا نمضي إلي الداخل في هذا النهار البرتقاليّ فلا نلمس إلاّ شرطة الميناء ؟ يهذي خارج الذكرى : أنا الحامل عبء الأرض، و المنقذ من هذا الضلال . الفتيات انتعلت روحي و سارت . و العصافير بنت عشّا على صوتي و شقّتني و طارت في المدى.. لم يتغيّر أيّ شيء و الأغاني شردتني شردتني ليس هذا زمني . لا ليس هذا وطني . لا ليس هذا بدني . كان ما سوف يكون فضحته السنبلة ثم أهدته السنونو لرياح القتلة |
|
| |
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57 عدد الرسائل : 18803 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783 ترشيحات : 121 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 16/9/2009, 03:38 | |
| 110 ـ كان موتي بطيئا باسمها أتراجع عن حلمها . ووصلت أخيرا إلي الحلم . كان الخريف قريبا من العشب . ضاع اسمها بيننا..فالتقينا لم أسجل تفاصيل هذا اللقاء السريع . أحاول شرح القصيدة كي أفهم الآن ذاك اللقاء السريع . هي الشيء أو ضدّه،و انفجارات روحي هي الماء و النار،كنا على البحر نمشي . هي الفرق بيني..و بيني . و أنا حامل الاسم أو شاعر الحلم . كان اللقاء سريعا . أنا الفرق بين الأصابع و الكفّ .كان الربيع قصيرا . أنا الفرق بين الغصون و بين الشجر . كنت أحلمها،و اسمها يتضاءل . كانت تسمى خلايا دمي . كنت أحلمها و التقينا أخيرا . أحاول شرح القصيدة كي أفهم الآن ماذا حدث ـ يحمل الحلم سيفا و يقتل شاعرة حين يبلغه ـ هكذا أخبرتني المدينة حين غفوت على ركبتيها لم أكن حاضرا لم أكن غائبا كنت بين الحضور و بين الغياب حجرا..أو سحابة ـ تشبهين الكآبة قلت لها باختصار شديد تشبهين الكآبة و لكنّ صدرك صار مظاهرة العائدين من الموت.. ماكنت جنديّ هذا المكان و ثوري هذا الزمان لأحمل لافته،أو عصا،في الشوارع . كان لقائي قصيرا و كان وداعي سريعا . و كانت تصير إلي امرأة عاطفية فالتحمت بها و حلمت بها و صارت تفاصيلها ورقا في الخريف فلملمها عسكري المرور . ورتبها في ملف الحكومة و في المتحف الوطني ـ تشبهين المدينة حين أكون غريبا قلت لها باختصار شديد ـ تشبهين المدينة . هل رآك الجنود على حافة الأرض هل هربوا منك أم رجموك بقنبلة يدوية ؟ قالت المرأة العاطفيّة : كلّ شيء يلامس جسمي يتحوّل أو يتشكل حتى الحجارة تغدو عصافير . قلت لها باكيا : و لماذا أنا أتشرد أو أتبدّد بين الرياح و بين الشعوب ؟ فأجابت : في الخريف تعود العصافير من حالة البحر ـ هذا هو الوقت ـ لا وقت و ابتدأت أغنية : في الخريف تعود العصافير من حالة البحر هذا هو الوقت،لا وقت للوقت هذا هو الوقت ـ ماذا تكون البقية ؟ ـ شبه دائرة أنت تكملها ـ أذهب الآن ؟ ـ لا تذهب الآن . إن الرياح على خطأ دائما . و المدينة أقرب . ـ المدينة أقرب ! ! أنت المدينة ـ لست مدينة أنا امرأة عاطفية هكذا قلت قبل قليل و اكتشفت الدليل و أنت البقية ـ آه،كنت الضحيّة فكيف أكون الدليل ؟ و كنت أعانقها . كنت أسألها نازفا : أأنت بعيدة ؟ ـ على بعد حلم من الآن و الحلم يحمل سيفا . و يقتل شاعره حين يبلغه ـ كيف أكمل أغنيتي و التفاصيل ضاعت . و ضاع الدليل ؟ ـ انتهت صورتي فابتدئ من ضياعك . أموت ـ أحبّك إن ثلاثة أشياء لا تنتهي : أنت،و الحبّ،و الموت قبّلت خنجرك الحلو ثم احتميت بكفّيك أن تقتليني و أن توقفيني عن الموت هذا هو الحب . إنّي أحبك حين أموت و حين أحبّك أشعر أني أموت فكوني امرأه و كوني مدينة ! و لكن،لماذا سقطت،لماذا احترقت بلا سبب ؟ و لماذا ترهّلت في خيمة بدويّه ؟ ـ لأنك كنت تمارس موتا بدون شهيّة و أضافت . كأن القدر يتكسّر في صوتها : هل رأيت المدينة تذهب أم كنت أنت الذي يتدحرج من شرفة الله قافلة من سبايا ؟ هل رأيت المدينة تهرب أم كنت أنت الذي يحتمي بالزوايا ! المدينة لا تسقط،الناس تسقط ! ورويدا..رويدا تفتت وجه المدينة لم نحوّل حصاها إلي لغة لم نسيّج شوارعها لم ندافع عن الباب لم ينضج الموت فينا كانت الذكريات مقرا لحكام ثورتها السابقة و مرّ ثلاثون عاما و ألف خريف و خمس حروب و جئت المدينة منهزما من جديد كان سور المدينة يشبهني و قلت لها : سأحاول حبّك.. لا أذكر الآن شكل المدينة لا أذكر اسمي ينادونني حسب الطقس و الأمزجه لقد سقط اسمي بين تفاصيل تلك المدينة لملمه عسكري المرور و رتبه في ملف الحكومة ـ تشبهين الهويّة حين أكون غريبا تشبهين الهويّة . ـ ليس قلبي قرنفلة ليس جسمي حقلا ـ ما تكونين ؟ هل أنت أحلى النساء و أحلى المدن ـ للذي يتناسل فوق السفن و أضافت : بين شوك الجبال و بين أماسي الهزائم كان مخاضي عسيرا ـ و هل عذبوك لأجلي ؟ ـ عذّبوك لأجلي ـ هل عرفت الندم ؟ ـ النساء ـ المدن قادرات على الحبّ،هل أنت قادر ؟ ـ أحاول حبّك لكنّ كل السلاسل تلتف حول ذراعيّ حين أحاول.. هل تخونينني ؟ ـ حين تأتي إلّي ـ هل تموتين قبلي ؟ سألتك : موتي ! ـ أيجديك موتي ؟ ـ أصير طليقا لأن نوافذ حبّي عبودّية و المقابر ليست تثير اهتمام أحد و حين تموتين أكمل موتي بين حلمي و بين اسمه كان موتي بطيئا بطيئا أموت ـ أحبّك إنّ ثلاثة أشياء لا تنتهي أنت،و الحبّ،و الموت أن تقتليني و أن توقفيني عن الموت . هذا هو الحبّ ..و انتهت رحلتي فابتدأت و هذا هو الوقت : ألأّ يكون لشكلك وقت . لم تكوني مدينه الشوارع كانت قبل و كان الحوار نزيفا و كان الجبل عسكريا . و كان الصنوبر خنجر . و لا امرأة كنت كانت ذراعاك نهرين من حثث و سنابل و كان جبينك بيدر و عيناك نار القبائل و كنت أنا من مواليد عام الخروج و نسل السلاسل . يحلم الحلم سيفا،و يقتل شاعره حين يبلغه ـ هكذا أخبرتني المدينة حين غفوت على ركبتيها لم أكن غائبا لم أكن حاضرا كنت مختفيا بالقصيده، إذا انفجرت من دمائي قصيده تصير المدينة وردا، كنت أمتشق الحلم من ضلعها و أحارب نفسي كنت أعلن يأسي على صدرها،فتصير امرأة كنت أعلن حبي على صدرها،فتصير مدينة كنت أعلن أن رحيلي قريب و أنّ الرياح و أنّ الشعوب تتعاطى جراحي حبوبا لمنع الحروب . بين حلمي و بين اسمه كان موتي بطيئا باسمها أتراجع عن حلمها . ووصلت و كان الخريف قريبا من العشب . ضاع اسمها بيننا..فالتقينا . لم أسجّل تفاصيل هذا اللقاء السريع أحاول شرح القصيدة لأغلق دائرة الجرح و الزنبقة و أفتح جسر العلاقة بين الولادة و المشنقة أحاول شرح القصيدة لأفهم ذاك اللقاء السريع أحاول أحاول..أحاول !
