الشاعر عبد القوى الأعلامى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالأحداثموسوعة الأعلامى الحرةأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر
 

 بريد الأهرام ( بريد الجمعة )

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1 ... 41 ... 79, 80, 81 ... 84 ... 88  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
بيبو حبيبو
عضو مشارك
عضو مشارك
avatar

ذكر
عدد الرسائل : 60
بلد الإقامة : القاهرة
نقاط : 6126
ترشيحات : 0

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 I_icon_minitime15/4/2016, 13:52

يوم أبناء الطلاق


نحتفل بيوم اليتيم ونحتضنه ونعطيه حنانا لأنه فقد والديه، أو أحدهما، ويشعر بالحرمان من عاطفتى الأبوة والأمومة، ونحاول تعويضه عن ذلك بقربنا منه وتوددنا إليه، ولكن لم يفكر أحد فى أولاد الطلاق، فاليتيم يعلم أنه لن يرى أباه لأنه فى السماء، أما ابن المطلق فيدرك تماما أن أباه على قيد الحياة، وفى مكان قريب منه لكن القانون يمنعه من أن يذهب إلى حضن أبيه، وأن يحاط برعايته، وللأسف فإن كل ذنبه أن أباه وأمه منفصلان، وربما تزوج كل منهما وذهب إلى حال سبيله، وتركاه يلعن كل شيء.
إننى أنتظر يوما يجرى فيه الاحتفال بأولاد الطلاق حتى احتضن أحفادي، إذ يصعب عليّ ألا أراهم وألا يكونوا تحت رعاية أبويهم، فهل يمكن أن يتحقق هذا الحلم؟

< ولكاتبة هذه الرسالة أقول:



المسألة لا تتعلق بيوم للأيتام، ويوم لأبناء الطلاق، ويوم للمتزوجين، وخلافه، لكنها تتعلق أساسا بضرورة سن القوانين والتشريعات التى تكفل حياة طبيعية لأبناء الطلاق، فالألاعيب التى يمارسها بعض المطلقين كثيرة، فهذا أب يحرم أبناءه من رؤية أمهم، وهذه أم تأخذ أولادها وتذهب بهم إلى مكان لا يعلمه أحد أو على الأقل بعيد عن المكان الذى يعيش فيه أبوهم بعد انفصالهما.

وتزدحم ساحات المحاكم بأمثال هؤلاء وأولئك، والنتيجة المؤسفة هى أن الأبناء ينشأون مفككين، وتحيطهم المشكلات من كل جانب، وقد يترك انفصال أبويهم آثارا سلبية خطيرة على حياتهم وربما يكون الحل الأمثل فى توفير قنوات اتصال جديدة تضمن أن يتواصل هؤلاء الأبناء مع أبويهم، وعلى كل أب وأم ألا يشوها صورة كل منهما لدى أولادهما، وإنما يوضحان لهما أن الظروف هى التى حالت دون استمرارهما معا وأن ذلك لا ينال من احترامهما المتبادل، ووقتها سوف يدرك الأبناء أنهم مثل غيرهم من الأولاد الذين يعيشون مع آبائهم وأمهاتهم، ولكن نحتاج وقتها إلى يوم يلتقى فيه أبناء الطلاق كل سنة ثم يتجرعون كأس المرارة والحرمان العام كله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نيفين عادل
عضو محترف
عضو محترف
نيفين عادل

انثى
عدد الرسائل : 432
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 Profes10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 310
نقاط : 6616
ترشيحات : 2
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 Awfeaa10

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 I_icon_minitime22/4/2016, 10:02

بريد الجمعة..يكتبه:أحمد البرى
ميِّت بجسم متحرك!

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 2016-635968725457032155-703
هذه أول مرة أشكو فيها لأحد، فأرجو أن تتحملنى وتشير عليّ بحل لما أعانيه، وأقسم بالله أن ما سأرويه لك حقيقي، ولا يعلم بحالى إلا الله عز وجل، أنا شاب فى سن السادسة والثلاثين، بدأت قصتى منذ عشرين عاما تقريبا، وكنت وقتها فى الصف الثانى الثانوي، حيث رأيت فتاة فى الصف الثالث الإعدادي، فانجذبت إليها بشدة،
ووجدتنى أسير حبها، بعد أن سيطر عليّ جمالها الطبيعي، وتدينها البادى على وجهها وملبسها، فاقتربت منها وحدثتها فى أمور عامة، وكلما قابلتها ألقى عليها التحية فترد بأدب جم، ومرت الأيام والتحقت بالجامعة، وكبر حبى لها، فأبلغتها بأننى سوف أتقدم لأسرتها طالبا يدها لتكتمل سعادتنا، فردت على بأنها مريضة وتعانى «روماتيزم القلب»، وقد لا تستطيع الزواج من الناحية الطبية، وإن تزوجت فلن تنجب، لكنى لم أعبأ بما قالت، وازددت تمسكا بها، وحتى لو أنها «عظم فى قفة» فلن أرضى بأخري، فهى حبى وقدرى وكل حياتي، وفاتحت والدى فى أمرنا، فإذا به يرفضها رفضا قاطعا، وقال لى إن عائلتها فيها كذا وكذا، فى محاولة لثنيى عن التفكير فى الزواج بها، فلم ألق بالا لكلامه، إذ وجدته كلاما ليس فيه ما يشين هذه الأسرة، والهدف منه هو إبعادى عنها، ولجأت الى أمي، وكررت عليها طلبي، وبعد جهد كبير أبلغتنى بموافقة أبي، وكانت هى على الجانب الآخر قد فاتحت أسرتها فيما قلته لها، ولكن أخوتها رفضوني، ووصفونى بأننى شاب مستهتر وغير قادر على تحمل المسئولية، وظلت المفاوضات مستمرة بين الأسرتين لفترة، ثم أتم الله نعمته عليّ واستطعت أن أخطبها، وكنت وقتها قد تخرجت فى الجامعة، وقدمت أوراقى للسفر إلى أكثر من دولة عربية، وفضلت العمل فى السعودية، وتعبت جدا هناك، وضغطت على نفسي، وعشت التقشف بعينه فى الطعام والملابس، لكى أوفر متطلبات الزواج التى فرضها أهلها عليّ، وظللت على اتصال دائم بها، وكان يكفينى أن أسمع صوتها وكلماتها الحانية، لكى أتحمل مرارة الغربة، ولما اكتمل لدى المال الذى سأشترى به أثاث الزوجية، عدت الى مصر، وأقمنا حفل زفاف حضره الأهل والأصدقاء، وقضيت معها ثلاثة وثلاثين يوما فقط، ثم رجعت الى السعودية، وبعد شهر واحد عملت لها استقداما، ولا أستطيع أن أصف مدى سعادتنا، ونحن نخطو أولى خطواتنا معا.. فلقد ظلل الحب حياتنا، وبرغم قلة راتبي، فإننا تغلبنا على كل ما واجهنا من صعوبات، والتحقت بأكثر من عمل إضافي.

ومرت الأيام ورزقنا الله بالأولاد الذين ملأوا حياتنا بالسعادة والاستقرار، ولم يتوقف أى منا عند المناوشات الصغيرة التى تحدث عادة بين أى زوجين، وهى تزيد علاقتهما قوة، وتؤكد لكل منهما أنه لا يستطيع الاستغناء عن الآخر، واشتريت شقة جيدة فى مصر، وسجلتها باسمها، ولم تكن لنا علاقات قوية مع الآخرين فى الغربة، وكنا «شبه منغلقين»، ثم حدث تطور خطير بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير فى مصر، إذ بدأ الجميع من حولنا يتجه الى وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبح لكل واحد حساب خاص على «الفيس بوك» وقمت بعمل حساب لي، وكذلك زوجتى، وكانت هذه هى بداية المصائب التى انهالت فوق رأسي، ولم تخطر ببالى أبدا، فزوجتى المواظبة على أداء الصلاة والدعاء وقراءة القرآن، أدمنت الإنترنت واهملتنى أنا والأولاد، ولم تستجب لما طلبته منها بأن تقلل استخدام «الفيس بوك» لمصلحة بيتها، ثم غيرت «الباص وورد» لفتح حسابها، وكنت أعرف «كلمة المرور القديمة»، ولم أتوقف عند ذلك من منطلق أنها تكلم صاحباتها البنات والسيدات فى كلام خاص، وأنها تستحيى من أن أطلع على محادثاتها معهن.

وفى أحد الأيام خرجت مع أولادنا للنزهة بعض الوقت، ولم تكن بصحبتنا، فلقد اعتادت أن تعتذر عن الخروج معنا، بحجة أنها تعبانة وتحتاج إلى الراحة، ولم أشك فى موقفها المتكرر، وإن أدركت وقتها أن هناك سرا تخفيه عني، وذات مرة دخلت عليها الحجرة فجأة، فارتبكت وحاولت بحركة لا إرادية أن تخفى هاتفها المحمول، وعندما اقتربت منها، وجدت قلبها ينتفض بشدة، وتسارعت ضرباته، فأخذت الهاتف بالقوة، واذا بى أجدها تحدث شخصا على «الفيس بوك» فصرخت فيها ولطمتها على وجهها فبكت، وتوسلت إلىّ أن أسامحها، فقلت لها: إننى سأبلغ شقيقها الموجود معنا فى البلد نفسه، فاحتضنتنى بشدة، وأقسمت أن حديثها مع هذا الرجل محترم، وأنها تعرفت عليه عن طريق «جروب» هى مشتركة فيه، وأنه يبحث عن شخص يشاركه فى مشروع ما، وقد أعجبتها الفكرة، وتواصلت معه، فسألتها عما عرفته عنه، فصارحتنى بكل شئ، وبأنها تكلمه منذ أكثر من عامين.. سمعت كلامها وأنا صامت واستعدت مواقف كثيرة كنت فى البداية أمررها بلا مشكلات، برغم الدلالات الكثيرة على تغيرها معي، وأن هناك سرا لا أعرفه، ورأيت أن أتعامل مع هذا الموضوع بهدوء وحسن تصرف، فطلبت منها رقم هاتفه، فاعطتنى إياه، فحدثته بشأن المشروع الذى يريد مشاركة زوجتى فيه، وأبلغته بألا يتعامل معها مرة أخري، وأن تكون اتصالاته بى فقط.

ولم تكد هذه العلاقة تنتهى حتى فوجئت بما هو أفظع، إذ اختلفت زوجتى مع إحدى الفتيات على «الفيس بوك»، واستطاعت هذه الفتاة أن تخترق حسابها، ولا أعلم ماذا حدث؟.. ولكن وصلتنى رسائل زوجتى عن طريق حساب جديد لها, لم أكن أعلمه، الى شخص ارتبطت به عاطفيا، ومن بين ما تضمنته رسائلها إليه شكواها مني، وأنها سوف تطلب الطلاق، لكى تتزوجه، فأصبت بحالة هلع واكتئاب شديدين، فتوسلت إلىّ من جديد ألا أفضحها، ولازمت المنزل فترة طويلة لا أذهب الى العمل ولا أخرج من البيت، واتصل بى شقيقى وهو يعمل فى مدينة جدة، وأحس أننى مريض، لكنى لم أخبره بشيء، وجاءنى فى زيارة لعدة أيام، وهو طبيب نفسي، ولم أستطع أن أخفى عنه ما ألم بي، فوصف لى دواء للاكتئاب وتحسنت حالتى كثيرا، ونسيت مواقف زوجتي، لكن له آثارا جانبية منها رفع نسبة الكوليسترول فى الدم، والدهون الثلاثية، كما يؤثر على الناحية الجنسية، وشكت زوجتى من هذه الناحية، والحمد لله أرشدنى الى أدوية أخرى، وصار الوضع على ما يرام.

ومنذ عام تقريبا لاحظت أنها تسهر على «الإنترنت» عندما أنام مبكرا، واذا سهرت معها تذهب إلى النوم، ثم تصحو مبكرا لكى تستخدم «الفيس بوك» الذى سبب لى كل ما أعيشه من متاعب، وبلغ التوتر فى علاقتنا مداه، ولازمنى الشك فى كل تصرفاتها، وفكرت فى أن أعرف ما هى الأرقام التى تتحدث مع أصحابها على الهاتف، واستخرجت فاتورة بذلك بصفتى زوجها، فوجدت رقما مكررا ثمانين مرة تقريبا، وأن مواعيد الاتصال بهذا الرقم فى الفترات التى أغيب فيها عن المنزل، وبحثت عن صاحب هذا الرقم، وعرفته، ولم أخبرها بذلك، ثم تبين لى أنه موجود عندها فى «الفيس بوك» ويعمل أستاذا بإحدى الجامعات فى الدولة التى أعمل بها، ويكبرها بعشرين عاما أو أكثر ، فواجهتها بذلك فأنكرت أنها تعرف شخصا بهذا الاسم، وأن الفواتير التى حصلت عليها غير دقيقة، ولم يكن تحت يدى دليل كاف، فظللت أراقبها، ووضعت عدة برامج تجسس على هاتفها، فتبين لى أنها بالفعل تكلم هذا الشخص، وأنه تربطهما علاقة عاطفية، فاتصلت بهذا الشخص، واستخدمت بعض التقنيات التى تغير الصوت، وأديت دور زوجتي، وعرفت من ردوده أنه على علاقة بها، وهنا ناديت عليها، وانهلت ضربا فيها وأنا أبكى وأصرخ وأولول مما فعلته بي، ووصل الأمر الى أننى كسرت يدى تعمدا من شدة غضبي، وجلست فى ركن بالشقة أفكر ماذا أفعل؟.. وكيف سيكون مصير أبنائي؟.. وحاولت تهدئة نفسى من أجل الأولاد، وقلت فى نفسي: ربما تكون معاملتى الجافة فى الفترة الأخيرة هى سبب بعدها عنى وجفائها لي، وفى الحج الأخير توفيت أختى الكبرى وزوجها فى حادث رمى الجمرات، ونزلت فى إجازة لمدة أسبوع، وتلقيت فيهما العزاء، وعندما عدت الى السعودية كانت الأوضاع هادئة، وعاودت عملى كالمعتاد، حيث أقوم بتوصيل أبنائنا الى المدرسة ثم زوجتى الى عملها الذى التحقت به بالقرب من سكننا، وفوجئت فى أحد الأيام بعد أن أوصلتها الى عملها باتصال من مندوب بالمحكمة يخبرنى فيه بأن زوجتى طلبت الانفصال عني، وسألنى عن محل سكنى لتسليمى الإخطار رسميا، فاتصلت بها، لكنها لم ترد عليّ، وما أن وصلت الى المنزل حتى جاءنى الإخطار، ويتضمن اتهاماتها لى بأننى أضربها وأسبها وأسب عائلتها، ولا أنفق على البيت، وأننى مريض نفسيا، وعاجز جنسيا، ولا أصلي، ولا أصوم، وهذه الاتهامات الباطلة توجب طلاقها من أول جلسة.

