الشاعر عبد القوى الأعلامى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالأحداثموسوعة الأعلامى الحرةأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر
 

 أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
الوتر الحزين
شخصيات هامة
شخصيات هامة
الوتر الحزين

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 18803
أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 111010
العمل : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Unknow10
الحالة : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Yragb11
نقاط : 32783
ترشيحات : 121
الأوســــــــــمة : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 112

أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش   أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 I_icon_minitime16/9/2009, 02:52

28 ـ بيروت

بيروت من تعب ومن ذهب ، وأندلس وشام .
فضّة ، زبد ، وصايا الأرض في ريش الحمام .
وفاة سنبلة ، تشرّد نجمة بيني وبين حبيبتي بيروت .
لم أسمع دمي من قبل ينطق باسم عاشقة تنام على دمي . .
و تنام . .
من مطر على البحر اكتشفنا الاسم ، من طعم الخريف وبرتقال
القادمين من الجنوب ، كأنّنا أسلافنا نأتي إلي بيروت كي
نأتي إلي
بيروت . .
من مطر بنينا كوخنا ، والريح لا تجري فلا نجري ، كأنّ الريح
مسمار على الصلصال ، تحفر قبونا فننام مثل النمل في القبو
الصغير
كأننا كنا نغنىّ خلسة :
بيروت خيمتنا
بيروت نجمتنا
سبايا نحن في هذا الزمان الرخو
أسلمنا الغزاة إلي أهالينا
فما كدنا نعضّ الأرض حتى انقضّ حامينا
على الأعراس و الذكرى فوزّعنا أغانينا على الحرّاس
من ملك على عرش
إلي ملك على نعش
سبايا نحن في هذا الزمّان الرخو
لم نعثر على شبه نهائي سوى دمنا
و لم نعثر على ما يجعل السلطان شعبيّا
و لم نعثر على ما يجعل السجان وديا
و لم نعثر على شيء يدلّ على هويتنا
سوى دمنا الذي يتسلّق الجدران . .
ننشد خلسة :
بيروت خيمتنا
بيروت نجمتنا
. .و نافذة تطلّ على رصاص البحر
يسرقنا جميعا شارع و موشّح
بيروت شكل الظلّ
أجمل من قصيدتها و أسهل من كلام الناس
تغرينا بداية مفتوحة و بأبجديات جديدة :
بيروت خيمتنا الوحيدة
بيروت نجمتنا الوحيدة
هل تمددنا عل صفصافها لنقيس أجسادا محاها البحر عن أجسادنا
جئنا إلي بيروت من أسمائنا الأولى
نفتّش عن نهايات الجنوب و عن وعاء القلب . .
سال القلب سال . .
و هل تمدّدنا على الأطلال كي نصل الشمال بقامة الأغلال ؟
مال الظلّ مال عليّ ، كسّرني و بعثرني
و طال الظلّ طال . .
ليسرو الشجر الذي يسرو ليحملنا من الأعناق
عنقودا من القتلى بلا سبب . .
و جئنا من بلاد لا بلاد لها
و جئنا من يد الفصحى و من تعب . .
خراب هذه الأرض التي تمتدّ من قصر الأمير إلي زنازننا
و من أحلامنا الأولى إلي . . حطب
فأعطينا جدارا واحدا لنصيح يا بيروت !
أعطينا جدارا كي نرى أفقا و نافذة من اللهب
و أعطينا جدارا كي نعلّق فوقه لسدوم
التي انقسمت إلي عشرين مملكة
لبيع النفط . .و العربي
و أعطينا جدارا واحدا
لنصيح في شبه الجزيرة :
بيروت خيمتنا الأخيرة
بيروت نجمتنا الأخيرة
أفقّ رصاصيّ تناثر في الأفق
طرقّ من الصدف المجوّف . . لا طرق
و من المحيط إلي الجحيم
من الجحيم إلي الخليج
و من اليمين إلي اليمين إلي الوسط
شاهدت مشنقة فقط
شاهدت مشنقة بحبل
واحد
من أجل مليوني عنق !
بيروت ! من أين الطريق إلي نوافذ قرطبة
أنا لا أهاجر مرتّين
و لا أحبّك مرتين
و لا أرى في البحر غير البحر . .
لكنيّ أحوّم حول أحلامي
و أدعو الأرض جمجمة لروحي المتعبة
و أريد أن أمشي
لأمشي
ثم أسقط في الطريق
إلي نوافذ قرطبة
بيروت شاهدة على قلبي
و أرحل عن شوارعها و عنيّ
عالقا بقصيدة لا تنتهي
و أقول ناري لا تموت . .
على البنايات الحمام
على بقاياها السلام . .
أطوي المدينة مثلما أطوي الكتاب
و أحمل الأرض الصغيرة مثل كيس من سحاب
أصحو و أبحث في ملابس جثتي عنيّ
فنضحك : نحن ما زلنا على قيد الحياة
وسائر الحكّام
شكرا للجريدة لم تقل أني سقطت هناك سهوا . .
أفتح الطرق الصغيرة للهواء و خطوتي و الأصدقاء العابرين
و تاجر الخبز الخبيث ، و صورة البحر الجديدة
شكرا لبيروت الضباب
شكرا لبيروت الخراب . .
تكسّرت روحي ، سأرمي جثّتي لتصيبني الغزوات ثانية
و يسلمني الغزاة إلي القصيدة . .
أحمل اللغة المطيعة كالسحابة
فوق أرصفة القراءة و الكتابة :
"إن هذا البحر يترك عندنا آذانه و عيونه "
و يعود نحو البحر بحريّا
. .و أحمل أرض كنعان التي اختلف الغزاة على مقابرها
و ما اختلف الرواة على الذي اختلف الغزاة عليه
من حجر ستنشأ دولة الغيتو
و من حجر سننشئ دولة العشّاق
أرتجل الوداع
و تغرق المدن الصغيرة في عبارات مشابهة
و ينمو الجرح فوق الرمح أو يتناوبان عليّ
حتى ينتهي هذا النشيد . .
و أهبط الدرج الذي لا ينتهي بالقبو و الأعراس
أصعد مرة أخرى على الدرج الذي لا ينتهي بقصيدة . .
أهذي قليلا كي يكون الصحو و الجلاّد . .
أصرخ : أيّها الميلاد عذّبني لأصرخ أيّها الميلاد . .
من أجل التداعي أمتطي درب الشآم
لعلّ لي رؤيا
و أخجل من صدى الأجراس و هو يجيئني صدأ
و أصرخ في أثينا : كيف تنهارين فينا ؟
ثم أهمس في خيام البدو :
وجهي ليس حنطيّا تماما و العروق مليئة بالقمح . .
أسأل آخر الإسلام :
هل في البدء كان النفط
أم في البدء كان السخط ؟
أهذي ، ربمّا أبدو غريبا عن بني قومي
فقد يفرنقع الشعراء عن لغتي قليلا
كي أنظفها من الماضي و منهم . .
لم أجد جدوى من الكلمات إلا رغبة الكلمات
في تغيير صاحبها . .
وداعا للذي سنراه
للفجر الذي سيشقّنا عمّا قليل
لمدينة ستعيدنا لمدينة
لتطول رحلتنا و حكمتنا
وداعا للسيوف و للنخيل
لحماية ستطير من قلبين محروقين بالماضي
إلي سقف من القرميد . .
هل مرّ المحارب من هنا
كقذيفة في الحرب ؟
هل كسرت شظاياه كؤوس الشاي في المقهى ؟
أرى مدنا من الورق المسلح بالملوك و بذلة الكاكي ؟
أرى مدنا تتوج فاتحيها
و الشرق عكس الغرب أحيانا
و شرق الغرب أحيانا
و صورته و سلعته . .
أرى مدنا تتوّج فاتحيها
و تصدّر الشهداء كي تستورد الويسكي
و أحدث منجزات الجنس و التعذيب . .
هل مرّ المحارب من هنا
كقذيفة في الحرب ؟
هل كسرت شظايا كؤوس الشاي في المقهى ؟
أرى مدنا تعلّق عاشقيها
فوق أغصان الحديد
و تشرّد الأسماء عند الفجر . .
. .عند الفجر يأتي سادن الصنم الوحيد
ماذا نودّع غير هذا السجن ؟
ماذا يخسر السجناء ؟
نمشي نحو أغنية بعيدة
نمشي إلي الحرية الأولى
فنلمس فتنة الدنيا لأول مرة في العمر . .
هذا الفجر أزرق
و الهواء يرى و يؤكل مثل حبّ التين
نصعد
واحدا
و ثلاثة
مائة
و ألفا
باسم شعب نائم في هذه الساعات
عند الفجر عند الفجر ، نختتم القصيدة
و نرتب الفوضى على درجات هذا الفجر
بوركت الحياة
و بورك الأحياء
فوق الأرض
لا تحت الطغاة
تحيا الحياة !
تحيا الحياة !
قمر على بعلبك
ودم على بيروت
يا حلو ، من صبّك
فرسا من الياقوت !
قل لي ، و من كبّك
نهرين في تابوت !
يا ليت لي قلبك
لأموت حين أموت
. .من مبنى بلا معنى إلي معنى بلا مبنى" .
وجدنا الحرب . .
هل بيروت مرآه لنكسرها و ندخل في الشظايا
أم مرايا نحن يكسرنا الهواء ؟
تعال يا جندي حدثني عن الشرطيّ :
هل أوصلت أزهاري إلي الشبّاك ؟
هل بلّغت صمتي للذين أحبّهم و لأول الشهداء ؟
هل قتلاك ماتوا من أجلي و أجل البحر . .
أم هجموا عليّ وجرّدوني من يد امرأة
تعدّ الشاي لي و النّاي للمتحاربين ؟
و هل تغيّرت الكنيسة بعدما خلعوا على المطران زيّا عسكريا ؟
أم تغيّرت الفريسة ؟
هل تغيرت الكنيسة
أم تغيّرنا ؟
شوارع حولنا تلتفّ
خذ بيروت من بيروت ، وزّعها على المدن
النتيجة : فسحة للقبو
ضع بيروت في بيروت ، واسحبها من المدن
النتيجة : حانة للهو
. .نمشي بين قنبلتين
ـ هل نعتاد هذا الموت ؟
ـ هل تعرف القتلى جميعا ؟
ـ أعرف العشّاق من نظراتهم
و أرى عليها القاتلات الراضيات بسحرهن و كيدهن
. . و ننحني لتمر قنبلة ؟
نتابع ذكريات الحرب في أيامها الأولى
ـ ترى ، ذهبت قصيدتنا سدى
ـ لا . . لا أظنّ
ـ إذن ، لماذا تسبق الحرب القصيدة
ـ نطلب الإيقاع من حجر فلا يأتي
و للشعراء آلهة قديمة
. .و تمرّ قنبلة ، فندخل حانة في فندق الكومودور
ـ يعجبني كثيرا صمت رامبو
أو رسائله التي نطقت بها إفريقيا
ـ و خسرت كافافي
ـ لماذا
ـ قال لي : لا تترك الاسكندرية باحثا عن غيرها
ـ ووجدت كافكا تحت جلدي نائما
و ملائما لعباءة الكابوس ، و البوليس فينا
ـ ارفعوا عنيّ يدي
ـ ماذا ترى في الأفق ؟
ـ أفقا آخرا
ـ هل تعرف القتلى جميعا ؟
ـ و الذين سيولدون . .
سيولدون
تحت الشجر
و سيولدون
تحت المطر
و سيولدون
من الحجر
و سيولدون
من الشظايا
يولدون
من المرايا
يولدون
من الزوايا
و سيولدون
من الهزائم
يولدون
من الخواتم
يولدون
من البراعم
و سيولدون
من البداية
يولدون
من الحكاية
يولدون
بلا نهاية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com
الوتر الحزين
شخصيات هامة
شخصيات هامة
الوتر الحزين

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 18803
أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 111010
العمل : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Unknow10
الحالة : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Yragb11
نقاط : 32783
ترشيحات : 121
الأوســــــــــمة : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 112

أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش   أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 I_icon_minitime16/9/2009, 02:53