|
|
| |
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57 عدد الرسائل : 18803 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783 ترشيحات : 121 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 16/9/2009, 03:39 | |
| 111 ـ كأني أحبكلماذا نحاول هذا السفر و قد جرّدتني من البحر عيناك و اشتعل الرمل فينا..لماذا نحاول ؟ و الكلمات التي لم نقلها تشرّدنا..و كل البلاد مرايا و كل المرايا حجر لماذا نحاول هذا السفر ؟ هنا قتلوك هنا قتلوني . هنا كنت شاهدة النهر و الملحمة و لا يسأم النهر لا يتكلّم لا يتألم في كلّ يوم لنا جثّه و في كلّ يوم أوسمه هنا وقف النهر ما بيننا حارسا يجهل الضفتين توأمين بعيدين،كالقرب،عنّا قريبين،كالبعد،منّا و لا بد من حارس آه لا بدّ من حارس بيننا،كأنّ المياه التي تفصل الضفتين دم الجسدين و كنّا هنا ضفتين و كنّا هنا جسدين و كلّ البلاد مرايا و كلّ المرايا حجر لماذا نحاول هذا السفر ؟ كأنّ الجبال اختفت كلها و كأنّي أحبّك كان المطار الفرنسيّ مزدحما بالبضائع و الناس . كل البضائع شرعية ما عدا جسدي آه..يا خلف عينيك..يا بلدي كنت ملتحما بالوراء الذي يتقدّم ضيعت سيفي الدمشقي متهما بالدفاع عن الطين ليس لسيفي رأي بأصل الخلافة فاتهموني..علّقوني على البرج و انصرفوا لترميم قصر الضيافة كأني أحبّك حقا فأغمدت ريحا بخاصرتي كنت أنت الرياح و كنت الجناح و فتشت عنك السماء البعيدة و قد كنت أستأجر الحلم ـ للحلم شكل يقلدها ـ و كنت أغنّي سدى لحصان على شجر و في آخر الأرض أرجعني البحر كلّ البلاد مرايا و كل المرايا حجر لماذا نحاول هذا السفر ؟ تكونين أقرب من شفتيّ و أبعد من قبلة لا تصل كأنّي أحبّك كان الرحيل يطاردني في شوارع جسمك و كان الرحيل يحاصرني في أزقّة جسمك فأترك صمتي على شفتيك و أترك صوتي على درج المشنقة كأنّي أحبّك كان الرحيل يخبئني في جزائر جسمك ـ واسع ضيق هذا المدى ـ و الرحيل يخّبئني في فم الزنبقة أعيدي صياغة وقتي لأعرف أين أموت سدى مر يوم بلا شهداء أعيدي صياغة صوتي فإن المغني الذي ترسم الفتيات له صورة صادروا صوته ـ مرّ يوم بلا شهداء ـ و بين الفراغين أمشي إليك وفيك و أولد من نطفة لا أراها و ألعب في جثّتي و القمر لماذا نحاول هذا السفر و كل البلاد مرايا و كل المرايا حجر لماذا نحاول هذا السفر ؟112 ـ كتابة بالفحم المحترقمدينتنا..حوصرت في الظهيرة مدينتنا اكتشفت وجهها في الحصار . لقد كذب اللون،لا شأن لي يا أسيره بشمس تلمّع أوسمة الفاتحين و أحذية الراقصين . و لا شأن لي يا شوارع إلا بأرقام موتاك . فاحترقي كالظهيرة..كأنك طالعة من كتاب المراثي . ثقوب من الضوء في وجهك الساحليّ تعيد جبيني إليّ و تملأني بالحماس القديم إلي أبويّ . ..و ما كنت أؤمن إلاّ بما يجعل القلب مقهى و سوق . و لكنني خارج من مسامير هذا الصليب لأبحث عن مصدر آخر للبروق وشكل جديد لوجه الحبيب . رأيت الشوارع تقتل أسماءها و ترتيبها . و أنت تظلين في الشرفة النازلة إلي القاع . عينين من دون وجه و لكن صوتك يخترق اللوحة الذابلة . مدينتنا حوصرت في الظهيرة مدينتنا اكتشفت وجهها في الحصار .
|
|
| |
|