وخرجت إلى الشارع كالمجنون، لا أعرف الى أين أسير ولا بمن أستعين، فاتصلت بأختى وهى أيضا تعمل فى مكان قريب منا، وجاءتنى بسرعة، واتصلت بزوجتى التى لم تكن قد وصلت الى البيت بعد، فردت عليها بأن كل شئ مكتوب باسمها عن طريق التوكيل العام الذى حررته لها، وأننى اذا اتخذت أى موقف عدائى منها سوف تسجننى، وقالت لها أيضا إننى مريض، وأتخيل أشياء غير حقيقية مثل أنها تكلم رجالا على الفيس بوك!! ووصل هذا الكلام إلى كل من حولنا من معارف وأصدقاء، وصار الجميع يتحدثون عن مرضى وشكوكى.. وكانت قد رتبت كل شىء فى اليوم الذى أوصلتها فيه الى عملها، فأخذت جواز سفرها، وجوازات الأولاد وكروت التأمين، وكروت الصراف، بمعنى أنها عملت حساب كل حاجة، ثم ذهبت إلى الشرطة لأخذ تعهد عليّ بعدم التعرض لها، ولما عادت الى البيت آخر النهار، لم يحدث أى كلام بيننا، وبعد أسبوع حل موعد جلسة المحكمة، وتلا علىّ القاضى اتهاماتها فلم أنط\ق بكلمة، فاعتبر أن ما قالته ضدى صحيحا، ثم حولنا الى لجنة التنمية الأسرية، قسم إصلاح ذات البين، وتأجلت القضية لمدة شهر، وخلال تلك الفترة أعطونا دروسا ونصائح كثيرة وتعليمات يجب الأخذ بها، وكنت يوميا أنهار أمامها، ولكن لا حياة لمن تنادي، ولما حان موعد المحكمة الجديد ركعت وقبلت قدميها ورجوتها ألا تتخلى عن أولادها، فقالت لى إن أهلها كلموها وطلبوا منها تأجيل القضية لفترة أخري، مقابل أن التزم بعدة طلبات، منها أن أوقع ايصالات أمانة لها بخمسمائة ألف ريال سعودي، وورقة بها صيغة التنازل عن العصمة لها، وأن نذهب الى السفارة المصرية للتصديق على هذه الأوراق، وبرغم حسرتى على درجة التفاهة التى وصلت إليها لدى زوجتى وأهلها، فإننى وافقت، وأتى شقيقها وقبل أن ندخل الجلسة طلب منى التوقيع أولا، فوافقت على ما طلبوه من أوراق وتأجلت جلسة المحكمة ثلاثة أشهر، ولم يبق سوى أيام على موعدها.

إننى الآن «ميت بجسم متحرك»، ولا أعرف سبيلا إلى الراحة والاستقرار، بعد أن انهارت حياتي، وتأثر عملى، وأصبحت «مكسور العين» بما وقعته لها من ايصالات، وأعيش فى عذاب ومهانة، فأنا الذى أطبخ وألبى طلبات البيت، بينما هى مشغولة على «الواتس آب» و«الفيس بوك»، وأفكر فى الانتحار والخلاص من حياتي، فهذا هو الحل الوحيد أمام جبروت زوجتى، وعنادها وتصرفاتها المشبوهة، فهل تجد لى مخرجا مما أنا فيه يعيد إليّ توازني، ويساعدنى على استعادة حياتى وأولادى من بحر الضياع الذى وجدتنى فيه؟

< ولكاتب هذه الرسالة أقول:

لو أنك على يقين من كل ما ذكرته، فأنت الجانى على نفسك، إذ لا يعقل أبدا أن يتأكد أى زوج من أن زوجته على علاقة بآخر، ثم يتغاضى عنها، ويتكرر الأمر مرات لكنه فى كل مرة يعود راكعا تحت قدميها، طالبا منها أن تغفر له سوء ظنه بها، ولا تتركه لتتزوج بغيره، فما دمت تقسم بأن ما تقوله صحيح، وليس خيالا أو تهيؤات، فلماذا لم تضع النقاط على الحروف بحيث إذا كررت تصرفاتها الطائشة والمشبوهة، تنفصل عنها؟ إنك لم تفعل ذلك وإنما تماديت فى كتابة ما بحوزتك باسمها ولا أدرى إذا كانت الشقة التى اشتريتها فى القاهرة من مالها أو من مالك، فأنت لم تذكر شيئا عن عملها إلا فى كلمة واحدة، وركزت فقط على الهاتف المحمول ورسائله، ونسيت أو تناسيت أنه بإمكانها أن تلتقى بمن تشاء وجها لوجه، وهى فى العمل، وكان بإمكانها أيضا أن تلتقى من تريد بعيدا عنك، ولا يعنى ذلك أننى أبرر تصرفاتها باللعب على الإنترنت، عبر اسماء مستعارة، فمصداقية «الفيس بوك» من هذه الناحية غير مضمونة، وما أكثر من ينتحلون أسماء شخصيات وهمية، وقد يلعب رجل دور المرأة، أو تلعب فتاة دور شاب، وقد يكون ما فعلته صديقة زوجتك حيلة أو لعبة لا أساس لها من الصحة.

ولو كنت على حق فيما قلته ما تخلى عنك شقيقك الطبيب النفسى الذى أيقن أنك تعانى متاعب نفسية شديدة، فوصف لك العلاج الذى عالجك من «الوسواس القهرى» الذى ألم بك تجاه زوجتك، وكذلك شقيقتك التى مالت إلى رأى زوجتك، بدليل أنها رددت عليك ما قالته لها، دون تعليق من جانبها، وهذا يؤكد أن شكوكك مبالغ فيها وأنها عرضت الأمر على أهلها، فرأوا أن يكبلوك بإيصالات الأمانة وأن تكون العصمة فى يديها، لكننى اعتقد أنها لا تريد الانفصال عنك، ولا أن تتخلى عن أولادها، ولكنك أوصلتها إلى هذه الحالة بكثرة الشك فيها، ثم ضربها وإهانتها على النحو الذى ذكرته؟

إن الشك إذا بلغ هذه المرحلة، فإنه يصبح من أبرز أسباب انحراف الحياة الزوجية عن سبيل السكن والمودة والرحمة إلى جحيم الظنون والهواجس والمتاعب وغالبا ما يؤدى إلى هدم البيت، ولذلك لا يحل للزوج أن يشك فى تصرفات وأفعال زوجته, ويسيئ إليها فى شرفها وعرضها من غير أدلة يقينية، والواجب عليه أن يتقى الله، وأن يحكم بالعدل، ويجتنب سوء الظن، فظنك السيئ فيها جعلك تتجسس عليها، وتقذفها بما لست متأكدا منه، وهذه المنهيات ثابتة فى شرع الله بأوضح عبارة وأوجزها وأبلغها فى قوله تعالى «يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا»، وقال أيضا «إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا فى الدنيا والآخرة، «ولهم عذاب عظيم».

إن الواجب عليك أن تقطع شكك ووسوسة الشيطان لك تجاه زوجتك، بدفعه والتخلص منه بما تعلمه من صلاحها وعفتها ومحافظتها على شعائر دينها، ومادمت قد واجهتها بما علمته عنها، واطمأننت إلى أنها قالت لك الحقيقة كاملة، فلماذا لم تنزع من قلبك هذا الوسواس؟ لقد اعترفت بأنها صارحتك بكل شيء، واتصلت بصاحب المشروع الذى كان يرغب فى إقامته معها ومنذ اتصالك به لم يعد إلى الحديث معها مرة أخري، فلماذا لم تعطها الأمان ورحت تتجسس عليها من جديد، لدرجة أنك مثلت صوتها لكى تتبين مدى علاقتها بالأستاذ الجامعى الذى أوهمت نفسك أنها على صلة به، ولم تتوصل إلى شيء يذكر، لكنها تأكدت من أنك لم تتغير وأن حياتك معها تسير من سيئ إلى أسوأ؟.

واعتقد أن ايصال الأمانة الأخير والعصمة التى ترغب هى أن تكون فى يدها، ماهما إلا وسيلتان لتهديدك بالانفصال عنها إذا استمررت على ما أنت فيه من الشك غير المبرر تجاهها، وتأمل ما حدث من صحابى جليل عرّض بزوجته بأمارة ضعيفة، وكيف أنه راجع رسول الله، ولم يستسلم للوساوس والشكوك، وأفادته هذه المشورة فى نقاء قلبه وصلاح أسرته، وإزالة الشك من قلبه، وهى حادثة عظيمة ينبغى أن تكون درسا بليغا لأصحاب الشكوك والوساوس، فعن أبى هريرة أن رجلا أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: ولد لى غلام أسود، فقال هل لك من إبل، قال نعم، فسأله ما ألوانها قال حمر، قال فهل فيها من أوراق، قال نعم، قال فأنى ذلك: .. قال: لعله نزعة عرق، قال: فلعل ابنك هذا نزعة عرق، رواه البخارى ومسلم، والأورق هو السواد غير الحالك.. لقد شك هذا الرجل فى زوجته، لأنه رزق منها بولد أسود اللون، على غير لون أبيه، فأرشده النبى صلى الله عليه وسلم إلى أن عوامل الوراثة لا تقتصر فقط على ملامح الأبوين، بل ربما امتدت فأخذت من الأصل البعيد، وخالفت الوالد القريب.

من هنا فإنك مطالب بأن تتقى الله وأن تستعيذ به من كل ما يوسوس به الشيطان لك، فعليك إما أن تمسك زوجتك بالمعروف أو أن تسرحها بإحسان، فاستمرار الحياة بالصورة التى أنتما عليها جحيم لا يطاق، وسوف تستمر فى ظنونك تجاهها ولن تهنأ لكما حياة، كما أن إظهار الشك أمام الأولاد وأظنهم على علم بما يدور بينكما، له أثر سيئ على نفسيتهم، ويجعلهم يعيشون صراعا مرا فى إساءة الظن بزوجتك وسيبقى هذا الأثر طويلا فى نفوسهم، مما يصيبهم بعقد نفسية فى الكبر، وبالتالى ينعكس على سلوكهم وتعاملهم مع الآخرين فى حياتهم الاجتماعية.

وعليك أن تتصور حال زوجتك لو أن الشك فيك أنت، وضع نفسك مكانها وأنت برىء من التهمة الملصقة بك، كيف سيكون حالك، ونظرة الآخرين إليك، وعلى الجانب الآخر فإن على زوجتك وأهلها أن يعوا تماما أن إيصال الأمانة، ونقل العصمة إلى يد زوجتك فيه إهانة كبيرة لك، فى الوقت نفسه سوف يزيد من سوء حالتك النفسية، وإنعدام الثقة فى نفسك، وفى النهاية سيكون الانفصال هو الخطوة التى لابد منها.

ولذلك أرى أن تمنحا نفسيكما فرصة أخيرة للصلح، وإصلاح ما فسد من علاقتكما وأن تخضع للعلاج النفسى فى أحد المستشفيات المتخصصة، وأن تساعد زوجتك على التعافى بنبذ كل ما يجعلك تشك فى تصرفاتها، وأن تتخلى عن هواجس «الفيس بوك» وخلافه من مواقع الانفصال الاجتماعي، وليس التواصل كما تسمي، وحينئذ يمكنكما أن تبنيا عشكما الهادئ من جديد، وتسعدا بحياتكما وأبنائكما. والله الموفق وهو وحده المستعان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نيفين عادل
عضو محترف
عضو محترف
نيفين عادل

انثى
عدد الرسائل : 432
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 Profes10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 310
نقاط : 6616
ترشيحات : 2
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 Awfeaa10

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 I_icon_minitime22/4/2016, 10:04

العواصف العاتية

أنا رجل فى الخمسين من عمري، ولكنى أشعر بأننى تجاوزت السبعين بسبب الظروف الصعبة التى مررت بها فى حياتي‏,‏ فلقد ولدت فى أسرة ثرية، وعندما بلغت سن العاشرة تعثرت تجارتنا، وانقلبت حال أسرتى تماما‏,‏
واضطر والدى إلى السفر لدولة عربية حتى ينأى بى وبإخوتى ووالدتى عن المشكلات التى كانت تنتظرنا بعد ما ألم بنا، وهناك عرفت معنى الغربة ومررت بتجارب مؤلمة وأنا مازلت طفل، والتحقت باحدى المدارس‏، وواصل والدى كفاحه وتحسنت أوضاعنا المادية، وظللت فى هذا البلد حتى انهيت دراستى الثانوية‏,‏ وعدت الى مصر، وتعثرت فى دراستى الجامعية لأول مرة فى حياتي، وساءت حالتى النفسية كثيرا‏، ولم يمر وقت طويل حتى عاد والدى إلى مصر‏,‏ وأحيا تجارته القديمة، مما دفعنى الى أن أترك دراستي، وأعمل بتجارته ظنا منى أنها الأمان والمستقبل‏,‏ ورغبته فى أن أكون بجانبه‏,‏ وأعجبنى اصراره على النجاح والوقوف على قدميه من جديد‏.‏
وفكرت فى الزواج‏,‏ ولم يكن هناك أفضل من زميلة لى تعرفت عليها قبل أن أترك الدراسة‏,‏ وشعرت بحب جارف لها،‏ وتملكتنى مشاعر الحب الأول‏,‏ ولمست فيها الحنان والصدق‏,‏ ورأيت فى عينيها الاهتمام‏,‏ وأصبحت هى ملاذى الوحيد حينما يشتد بى الضيق‏,‏ وألحت على فى استكمال دراستي‏,‏ فحاولت أكثر من مرة، لكنى فشلت لعدم رغبتى فى هذه الكلية فنصحتنى بالالتحاق بكلية أخري، وبعد كل ذلك جاءت الرياح بما لا تشتهى السفن‏,‏ فقد تكررت الخسارة‏ نظرا للظروف الصعبة التى واجهناها، وأشفقت على فتاتى مما نعانيه، فعرضت عليها أن تفسخ الخطبة لكى تتحرر من أى قيود وتختار من هو مناسب لها‏,‏ فرفضت بإصرار وهى تبكى من هول الموقف‏,‏ ثم اتخذت قرارا بالتوقف عن الدراسة لكى أحاول أن انقذ ما يمكن إنقاذه من تجارة والدي‏,‏ وكأن للقدر رأيا آخر فلقد أفلس من جديد‏,‏ ووجدتنى مهددا بالسجن وبلا عمل ولا شهادة وأنا فى الخامسة والعشرين من عمري،‏ فاستعذت بالله وفكرت فى اقامة مشروع منفرد لى فى نفس المجال الذى نعمل به‏,‏ وطلبت من أسرة خطيبتى أن نتمم الزواج فوافقوا على استحياء‏,‏ وبدأنا حياتنا الزوجية‏,‏ ويبدو أن مثلي، مخلوق للشقاء إذ اشتدت العواصف علي، وواجهت مطاردات قضائية عديدة بسبب ضمانى والدى فى قروضه السابقة، وتوقف مشروعى الجديد‏,‏ ولم تتحمل زوجتى هذا العذاب، فطلبت الطلاق بإصرار، ولا أدرى كيف تحول الحب الجارف إلى ضيق وطلب انفصال‏.
وكانت هذه هى الصدمة الكبرى فى حياتي‏،‏ ووجدتنى أصر على مواجهة متاعبي، وتحديت نفسى وأكملت تعليمى وانهيت خدمتى العسكرية والتحقت باحدى الشركات موظفا لأول مرة‏، ورزقنى الله بزوجة صالحة صبورة تحبنى وتخاف الله‏,‏ ورزقنا الله بطفل جميل، ثم رحل والدى عن الحياة، وتذكرت قصته مع الكفاح والصبر والنجاح ثم المرض والرحيل، وأردت ان أشركك وقراء بابك الجميل فى معرفة قصتى والدعاء لأبى بالرحمة والمغفرة ولى بالتوفيق ومواصلة مشوار الحياة‏.‏
‏< ولكاتب هذه الرسالة أقول:

«لا يأس مع الحياة‏,‏ ولا حياة مع اليأس»‏,‏ فلو أن الإنسان استسلم للضغوط والمتاعب سوف يجد نفسه بين عشية وضحاها أسير الوهم والمرض‏,‏ لكنك برغم كل ما عانيته من ظروف قاسية، واصلت حياتك بهمة وصبر، فكان حقا لك أن يثيبك الله بالعمل المناسب والزوجة الصالحة‏,‏ بعد أن هجرتك محبوبتك الأولى ولم تقو على مواجهة الأنواء والأعاصير‏.‏
أما والدك الراحل فلقد كان نموذجا مشرفا للرجل العصامى الذى بدأ حياته من نقطة الصفر‏,‏ ومضى يواصل كفاحه ونجاحه حتى صار واحدا من اشهر رجال الأعمال فى مصر‏,‏ ولم ينكسر أمام المحن المتوالية‏,‏ وكان صبره عظيما‏,‏ ومثله يستحق أن يكون مثلا أعلى فى الإصرار على النجاح والرضا بما قسمته المقادير،‏ ولقد فعل كل ما عليه وترك الأمر لله‏,‏ ويكفيه أنه ظل حتى النهاية متماسكا‏,‏ وقانعا بما هو فيه‏.‏
وأحسب أن رجلا مثلك يجب أن يعتز بنفسه وبقدراته ويحمد الله على ما أفاء به عليه‏,‏ ويشعر أنه مازال يمسك بأوراق الربيع وزهوره‏,‏ ولا يتسرب إليه اليأس فيحس بأنه فى السبعين من عمره وأن أوراق الخريف قد بدأت تتساقط من حياته حتى إنه لم يبق له فى الدنيا أمل‏، وإننى ألمس بين ثنايا رسالتك إيمانك بالقضاء والقدر وبأن الإنسان لا يأخذ من الدنيا إلا ما قسمه الله له، وإذا كنت تؤمن بذلك حقا فما الذى يدعوك إلى الشعور بهذا الاحساس المرير.

أرجوك أن تنفض عنك غبار الأحزان‏,‏ وأن تنظر إلى الدنيا بعين جديدة غير هذه العين اليأسة‏,‏ وكلى ثقة فى أن تتبدل أحزانك على ما واجهته فى حياتك وعلى رحيل والدك إلى أفراح بما أعده الله للصابرين الذين يتقونه فى كل خطوة يخطونها‏، فاستبشر خيرا وأسأل الله لك السعادة ولوالدك المغفرة، والحمد لله رب العالمين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نيفين عادل
عضو محترف
عضو محترف
نيفين عادل

انثى
عدد الرسائل : 432
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 Profes10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 310
نقاط : 6616
ترشيحات : 2
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 Awfeaa10

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 I_icon_minitime22/4/2016, 10:04

الإرادة الحرة

أكتب إليك عن الفتيات مثيلاتى ممن قارب قطار الزواج أن يمر عليهن تاركا إياهن أشلاء محطمة بلا أمل بدواع كثيرة لا دخل لأخلاقهن أو طبائعهن أو سلوكهن بها، لكنها ظروف الحياة القاسية والبطالة المتفشية ونار الأسعار الحارقة،
ثم فقدان الثقة فى شباب هذا الجيل تجاه الفتيات اللاتى يمنحن كل شيء بوهم «الحب الزائف» وكل شاب يعرف أن فتاته تدرك تماما أنه يلعب ويلهو بعواطفها وجسدها وهى الأخرى كذلك ..إنها المتعة المحرمة التى يحللها البعض بالزواج العرفى الأقرب إلى الزنا منه إلى الزواج، وتقف الدولة مكتوفة الأيدى دون أن تقدم قانونا واحدا أو حتى قرارا يبيح للرجل أن يمارس حقه الشرعى فيما أحل الله له بتعدد الزوجات ما دامت ظروفه تسمح بهذا التعدد صحيا وماليا، والزواج بأكثر من واحدة يمنع زلات الرجال والنساء معا ويساعد على نشر الفضيلة ومنع الرذيلة.

إن أنانية المرأة تمنع هذا التعدد بل وتستأثر بالرجل لها وحدها مع أنها لا تحافظ عليه وإلا ما تركت لسواها الفرصة لأن تخطو داخل قلبه لتعويضه عما يفقده من حب واشباع بل واحترام مع زوجته التى رضى أن تكون المالكة الوحيدة له.

هل تصدق يا سيدى أن بعض النساء بلغن من السن ما يمنعهن من إشباع أزواجهن فتضن عليه زوجته بأن ينهل من بئر جديدة, متعطشة هى الأخرى إلى الارتواء، وهل تصدق أن كثيرا من قصص الحب الطاهر يقتله الظلام ولا يرى النور ولا يتناسل ويموت فى مهده خوفا من الانتقام الأنثوى لامرأة شاخت وكأن هذا الزوج عقد ايجار قديم لشقة قديمة لا تصلح لسواها.

وأنى اتساءل: لماذا رضيت النساء بأن يجمع الزوج بين أكثر من زوجة فى عهد الصحابة والرسول ويعترضن فى هذا الزمن على ذلك أجبنى .. برد نار لوعتى .. قل الحق والحقيقة .. رد عقلى إن كان قد غاب أو أكتم أنفاسى التى تتردد فى صدرى، لماذا لا يتم إصدار قرار أو قانون يبيح للقضاة الموافقة على الزوجة الثانية بعد التحقق من قدرة الرجل ماديا وصحيا واجبار الزوجة الأولى على الموافقة عليه وحرمانها من طلب الطلاق أو الخلع مع تعهد الزوج بألا ينجب أكثر من طفلين من الزوجة الجديدة؟.

‏< ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

ولماذا يتم اجبار زوجة على الاستمرار مع زوجها إذا رغب فى الزواج من أخري، واعترضت هى على هذا الزواج؟ إن استطاعة الرجل ماديا وصحيا لا تكفى لكى يتزوج بأكثر من واحدة ولابد أن يكون هناك رضا تام من جانب زوجته، فإذا رأت أنها باستطاعتها أن تتأقلم على الوضع الجديد، فلا بأس أن تكمل مشوارها فى الحياة الزوجية فى هدوء وراحة وطمأنينة، وإذا رأت أنها غير قادرة على ذلك فمن حقها أن تنفصل عن زوجها، ولا تعيش معه كرها، ولا يغيب عنا ما حدث فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من سيدات فضليات طلبن الانفصال عن أزواجهن لعدم راحتهن معهم، وتحقق لهن ما أردن، بعد أن رددن إليهم ما أخذنه منهم.

وأحسب أن الخلع وسيلة مناسبة لمن ترى أنها غير قادرة على التأقلم مع الوضع الجديد لزوجها، والعيب الذى تتحدثين عنه ليس فى الزمن، وإنما فى العوامل الحياتية التى جعلت الزوج يُقسم نفسه بين عدة بيوت كل منها بعيد عن الآخر، وربما فى محافظات متعددة، فكيف يوازن بين متطلبات زوجاته ويعدل بينهن؟\، وهذا الوضع يختلف كثيرا عما كانت عليه الحال فى الزمن الماضى حينما كان البيت الواحد يجمع كل الزوجات، وكن يقتسمن لقمة العيش ويعشن فى ود ووئام وتفاهم.

لقد تبدلت الأحوال، وأحسب أن من حق المرأة أن تستمر مع زوجها إذا تزوج بأخرى أو تنفصل عنه بإرادتها الحرة دون أن تكون مجبرة على الحياة بقوة القانون.. أليس كذلك؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نيفين عادل
عضو محترف
عضو محترف
نيفين عادل

انثى
عدد الرسائل : 432
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 Profes10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 310
نقاط : 6616
ترشيحات : 2
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 Awfeaa10

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 I_icon_minitime22/4/2016, 10:05

لحظات الشك

قرأت رسالة «ماكينة الحلاقة» فى بريد الجمعة الماضى والتى تشكو فيها صاحبتها مرض زوجها بداء الشك، وانفصالها عنه لهذا السبب، ورغبته فى إعادتها الى عصمته مرة اخرى، بحجة انه أدرك خطأه ويريد ان يجمع عائلته وطفلهما إلى أحضانه، وأنها تجد نفسها مترددة فى الامتثال لرغبته،
اذ لم تعد تثق فيه، بعد ما الم بها من متاعب بسببه، ويمارس أهلها ضغوطا عليها للعودة إليه مرة اخرى وإعطائه فرصة جديدة، وتعليقا عليها أقول: إننى أعيش هذه التجربة المريرة مع زوجى، وقد تعديت سن السبعين وزوجى تجاوز ثمانين عاما، ولا أمل فى تغييره على الإطلاق، ومازال يمارس شكوكه ضدى حتى فى هذه السن المتقدمة من العمر، لدرجة انه اتهمنى فى شقيقى، واعيش تحت المراقبة، وبرغم أن أولادنا تزوجوا جميعا، الا أننى نادمة على استمرارى فى هذه الزيجة التى عكرت صفو حياتى.

< ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

لا بديل عن الثقة بين الزوجين، وبالنسبة لك أرى أن زوجك مصاب بمرض "الوسواس القهرى"، ولكى يتخلص منه، فلا سبيل إليه إلا عن طريق الطب النفسى.. أسأل الله أن يشفيه، وأن تكملا معا مسيرتكما فى الحياة على خير بإذن الله.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نيفين عادل
عضو محترف
عضو محترف
نيفين عادل

انثى
عدد الرسائل : 432
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 Profes10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 310
نقاط : 6616
ترشيحات : 2
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 Awfeaa10

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 I_icon_minitime22/4/2016, 10:06

الأستاذ الحائر

أنا أستاذ جامعى ناجح جدا فى عملى، وقد سافرت إلى العديد من دول أوروبا شرقا وغربا، وأيضا الكثير من الدول العربية، ونلت مجموعة من الجوائز الدولية من مصر ودول أجنبية، وأقيم حاليا فى دولة عربية،
وتتسابق الجامعات إلى الاستفادة بخبراتى وعلمي، وميسور الحال، وحبانى الله بزوجة فاضلة بمعنى الكلمة دينا وخلقا، ورزقت منها بأطفال يشرحون القلب، ومشكلتى أننى أحب المعاشرة الجسدية بكثرة، رغم أننى متزوج منذ خمسة عشر عاما، وقد حافظت على نفسى فى أثناء سفرياتى، والحقيقة أننى فى حاجة ماسة إلى زوجة ثانية على شرع الله، وحدثت زوجتى بهذا الشأن فرفضت الموضوع تماما، وناقشت أسرتها فى أمرى فوافقت على مضض، هذا من ناحية، أما على الجانب الآخر المتعلق بطبيعة من أرغب فى الزواج منها، فلقد قابلت العديد من المصريات فى الخارج وبعض العربيات، ومعظمهن يوافقن بترحاب على الارتباط بى ويعلمن كل شيء عني، لكننى كلما هممت باتخاذ القرار أتراجع.

إننى أرغب فى الزواج من انسانة متدينة جدا، وجميلة جدا، ولا يهمنى أى شيء آخر، وفى الوقت نفسه أريد الحفاظ على زوجتى وأسرتي، ولا أدرى ماذا أفعل؟ هل أكمل المشوار إلى النهاية، وكيف أتعرف على بنت أو أرملة بالمواصفات التى أرغب فيها؟

> لم توضح فى رسالتك، هل زوجتك مقيمة معك فى الخارج؟ أم أنها موجودة فى مصر وتأتى إليها فى الاجازات؟ وهل ستستمر معك إذا أقدمت على الزواج الثانى أم أنها ستطلب الطلاق؟ ثم هل سيكون زواجك الثانى بغرض الاستقرار أم أن المتعة الجسدية وحدها هى التى تهدف إليها؟ فكل هذه الأسئلة يجب أن تجيب عنها بوضوح، وأن تكون مقتنعا وقادرا على الجمع بين زوجتين بشكل طبيعى، أما أن تجد فتاة أو أرملة جميلة جدا ومتدينة جدا للفراش فقط، فهذا أمر غريب إذ سرعان ما سيذهب الجمال، ووقتها سوف تبحث عن زوجة جديدة، وهكذا دواليك... احسم أمرك فى مسألة قدرتك على الجمع بين زوجتين بكل مالهما من حقوق، ثم احصل على موافقة زوجتك الأولي، وأسأل الله أن يوفقك إلى الطريق السليم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كابتن أحمد منصور
مشرف
مشرف
كابتن أحمد منصور

ذكر
عدد الرسائل : 6488
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 210
بلد الإقامة : المدينة الفاضلة
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 Office10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 Bookwo11
نقاط : 17058
ترشيحات : 47
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 710

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 I_icon_minitime29/4/2016, 13:50

بريد الجمعة يكتبه : أحـمــد البــــــرى
الأب الضال !


بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 2016-635974804993287477-328

فرضت الحياة الصعبة التى أحياها منذ مجيئى إلى الدنيا، علىّ أوضاعا بالغة السوء،
جعلتنى منطوية على نفسى دائما، وأكتم أسرارى داخلي، ولا أبوح لأحد بما هو جاثم فوق صدرى من هموم وآلام، ويعلم الله أننى لم أجد غيرك لكى أفضفض له بما فى قلبى وعقلي، وكلى أمل فى أن ينزل ربى عليّ الهدوء والأمان، وأن يساعدنى فى التغلب على المآسى والأهوال التى أتعرض لها أنا وأمى وإخوتي، حيث إننى فتاة لم أكمل سن العشرين، وأدرس بالفرقة الأولى فى كلية التربية بجامعة المنصورة، وأنتمى لأسرة بسيطة فى إحدى مدن الدقهلية، ولى ثلاثة أشقاء، فأخى الأكبر فى الفرقة الرابعة بكلية التمريض، وأختى التى تليه بالفرقة الثالثة بكلية الحقوق، أما أصغر أشقائى فهو بالمرحلة الابتدائية، والحقيقة أننى لا أعرف لأبى عملا، ولا شهادة، ولا أسمع منه كلاما عن الوظيفة أو العمل، ويفخر بأنه يملك بيتين قديمين، وهذا غير صحيح حيث إن له خمس شقيقات لم يعطهن ميراثهن، ويقضى كل وقته على المقاهى ومع أصدقائه، ولكل منهم قصة مع الانحراف واللامبالاة بأسرهم، أما أمى فهى الملاذ الوحيد لنا، وقد تحملت مآسى لا حصر لها من أجلنا منذ أن وطئت قدماها منزل أبي، فلقد تزوجها قبل أدائها امتحان الثانوية العامة، ووعد جدتى بأن تكمل تعليمها، ولكنه أخلف وعده، وأجبرها على ترك الدراسة والتفرغ للبيت، ولم تجد من يقف الى جوارها، وأيقنت أنها وقعت أسيرة لرجل ليس فى قلبه ذرة من الرحمة، فمضت تواصل حياتها معه كارهة، إذ إن كلمة الطلاق مرفوضة تماما لدى عائلة أمي، ويرون أن طلاق المرأة يفتح باب القيل والقال حولها، ولم يدركوا أن الطلاق فى بداية الزواج أفضل مليون مرة من الاستمرار فى حياة محكوم عليها بالفشل، وللأسف لم يوافقوا والدتى على تطليقها من أبى قبل إنجابنا، فجئنا الى الدنيا تباعا رغما عنها، ولما تكاثرت متطلبات الحياة ذهبت باكية الى جدتى لكى تساعدها فى إيجاد حل لها، واقترحت عليها أن تفتتح حضانة فى إحدى حجرات بيت أبيها، ونالت موافقتهم، وأصبح يتردد عليها عدد من أطفال المنطقة التى نسكن فيها، وصار لها دخل بسيط يساعدها فى تربيتنا، بينما ظل الغموض يكتنف حياة أبي، الذى يتفاخر بأن لديه بيتين، وأن له أملاكا كثيرة، ومزارع عديدة، وكلما سمعنا ذلك نضرب كفا بكف، فكل ما يقوله كذب، وهو أب لا يعرف الرحمة، فقد عقله وينبغى ألا يحمل هذا اللقب، فغيره من الناس كثيرون يتمنون أن يرزقهم الله بطفل أو طفلة تملأ عليهم حياتهم، وهناك من يلجأون الى دور الأيتام طلبا لأطفال يربونهم ويأتنسون بهم، أما نحن فلنا أب قاس، لا يعرف عن الأبوة غير الضرب والإهانة، وافتعال المشكلات والأزمات، لدرجة أننى أصبحت لا أطيق رؤيته، فعندما أناديه بـ«أبي» أجد شيئا يمسك لساني، ويقول لي: لا تقوليها.. ثم أجدنى أرددها رغما عنى خشية أن يغضب الله عليّ، ويطردنى من رحمته، وأقول فى نفسي، مهما فعل بنا، فإنه هو السبب فى مجيئنا الى الدنيا، ومع ذلك فإن إحساسى نحوه لم يتغير، وكلما أنظر الى وجهه أشعر بخيبة أمل، وتحضرنى فى الحال نظرة الناس إلينا، فبرغم تمتعنا بالأخلاق الحميدة، والهدوء، والأدب الجم، وكل ما غرسته فينا أمنا من صفات رائعة، فإن الآخرين ينفرون منا عندما يعرفون أننا أبناء فلان، وأصبحنا نتحسب كلامهم عندما نمشى فى الشارع، وقلوبنا تتقطع من هول ما نشعر به لديهم تجاهنا!

ونجدنا على الدوام «مقطوعين من شجرة» كما يقولون، فحتى عماتنا ابتعدن عنا تماما بسبب الميراث اللعين، فأبى يرفض إعطاءهن حقهن الشرعي، ويتعلل دائما بأسباب واهية، ويتبع معهن أسلوب «التسويف» وكلهن متزوجات فى بلاد أخري، وبدلا من أن يكون لهن سندا فى الحياة، اذا به يأكل حقوقهن، وكم حدثت نفسى وأنا فى سن صغيرة، إن أبى مريض نفسيا، ويعانى خللا داخليا لا أستطيع تفسيره، فحياته قائمة على «الشيشة» التى يدخنها طول الوقت فى مقهى أسفل منزلنا، وهو على هذه الحال منذ زواجه بأمي، وأشعر أنه يريدنا دائما خائفين منه، وغير مطمئنين لتقلباته وخاصة أمي، وذات مرة وكنت وقتها فى الثانوية العامة، وشقيقى الأكبر، وشقيقتى التى تليه بالجامعة، أن طلبت أمى من أبى الالتحاق بأى عمل يدر عليه دخلا لأن دخل الحضانة لا يكفى متطلبات الحياة الأساسية، وأننا فى حاجة الى كتب ودروس، ومصاريف كثيرة صارت عاجزة عن تلبيتها، فإذا به يقلب طاولة الطعام علينا، وجاء ببراد الشاى المغلى من فوق النار، وسكبه على رجل أمي، فصرخت بأعلى صوتها، وصرخنا معها، وارتميت على الأرض من هول الصدمة، والغريب أنه كان فى منتهى البرود، ولم يعبأ بما حدث لنا، بل وتمادى فى سبنا وشتمنا بألفاظ غير لائقة، تكفى وحدها لوصمنا بأحط الصفات، ولو سمعها أحد منه وهو يوجهها لنا، لتصور أننا فعلا كذلك، لأنه اذا كان الأب هو الذى يقول عن أبنائه كلاما سفيها، فماذا ننتظر من الآخرين؟ وبعدها أتى بزجاجات كبيرة مملوءة بالمياه، وأراد أن يقذفنا بها، فأخذنا والدتنا الى حجرة أخرى بعيدا عنه، وأغلقناها بالمفتاح، لكنه كسر الباب ودخل علينا، وقد استل سكينا أراد أن يقتل بها أمي، فارتفع صراخنا، وخشيت على أخى الصغير أن يحدث له مكروه، فحاولت تهدئته وأنا ميتة من الرعب، وقلت له: إنه يلعب معنا!

وارتميت تحت قدمى أبى لكى أقبلهما حتى يتركنا، فأصر على إخراج أمى من البيت وكنا وقتها فى عز الشتاء، والوقت متأخر وكل الناس نيام، وبعد أكثر من ساعة من التوسلات المضنية جلس على كرسى فى الحجرة، وأكمل وصلة السباب المعتادة، ثم تركنا الى حجرة أخري، فاحتضنت والدتي، وربت على كتفها وقلت لها: لا تبالى يا أمى فما يفعله أبى يؤكد أنه عديم الفهم والمعرفة، ومضت الأيام، وظلت هى المسئولة عن مصاريفنا الجامعية والمدرسية، وتصر على تعليمنا برغم الظروف المأساوية التى نعيشها فى ظل عدم وجود أبينا برغم أنه حى ويقيم بيننا.

ومن شدة إشفاقى على أمي، أشرت عليها بأن تنفصل عنه، ما دام لا يصرف على البيت، فعلى الأقل وقتها سيكون مجبرا على تدبير أمورنا، ولو عن طريق المحكمة، فرفضت بإصرار، وقالت لى إنها لن تتركنا أبدا مهما حدث، وأن هذا قدرها ونصيبها، وزادت علاقات أبى المشبوهة وغير المفهومة مع أقران السوء، ومنهم شخص هارب من تنفيذ حكم عليه فى «قضية قتل»، وكان هذا الشخص يأتى الى بيتنا، ويختبئ فى الدور الأرضي، وعلم رجال المباحث بمكان وجوده، فهرع أبى الى الخارج وأخبرنى أنا وأختى أن نجلس فى هذا المكان لكى يتأكد رجال المباحث من أنه لا أحد بالبيت، لا أبى ولا غيره!، ومن حظنا أن هذا المجرم لم يحضر فى ذلك اليوم، وتم إلقاء القبض عليه فى مكان آخر!

وتعددت المواقف المؤسفة من أبينا، واعتداءاته المتكررة التى لم ينج منها أحد منا، ونكتم كل ما يحدث لنا عن الآخرين، ولذلك احتفظنا بصورتنا المثلى التى لم يشوهها سوى ما يتناقله البعض عن أبي، وقد نالت أختى اعجاب أحد الشباب فى بلد مجاور لنا، وخطبها، وسعدنا كثيرا بهذه الخطبة، ومازالت صورتنا أمام أهل خطيبها ناصعة البياض، وأخشى مع كثرة تردده علينا أن يظهر أبى فى شكل غير لائق أمامه، أو أن يأتى تصرفا غير مناسب فى وجوده من التصرفات التى اعتدنا عليها، ثم فاجأنا بقوله: إن خطيب أختى غير مناسب لها، هكذا أطلق حكمه عليه بلا أدلة ولا أسانيد لادعاءاته، فهو شاب يتمتع بأخلاق حميدة وخريج جامعة، وأهله ناس طيبون، كما أن ابنة خالتى متزوجة من شقيقه، ونحن نعرفهم من قبل أن نناسبهم، وأخذت أفكر فى الأسباب الحقيقية لموقف أبي، وعرفت السر عندما أثير الحديث عن خطبتى وزواجي، فهو لا يريد أن يدفع مليما واحدا فى جهازى أو جهاز أختي، بل يريد أن نظل بلا زواج، لكى نعمل بعد التخرج ونعطيه مرتباتنا!.. أى تفكير هذا؟.. ومن أى نوع من الآباء هذا الأب غريب الأطوار!

لقد فكرت أمى فى تزويج أختى فى إجازة الصيف بعد أداء الامتحان، على أن تكمل السنة الرابعة بنظام الانتساب، مثلما فعل جميع بنات العائلة، حتى تبعد عن أبى وترتاح من العذاب الأليم الذى لا يغادر بيتنا، لكنه يرفض بشدة هذا الزواج، ونخشى أن يتسبب بموقفه المتعنت فى فسخ خطبة أختي، ولا يأتيها أحد بعد ذلك، فسمعة أبى السيئة تسبقنا الى كل مكان، وسيكون فسخ خطبة أختى دليلا جديدا على فشل أبي، وسببا فى انهيار آخر ما تبقى من أعمدة أسرتنا فى أعين الآخرين.

إننى أذبل كل يوم، وأجدنى مثل الزهرة اليانعة المملوءة بالأريج الطيب، ثم أتى شخص وقطعها وألقاها على الأرض ليدوسها الناس بأقدامهم، وفى أحيان كثيرة أتحدى نفسى وأحاول النهوض من جديد، فلقد فكرت فى العمل بجانب الدراسة حتى أخفف الأعباء عن أمي، فتركز جهدها فى تجهيز أختي، ولكن كيف يتسنى لى ذلك؟ فأنا أشعر بما تعانيه أمي، وهى تقول لى إنها عندما تتحدث معى تشعر أنها تحدث نفسها، وأحاول جاهدة أن أهون عليها ما هى فيه، وأدعو الله دائما بأن يمنحها القوة، ويأخذ من عمرى ويعطيه لها، وأسأله عز وجل ألا يقبض روحها إلا وهى راضية عني، فهى جنتى على هذه الأرض، وعالقة ببالى فى قيامى وسجودي، وأرجوه سبحانه وتعالى أن يبارك فيها ويسعدها، ويساندها على القيام بدورها نحونا.

إننى لا أريد من هذه الدنيا أموالا، ولا مناصب، وإنما أتمنى من الله أن يهدينى الى سواء السبيل، والى الزوج الذى يقدرنى ولا يأخذنى بذنب أحد، ويعرف محتواي، والحقيقة أننى لست مقتنعة بالقول المأثور بأن فاقد الشىء لا يعطيه، فأنا فاقدة للحنان ولكنى سأعطيه لأبنائي، وأمنحه الآن لمن حولي، ويزيد عليه الحب، إذ إننى لم أعرف أبدا طريقا إلى الكره، ولا حتى بالنسبة لأبي، برغم الأهوال التى يرينا إياها كل يوم، لكنى لا استطيع استكمال حياتى فى هذا البيت وينتابنى شعور بضرورة أن أتركه، وأذهب الى بلد آخر لا يعرفنى فيه أحد، وأواجه الحياة بكل متاعبها بمفردي، ولا يثنينى عن تفكيرى فى هذا الشأن سوى أمي، التى لن تتحمل صدمة ابتعادى عنها، ثم ان نهايتى معها، بهذه الصورة ستكون عواقبها وخيمة، فلا يعقل أن أتركها فى هذه المرحلة من العمر، وهى التى ضيعت عمرها كله من أجلنا؟.. اننى مخنوقة ولا أدرى ماذا أفعل؟.. ولذلك لجأت اليك.. والله إننى أتحدث إليك فى سرى كل ليلة وأملى أن ترشدنى الى الطريق السليم، فأنا لا تربطنى صلة بأحد، ولا علاقة لى بوسائل التواصل الاجتماعي، وأراها مضيعة للوقت، وأحيانا تكون فخاخا منصوبة للضحايا، وبابنا مغلق علينا ولا يعلم ما بداخله إلا الله، وأنتظر نصيحتك بفارغ الصبر.

ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

أقدر حجم بركان الغضب الذى انفجر بداخلك تجاه أبيك، الذى ضل طريقه فى الحياة، فانصرف إلى أهوائه وملذاته، ولم يلتفت إليكم، أو تشغله أحوالكم، وألقى بعبء تربيتكم على والدتك التى لم تجد بدا من أن تبحث عن مصدر رزق يوفر لكم مطالبكم، فأنشأت حضانة للأطفال فى حجرة ببيت والدها بعد موافقة جدتك على هذا المشروع، وأحسب أنها كانت على علم بأحوال أبيك، وأنها هى التى حبذت زواج والدك منها بدليل أنها أخذت عليه تعهدا بأن تستكمل دراستها معه، لكنه أخلف وعده، وبصراحة لم أفهم ما الدوافع التى جعلتها توافق على أبيك منذ البداية، ولا مع من كان التشاور بشأن هذه الزيجة، ثم كيف يوافقون على تزويج ابنتهم لشاب لا يعرفون له مهنة ولا مصدرا للدخل، لدرجة أن والدتك اكتشفت مثالبه فى اليوم الثانى لزواجهما.. فبالتأكيد هناك نقاط غامضة كثيرة فى حياة أبيك ربما لا تعرفينها، وكان الأحرى بأهل والدتك أن يتعرفوا على كل ما يتعلق به قبل أن يورطوها معه.

وإنى أسألك: من الذى كان يصرف على البيت قبل افتتاح الحضانة؟ ومن أين كان أبوك يأتى بمتطلبات الأسرة حتى ولو الطعام والشراب؟ وما حكاية البيتين اللذين يفخر بأنهما ملكه؟.. وهل يؤجرهما، ويصرف من عائدهما على نفسه وملذاته؟.. إنها أسئلة كثيرة من الضرورى الإجابة عنها، وفى كل الأحوال فإن منهجه هذا لا تستقيم معه الحياة، وعليه أن يعى ذلك جيدا، ويمكنكم أن تستعينوا على تعريفه بخطورة ما ينساق إليه عن طريق كبار العائلة، فيبذلون ما فى وسعهم لنصحه وارشاده وعدم تركه فريسة لأقران السوء، وأهواء الشيطان، وأن يصاحب ذلك تلطف من جانبكم فى الأسلوب، ولين فى الكلام، وها هو سيدنا إبراهيم عليه السلام يضرب أروع الأمثلة فى خطاب الابن الصالح مع أبيه الكافر الفظ الغليظ، إذ قال له: «يا أبت إنى قد جاءنى من العلم ما لم يأتك فاتبعنى أهدك صراطا سويا، يا أبت لا تعبد الشيطان، إن الشيطان كان للرحمن عصيا، يا أبت إنى أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن، فتكون للشيطان وليا»، وحينئذ رد عليه أبوه «أراغب أنت عن آلهتى يا إبراهيم، لئن لم تنته لأرجمنك واهجرنى مليا»، فرد إبراهيم على هذه الغلظة وذلك التهديد ردا كله رفق «قال سلام عليك سأستغفر لك ربي، إنه كان بى حفيا».

من هنا فإن الأسلوب الحسن هو الذى سيكون نافعا مع أبيك مع تذكيره دائما بأنه أبوكم، وليس لكم فى الدنيا غيره، وأنكم تريدون أن ترفعوا رأسه فى السماء ليتباهى بكم وقد حققتم هذا النجاح الكبير فى دراستكم، ولتتذكروا دائما الآية الكريمة «وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما».

إن أسهل الطرق للتخلص من عذاب أبيك هى الخروج من البيت وتركه لأهوائه ونفسه، والنفاذ من جحيم عشرته، لكن ذلك ليس حلا، فالرحمة بالأب تقتضى البقاء لدعوته والإحسان إليه، واعلمى أن أمك وأشقاءك أحوج ما يكونون إليك فى ظل المعاملة القاسية من أبيك للجميع، وأنصحك بالصبر عليه، وعدم رد الإساءة بمثلها، والابتعاد عما يثيره ضدكم، وإشعاره بأنكم لا يمكن أن تستغنوا عنه، فما أصعب أن يتسلل الى الأب إحساس بأن أبناءه يكرهونه.. وعليه أن يتحمل مسئوليته تجاهكم، فلا يعقل أبدا أن يترككم فى مهب الريح بلا سند ولا معين، وأن يبتعد عن مجالس السوء وأن يتذكر دائما الحديث الشريف عن الجليس الصالح والجليس السوء، فلقد شبههما بحامل المسك ونافخ الكير، وحامل المسك إما أن تبتاع منه، أو تشم منه رائحة طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك أو تشم منه رائحة غير طيبة، والصديق دائما مرآة صديقه، وحدثنا فى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل».

وليت أباك الذى ضل طريقه فى الحياة يدرك كل ذلك فيبتعد عن اللهو والعبث الذى يسير فيه، ويتوقف فى محطة فاصلة بين ماض كله أخطاء قاتلة، ومستقبل يجب أن يتطلع إليه بإعطاء شقيقاته حقوقهن، واحتواء أبنائه، وقد أوشكوا على التخرج، ويبقى الصغير الذى ستتخبط به السبل، وسيواجه أنواء وأعاصير قد تلقى به الى الضياع، فالحمد لله الذى رزقكم بأمكم الطيبة التى لولا احتواؤها لكم، ما حققتم ما أنتم فيه من نجاح، فاثبتى على الطريق الذى قطعت فيه شوطا كبيرا، وإياك والتفكير فى الاستقلال بحياتك أو الخروج من المنزل الى بلد آخر، فلو فعلت ذلك فاعلمى أنك سوف تسيرين فى «طريق اللاعودة»، وتتعرضين لما لا تحمد عقباه، فما أكثر من فعلوا ذلك ممن ضاقت بهم سبل الحياة، ولم يحصدوا سوى الندم على ما اقترفوه فى حق أنفسهم، وخصوصا البنات، فلقد تعرضن جميعا للضياع، ولم تنج واحدة ممن هجرن بيوت آبائهن من براثن الذئاب والتشرد والضياع، وانحرفن عن جادة الصواب رغما عنهن، وصارت الكثيرات منهن من أرباب السجون، وضحايا التفكك الأسري.

فاهدئى يا ابنتى وأكرر على أبيك أن يحسن إليكم، وأن يستعمل معكم اللين فى وقته، والشدة فى وقتها، فلا يكون شديدا دائما ولا لينا أبدا، بل يستخدم لكل وقت ما يناسبه لأنه فى النهاية هو الوالد والمربي، ولا يعقل أن يتخلى عن مسئوليته الى زوجته، فالمرأة وحدها غير قادرة على مواجهة مشكلات أسرتها التى تقع فى المقام الأول على الأب الذى يجب أن يوفر متطلبات أسرته وأن يمتهن عملا يدر عليه دخلا لرعايتهم، وهذا هو مبعث القوامة التى ذكرها القرآن الكريم، بأن الرجال قوامون على النساء، فماذا فعل هو من هذه القوامة؟.. وليعلم أنه اذا استمر فى قسوته وغلظته والقائه بكل الأعباء على أمكم، فإن ذلك مدعاة لأن تنفروا منه، وأن تنشأوا نشأة مسيئة، فالواجب عليه وعلى كل أب أن يراعى ذلك مع أولاده، فهم أمانه عنده، وكلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته.

وبهذه الطريقة، وبإحساس الأب بمسئوليته تجاه أبنائه، وادراك الأبناء حق أبيهم عليهم، واعتراف الجميع بأخطائهم، وبالدور الكبير الذى تلعبه والدتكم سوف تضعون أقدامكم على أول الطريق السليم، وبالتالى تنتشلون أنفسكم من عالم الضياع، وسوف تتأكدين من أن خروجك من بيت أبيك خطأ فادح يجب ألا تنساقى إليه، وأسأل الله لكم الهداية والتوفيق وهو وحده المستعان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كابتن أحمد منصور
مشرف
مشرف
كابتن أحمد منصور

ذكر
عدد الرسائل : 6488
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 210
بلد الإقامة : المدينة الفاضلة
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 Office10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 Bookwo11
نقاط : 17058
ترشيحات : 47
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 710

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 I_icon_minitime29/4/2016, 14:02

قطار القهر


استوقفتنى رسالة «الإرادة الحرة» التى تطالب كاتبتها بسن قانون جديد لكى يتزوج الرجل بزوجة ثانية رغم أنف الزوجة الأولى ولا يحق لها أن تطلب الخلع لهذا السبب..
وتعليقا عليها أقول: ألم تقرأ هذه الفتاة أن تعدد الزوجات شرعه الله لمعالجة أوضاع معينة كالمرض أو عدم الإنجاب ولم يشرع لمجرد كبر سن الزوجة وعدم قدرتها على تلبية رغبات زوجها الجسدية.. فبعملية حسابية بسيطة ندرك أن الزوجة عندما تكبر فى السن يكون الزوج حينئذ أكبر منها سنا وربما يكون قد ألمت به أمراض السن من ضغط وسكر وأمراض أخري.. فهل جزاء الزوجة التى تحملت معه سنوات الحلو والمر معا أن يتخلى عنها إلى زوجة جديدة لمجرد إرضاء رغبات جسدية.. أهذه هى المودة والرحمة فى علاقة الزوجية؟.. ثم ماذا تقول الآنسة التى ترغب فى تطبيق قانون ليشبع رغبات الرجل فقط فى حالة أن يكبر فى السن ولا يستطيع إشباع رغبات زوجته الشابة.. وماذا تفعل حينئذ.. هل تنفصل عنه وقتها لإشباع رغباتها الجسدية؟.. ثم ألا يقال عنها وقتها إنها غادرة ولم تتحمل زوجها ويلعنها المجتمع بلا رحمة.. فلماذا إذن لا يتساوى الرجل معها فى نفس ردة فعل المجتمع.. ولماذا تبحث هى ومثيلاتها عن الرجل المتزوج لتخرب حياته.. ولماذا يصررن على حرق مشاعر المودة والرحمة والإخلاص بين الزوجين.. ولماذا لا تبحث لها عمن يناسبها من رجال انفصلوا عن زوجاتهم بالفعل أو توفيت زوجاتهم؟.. ولماذا ترتبط بزوج لأخرى وأمامها رجال غير متزوجين.. والسؤال الأهم: لماذا لا تتنازل قليلا عن طلباتها التى تعجز أى شاب فى مقتبل الحياة عن القيام بها؟..

ألا تعلمين يا آنستى أنك تريدين لغيرك أن يدهسها قطار القهر والغدر والألم وأن تتقاسم معها أخرى زوجها بعد أن أمضت معه أجمل سنوات العمر؟.. وكل ذلك بدعوى الخوف من أن يفوتك قطار الزواج.. ابحثى لنفسك عمن يناسبك وتتناسب ظروف حياته مع ظروفك، وابتعدى عن كسر قلب أخرى حتى لا ينكسر قلبك من دعواتها عليك وعلى أمثالك ممن يخربن صفو البيوت المستقرة.. وكل الشكر لك يا أستاذ أحمد على سعة صدرك.

< ولكاتبة هذه الرسالة أقول:



لا يجوز إجبار أى زوجة على المعيشة مع رجل لا ترغب فى الاستمرار معه سواء تزوج بأخرى أم لا.. فالأصل فى الزواج هو القبول بين الطرفين، ومن ثم إذا انعدم التوافق بينهما يصبح الطلاق من حق أى منهما، ولذلك جاء قانون الخلع الذى يسهل الأمر على الزوجة التى تريد الانفصال من زوجها لضرر أصابها، أو لاكتشافها أمورا كانت خافية عليها ثم تكشفت لها بعد الزواج، ولا يقع أى ضرر مادى على الزوج فى هذه الحالة إذ سوف ترد إليه ما أخذته منه، ولن يكون لها مستحقات لديه.. أما ما تدعو إليه صاحبة رسالة «الإرادة الحرة» فهو أمر خارج تماما عن نطاق الحرية، فإذا كان من حق الرجل أن يتزوج بأخري، فإن من حق الزوجة الأولى أن تستمر معه أو تنفصل عنه وفقا لميولها ومدى قبولها بوجود زوجة ثانية فى حياة زوجها.

الأمر إذن بسيط ولا علاقة له بسن قانون أو غيره، ولا يؤثر على من تخشى من أن تكبر فى السن دون زواج، وكما تقولين يا سيدتي، فإن من تفكر بهذه الطريقة تكون عيناها على شخص بعينه يريد أن يحتفظ بالزوجة الأولى وينعم بالثانية التى تسعى إلى أن تنعم به هى الأخري، وفى ذلك منتهى الظلم لمن أحبته وتزوجته ولم تتخيل يوما أن هناك أخرى سوف تقتسم زوجها معها.. إن «الإرادة الحرة» الحقيقية هى ترك المسألة كما هي، وليكن لكل طرف قراره فى أن يحيا بالطريقة التى يرغب فيها دون أن يؤثر ذلك بالسلب على شريكه فى الحياة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
آخر نكته
عضو متألق
عضو متألق
آخر نكته

ذكر
عدد الرسائل : 746
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 210
بلد الإقامة : """"
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 Unknow10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 1210
نقاط : 6924
ترشيحات : 3
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 Awfeaa10

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 I_icon_minitime6/5/2016, 14:11

بريد الجمعة يكتبه: أحـمد البـرى
الحب الأسطورى !

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 2016-635980800266793271-679

لم أتصور أبدا أننى سأعيش الأزمة التى أحياها الآن،
ولا أجد منها مخرجا، فأنا سيدة فى السادسة والأربعين من عمري، نشأت فى أسرة ميسورة الحال، ومستوى اجتماعى راق وعلى قدر كبير من الجمال والثقافة، ونلت أعلى الدرجات العلمية، وترقيت فى عملى وتوليت مناصب مرموقة فيه، وقد بدأت قصتى مع الزواج عندما كنت طالبة فى الجامعة، حيث تقدم قريب لى يكبرنى بعشر سنوات طالبا يدي، وكنا نعرف أنه أقل منا بكثير فى المستوى المادى والاجتماعي، فهو على صلة مباشرة بنا، ولا يجد فيه والدى ما يجعلنى أرفضه من وجهة نظره، ولما عرض عليّ الأمر اعترضت بشدة على الارتباط به لأسباب عديدة منها فارق السن واختلاف الطباع، وضعف شخصيته، وعدم التزامه الديني، فلقد حلمت دائما بزوج يشعرنى بالأمان والاحتواء، إذ لا شيء فى الدنيا يساوى لحظة حب وحنان صادقة بين الزوجين، ولم تفلح أسبابى فى إثناء والدى عن موقفه، وتمسك بزواجى منه، وقال لى إنه سيغضب عليّ إذا لم أوافق على قريبى هذا، حيث كان يراه الأنسب لى ويصفه بأنه «طوع له وأمان لىّ»!

وأمام هذه الضغوط الشديدة، ولتعلقى بأبى وافقت على خطبتى له، ولم أفكر فى أى شيء وقتها سوى أن يكون والدى راضيا عني، وتحدد موعد زواجنا قبل انتهاء دراستى الجامعية، واستعنت فى منهجى مع خطيبى بما كان أبى يردده لى دائما من خلاصة تجاربه وخبراته فى الحياة، والتى لخصها فى جملة واحدة تقول «إذا لم يكن ما تريد، أرد ما يكون»، وهكذا حدثتنى نفسى بأننى مادمت قد أصبحت زوجة، فيجب أن أسعد بحياتي، وأعيشها كما هي، وترقبت يوم الزفاف كأى عروس تحلم بلقاء فارس أحلامها، فإذا به «يوم تعيس» لم يدر بمخيلتى أن أعيشه أبدا، فلقد فوجئت بتباعد زوجى عني، وانصرافه إلى نفسه.. نعم تركنى وحيدة دون أن يحاول ولو مجرد الحديث معي، وآلمنى ذلك كثيرا، لكنى هدأت نفسى بأنه ربما يكون قد تعرض لما نسمع عنه عند بعض الرجال، ويكون فى الغالب نتيجة عدم الخبرة بمثل هذه المسائل التى لم يسبق لى الحديث فيها حتى مع زميلاتي، وقلت أيضا ربما يكون مثلى ليست لديه دراية فى هذه الناحية، فأنا ملتزمة جدا فى حياتي، وشديدة الخجل، ومتحفظة فى كل شيء، وكتمت سري، ولم أبح به لأحد، ومرت الأيام الأولى فى محاولات فاشلة لاتمام العلاقة الزوجية، وظل صامتا تماما، وأحيانا يتجاهلني، ولا يحاول الاقتراب مني، وأفضيت إلى والدتى بأمرنا، وعرف الأهل حكايتنا، وتدخلوا فى أدق تفاصيل حياتى الخاصة، وراحوا يشيرون عليّ واحدا بعد الآخر بالعلاج النفسي، ثم الفحص العضوي، وترددنا على أطباء فى كل التخصصات، ولك أن تتخيل حال عروس فى شهر العسل تعانى آلاما وجراحا يصعب على أى امرأة الحديث فيها من ناحية علاقتها بزوجها، إذ تعرضت لأسئلة محرجة، وكنت أتحاشى لقاء أى واحدة من أسرتى حتى لا تسألنى عن حال زوجي، وبعد شهور من الفحوص الطبية واللجوء إلى المشايخ وغيرهم، مال أبى بى جانبا وأكد لى أن زوجى لا يعانى أى مشكلة عضوية، وأن ما يعانيه يتعلق بظروف نفسية فقط، وزاد ألمى لذلك، إذ لو أنه يحبنى بصدق لجاءنى ملهوفا فيحتوينى وأشعر بحبه وحنانه، أما أن تكون هذه حاله، فهذا أمر عجيب، وذكرت أبى برأيى فى هذه الزيجة منذ البداية، وطلبت منه أن أنفصل عن زوجي، وكان قد مر وقتها ما يقرب من سنة على زواجنا، ومازلت بكرا، فتسمر أبى فى مكانه وتجهم وجهه، فلقد أنفق الكثير من المال لتأثيث شقة فاخرة لي، وأقام زفافا «أسطوريا» لم تشهد العائلة مثله حتى الآن ويصرف عليّ بسخاء، ويخشى أيضا كلام الناس، لكنه صمت برهة ثم قال لى «أنا موافق»، وجاء بزوجي، وناقشه فى أمرنا، ثم حل موعد الطلاق، وبينما نحن جالسون فى انتظار المأذون، بكى أبى وزوجى بكاءً مريرا بلغ درجة الانهيار، فلم أتحمل الموقف، ووجدتنى بما أكنه من حب لوالدي، ورغبة فى إرضاء من حولى ولو على حساب نفسى أقرر التراجع عن الطلاق، وأن أكمل حياتى الزوجية مهما تكن العواقب، ومنحت نفسى فرصة جديدة لعل الله يقضى أمرا كان مفعولا، وشيئا فشيئا تحسنت حالة زوجى إلى حد كبير، وإن شابها بعض القصور، لكنه لم يكن مانعا من الانجاب، ورزقنا الله بابنتنا الأولي، وعمت الفرحة بيتنا، وشغلت نفسى تماما عن التفكير فى حياتى الزوجية، واجتهدت فى عملى والتحقت بالدراسات العليا فى كليتى التى تخرجت فيها، وجاء أبى بعقد عمل لزوجى فى الخارج، فكان يسافر إلى البلد الذى يعمل به، ويأتينا فى إجازة سنوية كل عام، ثم أنجبت طفلا ثانيا، وقرر زوجى الاستقرار فى مصر، والعمل فى شركة جديدة سوف يؤسسها صاحب الشركة التى كان يعمل بها فى الخارج، وستديرها زوجته المصرية، وهى فى حوالى السبعين من عمرها، وانساق زوجى وراءها، إذ أن كل ما يشغله هو جمع المال الذى كان السبب فى سعيه للارتباط بي، واستطاعت هذه العجوز المتصابية أن تسيطر عليه بالمال الوفير والملابس الفاخرة، وصار يلازمها ليلا ونهارا لدرجة أنه أصبح يعود إلى البيت فى الصباح بعد أن يقضى الليل كله معها، وتعمدت كثيرا أن تتصل بى وتترك التليفون مفتوحا حتى أسمع حديث الحب المتبادل بينهما، ووصلت البجاحة إلى درجة أنها طلبت منى أن أنسى زوجى لأنه لا يحبني، وبرغم أنها تكبرنى بثلاثين عاما فإنه يراها أكثر جاذبية واثارة، ونصحتنى بأن أطلب الطلاق منه، وأعيش حياتى بدونه، ولم أحدثه فيما قالته، أو أهتم لهذا الأمر فى حينه.

وبعدها بأسابيع سافر زوجى إلى دولة أوروبية بصحبتها، وطالت فترة غيابه ولم يتصل بنا أو يطمئن علينا، ولم نعرف له هاتفا لكى نطمئن عليه، وأحس والدى بالقلق عليه، وحاول الاتصال بسفارة مصر فى هذا البلد لكى يعرف أى معلومات تدلنا عليه، وباءت محاولته بالفشل، ثم وجدناه أمامنا فجأة وبرر عدم اتصاله بنا بأسباب وهمية، منها انشغاله الدائم بالعمل، فلم أقتنع بما يقوله، فهو يخفى عنا شيئا ما ولا يريد أن يبوح به، فطلبت الطلاق، وكانت ابنتى الكبرى قد بلغت سن عشر سنوات، ولما وجدنى مصرة عليه، ترك العمل مع هذه السيدة، وتخلص من ملاحقاتها، واجتهدنا فى البحث عن عمل آخر له، واستقر فى وظيفة جيدة، وأنجبت طفلين آخرين ليصبح لدينا أربعة أبناء، فزاد تعلق زوجى بالأولاد والبيت، واستقرت أوضاعنا الزوجية إلى حد ما إلا أن العلاقة الخاصة بيننا انتهت تماما، ولم يعد قادرا عليها بأى صورة، وكنت وقتها فى سن الخامسة والثلاثين، وقررت أن اعتبر نفسى فى حكم الأرملة أو المطلقة، وأنسى هذا الجانب من حياتى فليس ذنبه أنه يعانى حالة مرضية، كما اننى لا أضمن أن تستمر صحتى على ما يرام، فلا يملك أحد من أمره شيئا وانشغلت بأولادي، وتفوقوا فى دراستهم، ومضت الحياة بنا فى هدوء.

وانتقلت فى عملى من فرع إلى آخر، وشغلت وظيفة أعلي، وتعاملت مع الجميع باحترام، وتعرفت على موظف معى يصغرنى بأربع سنوات، وهو دمث الخلق ومتواضع، ووثقت فيه ثقة عمياء، فلقد نبهنى كثيرا إلى أشياء كان يمكن أن تلحق بى ضررا فى عملي، ثم رحل والدى عن الحياة، وتركنى وحيدة، وبغيابه فقدت السند والأب والحب والحنان، ومعنى الحياة، ووجدتنى أفضفض لهذا الشاب عن ألمى الشديد لرحيل أعز الناس لديّ، وتطورت علاقتنا شيئا فشيئا إلى أن وجد كل منا الآخر مندفعا إليه. فبصراحة رأيته فتى أحلامى بصدقه وأمانته ووده، وخوفه عليّ من كل ما يمسنى أو يتعلق بى فى عملى وسمعتي، وأفصح لى عن أنه يبادلنى الشعور نفسه، وأصبحنا نبحث عن أى سبب للقاء!

وزاد ارتباطنا بشكل لا إرادي، ولم أتخيل للحظة واحدة من قبل أن أخون زوجى ولو بكلمة، ولا حتى بالمشاعر والأحاسيس، فأخلاقى ودينى وتربيتى تمنعنى من الانسياق وراء هذه المشاعر من «الحب الأسطوري» الذى لم أكن أؤمن به، ولم أعشه، ولم أتصور أبدا أن أكون واحدة من بطلاته!.. لقد وجدتنى فتاة فى العشرينات يدق قلبى لرؤية حبيبي، أو حتى رؤية أى شيء يخصه، وأحلم طوال الليل بلقائه وأتمنى أن أسمع صوته، ولا أرى فى الدنيا غيره، وكان يبادلنى ذات المشاعر بنفس القوة والاندفاع والرغبة واللهفة، وتطرأ لدينا فكرة واحدة ونردد نفس الكلمة، حتى ولو لم نكن معا.. ونشعر بعذاب الضمير من أن هذه المشاعر ليست من حقنا، واننا بها نخطئ فى حق من حولنا، وبلغ بى الأمر اننى لم أعد أستطيع النظر فى وجه زوجى أو حتى الكلام معه، إذ لم أعتد الخيانة ولا الكذب، وبدا واضحا اننى أحاول الابتعاد عن الآخرين، وأفضل الجلوس بمفردي، وأتعلل لهم بأننى حزينة على والدي، ولعل انصرافى إلى نفسى يطفئ عذابي، وكلما قلت لهم ذلك ألمح علامات التعجب على وجوههم، وعندما أدخل إلى البيت أصبح جسدا بلا روح، ولا يشغلنى شيء سوى هذه المشاعر.

لقد حافظت على نفسي، برغم أنه كان من الممكن أن تتطور هذه العلاقة إلى أبعد مدي، وقاومت هذا الحب الجارف الذى سيطر على قلبى ومشاعري، ولم تتعد الأمور بيننا كلمات الحب والرسائل والسلام باليد، وإن كان هذا السلام يحمل مشاعر خاصة وطابعا مختلفا، وكانت سعادتى به أكبر من أن أحرم نفسى منها، وحدثت تغييرات فى نطاق عملى وعدت إلى المقر الرئيسي، وتركت حبيبي، وقلبى وكل تفكيرى معه، وكم تمنيت اللحظة التى تجمعنى به فى الحلال، ووجدته مشفقا عليّ أن أطلب الطلاق من زوجى حرصا على أولادي، ويقول لى إن الثمن سيكون فادحا، وستدفعينه وحدك، أما هو فيستطيع أن يجمع بينى وبين زوجته، ولن يخسر شيئا من ارتباطنا!

إن أبنائى يشعرون حاليا بالأمان فى بيتهم ومع والدهم الذى حرصت دائما على الحفاظ على صورته أمامهم، وقد استقر مع تقدم العمر، ولم يعد يتصرف بالشكل الصبيانى الذى كان عليه، وقد دخلنا فى علاقات نسب ومصاهرة لتزويج أولادى وبناتى ولا أدرى كيف أطلب الطلاق من غير سبب ظاهر ومنطقي، وماذا أقول لهم؟.. هل أخبرهم أننى تذكرت بعد هذا العمر حقوقى كإمرأة وأريدها الآن؟ فلقد مرت شهور لم أر حبيبى فيها سوى مرتين، ولم يغب عن بالى لحظة واحدة، وصرت أعانى الاكتئاب وأفكر فى زيارة طبيب نفسى لعله يساعدنى على نسيانه، وأؤكد لك أننى أتحرك فى بيتى وعملى بشخصية الأم الملتزمة والمرأة القوية إلا أن قلبى ينزف حزنا على فراق حبيبي، وقد أديت العمرة وبكيت أمام الكعبة وأنا أدعو الله أن ألقاه وهو راض عني، وبعد عودتى شغلت نفسى ووقتى فى العمل والبيت والأولاد، لكن خياله لا يفارقني.. ولا أدرى ماذا أفعل؟ هل آخذ القرار الذى سيهدم بيتى ويحرم أبنائى من السعادة وراحة البال، والأمان وأطلب من زوجى الطلاق الذى سيكون مفاجأة مفجعة وغير متوقعة، وأنا الزوجة العاقلة والأم الحنون والتى يضرب بى الأمثال فى العائلة كلها بالحكمة والعقل الراجح والأمومة والعطاء؟ وهل ينطبق عليّ الحديث الشريف «أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة».. إننى إن فعلت ذلك سوف يهنأ قلبى مع حبيبى الذى تعلقت به روحي، والذى لم يعد لى أمل فى الدنيا سوى أن أحيا إلى جواره، وإن تراجعت فسوف أكمل حياتى مع زوجي، وأنا جسد بلا روح ولا حياة ولا حب ولا مشاعر.

إن العمر يجرى ولم يعد هناك وقت لتضييعه، وقد علمت زوجة حبيبى بعلاقتنا وهددتنا بفضحنا أمام الجميع، ولو حدث ذلك سيؤثر على أبنائي، وأجدنى فى حيرة من أمري، ولا أدرى هل يجوز للزوجة أن تؤدى صلاة الاستخارة بأن تكمل حياتها مع زوجها، أم حرام أن تسأله سبحانه وتعالى فى أمر غير محلل لها؟.. إننى أخاف الله، وأخشى أن أعصاه، وأحاسب نفسى حتى على مشاعرى وقلبى الذى لا يطلع عليه إلا هو سبحانه وتعالي، ولا أريد خيانة زوجى ولو بقلبي، ولن أفعل شيئا خطأ، وكم أتمنى أن أجمع بين رضا الله وسعادتى واستقرار من حولي، فبماذا تشير علىّ؟

ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

ليس فى قصتك مع هذا الرجل ما يشير إلى «الحب الأسطوري»، الذى تتحدثين عنه، ولا حتى مجرد مسعى إلى الزواج الجاد والمستقر، فالأمر لا يعدو أن يكون سذاجة منك، ورغبة منه فى أن ينالك ولو بدعوى الحب المزيف، وهو ليس على استعداد لهز أركان بيته، حتى بالارتباط بك كزوجة ثانية، وأغلب الظن أنه هو الذى دفع زوجته إليك لتهديدك بفضح علاقتك به إذا لم تتوقفى عن ملاحقته والاتصال به، فالحقيقة الغائبة عنك هى أن الرجل لا يحترم أبدا من تغدر بزوجها وتضحى بأولادها واستقرارها فى سبيل قضاء بعض الوقت معه كزوجة ثانية، وحتى إذا تزوجها فإنه سرعان ما يكشف عن وجهه وينبذها من حياته، بعد أن تفقد كل شيء، ووقتها لا ينفعها الندم!

وإذا كان زوجك قد ضحى بعمله لكى يبتعد عن العجوز المتصابية التى حاولت التغرير به، ولم يستجب لإغراءاتها المادية، ولا المزايا الكثيرة التى كان من الممكن أن توفرها له، وفضل بيته وزوجته وأولاده على أى شيءآخر، واستقرت أوضاعه باعترافك، فلماذا لا تصنعين الصنيع نفسه، وقد سبق أن نزلت على رغبته ورغبة أبيك فى الاستمرار معه فى وقت لم يكن قادرا فيه على إتمام العلاقة الزوجية، وتحملت متاعب كثيرة وأنجبت أربعة أبناء منهم ابنتك التى على وشك الزواج، وأمضيت كل هذا العمر فى خدمة أسرتك، وتفانيت فى إسعاد زوجك وأبنائك؟.. لقد قدمت الكثير ولم يشغلك أحد طول هذه السنين حتى ظهر هذا الشاب الذى حاول التقرب إليك باعتبارك رئيسته، وأرشدك إلى أشياء كانت غامضة عليك فى العمل، واستطاع بكلمات معسولة أن يسيطر على تفكيرك، حتى كدت تسلمين له نفسك لولا خشيتك الله ـ على حد تعبيرك ـ وبكل صراحة ووضوح، فإنه لم يحبك، ولن يتزوجك، وما تعيشينه هو الوهم بعينه.