بقية قصيدة بيروت>>>>>
ــــــــــــــــــــ
و سيولدون ، و يكبرون ، و يقتلون ،
و يولدون ، و يولدون ، و يولدون
فسّر ما يلي :
بيروت ( بحر ـحرب ـ حبر ـ ربح )
البحر : أبيض أو رصاصيّ و في إبريل أخضر ،
أزرق ، لكنه يحمرّ في كل الشهور إذا غضب
و البحر : مال على دمي
ليكون صورة من أحبّ
الحرب : تهدم مسرحيتنا لتلعب دون نص أو كتاب
و الحرب : ذاكرة البدائيين و المتحضرين
و الحرب : أولها دماء
و الحرب : آخرها هواء
و الحرب : تثقب ظلّنا لتمرّ من باب لباب
الحبر : للفصحى و للضباط و المتفرجين على أغانينا
و للمستسلمين لمنظر البحر الحزين
الحبر : نمل أسود ، أو سيّد
و الحبر : برزخنا الأمين
و الربح : مشتق من الحرب التي تنتهي
منذ ارتدت أجسادنا المحراث
منذ الرحلة الأولى إلي صيد الظباء
حتى بزوغ الاشتراكيين في آسيا و في إفريقيا !
و الربح : يحكمنا
يشردنا عن الأدوات و الكلمات
يسرق لحمنا
و يبيعه
بيروت أسواق على البحر
اقتصاد يهدم الإنتاج
كي يبني المطاعم و الفنادق . .
دولة في شارع أو شقّة
مقهى يدور كزهرة العبّاد نحو الشمس
وصف للرحيل و للجمال الحرّ
فردوس الدقائق
مقعد في ريش عصفور
جبال تنحني للبحر
بحر صاعدة نحو الجبال
غزالة مذبوحة بجناح دوريّ
و شعب لا يحب الظل
بيروت ـ الشوارع في سفن
بيروت ـ ميناء لتجميع المدن
دارت علينا و استدارت .أدبرت و استدبرت
هل غيمة أخرى تخون الناظرين إليك يا بيروت ؟
هندسة تلاءم شهوة الفئة الجديدة
طحلب الأيام بين المدّ و الجزر
النفايات التي طارت من الطبقات نحو العرش . .
هندسة التحلّل و التشكّل
واختلاط السائرين على الرصيف عشيّة الزلزال . .
دارت و استدارت
هندسيّتها خطوط العالم الآتي إلي السوق الجديد
يُشترى و يباع . يعلو ثم يهبط مثل أسعار الدولار
و أونصة الذهب التي تعلو و تهبط وفق أسعار الدم الشرقيّ
لا . . بيروت بوصلة المحارب . .
نأخذ الأولاد نحو البحر كي يثقوا بنا . .
ملك هو الملك الجديد . .
وصوت فيروز الموزّع بالتساوي بين طائفتين
يرشدنا إلي ما يجعل الأعداء عائلة
و لبنان انتظار بين مرحلتين من تاريخنا الدمويّ
ـ هل ضاق الطريق
و من خطاك الدرب يبدأ يا رفيق ؟
ـ محاصر بالبحر و الكتب المقدسة
ـ انتهينا ؟
ـ لا . سنصمد مثل آثار القدامى
مثل جمجمة على الأيام نصمد
كالهواء و نظرة الشهداء نصمد . .
يخلطان الليل بالمتراس . ينتظران ما لا يعرفان
يخبّئان العالم العربيّ في مزق تسمّى وحدة . .
يتقاسمان الليل :
ـ ليلى لا تصدّقني
و لكني أصدّق حلمتيها حين تنتفضان . .
أغرتني بمشيتها الرشيقة :
أبطاء ظبي ، و ساق غزالة ، و جناح شحرور ، وومضة شمعدان
كلّما عانقتها طلبت رصاصا طائشا
ـ ملك هو الملك الجديد
إلي متى نلهو بهذا الموت ؟
ـ لا أدري ، و لكنّا سنحرس شاعرا في المهرجان
ـ لأيّ حزب ننتمي ؟
ـ حزب الدفاع عن البنوك الأجنبية واقتحام البرلمان
ـ إلي متى تتكاثر الأحزاب ، و الطبقات قلّت يا رفيق الليل ؟
ـ لا أدري ،
و لكن ربما أقضي عليك ، و ربما تقضي عليّ
إذا اختلفنا حول تفسير الأنوثة . .
ـ إنها الجمر الذي يأتي من الساقين
يحرقنا
ـ هي الصدر الذي يتنفّس الأمواج
يغرقنا
ـ هي العينان حين تضيّعان بداية الدنيا
ـ هي العنق الذي يشرب
ـ هي الشفتان حين تناديان الكوكب المالح
ـ هي الغامض
هي الواضح
ـ سأقتلك . المسدّس جاهز . ملك هو الملك ،
المسدّس جاهز .
بيروت شكل الشكل
هندسة الخراب . .
الأربعاء .السبت .بائعة الخواتم
حاجز التفتيش . صيّاد . غنائم
لغة و فوضى . ليلة الاثنين .
قد صعدوا السلالم
و تناولوا أرزاقهم . من ليس منّا
فهو من عرب و عاربة .سوالم
يوم الثلاثاء . الخميس . الأربعاء .
و تأبطوا تسعين جيتارا و غنّوا
حول مائدة الشواء الآدمي
قمر على بعلبك
و دم على بيروت
يا حلو ، من صبّك
فرسا من الياقوت
قل لي ، و من كبّك
نهرين في تابوت
يا ليت لي قلبك
لأموت حين أموت . .
. .أحرقنا مراكبنا . و علّقنا كواكبنا على الأسوار .
نحن الواقفين على خطوط النار نعلن ما يلي :
بيروت تفّاحة
و القلب لا يضحك
و حصارنا واحة
في عالم يهلك
سنرقّص الساحة
و نزوج الليلك
أحرقنا مراكبنا . و علّقنا كواكبنا على الأسوار
لم نبحث عن الأجداد في شجر الخرائط
لم نسافر خارج الخبز النقيّ و ثوبنا الطينيّ
لم نرسل إلي صدف البحيرات القديمة صورة الآباء
لم نولد لتسأل : كيف تمّ الانتقال الفذّ مما ليس عضويا
إلي العضوي ؟
لم نولد لتسأل . .
لم نولد لتسأل . .
قد ولدنا كيفما اتفق
انتشرنا كالنمال على الحصيرة
ثم أصبحنا خيولا تسحب العربات . .
نحن الواقفين على خطوط النار
أحرقنا زوارقنا ، و عانقنا بنادقنا
سنوقظ هذه الأرض التي استندت إلي دمنا
سنوقظها ، و نخرج من خلاياها ضحايانا
سنغسل شعرهم بدموعنا البيضاء
نسكب فوق أيديهم حليب الروح كي يستيقظوا
و نرش فوق جفونهم أصواتنا :
قوموا ارجعوا للبيت يا أحبابنا
عودوا إلي الريح التي اقتلعت جنوب الأرض من أضلاعنا
عودوا إلي البحر الذي لا يذكر الموتى و لا الأحياء
عودوا مرة أخرى
فلم نذهب وراء خطاكم عبثا
مراكبنا هنا احترقت
و ليس سواكم أرض ندافع عن تعرّجها و حنطتها
سندفع عنكم النسيان ، نحميكم
بأسلحة صنعناها لكم من عظم أيديكم
نسيجكم بجمجمة لكم
و بركة زلقت
فليس سواكم أرضا نسمّر فوقها أقدامنا . .
عودوا لنحميكم . .
"و لو أنّا على حجر ذبحنا "
لن نغادر ساحة الصمت التي سوت أياديكم
سنفديها و نفديكم
مراكبنا هنا احترقت
و خيّمنا على الريح التي اختنقت هنا فيكم
و لو صعدت جيوش الأرض هذا الحائط البشريّ
لن نرتدّ عن جغرافيا دمكم .
مراكبنا هنا احترقت
و منكم . . من ذراع لن تعانقنا
سنبني جسرنا فيكم
شوتنا الشمس
أدمتنا عظام صدوركم
حفت مفاصلنا منافيكم
"و لو أنّا على حجر ذبحنا"
لن نقول" نعم"
فمن دمنا إلي دمنا حدود الأرض
من دمنا إلي دمنا
سماء عيونكم و حقول أيديكم
نناديكم
فيرتدّ الصدى بلدا
نناديكم
فيرتد الصدى جسدا
من الأسمنت
نحن الواقفين على خطوط النار نعلن ما يلي :
لن نترك الخندق
حتى يمرّ الليل
بيروت للمطلق
و عيوننا للرمل
في البدء لم نخلق
في البدء كان القول
و الآن في الخندق
ظهرت سمات الحمل
تفّاحة في البحر ، امرأة الدم المعجون بالأقواس ،
شطرنج الكلام ،
بقيّة الروح ، استغاثات الندى ،
قمر تحطّم فوق مصطبة الظلام
بيروت ، و الياقوت حين يصيح من وهج على ظهر الحمام
حلم سنحمله . و نحمله متى شئنا . نعلّقه على أعناقنا
بيروت زنبقة الحطام
و قبلة أولى . مديح الزنزلخت .معاطف للبحر و القتلى
سطوح للكواكب و الخيام
قصيدة الحجر . ارتطام بين قبرّتين تختبئان في صدر . .
سماء مرّة جلست على حجر تفكّر ،
وردة مسموعة بيروت . صوت فاصل بين الضحية و الحسام .
ولد أطاح بكل ألواح الوصايا
و المرايا
ثم . . نام . .
ثم . . نام . .
ثم . . نام ! !

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com
الوتر الحزين
شخصيات هامة
شخصيات هامة
الوتر الحزين

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 18803
أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 111010
العمل : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Unknow10
الحالة : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Yragb11
نقاط : 32783
ترشيحات : 121
الأوســــــــــمة : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 112

أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش   أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 I_icon_minitime16/9/2009, 02:54

29 ـ تأملات في لوحة غائبة
كأني على موعد دائم معها
ها هي الأرض تكمل دورتها
ها هو الوقت يثمر تفاحة
نلتقي ؟
لم أجد غيرها امرأة ذاهبة
لم أجد غيرها خنجرا قادما .
كأنّ خطاها مفاجأة الموت
تأتي مفاجئة
و كأني على موعد دائم معها
تأخرت . .
أسرعت . .
إن فراغك ممتلئ قمرا
أحبّك ، أم أتنفّس ؟
أنتظر الشفتين ، أم الصاعقة ؟
لجسمك صوت يذكرني بالولادة
حين أموت
( و من عادتي أن أموت كثيرا )
تأخرت
أسرعت
كالصاعقة !
. . و أكتب عنك بلادا
و يحتلها الآخرون
و أرسم فيك جوادا
و يسرقه الآخرون
و أكتب
أرسم . .
كانت ذراعاك فاتحة الحزن و الزهر
كنت أعود إلي الأرض
كنت
أصاهر في كفّك الحجرا
و كان فراغك ممتلئا قمرا
كأني على موعد دائم معها
ها هي الأرض تكمل دورتها
ها هو الوقت يثمر تفاحة .
و للوقت كفّ تداعبني مرة .
و تقتلني مرة ،
أيّها الوقت كن يدها كي أراك
أيّها الوقت
كن
يدها
كي أراها . .
أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 008

30 ـ تحد
شدّوا وثاقي
و امنعوا عني الدفاتر
و السجائر
و ضعوا التراب على فمي
فالشعر دم القلب . .
ملح الخبز . .
ماء العين
يكتب بالأظافر
و المحاجر
و الخناجر
سأقولها
في غرفة التوقيف
في الحمام
في الإسطبل . .
تحت السوط . .
تحت القيد
في عنف السلاسل
مليون عصفور
على أغصان قلبي
يخلق اللحن المقاتل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com
الوتر الحزين
شخصيات هامة
شخصيات هامة
الوتر الحزين

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 18803
أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 111010
العمل : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Unknow10
الحالة : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Yragb11
نقاط : 32783
ترشيحات : 121
الأوســــــــــمة : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 112

أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش   أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 I_icon_minitime16/9/2009, 02:55

31 ـ تقاسيم علي الماء
وراء الخريف البعيد
ثلاثون عاما
وصورة ريتا
وسنبلة أكملت عمرها
في البريد .
وراء الخريف البعيد
أحبك يوما . . وأرحل
تطير العصافير باسمي
وتقتل
أحبك يوما
وأبكي
لأنك أجمل من وجه أمي
وأجمل
من الكلمات التي شرّدتني
على الماء وجهك .
ظل السماء
يخاصم ظلّي
وتمنعني من محاذاة هذا المساء
نوافذ أهلي .
متى يذبل الورد في الذاكرة ؟
متى يفرح الغرباء ؟
لكي أصف اللحظة العائمة ـ على الماء ـ
أسطورة أو سماء . .
. . وتحت السماء البعيدة
نسيتك ،
تنمو الزنابق
هناك . . بلا سبب
والبنادق
هناك . . بلا غضب
والقصيدة
هناك بلا شاعر
والسماء البعيدة
تحاذي سطوح المنازل
وقبعة الشرطيّ
وتنسى جبيني
وتحت المساء الغريب
تعذّبنا الأرض ،
جسمك يقتبس البرتقال
ويهرب منّي .
أحبّك ،
والأفق يأخذ شكل سؤال
أحبّك ،
والبحر أزرق
أحبّك ،
والعشب أخضر
أحبّك ـ زنبق
أحبّك ـ خنجر
أحبّك يوما
وأعرف تاريخ موتي
أحبّك يوما
بدون انتحار
وراء الخريف البعيد
أمشط شعرك .
أرسم خصرك .
في الريح ، نجما . . وعيد
أحبك يوما
أحبك قرب الخريف البعيد
تمرّ العصافير باسمي
طليقه
وباسمي ـ يمر النهار
حديقة ،
وباسمك أحيا
أحبك يوما
وأحيا . .
وراء الخريف البعيد .
أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 008

32 ـ تلك صورتها
تلك صورتها
وهذا العاشق
وأريدّ أن أتقمص الأشجار :
قد كذب المساء عليه . أشهد أنني غطيته بالصمت
قرب البحر
أشهد أنني ودعته بين الندى والانتحار .
وأريد أن أتقمص الأسوار :
قد كذب النخيل عليه . أشهد أنه وجد الرصاصة .
أنه أخفى الرصاصة .
أنه قطع المسافة بين مدخل جرحه والانفجار .
وأريد أن أتقمص الحرّاس :
قد كذب الزمان عليه . أشهد أنه ضدّ البداية
أنه ضدّ النهاية
كانت الزنزانة الأولى صباحا
كانت الزنزانة الأخرى مساء
كان بينهما نهار
وكأنه انتحر
السماء قريبة من ساقه
والنحل يمشي في الدم المتقدّم
الأمواج تمشي في الصدى
وكأنه انتحر
العصافير استراحت في المدى
وكأنه انتحر
احتجاجا
أو وداعا
أو سدى
وكأنّه انتحر
الظهيرة لا تمرّ . . ولا يمرّ
كأنه انتحر
السماء قريبة من ساقه
والنحل يمشي في الدم المتقدّم
البركان يولد بين حبات الندى
والصوت أسود كنت أعرف أن برقا ما سيأتي
كي أرى صوتا على حجر الظلام
والصوت أسود
كنت في أوج الزفاف
الطائرات تمرّ في عرسي
ـ كتبت ـ
حبيبتي فحم
ـ كتبت ـ
وكنت أعرف أن برقا ما سيأتي
كي يعود المطربون إلي ملابسهم
وإن الطائرات تمرّ في يومي
أنا المتكلم الغائب
الطائرات تمرّ في عرسي
فأختزل الفضاء وأشتهي العذراء
إن الطائرات تمرّ في يومي وفي حلمي تمرّ الطائرات
فأشتهي ما يشتهى
وأحبّ قبل الحب .
في زمن الدخان يضيء تفّاح المدينة
تنزل الرؤيا إلي الجدران
في زمن الدخان يخّبئ السجان صورته . .
رأيت عصفورين يحتلان قبّعة
رأيت الذكريات تفر من شبّاك جارتنا
وتسقط في جيوب الفاتحين
وأشتهي ما يشتهى
والطائرات تمرّ
والزمن المكلّس ينتهي في الانهيارات
الأصابع ظل ذاكرة على الجدران
والدم نطفة أو بذرة
لا لون لي
لا شكل لي
لا أمس لي
إن الشظايا حاصرتني
فاتسعت إلي الأمام
وصرت أعلى من مدينتنا أنا الشجر الوحيد
أنا الشظايا و الهدايا
أرتديك ، وأخلع الأيام
لا تاريخ قبل يديك
لا تاريخ بعد يديك
سموك البديل
لأن لون الثورة احتلّ الكآبة
والغزاة يمشطّون يديك من آثار ظهري
أرتديك وأخلع الأيام
سموك البديل
وبدلوك
كأن أغنية تغيرّ أو تطهّر أو تدمّر أو تفجّر
هم يبحثون عن البكارة خندقا
ويمارسون الغزو ضدّ الغزو في خلجان جسمك
أرتديك . . وأخلع الأيام
سموك البديل
وهم ضحاياك
اتسعت إلي الأمام وصحت بالأيام
لي يوم
وخطوتها . .
أنا ضدّ المدينة :
في زمان الحرب غطّتني الشظيّة
في زمان السلم غطّاني العراء :
عادوا إلي يافا : ولم أذهب
أنا ضدّ القصيدة :
غيّرت حزن النبي ولم تغير حاجتي للأنبياء .
والطائرات تعود من عرسي . تغادرني بلا سبب .
فأبحث عن تقاليدي ، وموتي الذين يحاصرون الليل ،
يقتربون من صدري ، ويزدحمون في صدري
ولا يصلون لا يصلون
كان يصيح بالأسوار :
لي يوم
وخطوتهم
وكان البحر يرحل في المساء
وحضرت في جرحي وقمحك
لا لذاكرتي
ولا لقصيدة الآثار
لا لبكائك الصفصاف
لا لنبوءة العرّاف
يومك خارج الأيام والموتى
وخارج ذكريات الله والفرح البديل
حدقّت في جرحي وقمحك
للأشعة فيهما وطن يدافع عن مسافته
ويسقط عندما نمضي
ونسقط عندما نبقى حدودا للأشعة
والمدينة قرب حنجرتي تغني حين تسقط في مرايا النهر
صوتي ليس لافتة
ولكني أسميك البديل
حدقّت في جرحي
سأتهم المدينة بالعذوبة والجمال الشائع الموروث
من جبل جميل
هبطت نساء من قشور الضوء
جاء البحر من نومي على الطرقات
جاء الصيف من كسل النخيل
أحصيت أسباب الوداع
وقلت
ما بيني وبين اسمي بلاد
ليس لي لغة
ولكني أسميك البديل
ضدّ العلاقة
أن يجيء الوجه مثل الزرقة الخضراء
أن يمضي لأرسمه على جدران هذا السجن
أن يغزو شراييني ويخرج من يدي ـ
هذا هو الحبّ الجميل
وأحب أن تأتي لتمضي
طائرات
طائرات
طائرات
حاور السجّان صمتي
قال صمتي برتقالا
قال صمتي هذه لغتي
وأرخت اللقاء
الصخر يهتف لاسمك الوحشي كمثّرى
وأسال :هل تزوجت الجبال
ووصمتي بالعار والسفح البطيء ؟
وأصدّق الراوي وأنكسّر :
الرجال
يبقون كالندم . . الخطيئة . . والبنفسج فوق أجساد النساء .
وأصدّق الراوي . . وأنفجر :
النساء
يذهبن كالعنب . . الغبار . . وضربة الحمّى
عن الذكرى وأجساد الرجال .
وأصدّق الراوي
ولا أجد الإشارة والدليل
وأكذّب الراوي
ولا أجد البنفسج والحقول
إنّ الدروب إليك تختنق . .
الدروب إليك تحترق . .
الدروب إليك تفترق
الدروب إليك حبل من دمي
والليل سقف اللصّ والقديس
قبّعة النبي وبزّة البوليس
أنت الآن تتّسعين
أنت الآن تتسعين
أنت الآن تتسعين
أرسم جثتي ويداك فيها وردتان
بيني وبينك خيمة أو مهرجان
بيني وبينك صورتان
وأضيف كي تنسي وكي تتذكري
بيني وبين اسمي بلاد
حاور السجان صوتي
قال صوتي طائرات طائرات طائرات
سجان ! يا سجان
لي وجه يحاول أن يراني
سجان يا سجان
لي وجه أحاول أن أراه
لكنهم عادوا إلي يافا ولم أذهب
أنا ضدّ القصيدة
ضدّ هذا الساحل الممتد من جرحي
إلي ورق الجريدة
كثر الحياديون أو كثر الرماديون
قال البرتقال أنا حيادي رمادي
وقال الجرح ما أصل العقيدة
قلت أن تبقى وأمشي فيك كي ألغيك
كي أشفيك مني
والسجن يتسع البحار تضيق
أشهد أنني غطيته بالصمت قرب البحر
أشهد أنني ودعته بين الندى والانتحار
والطائرات تمرّ في يومي
كأن الحرب عادات ولم أذهب إلي الحرب الأخيرة
يخلع السجان ألواني ويعطيني زماني كي أفكر فيك أو بك
كان يسألها ويسألها ويسألها
متى تأتين من ساعات هذا السجن أو رئتي
متى تأتين من يافا ولا أمضي إلي بلدي
متى تأتين من لغتي
متى تأتين كي نمضي إلي جسدي
أنا ضدّ العلاقة
مرّ عصفور وغطاني وسافر
مرّ عصفور وجّمدني على الأحجار ظلا
هل يعيش الظل ؟
جاء الليل : جاء الليل جاء الليل
من يدها ومن نومي
أنا ضدّ العلاقة :
تشرب الأشجار قتلاها وتنمو في ضحاياها
أنا ضدّ العلاقة :
أن تكون بداية الأشياء دائمة البداية
هذه لغتي
أنا ضدّ البداية :
أن أواصل نهر موسيقي تؤرخني وتفقدني تفاصيل الهوية
هذه لغتي
أنا ضدّ النهاية :
أن يكون الشيء أوّله وآخره وأذهب ـ
هذه لغتي
وأشهد أنه مات ، الفراشة ، بائع اللد ، عاشق الأبواب
لي زنزانة تمتدّ من سنة إلي . . لغة
ومن ليل إلي . . خيل
ومن جرح إلي . . قمح
ولي زنزانة جنسية كالبحر
قال : حبيبتي موج
وأمضى عمره في الحائط المتموج . . السقف القريب
وحلمه الهارب
أنا المتكّلم الغائب
سأنتظر انتظاري . . كنت أعرفني
لأن طفولتي رجل أحبّ . .
أحب امرأة تمرّ أمام ذاكرتي ونيراني
ولا تبقى ولا تمضي
أحب يمامة سميتها بلدا .
أنا ضدّ العلاقة ، والبداية ، والنهاية ، ضدّ أسمائي
أنا المتكلم الغائب
يغيب ـ رأيت عينيها
شهدت سقوط نافذتي ،
سماويّ هو البحر الذي سرق الشوارع
من يديها قرب ذاكرتي
يغيب ـ
وإنّ أجراسا تدقّ على المسافة بين خطوتها ومذبحتي
سماوي هو البحر الذي سرق الرسائل
من يديها قرب ذاكرتي
وأحضر ـ من وراء الشيء عبر الشيء
أحضر ملء قبلتها على مرأى من النسيان
أحضر من خلاياها
ومن عامودها الفقري أحضر
من إصابتها ببرق الشهوة العسلي
أحضر ملء رعشتها
على مرأى من النسيان
لي زمن تؤرخه بذور الجنس والعشب الذي يمتد
خلف الشيء والنسيان أحضر
كنت شاهده وشاهدها
وصرت شهيده وشهيدها
آتي من الشهداء
إلي الشهداء
أنا المتكلم الغائب
أنا الحاضر
أنا الآتي
والصوت أخضر
إن شلال السلاسل والبلابل يلتقي في صرخة
أو ينتهي في مقبرة
والصوت أخضر
قال لي : أو قلت لي أنتم مظاهرة البروق
وهم نشيد الاعتدال
والصوت موت المجزرة
ضدّ القرنفل . . ضدّ عطر البرتقال
ومع التراب . . مع اليد الأخرى ،
مع الكفّ التي تلج السلاسل والسنابل
كدت أنسى ، كاد ينسى التسمية :
أنتم جذوع البرتقال
وهم نشيد الاعتدال
والله لا يأتي إلي الفقراء إذ يأتي ، بلا سبب
وتأتي الأبجدية معولا أو تسليه
عادوا إلي يافا ، وما عدنا
يتبع ببقية القصيدة >>>>>

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com
الوتر الحزين
شخصيات هامة
شخصيات هامة
الوتر الحزين

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 18803
أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 111010
العمل : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Unknow10
الحالة : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Yragb11
نقاط : 32783
ترشيحات : 121
الأوســــــــــمة : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 112

أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش   أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 I_icon_minitime16/9/2009, 02:56

بقية قصيدة ، تلك صورتها >>>>>
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لأن الله لا يأتي بلا سبب
ذهبنا نحو يافا ـ الأمنية
يا أصدقاء البرتقال ـ الزينة اتحدوا !
فنحن الخارجين على الحنين . . الخارجين على العبير
نسير نحو عيوننا . . ونسير ضدّ المملكة
ضدّ السماء لتحكم الفقراء
ضدّ محاكم الموتى
وضدّ القيد قوميا
وضدّ وراثة الزيتون والشهداء
نحن الخارجين من العراء لتلبس الأشجار أثواب السماء نسير
ضدّ المملكة
ضدّ المغني حين يرضى
ضدّ اعتقال المعركة‍‍ ! ‍‍‍‍‍‍‍
والصوت أخضر . .
كان ينتظر المفاجأة ـ الجدار
يقول : يوم ما سيأتي من هواء البحر ،
أو من خصرها المشدود بين الماء والأملاح
آخذ موجة وأعيد تركيب العناصر :
خصرها
يدها
نعاس جفونها
وبروق ركبتها .
سآخذ موجة وتكون صورتها وأغنيتي .
وأشهد أنه قطع المسافة بين مدخل جرحه والانفجار .
الأرض تبدأ من يديه
وكان يرمي الأرض بالأحلام
قنبلتي قرنفلتي
وحاول أن يموت فلم يفز بالموت
كان محاصرا بتشابه يعطي المساء مداه ينتظر النتيجة :
كان لي يوم يكون
وفراشة بنت السجون
والأرض تبدأ من يديه . وكان ضدّ الأرض . .
ضدّ مساحة الصدف التي تأتي وتذهب في الفصول
المستحيل هويّتي
وهويّتي ورق الحقول .
والأرض تبدأ من يديه . كأنني سجان نفسي .
غاصت الجدران في عضلاته ومحاولات الانتحار
يا من يحنّ إليك نبضي
هل تذكرين حدود أرضي !
والأرض تبدأ من يديه ، ومن زغاريد القرى البيضاء
تبدأ من دفاتر صبية يتعلمون
الأبجدية فوق ألغام الحروب وخلف أبواب النهار :
جاء وقت الانفجار
وعلى السيف قمر
وطني ليس جدار
وأنا لست حجر
والأرض تبدأ من يديه ومن نهايتها
ويسأل : أين وقتي ؟
قال : إن الوقت من قمح
وقال : رصاصة أولى تثير الأرض توقظها ، فتنكشف
الفضائح والعصافير العنيفة واحتمالات البداية .
من هنا . . من هذه الأجراس في جدران سجني
يبدأ الوقت الفدائي
أخرجي من أي ضلع
خنجرا أو سوسنه
وادخلي في أي ضلع
خنجرا أو سوسنه
والأرض تبدأ من نسيج الجرح ـ أشبهها
وأمشي فوق رأس الرمح ـ تشبهني
وأمشي في لهيب القمح
واشتعلت يداه
فرأى يدين جديدتين
يدين حافيتين
هل سقط الجدار ؟
سقطت كواكب فوق عينيه ، فغنى أو تنفس :
إنّ قنبلتي قرنفلتي
أريد الانتحار الانتحار الانتحار .
ـ من أين يبدأ جسمه ؟
من كل قيد وانكسار
قال للبركان : يا بيتي البديل
وجدت وقت الانفجار .
والياسمين اسم لأميّ : قهوة الصبح .
الرغيف الساخن . النهر الجنوبيّ ، الأغاني
حين تتّكئ البيوت على المساء
أسماء أمّي .
ـ من أين تبدأ أرضه ؟
من جسمه المحتل بالمستعمرات .
الطائرات . الانقلابات . الخرافات . الأناشيد
الرديئة ، والمواعيد البطيئة .
والياسمين اسم لأمّي . باقة الزّبد .
الأغاني حين تنحدر الجبال إلي الخريف . القطن .
وأصوات البواخر حين تمخرني ،
وأسماء السبايا والضحايا .
أسماء أمي
ـ من أين يبدأ صوته ؟
من أول الأيام حين تبارز الحكماء في مدح النظام
ومتعة السّفر البعيد
فأتى ليرميهم بجثّته
وكان دويّها . . والأنبياء .
لكم انتصارات ولي حلم
دمي يمشي وأتبعه ـ إليها
لكم ، انتصارات ولي يوم
وخطوتها . .
فيا دمي اختصرني ما استطعت .
وأريدها :
من ظلّ عينيها إلي الموج الذي يأتي من القدمين ،
كاملة الندى والانتحار .
وأريدها :
شجر النخيل يموت أو يحيا .
وتتّسع الجديلة لي
وتختنق السواحل في انتشاري
وأريدها :
من أوّل القتلى وذاكرة البدّائيين
حتى آخر الأحياء
خارطة
أمزّقها وأطلقها عصافيرا وأشجارا
وأمشيها حصارا في الحصار .
أمتدّ من جهة الغد الممتدّ من جهة انهياراتي العديدة
هذه كفي الجديدة
هذه ناري الجديدة
وأمعدن الأحلام
هل عادوا إلي يافا ولم تذهب ؟
سأذهب في دمي الممتد فوق البحر فوق البحر فوق البحر
هل بدأ النزيف ؟
قد أحرقتني جهات البحر ،
الحرّاس ناموا عند زاوية الخريف .
والوقت سرداب وعيناها نوافذ عندما أمشي إليها
والوقت سرداب وعيناها ظلام حين لا أمشي إليها
وأريدها .
زمني أصابعها . أعود ولا أعود ،
أسرّح الماضي وأعجنه ترابا
ليست الأيام آبارا لأنزل
ليست الأيام أمتعة لأرحل
لا أعود . .
لأنّها تمشي أمامي في يدي
تمشي أمامي في غدي .
تمشي أمامي في انهياراتي .
وتمشي في انفجاراتي
أعود . .
لأّنها ذرّات جسمي . أيّ ريح لم تبعثرني على الطرقات
كان السجن يجمعني . يرتّبني وثائق أو حقائق
أيّ ريح لا تبعثرني
أعود . .
لأنّها كفني . أعود لأنّها بدني
أعود
لأنها
وطني
أعود
حين انحنت في الريح
قال : تكون قنطرة وأعبرها إليها
وبنا أصابعه من الخشب المخبّأ في يديها .
البندقيّة والفضاء وآخر القتلى . سأدفن جثّتي في راحتها
وستضرمين النار .
قالت : أين كنت
ففرّ من يدها إلي اليوم المرابط خلف قامتها .
وغنّى : أيّها الندم اختصرني بندقيّة
قالت : لتقتلني ؟
فقال : لكي أعيد لي الهويّة
وقفت ، كعادتها ، فعاد من انحناءتها إلي قدميه
كان طريقه طرقا وكان نزيفه أفقا
وكان يدور في الماضي ولا يجد اليدين وكان يحلم باكتمال
الحلم
ما بيني وبين اسمي بلاد .
حين سّميت البلاد فقدت أسمائي . وحين مررت باسمي
لم أجد شكل البلاد
الحلم جاء الحلم جاء وكان يسأله :
من الأضل العيون أم البلاد ؟
قال المغنّي للضفاف :
الفرق بين الضفتين قصيدتي
قال المهاجر للوطن :
لا تنسني
والياسمين اسم لأمّي . والزمن
عشب على الجدران
قال البحر . قال الرمل . قال البيت . قال الحقل . قال
الصمت
لكن المغنّي قال قرب الموت :
إنّ الفرق بين الضفتين قصيدتي
وأراد أن يلغي الوطن
وأراد أن يجد الوطن
هل تكلمن البحر ؟
هل تأتين من ساعات هذا الموج
أم تأتين من رئتي . . وهل تأتين ؟
هل نمشي على السكين برقا
أم دما نمشي ؟
أحبّك . . أم أحب نتيجتي في حبك التكويني
قد قالت لي الأيّام :
اذهب في الزمان
تجد مكانك جاهزا في وقت عينيها
فقلت : العمر لا يكفي لقبلتها
وهذا العمر . .
قد قالت لي الأيام :
اذهب في المكان
تجد زمانك عائدا في موج عينيها
فقلت : الجسم لا يكفي لنظرتها
وهذا البحر
ما اسم الأرض ؟ظ
بحر أخضر . آثار أقدام . دويلات . لصوص .ز عاشقات .
أنبياء ... آه ما اسم الأرض ؟
شكل حبيبة يرميك قرب البحر .
ما اسم البحر ؟
حدّ الأرض .حارسها . حصار الماء .. أزرق أزرق
امتدّت يدان عناق البحر فاحتفل القراصنة
البدائيّون والمتحضرون بجثّة . فصرخت : أنت
البحر . ما اسم البحر ؟
جسم حبيبة يرميك قرب الأرض .
قد قالت لنا الأيّام :
تلتقيان . تلتحمان . تنهمران
قلت :كلها انفجارات
كأنّ البرتقال لهيبها الأبديّ
تنفجرين . تنفجرين . . تنفجرين في صدري وذاكرتي :
وأقفز من شظاياك الطليقة وردة ، ورصاصة
أولى ، وعصفورا على الأفق المجاور
ولي امتداد في شظاياك الطليقة .
إنّ نهرا من أغاني الحب يجري في شظيّه
قد بعثرتني الريح ، فاختنقت بأصوات الملايين
ارتفعت على الصدى وعلى الخناجر .
شكرا ! أنام على الحصى فيطير
شكرا للندى .
وأمرّ بين أصابع الفقراء سنبلة ، ولافتة ، وصيغة بندقيّه
ضدّ اتجاه الريح
تنفجرين تنفجرين في كل اتجاه
تنتهي لغة الأغاني حين تبتدئين
أو تجد الأغاني فيك معدتها . . رصاصتها . . وصورتها
أقول : البحر لا
والأرض لا
بيني وبينك "نحن"
فلنذهب لنلغينا ويتحد الوداع .
ألآن أغنيتي تمرّ . .
تمرّ أغنيتي على أفق نبيذي .
ويسقط في أغانيك البياض
الآن أغنيتي تمرّ . . تمرّ أغنيتي على مدن السواد
فتسرحين الشّعر ، أو تتناثرين على الخرائط والبلاد .
والآن أغنيتي تمرّ . .
تمرّ أغنيتي على حجر فيزهر في يديك اسمي ويتّحد اللقاء
ماتوا ولا تدرين . لكنّ الجدار يقول ماتوا في تساقطه
ولا تدرين . ماتوا . .
تلك أغنيتي ووجهك طائر ومدى
يودّعني الوداع
وساعة الدم دقّت الموتى
وموعدنا النحاسيّ ، الدخاني ، الحريريّ المزوّد بالزلازل
والمقيّد بالجدائل .
الآن تنتحرين . . تنتصرين . . تنطفئين . . تشتعلين في
الميدان والنسيان
دقّت ساعة الدم
دقّت الموتى
ليفتتحوا نشيد الفرق بين العشق واللغة الجميلة
هو أنت
أنت أنا
يغيب الحاضر العلنيّ .
يأتي الغائب السري . .
يلتحمان . .
يتحدان في المتكلّم المفقود بين البحر والأشجار والمدن
الذليلة .
والآن أشهد أنني غطّيته بالصمت قرب البحر
أشهد أنني ودعته بين الندى والانتحار
قال : انتحرت . ورد معتذرا : أتيت
وقال حارسه الزماني انتحارك انتصار
الانتحار ـ الانتصار يمدّ جسرا
هكذا يبنون نهرا
قال : ماتوا
ردّ معتذرا : لقد وضعوا حدود الانتحار .
والآن أغنيتي تمرّ . . تمرّ أغنيتي
وتلتحق الخطى بدمي
دمي المتقدم
الفتيات تخرج من أزيز الطائرات
البحر يخرج من خدوش الأسطوانات
المدينة قد أعدّت عرسها
وجنازتي
وتمرّ أغنيتي ، وترمي عادة الأزهار في الأنهار
سيّدتي ‍ سأهديك انتحاري الساطع اختصري نعاسك
وانفجار الشارع ، اختصري المسافة بين
سكّيني وصدري
واستقرّي أنت بينهما بلاد
النهر يعفيني من التاريخ
والجلّاد أعفاني من الذكرى
فأنسى حصّتي من جثتي الأخرى
وأهديك التتمّة والحوار
قال انتحرت
وردّ معتذرا : أتيت
وقال حارسه : رأيت القمح ملء يديه .
عند الانتحار
كانت يداه خريطتين : خريطة للحلم تمطر حنطة
وخريطة لمحاورات الانتظار
والطائرات ؟ سألت
قال : تمرّ في يومي القديم ، يحلّق الأطفال ، يبتهجون
في السنة الجديدة ، يجعلون البحر أصغر من زوارقهم ،
أنا أعتاد هذا الموت ، أعتاد الرحيل إلي النهار .
والآن أشهد أنه قطع المسافة بين مدخل جرحه والانفجار .
الحلم يأخذ شكله
فيخاف
لكنّ المدينة واقفة
في أوج قيدي
وانفجار العاصفة
مطر على خيل
وأعددنا لك الفرح الترابيّ الجديد
خيل على ليل
وأعددنا لك الفصح الخواتم والنشيد
والحلم يأخذ شكله
ويصير صورتك العنيفة
موتي : أو اختصري هنا موتاك
كوني ياسمينا أو قذيفة .
والحلم يأخذ شكله
فيخاف
لكنّ المدينة واقفة
في قمّة الجرح الجديد
وفي انفجار العاصفة .
ماذا تقول الريح
نحن الريح نقتلع المراكب والكواكب
والخيام مع العروش الزائفة
ماذا تقول الريح
نحن الريح
ننشر عار فخذيك السماويين
ننشر عارنا
ونطيل عمر العاصفة
ليل على موت
وأعددنا لك المهد الحضانة والجبل
والحلم يشبهنا
ويشبهك المغني والمنادي والبطل
والحلم يأخذ شكله
فيخاف
لكنّ المدينة واقفة
في شعلة النار الطليقة
في شرايين الرجال
ذوبي أو انتشري رمادا أو جمال
ماذا تقول الريح ؟
نحن الريح
نحن الريح
نحن الريح !!

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com
الوتر الحزين
شخصيات هامة
شخصيات هامة
الوتر الحزين

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 18803
أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 111010
العمل : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Unknow10
الحالة : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Yragb11
نقاط : 32783
ترشيحات : 121
الأوســــــــــمة : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 112

أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش   أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 I_icon_minitime16/9/2009, 02:57

33 ـ تموت في الجليل
لوحة على الجدار . . و نقول الآن أشياء كثيرة
عن غروب الشمس في الأرض الصغيرة
و على الحائط تبكي هيروشيما
ليلة تمضي ، و لا نأخذ من عوالمنا
غير شكل الموت
في عز الظهيرة .
. . و لعينيك زمان آخر
و لجسمي قصة أخرى
و في الحلم نريد الياسمين ،
عندما وزّعنا العالم من قبل سنين
كانت الجدران تستعصي على الفهم
و كان الأسبرين
يرجع الشبّاك و الزيتون و الحلم إلي أصحابه
كان الحنين
لعبة تلهيك عن فهم السنين
. . و نقول الآن أشياء كثيرة
عن ذبول القمح في الأرض الصغيرة
و على الحائط تبكي هيروشيما
خنجرا يلمح كالحق ، و لا نأخذ عن عالمنا
غير لون الموت
في عز الظهيرة . .
في اشتعال القبلة الأولى
يذوب الحزن
و الموت يغني
و أنا لا أحزن الآن
و لكني أغني
أي جسم لا يكون الآن صوتا
أي حزن
لا يضم الكرة الأرضية الآن
إلي صدر المغني ؟ !
. . و نقول الآن أشياء كثيرة
عن عذاب العشب في الأرض الصغيرة
و على الحائط تبكي هيروشيما
قبلة تنسى ، ، و لا نأخذ من عوالمنا
غير طعم الموت
في عزّ الظهيرة . .
ألف نهر يركض الآن
و كل الأقوياء
يلعبون النرد في المقهى ،
و لحم الشهداء
يختفي في الطين أحيانا
و أحيانا يسلي الشعراء !
و أنا يا امرأتي أمتصّ من صمتك
في الليل . . حليب الكبرياء !
. . و نقول الآن أشياء كثيرة
عن ضياع اللون في الأرض الصغيرة
و على الحائط تبكي هيروشيما
طفلة ماتت . و لا نأخذ من عوالمنا
غير صوت الموت
في عز الظهيرة . .
أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 008

34 ـ تموز والأفعى
تموز مرّ على خرائبنا
و أيقظ شهوة الأفعى .
القمح يحصد مرة أخرى
و يعطش للندى . . المرعى
تموز عاد ، ليرجم الذكرى
عطشا . . و أحجارا من النار
فتساءل المنفيّ :
كيف يطيع زرع يدي
كفا تسمم ماء أباري ؟
و تساءل الأطفال في المنفى :
آباؤنا ملئوا ليالينا هنا . . وصفا
عن مجدنا الذهبي
قالوا كثيرا عن كروم التين و العنب
تموز عاد ، و ما رأينا
و تنهّد المسجون : كنت لنا
يا محرقي تموز . . معطاء
رخيصا مثل نور الشمس و الرمل
و اليوم ، تجلدنا بسوط الشوق و الذل
تموز . . يرحل عن بيادرنا
تموز ، يأخذ معطف اللهب
لكنه يبقى بنا
أفعى
ويترك في حناجرنا
ظمأ
و في دمنا . .
خلود الشوق و الغضب
أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 008
35 ـ ثلاث صور
( 1 )
كان القمر
كعهده ـ منذ ولدنا ـ باردا
الحزن في جبينه مرقرق . .
روافدا . . روافدا
قرب سياج قرية
خر حزينا
شاردا . .
( 2 )
كان حبيبي
كعهده ـ منذ التقينا ـ ساهما
الغيم في عيونه
يزرع أفقا غائما . .
و النار في شفاهه
تقول لي ملاحما . .
و لم يزل في ليله يقرأ شعرا حالما
يسألني هديه . .
و بيت شعر . ناعما !
( 3 )
كان أبي
كعهده ، محملا متاعبا
يطارد الرغيف أينما مضى . .
لأجله . . يصارع الثعالبا
و يصنع الأطفال . .
و التراب . .
و الكواكبا . .
أخي الصغير اهترأت
ثيابه . . فعاتبا
و أختي الكبرى اشترت جواربا !
و كل من في بيتنا يقدم المطالبا
ووالدي ـ كعهده ـ
يسترجع المناقبا
و يفتل الشواربا !
و يصنع الأطفال . .
و التراب . .
و الكواكبا !

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com
الوتر الحزين
شخصيات هامة
شخصيات هامة
الوتر الحزين

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 18803
أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 111010
العمل : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Unknow10
الحالة : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Yragb11
نقاط : 32783
ترشيحات : 121
الأوســــــــــمة : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 112

أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش   أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 I_icon_minitime16/9/2009, 02:58

36 ـ جبين وغضب
وطني يا أيّها النسر الذي يغمد منقاره اللهب
في عيوني ،
أين تاريخ العرب ؟
كل ما أملكه في حضرة الموت :
جبين و غضب .
و أنا أوصيت أن يزرع قلبي شجرة
و جبيني منزلا للقبّرة .
وطني ، إنّا ولدنا و كبرنا بجراحك
و أكلنا شجر البلّوط . .
كي نشهد ميلاد صباحك
أيّها النسر الذي يرسف في الأغلال من دون سبب
أيّها الموت الخرافي الذي كان يحب
لم يزل منقارك الأحمر في عينّي
سيفا من لهب . .
و أنا لست جديرا بجناحك
كل ما أملكه في حضرة الموت :
جبين . . و غضب !
أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 008
37 ـ جدارية
هذا هُوَ اسمُكَ /
قالتِ امرأةٌ ،
وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ…
أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي .
ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ
طُفُولَةٍ أَخرى . ولم أَحلُمْ بأني
كنتُ أَحلُمُ . كُلُّ شيءٍ واقعيٌّ . كُنْتُ
أَعلَمُ أَنني أُلْقي بنفسي جانباً…
وأَطيرُ . سوف أكونُ ما سأَصيرُ في
الفَلَك الأَخيرِ .

وكُلُّ شيء أَبيضُ ،
البحرُ المُعَلَّقُ فوق سقف غمامةٍ
بيضاءَ . والَّلا شيء أَبيضُ في
سماء المُطْلَق البيضاءِ . كُنْتُ ، ولم
أَكُنْ . فأنا وحيدٌ في نواحي هذه
الأَبديَّة البيضاء . جئتُ قُبَيْل ميعادي
فلم يَظْهَرْ ملاكٌ واحدٌ ليقول لي :
(( ماذا فعلتَ ، هناك ، في الدنيا ؟ ))
ولم أَسمع هُتَافَ الطيِّبينَ ، ولا
أَنينَ الخاطئينَ ، أَنا وحيدٌ في البياض ،
أَنا وحيدُ …

لاشيء يُوجِعُني على باب القيامةِ .
لا الزمانُ ولا العواطفُ . لا
أُحِسُّ بخفَّةِ الأشياء أَو ثِقَلِ
الهواجس . لم أَجد أَحداً لأسأل :
أَين (( أَيْني )) الآن ؟ أَين مدينةُ
الموتى ، وأَين أَنا ؟ فلا عَدَمٌ
هنا في اللا هنا … في اللازمان ،
ولا وُجُودُ

وكأنني قد متُّ قبل الآن …
أَعرفُ هذه الرؤيا ، وأَعرفُ أَنني
أَمضي إلي ما لَسْتُ أَعرفُ . رُبَّما
ما زلتُ حيّاً في مكانٍ ما، وأَعرفُ
ما أُريدُ …
سأصيرُ يوماً ما أُريدُ

سأَصيرُ يوماً فكرةً . لا سَيْفَ يحملُها
إلي الأرض اليبابِ ، ولا كتابَ …
كأنَّها مَطَرٌ على جَبَلٍ تَصَدَّعَ من
تَفَتُّح عُشْبَةٍ ،
لا القُوَّةُ انتصرتْ
ولا العَدْلُ الشريدُ
سأَصير يوماً ما أُريدُ

سأصير يوماً طائراً ، وأَسُلُّ من عَدَمي
وجودي . كُلَّما احتَرقَ الجناحانِ
اقتربتُ من الحقيقةِ ، وانبعثتُ من
الرمادِ . أَنا حوارُ الحالمين ، عَزَفْتُ
عن جَسَدي وعن نفسي لأُكْمِلَ
رحلتي الأولى إلي المعنى ، فأَحْرَقَني
وغاب . أَنا الغيابُ . أَنا السماويُّ
الطريدُ .
سأَصير يوماً ما أُريدُ

سأَصير يوماً كرمةً ،
فَلْيَعْتَصِرني الصيفُ منذ الآن ،
وليشربْ نبيذي العابرون على
ثُرَيَّات المكان السُكَّريِّ !
أَنا الرسالةُ والرسولُ
أَنا العناوينُ الصغيرةُ والبريدُ
سأَصير يوماً ما أُريدُ

هذا هُوَ اسمُكَ /
قالتِ امرأةٌ ،
وغابتْ في مَمَرِّ بياضها .
هذا هُوَ اسمُكَ ، فاحفظِ اسْمَكَ جَيِّداً !
لا تختلفْ مَعَهُ على حَرْفٍ
ولا تَعْبَأْ براياتِ القبائلِ ،
كُنْ صديقاً لاسمك الأُفُقِيِّ
جَرِّبْهُ مع الأحياء والموتى
ودَرِّبْهُ على النُطْق الصحيح برفقة الغرباء
واكتُبْهُ على إحدى صُخُور الكهف ،
يا اسمي : سوف تكبَرُ حين أَكبَرُ
سوف تحمِلُني وأَحملُكَ
الغريبُ أَخُ الغريب
سنأخُذُ الأُنثى بحرف العِلَّة المنذور للنايات
يا اسمي: أَين نحن الآن ؟
قل : ما الآن ، ما الغَدُ ؟
ما الزمانُ وما المكانُ
وما القديمُ وما الجديدُ ؟
سنكون يوماً ما نريدُ

لا الرحلةُ ابتدأتْ ، ولا الدربُ انتهى
لم يَبْلُغِ الحكماءُ غربتَهُمْ
كما لم يَبْلُغ الغرباءُ حكمتَهمْ
ولم نعرف من الأزهار غيرَ شقائقِ النعمانِ ،
فلنذهب إلي أَعلى الجداريات :
أَرضُ قصيدتي خضراءُ ، عاليةُ ،
كلامُ الله عند الفجر أَرضُ قصيدتي
وأَنا البعيدُ
أَنا البعيدُ

في كُلِّ ريحٍ تَعْبَثُ امرأةٌ بشاعرها
ـ خُذِ الجهةَ التي أَهديتني
الجهةَ التي انكَسَرتْ ،
وهاتِ أُنوثتي ،
لم يَبْقَ لي إلاّ التَأمُّلُ في
تجاعيد البُحَيْرَة . خُذْ غدي عنِّي
وهاتِ الأمس ، واتركنا معاً
لا شيءَ ، بعدَكَ ، سوف يرحَلُ
أَو يَعُودُ

ـ وخُذي القصيدةَ إن أَردتِ
فليس لي فيها سواكِ
خُذي (( أَنا )) كِ . سأُكْملُ المنفى
بما تركَتْ يداكِ من الرسائل لليمامِ .
فأيُّنا منا (( أَنا )) لأكون آخرَها ؟
ستسقطُ نجمةٌ بين الكتابة والكلامِ
وتَنْشُرُ الذكرى خواطرها : وُلِدْنا
في زمان السيف والمزمار بين
التين والصُبَّار . كان الموتُ أَبطأَ .
كان أَوْضَح . كان هُدْنَةَ عابرين
على مَصَبِّ النهر . أَما الآن ،
فالزرُّ الإلكترونيُّ يعمل وَحْدَهُ . لا
قاتلٌ يُصْغي إلي قتلى . ولا يتلو
وصيَّتَهُ شهيدُ

من أَيِّ ريح جئتِ ؟
قولي ما اسمُ جُرْحِكِ أَعرفِ
الطُرُقَ التي سنضيع فيها مَرّتيْنِ !
وكُلُّ نَبْضٍ فيكِ يُوجعُني ، ويُرْجِعُني
إلي زَمَنٍ خرافيّ . ويوجعني دمي
والملحُ يوجعني … ويوجعني الوريدُ

في الجرّة المكسورةِ انتحبتْ نساءُ
الساحل السوريّ من طول المسافةِ ،
واحترقْنَ بشمس آبَ . رأيتُهنَّ على
طريق النبع قبل ولادتي . وسمعتُ
صَوْتَ الماء في الفخّار يبكيهنّ :
عُدْنَ إلي السحابة يرجعِ الزَمَنُ الرغيدُ

قال الصدى :
لاشيء يرجعُ غيرُ ماضي الأقوياء
على مِسلاَّت المدى … [ ذهبيّةٌٌ آثارُهُمْ
ذهبيّةٌٌ ] ورسائلِ الضعفاءِ للغَدِ ،
أَعْطِنا خُبْزَ الكفاف ، وحاضراً أَقوى .
فليس لنا التقمُّصُ والحُلُولُ ولا الخُلُودُ

قال الصدى :
وتعبتُ من أَملي العُضَال . تعبتُ
من شَرَك الجماليّات : ماذا بعد
بابلَ؟ كُلَّما اتَّضَحَ الطريقُ إلي
السماء ، وأَسْفَرَ المجهولُ عن هَدَفٍ
نهائيّ تَفَشَّى النثرُ في الصلوات ،
وانكسر النشيدُ

خضراءُ ، أَرضُ قصيدتي خضراءُ عالية ٌ…
تُطِلُّ عليَّ من بطحاء هاويتي …
غريبٌ أَنتَ في معناك . يكفي أَن
تكون هناك ، وحدك ، كي تصيرَ
قبيلةً…
غَنَّيْتُ كي أَزِنَ المدى المهدُورَ
في وَجَع الحمامةِ ،
لا لأَشْرَحَ ما يقولُ اللهُ للإنسان ،
لَسْتُ أَنا النبيَّ لأَدَّعي وَحْياً
وأُعْلِنَ أَنَّ هاويتي صُعُودُ

وأَنا الغريب بكُلِّ ما أُوتيتُ من
لُغَتي . ولو أخضعتُ عاطفتي بحرف
الضاد ، تخضعني بحرف الياء عاطفتي ،
وللكلمات وَهيَ بعيدةٌ أَرضٌ تُجاوِرُ
كوكباً أَعلى . وللكلمات وَهيَ قريبةٌ
منفى . ولا يكفي الكتابُ لكي أَقول :
وجدتُ نفسي حاضراً مِلْءَ الغياب .
وكُلَّما فَتَّشْتُ عن نفسي وجدتُ
الآخرين . وكُلَّما فتَّشْتُ عَنْهُمْ لم
أَجد فيهم سوى نَفسي الغريبةِ ،
هل أَنا الفَرْدُ الحُشُودُ ؟

وأَنا الغريبُ . تَعِبْتُ من ” درب الحليب ”
إلي الحبيب . تعبتُ من صِفَتي .
يَضيقُ الشَّكْلُ . يَتّسعُ الكلامُ . أُفيضُ
عن حاجات مفردتي . وأَنْظُرُ نحو
نفسي في المرايا :
هل أَنا هُوَ ؟
هل أُؤدِّي جَيِّداً دَوْرِي من الفصل
الأخيرِ ؟
وهل قرأتُ المسرحيَّةَ قبل هذا العرض ،
أَم فُرِضَتْ عليَّ ؟
وهل أَنا هُوَ من يؤدِّي الدَّوْرَ
أَمْ أَنَّ الضحيَّة غَيَّرتْ أَقوالها
لتعيش ما بعد الحداثة ، بعدما
انْحَرَفَ المؤلّفُ عن سياق النصِّ
وانصرَفَ المُمَثّلُ والشهودُ ؟

وجلستُ خلف الباب أَنظُرُ :
هل أَنا هُوَ ؟
هذه لُغَتي . وهذا الصوت وَخْزُ دمي
ولكن المؤلِّف آخَرٌ…
أَنا لستُ مني إن أَتيتُ ولم أَصِلْ
أَنا لستُ منِّي إن نَطَقْتُ ولم أَقُلْ
أَنا مَنْ تَقُولُ له الحُروفُ الغامضاتُ :
اكتُبْ تَكُنْ !
واقرأْ تَجِدْ !
وإذا أردْتَ القَوْلَ فافعلْ ، يَتَّحِدْ
ضدَّاكَ في المعنى …
وباطِنُكَ الشفيفُ هُوَ القصيدُ

بَحَّارَةٌ حولي ، ولا ميناء
أَفرغنى الهباءُ من الإشارةِ والعبارةِ ،
لم أَجد وقتاً لأعرف أَين مَنْزِلَتي ،
الهُنَيْهةَ ، بين مَنْزِلَتَيْنِ . لم أَسأل
سؤالي ، بعد ، عن غَبَش التشابُهِ
بين بابَيْنِ : الخروج أم الدخول …
ولم أَجِدْ موتاً لأقْتَنِصَ الحياةَ .
ولم أَجِدْ صوتاً لأَصرخَ : أَيُّها
الزَمَنُ السريعُ ! خَطَفْتَني مما تقولُ
لي الحروفُ الغامضاتُ :
ألواقعيُّ هو الخياليُّ الأَكيدُ

يا أيها الزَمَنُ الذي لم ينتظِرْ …
لم يَنْتَظِرْ أَحداً تأخَّر عن ولادتِهِ ،
دَعِ الماضي جديداً ، فَهْوَ ذكراكَ
الوحيدةُ بيننا ، أيَّامَ كنا أَصدقاءك ،
لا ضحايا مركباتك . واترُكِ الماضي
كما هُوَ ، لا يُقَادُ ولا يَقُودُ

ورأيتُ ما يتذكَّرُ الموتى وما ينسون …
هُمْ لا يكبرون ويقرأون الوَقْتَ في
ساعات أيديهمْ . وَهُمْ لا يشعرون
بموتنا أَبداً ولا بحياتهِمْ . لا شيءَ
ممَّا كُنْتُ أو سأكونُ . تنحلُّ الضمائرُ
كُلُّها . ” هو ” في ” أنا ” في ” أَنت ” .
لا كُلٌّ ولا جُزْءٌ . ولا حيٌّ يقول
لميِّتٍ : كُنِّي !

.. وتنحلُّ العناصرُ والمشاعرُ . لا
أَرى جَسَدي هُنَاكَ ، ولا أُحسُّ
بعنفوان الموت ، أَو بحياتيَ الأُولى .
كأنِّي لَسْتُ منّي . مَنْ أَنا ؟ أَأَنا
الفقيدُ أَم الوليدُ ؟

الوقْتُ صِفْرٌ . لم أُفكِّر بالولادة
حين طار الموتُ بي نحو السديم ،
فلم أكُن حَيّاً ولا مَيْتاً،
ولا عَدَمٌ هناك ، ولا وُجُودُ

تقولُ مُمَرِّضتي : أَنتَ أَحسَنُ حالا ً.
وتحقُنُني بالمُخَدِّر : كُنْ هادئاً
وجديراً بما سوف تحلُمُ
عما قليل …

رأيتُ طبيبي الفرنسيَّ
يفتح زنزانتي
ويضربني بالعصا
يُعَاونُهُ اثنانِ من شُرْطة الضاحيةْ

رأيتُ أَبي عائداً
من الحجِّ ، مُغمىً عليه
مُصَاباً بضربة شمسٍ حجازيّة
يقول لرفِّ ملائكةٍ حَوْلَهُ :
أَطفئوني ! …

رأيتُ شباباً مغاربةً
يلعبون الكُرَةْ
ويرمونني بالحجارة : عُدْ بالعبارةِ
واترُكْ لنا أُمَّنا
يا أَبانا الذي أخطَأَ المقبرةْ !

يتبع ببقية القصيدة>>>>>

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com
الوتر الحزين
شخصيات هامة
شخصيات هامة
الوتر الحزين

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 18803
أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 111010
العمل : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Unknow10
الحالة : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Yragb11
نقاط : 32783
ترشيحات : 121
الأوســــــــــمة : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 112

أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش   أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 I_icon_minitime16/9/2009, 02:59

بقية قصيدة ، جدارية>>>>>
رأيت ” ريني شار ”
يجلس مع ” هيدغر ”
على بُعْدِ مترين منِّي ،
رأيتهما يشربان النبيذَ
ولا يبحثان عن الشعر …
كان الحوار شُعَاعاً
وكان غدٌ عابرٌ ينتظرْ

رأيتُ رفاقي الثلاثَةَ ينتحبونَ
وَهُمْ
يَخيطونَ لي كَفَناً
بخُيوطِ الذَّهَبْ

رأيت المعريَّ يطرد نُقَّادَهُ
من قصيدتِهِ :
لستُ أَعمى
لأُبْصِرَ ما تبصرونْ ،
فإنَّ البصيرةَ نورٌ يؤدِّي
إلي عَدَمٍ …. أَو جُنُونْ

رأيتُ بلاداً تعانقُني
بأَيدٍ صَبَاحيّة : كُنْ
جديراً برائحة الخبز . كُنْ
لائقا ًبزهور الرصيفْ
فما زال تَنُّورُ أُمِّكَ
مشتعلاً ،
والتحيَّةُ ساخنةً كالرغيفْ !

خضراءُ ، أَرضُ قصيدتي خضراءُ . نهرٌ واحدٌ يكفي
لأهمس للفراشة : آهِ ، يا أُختي ، ونَهْرٌ واحدٌ يكفي لإغواءِ
الأساطير القديمة بالبقاء على جناح الصَّقْر ، وَهْوَ يُبَدِّلُ
الراياتِ والقممَ البعيدةَ ، حيث أَنشأتِ الجيوشُ ممالِكَ
النسيان لي . لا شَعْبَ أَصْغَرُ من قصيدته . ولكنَّ السلاحَ
يُوَسِّعُ الكلمات للموتى وللأحياء فيها ، والحُرُوفَ تُلَمِّعُ
السيفَ المُعَلَّقَ في حزام الفجر ، والصحراء تنقُصُ
بالأغاني ، أَو تزيدُ

لا عُمْرَ يكفي كي أَشُدَّ نهايتي لبدايتي
أَخَذَ الرُّعَاةُ حكايتي وتَوَغَّلُوا في العشب فوق مفاتن
الأنقاض ، وانتصروا على النسيان بالأَبواق والسَّجَع
المشاع ، وأَورثوني بُحَّةَ الذكرى على حَجَرِ الوداع ، ولم
يعودوا …

رَعَويَّةٌ أَيَّامنا رَعَويَّةٌ بين القبيلة والمدينة ، لم أَجد لَيْلاً
خُصُوصِيّاً لهودجِكِ المُكَلَّلِ بالسراب ، وقلتِ لي :
ما حاجتي لاسمي بدونكَ ؟ نادني ، فأنا خلقتُكَ
عندما سَمَّيْتَني ، وقتلتَني حين امتلكتَ الاسمَ …
كيف قتلتَني ؟ وأَنا غريبةُ كُلِّ هذا الليل ، أَدْخِلْني
إلي غابات شهوتك ، احتضنِّي واعْتَصِرْني ،
واسفُك العَسَلَ الزفافيَّ النقيَّ على قفير النحل .
بعثرني بما ملكتْ يداك من الرياح ولُمَّني .
فالليل يُسْلِمُ روحَهُ لك يا غريبُ ، ولن تراني نجمةٌ
إلاّ وتعرف أَنَّ عائلتي ستقتلني بماء اللازوردِ ،
فهاتِني ليكونَ لي ـ وأَنا أُحطِّمُ جَرَّتي بيديَّ ـ
حاضِريَ السعيدُ

ـ هل قُلْتَ لي شيئاً يُغَيِّر لي سبيلي ؟
ـ لم أَقُلْ . كانت حياتي خارجي
أَنا مَنْ يُحَدِّثُ نفسَهُ :
وَقَعَتْ مُعَلَّقتي الأَخيرةُ عن نخيلي
وأَنا المُسَافِرُ داخلي
وأَنا المُحَاصَرُ بالثنائياتِ ،
لكنَّ الحياة جديرَةٌ بغموضها
وبطائرِ الدوريِّ …
لم أُولَدْ لأَعرفَ أَنني سأموتُ ، بل لأُحبَّ محتوياتِ ظلِّ
اللهِ
يأخُذُني الجمالُ إلي الجميلِ
وأُحبُّ حُبَّك ، هكذا متحرراً من ذاتِهِ وصفاتِهِ
وأِنا بديلي …

أَنا من يُحَدِّثُ نَفْسَهُ :
مِنْ أَصغر الأشياءِ تُولَدُ أكبرُ الأفكار
والإيقاعُ لا يأتي من الكلمات ،
بل مِنْ وحدة الجَسَدَيْنِ
في ليلٍ طويلٍ …

أَنا مَنْ يحدِّثُ نَفْسَهُ
ويروِّضُ الذكرى … أَأَنتِ أَنا ؟
وثالثُنا يرفرف بيننا ” لا تَنْسَيَاني دائماً ”
يا مَوْتَنا ! خُذْنَا إليكَ على طريقتنا ، فقد نتعلَّمُ الإشراق …
لا شَمْسٌ ولا قَمَرٌ عليَّ
تركتُ ظلِّي عالقاً بغصون عَوْسَجَةٍ
فخفَّ بِيَ المكانُ
وطار بي روحي الشَّرُودُ

أَنا مَنْ يحدِّثُ نفسَهُ :
يا بنتُ : ما فَعَلَتْ بكِ الأشواقُ ؟
إن الريح تصقُلُنا وتحملنا كرائحة الخريفِ ،
نضجتِ يا امرأتي على عُكَّازَتيَّ ،
بوسعك الآن الذهابُ على ” طريق دمشق ”
واثقةً من الرؤيا . مَلاَكٌ حارسٌ
وحمامتان ترفرفان على بقيَّة عمرنا ، والأرض عيدُ …

الأرض عيدُ الخاسرين [ ونحن منهُمْ ]
نحن من أَثَرِ النشيد الملحميِّ على المكان ، كريشةِ النَّسْرِ
العجوز خيامُنا في الريح . كُنَّا طيِّبين وزاهدين بلا تعاليم
المسيح . ولم نكُنْ أَقوى من الأعشابِ إلاّ في ختام
الصَيْفِ ،
أَنتِ حقيقتي ، وأَنا سؤالُكِ
لم نَرِثْ شيئاً سوى اسْميْنَا
وأَنتِ حديقتي ، وأَنا ظلالُكِ
عند مفترق النشيد الملحميِّ …
ولم نشارك في تدابير الإلهات اللواتي كُنَّ يبدأن النشيد
بسحرهنَّ وكيدهنَّ . وكُنَّ يَحْمِلْنَ المكانَ على قُرُون
الوعل من زَمَنِ المكان إلي زمان آخرٍ …

كنا طبيعيِّين لو كانت نجومُ سمائنا أَعلى قليلاً من
حجارة بئرنا ، والأَنبياءُ أَقلَّ إلحاحاً ، فلم يسمع مدائحَنا
الجُنُودُ …

خضراءُ ، أرضُ قصيدتي خضراءُ
يحملُها الغنائيّون من زَمَنٍ إلي زَمَنٍ كما هِيَ في
خُصُوبتها .
ولي منها : تأمُّلُ نَرْجسٍ في ماء صُورَتِهِ
ولي منها وُضُوحُ الظلِّ في المترادفات
ودقَّةُ المعنى …
ولي منها : التَّشَابُهُ في كلام الأَنبياءِ
على سُطُوح الليلِ
لي منها : حمارُ الحكمةِ المنسيُّ فوق التلِّ
يسخَرُ من خُرافتها وواقعها …
ولي منها : احتقانُ الرمز بالأضدادِ
لا التجسيدُ يُرجِعُها من الذكرى
ولا التجريدُ يرفَعُها إلي الإشراقة الكبرى
ولي منها : ” أَنا ” الأُخرى
تُدَوِّنُ في مُفَكِّرَة الغنائيِّين يوميَّاتها :
(( إن كان هذا الحُلْمُ لا يكفي
فلي سَهَرٌ بطوليٌّ على بوابة المنفى … ))
ولي منها : صَدَى لُغتي على الجدران
يكشِطُ مِلْحَهَا البحريَّ
حين يخونني قَلْبٌ لَدُودُ …

أَعلى من الأَغوار كانت حكمتي
إذ قلتُ للشيطان : لا . لا تَمْتَحِنِّي !
لا تَضَعْني في الثُّنَائيّات ، واتركني
كما أَنا زاهداً برواية العهد القديم
وصاعداً نحو السماء ، هُنَاكَ مملكتي
خُذِ التاريخَ ، يا ابنَ أَبي ، خُذِ
التاريخَ … واصنَعْ بالغرائز ما تريدُ

وَلِيَ السكينةُ . حَبَّةُ القمح الصغيرةُ
سوف تكفينا ، أَنا وأَخي العَدُوّ ،
فساعتي لم تَأْتِ بَعْدُ . ولم يَحِنْ
وقتُ الحصاد . عليَّ أَن أَلِجَ الغيابَ
وأَن أُصدِّقَ أوَّلاً قلبي وأتبعَهُ إلي
قانا الجليل . وساعتي لم تأتِ بَعْدُ .
لَعَلَّ شيئاً فيَّ ينبُذُني . لعلِّي واحدٌ
غيري . فلم تنضج كُرومُ التين حول
ملابس الفتيات بَعْدُ . ولم تَلِدْني
ريشةُ العنقاء . لا أَحَدٌ هنالك
في انتظاري . جئْتُ قبل ، وجئتُ
بعد ، فلم أَجد أحداً يُصَدِّق ما
أرى . أنا مَنْ رأى . وأَنا البعيدُ
أَنا البعيدُ

مَنْ أَنتَ ، يا أَنا ؟ في الطريقِ
اثنانِ نَحْنُ ، وفي القيامة واحدٌ .
خُذْني إلي ضوء التلاشي كي أَرى
صَيْرُورتي في صُورَتي الأُخرى . فَمَنْ
سأكون بعدَكَ ، يا أَنا ؟ جَسَدي
ورائي أم أَمامَكَ ؟ مَنْ أَنا يا
أَنت ؟ كَوِّنِّي كما كَوَّنْتُكَ ، ادْهَنِّي
بزيت اللوز ، كَلِّلني بتاج الأرز .
واحملني من الوادي إلي أَبديّةٍ
بيضاءَ . عَلِّمني الحياةَ على طريقتِكَ ،
اختَبِرْني ذَرَّةً في العالم العُلْوِيِّ .
ساعِدْني على ضَجَر الخلود ، وكُنْ
رحيماً حين تجرحني وتبزغ من
شراييني الورودُ …

لم تـأت سـاعـتُنا . فـلا رُسُـلٌ يَـقِـيـسُـونَ
الزمانَ بقبضة العشب الأخير . هل استدار ؟ ولا ملائكةٌ
يزورون المكانَ ليتركَ الشعراءُ ماضِيَهُمْ على الشَّفَق
الجميل ، ويفتحوا غَدَهُمْ بأيديهمْ .
فغنِّي يا إلهتيَ الأثيرةَ ، يا عناةُ ،
قصيدتي الأُولى عن التكوين ثانيةً …
فقد يجدُ الرُّوَاةُ شهادةَ الميلاد
للصفصاف في حَجَرٍ خريفيّ . وقد يجدُ
الرعاةُ البئرَ في أَعماق أُغنية . وقد
تأتي الحياةُ فجاءةً للعازفين عن
المعاني من جناح فراشةٍ عَلِقَتْ
بقافيةٍ ، فغنِّي يا إلهتيَ الأَثيرةَ
يا عناةُ ، أَنا الطريدةُ والسهامُ ،
أَنا الكلامُ . أَنا المؤبِّنُ والمؤذِّنُ
والشهيدُ

ما قلتُ للطَّلَلِ : الوداع . فلم أَكُنْ
ما كُنْتُ إلاّ مَرَّةً . ما كُنْتُ إلاّ
مرَّةً تكفي لأَعرف كيف ينكسرُ الزمانُ
كخيمة البدويِّ في ريح الشمال ،
وكيف يَنْفَطِرُ المكانُ ويرتدي الماضي
نُثَارَ المعبد المهجور . يُشبهُني كثيراً
كُلُّ ما حولي ، ولم أُشْبِهْ هنا
شيئاً . كأنَّ الأرض ضَيِّقَةٌ على
المرضى الغنائيِّين ، أَحفادِ الشياطين
المساكين المجانين الذين إذا رأوا
حُلْماً جميلاً لَقَّنُوا الببغاءَ شِعْر
الحب ، وانفتَحتْ أَمامَهُمُ الحُدُودُ …

وأُريدُ أُن أُحيا …
فلي عَمَلٌ على ظهر السفينة . لا
لأُنقذ طائراً من جوعنا أَو من
دُوَارِ البحر ، بل لأُشاهِدَ الطُوفانَ
عن كَثَبٍ : وماذا بعد ؟ ماذا
يفعَلُ الناجونَ بالأرض العتيقة ؟
هل يُعيدونَ الحكايةَ ؟ ما البدايةُ ؟
ما النهايةُ ؟ لم يعد أَحَدٌ من
الموتى ليخبرنا الحقيقة … /
أَيُّها الموتُ انتظرني خارج الأرض ،
انتظرني في بلادِكَ ، ريثما أُنهي
حديثاً عابراً مَعَ ما تبقَّى من حياتي
قرب خيمتكَ ، انتظِرْني ريثما أُنهي
قراءةَ طَرْفَةَ بنِ العَبْد . يُغْريني
الوجوديّون باستنزاف كُلِّ هُنَيْهَةٍ
حريةً ، وعدالةً ، ونبيذَ آلهةٍ … /
فيا مَوْتُ ! انتظرني ريثما أُنهي
تدابيرَ الجنازة في الربيع الهَشّ ،
حيث وُلدتُ ، حيث سأمنع الخطباء
من تكرار ما قالوا عن البلد الحزين
وعن صُمُود التينِ والزيتونِ في وجه
الزمان وجيشِهِ . سأقول : صُبُّوني
بحرف النون ، حيث تَعُبُّ روحي
سورةُ الرحمن في القرآن . وامشوا
صامتين معي على خطوات أَجدادي
ووقع الناي في أَزلي . ولا
تَضَعُوا على قبري البنفسجَ ، فَهْوَ
زَهْرُ المُحْبَطين يُذَكِّرُ الموتى بموت
الحُبِّ قبل أَوانِهِ . وَضَعُوا على
التابوتِ سَبْعَ سنابلٍ خضراءَ إنْ
وُجِدَتْ ، وبَعْضَ شقائقِ النُعْمانِ إنْ
وُجِدَتْ . وإلاّ ، فاتركوا وَرْدَ
الكنائس للكنائس والعرائس /
أَيُّها الموت انتظر ! حتى أُعِدَّ
حقيبتي : فرشاةَ أسناني ، وصابوني
وماكنة الحلاقةِ ، والكولونيا ، والثيابَ .
هل المناخُ هُنَاكَ مُعْتَدِلٌ ؟ وهل
تتبدَّلُ الأحوالُ في الأبدية البيضاء ،
أم تبقى كما هِي في الخريف وفي
الشتاء ؟ وهل كتابٌ واحدٌ يكفي
لِتَسْلِيَتي مع اللاَّ وقتِ ، أمْ أَحتاجُ
مكتبةً ؟ وما لُغَةُ الحديث هناك ،
دارجةٌ لكُلِّ الناس أَم عربيّةٌ
فُصْحى/

.. ويا مَوْتُ انتظرْ ، يا موتُ ،
حتى أستعيدَ صفاءَ ذِهْني في الربيع
وصحّتي ، لتكون صيَّاداً شريفاً لا
يَصيدُ الظَّبْيَ قرب النبع . فلتكنِ العلاقةُ
بيننا وُدّيَّةً وصريحةً : لَكَ أنَتَ
مالَكَ من حياتي حين أَملأُها ..
ولي منك التأمُّلُ في الكواكب :
لم يَمُتْ أَحَدٌ تماماً ، تلك أَرواحٌ
تغيِّر شَكْلَها ومُقَامَها /
يا موت ! يا ظلِّي الذي
سيقودُني ، يا ثالثَ الاثنين ، يا
لَوْنَ التردُّد في الزُمُرُّد والزَّبَرْجَدِ ،
يا دَمَ الطاووس ، يا قَنَّاصَ قلب
الذئب ، يا مَرَض الخيال ! اجلسْ
على الكرسيّ ! ضَعْ أَدواتِ صيدكَ
تحت نافذتي . وعلِّقْ فوق باب البيت
سلسلةَ المفاتيح الثقيلةَ ! لا تُحَدِّقْ
يا قويُّ إلي شراييني لترصُدَ نُقْطَةَ
الضعف الأَخيرةَ . أَنتَ أَقوى من
نظام الطبّ . أَقوى من جهاز
تَنَفُّسي . أَقوى من العَسَلِ القويّ ،
ولَسْتَ محتاجاً ـ لتقتلني ـ إلي مَرَضي .
فكُنْ أَسْمَى من الحشرات . كُنْ مَنْ
أَنتَ ، شفَّافاً بريداً واضحاً للغيب .
كن كالحُبِّ عاصفةً على شجر ، ولا
تجلس على العتبات كالشحَّاذ أو جابي
الضرائبِ . لا تكن شُرطيّ سَيْرٍ في
الشوارع . كن قويّاً ، ناصعَ الفولاذ ، واخلَعْ عنك أَقنعةَ
الثعالب . كُنْ
فروسياً ، بهياً ، كامل الضربات . قُلْ
ما شئْتَ : (( من معنى إلي معنى
أَجيءُ . هِيَ الحياةُ سُيُولَةٌ ، وأَنا
أكثِّفُها ، أُعرِّفُها بسُلْطاني وميزاني )) .. /
ويا مَوْتُ انتظرْ ، واجلس على
الكرسيّ . خُذْ كأسَ النبيذ ، ولا
تفاوِضْني ، فمثلُكَ لا يُفاوِضُ أَيَّ
إنسانٍ ، ومثلي لا يعارضُ خادمَ
الغيبِ . استرح … فَلَرُبَّما أُنْهِكْتَ هذا
اليوم من حرب النجوم . فمن أَنا
لتزورني ؟ أَلَدَيْكَ وَقْتٌ لاختبار
قصيدتي . لا . ليس هذا الشأنُ
شأنَكَ . أَنت مسئول عن الطينيِّ في
البشريِّ ، لا عن فِعْلِهِ أو قَوْلِهِ /
هَزَمَتْكَ يا موتُ الفنونُ جميعُها .
هزمتك يا موتُ الأغاني في بلاد
الرافدين . مِسَلَّةُ المصريّ ، مقبرةُ الفراعنةِ ،
النقوشُ على حجارة معبدٍ هَزَمَتْكَ
وانتصرتْ ، وأِفْلَتَ من كمائنك
الخُلُودُ …
فاصنع بنا ، واصنع بنفسك ما تريدُ
يتبع ببقية القصيدة>>>>>

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com
الوتر الحزين
شخصيات هامة
شخصيات هامة
الوتر الحزين

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 18803
أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 111010
العمل : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Unknow10
الحالة : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Yragb11
نقاط : 32783
ترشيحات : 121
الأوســــــــــمة : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 112

أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش   أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 I_icon_minitime16/9/2009, 02:59

جدارية>>>>>
وأَنا أُريدُ أريدُ أَن أَحيا
فلي عَمَلٌ على جغرافيا البركان
من أَيام لوط إلي قيامة هيروشيما
واليبابُ هو اليبابُ كأنني أَحيا
هنا أَبداً وبي شَبَقٌ إلي ما لست
أَعرف قد يكون الآن أَبعَدَ
قد يكونُ الأمس أَقربَ والغَدُ الماضي
ولكني أَشدُّ الآن من يَدِهِ ليعبُرَ
قربيَ التاريخُ لا الزَّمَنُ المُدَوَّرُ
مثل فوضى الماعز الجبليِّ هل
أنجو غداً من سرعة الوقت الإلكترونيّ
أَم أَنجو غداً من بُطْء قافلتي
على الصحراء؟ لي عَمَلٌ لآخرتي
كأني لن أَعيش غداً ولي عَمَلٌ ليومٍ
حاضرٍ أَبداً لذا أُصغي على مَهَلٍ
على مَهَل لصوت النمل في قلبي
أعينوني على جَلَدي وأَسمع صَرْخَةَ
الحَجَر الأسيرةَ حَرِّروا جسدي وأُبصرُ
في الكمنجة هجرةَ الأشواق من بَلَدٍ
تُرَابيّ إلي بَلَدٍ سماويّ وأَقبضُ في
يد الأُنثى على أَبَدِي الأليفِ خُلِقتُ
ثم عَشِقْتُ ثم زهقت ثم أَفقتُ
في عُشْبٍ على قبري يدلُّ عليَّ من
حينٍ إلي حينٍ فما نَفْعُ الربيع
السمح إن لم يُؤْنِس الموتى ويُكْمِلْ
بعدهُمْ فَرَحَ الحياةِ ونَضْرةَ النسيان؟
تلك طريقةٌ في فكِّ لغز الشعرِ
شعري العاطفيّ على الأَقلِّ وما
المنامُ سوى طريقنا الوحيدة في الكلام
وأَيُّها الموتُ التَبِسْ واجلسْ
على بلَّوْرِ أَيامي كأنَّكَ واحدٌ من
أَصدقائي الدائمين كأنَّكَ المنفيُّ بين
الكائنات ووحدك المنفيُّ لا تحيا
حياتَكَ ما حياتُكَ غير موتي لا
تعيش ولا تموت وتخطف الأطفالَ
من عَطَشِ الحليب إلي الحليب ولم
تكن طفلاً تهزُّ له الحساسينُ السريرَ
ولم يداعِبْكَ الملائكةُ الصغارُ ولا
قُرونُ الأيِّل الساهي كما فَعَلَتْ لنا
نحن الضيوفَ على الفراشة وحدك
المنفيُّ يا مسكين لا امرأةٌ تَضُمُّك
بين نهديها ولا امرأةٌ تقاسِمُك
الحنين إلي اقتصاد الليل باللفظ الإباحيِّ
المرادفِ لاختلاط الأرض فينا بالسماءِ
ولم تَلِدْ وَلَداً يجيئك ضارعاً:أَبتي
أُحبُّكَ وحدك المنفيُّ يا مَلِكَ
الملوك ولا مديحَ لصولجانكَ لا
صُقُورَ على حصانك لا لآلئَ حول
تاجك أَيُّها العاري من الرايات
والبُوق المُقَدَّسِ!كيف تمشي هكذا
من دون حُرَّاسٍ وجَوْقَةِ منشدين
كَمِشْيَة اللصِّ الجبان وأَنتَ مَنْ
أَنتَ المُعَظَّمُ عاهلُ الموتى القويُّ
وقائدُ الجيش الأَشوريِّ العنيدُ
فاصنع بنا واصنع بنفسك ما تريدُ

وأَنا أُريدُ أُريد أَن أَحيا وأَن
أَنساك أَن أَنسى علاقتنا الطويلة
لا لشيءٍ بل لأَقرأ ما تُدَوِّنُهُ
السماواتُ البعيدةُ من رسائلَ كُلَّما
أَعددتُ نفسي لانتظار قدومِكَ
ازددتَ ابتعاداً كلما قلتُ ابتعدْ
عني لأُكمل دَوْرَةَ الجَسَدَيْنِ في جَسَدٍ
يفيضُ ظهرتَ ما بيني وبيني
ساخراً ” لا تَنْسَ مَوْعِدَنا ”
متى؟في ذِرْوَة النسيان
حين تُصَدِّقُ الدنيا وتعبُدُ خاشعاً
خَشَبَ الهياكل والرسومَ على جدار الكهف
حيث تقول” آثاري أَنا وأَنا ابنُ نفسي” أَين موعدُنا ؟
أَتأذن لي بأن أَختار مقهىً عند
باب البحر؟ـ لا لا تَقْتَرِبْ
يا ابنَ الخطيئة يا ابن آدمَ من
حدود الله!لم تُولَدْ لتسأل بل
لتعمل ـ كُن صديقاً طَيِّباً يا
موت!كُنْ معنىً ثقافياً لأُدرك
كُنْهَ حكمتِكَ الخبيئةِ!رُبَّما أَسْرَعْتَ
في تعليم قابيلَ الرمايةَ رُبَّما
أَبطأتَ في تدريب أَيُّوبٍ على
الصبر الطويل وربما أَسْرَجْتَ لي
فَرَسا ًلتقتُلَني على فَرَسي . كأني
عندما أَتذكَّرُ النسيانَ تُنقِذُ حاضري
لُغَتي . كأني حاضرٌ أَبداً . كأني
طائر أَبداً . كأني مُذْ عرفتُكَ
أَدمنتْ لُغَتي هَشَاشَتَها على عرباتك
البيضاءِ ، أَعلى من غيوم النوم ،
أَعلى عندما يتحرَّرُ الإحساس من عبء
العناصر كُلّها . فأنا وأَنتَ على طريق
الله صوفيَّانِ محكومان بالرؤيا ولا يَرَيَان /
عُدْ يا مَوْتُ وحدَكَ سالماً ،
فأنا طليق هاهنا في لا هنا
أو لا هناك . وَعُدْ إلي منفاك
وحدك . عُدْ إلي أدوات صيدك ،
وانتظرني عند باب البحر . هَيِّئ لي
نبيذاً أَحمراً للاحتفال بعودتي لِعِيادَةِ
الأرض المريضة . لا تكن فظّا ًغليظ
القلب ! لن آتي لأَسخر منك ، أَو
أَمشي على ماء البُحَيْرَة في شمال
الروح . لكنِّي ـ وقد أَغويتَني ـ أَهملتُ
خاتمةَ القصيدةِ : لم أَزفَّ إلي أَبي
أُمِّي على فَرَسي . تركتُ الباب مفتوحاً
لأندلُسِ الغنائيِّين ، واخترتُ الوقوفَ
على سياج اللوز والرُمَّان ، أَنفُضُ
عن عباءة جدِّيَ العالي خُيُوطَ
العنكبوت . وكان جَيْشٌ أَجنبيٌّ يعبر
الطُرُقَ القديمةَ ذاتها ، ويَقِيسُ أَبعادَ
الزمان بآلة الحرب القديمة ذاتها /

يا موت ، هل هذا هو التاريخُ ،
صِنْوُكَ أَو عَدُوُّك ، صاعداً ما بين
هاويتين ؟ قد تبني الحمامة عُشَّها
وتبيضُ في خُوَذ الحديد . وربما ينمو
نباتُ الشِّيحِ في عَجَلاتِ مَرْكَبَةٍ مُحَطَّمةٍ .
فماذا يفعل التاريخُ ، صنوُكَ أو عَدُوُّكَ ،
بالطبيعة عندما تتزوَّجُ الأرض السماءُ
وتذرفُ المَطَرَ المُقَدَّسَ ؟ /

أَيها الموت ، انتظرني عند باب
البحر في مقهى الرومانسيِّين . لم
أَرجِعْ وقد طاشَتْ سهامُكَ مَرَّةً
إلاّ لأُودِعَ داخلي في خارجي ،
وأُوزِّعَ القمح الذي امتلأتْ به رُوحي
على الشحرور حطَّ على يديَّ وكاهلي ،
وأُودِّعَ الأرض التي تمتصُّني ملحاً ، وتنثرني
حشيشاً للحصان وللغزالة . فانتظرني
ريثما أُنهي زيارتي القصيرة للمكان وللزمان ،
ولا تُصَدِّقْني أَعودُ ولا أَعودُ
وأَقول : شكراً للحياة !
ولم أكن حَيّاً ولا مَيْتاً
ووحدك ، كنتَ وحدك ، يا وحيدُ !

تقولُ مُمَرِّضتي : كُنْتَ تهذي
كثيراً ، وتصرخُ : يا قلبُ !
يا قَلْبُ ! خُذْني
إلي دَوْرَة الماءِ /

ما قيمةُ الروح إن كان جسمي
مريضاً ، ولا يستطيعُ القيامَ
بواجبه الأوليِّ ؟
فيا قلبُ ، يا قلبُ أَرجعْ خُطَايَ
إليَّ ، لأَمشي إلي دورة الماء
وحدي !

نسيتُ ذراعيَّ ، ساقيَّ ، والركبتين
وتُفَّاحةَ الجاذبيَّةْ
نسيتُ وظيفةَ قلبي
وبستانَ حوَّاءَ في أَوَّل الأبديَّةْ
نسيتُ وظيفةَ عضوي الصغير
نسيتُ التنفُّسَ من رئتيّ .
نسيتُ الكلام
أَخاف على لغتي
فاتركوا كُلَّّ شيء على حالِهِ
وأَعيدوا الحياة إلي لُغَتي !..

تقول مُمَرِّضتي : كُنْتَ تهذي
كثيراً ، وتصرخ بي قائلا ً:
لا أُريدُ الرجوعَ إلي أَحَدِ
لا أُريدُ الرجوعَ إلي بلدِ
بعد هذا الغياب ألطويل
أُريدُ الرجوعَ فَقَطْ
إلي لغتي في أقاصي الهديل

تقولُ مُمَرِّضتي :
كُنْتَ تهذي طويلا ً، وتسألني :
هل الموتُ ما تفعلين بي الآنَ
أَم هُوَ مَوْتُ اللُغَةْ ؟

خضراءُ ، أَرضُ قصيدتي خضراءُ ، عاليةٌ
على مَهَلٍ أُدوِّنُها ، على مَهَلٍ ، على
وزن النوارس في كتاب الماءِ . أَكتُبُها
وأُورِثُها لمنْ يتساءلون : لمنْ نُغَنِّي
حين تنتشرُ المُلُوحَةُ في الندى ؟
خضراءُ ، أكتُبُها على نَثْرِ السنابل في
كتاب الحقلِ ، قَوَّسَها امتلاءٌ شاحبٌ
فيها وفيَّ . وكُلَّما صادَقْتُ أَو
آخَيْتُ سُنْبُلةً تَعَلَّمْتُ البقاءَ من
الفَنَاء وضدَّه : (( أَنا حَبَّةُ القمح
التي ماتت لكي تَخْضَرَّ ثانيةً . وفي
موتي حياةٌ ما ))

كأني لا كأنّي
لم يمت أَحَدٌ هناك نيابةً عني .
فماذا يحفظُ الموتى من الكلمات غيرَ
الشُّكْرِ : ” إنَّ الله يرحَمُنا ”
ويُؤْنِسُني تذكُّرُ ما نَسِيتُ مِنَ
البلاغة : ” لم أَلِدْ وَلَدا ًليحمل مَوْتَ
والِدِهِ ”
وآثَرْتُ الزواجَ الحُرَّ بين المُفْرَدات
سَتَعْثُرُ الأُنثى على الذَّّكَر المُلائِمِ
في جُنُوح الشعر نحو النثر
سوف تشُّبُّ أَعضائي على جُمَّيزَةٍ ،
ويصُبُّ قلبي ماءَهُ الأرضيَّ في
أَحَدِ الكواكب ..مَنْ أَنا في الموت
بعدي ؟ مَنْ أَنا في الموت قبلي
قال طيفٌ هامشيٌّ : ( كان أوزيريسُ
مثْلَكَ ، كان مثلي . وابنُ مَرْيَمَ
كان مثلَكَ ، كان مثلي. بَيْدَ أَنَّ
الجُرْحَ في الوقت المناسب يُوجِعُ
العَدَمَ المريضَ ، ويَرْفَعُ الموتَ المؤقَّّتَ
فكرةً )
من أَين تأتي الشاعريَّةُ ؟ من
ذكاء القلب ، أَمْ من فِطْرة الإحساس
بالمجهول ؟ أَمْ من وردةٍ حمراءَ
في الصحراء ؟ لا الشخصيُّ شخصيُّ
ولا الكونيُّ كونيٌّ

كأني لا كأني/
كلما أَصغيتُ للقلب امتلأتُ
بما يقول الغَيْبُ ، وارتفعتْ بِيَ
الأشجارُ . من حُلْم إلي حُلْمٍ
أَطيرُ وليس لي هَدَفٌ أَخيرٌ
كُنْتُ أُولَدُ منذ آلاف السنين
الشاعريَّةِ في ظلامٍ أَبيض الكتّان
لم أَعرف تماماً مَنْ أَنا فينا ومن
حُلْمي . أَنا حُلْمي
كأني لا كأني
لم تَكُنْ لُغَتي تُودِّعُ نَبْرها الرعويَّ
إلاّ في الرحيل إلي الشمال كلابُنا
هَدَأَتْ . وماعِزُنا توشَّح بالضباب على
التلال . وشجَّ سَهْمٌ طائش وَجْهَ
اليقين . تعبتُ من لغتي تقول ولا
تقولُ على ظهور الخيل ماذا يصنعُ
الماضي بأيَّامِ امرئ القيس المُوَزَّعِ
بين قافيةٍ وقَيْصَرَ/
كُلَّما يَمَّمْتُ وجهي شَطْرَ آلهتي
هنالك ، في بلاد الأرجوان أَضاءني
قَمَرٌ تُطَوِّقُهُ عناةُ ، عناةُ سيِّدَةُ
الكِنايةِ في الحكايةِ لم تكن تبكي على
أَحَدِ ، ولكنْ من مَفَاتِنِها بَكَتْ :
هَلْ كُلُّ هذا السحرِ لي وحدي
أَما من شاعرٍ عندي
يُقَاسِمُني فَرَاغَ التَخْتِ في مجدي ؟
ويقطفُ من سياج أُنوثتي
ما فاض من وردي ؟
أَما من شاعر يُغْوي
حليبَ الليل في نهدي ؟
أَنا الأولى
أَنا الأخرى
وحدِّي زاد عن حدِّي
وبعدي تركُضُ الغِزلانُ في الكلمات
لا قبلي..ولا بعدي/

سأحلُمُ،لا لأُصْلِحَ مركباتِ الريحِ
أَو عَطَباً أَصابَ الروحَ
فالأسطورةُ اتَّخَذَتْ مكانَتَها/المكيدةَ
في سياق الواقعيّ وليس في وُسْعِ القصيدة
أَن تُغَيِّرَ ماضياً يمضي ولا يمضي
ولا أَنْ تُوقِفَ الزلزالَ
لكني سأحلُمُ
رُبَّما اتسَعَتْ بلادٌ لي كما أَنا
واحداً من أَهل هذا البحر
كفَّ عن السؤال الصعب Sad مَنْ أَنا؟
هاهنا ؟ أَأَنا ابنُ أُمي ؟)
لا تساوِرُني الشكوكُ ولا يحاصرني
الرعاةُ أو الملوكُ.وحاضري كغدي معي
ومعي مُفَكِّرتي الصغيرةُ:كُلَّما حَكَّ
السحابةَ طائرٌ دَوَّنتُ:فَكَّ الحُلْمُ
أَجنحتي.أنا أَيضاً أطيرُ.فَكُلُّ
حيّ طائرٌ.وأَنا أَنا لا شيءَ
آخَرَ/

واحدٌ من أَهل هذا السهل
في عيد الشعير أَزورُ أطلالي
البهيَّة مثل وَشْم في الهُوِيَّةِ
لا تبدِّدُها الرياحُ ولا تُؤبِّدُها/
وفي عيد الكروم أَعُبُّ كأساً
من نبيذ الباعة المتجوِّلينَ خفيفةٌ
روحي وجسمي مُثْقَلٌ بالذكريات وبالمكان/
وفي الربيع أكونُ خاطرةً لسائحةٍ
ستكتُبُ في بطاقات البريد على
يسار المسرح المهجور سَوْسَنَةٌ وشَخْصٌ
غامضٌ . وعلى اليمين مدينةٌ عصريَّةٌ)

وأَنا أَنا لا شيء آخَرَ
لَسْتُ من أَتباع روما الساهرينَ
على دروب الملحِ لكنِّي أسَدِّدُ نِسْبَةً
مئويَّةً من ملح خبزي مُرْغَماً ، وأَقول
للتاريخ زَيِّنْ شاحناتِكَ بالعبيد وبالملوك الصاغرينَ ومُرَّ
..لا أَحَدٌ يقول
الآن:لا.

وأَنا أَنا لا شيء آخر
واحدٌ من أَهل هذا الليل.أَحلُمُ
بالصعود على حصاني فَوْقَ،فَوْقَ
لأَتبع اليُنْبُوعَ خلف التلِّ
فاصمُدْ يا حصاني.لم نَعُدْ في الريح مُخْتَلِفَيْنِ
أَنتَ فُتُوَّتي وأَنا خيالُكَ.فانتصِبْ
أَلِفاً،وصُكَّ البرقَ.حُكَّ بحافر
الشهوات أَوعيةَ الصَدَى واصعَدْ
تَجَدَّدْ وانتصبْ أَلفاً توتَّرْ يا
حصاني وانتصبْ ألفا ًولا تسقُطْ
عن السفح الأَخير كرايةٍ مهجورةٍ في
الأَبجديَّة لم نَعُدْ في الريح مُخْتَلِفَيْنِ
أَنت تَعِلَّتي وأَنا مجازُكَ خارج الركب
المُرَوَّضِ كالمصائرِ فاندفِعْ واحفُرْ زماني
في مكاني يا حصاني فالمكانُ هُوَ
الطريق ولا طريقَ على الطريق سواكَ
تنتعلُ الرياحَ أَُضئْ نُجوماً في السراب
أَضئْ غيوماً في الغياب وكُنْ أَخي
ودليلَ برقي يا حصاني لا تَمُتْ
قبلي ولا بعدي عَلى السفح الأخير
ولا معي حَدِّقْ إلي سيَّارة الإسعافِ
والموتى لعلِّي لم أَزل حيّاً /
سأَحلُمُ لا لأُصْلِحَ أَيَّ معنىً خارجي
بل كي أُرمِّمَ داخلي المهجورَ من أَثر
الجفاف العاطفيِّ حفظتُ قلبي كُلَّهُ
عن ظهر قلبٍ:لم يَعُدْ مُتَطفِّلاً
ومُدَلّلاً تَكْفيهِ حَبَّةُ ” أَسبرين ” لكي
يلينَ ويستكينَ كأنَّهُ جاري الغريبُ
ولستُ طَوْعَ هوائِهِ ونسائِهِ فالقلب
يَصْدَأُ كالحديدِ فلا يئنُّ ولا يَحِنُّ
ولا يُجَنُّ بأوَّل المطر الإباحيِّ الحنينِ
ولا يرنُّ ّكعشب آبَ من الجفافِ
كأنَّ قلبي زاهدٌ أَو زائدٌ
عني كحرف ” الكاف ” في التشبيهِ
حين يجفُّ ماءُ القلب تزدادُ الجمالياتُ
تجريداً وتدَّثرُ العواطف بالمعاطفِ
والبكارةُ بالمهارة /
يتبع >>>>>

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com
الوتر الحزين
شخصيات هامة
شخصيات هامة
الوتر الحزين

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 18803
أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 111010
العمل : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Unknow10
الحالة : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Yragb11
نقاط : 32783
ترشيحات : 121
الأوســــــــــمة : أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 112

أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش   أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش - صفحة 2 I_icon_minitime16/9/2009, 03:01

بقية قصيدة ، جدارية>>>>>
كُلَّما يَمَّمْتُ وجهي شَطْرَ أُولى

الأغنيات رأيتُ آثارَ القطاة على
الكلام . ولم أَكن ولداً سعيداً
كي أَقولَ : الأمس أَجملُ دائماً .
لكنَّ للذكرى يَدَيْنِ خفيفتين تُهَيِّجانِ
الأرض بالحُمَّى . وللذكرى روائحُ زهرةٍ
ليليَّةٍ تبكي وتُوقظُ في دَمِ المنفيِّ
حاجتَهُ إلي الإنشاد : (( كُوني
مُرْتَقى شَجَني أَجدْ زمني )) … ولستُ
بحاجةٍ إلاّ لِخَفْقَةِ نَوْرَسِ لأتابعَ
السُفُنَ القديمةَ . كم من الوقت
انقضى منذ اكتشفنا التوأمين : الوقتَ
والموتَ الطبيعيَّ المُرَادِفَ للحياة ؟
ولم نزل نحيا كأنَّ الموتَ يُخطئنا ،
فنحن القادرين على التذكُّر قادرون
على التحرُّر ، سائرون على خُطى
جلجامشَ الخضراءِ من زَمَنٍ إلي زَمَنٍ … /

هباءٌ كاملُ التكوينِ …
يكسرُني الغيابُ كجرَّةِ الماءِ الصغيرة .
نام أَنكيدو ولم ينهض . جناحي نام
مُلْتَفّاً بحَفْنَةِ ريشِهِ الطينيِّ . آلهتي
جمادُ الريح في أَرض الخيال . ذِراعِيَ
اليُمْنى عصا خشبيَّةٌ . والقَلْبُ مهجورٌ
كبئرٍ جفَّ فيها الماءُ ، فاتَّسَعَ الصدى
الوحشيُّ : أنكيدو ! خيالي لم يَعُدْ
يكفي لأُكملَ رحلتي . لا بُدَّ لي من
قُوَّةٍ ليكون حُلْمي واقعيّاً . هاتِ
أَسْلِحتي أُلَمِّعْها بمِلح الدمعِ . هاتِ
الدمعَ ، أنكيدو ، ليبكي المَيْتُ فينا
الحيَّ . ما أنا ؟ مَنْ ينامُ الآن
أنكيدو ؟ أَنا أَم أَنت ؟ آلهتي
كقبض الريحِ . فانهَضْ بي بكامل
طيشك البشريِّ ، واحلُمْ بالمساواةِ
القليلةِ بين آلهة السماء وبيننا . نحن
الذين نُعَمِّرُ الأرض الجميلةَ بين
دجلةَ والفراتِ ونحفَظُ الأسماءَ . كيف
مَلَلْتَني ، يا صاحبي ، وخَذَلْتَني ، ما نفْعُ حكمتنا بدون
فُتُوّةٍ … ما نفعُ حكمتنا ؟ على باب المتاهِ خذلتني ،
يا صاحبي ، فقتلتَني ، وعليَّ وحدي
أَن أرى ، وحدي ، مصائرنا . ووحدي
أَحملُ الدنيا على كتفيَّ ثوراً هائجاً .
وحدي أَفتِّشُ شاردَ الخطوات عن
أَبديتي . لا بُدَّ لي من حَلِّ هذا
اللُغْزِ ، أنكيدو ، سأحملُ عنكَ
عُمْرَكَ ما استطعتُ وما استطاعت
قُوَّتي وإرادتي أَن تحملاكَ . فمن
أَنا وحدي ؟ هَبَاءٌ كاملُ التكوينِ
من حولي . ولكني سأُسْنِدُ ظلَّّك
العاري على شجر النخيل . فأين ظلُّكَ ؟
أَين ظلُّك بعدما انكسرَتْ جُذُوعُك؟
قمَّةُ
الإنسان
هاويةٌ …
ظلمتُكَ حينما قاومتُ فيكَ الوَحْشَ ،
بامرأةٍ سَقَتْكَ حليبَها ، فأنِسْتَ …
واستسلمتَ للبشريِّ . أَنكيدو ، ترفَّقْ
بي وعُدْ من حيث مُتَّ ، لعلَّنا
نجدُ الجوابَ ، فمن أَنا وحدي ؟
حياةُ الفرد ناقصةٌ ، وينقُصُني
السؤالُ ، فمن سأسألُ عن عبور
النهر ؟ فانهَضْ يا شقيقَ الملح
واحملني . وأَنتَ تنامُ هل تدري
بأنك نائمٌ ؟ فانهض .. كفى نوما ً!
تحرَّكْ قبل أَن يتكاثَرَ الحكماءُ حولي
كالثعالب : [ كُلُّ شيء باطلٌ ، فاغنَمْ
حياتَكَ مثلما هِيَ برهةً حُبْلَى بسائلها ،
دَمِ العُشْب المُقَطَّرِ . عِشْ ليومك لا
لحلمك . كلُّ شيء زائلٌ . فاحذَرْ
غداً وعشِ الحياةَ الآن في امرأةٍ
تحبُّكَ . عِشْ لجسمِكَ لا لِوَهْمِكَ .
وانتظرْ
ولداً سيحمل عنك رُوحَكَ
فالخلودُ هُوَ التَّنَاسُلُ في الوجود .
وكُلُّ شيءٍ باطلٌ أو زائل ، أو
زائل أو باطلٌ ]

مَنْ أَنا ؟
أَنشيدُ الأناشيد
أم حِكْمَةُ الجامعةْ ؟
وكلانا أَنا …
وأَنا شَاعرٌ
ومَلِكْ
وحكيمٌ على حافّة البئرِ
لا غيمةٌ في يدي
ولا أَحَدَ عَشَرَ كوكباً
على معبدي
ضاق بي جَسَدي
ضاق بي أَبدي
وغدي
جالسٌ مثل تاج الغبار
على مقعدي

باطلٌ ، باطلُ الأباطيل … باطلْ
كُلُّ شيء على البسيطة زائلْ

أَلرياحُ شماليَّةٌ
والرياحُ جنوبيَّةٌ
تُشْرِقُ الشمسُ من ذاتها
تَغْرُبُ الشمسُ في ذاتها
لا جديدَ ، إذاً
والزَمَنْ
كان أَمسِ ،
سُدىً في سُدَى .
ألهياكلُ عاليةٌ
والسنابلُ عاليةٌ
والسماءُ إذا انخفضت مَطَرتْ
والبلادُ إذا ارتفعت أَقفرت
كُلُّ شيء إذا زاد عن حَدِّهِ
صار يوماً إلي ضدِّهِ .
والحياةُ على الأرض ظلٌّ
لما لا نرى ….

باطلٌ ، باطلُ الأباطيل … باطلْ
كلُّ شيء على البسيطة زائلْ

1400 مركبة
و12,000 فرس
تحمل اسمي المُذَهَّبَ من
زَمَنٍ نحو آخر …
عشتُ كما لم يَعِشْ شاعرٌ
مَلكاً وحكيماً …
هَرِمْتُ ، سَئِمْتُ من المجدِ
لا شيءَ ينقصني
أَلهذا إذاً
كلما ازداد علمي
تعاظَمَ هَمِّي ؟
فما أُورشليمُ وما العَرْشُ ؟
لا شيءَ يبقى على حالِه
للولادة وَقْتٌ
وللموت وقتٌ
وللصمت وَقْتٌ
وللنُّطق وقْتٌ
وللحرب وقْتٌ
وللصُّلحِ وقْتٌ
وللوقتِ وقْتٌ
ولا شيءَ يبقى على حالِهِ …
كُلُّ نَهْرٍ سيشربُهُ البحرُ
والبحرُ ليس بملآنَ ،
لاشيءَ يبقى على حالِهِ
كُلُّ حيّ يسيرُ إلي الموت
والموتُ ليس بملآنَ ،
لا شيءَ يبقى سوى اسمي المُذَهَّبِ
بعدي :
(( سُلَيمانُ كانَ )) …
فماذا سيفعل موتى بأسمائهم
هل يُضيءُ الذَّهَبْ
ظلمتي الشاسعةْ
أَم نشيدُ الأناشيد
والجامعةْ ؟

باطلٌ ، باطلُ الأباطيل … باطلْ
كُلُّ شيء على البسيطة زائلْ /…

مثلما سار المسيحُ على البُحَيْرَةِ ،
سرتُ في رؤيايَ . لكنِّي نزلتُ عن
الصليب لأَنني أَخشى العُلُوَّ ،ولا
أُبَشِّرُ بالقيامةِ . لم أُغيِّرْ غَيْرَ
إيقاعي لأَسمَعَ صوتَ قلبي واضحاً .
للملحميِّين النُّسُورُ ولي أَنا : طوقُ
الحمامةِ ، نجمةٌ مهجورةٌ فوق السطوح ،
وشارعٌ مُتَعرِّجُ يُفْضي إلي ميناءِ
عكا ـ ليس أكثرَ أَو أَقلَّ ـ
أُريد أَن أُلقي تحيَّاتِ الصباح عليَّ
حيث تركتُني ولداً سعيدا [ لم
أَكُنْ ولداً سَعيدَ الحظِّ يومئذٍ ،
ولكنَّ المسافةَ، مثلَ حدَّادينَ ممتازينَ ،
تصنَعُ من حديدٍ تافهٍ قمراً ]
ـ أَتعرفني ؟
سألتُ الظلَّ قرب السورِ ،
فانتبهتْ فتاةُ ترتدي ناراً ،
وقالت : هل تُكَلِّمني ؟
فقلتُ : أُكَلِّمُ الشَبَحَ القرينَ
فتمتمتْ : مجنونُ ليلى آخرٌ يتفقَُّّد
الأطلالَ ،
وانصرفتْ إلي حانوتها في آخر السُوق
القديمةِ…
ههنا كُنَّا . وكانت نَخْلَتانِ تحمِّلان
البحرَ بعضَ رسائلِ الشعراءِ …
لم نكبر كثيراً يا أَنا . فالمنظرُ
البحريُّ ، والسُّورُ المُدَافِعُ عن خسارتنا ،
ورائحةُ البَخُور تقول : ما زلنا هنا ،
حتى لو انفصَلَ الزمانُ عن المكانِ .
لعلَّنا لم نفترق أَبداً
ـ أَتعرفني ؟
بكى الوَلَدُ الذي ضيَّعتُهُ :
(( لم نفترق . لكننا لن نلتقي أَبداً )) …
وأَغْلَقَ موجتين صغيرتين على ذراعيه ،
وحلَّّق عالياً …
فسألتُ : مَنْ منَّا المُهَاجِرُ ؟ /
قلتُ للسّجَّان عند الشاطئ الغربيّ :
ـ هل أَنت ابنُ سجّاني القديمِ ؟
ـ نعم !
ـ فأين أَبوك ؟
قال : أَبي توفِّيَ من سنين.
أُصيبَ بالإحباط من سَأَم الحراسة .
ثم أَوْرَثَني مُهمَّتَهُ ومهنته ، وأوصاني
بان أَحمي المدينةَ من نشيدكَ …
قُلْتُ : مُنْذُ متى تراقبني وتسجن
فيَّ نفسَكَ ؟
قال : منذ كتبتَ أُولى أُغنياتك
قلت : لم تَكُ قد وُلِدْتَ
فقال : لي زَمَنٌ ولي أَزليَّةٌ ،
وأُريد أن أَحيا على إيقاعِ أمريكا
وحائطِ أُورشليمَ
فقلتُ : كُنْ مَنْ أَنتَ . لكني ذهبتُ .
ومَنْ تراه الآن ليس أنا ، أنا شَبَحي
فقال : كفى ! أَلسْتَ اسمَ الصدى
الحجريِّ ؟ لم تذهَبْ ولم تَرْجِعْ إذاً .
ما زلتَ داخلَ هذه الزنزانة الصفراءِ .
فاتركني وشأني !
قلتُ : هل ما زلتُ موجودا ً
هنا ؟ أَأَنا طليقٌ أَو سجينٌ دون
أن أدري . وهذا البحرُ خلف السور بحري ؟
قال لي : أَنتَ السجينُ ، سجينُ
نفسِكَ والحنينِ . ومَنْ تراهُ الآن
ليس أَنا . أَنا شَبَحي
فقلتُ مُحَدِّثاً نفسي : أَنا حيٌّ
وقلتُ : إذا التقى شَبَحانِ
في الصحراء ، هل يتقاسمانِ الرملَ ،
أَم يتنافسان على احتكار الليل ؟ /

المقطع قبل الأخير
كانت ساعَةُ الميناءِ تعمَلُ وحدها
لم يكترثْ أَحَدٌ بليل الوقت ، صَيَّادو
ثمار البحر يرمون الشباك ويجدلون
الموجَ . والعُشَّاقُ في الـ” ديسكو ” .
وكان الحالمون يُرَبِّتُون القُبَّراتِ النائماتِ
ويحلمون …
وقلتُ : إن متُّ انتبهتُ …
لديَّ ما يكفي من الماضي
وينقُصُني غَدٌ …
سأسيرُ في الدرب القديم على
خُطَايَ ، على هواءِ البحر . لا
امرأةٌ تراني تحت شرفتها . ولم
أملكْ من الذكرى سوى ما ينفَعُ
السَّفَرَ الطويلَ . وكان في الأيام
ما يكفي من الغد . كُنْتُ أصْغَرَ
من فراشاتي ومن غَمَّازتينِ :
خُذي النُّعَاسَ وخبِّئيني في
الرواية والمساء العاطفيّ /
وَخبِّئيني تحت إحدى النخلتين /
وعلِّميني الشِعْرَ / قد أَتعلَّمُ
التجوال في أنحاء ” هومير ” / قد
أُضيفُ إلي الحكاية وَصْفَ
عكا / أقدمِ المدنِ الجميلةِ ،
أَجملِ المدن القديمةِ / علبَةٌ
حَجَريَّةٌ يتحرَّكُ الأحياءُ والأمواتُ
في صلصالها كخليَّة النحل السجين
ويُضْرِبُونَ عن الزهور ويسألون
البحر عن باب الطوارئ كُلَّما
اشتدَّ الحصارُ / وعلِّميني الشِعْرَ /
قد تحتاجُ بنتٌ ما إلي أُغنية
لبعيدها : (( خُذْني ولو قَسْراً
إليكَ ، وضَعْ منامي في
يَدَيْكَ )) . ويذهبان إلي الصدى
مُتَعانِقَيْنِ / كأنَّني زوَّجتُ ظبياً
شارداً لغزالةٍ / وفتحتُ أبوابَ
الكنيسةِ للحمام … / وعَلِّميني
الشِعْرَ / مَنْ غزلتْ قميصَ
الصوف وانتظرتْ أمام الباب
أَوْلَى بالحديث عن المدى ، وبخَيْبَةِ
الأَمَلِ : المُحاربُ لم يَعُدْ ، أو
لن يعود ، فلستَ أَنتَ مَن
انتظرتُ … /

ومثلما سار المسيحُ على البحيرة …
سرتُ في رؤيايَ . لكنِّي نزلتُ عن
الصليب لأنني أَخشى العُلُوَّ ولا
أُبشِّرُ بالقيامة . لم أُغيِّر غيرَ إيقاعي
لأَسمع صوتَ قلبي واضحاً …
للملحميِّين النُسُورُ ولي أَنا طَوْقُ
الحمامة ، نَجْمَةٌ مهجورةٌ فوق السطوح ،
وشارعٌ يُفضي إلي الميناء … /
هذا البحرُ لي
هذا الهواءُ الرَّطْبُ لي
هذا الرصيفُ وما عَلَيْهِ
من خُطَايَ وسائلي المنويِّ … لي
ومحطَّةُ الباصِ القديمةُ لي . ولي
شَبَحي وصاحبُهُ . وآنيةُ النحاس
وآيةُ الكرسيّ ، والمفتاحُ لي
والبابُ والحُرَّاسُ والأجراسُ لي
لِيَ حَذْوَةُ الفَرَسِ التي
طارت عن الأسوار … لي
ما كان لي . وقصاصَةُ الوَرَقِ التي
انتُزِعَتْ من الإنجيل لي
والملْحُ من أَثر الدموع على
جدار البيت لي …
واسمي ، إن أخطأتُ لَفْظَ اسمي
بخمسة أَحْرُفٍ أُفُقيّةِ التكوين لي :
ميمُ / المُتَيَّمُ والمُيتَّمُ والمتمِّمُ ما مضى
حاءُ / الحديقةُ والحبيبةُ ، حيرتانِ وحسرتان
ميمُ / المُغَامِرُ والمُعَدُّ المُسْتَعدُّ لموته
الموعود منفيّاً ، مريضَ المُشْتَهَى
واو / الوداعُ ، الوردةُ الوسطى ،
ولاءٌ للولادة أَينما وُجدَتْ ، وَوَعْدُ الوالدين
دال / الدليلُ ، الدربُ ، دمعةُ
دارةٍ دَرَسَتْ ، ودوريّ يُدَلِّلُني ويُدْميني /
وهذا الاسمُ لي …
ولأصدقائي ، أينما كانوا ، ولي
جَسَدي المُؤَقَّتُ ، حاضراً أم غائباً …
مِتْرانِ من هذا التراب سيكفيان الآن …
لي مِتْرٌ و75 سنتمتراً …
والباقي لِزَهْرٍ فَوْضَويّ اللونِ ،
يشربني على مَهَلٍ ، ولي
ما كان لي : أَمسي ، وما سيكون لي
غَدِيَ البعيدُ ، وعودة الروح الشريد
كأنَّ شيئا ًلم يَكُنْ
وكأنَّ شيئاً لم يكن
جرحٌ طفيف في ذراع الحاضر العَبَثيِّ …
والتاريخُ يسخر من ضحاياهُ
ومن أَبطالِهِ …
يُلْقي عليهمْ نظرةً ويمرُّ …
هذا البحرُ لي
هذا الهواءُ الرَّطْبُ لي
واسمي ـ
وإن أخطأتُ لفظ اسمي على التابوت ـ
لي .
أَما أَنا ـ وقد امتلأتُ
بكُلِّ أَسباب الرحيل ـ
فلستُ لي .
أَنا لَستُ لي
أَنا لَستُ لي …

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com
 
أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 2 من اصل 7انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» صبرا وشاتيلا الشاعر محمود درويش
» صلاح فضل يتتبع سيرة الشاعر محمود درويش
» وعاد فى كفن..محمود درويش
»  أمسيه محمود درويش في حيفا
» الشاعر الكبير حسن الغالبي علي كرسي الأعلامي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشاعر عبد القوى الأعلامى :: المنتديات الأدبية :: المنتديات الأدبية :: منتدى الشعر الحداثي-
انتقل الى: