| أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57 عدد الرسائل : 18803 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783 ترشيحات : 121 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 16/9/2009, 03:39 | |
| 113 ـ كتابة علي ضوء بندقيةشولميت انتظرت صاحبها في مدخل البار،من الناحية الأخرى يمر العاشقون،و نجوم السينما يبتسمون . ألف إعلان يقول : نحن لن نخرج من خارطة الأجداد،لن نترك شبرا واحدا للاجئين شولميت انكسرت في ساعة الحائط،عشرون دقيقة وقفت،و انتظرت صاحبها في مدخل البار،و ما جاء إليها . قال في مكتوبه أمس : "لقد أحرزت،يا شولا و ساما و إجازة إحجزي مقعدنا السابق في البار أنا عطشان يا شولا،لكأس وشفه قد تنازلت عن الموت الذي يورثني المجد لكي أحبو كطفل فوق رمل الأرصفة و لكي أرقص في البار" . من الناحية الأخرى،يمر الأصدقاء عرفوا شولا على شاطئ عكا قبل عامين،و كانوا يأكلون الذرة الصفراء..كانوا مسرعين كعصافير المساء..شولميت انكسرت في ساعة الحائط،خمسين دقيقة وقفت،و انتظرت صاحبها شولميت استنشقت رائحة الخروب من بدلته كان يأتي،آخر الأسبوع كالطفل إليها يتباهى بمدى الشوق الذي يحمله قال لها : صحراء سيناء أضافت سببا يجعله يسقط كالعصفور في بلور نهديها و قال : ليتني أمتد كالشمس و كالرمل على جسمك،نصفي قاتل و النصف مقتول،وزهر البرتقال جيد في البيت و النزهة،و العيد الذي أطلبه من فخدك الشائع في لحمي..مميت في ميادين القتال !..و أحسست كفه تفترس الخصر فصاحت : لست في الجبهة..قال : مهنتي ! قالت له : لكنني صاحبتك قال : من يحترف القتل هناك يقتل الحب هنا . وارتمي في حضنها اللاهث موسيقي،و غىّ لغيوم فوق أشجار أريحا..يا أريحا ! أنت في الحلم وفي اليقظة ضدّان،و في الحلم و في اليقظة حاربت هناك و أنا بينهما مزّقت توراتي و عذبت المسيحا..يا أريحا ! أوقفي شمسك .إنّا قادمون نوقف الريح على حد السكاكين،إذا شئنا،و ندعوك إلي مائدة القائد،إنا قادمون..و أحسّت يده تشرب كفّيها . و قال عندما كان الندى يغسل وجهين بعيدين عن الضوء : أنا المقتول و القاتل لكنّ الجريدة و طقوس الاحتفال تقتضي أن أسجن الكذبة في الصدر،و في عينيك،يا شولا و أن أمسح رشّاشي بمسحوق عقيدة ! أغمضي عينيك لن أقوى على رؤية عشرين ضحية فيهما،تستيقظ الآن،و قد كنت بعيدة لم أفكّربك..لم أخجل من الصمت الذي يولد في ظل العيون العسلّية . و أصول الحرب لن تسمح أن أعشق إلا البندقيّة !..سألته شولميت : و متى نخرج من هذا الحصار ؟ قال،و الغيمة في حنجرته : أي أنواع الحصار ؟ فأجاب : في صباح الغد تمضي . و أنا أشرح للجيران أن الوهلة الأولى خداع للبصر..نحن لا ندفع هذا العرق الأحمر..هذا الدم لا ندفعه . من أجل أن يزداد هذا الوطن الضاري حجر قال : إن الوقت مجنون . و لم يلتئم الليلة جسمانا دعيني . أذب الآن بجسم الكستنا و الياسمين أنت ـ يا سيدي ـ فاكهتي الأولى . و ناما..و بكى في فرح الجسمي .ن في عيدعما لون القمر شولميت استسلمت للذكريات كل روّاد المقاهي و الملاهي شبعوا رقصا و في الناحية الأخرى،تدوخ الفتيات بين أحضان الشباب المتعبي .ن و على لائحة الإعلان يحتد وزير الأمن : لن نرجع شبرا واحدا للاجئين..و الفدائيون مجتثون،منذ الآن لن يخمش جنديّ و من مات على تربة هذا الوطن الغالي له الرحمة و المجد..ورايات الوطن ! شولميت اكتشفت أنّ أغاني الحرب لا توصل القلب و النجوى إلي صاحبها نحن في المذياع أبطال و في التابوت أطفال و في البيت صور..ـ ليتهم لم يكتبوا أسماءنا في الصفحة الأولى،فلن يولد حي من خبر..ـ وعدوا موتك بالخلد بتمثال رخام وعدوا موتك بالمجد و لكن رجال الجنرال سوف ينسونك في كل رخام و سينسونك في كل احتفال..شولميت اكتشفت أن أغاني الحرب لا توصل صمت القلب و النجوى إلي صاحبها فجأة عادت بها الذكرى إلي لذّتها الأولى،إلي دنيا غريبة صدقّت ما قال محمود لها قبل سنين ـ كان محمود صديقا طيب القلب خجولا كان،لا يطلب منها غير أن تفهم أنّ اللاجئين أمة تشعر بالبرد،و بالشوق إلي أرض سليبة و حبيبا صار فيما بعد،لكنّ الشبابيك التي يفتحها في آخر الليل..رهيبة كان لا يغضبها،لكنه كان يقول كلمات توقع المنطق في الفخّ،إذا سرّت إلي آخرها ضقت ذرعا بالأساطير التي تعبدها و تمزّقت،حياء،من نواطير الحقول..صدقّت ما قال محمود لها قبل سنين عندما عانقها،في المرة الأولى،بكت من لذة الحب..و من جيرانها كل قومياتنا قشرة موز،فكرت يوما على ساعده،و أتى سيمون يحميها من الحب القديم و من الكفر بقوميتها . كان محمود سجينا يومها كانت" الرملة" فردوسا له..كانت جحيم..كانت الرقصة تغريها بأن تهلك في الإيقاع . أن تنعس فيما بعد في صدر رحيم سكر الإيقاع . كانت وحدها في البار لا يعرفها إلا الندم . و أتى سيمون يدعوها إلي الرقص فلّبت كان جنديا وسيم كان يحميها من الوحدة في البار،و يحميها من الحب القديم و من الكفر بقوميتها..شولميت انتظرت صاحبها في مدخل البار القديم شولميت انكسرت في ساعة الحائط ساعات..و ضاعت في شريط الأزمنة شولميت انتظرت سيمون ـ لا بأس إذن فليأت محمود..أنا أنتظر الليلة عشرين سنة كل أزهارك كانت دعوة للانتظار ويداك الآن تلتفان حولي مثل نهرين من الحنطة و الشوك . و عيناك حصار و أنا أمتد من مدخل هذا البار حتى علم الدولة،حقلا من شفاه دموية أين سيمون و محمود ؟ من الناحية الأخرى زهور حجريّة . و يمر الحارس الليلي . و الإسفلت ليل آخر يشرب أضواء المصابيح،و لا تلمع إلا بندقيّة..114 ـ الكلمة الشاعر العربيّ محروم دم الصحراء يغلي في نشيده و قوافل النوق العطاش أبدا تسافر في حدوده و الحلوة السمراء في صدف البحار ! الشاعر العربيّ محروم تعوّد أن يموت بسيف صمته ألقى على عينيه كل السر قال : غدا ستفهمها عيوني و أنا تركت لك الكلام على عيوني لكن،أظنك ما فهمت !115 ـ كمقهى صغير هو الحب كمقهى صغير على شارع الغرباء ـ هو الحبُّ..يفتح أبوابه للجميع . كمقهى يزيد وينقُصُ وَفْق المُناخ : إذا هَطَلَ المطرُ ازداد رُوّادُهُ،وإذا اعتدل الجو قلُّوا وملُّوا أنا هاهنا ـ يا غربيةُ ـ في الركن أجلس ما لون عينيكِ ؟ ما اسمكِ ؟ كيف أناديك حين تَمُرِّين بي،وأنا جالس في انتظاركِ ؟ مقهى صغيرٌ هو الحبُّ . أطلب كأسي نبيذٍ وأشرب نخبي ونخبك . أحمل قبّعتين وشمسية . إنها تمطر الآن تمطر أكثر من أي يوم،ولا تدخلين أقول لنفسي أخيراً : لعل التي كنت أنتظرُ انتظَرَتْني..أو انتظَرتْ رجلاً آخرَ ـ انتظرتنا ولم تتعرف عليه / عليَّ،وكانت تقول : أنا هاهنا في انتظارك ما لون عينيكَ ؟ أي نبيذْ تحبُّ ؟ وما اسمكَ ؟ كيف أناديك حين تَمُر أمامي
|
|
| |
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57 عدد الرسائل : 18803 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783 ترشيحات : 121 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 16/9/2009, 03:40 | |
| 116 ـ لا أعرف الشخص الغريبلا أعرف الشخصَ الغريبَ ولا مآثرهُ رأيتُ جِنازةً فمشيت خلف النعش،مثل الآخرين مطأطئ الرأس احتراماً . لم أجد سبباً لأسأل : مَنْ هُو الشخصُ الغريبُ ؟ وأين عاش،وكيف مات فإن أسباب الوفاة كثيرةٌ من بينها وجع الحياة سألتُ نفسي : هل يرانا أم يرى عَدَماً ويأسفُ للنهاية ؟ كنت أعلم أنه لن يفتح النَّعشَ المُغَطَّى بالبنفسج كي يُودِّعَنا ويشكرنا ويهمسَ بالحقيقة ( ما الحقيقة ؟ ) رُبَّما هُوَ مثلنا في هذه الساعات يطوي ظلَّهُ . لكنَّهُ هُوَ وحده الشخصُ الذي لم يَبْكِ في هذا الصباح،ولم يَرَ الموت المحلِّقَ فوقنا كالصقر فأحياءهم أَبناءُ عَمِّ الموت،والموتى نيام هادئون وهادئون وهادئون ولم أَجد سبباً لأسأل : من هو الشخص الغريب وما اسمه ؟ لا برق يلمع في اسمه والسائرون وراءه عشرون شخصاً ما عداي ( أنا سواي ) وتُهْتُ في قلبي على باب الكنيسة : ربما هو كاتبٌ أو عاملٌ أو لاجئٌ أو سارقٌ،أو قاتلٌ..لا فرق،فالموتى سواسِيَةٌ أمام الموت..لا يتكلمون وربما لا يحلمون . وقد تكون جنازةُ الشخصِ الغريب جنازتي لكنَّ أَمراً ما إلهياً يُؤَجِّلُها لأسبابٍ عديدةْ من بينها : خطأ كبير في القصيدة117 ـ لا تتركيني وطني جبينك،فاسمعيني لا تتركيني خلف السياج كعشبة برية،كيمامة مهجورة لا تتركيني قمرا تعيسا كوكبا متسولا بين الغصون لا تتركيني حرا بحزني و احبسيني بيد تصبّ الشمس فوق كوى سجوني،وتعوّدي أن تحرقيني،إن كنت لي شغفا بأحجاري بزيتوني بشبّاكي..بطيني وطني جبينك،فاسمعيني لا تتركيني !118 ـ لا جدران للزنزانة كعادتها،أنقذتني من الموت زنزانتي و من صدأ الفكر،و الاحتيال على فكرة منهكة وجدت على سقفها وجه حرّيتي و بيّارة البرتقال و أسماء من فقدوا أمس أسماءهم على تربة المعركة سأعترف الآن،ما أجمل الاعتراف فلا تحزني أنت يوم الأحد و قولة لأهل البلد : سنرجئ حفل الزفاف إلي مطلع السنة القادمة تفرّ العصافير من قبضتي و يبتعد النجم عنّي..و الياسمين و تنقص أعداد من يرقصون و يذبل صوتك قبل الأوان و لكنّ زنزانتي كعادتها،أنقذتني من الموت زنزانتي..وجدت على سقفها وجه حريتي فشع جبينك فوق الجدار..119 ـ لا مفر مطر على أشجاره و يدي على أحجاره،و الملح فوق شفاهي من لي بشبّاك يقي جمر الهوى من نسمة فوق الرصيف اللاهي ؟ وطني !عيونك أم غيوم ذوّبت أوتار قلبي في جراح إله ! هل تأخذن يدي ؟ فسبحان الذي يحمي غريبا من مذلة آه ظلّ الغريب على الغريب عباءة تحمل من لسع الأسى التيّاه هل تلقينّ على عراء تسولي أستار قبر صار بعض ملاهي لأشمّ رائحة الذين تنفّسوا مهدي..و عطر البرتقال الساهي وطني ! أفتّش عنك فلا أرى إلاّ شقوق يديك فوق جباه وطني أتفتح في الخرائب كوه ؟ فالملح ذاب على يدي و شفاهي مطر على الإسفلت،يجرفني إلي ميناء موتانا..و جرحك ناه120 ـ لمساء آخر كلّ خوخ الأرض ينمو في جسد و تكون الكلمة و تكون الرغبة المحتدمة سقط الظلّ عليها لا أحد لا أحد..و تغنّي وحدها في طريق العربات المهملة كل شيء عندها لقب للسنبلة و تغنّي وحدها : البحيرات كثيرة و هي النهر الوحيد . قصّتي كانت قصيرة و هي النهر الوحيد سأراها في الشتاء عندما تقتلني و ستبكي و ستضحك عندما تقتلني و أراها في الشتاء . إنني أذكر أو لا أذكر العمر تبخّر في محطات القطارات و في خطوتها . كان شيئا يشبه الحبّ هواء يتكسّر بين وجهين غريبين،و موجا يتحجّر بين صدرين قريبين،و لا أذكرها..و تغنّي وحدها لمساء آخر هذا المساء و أنادي وردها تذهب الأرض هباء حين تبكي وحدها . كلماتي كلمات للشبابيك سماء للعصافير فضاء للخطى درب و للنهر مصبّ و أنا للذكريات . كلماتي كلمات و هي الأولى . أنا الأول كنّا . لم نكن جاء الشتاء دون أن تقتلني..دون أن تبكي و تضحك . كلمات كلمات .
|
|
| |
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57 عدد الرسائل : 18803 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783 ترشيحات : 121 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 16/9/2009, 03:41 | |
| 121 ـ لوحة علي الأفقرأيت جبينك الصيفيّ مرفوعا على الشفق ( و شعرك ماعز ) يرعى حشيش الغيم في الأفق تودّ العين..لو طارت إليك كما يطير النوم من سجني يود القلب لو يحبو إليك على حصى الحزن يود الثغر لو يمتص عن شفتيك..ملح البحر،و الزمن يود..يود . لكني وراء حديد شباكي أودع وجهك الباكي غريقا فوق دمّ الشمس..مهدورا على الأفق فأحمل فوق جرح القلب جرحين و لكني..أحاول أن أضمدها..أوسدها ذراع تمرّد الحزن !122 ـ لوركا عفو زهر الدم يا لوركا و شمس في يديك و صليب يرتدي نار قصيدة أجمل الفرسان في الليل يحجون إليك بشهيد و شهيدة هكذا الشاعر زلزال و إعصار مياه و رياح إن زأر يهمس الشارع للشارع قد مرت خطاه فتطاير يا حجر هكذا الشاعر موسيقى و ترتيل صلاه و نسيم إن همس يأخذ الحسناء في لين إليه و له الأقمار عش إن جلس لم تزل إسبانيا أتعس أم أرخت الشعر على أكتافها و على أغصان زيتون المساء المدلهم علقت أسيافها عازف الجيتار في الليل يجوب الطرقات و يغني في الخفاء و بأشعارك يا لوركا يلم الصدقات من عيون البؤساء العيون السود في إسبانيا تنظر شزرا و حديث الحب أبكم يحفر الشاعر في كفيه قبرا إن تكلم نسي النسيان أن يمشي على ضوء دمك فاكتست بالدم أزهار القمر أنبل الأسياف حرف من فمك عن أناشيد الغجر آخر الأخبار من مدريد أن الجرح قال شبع الصابر صبرا أعدموا غوليان في الليل و زهر البرتقال لم يزل ينشر عطرا أجمل الأخبار من مدريد ما يأتي غدا123 ـ المدينة المحتلة الطفلة احترقت أمّهاأمامها..احترقت كالمساء . وعلّموها : يصير اسمها ـ في السّنة القادمة ـ سيدة الشهداء وسوف تأتي إليها إذا وافق الأنبياء ! الطفلة احترقت أمها أمامها..احترقت كالمساء من يومها،لا تحب القمر ولا الدّمى كلّما جاء المسا،صرخت كلّها : أنا قتلت القمر لأنه قال لي..قال..قال : أمّك لا تشبه البرتقال ولا جذوع الشجر أمك في القبر لا في السماء . الطفلة احترقت أمها أمامها..احترقت كالمساء..124 ـ مرة أخري مرة أخرى ينام القتلة تحت جلدي وتصير المشنقة علما أو سنبله في سماء الغابة المحترقة حذف الظل يديها من جبيني فاختبأنا في الظهيرة مرة أخرى يمر العسكريّ تحت جلدي مرة أخرى يواري شفتي في تجاعيد النشيد الوطن !ي حذف الظل يديها من جبيني فاختبأنا في الظهيرة مرّة أخرى يفر الشهداء من أغاني الشعراء مرة أخرى نزلنا عن صليبينا فلم نعثر على أرض ولم نبصر سماء حذف الظلّ يديها من جبيني فاختبأنا في الظهيرة مرّة أخرى اتحدنا أنا والقاتل والموت المعاد أصبحت حريّتي عبئا على قلبي وعيناها منافي وبلاد مرّة أخرى يضيع الماء في الغيم وندعى للجهاد !..حذف الظلّ يديها من جبيني فاختبأنا في الظهيرة قتلوها في الظهيرة بدلا مني،ولم يعتقلوني مرة أخرى لأن القتلة تحت جلدي125 ـ مرثية لملمت جرحك يا أبي برموش أشعاري فبكت عيون الناس من حزني..و من ناري و غمست خبزي في التراب..وما التمست شهامة الجار ! وزرعت أزهاري في تربة صماء عارية بلا غيم..و أمطار فترقرقت لما نذرت لها جرحا بكى برموش أشعاري ! عفوا أبي ! قلبي موائدهم و تمزقي..و تيتمي العاري ! ما حيلة الشعراء يا أبتي غير الذي أورثت أقداري إن يشرب البؤساء من قدحي لن يسألوا من أي كرم خمري الجاري !
|
|
| |
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57 عدد الرسائل : 18803 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783 ترشيحات : 121 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 16/9/2009, 03:42 | |
| 126 ـ مزامير
ـ 1ـ أحبك،أو لا أحبك ـ أذهب،أترك خلفي عناوين قابلة للضياع . و أنتظر العائدين،و هم يعرفون مواعيد موتي و يأتون . أنت التي لا أحبّك حين أحبّك،أسوار بابل ضيّقة في النهار،وعيناك واسعتان،ووجهك منتشر في الشعاع كأنك لم تولدي بعد . لم نفترق بعد . لم تصرعيني وفوق سطوح الزوابع كلّ كلام جميل،و كل لقاء وداع و ما بيننا غير هذا اللقاء،و ما بيننا غير هذا الوداع . أحبّك،أو لا أحبذك ـ يهرب مني حبيبي،و أشعر أنك لا شيء أو كل شيء . و أنك قابلة للضياع أريدك،أو لا أريدك ـ إن خرير الجداول محترق بدمي،ذات يوم أراك، و أذهب و حاولت أن أستعيد صداقة أشياء غابت ـ نجحت و حاولت أن أتباهى بعينين تتسعان لكل خريف ـ نجحت ـ و حاولت أن أرسم اسما يلاءم زيتونة حول خاصرة ـ فتناسل كوكب . أريدك حين أقول أنا لا أريدك.. وجهي تساقط،نهر بعيد يذوب جسمي و في السوق باعوا دمي كالحساء المعلب أريدك حين أقول أريدك ـ يا امرأة وضعت ساحل البحر الأبيض المتوسط في حضنها..و بساتين آسيا على كتفيها..و كلّ السلاسل في قلبها . أريدك،أو لا أريدك ـ إنّ خرير الجداول . إن حفيف الصنوبر . إنّ هدير البحار،وريش البلابل محترق في دمي ـ ذات يوم أراك،و أذهب أغنّيك،أو لا أغنّيك ـ أسكت،أصرخ . لا موعد للصراخ و لا موعد للسكوت . و أنت الصراخ الوحيد و أنت السكوت الوحيدّ . تداخل جلدي بحنجرتي،تحت نافذتي تعبر الريح لابسة حرسا . و الظلام بلا موعد . حين ينزل عن راحتّي الجنود سأكتب شيئا . و حين سينزل عن قدميّ الجنود سأمشي قليلا.. و حين سيسقط عن ناظريّ الجنود أراك..أرى قامتي من جديد . أغنّيك،أو لا أغنّيك أنت الغناء الوحيد،و أنت تغنّيني لو سكتّ . و أنت السكوت الوحيد . ـ 2 ـ في الأيام الحاضرة أجد نفسي يابسا كالشجر الطالع من الكتب و الريح مسألة عابرة . أحارب..أو لا أحارب ؟ ليس هذا هو السؤال المهمّ أن تكون حنجرتي قوية أعمل..أو لا أعمل ؟.. ليس هذا هو السؤال المهمّ أن أرتاح ثمانية أيام في الأسبوع حسب توقيت فلسطين أيّها الوطن المتكرر في الأغاني و المذابح، دلّني على مصدر الموت أهو الخنجر..أم الأكذوبة ؟ لكي أذكر أن لي سقفا مفقودا ينبغي أن أجلس في العراء . و لكيلا أنسى نسيم بلادي النقي ينبغي أن أتنفس السل و لكي أذكر الغزال السابح في البياض ينبغي أن أكون معتقلا بالذكريات . و لكيلا أنسى أن جبالي عالية ينبغي أن أسرّح العاصفة من جبيني . و لكي أحافظ على ملكية سمائي البعيدة يجب ألاّ أملك حتى جلدي . أيّها الوطن المتكرر في المذابح و الأغاني لماذا أهرّبك من مطار إلي مطار كالأفيون.. و الحبر الأبيض و جهاز الإرسال ؟ ! أريد أن أرسم شكلك . أيّها المبعثر في الملفات و المفاجآت أريد أن أرسم شكلك أيّها المتطاير على شظايا القذائف و أجنحة العصافير أريد أن أرسم شكلك فتخطف السماء يدي . أريد أن أرسم شكلك أيّها المحاضر بين الريح و الخنجر أريد أن أرسم شكلك كي أجد شكلي فيك فأتهم بالتجريد و تزوير الوثائق و الصور الشمسية أيّها المحاصر بين الخنجر و الريح و يا أيّها الوطن المتكرر في الأغاني و المذابح كيف تتحول إلي حلم و تسرق الدهشة لتتركي حجرا لعلّك أجمل في صيرورتك حلما لعلك أجمل !.. لم يبق في تاريخ العرب اسم أستعيره لأتسلّل به إلي نوافذك السريّة . كل الأسماء السرية محتجزة في مكاتب التجنيد المكيفة الهواء فهل تقبل اسمي ـ اسمي السري الوحيد ـ محمود درويش ؟ أما اسمي الأصلي فقد انتزعته عن لحمي سياط الشرطة و صنوبر الكرمل أيّها الوطن المتكرر في المذابح و الأغاني دلّني على مصدر الموت أهو الخنجر أم الأكذوبة ؟ ! ـ 3 ـ يوم كانت كلماتي تربة.. كنت صديقا للسنابل يوم كانت كلماتي غضبا.. كنت صديقا للسلاسل يوم كانت كلماتي حجرا.. كنت صديقا للجداول . يوم كانت كلماتي ثورة.. كنت صديقا للزلازل يوم كانت كلماتي حنظلا.. كنت صديق المتفائل حين صارت كلماتي عسلا.. غطّى الذباب شفتي !.. ـ 4 ـ تركت وجهي على منديل أمّي و حملت الجبال في ذاكرتي ورحلت.. كانت المدينة تكسر أبوابها و تتكاثر فوق سطوح السفن كما تتكاثر الخضرة في البساتين التي تبتعد إنني أتكئ على الريح يا أيتها القامة التي لا تنكسر لماذا أترنح ؟..و أنت جداي و تصقلني المسافة كما يصقل الموت الطازج وجوه العشاق و كلما ازددت اقترابا من المزامير ازددت نحولا.. يا أيتها الممرات المحتشدة بالفراغ مت أصل ؟.. طوبى لمن يلتف بجلده ! طوبى لمن يتذكر اسمه الأصلي بلا أخطاء ! طوبى لمن يأكل تفاحة و لا يصبح شجرة طوبى لمن يشرب من مياه الأنهار البعيدة و لا يصبح غيما ! طوبى للصخرة التي تعشق عبوديتها و لا تختار حرية الريح !.. ـ 5 ـ أكلما وقفت غيمة على حائط تطايرت إليها جبهتي كالنافذة المكسورة ونسيت أني مرصود بالنسيان وفقدت هويتي ؟ إنني قابل للانفجار كالبكارة.. وكيف تتسع عيناي لمزيد من وجوه الأنبياء ؟ اتبعيني أيتها البحار التي تسأم لونها لأدلك على عصا أخرى إنني قابل للأعجوبة كالشرق.. أنا حالة تفقد حالتها حين تكفّ عن الصراخ هل تسمّون الرعد رعدا والبرق برقا إذا تحجّر الصوت،وهاجر اللون ؟ ! أكلما خرجت من جلدي . ومن شيخوخة المكان تناسل الظلّ،وغطاني . . أكلما أطلقت رياحي في الرماد بحثا عن جمرة منسيّة لا أجد غير وجهي القديم الذي تركته على منديل أمي ؟ إنني قابل للموت كالصاعقة.. ـ 6 ـ أشجار بلادي تحترف الخضرة وأنا أحترف الذكرى والصوت الضائع في البرية ينعطف نحو السماء،ويركع : أيّها الغيم ! هل تعود ؟ لست حزينا إلي هذا الحدّ ولكن،لا يحب العصافير من لا يعرف الشجر، ولا يعرف المفاجأة من اعتاد الأكذوبة لست حزينا إلي هذا الحد ولكن،لا يعرف الكذب من لم بعرف الخوف أنا لست منكمشا إلي هذا الحد ولكن الأشجار هي العالية . سيداتي،آنساتي،سادتي أنا أحبّ العصافير وأعرف الشجر أنا أعرف المفاجأة لأني لم أعرف الأكذوبة . أنا ساطع كالحقيقة والخنجر ولهذا أسألكم : أطلقوا النار على العصافير لكي أصف الشجر . أوقفوا النيل لكي أصف القاهرة . أوقفوا دجلة أو الفرات أو كليهما لكي أصف بغداد . أوقفوا بردى لكي أصف دمشق ! وأوقفوني عن الكلام لكي أصف نفسي.. ـ 7 ـ ظلّ النخيل،و آخر الشهداء،و المذياع يرسل صورة صوتية عن حالة الأحباب يوميّا،أحبّك في الخريف و في الشتاء ـ لم تبك حيفا،أنت تبكي،نحن لا ننسى تفاصيل المدينة،كانت امرأة،و كانت أنبياء البحر ! لا،البحر لم يدخل منازلنا بهذا الشكل خمس نوافذ غرقت و لكن السطوح تعج بالعشب المجفف و السماء و دعت سجاني سعيدا كان بالحرب الرخيصة آه يا وطن القرنفل و المسدس لم تكن أمي معي وذهبت أبحث عنك خلف الوقت و المذياع شكلك كان يكسرني و يتركني هباء كان الكلام خطيئة و الصمت منفى و الفدائيون أسرى توقهم للموت في واديك كان الموت تذكر الدخول إلي يديك و كنت تحتقر البكاء و الذكريات هوية الغرباء أحيانا و لكن الزمان يضاجع الذكرى و ينجب لاجئين و يرحل الماضي و يتركهم بلا ذكرى أتذكرنا و ماذا لو تقول بلى أنذكر كل شيء عنك ماذا لو تقول بلى و في الدنيا قضاة يعبدون الأقوياء من كل نافذة رميت الذكريات كقشرة البطيخ و استلقيت في الشفق المحاذي للصنوبر ( تلمع الأمطار في بلد بعيد تقطف الفتيات خوخا غامضا و الذكريات تمرّ مثل البرق في لحمي و ترجعني إليك إليك إن الموت مثل الذكريات كلاهما يمشي إليك إليك يا وطنا تأرجح بين كل خناجر الدنيا و خاصرة السماء ظل النخيل و آخر الشهداء و المذياع يرسل صورة صوتية عن حالة الأحباب يوميا أحبك في الخريف و في الشتاء ـ 8 ـ حالة الاحتضار الطويلة أرجعتني إلي شارع في ضواحي الطفولة أدخلتني بيوتا..قلوبا ..سنابل منحتني هوية جعلتني قضيّة حالة الاحتضار الطويلة . كان يبدو لهم أنني ميّت،و الجريمة مرهونة بالأغاني فمرّوا،و لم يلفظوا اسمي . دفنوا جثتي في الملفات و الانقلابات و ابتعدوا ( و البلاد التي كنت أحلم فيها ـ سوف تبقى البلاد التي كنت أحلم فيها ) . كان عمرا قصيرا و موتا طويلا و أفقت قليلا و كتبت اسم أرضي على جثتي و على بندقيّة قلت : هذا سبيلي و هذا دليلي إلي المدن الساحليّة . و تحركت، لكنهم قتلوني . دفنوا جثتي في الملفات و الانقلابات، و ابتعدوا ( و البلاد التي كنت أحلم فيها ـ سوف تبقى البلاد التي كنت أحلم فيها ) . أنا في حالة الاحتضار الطويلة سيّد الحزن . و الدمع مع كل عاشقة عربيّة و تكاثر حولي المغنّون و الخطباء و على جثتي ينبت الشعر و الزعماء و كل سماسرة اللغة الوطنيّة صفّقوا صفقوا و لتعش حالة الاحتضار الطويلة حالة الاحتضار الطويلة أرجعتني إلي شارع في ضواحي الطفولة أدخلتني بيوتا..قلوبا سنابل جعلتني قضيّة منحتني هويّة و تراث السلاسل . ـ 9 ـ إني أتأهبّ للانفجار على حافة الحلم كما تتأهب الآبار اليابسة للفيضان . إني أتأهّب للانطلاق على حافة الحلم كما تتأهب الحجارة في أعماق المناجم الميتة إني أتحفّز للموت على حافة الحلم كما يتحفز الشهيد للموت مرة أخرى . إني أتأهّب للصراخ على حافة الحقيقة كما يتأهب البركان للانفجار . ـ 10 ـ الرحيل انتهى من يغطي حبيبي كيف مر المساء المفاجئ كيف اختفى في عيون حبيبي ؟ الرحيل انتهى . أصدقائي يمرون عني . أصدقائي يموتون فجأة في جناح السنونو . الرحيل ابتدأ حين فر السجين . ما عرفت الضياع في صرير السلاسل كان لحمي مشاع كسطوح المنازل لعدوي و لكن ما عرف الضياع في صرير السلاسل أصدقائي يمرون عني أصدقائي يموتون فجأة . يتبع ببقية القصيدة >>>>>
|
|
| |
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57 عدد الرسائل : 18803 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783 ترشيحات : 121 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 16/9/2009, 03:42 | |
| بقية قصيدة مزامير>>>>> ـ 11ـ أداعب الزمن كأمير يلاطف حصانا . و ألعب بالأيام كما يلعب الأطفال بالخرز الملون إني أحتفل اليوم بمرور يوم على اليوم السابق و أحتفل غدا بمرور يومين على الأمس و أشرب نخب الأمس ذكرى اليوم القادم و هكذا..أواصل حياتي عندما سقطت عن ظهر حصاني الجامح و انكسرت ذراعي أوجعتني إصبعي التي جرحت قبل ألف سنة ! و عندما أحييت ذكرى الأربعين لمدينة عكا أجهشت في البكاء على غرناطة و عندما التفّ حبل المشنقة حول عنقي كرهت أعدائي كثيرا لأنهم سرقوا ربطة عنقي ! ـ 12 ـ نرسم القدس : إله يتعرّى فوق خطّ داكن الخضرة .أشباه عصافير تهاجر و صليب واقف في الشارع الخلفيّ . شيء يشبه البرقوق و الدهشة من خلف القناطر و فضاء واسع يمتدّ من عورة جندي إلي تاريخ شاعر . نكتب القدس : عاصمة الأمل الكاذب..الثائر الهارب..الكوكب الغائب . اختلطت في أزقّتها الكلمات الغريبة، و انفصلت عن شفاه المغّنين و الباعة القبل السابقة . قام فيها جدار جديد لشوق جديد،و طروادة التحقت بالسبايا . و لم تقل الصخرة الناطقة لفظة تثبت العكس .طونى لمن يجهض النار في الصاعقة ! . و تغني القدس : يا أطفال بابل يا مواليد السلاسل ستعودون إلي القدس قريبا و قريبا تكبرون . و قريبا تحصدون القمح من ذاكرة الماضي قريبا يصبح المع سنابل آه،يا أطفال بابل ستعودون إلي القدس قريبا و قريبا تكبرون . و قريبا و قريبا وقريبا.. هلّلويا هلّلويا ! |
|
| |
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57 عدد الرسائل : 18803 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783 ترشيحات : 121 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 16/9/2009, 03:43 | |
| 127 ـ المزمور الحادي والخمسون بعد المائةأورشليم ! التي ابتعدت عن شفاهي..المسافات أقرب . بيننا شارعان،و ظهر إله و أنا فيك كوكب كائن فيك،طوبى لجسمي المعذّب ! يسقط البعد في ليل بابل و انتمائي إلي خضرة الموت ـ حق و بكاء الشبابيك ـ حق صوت حرّيتي قادم من صليل السلاسل و صليبي يقاتل ! أورشليم ! التي عصرت كل أسمائها في دمي..خدعتني اللغات التي خدعتني لن أسميك إني أذوب،و إنّ المسافات أقرب و إمام المغنّين صكّ سلاحا ليقتلني في زمان الحنين المعلّب،و المزامير صارت حجارة رجموني بها و أعادوا اغتيالي قرب بيارة البرتقال..أورشليم ! التي أخذت شكل زيتونة دامية..صار جلدي حذاء للأساطير و الأنبياء بابلي أنت،طوبى لمن جاور الليلة الآتية و أنا فيك أقرب من بكاء الشبابيك . طوبى لإمام المغنّين في الليلة الماضية و إمام المغنّين كان،و جسمي كائن و أنا فيك كوكب يسقط البعد في ليل بابل و صليبي يقاتل..هلّلويا هلّلويا..هلّلويا..128 ـ المستحيل أموت اشتياقا أموت احتراقا وشنقا أموت وذبحا أموت و لكنني لا أقول مضى حبنا،و انقضى حبنا لا يموت129 ـ مطر ـ 1ـ ناري،و خمس زنابق شمعية في المزهرية و عزاؤنا الموروث : في الغيمات ماء و الأرض تعطش . و السماء تروى . و خمس زنابق شمعية في المزهرية . ـ 2ـ عفوية صلوات جدتنا،و كان جدي يحب الكستناءو طعام أمي قد كنت كالحمل الوديع و كان همي أن يفاجئنا الربيع ! يا جدي المرحوم ! أهلا بالمطر يروي ثراك . فلا يزال السنديان من يومها يدمي الحجر ! ـ 3 ـ لنقل مع الأجداد :خير ! هذا مخاض الأرض : خير ! تضع الوليد غدا..ربيعا أخضرا ! كعيون سائحة أطلّت ذات فجر ! لا الأم أمي..لا الوليد أخي،و لا ذات العيون الخضر لي و أقول :خير ! ـ 4 ـ يا نوح ! هبني غصن زيتون ووالدتي..حمامة ! إنّا صنعنا جنة كانت نهايتها صناديق القمامة ! يا نوح ! لا ترحل بنا إن الممات هنا سلامة إنّا جذور لا تعيش بغير أرض..و لتكن أرضي قيامه !130 ـ المطر الأول في رذاذ المطر الناعم كانت شفتاها وردة تنمو على جلدي،و كانت مقلتاها أفقا يمتدّ من أمسي إلي مستقبلي..كانت الحلوة لي كانت الحلوة تعويضا عن القبر الذي ضم إلها و أنا جئت إليها من وميض المنجل و الأهازيج التي تطلع من لحم أبي نارا..و آها..( كان لي في المطر الأول يا ذات العيون السود بستان ودار كان لي معطف صوف وبذار كان لي في بابك الضائع ليل و نهار.. ) سألتني عن مواعيد كتبناها على دفتر طين عن مناخ البلد النائي و جسر النازحين و عن الأرض التي تحملها في حبّة تين،سألتني عن مرايا انكسرت قبل سنين..عندما ودّعتها في مدخل الميناء كانت شفتاها قبلة تحفر في جلدي صليب الياسمين . .
|
|
| |
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57 عدد الرسائل : 18803 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783 ترشيحات : 121 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 16/9/2009, 03:44 | |
| 131 ـ مطر ناعم في خريف بعيدمطر ناعم في خريف بعيد و العصافير زرقاء..زرقاء و الأرض عيد . لا تقولي أنا غيمة في المطار فأنا لا أريد من بلادي التي سقطت من زجاج القطار غير منديل أمي و أسباب موت جديد . مطر ناعم في خريف غريب و الشبابيك بيضاء..بيضاء و الشمس بيّارة في المغيب و أنا برتقال سلّيب،فلماذا تفرين من جسدي و أنا لا أريد من بلاد السكاكين و العندليب غير منديل أمي و أسباب موت جديد . مطر ناعم في خريف حزين و المواعيد خضراء..خضراء و الشمس طين لا تقولي رأيناك في مصرع الياسمين كان وجهي مساء و موتى جنين . و أنا لا أريد من بلادي التي نسيت لهجة الغائبين غير منديل أمي و أسباب موت جديد مطر ناعم في خريف بعيد و العصافير زرقاء..زرقاء و الأرض عيد . و العصافير طارت إلي زمن لا يعود و تريدين أن تعرفي وطني و الذي بيننا ـ وطني لذة في القيود ـ قبلتي أرسلت في البريد و أنا لا أريد من بلادي التي ذبحتني غير منديل أمي و أسباب موت جديد..132 ـ مغني الدم لمغنّيك،على الزيتون،خمسون وتر و مغنيك أسير كان للريح،و عبدا للمطر و مغنيك الذي تاب عن نوم تسلّى بالسهر سيسمي طلعة الورد،كما شئت،شرر سيسمّي غابة الزيتون في،ميلاد سحر و سيبكي،هكذا اعتاد إذا مرّ نسيم فوق خمسين وتر آه يا خمسين لحنا دمويا كيف صارت بركة الدمّ نجوما و شجر ؟ الذي مات هو القاتل يا قيثارتي و مغنيك انتصر ! افتحي الأبواب يا قريتنا افتحيها للرياح الأربع ودعي خمسين جرحا يتوهّج كفر قاسم..قرية تحلم بالقمح،و أزهار البنفسج و بأعراس الحمائم ........ـ احصدوهم دفعة واحدة احصدوهم ........... . .حصدوهم..........آه يا سنبلة القمح على صدر الحقول و مغنيك يقول : ليتني أعرف سر الشجرة ليتني أدفن كل الكلمات الميتة ليت لي قوة صمت المقبرة يا يدا تعزف،يا للعار ! خمسين وتر ليتني أكتب بالمنجل تاريخي و بالفأس حياتي،وجناح القبره ........كفر قاسم إنني عدت من الموت لأحيا،لأغني فدعيني أستعر صوتي من جرح توهّج و أعينيني على الحقد الذي يزرع في قلبي عوسج إنني مندوب جرح لا يساوم علمتني ضربة الجلاد أن أمشي على جرحي و أمشي..ثم أمشي..و أقاوم !133 ـ المناديل كمقابر الشهداء صمتك و الطريق إلي امتداد ويداك..أذكر طائرين يحوّمان على فؤادي فدعي مخاض البرق للأفق المعبّأ بالسواد و توقّعي قبلا مدماه و يوما دون زاد و تعودي ما دمت لي موتي . .و أحزان البعاد ! كفنّ مناديل الوداع و خفق ريح في الرماد ما لوّحت،إلاّ ودم سال في أغوار واد وبكى،لصوت ما،حنين في شراع السندباد ردّي،سألتك،شهقة المنديل مزمارا ينادي..فرحي بأن ألقاك وعدا كان يكبر في بعادي ما لي سوى عينيك،لا تبكي على موت معاد لا تستعيري من مناديلي أناشيد الوداد أرجوك ! لفيها ضمادا حول جرح في بلادي 134 ـ موال خسرت حلما جميلا،خسرت لسع الزنابق و كان ليلي طويلا،على سياج الحدائق وما خسرت السبيلا لقد تعوّد كفّى،على جراح الأماني هزي يدي بعنف..ينساب نهر الأغاني يا أم مهري و سيفي ! ـ يمّا..مويل الهوى ـ يمّا..مويليا "ضرب الخناجر..و لا "حكم النذل فيّا * يداك فوق جبيني،تاجان من كبرياء إذا انحنيت،انحنى،تل وضاعت سماء ولا أعود جديرا بقبلة أو دعاء و الباب يوصد دوني كوني على شفتيا اسما لكل الفصول لم يأخذوا من يديّا،إلا مناخ الحقول و أنت عندي دنيا ! "يمّا..مويل الهوى "يمّا..مويليا "ضرب الخناجر..و لا "حكم النذل فيّا * الريح تنعس عندي..على جبين ابتسامة و القيد خاتم مجد،و شامة للكرامة و ساعدي..للتحدي على يديك تصلي طفولة المستقبل وخلف جفنيك،طفلي يقول : يومي أجمل و أنت شمسي و ظلي * "يمّا..مويل الهوى "يمّا..مويليا "ضرب الخناجر..و لا "حكم النذل فيّا الأرض،أم أنت عندي أم أنتما توأمان مد مدّ للشمس زندي ؟ الأرض،أم مقلتان سيان سيان..عندي * إذا خسرت الصديقة فقدت طعم السنابل و إن فقدت الحديقة ضيّعت عطر الجدائل و ضاع حلم الحقيقة * عن الورد أدافع شوقا إلي شفتيك وعن تراب الشوارع خوفا على قدميك و عن دفاعي أدافع * "يمّا..مويل الهوى "يما..مويليا "ضرب الخناجر..و لا "حكم النذل فيّا
|
|
| |
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57 عدد الرسائل : 18803 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783 ترشيحات : 121 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 16/9/2009, 03:44 | |
| 135 ـ موت آخر وأحبك ـ 1ـ أجدّد يوما مضى،لأحبّك يوما..و أمضي و ما كان حبا لأن ذراعيّ أقصر من جبل لا أراه و أكمل هذا العناق البدائيّ،أصعد هذا الإله الصغير و ما كان يوما لأن فراش الحقول البعيدة ساعة حائط و أكمل هذا الرحيل البدائيّ . أصعد هذا الإله الصغير و ما كنت سيدة الأرض يوما لأن الحروب تلامس خصرك سرب حمام و تنتشرين على موتنا أفقا من سلام يسد طريقي إلي شفتيك،فأصعد هذا الإله الصغير و ما كنت ألعب في الرمل لهوا لأن الرذاذ يكسرني حين تعلن عيناك أن الدروب إلي شهداء المدينة مقفرة من يديك فأصعد هذا الإله الصغير و ما كان حبا و ما كان يوما و ما كنت و ما كنت إني أجدد يوما مضى لأحبك يوما و أمضي ـ 2 ـ سألتك أن تريديني خريفا و نهرا سألتك أن تعبري النهر وحدي و تنتشري في الحقول معا سألتك ألا أكون و ألا تكوني سألتك أن ترتديني خريفا لأذبل فيك،و ننمو معا سألتك ألا أكون و ألا تكوني سألتك أن تريديني نهرا لأفقد ذاكرتي في الخريف و نمشي معا و في كل شيء نكون يوحدّنا ما يشتّتنا ليس هذا هو الحبّ في كل شيء نكون يجددنا ما يفتّتنا ليس هذا هو الحبّ ـ هذا أنا.. أجيئك منك،فكيف أحبك ؟ كيف تكونين دهشة عمري ؟ و أعرف أن النساء تخون جميع المحبين الأّ المرايا و أعرف : أن التراب يخون جميع المحبين إلاّ البقايا أجيئك منك انتظارا و أغرق فيك انتحارا أجيئك منك انفجارا و أسقط فيك شظايا.. و كيف أقول أحبك ؟ كيف تحاول خمس حواسّ مقابلة المعجزة و عيناك معجزتان ؟ تكونين نائمة حين يخطفني الموج عند نهاية صدرك يبتدئ البحر ينقسم الكون هذا المساء إلي اثنين : أنت و مركبة الأرض . من أين أجمع صوت الجهات لأصرخ : إني أحبك ـ 3 ـ تكونين حريتي بعد موت جديد أحبّ أجدّد موتي أودّع هذا الزمان و أصعد عيناك نافذتان على حلم لا يجيء و في كل حلم أرمّم حلما و أحلم قالت مريّا : سأهديك غرفة نومي فقلت : سأهديك زنزانتي يا ماريّا ـ لماذا أحبك ؟ من أجل طفل يؤجل هجرتنا يا ماريا ـ سأهديك خاتم عرسي سأهديك قيدي و أمسي ـ لماذا تحارب ؟ من أجل يوم بلا أنبياء تكونين جندية،تغلقين طريقي،تقولين : ما اسمك ؟ أعلن أني أمشط موج البحار بأغنيتي ودمي كي تكوني مريّا ـ إلي أين تذهب ؟ أذهب في أول السطر،لا شيء يكتمل الآن ـ هل يلعب الشهداء بأضلاعهم كي تعود مريّا ؟ تعود . و هم لا يعودون ـ هل كنت فيهم وعدت لأني نصف شهيد لأني رأيت مريا ـ سأهديك غرفة نومي سأهديك زنزانتي يا مريّا . ـ 4 ـ غربيان إن القبائل تحت ثيابي تهاجر و الطفل يملأ ثنية ركبتك الآن أعلن أن ثيابك ليست كفن غريبان إن الجبال الجبال الجبال.. غريبان ما بين يومين يولد يوم جديد لنا قلنا : وطن غريبان إن الرمال الرمال الرمال.. غريبان و الأرض تعلن زينتها ـ أنت زينتها ـ و السماء تهاجر تحت يدين غريبان إن الشمال الشمال الشمال غريبان شعرك سقفي،و كفاك صوتان أقبّل صوتا و أسمع صوتا و حبك سيفي و عيناك نهران و الآن أشهد أن حضورك موت و أن غيابك موتان و الآن أمشي على خنجر و أغني فقد عرف الموت أني أحبك،أني أجدد يوما مضى لأحبك يوما و أمضي.. ـ 5 ـ سمعت دمي،فاستمعت إليك و لم تصلي بعد كان البنفسج لون الرحيل و كنت أميل مع الشمس ـ يا أيّها الممكن المستحيل و كانت ظلال النخيل تغطي خطانا التي تتكون منذ الصباح و أمس . و كنا نميل مع الشمس . كنت القتيل الذي لا يعود نسيت الجنازة خلف حدود يديك سمعت دمي فاستمعت إليك.. إلي أين أذهب ؟ ليست مفاتيح بيتي معي ليس بيتي أمامي و ليس الوراء ورائي و ليس الأمام أمامي إلي أين أذهب ؟ إن دمائي تطاردني،و الحروب تحاربني،و الجهات تفتشني عن جهاتي فأذهب في جهة لا تكون كأنّ يديك على جبهتي لحظتان أدور أدور و لا تذهبان أسير أسير و لا تأتيان كأن يديك أبد آه،من زمن في جسد ! يعرف الموت أني أحبّك يعرف وقتي فيحمل صوتي و يأتيك مثل سعاة البريد و مثل جباه الضرائب يفتح نافذة لا تطل على شجر ( قد ذهبت و لم أعرف ) . يعرف الموت أني أحبك.. يستجوب القبلة النصف.. تستقبلين اعترافي.. و تبكين زنبقة ذبلت في الرسالة ثم تنامين وحدك وحدك وحدك يشهق موت بعيد و يبقى بعيد إلي أين أذهب ؟ إن الجداول باقية في عروقي و إن السنابل تنضج تحت ثيابي و إنّ المنازل مهجورة في تجاعيد كفي و إن السلاسل تلتفّ حول دمي و ليس الأمام أمامي و ليس الوراء ورائي كأن يديك المكان الوحيد كأن يديك بلد آه من وطن في جسد ! ـ 6 ـ وصلت إلي الوقت مبتعدا لم يكون بلدا كي أقول وصلت و ما كان ـ حين وصلت ـ سدى كي أقول تعبت و ما كان وقتا لأمضي إليه.. وصلت إلي الوقت مبتعدا لم أجد أحدا غير صورتها في إطار من الماء مثل جبيني الذي ضاع بيني و بين رؤاي سدى ! سمعت دمي فاستمعت إليك مشيت لأمشي إليك و كانت عصافير ملء الهواء تسير ورائي و تأكلني ـ كنت سنبلة ـ كنت أحمل ضلعا و أسأل أين بقية آخر الشهداء يحاول ثانية كيف أحمل نهرا بقبضة كفي و أحمل سيفي و لا يسقطان أنا آخر الشهداء أسجل أنك قدسية في الزمان وضائعة في المكان أريد بقية ضلعي أريد بقية ضلعي أريد بقية ضلعي
|
|
| |
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57 عدد الرسائل : 18803 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783 ترشيحات : 121 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 16/9/2009, 03:45 | |
| 136 ـ الموت في الغابةنامي ! فعين الله نائمة عنا . .و أسراب الشحارير و السنديانة..و الطريق هنا فتوسدي أجفان مصدور و ثلاث عشرة نجمة خمدت في درب أوهام المقادير لا شيء ! قصة طفلة همدت لا شيء يوحي صمت تفكير جرح صغير..مات صاحبه فطواه ليل كالأساطير تاريخه..أنفاس مزرعة تسطو عليها كف شرير كانت،فلا نقرات قبرة بقيت،و لا صيحات ناطور و غصون زيتون مقدسة ذبلت عليها قطرة النور ! لا شيء يستدعي غناء أسى فالموت أكبر من مزاميري..نامي..عيون الله نائمة عنا،و أسراب الشحارير وضماد جرحك زهرة ذبلت ! في مسرب في الفسح مهجور لكن عين أخيك ساهرة خلف الضباب،ووحشة السور و فؤاده ملقى على جسد ينهد كالأطلال..مصدور و يداه ممسكتان في لهف بترابه..رغم الأعاصير ! . .137 ـ الموت مجانا كان الخريف يمرّ في لحمي جنازة برتقال..قمرا نحاسيا تفتته الحجارة و الرمال و تساقط الأطفال في قلبي على مهج الرجال كل الوجوم نصيب عيني..كل شيء لا يقال..و من الدم المسفوك أذرعة تناديني : تعال ! فلترفعي جيدا إلي شمس تحنّت بالدماء لا تدفني موتاك !..خليهم كأعمدة الضياء خلي دمي المسفوك..لافته الطغاة إلي المساء خليه ندا للجبال الخضر في صدر الفضاء ! لا تسألي الشعراء أن يرثوا زغاليل الخميلة شرف الطفولة أنها خطر على أمن القبيلة إني أباركهم بمجد يرضع الدم و الرذيلة و أهنيء الجلاد منتصرا على عين كحيلة كي يستعير كساءه الشتوي من شعر الجديلة مرحى لفاتح قرية !..مرحى لسفاح الطفولة !..يا كفر قاسم !..إن أنصاب القبور يد تشدّ و تشد للأعماق أغراسي و أغراس اليتامى إذ تمد باقون..يا يدك النبيلة،علمينا كيف نشدو باقون مثل الضوء،و الكلمات،لا يلويهما ألم و قيد يا كفر قاس ! إن أنصاب القبور يد تشد..!138 ـ الموعد لم تزل شرفة..هناك في بلادي،ملوحة ويد تمنح الملاك أغنيات،و أجنحة العصافير أم صداك أم مواعيد مفرحة قتلتني..لكي أراك ؟ ! وطني ! حبنا هلاك و الأغاني مجرحة كلما جاءني نداك هجر القلب مطرحه و تلاقى على رباك بالجروح المفتحة لا تلمني ففي ثراك أصبح الحب..مذبحة !139 ـ الموعد الأول شدّت على يدي ووشوشتني كلمتين أعزّ ما ملكته طوال يوم : " سنلتقي غدا " و لفّها الطريق حلقت ذقني مرتين ! مسحت نعلي مرتين أخذت ثوب صاحبي..و ليرتين..لأشتري حلوى لها و قهوة مع حليب !... * وحدي على المقعد و العاشقون يبسمون..و خافقي يقول : و نحن سوف نبتسم ! * لعلّها قادمة على الطريق..لعلّها سهت . لعلّها..لعلّها و لم تزل دقيقتان ! * النصف بعد الرابعة النصف مر و ساعة..و ساعتان و امتدت الظلال و لم تجيء من وعدت في النصف بعد الرابعة140 ـ ناي لا تقتلوني أيّها الرعاة لا تعزفوا خافوا عليّ الله أستحلف الفحيح أن ينام في ألحانكم..حتى أمرّ في سلام زنجار ! يا قاتلي زنجار لا تنتظري إني سمعت الناي لا تنتظري إني هجرت الدار !
|
|
| |
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57 عدد الرسائل : 18803 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783 ترشيحات : 121 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش 16/9/2009, 03:46 | |
| 141 ـ النزول من الكرمل ليوم يجدّد لي موعدي،قلت للكرمل : الآن أمضي . و ينشر البحر بين السماء و مدخل جرحي و أذهب في أفّق ينحني فوقنا،و يصلّي لنا،أو يكسّرنا . هذه الأرض تشبهنا حين نأتي إليها . و تشبهنا حين نذهب عنها . تركت ورائي ملامحها،و اسمها كان يمشي أمامي يسمي ملامحها و انفجاري . تركت سرير الولادة تركت ضريحا معدا لأي كلام.. تركت التي أوجعتها ذراعي . تركت التي أوجعتني يداها . تفتّش عن عاشق بعد خمس دقائق من هجرتي ليوم يجدّد لي موعدي،قلت للكرمل : الآن أمضي . تمرّ الرصاصة فوق جبيني،و تجمعني مثلما تجمع القبلة الشفتين و تولد رمّانة في الصخور التي دجّنتني،و تجعلني عاشقين بعيدا..بعيدا . و ينتشر البحر بين السماء و مدخل جرحي تخيّلت أنك متّكئي و سئمت العلاقة بين المسامير و الخشبة و حين ترجلت عن قمّة الرمح و الجرح أمسكت شيئا فكان حذاء الحرس يكلمني هابطا هابطا.. منذ ذاك النهار المبكر أبحث عن موطئ القدمين و أتبع نهرا،و لا أتبع الموج هل أسترد زفيري ! . يقاسمني عسكريّ جراحي و يحرسها كي ينال وساما و يمنعني من مواصلة الموت،يأخذ نصف جراحي و يترك نصفا لأمن الأمم . يهزّ أصابع كفيّ فتسقط ذكرى . رصاص قديم . صنوبرة . ثمر فاسد . تهمة . أسئلة يفتّش كفّي ثانية،فيصادر حيفا التي هرّبت سنبلة و يا أيّها الكرمل، الآن تقرع أجراس كل الكنائس و تعلن أنّ مماتي المؤقّت لا ينتهي دائما،أو ينتهي مرّة، أيّها الكرمل،الآن تأتي إليك العصافير من ورق كنت لا فرق بين الحصى و العصافير . و الآن بعث المسيح يؤجّل ثانية أيّها الكرمل،الآن تبدأ عطلة كل المدارس و تنشدني الآن فيروز و الآن نأخذ أنبوبة من حبوب تسيل الدموع، فنبكي على جبل طائر أيّها الكرمل،الآن يجعلني ضابط آخر عرضة للخلود ! بعدنا عن الشجر . البحر فاصلة بيننا و ها نحن بين الطهارة و الإثم شيئان يلتحمان و ينفصلان كأن الأحبّة دائرة من طباشير قابلة للفناء و قابلة للبقاء . و ها نحن نحمل ميلادنا مثلما تحمل المرأة العاقر الحلما و ها أنت مئذنة الله حينا و قبّعة لجنود المظلاّت حينا و ها أنت يا كرملي كلّما جرّدتني الحروب من الأرض أعطيتني حلما . و ها أنا أعلن أن الزمان تغيّر : كانت صنوبرة تجعل الله أقرب و كانت صنوبرة تجعل الجرح كوكب و كانت صنوبرة تنجب الأنبياء و تجعلني خادما فيهم أيّها الكرمل المتشعب في كل جسمي لماذا تحملني كل هذي المسافات و البحر فاصلة بيننا ؟ أوقفتني فتاة معبّأة بالدوالي و كانت تغنّي على طرق الشام : يا ليت دالية واحدة لم تسافر معي..فأعود إليها قبّلتني فتاة لأني لفظت اسم كرملها في مكبرّ صوت، فجاءت إلي فندقي لتقول"أحبّك"،و التجأت لاسمه في ذراعي ـ و ماذا يقول الجبل ؟ بكى قصب في الغدير و كان الغدير مرايا فلم ينطبق الجبل ـ و هل رحلوا ؟ تصببت الريح من جبهتي فمسحت الرياح كما تمسحين العرق.. تذكرت أني نهضت صباحا و كانت شهادة ميلاد أمي قابلة للنقاش و كانت أناشيد أهلي العرب ترتب أمتعة اللاجئين . و تبني جسور العبور . و صارت فلسطين أقرب . فاختلف اللاجئون على موسم القمح و البرتقال أوقفتني فتاة معبأة بالدوالي و كانت تغّي على طرق الشام يا ليت دالية واحدة لم تسافر معي..فأعود إليها و سافرت ـ يا أيّها الكرمل .البحر . و العشب . و النار يا صخرة الفرح العائمة و صمّمت جلدي قميصا لأخفي آثار طعنتك النادمة فأنكرني العسكريّ و كنت على باب أمي هناك أنادي دمشق فتسمع نبض دمي حفيف صنوبرك المبتعد و تغسلني دجلة الخير حين أموت من الوجد شوقا إلي أرض بابل . و ها أنا ذا الآن حين دخلت إلي الجامع الأموي تساءل أهل دمشق : من العاشق المغترب ؟ و كانت مياه الفرات و نافورة النيل تحذف آثار زنزانتي عن ضلوعي و حين وقفت على النيل يوما و شاطئ دجلة يوما تساءل كل الذين رأوا دهشتي من السائح المغترب ؟ ! تركت الحبيبة ـ لم أنسها ـ في غروب الشجر تطرّز من زبد البحر منديلها و ضمادي توهمت أنّ السموات أبعد من يدها عن جبيني و أوهمّتها أن قلبي يصل و أن يدي تنتقل إلي جثّة ضائعة تركت الحبيبة ـ لم أنسها ـ عند سفح الجبل تعير العصافير ألوانها و كانت يداها ينابيع من كل لون و ما اشتق منه و لكنني كنت أشعر أن الينابيع كانت معرّضة للجفاف و أنّ فمي ينتقل إلي لغة ثانية تركت الحبيبة لم أنسها تركت الحبيبة تركت.. أحبّ البلاد التي سأحب أحب النساء اللواتي أحب و لكن غصنا من السرو في الكرمل الملتهب يعادل كل خصور النساء و كلّ العواصم أحبّ البحار التي سأحبّ أحبّ الحقول التي سأحبّ و لكنّ قطرة ماء على ريش قبرّة في حجارة حيفا تعادل كل البحار و تغسلني من ذنوبي التي سوف أرتكب أدخلوني إلي الجنة الضائعة سأطلق صرخة ناظم حكمت آه..يا وطني !..
|
|
| |
|