لقد ساهمت ظروفك الأسرية، وعدم استطاعة زوجك إشباعك من الناحية الجسدية إلى أن تميلى إلى موظف يعمل تحت رئاستك، وكان ينبغى عليك أن تضعى حدا لهذا «التفكير الشيطاني»، منذ البداية، فمن الطبيعى أن يميل الرجل الى المرأة، وتميل المرأة إلى الرجل، ومن هذا الميل ما يترجم إلى علاقة محرمة كالزنا، ومنه ما يترجم إلى علاقة شرعية هى «الزواج»، بما فيه من رحمة ومودة وألفة، وهى نعم عظيمة لا يشعر بقيمتها إلا من اضطربت علاقتهم الأسرية ودخل بينهم الشقاق والنزاع الذى يحوّل حياتهم إلى جحيم لا يطاق، وعندئذ تصبح أمنية الرجل زوجة يهنأ بها، وأمنية المرأة رجلا تسعد به، ومادامت هذه النعم متوافرة بينك وبين زوجك فما الذى يدعوك إلى مغامرة فاشلة بكل المقاييس سوف تتجرعين مرارتها من أول لقاء بينكما على فراش الزوجية، الذى لن تشعرى به، وسوف تزول كل الأوهام العالقة بذهنك فى التو واللحظة.

ولا تجوز صلاة الاستخارة التى تفكرين فى أدائها، فهى مشروعة فى أمر لم يتبين خيره من شره، فيلجأ المرء إلى الله ليوفقه إلى ما فيه الخير له، أما ما أنت فيه الآن فهو معصية تستوجب التوبة والندم، وإغلاق كل الأبواب التى تؤدى إلى هذا الشاب بتغيير رقم هاتفك، وإبلاغه بعدم الاتصال بك بأى حال، واقتربى أكثر من زوجك، وسوف تعود حالته الصحية إلى ما كانت عليه، فمن الممكن أن تحدث هزات نفسية للإنسان فى بعض الأحيان يستحيل معها أن يقيم علاقة زوجية ناجحة، ثم تتحسن الأوضاع بعد ذلك، وهذا ما أعتقده بالنسبة لحالة زوجك الذى سبق وأن استمر عاما كاملا غير قادر على إتمام هذه العلاقة فى بداية حياتكما الزوجية، ثم صار طبيعيا بعد ذلك، ويمكنه بمساعدتك مراجعة الطبيب لبيان وضعه الصحى ووصف ما يلزم له من علاج.

إن المرأة حين تستخير ربها فى الارتباط بغير زوجها وهى على ذمته، فإنها تستخير فى هدم بيتها وأسرتها وتشريد أولادها، وتستخير فى الطلاق من زوج أحسن إليها واهتم بها، بل إنها تستخير فى خيانته وطعنه فى ظهره بتشتيت أولادهما، ويكون خراب بيتها على يديها، وتستخير فى مقابلة المعروف الكبير والخير الكثير بالإساءة الشديدة، والتنكر لصاحب المعروف وجحد حقه، ولا سبيل للخلاص من الحالة التى تسيطر عليك إلا بأن تصرفى عنك كل الوساوس المتعلقة بهذا الرجل غير الأمين، وألا تجعلى للشر سبيلا إليك، فلقد وقعت فى مكيدة، وزين لك الشيطان الانفصال عن زوجك طمعا فى زوج آخر لديه أسرة لن يتخلى عنها، كما قال لك ــ وسوف يوقعك فى براثنه ثم يرميك غير نادم على من انساقت وراء الأوهام.

ومما يعينك على صرف الوساوس من تفكيرك، أن تجيبى بصدق مع نفسك عن بعض التساؤلات ومنها: لو أن هذا الشاب رجل صالح، كيف يرضى بأن يخرب بيتك ويشتت أسرتك؟.. وإذا كان يحبك حقيقة، فلماذا يسعى الى تدمير أسرتك؟.. وهل يحبك أم يحب نفسه ولا ينظر إلا الى شهوته ومصلحته؟.. وما هو مصير أبنائك وهم الأمانة التى سوف يسألك الله عنها يوم القيامة؟.. وما الذى يضمن ألا تتغير معاملته لك بعد الزواج، بل ويسلط عليك زوجته للخلاص منك؟، وهل تتوقعين أن تبقى الثقة بينكما قائمة إلى الأبد؟ وهل يثق بك إذا كنت قد هدمت بيتك من أجله، ألا تكررى التجربة مع آخر تنجذبين إليه من الكلام المعسول والرسائل الملتهبة؟.. وفوق كل ذلك فإن الشكوك ستبقى مصدر قلق لكليكما.

إن الحب الحلال حلال، والحب الحرام حرام، ومن الحرام البين أن تحب المرأة المتزوجة رجلا آخر فيشغل قلبها وفكرها به وتفسد حياتها مع زوجها، وما يفعله هذا الرجل فيه إفساد، وفى ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من خبب ــ أى أفسد ــ امرأة على زوجها»، والحب له مبادئ ومقدمات، ونتائج ونهايات، والنظر والمحادثة والسلام والتزاور والتراسل واللقاءات.. وكلها أمور فى إمكان الإنسان أن يفعلها وأن يدعها، وأن يلتزم الطريق السليم، ويفطم نفسه عن هواها، ويلجمها بلجام التقوي، وإلا ازدادت توغلا فى غيها واستغراقا فى أمرها، وقديما قال البوصيرى فى بردته:

والنفس كالطفل، إن تهمله شب علي

حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم

فاصرف هواها وحاذر أن توليه

إن الهوى ما تولى يصم أو يصم

وإذا كنت قد انتهيت إلى نتيجة لا تملكين نفسك إزاءها، فإنك التى ورطت نفسك فيها، وأدخلتيها هذا المضيق باختيارك، كما أنك ترمين نفسك فى النار، ولن تستطيعى منعها من إحراقك، فاعلمى جيدا خطورة ما تنساقين إليه، وتذكرى دائما قول الشاعر:

تولع بالعشق حتى عشق

فلما استقل به لم يطق

رأى لجة ظنها موجة

فلما تمكن منها غرق

إن عليك أن تكتفى بزوجك وترضى به، وتحرصى على ذلك كل الحرص، فلا تمدى عيناك الى رجل آخر، سواء هذا الذى يحاول التغرير بك أو غيره، وسدى على نفسك كل باب يمكن أن تهب منه «رياح الفتنة»، وكلما لمعت أمامك بوادر شيء من ذلك، بادرى بإطفاء الشرارة قبل أن تتحول إلى حريق مدمر، ولقد قيل «إن البعيد عن العين بعيد عن القلب»، فاشغلى نفسك بأولادك وحياتك، واهجرى ما نهى الله عنه، وأسأله لك الهداية، والبعد عن كل ما يغضبه، ويجر عليك المتاعب وهو وحده المستعان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أم البنات
مشرفة
مشرفة
أم البنات

انثى
عدد الرسائل : 9513
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 210
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 Unknow10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 8010
نقاط : 19672
ترشيحات : 44
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 333310

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 I_icon_minitime20/5/2016, 16:07

بريد الجمعة يكتبه : أحـمــد البــرى
كأس السـعادة!

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 80 2016-635992923881467798-146

تنهال على «بريد الجمعة» رسائل القراء التى يروون فيها تجاربهم فى الحياة بكل ما تحمله من دروس وعبر يستفيد منها الآخرون فى مواجهة ما يمرون به من شدائد ومتاعب.. ومنهجى دائما فى تناول قضايا القراء ومشكلاتهم أنه لا يأس مع الحياة، وان كلا منا مطالب بأن يتطلع إلى الأمل وهو يستشرف المستقبل، وان يفكر بجدية فى أى مشكلة يواجهها، ويفاضل بين البدائل المتاحة لحلها، وأن يدرك أن المشوار مهما يكن طويلا يبدأ بخطوة واحدة، وإليكم الرسالة التالية:
أنا سيدة فى الثالثة والخمسين من عمرى، نشأت فى أسرة بسيطة بقرية صغيرة فى محافظة الشرقية لأب فلاح يمتلك أرضا زراعية هى رأسماله وشغله الشاغل، ويستعين فى فلاحتها ببعض العمال والمزارعين، وأم ربة منزل كرست حياتها لتربيتنا أنا وأشقائى الأربعة «ولدان وبنتان»، وترتيبى الثالثة بينهم، وعشنا حياة مستقرة، واستمتعنا بمباهج الحياة، وتخرج شقيقاى فى الجامعة، واستقرا فى وظيفتين حكوميتين بجانب مساعدة والدنا فى الزراعة، أما أنا فقد اكتفيت بدبلوم التجارة المتوسط لرغبة أمى التى كانت ترفض ابتعادى عنها حتى ولو للدراسة الجامعية، إذ كان الأمر يتطلب وقتها أن أنتقل إلى الزقازيق للإقامة فيها أو أن أتأخر فى بعض الأيام التى تكون فيها المحاضرات فى الفترة المسائية ورضيت بذلك، وتبعتنى شقيقتاى فى الحصول على الدبلوم نفسه.

وما إن أنهيت دراستى حتى انهال علىّ العرسان.. الكل يطلب يدى، فلقد حبانى الله بقدر كبير من الجمال، وتتمتع أسرتى بسمعة طيبة، ونتصف بالأخلاق الحميدة، ولم أنجرف فى علاقة عاطفية مع أحد، وادخرت مشاعرى لمن سيكون شريكى فى الحياة، وكان علىّ أن أختار واحدا ممن يتقدمون لى، ومع كل طارق لبابى تدور المناقشات بين أبى وأمى وأخوتى، وتنتهى إلى رفض العريس لأسباب متعددة منها ما يتعلق بأهله، ومنها ما يتصل به شخصيا، ثم جاءنى شاب يمت لنا بصلة قرابة، وحاصل على دبلوم المدارس الصناعية ويعمل خراطا، ومن أسرة تماثل أسرتنا، ويعمل والده نقاشا وله ثلاثة أشقاء. تخرجت الكبرى فى معهد فوق المتوسط وتزوجت فى محافظة أخرى، ويليه ولدان كانا وقتها فى المرحلة الثانوية، وقد تعلقت به من أول نظرة كما يقولون، وأحسست بأنه الزوج المناسب الذى طالما حلمت به، ولا أعرف لذلك سببا، فلقد وجدتنى أقول لهم: إننى سأتزوجه، وما إن سمع أبى كلامى حتى ثار ضدى وضربنى فى مختلف أنحاء جسمى وركلنى بقدميه، وحاولت أمى وأخوتى إثناءه عن موقفه لكنه لم يلن أبدا، وبلغ ما حدث لى فتاى، وجاء أبوه وأمه وبعض الأقارب من العائلة وحاولوا كثيرا أن يعرفوا سبب عناد أبى، لكنه قال لهم إننى مازلت صغيرة على الزواج، وعاد أهل فتاى من حيث جاءوا، وهم لا يدرون ماذا سيقولون لابنهم، ولا بماذا يبررون رفض أبى له، ومر أسبوع كئيب لم أسمع فيه أى خبر، ولم أعرف ما دار فى بيته، وعقدت العزم على أننى لن أتزوج سواه، وفكرت مليا فى الطريقة التى أقنع أبى بها انه الشخص المناسب لى، وفى الوقت نفسه أحافظ على صورة أهلى فى مجتمع الأرياف الذى يعيب على الفتاة التى تتزوج بمن ترغب فيه دون إرادة أسرتها، ويصفونها بـ«الجامدة» و«البجحة»، وفجأة جاءنى خبر أفزعنى وسقطت فور سماعه على الأرض مغشيا علىّ، وهو أن فتاى أشعل النار فى نفسه، بعد أن سكب على جسمه كله كمية كبيرة من الكيروسين، وقد نقله أبوه إلى المستشفى فى حالة خطيرة وتجمع أهل القرية لاستطلاع ما حدث، وعلموا بحكايتى أنا وفتاى، ولاموا أبى على موقفه، فالشاب الذى رفضه من عائلتنا، ويتمتع بكل الصفات الحسنة، كما أن راحتى النفسية إليه كفيلة بإقامة أسرة مستقرة يسودها الحب والطمأنينة، وشاءت الأقدار أن تجد كلماتهم صدى لدى أبى هذه المرة، ولكن بعد أن أحس أنه سيفقدنى ولم نكن نعلم حجم الاصابات التى لحقت بفتاى، وأسرع الجميع إلى المستشفى الذى يخضع فيه للعلاج، أما أنا فقد حملتنى أمى وأختاى إلى طبيب مجاور لمنزلنا، ففحصنى ووصف لى بعض المهدئات، قائلا لهن إننى تعرضت لصدمة عصبية شديدة، وشرحن له حكايتى، وقلن إن أبى وافق على زواجى من فتاى، وكنت أسمع كلماتهن كالحلم، وأردد فى نفسى، أين هو الآن ربما يكون قد فارق الحياة؟!

وشاء الله أن يتجاوز فتاى مرحلة الخطر على حياته، لكن جسمه كله صار مشوها وأجريت له عشرات العمليات الجراحية وانتهت جميعا بنسب تحسن بسيطة خصوصا فى يديه، فلم يعد قادرا على ممارسة عمله فى الخراطة، نتيجة بتر بعض أصابعه، وامتد التشوه إلى وجهه الذى يغطى معظمه برداء لا يخلعه أبدا، ولم يهمنى ذلك أو أتوقف عنده، وأصررت على إتمام زواجى به، إذ أراه روحا لا جسدا، وإذا كانت النيران قد التهمت أجزاء من جسمه، فإنها لم تستطع أن تقترب من روحه، وظل كما هو الشاب الوديع الحالم الذى ملك قلبى وعقلى، وتدخل المقربون من أسرتينا فى اتمام حلمنا المؤجل، وانتقلت إلى بيتى الذى طالما حلمت به مع حبيبى، وسط دموع الأهل والأصدقاء، وكانت دموعا مختلطة بين الفرح والحزن.. الفرح بأننى تزوجت فتاى بموافقة أهلى ومباركتهم لى، والحزن على حالة حبيبى الصحية، وما سيواجهه من متاعب وآلام وعقبات فى عمله وحياته، كان الجميع يعيشون فى دواخلهم فى بحر من التساؤلات. بينما كنت أحلق فى عالم آخر من الأحلام، وكنت على يقين بأن الحب يصنع المعجزات، وأن ما صار إليه زوجى سيكون دافعا لى للوقوف إلى جواره ومؤازرته فى تجاوز المصاعب، والوصول إلى مرحلة الطمأنينة والاستقرار، وتحقق لى ما أردت، فمنذ اليوم الأول لزواجنا احتويته ومنحته الحب والحنان، ووفقه الله إلى وظيفة حكومية فى مدرسة صناعية ضمن الخمسة فى المائة للمعاقين، وساعدنا أبوه فى تدبير أمورنا، وظللتنا السعادة، ولا أبالغ إذا قلت لك إن العاهات التى أصيب زوجى بها لم تؤثر فى نفسى بالسلب أبدا، وكلما نظرت إليه ازددت حبا له، وكان السؤال الوحيد الذى يجول بخاطرى ولا أجد له إجابة هو: لماذا يتعنت الأهل فى الوقوف ضد رغبات بناتهم أو أبنائهم فى الزواج بمن يحبون، ماداموا لاينكرون على من ارتضونه شريكا فى الحياة، خلقا ولا دينا، ويجيئنى الجواب من رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه وإلا تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير»، وسيطر هذا السؤال علىّ فى أحيان كثيرة، وكنت أسأل نفسى لماذا ياربى أتذكر هذا الموقف، وقد مرت عليه سنوات طويلة؟ ويغلبنى البكاء، فأنصرف إلى حجرة داخلية أو إلى المطبخ كى لا يلمح زوجى ولا أبنائى دموعى التى لن أستطيع أن أبررها لهم.

ورزقنى الله بثلاثة أولاد «ولد وبنتين»، سهرت على راحتهم، وبذلت كل ما فى وسعى لإسعادهم، وقد رحل حماى وحماتى عن الحياة، ومن قبلهما أبى وأمى، ولا ينقطع سؤالى عن أخوتى، وسؤالهم عنى، وكذلك أخوة زوجى، ونتبادل الزيارات فى الأعياد والمناسبات الاجتماعية، وتخرج ابنى الأكبر فى كلية عملية، والتحق بشركة قطاع خاص، ويحمل نفس صفات أبيه من الأخلاق الحميدة، وخفة الظل، وذات يوم قلت له: «عايزة أفرح بك». فابتسم وأطرق فى الأرض وقال لى «ماشى ياماما»، وأحسست أنه تنفس الصعداء، إذ كان يريد أن يفاتحنى فى رغبته بأن يتزوج من فتاة أحلامه، لكنه لم يجد الفرصة لذلك، وقد وفرت عليه الكثير بمبادرتى، وأمسكت بيديه وأجلسته على الأريكة بحجرة المعيشة إلى جوارى، وطلبت منه أن يحكى لى كل ما يريده، وأننى سأبذل قصارى جهدى لتحقيق رغبته، فأشار علىّ بفتاة من معارفنا، تدرس بالسنة الرابعة فى إحدى الكليات، ولها شقيقان أصغر منها، ويعمل أبوها موظفا فى إحدى الجهات وكذلك أمها، وفاتحت زوجى فى أمر ابننا، فأثنى على أسرة الفتاة، وطلب منى أن أفاتح والدتها أولا. فإذا وجدنا قبولا منهم فسوف نبدأ إجراءات الخطبة والاتفاق على ترتيبات الزفاف، وشددت الرحال إلى بيتهم، والتقيت والدتها التى قابلتنى بترحاب شديد، وأبلغتها بسبب زيارتى لهم من غير مناسبة، بأن سعادتنا ستكتمل لو ارتبط ابنى بابنتها، فلم تبد أى إجابة، وتركت الباب مفتوحا لمراجعة ابنتها وزوجها، ومرت أيام، ولم يأتنا أى نبأ لا بالموافقة ولا بالرفض، ثم عرفت عن طريق ابنتى أن الفتاة موافقة على ارتباطها بابنى وسعيدة به، لكن أباها يرفض هذه الزيجة دون إبداء الأسباب، ولما طال الوقت سألنى ابنى عما حدث، وقال إنه يشعر بأن هناك شيئا ما أخفيه عنه، فنفيت تماما اننى أخفى عنه أمرا كهذا، ووعدته بأن أعاود تكرار الزيارة من باب تأخرهم فى الرد علينا، وعدت إلى بيتهم من جديد، وطرحت السؤال بشكل مباشر على والدة الفتاة فردت علىّ بالرد المعتاد فى حالة الرفض: «هو إحنا «مش حنلاقى أحسن منكم، بس أبوها شايف إن هى لسة طالبة، وأنه مابيفكرش يجوزها دلوقتى».. ففهمت الرسالة، وأدركت أن ما حدث معى عندما رفض أبى فتاى قد يتكرر مع إبنى، وأخفيت الأمر عنه ومازلت أماطل فى الرد عليه، ولا سبيل أمامه للقاء فتاته، أو الحديث معها، وكل ما يعرفه أنها موافقة عليه، وأن المسألة برمتها مسألة وقت، ثم يتحقق حلمه فى الزواج منها.

إننى أعيش كابوسا مخيفا، وأصحو من عز النوم على تهيؤات بأن ابنى حدث له مكروه أو أنه كرر ما فعله أبوه عندما أشعل النار فى نفسه، وكان ماكان من تداعيات صحية ونفسية. ولو أن ابى وافق عليه منذ البداية لما حدث ذلك، وقد أدركت الآن سر الهاجس الذى يطاردنى منذ سنوات وأخشى أن يصاب ابنى بمكروه، لو عرف الحقيقة، وأن زواجه من فتاته لن يتم لتعسف أبيها الذى لو حكم عقله لما وقف ضد سعادة ابنته، ولسألها إذا كانت ترغب فى الزواج به أم لا؟ فالفتاة هى التى تحدد مدى قبولها من تقدم طالبا يدها، ولا يتم إجبارها على أحد، لأن الزواج بالاكراه محكوم عليه بالفشل، ولا سبيل إلى نجاح أى زيجة إلا بالحب والراحة من كل طرف تجاه الآخر.

فماذا أفعل لاقناع أسرة فتاة ابنى بقبوله زوجا لها، وأظنهم يعلمون جيدا قصتى وكيف اننى نلت موافقة أهلى ولكن بعد أن تعرض زوجى لما حدث له، إننى أرجوهم عبر بابك الشهير أن يعيدوا النظر فى موقفهم، وأن يبحثوا عن سعادة ابنتهم، فهى فى النهاية التى سوف تشرب «كأس السعادة» أو تتجرع «كأس المرارة»، ولن تهنأ إلا مع من اختاره قلبها وعقلها، ثم هل من سبيل لكى يتفهم ابنى الموضوع، ولا يقدم على تصرف يؤذيه كما فعل ابوه من قبل حتى لو من باب الحب؟ أرجوك دلنى على الحل السليم لهذه المشكلة التى تقض مضجعى، وتحيل حياتى إلى جحيم، ولا أجد إلى تجاوزها سبيلا.

ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

يخطئ من يظن أن السعادة فى امتلاك الأموال والعقارات، إذ أن السعادة الحقيقية فى الرضا والطمأنينة وراحة البال، فمن ينظر إلى الماديات ويتعلق بها، ولا يلقى بالا للأخلاق، يدرك، إن آجلا أو عاجلا، أن نظرته خاطئة، ووقتها ربما يكون أوان تصحيح أفكاره قد ولي، وحدث ذلك مع كثيرين التمسوا السعادة فى المال والجاه فلم يصيبوها، بينما من سعوا إليها عبر القناعة والرضا بما قسمه الله حققوها، ونالوا إلى جانبها الماديات أيضا.

وليكن قدوتنا فى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذى عاش فقيرا، وكان كثيرا ما يشتد به الجوع، ولا يجد ما يسد به حاجته إلى الطعام، لكنه قضى حياته فى نعيم لا يعلمه إلا الله، وفى انشراح وارتياح، واغتباط وانبساط، وهدوء وسكينة، حيث يقول تعالي: «ووضعنا عنك وزرك الذى أنقض ظهرك»، «وكان فضل الله عليك عظيما».

ولقد أدركت ذلك بحسك الجميل الراقي، فلم تلتفتى إلى ظروف فتاك المادية التى أحسب أنها كانت السبب فى رفض أبيك الزواج منه فى البداية، وقبل أن يتعرض لواقعة الانتحار القاسية التى لا يقره عليها أحد، وأصررت على الزواج منه، وتحديت الجميع بأنه هو الوحيد الذى دخل قلبك ولا ترين فى الدنيا زوجا غيره، بمعنى أنك انسلخت من كل من حولك وحلقت معه فى عالم الود والحب والإخلاص، ووقتها أقر أبوك بالدرس الكبير الذى يجب أن نتعلمه فى حياتنا من قوله تعالي: «وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله».. هذا هو المنهج الربانى الذى يساعد على قيام حياة زوجية ناجحة، ولنا فى قصتك مع زوجك أسوة بالحالة المثالية التى ينبغى أن تبنى عليها الزيجات السعيدة، وليتعلم منها أهل فتاة ابنك، فينزلوا على رغبتها، أما عن ابنك فلتخبريه بحقيقة الأمر، وعليه أن يدافع عن اختياره وأن يذهب هو بنفسه إلى والد فتاته، ويصارحه بكل شيء، فالكلام المباشر يخرج من القلب إلى القلب، وليتسلح بالحكمة والبراهين القوية للتعبير عن مدى حبه لها، وهناك العديد من الأمثلة الواقعية فى كل زمان ومكان للتدليل على أن الحب يصنع المعجزات، وأن السعادة فى التآلف والتفاهم، وليست قوالب جامدة بحسابات المال.

أيضا لفتاة ابنك دور مهم فى التقريب بينه وبين أهلها، فتخبرهم بما تعرفه عنه من مزايا، ولتحاول أن تقيم حوارا جيدا وهادئا بينه وبين أهلها، فالفتاة التى تتزوج بمن أحبته ستظل مرتبطة به إلى الأبد مادامت متأكدة من حبها له، وحبه لها، بل وتضحى من أجله بكل شيء، ولا تطلب لنفسها مأربا شخصيا.. وأسوق إليكم هذه القصة الواقعية التى دارت أحداثها فى اليابان بين شاب وفتاة تربطهما قصة حب رائعة، وكان يجدان ملاذهما من عناء العمل فى الحدائق، ولا يفترقان عن بعضهما إلا عند النوم، وذات يوم ذهب الشاب إلى الاستديو الذى يعملان به لتحميض بعض الصور، وقبل أن يخرج منه رتب كل شيء ووضعه فى مكانه من أوراق ومواد كيماوية لأن حبيبته لم تكن معه، نظرا لارتباطها بموعد مع أمها، وفى اليوم التالى حضرت الفتاة إلى العمل، وأخذت فى تحميض الصور ولكن حبيبها أخطأ فى وضع الحمض الكيميائى فى مكان غير آمن، وحدث ما لم يكن فى الحسبان، إذ رفعت الفتاة رأسها لتأخذ بعض الأحماض، وفجأة وقع أحدها على عينيها وجبهتها، فصرخت، وهرع إليها كل من فى المحل ونقلوها إلى المستشفي، وأبلغوا حبيبها بذلك، فأدرك أنها فقدت بصرها.. وهنا مزق الصور التى تذكره بها وخرج من الاستديو، واندهش أصدقاؤه من معاملته القاسية لمن جمعته بها قصة حب رائعة، وحزنوا على ما فعله، وذهبوا إلى الفتاة فى المستشفى للاطمئنان عليها فوجدوها فى أحسن حال، ولم يحدث لعينيها أى أذي، وقد أجريت لجبهتها عملية تجميل وعادت مثلما كانت سليمة البصر، جميلة الوجه، وعقب خروجها من المستشفى ذهبت إلى الاستديو، وانسالت الدموع على خديها من موقف حبيبها غير المخلص الذى لم تتصور أبدا أن يصنع ما صنع، وأن يتركها فى هذه الحال الصعبة، ولم تجده فى الاستديو ولا فى منزله، وأخيرا ذهبت إلى المكان الذى طالما جمعهما معا فى الأوقات الجميلة، وهناك وجدته جالسا على كرسى وسط الأشجار والطبيعة الخلابة، فجاءته من خلفه، وهو لا يعلم، ونظرت إليه بحسرة وألم على تركه لها فى محنتها، وأرادت الفتاة أن تتحدث معه، فوقفت أمامه وهى تبكي، لكنه لم يهتم بها، ولم ينظر إليها.. أتدرون ماذا حدث؟.. إنه لم يرها لأنه أعمي، وعرفت ذلك عندما نهض من مكانه متكئا على عصا خشية السقوط على الأرض، وعرفت الفتاة الحقيقة بأن حبيبها ذهب إلى المستشفى وكتب تعهدا على نفسه بأنه يرغب فى نقل عينيه إليها، وفضل أن ترى هى الدنيا، لا أن يحياها هو بنور عينيه، وأنه ابتعد عنها بعد أن أصبح ضريرا ولن ينفعها بشيء، ولكى تكمل حياتها مع شاب آخر يستطيع إسعادها، ولما عرفت الفتاة صنيعه وقعت على الأرض من هول الصدمة، والتقى الاثنان على الحب الأبدى الذى لا يتصور أحد أن يصل بأى حبيبين إلى هذه الدرجة!

وعلى شاكلة هذه القصة الواقعية هناك الآلاف من قصص الحب التى تضرب أروع الأمثلة على أن التآلف بين الرجل والمرأة هو أقوى عامل يساعد على استقرار الزواج والحياة، وليكن منهج ابنك فى الحياة هو نفس منهجك الذى مازلت تنعمين بالسعادة فى ظله، برغم ما جرى لزوجك، وليعلم أهل الفتاة التى يرغب فى الزواج منها أنه لا شيء يعادل السكينة والطمأنينة، فليوافقوا على تزويجه ابنتهم لابنك ماداموا لا يعيبون عليه خلقا ولا دينا، وأرجو منه ألا يقلق أبدا، وأن يدرك أن الله سبحانه وتعالى سوف ييسر له أمره، فعليه أن يدعوه بأن يوجهه الوجهة الصحيحة التى فيها صلاح له فى دينه ودنياه، وأذكره بقول الشاعر:

ولرب نازلة يضيق بها الفتى

ذرعا وعند الله منها المخرج

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها

فرجت وكان يظنها لا تفرج

فلا تقلقى يا سيدتي، وصارحى ابنك بالأمر كله، وثقى بأنه سوف يتخذ القرار الصحيح، وأنه سيضع كل شيء موضعه السليم، فالعاطفة وحدها لا تصلح للحكم على الأمور من جانب واحد، وما دام الاثنان يحبان بعضهما فسوف تنقشع «سحابة الصيف» التى تمر بقصة زواجهما، والمهم المصارحة من كل الأطراف بالمواقف، والسعى إلى تضييق الفجوات، إن وجدت، ولو أدرك والدا هذه الفتاة أنها تحبه، وأن حياتها مع غيره لن تكون سعيدة، فسوف يتنازلان عن موقفهما منه، فلتبدأوا خطوات جديدة بزيارتهم، والحديث المستفيض الذى يضع النقاط على الحروف، وسوف ييسر الله له الأمر، وهو وحده المستعان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بريد الأهرام ( بريد الجمعة )
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 80 من اصل 88انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1 ... 41 ... 79, 80, 81 ... 84 ... 88  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» بريد الجمعة يكتبة : احمد البرى الطفل الكبير !
» سطو مسلح على مكتب بريد في المعادي
» سطو مسلح على مكتب بريد «قها» في القليوبية
» اجعل لك بريد مجاني على الـ hotmail - شرح بالصور
» كيفية حظر بريد الكتروني بسكربت whmcs

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشاعر عبد القوى الأعلامى :: المنتديات العامة :: المنتدى العام-
انتقل الى: