الشاعر عبد القوى الأعلامى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالأحداثموسوعة الأعلامى الحرةأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر
 

 بريد الأهرام ( بريد الجمعة )

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1 ... 38 ... 72, 73, 74 ... 80 ... 88  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
رحمة علي
عضو برونزى
عضو برونزى
رحمة علي

انثى
عدد الرسائل : 1245
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 Unknow10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 8010
نقاط : 7906
ترشيحات : 11
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 Awfeaa10

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 I_icon_minitime6/2/2015, 22:39


الوجه الآخر

أكتب إليكم بعد أن ضاقت بي السبل، وجربت كل الوسائل لحل مشكلتي فلم تنجح. وأرجو أن يلهمك الله الحل الذي تستطيع أن تساعدنا به، فأنا رجل في الخامسة والسبعين من عمري، ورفيقة عمري في سن السبعين، ورزقنا الله بولد وبنت ربيناهما علي القيم والأخلاق الحميدة، فأحبانا ووطدا صلتهما بذوي الأرحام، وتزوجت البنت، وهي في أسعد حال، وتخرج الإبن والتحق بإحدي الشركات في دولة خليجية ظل يعمل بها لمدة عشر سنوات، ولم يكن حتي ذلك الوقت قد تزوج، وكلما فاتحناه في الأمر، يؤجل التفكير في الارتباط، إلي أن وقعت الواقعة، وكان يزور صديقا له، وقابل شقيقة زوجته، وجاءنا فرحا مسرورا، قائلا: إنه وجد ضالته، ونسي ونسينا قول رسول الله صلي الله عليه وسلم «تحسسوا لنطفكم فإن العرق دساس»، وبطبيعة الحال، ولأنه «عريس لقطة». فلقد تحمل كل التكاليف بلا استثناء، وسافرا معا، وفقا للشرط الأساسي الذي اتفقا عليه.

وأشهد الله أنها كانت في السنوات الأولي لزواجهما نعم الزوجة التي تراعي الله في كل شيء. وكنا نستقبلهما في المطار عند عودتهما سنويا، وكانت حريصة علي تقبيل يدي حماتها ورأسها. وكنا نصلي دائما ركعتي شكر لله أن أنعم علي ابني بهذه الزوجة، ونقرأ المعوذتين، واسترحنا كثيرا لتصرفاتها معنا وعلاقتها الطيبة بنا.

وبعد ست سنوات من هذا الهناء أقنعت زوجها بالالتحاق بالدراسات العليا في كليتها، ونالت دورات تدريبية، وعن طريق معارف زوجها التحقت بعمل حكومي في الدولة التي يعمل فيها ابني.. وهنا ظهر وجهها الآخر، فعندما دخل الدولار من الباب، خرج الاحترام والاهتمام بالزوج وأسرته من الشباك، ولعب الدولار برأسها، فراحت تعكنن علي زوجها، وتتعالي علينا، وعندما زاد الرصيد، وامتلكت عقارا، وذهبا وألماسا، ورصيدا بنكيا، قررت عدم العودة معه، وافتعلت مشاجرة معه، وتركت أبناءها الثلاثة، ورفعت ثلاث قضايا في وقت واحد ضد زوجها وهي «خلع ونفقة وتبديد». أما الأبناء وأبوهم، وعشرة السنين فيلذهبوا إلي الجحيم.

لقد مر عامان ومازالت القضايا متداولة في المحاكم، ولم تفكر الأم طوال هذه المدة في أن تري أبناءها، أو حتي تتصل بهم في الأعياد، أو تزورهم في مدارسهم بعيدا عنا.. ونحن أنا وزوجتي اللذين نرعاهم برغم سننا المتقدمة بل وفى حاجة إلي من يرعانا.. هذه هي رسالتي إليك راجيا أن يتريث الشباب في اختيار شريك الحياة، فنحن في زمن تبيع الأم فيه أبناءها من أجل حفنة دولارات، وأنهي كلماتي ببعض ما جاء في مزامير نبي الله داود »إليك يارب أصرخ فاسمع صوت تضرعي إذا استعنت بك، ورفعت يدي إلي محراب قدسك، فلا تجذبني مع الأشرار، وفعلة الإثم المخاطبين أصحابهم بالسلام، والشر في قلوبهم، وأعطهم حسب فعلهم، وحسب شر أعمالهم.. فأنا أطلب السلامة وأسعي وراءها.. وقانا الله وإياكم شر المحن.



ولكاتب هذه الرسالة أقول:

في حدود ما ذكرته يا سيدي من وقائع وأسباب تتعلق بالتحول المفاجيء في شخصية زوجة ابنك، أقول: يجب دائما التدقيق في الخطوة الأولي التي تتعلق بالزواج، فكان من الواجب السؤال عن أهل الزوجة، ودراسة طبائع أهلها، والتعرف علي ملاحظات معارفها عنها،إلي غير ذلك من الأسئلة المعتادة التي يتم طرحها علي أكثر من طرف ممن لهم صلة بالعروس، والوصول إلي نتيجة محددة مفادها الاستمرار في الزيجة أو العزوف عنها، وهذا هو مغزي الحديث الشريف الذي أوصانا به رسول الله صلي الله عليه وسلم: «اختاروا لنطفكم فإن العرق دساس».. لكن من الواضح أن ثمة عوامل أخري تدخلت فيما آلت إليه أوضاع زوجة ابنك خصوصا بعد ستة سنوات من الحياة السعيدة معها، والتي لم تنكرا أنت وزوجتك عليها أدبها وأخلاقها وموقفها الرائع منكما.. وأرجو أن تعود إلي رشدها، وتدرك فداحة الخطأ الذي ترتكبه في حق أبنائها، فكنوز الدنيا لا تعوضها عنهم، وسوف تندم أشد الندم علي صنيعها، فمهما تكن درجة الخلاف بينها وبين زوجها، فلا يعقل أن تهدم أسرتها لأي سبب مادي، فالأموال لا تصنع السعادة، وإنما هي وسيلة لتحقيق متطلبات المعيشة، ويبقي الود والارتياح والإيثار هي العوامل الأكثر أهمية في اقامة حياة أسرية مستقرة فليتها تعيد حساباتها، وتحاول رأب الصدع الذي أصاب حياتها الزوجية، وليكن ابنك يا سيدي عند الظن به، ويتنازل عن بعض شروطه عليها إن كانت لديه شروط، فببعض التنازلات تسير سفينة الحياة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رحمة علي
عضو برونزى
عضو برونزى
رحمة علي

انثى
عدد الرسائل : 1245
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 Unknow10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 8010
نقاط : 7906
ترشيحات : 11
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 Awfeaa10

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 I_icon_minitime6/2/2015, 22:40


بريد الجمعة يكتبه : احمد البرى
الخيوط المتشابكة !

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 2015-635587695927409794-740

أعيانا البحث عن حل لمشكلتنا العائلية التى تكاد تفتك بنا، وتنذر بعواقب وخيمة إذا لم نتغلب عليها. ونجد وسيلة للخلاص منها، فلجأت إليك طلبا للمشورة، لما لك من خبرة واسعة بالقضايا الاجتماعية، فنحن أسرة تضم ستة أبناء ثلاثة أولاد، وثلاث بنات، وأبى وأمي، ونقطن فى إحدى محافظات الصعيد، وأنا الابن الأكبر للأسرة وعمرى ثلاثون عاما، وأعمل باحثا قانونيا، وتزوجت منذ ثلاث سنوات، ورزقنى الله بولد. وأعيش بفضل الله حياة سعيدة ومستقرة مع زوجتى طيبة الأصل، وهى قريبتي، وقد اخترتها من بنات العائلة. ولدينا صفات مشتركة عديدة، ولى أختان متزوجتان ولدى كل منهما ثلاثة أبناء. وتسكن احداهما فى بلدة مجاورة لنا، أما الأخرى فتعيش فى نفس بلدتنا، ويعمل زوجها بدولة خليجية.

ومن أهم ما يميزنا أننا ننعم برغد العيش والالتحام الأسرى فى بيت العائلة، وجميع احتياجاتنا متوفرة، وما أسعدنا بوحدة أسرتنا وهدوئها واستقرارها، بحكم أبى وأمى اللذين لم نعهد ثمة خلاف بينهما منذ أن وعينا على هذه الدنيا، ولم تطف على السطح أى خلافات فى الأسرة إلا منذ شهرين تقريبا، حيث وقعت أزمة هى التى أكتب إليك بها الآن، والتى تخص أخى الذى يلينى فى العمر، والبالغ خمسا وعشرين سنة، فلقد أنهى تعليمه المتوسط. وأدى الخدمة العسكرية، ويعمل فى أحد المشروعات الخاصة بالأسرة ، ويحقق منه دخلا جيدا، ومعه ما يكفل له حياة مستقرة، وقد أراد البحث عن زوجة تشاركه حياته، وتكون عونا له على النجاح والاستقرار، واضعا نصب عينيه أننا جميعا ناجحون فى حياتنا، ولم تعرف الخلافات الزوجية طريقا إلينا، وهذا هو مراده فى المقام الأول، فالمهم أن تكون عروسه مريحة ومتفاهمة معه، حتى تكون الأرضية التى يبنيان عليها حياتهما معا صلبة وقوية، ولم يكن الأمر هينا، إذ إنه لم يرتبط بأى علاقات عاطفية، وليست له أى خبرة بالبنات من قريب أو بعيد، وهذا هو ديدننا جميعا، وتسهم فيه طبيعة عائلتنا المحافظة، والمرتبطة بعادات وتقاليد نتمسك بها، ولا نحيد عنها.

وبينما هو فى حالة التفكير العميق والبحث الواسع عن فتاة تتسم بما يرغب من صفات فى زوجة المستقبل، رشحت له أختى التى يعمل زوجها فى الخليج ابنة أخيه، وهى أيضا قريبتنا، ومن العائلة نفسها، وسوف تنهى تعليمها هذا العام، ووالدها رجل أعمال. وهبه الله رزقا وفيرا، ولها خمس شقيقات، وليس لها أخوة من الذكور، وجلسنا نتشاور فى الأمر، وعرضناه على أبي، فأثنى على اختيار أختي، وباركه، وشرع على الفور فى اتخاذ خطوة إيجابية، ففاتح أباها فى خطبتها لأخي، فوافق على اتمام الخطبة بشرط عدم رؤيتها أو التحدث معها، وقبل أبى شرطه العجيب، وتمت الخطبة منذ أربعة أشهر، وخلال هذه المدة لم يتحدث أخى معها سوى أربع مكالمات هاتفية من شقة أختى التى تسكن هى أيضا فى بيت عائلة زوجها، وعرفت من أخى أنه خلال هذه المكالمات لم يشعر أى منهما بميل عاطفى تجاه الآخر، وأن كليهما امتثل لرغبة الأهل، واتفاق العائلة دون أن يكون لهما رأى فى الزيجة، فهما لم يجلسا معا أبدا، ولا يعرفها، وليست هناك أية فرصة للقائها بسبب فرمان أبيها الذى قبله أبي!

والحقيقة أن البنت نفسها لم تستطع الاعتراض على موقف أبيها الذى لم يعطها فرصة لكى تجلس ولو جلسة تعارف مع أخي، وهى نفسها منزعجة من أن يخطبها أخى دون أن يراها، واتهمته بأنه سوف يتزوجها من أجل أموال والدها، وليس حبا فيها، وأخطأت فى حقه بكلمات قاسية حملتها المكالمات القليلة التى تشهد عليها أختى صاحبة الفكرة من الأساس!

وما زاد الوضع تعقيدا هو أننا فوجئنا بسيل من الأخبار عن حياتها وسلوكياتها، وكلها تؤكد أنها سيئة السمعة، وتتصف بسلوك منحرف، وكانت على علاقة بالعديد من الشباب، وعرفنا عددا منهم بالأسماء، وقد التقى أحدهم مع أبي، وأخبره بكل شيء عن علاقته بها، وأنه يحبها، وأقام معها علاقة عاطفية، ويرغب فى الزواج منها، وتقدم إلى أسرتها لخطبتها، لكن والدها رفض مجرد الحديث فى هذا الموضوع، بحجة أنه مازال فى الدراسة، ومع توالى الأخبار المماثلة والتى انتشرت فى العائلة كالنار فى الهشيم، سادت منزلنا سحابة من الضيق والهم، وسيطرت علينا حالة من الكآبة وتدهورت حالة أخى النفسية تماما..

واجتمعت الأسرة لبحث الأمر، وانتهينا إلى أن فسخ الخطبة هو الحل الوحيد، واردنا الانفصال، والرجوع عن اتمام الزيجة، فإذا بأبى يصرخ فى وجوهنا. ويقول بأعلى صوته بأنه إذا لم يتم هذا الزواج فسوف يطلق أمي، وسوف يدفع زوج أختى لكى يطلقها، وسيطردنى من البيت، فسمعنا كلامه ونحن فى ذهول.. فهو يردد كلاما انفعاليا غريبا يؤكد أن كل همه هو اتمام زيجة محكوم عليها بالفشل من أجل الوضع المادى الميسور لخطيبة أخي، مع أنه لم يكن صاحب ترشيحها له، وإنما مبعث فكرة هذا الارتباط من أختى التى تراجعت عن تأييدها هذه الزيجة، بعد كل ما عرفته عن سلوك الفتاة.

ولك أن تتخيل حالنا يا سيدى فنحن نناقش هذا الموضوع كل يوم فى جلسة خاصة بحثا عن حل.. انها أصعب أيام نمر بها، وكلما رآنا أبى مجتمعين يزيد غضبه، ولا يتحمل النقاش الدائر بيننا، وهو مريض بالسكر والضغط، وكلما احتدم الخلاف معه، تسوء حالته الصحية، وفى الأيام الأخيرة زاد عليه المرض، وقد قررنا الاستعانة بعمى لفض الخلاف مع أبي، فإذا به يأخذ صفه، ويقول أن له وجهة نظر أخري، وهى أن اتمام زواج أخى من خطيبته، سوف يساعد على استقرار زيجة أختي! وكلها حجج واهية، وتتضاءل أمام زيجة فاشلة فحتى أختى تؤيدنا فى موقفنا بعد ما عرفته عن خطيبة أخى التى لا ترغب فى الارتباط به. لكن أبى وعمى ماضيان فى اتخاذ خطوة جديدة، ويسعيان الآن بكل جهدهما لتحديد موعد «عقد القران» خلال الأيام القليلة المقبلة، وآخر ما توصلا إليه حسما لهذه المشكلة هو أن على أخى أن يتزوجها، وإذا وجد منها ما لا يعجبه، يستطيع أن يطلقها، أما أن يفسخ الخطبة الآن فإنهما لن يقبلا بذلك أبدا، لما سوف يتسبب فيه من مشكلات أسرية عديدة!!

إن هذه الزيجة ماضية فى طريقها الذى رسمه أبى وعمى تحت التهديد والإكراه، ويعيش أخى حالة غريبة، وكأنه يساق إلى مصير مكتوب عليه، ولا يملك إزاءه أى حيلة، فهو يريد أن يرضى أبي، وقال لنا إنه سوف يتم ارتباطه بخطيبته التى لم يرها أو يجلس معها ارضاء لأبي، ولكى لا تتفكك الأسرة. وهكذا وصلنا مع أبى إلى حالة ذهول من تصرفه الغريب، واحتد عليه كل منا فى الكلام رغما عنا، ثم جمعنا أنفسنا، واعتذرنا له عن كل ما بدر منا، لكننا عجزنا عن اقناعه بالعدول عن هذه الزيجة.

لقد فقدنا التركيز، وحاصرتنا المتاعب، ونحن نرى الدموع فى عينى أخي، ونشعر بالصراخ المكتوم فى داخله، وقد لجأت إليك، راجيا منك أن ترشدنا إلى طريق الصواب فى حل هذه المشكلة بما يخفف معاناة أخي، ويقنع أبى بالعدول عن موقفه فبماذا تشير علينا؟

ولكاتب هذه الرسالة أقول:

تشابكت‭ ‬خيوط‭ ‬مشكلة‭ ‬شقيقك،‭ ‬فوصلت‭ ‬إلي‭ ‬مرحلة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلي‭ ‬التصرف‭ ‬بعقلانية‭ ‬شديدة‭ ‬حتي‭ ‬لا‭ ‬تصل‭ ‬إلي‭ ‬طريق‭ ‬مسدود،‭ ‬ويتطلب‭ ‬الأمر‭ ‬عقد‭ ‬جلسة‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬والدك‭ ‬ووالد‭ ‬خطيبة‭ ‬شقيقك‭ ‬قبل‭ ‬اتخاذ‭ ‬خطوات‭ ‬عملية‭ ‬نحو‭ ‬اتمام‭ ‬زواجهما،‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬اتاحة‭ ‬الفرصة‭ ‬لهما‭ ‬للحوار‭ ‬المباشر،‭ ‬وتبادل‭ ‬الحديث،‭ ‬لكي‭ ‬يتبين‭ ‬لكل‭ ‬منهما‭ ‬علي‭ ‬أي‭ ‬مسافة‭ ‬يقف‭ ‬من‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر،‭ ‬مما‭ ‬يساعد‭ ‬علي‭ ‬تضييق‭ ‬الفجوات،‭ ‬ويكشف‭ ‬نظرة‭ ‬كليهما‭ ‬إلي‭ ‬هذه‭ ‬الزيجة‭ ‬الشبيهة بالجحيم‭!‬

انني‭ ‬لم‭ ‬أفهم‭ ‬مغزي‭ ‬الشرط‭ ‬العجيب‭ ‬الذي‭ ‬قبله‭ ‬والدك‭ ‬بألا‭ ‬يري‭ ‬شقيقك‭ ‬خطيبته‭ ‬ولا‭ ‬يتحدث‭ ‬إليها‭ ‬مطلقا،‭ ‬فلا‭ ‬يعقل‭ ‬أن‭ ‬يتزوج‭ ‬شخص‭ ‬من‭ ‬فتاة‭ ‬لا‭ ‬يعرفها،‭ ‬ثم‭ ‬إن‭ ‬قولها‭ ‬له‭ ‬عبر‭ ‬التليفون‭ ‬بأنه‭ ‬خطبها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مال‭ ‬أبيها،‭ ‬وليس‭ ‬حبا‭ ‬فيها‭ ‬يحمل‭ ‬الرد‭ ‬الكافي‭ ‬علي‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬هذه‭ ‬الزيجة،‭ ‬ولا‭ ‬ترغب‭ ‬في‭ ‬الارتباط‭ ‬به،‭ ‬أضف‭ ‬إلي‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬تواتر‭ ‬من‭ ‬أخبار‭ ‬عن‭ ‬سوء‭ ‬سلوكها،‭ ‬وعلاقاتها‭ ‬المتعددة،‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬شابا‭ ‬علي‭ ‬علاقة‭ ‬بها‭ ‬أبلغكم‭ ‬أنه‭ ‬يحبها،‭ ‬ولكن‭ ‬أهلها‭ ‬رفضوه‭ ‬لأنه‭ ‬طالب،‭ ‬وأظن‭ ‬أنه‭ ‬قال‭ ‬لكم‭ ‬ذلك‭ ‬بإيعاز‭ ‬منها‭ ‬لكي‭ ‬تفسخ‭ ‬الخطبة،‭ ‬وترتبط‭ ‬بمن‭ ‬تحبه،‭ ‬ودافعها‭ ‬إلي‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬خوفها‭ ‬من‭ ‬أبيها،‭ ‬وجذوركم‭ ‬الصعيدية‭ ‬التي‭ ‬تري‭ ‬عيبا‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تختار‭ ‬المرأة‭ ‬من‭ ‬يتزوجها،‭ ‬ويصر أهلها ‬علي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الأمر‭ ‬بأيديهم،‭ ‬إن‭ ‬شاءوا‭ ‬وافقوا‭ ‬أو‭ ‬رفضوا‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يلقوا‭ ‬بالا‭ ‬لرأيها،‭ ‬فمازالت‭ ‬هناك‭ ‬للأسف‭ ‬الشديد‭ ‬عادات‭ ‬وتقاليد‭ ‬سيئة‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬البيئات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬ترغم‭ ‬المرأة‭ ‬علي‭ ‬الزواج‭ ‬بمن‭ ‬لا‭ ‬تريده،‭ ‬مرة‭ ‬بدعوى‭ ‬الحسب‭ ‬والنسب،‭ ‬ومرة‭ ‬طمعا‭ ‬في‭ ‬ثراء‭ ‬العريس،‭ ‬وأحيانا‭ ‬يكون‭ ‬العكس،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬ترجي‭ ‬معه‭ ‬زيجة‭ ‬ناجحة‭.‬

واني‭ ‬أسألك‭: ‬ألا‭ ‬يعرف‭ ‬أبوك‭ ‬ما‭ ‬استقر‭ ‬في‭ ‬ثوابت‭ ‬الدين‭ ‬الاسلامي‭ ‬بضرورة‭ ‬أن‭ ‬يتبادل‭ ‬الرجل‭ ‬والمرأة‭ ‬النظر‭ ‬إلي‭ ‬بعضهما‭ ‬قبل‭ ‬عقد‭ ‬الزواج،‭ ‬وفي‭ ‬ذلك‭ ‬روي‭ ‬أن‭ ‬المغيرة‭ ‬بن‭ ‬شعبة‭ ‬خطب‭ ‬امرأة‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يراها،‭ ‬فقال‭ ‬له‭ ‬النبي‭ ‬صلي‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم ‭ ‬‮«أنظر‭ ‬إليها‭ ‬فإنه‭ ‬أحري‭ ‬أن‭ ‬يؤدم‭ ‬بينكما‮». ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬مجرد‭ ‬النظر‭ ‬له‭ ‬فائدة‭ ‬عظيمة‭ ‬وأثر‭ ‬بالغ‭ ‬في‭ ‬استقرار‭ ‬الحياة‭ ‬الزوجية‭ ‬وسعادة‭ ‬الزوجين،‭ ‬فإن‭ ‬تبادل‭ ‬الحديث‭ ‬بينهما‭ ‬ولو‭ ‬في‭ ‬أمور‭ ‬عامة‭ ‬يساعد‭ ‬علي‭ ‬تقوية‭ ‬علاقتهما،‭ ‬ويزيدهما‭ ‬قربا‭ ‬وثقة‭ ‬في‭ ‬بعضهما،‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬الزواج‭ ‬يصلح‭ ‬فيه‭ ‬بالطريقة‭ ‬التي‭ ‬يتبعها‭ ‬والد‭ ‬خطيبة‭ ‬أخيك،‭ ‬ولا‭ ‬أدري‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬دفعه‭ ‬إلي‭ ‬فرض‭ ‬هذا‭ ‬الشرط‭ ‬الذي‭ ‬يأباه‭ ‬العقل‭ ‬والمنطق؟‭.. ‬هل‭ ‬هي‭ ‬سياسة‭ ‬يتبعها‭ ‬في‭ ‬تزويج‭ ‬بناته،‭ ‬ونفذها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وبالتالي‭ ‬يتخذ‭ ‬منها‭ ‬منهجا‭ ‬له،‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬ترامي‭ ‬إليه‭ ‬عن‭ ‬علاقاتها‭ ‬السابقة‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يدفعه‭ ‬إلي‭ ‬اخفائها‭ ‬عنه‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬تردد‭ ‬الأقاويل‭ ‬بشأنها،‭ ‬ولكي‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬ابنته‭ ‬لا‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬الشباب،‭ ‬وأنها‭ ‬لن‭ ‬تقيم‭ ‬علاقة‭ ‬مع‭ ‬أحد‭ ‬ولو‭ ‬خطيبها،‭ ‬من منطلق أنه‭ ‬لا‭ ‬يعترف‭ ‬بالخطبة،‭ ‬وإنما‭ ‬بعقد‭ ‬القران‭ ‬والزفاف؟

أما‭ ‬عن‭ ‬أبيك،‭ ‬فلقد‭ ‬وافق‭ ‬علي‭ ‬شرطه‭ ‬ولم‭ ‬يجادله‭ ‬فيه،‭ ‬واعتبر‭ ‬كلمته‭ ‬له‭ ‬بمثابة‭ ‬سيف‭ ‬قاطع،‭ ‬ومن‭ ‬العيب‭ ‬أن‭ ‬يتراجع‭ ‬عن‭ ‬موقفه،‭ ‬ولو‭ ‬تم‭ ‬فسخ‭ ‬الخطبة‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬معروف‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬عائلات‭ ‬الصعيد،‭ ‬فسيكون‭ ‬ذلك‭ ‬بداية‭ ‬انهيار‭ ‬العلاقة‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬بين‭ ‬الأسرتين،‭ ‬وهو‭ ‬بالطبع‭ ‬؛كلام‭ ‬غير‭ ‬صائب‭ ‬بالمرة،‭ ‬ثم‭ ‬ما‭ ‬ذنب‭ ‬والدتك‭ ‬لكي‭ ‬يهددها‭ ‬بالطلاق؟‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬علاقتها‭ ‬بهذه‭ ‬الفتاة؟‭!‬

ولقد‭ ‬استقر‭ ‬في‭ ‬وجدان‭ ‬فتاة‭ ‬أخيك‭ ‬أنه‭ ‬يريدها‭ ‬لمال‭ ‬أبيها،‭ ‬وأحسب‭ ‬أن‭ ‬والدك‭ ‬سارع‭ ‬في‭ ‬خطبتها‭ ‬له‭ ‬بهذا‭ ‬الدافع‭. ‬وكأنه‭ ‬كان‭ ‬ينتظر‭ ‬اللحظة‭ ‬التى‭ ‬تطلبون‭ ‬منه‭ ‬فيها‭ ‬أن‭ ‬يتقدم‭ ‬إلى‭ ‬أبيها‭ ‬طالبا‭ ‬يدها‭ ‬لإبنه،‭ ‬وسوف‭ ‬يتذرع‭ ‬بحجج‭ ‬كثيرة‭ ‬لكى‭ ‬يتم‭ ‬الزواج،‭ ‬وقد‭ ‬استعان‭ ‬بعمك‭ ‬الذى‭ ‬وقف‭ ‬فى‭ ‬صفه،‭ ‬واختلقا‭ ‬معا‭ ‬حكاية‭ ‬أن‭ ‬أختك‭ ‬سوف‭ ‬تتأثر‭ ‬بفسخ‭ ‬الخطبة،‭ ‬وربما‭ ‬تتعرض‭ ‬للطلاق!‭.‬

وبصراحة‭ ‬فإن‭ ‬الأمور‭ ‬لا‭ ‬تؤخذ‭ ‬علي‭ ‬هذا‭ ‬النحو،‭ ‬وما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يعرفه‭ ‬الجميع،‭ ‬ويدركوا‭ ‬أبعاده‭ ‬جيدا‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الطلاق‭ ‬النفسي‭ ‬بين‭ ‬شقيقك‭ ‬وخطيبته‭ ‬سوف‭ ‬يقع‭ ‬من‭ ‬اللحظة‭ ‬الأولي‭ ‬للزواج‭. ‬إذ‭ ‬ستسيطر‭ ‬الرتابة‭ ‬والبرود‭ ‬علي‭ ‬علاقتهما‭ ‬الزوجية،‭ ‬وستنضب‭ ‬الشفاه‭ ‬من كلمات‭ ‬الرقة‭ ‬والحنان،‭ ‬حتي‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬نزاع‭ ‬أو‭ ‬مشاجرة‭ ‬واضحة‭ ‬بينهما،‭ ‬بمعني‭ ‬أن‭ ‬حياتهما‭ ‬سوف‭ ‬تفتقر‭ ‬إلي‭ ‬حرارة‭ ‬الحب،‭ ‬ودفء‭ ‬العاطفة،‭ ‬وستصبح‭ ‬فارغة‭ ‬من‭ ‬الألفة‭ ‬والمودة‭ ‬والرحمة،‭ ‬وسوف‭ ‬يمسيان‭ ‬كفريقين‭ ‬أرغمهما‭ ‬القدر‭ ‬علي‭ ‬الحياة‭ ‬معا‭ ‬في‭ ‬منزل‭ ‬واحد‭ ‬تشكو‭ ‬جدرانه‭ ‬من‭ ‬صمت‭ ‬ينم‭ ‬عن‭ ‬هجر‭ ‬وفراغ‭ ‬قد‭ ‬حل‭ ‬به،‭ ‬نعم‭ ‬سيكون‭ ‬ارتباطهما‭ ‬آليا،‭ ‬وخاليا‭ ‬من‭ ‬روح‭ ‬العاطفة‭ ‬والمودة،‭ ‬وسيتربص‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬بالآخر،‭ ‬ويلتقط‭ ‬زلاته‭ ‬وهفواته‭ ‬ليحاسبه‭ ‬عليها،‭ ‬وهكذا‭ ‬نجد‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الغريب‭ ‬السعي‭ ‬إلى ‬إتمام‭ ‬زيجة‭ ‬تحت‭ ‬ضغط‭ ‬الأسرتين، فالنتيجة ‬المؤكدة‭ ‬هي‭ ‬الفشل‭ ‬الذريع،‭ ‬فالشكل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لا‭ ‬يصلح‭ ‬وحده‭ ‬لإقامة‭ ‬حياة‭ ‬زوجية‭ ‬ناجحة،‭ ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬يكلله‭ ‬الحب‭ ‬والارتياح‭ ‬والتفاهم‭ ‬والتقارب‭ ‬النفسي‭ ‬والعاطفي‭.‬

ولا‭ ‬أري‭ ‬بديلا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬يتراجع‭ ‬والدك‭ ‬ووالدها‭ ‬عن‭ ‬حالة‭ ‬التزمت‭ ‬غير‭ ‬المبرر،‭ ‬ولتلعب‭ ‬هي‭ ‬دورا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد، فتقنع ‬أباها‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬أمها‭ ‬بضرورة‭ ‬أن‭ ‬يلتقيا‭ ‬معا‭ ‬وجها‭ ‬لوجه،‭ ‬وأن‭ ‬تتاح‭ ‬لها‭ ‬فرصة‭ ‬الحديث‭ ‬مع‭ ‬خطيبها،‭ ‬وليدرك‭ ‬والدك‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬يخسر‭ ‬ابنه‭ ‬بسبب‭ ‬هذه‭ ‬الزيجة‭ ‬التي‭ ‬اندفع‭ ‬إليها‭ ‬بترشيح‭ ‬أختك‭ ‬التي‭ ‬أقحمت‭ ‬نفسها‭ ‬فيها‭ ‬بمساعدة‭ ‬زوجها،‭ ‬فلم‭ ‬تتخذ‭ ‬المسار‭ ‬الطبيعي‭ ‬لكل‭ ‬الزيجات‭ ‬من‭ ‬التعارف‭ ‬والتفاهم‭ ‬أولا،‭ ‬ثم‭ ‬الخطبة‭ ‬لفترة‭ ‬مناسبة،‭ ‬يتمكن‭ ‬خلالها‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬من‭ ‬التعرف‭ ‬علي‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر،‭ ‬ويحدد‭ ‬موقفه‭ ‬منه،‭ ‬وليس‭ ‬بمستغرب‭ ‬أن‭ ‬يترك‭ ‬الأهل‭ ‬الصراعات‭ ‬لتتفاقم، وتؤدى ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلى مشاعر‭ ‬سلبية‭ ‬تماما،‭ ‬مثلما‭ ‬يحدث‭ ‬عندما‭ ‬يتم‭ ‬ترك‭ ‬الخيوط‭ ‬في‭ ‬مهب‭ ‬الريح‭ ‬فتتشابك‬ و‬تتعقد،‭ ‬ولا‭ ‬توجد‭ ‬هناك‭ ‬حيلة‭ ‬لتفكيكها‭ ‬سوي‭ ‬تقطيعها‭!‬

أرجو‭ ‬أن‭ ‬يعي‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬أسرتيكما‭ ‬هذه‭ ‬الحقائق،‭ ‬فالانفصال‭ ‬الآن‭ ‬سهل،‭ ‬وليغني‭ ‬الله‭ ‬كلا‭ ‬من‭ ‬سعته‭.. ‬أما‭ ‬الطلاق‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬فسوف‭ ‬يجر‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬تحمد‭ ‬عقباه،‭ ‬ولذلك‭ ‬أخاطب‭ ‬في‭ ‬أبيك‭ ‬ووالد‭ ‬خطيبة‭ ‬شقيقك‭ ‬أن‭ ‬يتركا‭ ‬تحديد‭ ‬مصير‭ ‬هذه‭ ‬الزيجة‭ ‬لصاحبى‭ ‬الشأن ‭‬‮«‬شقيقك‭ ‬وخطيبته‮» ‬‭‬لكي‭ ‬يدرس‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬الأمر‭ ‬جيدا‭ ‬ويتخذا‭ ‬ما‭ ‬هما‭ ‬مقتنعان‭ ‬به،‭ ‬وبهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬ستبقي‭ ‬جسور‭ ‬المودة‭ ‬متصلة،‭ ‬فإما‭ ‬الزواج‭ ‬عن‭ ‬اقتناع‭ ‬وارتياح،‭ ‬وإما‭ ‬فسخ‭ ‬الخطبة‭ ‬مع‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بعلاقات‭ ‬طيبة،‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الحل‭ ‬الذي‭ ‬يكفل‭ ‬للجميع‭ ‬الهدوء‭ ‬وراحة‭ ‬البال،‭ ‬ويحافظ‭ ‬علي‭ ‬تماسك‭ ‬الأسرتين‭ ‬معا‭.. ‬وفقكم‭ ‬الله‭ ‬وسدد‭ ‬خطاكم‭ ‬علي‭ ‬الطريق‭ ‬الصحيح،‭ ‬وهو‭ ‬وحده‭ ‬المستعان‭.‬
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nasertoba
مرشح
nasertoba

ذكر
عدد الرسائل : 6343
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 Collec10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 110
نقاط : 17201
ترشيحات : 29
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 222210

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 I_icon_minitime14/2/2015, 00:42


بريد الجمعة يكتبه : أحـمــد البــــرى
المظهر الخادع !

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 2015-635593750173901308-390

أجد فى حكايات أبطال بريدك الشهير ما يسرى عنى أحزانى، فأستلهم من دروسهم فى الحياة ما يعيننى على ما أواجهه من متاعب تمتد إلى أكثر من واحد وعشرين عاما. ووجدتنى أكتب إليك حكايتى بعد أن أوشك صبرى على النفاد، وفاض بى الكيل مما أعانيه من هموم وآلام، فأنا سيدة أقترب من سن الأربعين. نشأت فى أسرة بسيطة بمدينة ساحلية. لأب طيب القلب يعمل صيادا، وأم ربة منزل، ولى أختان تكبرانى ببضع سنوات،

الأولى متزوجة من عامل بأحد المصانع، والثانية مرتبطة بصياد مثل أبى، وكان من عادات قريتنا تزويج البنات فى سن صغيرة، وجاء الدور علىّ وأنا فى المرحلة الثانوية، ولم يفكر أحد فى مستقبلى، أو يتوقف عند رغبتى فى استكمال تعليمى، فلقد حل موعد الزواج، وساعد على سرعة تزويجى أننى جميلة، وخفيفة الظل، وذكية كما يصفنى الآخرون، ورأى أبواى أننى يجب أن أتزوج، ولا مناص من الارتباط كعادة قريتنا، وتمت خطبتى لشقيق زوج أختى، ولم أجد فيه ما يجعلنى أرفضه. فهو طيب القلب. ويتمتع بأخلاق حميدة، وقريب لنا، ويكن لى حبا كبيرا، وظللنا مخطوبين لمدة عام، وخلال مناقشاتنا طلب منى أن أترك الدراسة، وأجلس فى المنزل إلى أن يتمكن من إتمام عش الزوجية ونتزوج، فرفضت، وقلت لأبى: إننى أرغب فى استكمال الدراسة، فأيدنى فى موقفى، وفسخنا الخطبة، واندلعت مشكلات لا حصر لها فى العائلة، وعشنا فترة عصيبة، وكادت أختى تنفصل عن أخيه، لولا تدخل الأهل والأقارب لإصلاح ما فسد من علاقتهما من أجل أولادهما.

وانصرفت إلى نفسى ودراستى، وأنا أحلم بالالتحاق بالجامعة، وأن أصبح إنسانة مرموقة لى وضعى الاجتماعى بين الناس، وأعيش فى مستوى راق، وليس هذا المستوى الذى أحيا فيه، وسيطر على تفكيرى أن التعليم هو باب السعادة والأمل، فركزت فى دراستى واعتمدت على نفسى فى تحصيل المواد الدراسية، ولم ألتحق بأى درس خصوصى، وكم كانت نظرة أهلى إلىّ تسعدنى عندما أجدهم فخورين بى، ويشيدون بذكائى أمام الآخرين، ولا أنسى أبدا فرحة أمى عندما ترانى وأنا قادمة من المدرسة، ودعوتها الدائمة لى بأن يرزقنى الله الزوج الذى أستحقه، وثناءها علىّ، ووصفها لى بأننى ابنتها النابهة العاقلة.

والله ياسيدى لا أبالغ فى وصف نفسى، ولست مغرورة، ولكنى فقط أشرح لك كيف كانت حالتى، وإلى أين انتهى بى المطاف، فلقد حلت بى الطامة الكبرى عندما تقدم لى عريس يرتدى قناع الأخلاق والطيبة عن طريق قريب لى بعد شهور من فسخ خطبتى، ورد عليه أبى، بأننى سوف أستكمل تعليمى، فقال له: وأنا لا أمانع فى تعليمها وهى معى، فوافق أبى بناء على ذلك، وأحسست براحة كبيرة، واعتبرت موقفه من الدراسة أمرا نهائيا، وفرحت بأن أملى فى التعليم لن يضيع بعد زواجى، ومازالت كلماته لأبى ترن فى أذنى إلى الآن، فكلامه طيب، وأسلوبه فى الحديث يشد من يتكلم معه، وليس هذا وحده. وإنما أيضا مظهره وشكله يصنعان له هيبة، فهو طويل وعريض ووسيم، ويأسر من ينظر إليه فيصدقه دون أن يعلم حقيقة ما يخفيه وراء هذه الهيبة، ووجدتنى معجبة به، بل إن الكثيرين حسدونى عليه!.

وخلال أسابيع تزوجت، ولم أكن قد بلغت سن الثامنة عشرة بعد، وكانت المفاجأة المدوية فى انتظارى، إذ كشف زوجى عن وجهه الطبيعى، فأذاقنى كل ألوان القهر والعذاب، ولم أعش يوما واحدا مثل كل الزوجات اللاتى أعرفهن، ولم تعرف الفرحة طريقها إلى قلبى منذ زواجى منه، وكانت أول صدمة لى هى أنه سحب أوراقى من المدرسة التى سجلت فيها اسمى للدراسة من المنزل، وقال لى بكل تحد «مفيش تعليم» فجمعت متعلقاتى الشخصية، وهرولت إلى بيت أبى، وصممت على الطلاق، وكنت وقتها حاملا فى طفلى الأول، لكن أبى رأى أن أعود إلى زوجى، فانزعجت لموقفه وذكرته هو ووالدتى بأننى فسخت خطبتى من العريس الأول بسبب موقفه من استكمال تعليمى، برغم أنه كان واضحا، ولم يخدعنى كما فعل زوجى الذى كذب علينا جميعا، ولم يكن عند وعده، وظل يرسم لنا صورة مغايرة تماما لحقيقته إلى أن نال غرضه وتزوجنى، وأكدت لهما وأنا فى حالة «هيستريا» أننى لن أستطيع الاستمرار معه على هذا الوضع. وهنا رددا على مسامعى أن الطلاق الآن ليس فى مصلحتى، خاصة وأننى حامل. وأن كلام الناس كثير، وعلينا أن نتحاشاه، وأوصانى أبى بأن أحتوى زوجى عسى أن تنصلح حاله، وعدت إلى بيته من جديد. وأنا منكسرة ومنهارة.. عدت إليه وأنا على يقين من أننى منذ تلك اللحظة لم تعد لى كلمة ولا وجود، وأن معاملته لى سوف تزداد سوءا، وهذا هو ما حدث بالفعل، حيث افتعل الخلافات والمشاجرات لأتفه الأسباب. ووصلت به الغطرسة إلى حد أنه قذف بى إلى خارج المنزل، وألقى علىّ يمين الطلاق. وعدت إلى بيت أسرتى من جديد وكلى إصرار هذه المرة على الانفصال. ولم يكن قد مر على زواجنا سوى أشهر معدودة. وقلت لأبى وأمى: إذا كان كل هذا قد حدث لى وأنا لم أكمل معه عاما واحدا، فكيف ستكون حالنا بعد ذلك؟

وتكررت عودتى إليه بذريعة الحفاظ على الأسرة، ثم تكشفت لى حقيقة جديدة، وهى أنه عاطل. وليس تاجرا. كما ادّعى لأبى عندما تقدم لى طالبا يدى، وأن شقيقه الوحيد هو الذى يصرف علينا!! إذ يعطيه ثلاثين جنيها فى الأسبوع لكى يدبر أمره، فذهبت إلى أهلى ورويت لهم ما تأكدت منه، فهدأونى وقالوا لى: «عودى إلى بيتك، وسوف نساعدك بقدر ما نستطيع»، فكتمت أحزانى فى نفسى، وصبرت على ما ابتليت به من زوج لا يعرف أى مسئولية، هو منظر أمام الناس، أما حقيقته فلا يعلمها أحد سواى!

وتوالت السنوات، وأنا أذهب إلى أهلى تارة وأعود إلى بيت زوجى تارة أخرى، ولا أعرف له عملا، ولا مصدرا للدخل، وصارت حياتنا مجرد أيام نقضيها بأى شكل، وكم مرت علينا ليالى عديدة بلا طعام، وآخذ من أبى ما يساعدنى على تدبير معيشتنا، وأنجبت فى هذا الوضع أربعة أبناء، وتحملت المعيشة الضنك، ومعاملة والدّى زوجى القاسية أيضا، فطباع حماى هى نفس طباع زوجى، وحماتى تكرهنى بلا سبب، ولكى تعاملنى معاملة كريمة، يتعين علىّ أن أؤدى لها جميع طلباتها كأنى خادمة، وإلا فلا أجد غير الأسلوب الجاف والكلام الجارح. وعندما أطالب زوجى بالبحث عن عمل لكى يحمى ماء وجوهنا من هذا الذل، يرد علىّ «اشتغلى أنت» ولا أدرى ما هو العمل الذى يناسبنى، وأنا لم أكمل تعليمى، وعندما أذكره بحرمانى من التعليم يقول: «هذه هى معيشتى وإن لم تعجبك أمامك الباب يفوّت جمل» بمعنى أنه يطردنى، وهو يعلم أننى ليست لى حيلة، خاصة بعد أن مات أبى، ولا يوجد لى سند فى الحياة ألجأ إليه، كلما اشتدت حاجتى إلى نقود. ولا أستطيع أن أصف لك مدى الضيق الذى يطبق علىّ عندما يمرض أحد أبنائى، ولا عند دخول المدارس ومتطلباتها الكثيرة، وفى النهاية لا أجد غير أمى التى تقتطع جزءا من معاشها البسيط لكى تساعدنى به.. يحدث ذلك أمام زوجى وعائلته لكنهم لا يلقون بالا لما نعانيه، وللأسف الشديد فإن صورتهم أمام الناس عكس الواقع تماما، وجميع جيرانهم مخدوعون فيهم..

ولقد وصلت بنا الحال إلى حد أننا بتنا ليالى عديدة دون عشاء فى الوقت الذى يأكل فيه عند أمه دون أن يتذكر أولادنا الذين تركهم جوعى، ولقد خطر على بالى أن آخذهم إلى أى بلد بعيد عن قريتنا، ولا يعرفنا فيه أحد من أجل أن نتجنب شرور زوجى الذى لا يعرف إلى الرحمة سبيلا، لكنى خفت عليهم من أن يصيبهم مكروه، ولم يغمض لى جفن ليلا على مدى سنوات، وأظل أبكى حتى الصباح، لدرجة أننى بت أخشى قدوم يوم جديد لأنه يعنى أننا فى حاجة إلى مصاريف جديدة، وأنا ليس بحوزتى مليم واحد لشراء طعام الإفطار أو لمصروفات الأولاد.

أعرف ياسيدى أنك تتعجب من أن يحدث ذلك فى وجود أبيهم لكنها الحقيقة التى أعايشها ليلا ونهارا، فلقد ذهبت ابنتى إلى أبيها لكى تأخذ منه خمسة جنيهات تشترى بها ملزمة مطلوبة فى المدرسة فضربها على رأسها، ففقدت الوعى، ونقلتها على الفور إلى المستشفى، وهو ثابت فى مكانه وكأن شيئا لم يحدث!.. وقد دفعتنى أفعاله الوحشية إلى التفكير فى الانتحار. ولكن خوفى من الله ومن المصير الذى يتهدد أولادى بعد رحيلى عن الحياة دفعانى إلى التراجع ولم يفارق لسانى الدعاء بأن يفك الله كربنا، وذات يوم دق جرس الباب، وعندما فتحته وجدت صديقة لى من أيام الدراسة ففرحت بها جدا. وجلسنا معا نستعيد الذكريات الجميلة، وسألتنى عما إذا كنت أعرف سيدة تعمل معها فأجبتها على الفور: أعرف، فتعجبت من سرعة إجابتى، وقالت لى: هل تعرفين ماذا ستعمل؟ فرددت عليها بتلقائية: بصراحة أنا محتاجة الشغل، فتعجبت مرة أخرى لحالى، فكما قلت لك فإن كل الناس يرسمون صورة لزوجى مغايرة، تماما لما هو عليها، وبكت صديقتى على بكائى، ثم حاولت أن تتماسك، وطلبت منى أن أذهب معها إلى الحضانة التى تديرها لكى تعلمنى كيف أتعامل مع الأطفال الذين يتعلمون فيها، وأمهلتها إلى اليوم التالى لكى أستأذن زوجى، وما أن نطقت أمامه كلمة «شغل» كما طالبنى من قبل، حتى هاج ضدى، وقال بصوت عال: «طلاقك كوم، وعملك كوم تانى»، ثم قال: «إنت عايزة تكشفينى للناس، وتقولى لهم إننى عاطل»..

عند هذا الحد تأكدت أن زوجى ليس طبيعيا، وصممت على العمل، ولأول مرة أعزم على شىء وأنفذه، ولو أننى فعلت ذلك منذ سنوات لما وصلت إلى هذه الحال المتردية، وفى اليوم التالى ذهبت إلى صديقتى فساعدتنى، وعلمتنى، وزادت على ذلك أنها اقترحت علىّ افتتاح مشروع مماثل لمشروعها، وعرضت الاقتراح على أمى فساعدتنى فى تنفيذه،إذ أعطتنى حجرة من منزلها لهذا الغرض. وجاءنى عشرة أطفال بدأت بهم الحضانة، وتوسعت فيها شيئا فشيئا، وصار لدى مصدر دخل. ومرت السنوات، وتفوق أولادى فى الجامعة والمدارس التى يدرسون بها، فابنى الأكبر بالفرقة الثالثة فى كليته، وأخته التى تليه فى الصف الثانى بكليتها، والثالثة فى الثانوية العامة، والرابع بالصف الثالث الابتدائى، وكلهم يتصفون بالأخلاق الحميدة، ويشيد بهم وبتربيتهم كل من يتعامل معهم.

ولقد حاصرتنى المتاعب الصحية، لكنى ماضية فى أداء دورى تجاههم، وأبوهم على حاله لم يتغير، وأتمنى من الله أن يساعدنى على توصيلهم إلى بر الأمان. وأرجو من قرائك فى كل مكان ألا ينخدعوا فى المظاهر الكاذبة، وأن يتحروا الدقة فى اختيار أزواج بناتهم، وأرجوكم جميعا أن تدعوا لى الله أن يعيننى على أداء رسالتى نحو أولادى إلى النهاية،، والحمد لله رب العالمين.

ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

تسليمك بالأمر الواقع الذى وجدت نفسك فيه بعد زواجك من هذا الشخص المخادع، كان الخطوة الأولى على طريق تغلبك على آلامك، وانصراف زوجك الى نفسه، وعدم بحثه عن عمل اعتمادا على مبلغ يحصل عليه من شقيقه الأكبر، ولا أدرى بأى حق يعطيه هذا المبلغ كل أسبوع؟ وأين والده منه؟.. وكيف سلموا جميعا بوضعه هذا؟ وأعتقد أن لدى الشقيقين وأبيهما تجارة لا تدرين عنها شيئا، أو مشروعا يدر عليه عائدا ثابتا.. المهم أنك دبرت أمرك فى حدود ما هو متاح لك بالاستعانة بأبيك ثم بأمك التى ساعدتك من معاشها البسيط، وكان فضل الله ونعمته عليك عندما جاءتك صديقتك تطلب منك أن تدليها على من تساعدها فى الحضانة التى تديرها، ووجدت ضالتك لديها، فخرجت لأول مرة عن الانصياع المستمر لزوجك، وعملت معها، وتفتح أمامك باب الرزق فأسست حضانة صغيرة، فتركك تعملين، ولم ينفذ تهديده بتطليقك اذا أقدمت على العمل، والحقيقة أن هذه النوعية من البشر تظهر عكس ما تبطن، وتقول كلاما وتنفذ شيئا آخر، وأمثاله يريدون أن يجنوا الثمار دون مجهود.. المهم ألا يطلب أحد منهم شيئا ولا أن يضطروا الى أن يدفعوا ثمن أى شيء.

وكان يقينى منذ قراءتى السطور الأولى لرسالتك، أن كل ليل مهما طال، فلابد أن يعقبه صباح تشرق فيه شمس السعادة، وأن الحزن والتعب والكد، ما هى إلا مقدمات للطمأنينة والراحة والحصاد، ولابد لسيمفونية الحياة أن تنتهى بنغم جميل.. هذه هى حكمة الحياة ياسيدتي، وسوف يتحقق العدل الإلهى حين يشاء سبحانه وتعالي، وهو أعدل العادلين، فلقد تعرضت لظلم بيّن وغطرسة من زوج لا يراعى الله فى زوجته ولا فى أولاده الذين أنجبهم وتركهم فى مهب الريح، ولو أن هناك أمرا أعيبه عليك برغم كفاحك الذى يستحيل على الكثيرات أن يخضنه فى وجود الزوج على قيد الحياة، فإننى أعيب عليك انجابك أربعة أولاد فى هذه الظروف القاسية، فإذا كانت متاعبك قد بدأت مع حملك الأول، فلقد كان بإمكانك أن تكتفى به الى أن تتحسن الأوضاع المعيشية والحياتية مع زوجك، ولا أدرى لماذا استسهلت المسألة و«الجواب باين من عنوانه» كما يقولون؟

وأحسب أن دافع أبويك الأساسى لتزويجك منه، هو أنهما تصورا أنك ستعيشين فى مستوى أفضل من مستواكم، وأنه عريس الحسب والنسب، وهذه آفة كبرى تتسلط على كثيرين من الناس، ولايدركون الحقيقة إلا بعد فوات الأوان.

وانى أسأل زوجك: ألست أبا مثل كل الآباء، وتعلم أن الأولاد تقر بهم العيون، وتبتهج النفوس، وتطمئن إليهم القلوب، وأن الأصول الطيبة لها فروع زاكية، إذ يقول تعالى «ذرية بعضها من بعض»، فإذا كان معدن المرأة كريما، فنعم الأم التى ستحفظ الأولاد، وكذلك اذا كان معدن الرجل طيبا، يصبح حافظا لأولاده، ولقد كانت زوجتك من النوع الطيب، لكنها ابتليت بك، فلم تيأس واستعانت بالله، وساعدها والداها قدر استطاعتهما، ثم جاءتها من أخذت بيديها بفكرة صائبة كان لها مردود رائع، واستطاعت أن تضع قدميها على الطريق الصحيح، ألا تستحى أن تفعل هى ذلك وأنت عاطل بلا عمل؟.. ولماذا لا تكون صريحا معها، فتبين لها بوضوح حكاية المبلغ الذى تحصل عليه من شقيقك، وتشرح لها ظروفك وأوضاعك المادية، ومنهجك فى الحياة إن كان لك منهج؟.. هذا ما كان يجب عليك أن تفعله، وأراك مطالبا الآن بأن تبدأ معها صفحة جديدة نادما على تقصيرك فى حقها حتى تكسب أولادك الذين يتابعون صنيعك، ويتعجبون من أمرك، وسوف تفقد مساندتهم لك حين تنقلب الأمور، وتتبدل الأوضاع، ووقتها سوف تشكو هجرهم وعقوقهم.. فاعمل حسابا لهذا اليوم الذى سيأتيك ولو بعد حين.

إن اهمال الرجل أولاده، سوف يترتب عليه اهمالهم له فيما بعد، ووقتها سوف يصبح من الخاسرين النادمين حيث يقول الله تبارك وتعالي: «قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، ألا ذلك هو الخسران المبين».

وأعود إليك يا سيدتي.. فأقول لك.. إننى استشعر حالة القلق التى تعيشينها خوفا على أولادك، وتأكيدك أنهم يتمتعون بصفات تختلف تماما عن أبيهم، وأنهم متسقون مع أنفسهم، بمعنى أنهم يتصفون بنفس الصفات التى يظهرون بها أمام الآخرين، وليسوا مثل زوجك، ومع تقديرى للدور الرائع الذى تؤدينه، والذى أعتبرك فيه «قاهرة المستحيل»، إذ قل من تقوم بهذا الدور فى وجود الأب بين أولاده، فإننى أرجوه أن يعى أن سلوكه مع أبنائه سوف يترك لديهم جراحا غائرة لا يرجى شفاؤها، فالابن يتأثر بأبيه وبسلوكه وأخلاقه، ومعاملاته أشد التأثر خاصة أن زوجك قريب من الأولاد، ويعيش معهم فى البيت نفسه، وهم يلاحظون أفعاله وسلوكياته، ويعرفون الكثير عن أخطائه، ولا يربطهم به أى حوار ولا نقاش، ولا جلسة ود، ولعله يتذكر القول المأثور «وينشأ ناشيء الفتيان فينا.. على ما كان عوده أبوه».

لقد آن الأوان لأن يدرك زوجك خطأه، فحاولى أن تمدى جسور الصلة معه بعيدا عن العناد والتحدي، فأى تنازل يقدمه أى منكما هو مكسب لكم جميعا، وحاولى إصلاح ما فسد من علاقتك بحماتك وحماك وليس معنى أن تساعديهما فى أداء بعض الأعمال المنزلية أنك صرت خادمة، بل ان حماتك فى مقام أمك، والكلمة الطيبة تقرب بين القلوب، والضيق يباعد المسافات بينها، فليكن منهجك فى التعامل مع أهل زوجك قائما على المودة، ولتضبطى مسافة بينكم، فلا تنخرطى معهم طول الوقت، ولا تبتعدى عنهم تماما، وإنما حافظى على علاقة متوازنة بهم تجعلهم يعيدون النظر فى موقفهم منك شيئا فشيئا، ووقتها ستجدين زوجك شخصا آخر.

ولعل الجميع يستوعبون الدرس من قصتك المعبرة فيحسنون اختيار الزوجة أو الزوج، ولا يندفعون وراء المظاهر الخادعة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nasertoba
مرشح
nasertoba

ذكر
عدد الرسائل : 6343
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 Collec10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 110
نقاط : 17201
ترشيحات : 29
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 222210

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 I_icon_minitime14/2/2015, 00:46

من عزة إلى أحمد


أكتب إليك رسالتى عن موقف انسانى راجية أن تجد طريقها إلى بريد الجمعة الذى يقرأه كل الناس، فلقد كنت أنا وعائلتى فى مصيف بالإسكندرية منذ عدة سنوات، وهناك قابلت أختى عزة شابا اسمه أحمد كان مع عائلته فى المصيف وهو من القاهرة، ونحن أيضا منها، وقد اعجبا ببعضهما وسط ترحيب الأسرتين لكن فترة التعارف كانت قصيرة جدا وانتهت اجازتنا قبل اجازتهما فى المصيف بيومين، وحددا موعدا للقائهما بالقاهرة فى مكتبة الطالب بميدان الجيش، وشاء القدر أن يرحل أبى عن الحياة فى هذا اليوم، وبالطبع لم تذهب اختى فى الموعد الذى كنا على علم به، واختفى أحمد، ونحن لم نعرف تفاصيل كافية عنه ترشدنا إلى محل سكنه.

ومرت الأيام ولم تنس أختى أحمد، وظل عالقا بذهنها، وخرجت ذات يوم لتشترى ملابس جديدة لها، وجاءت سيارة مسرعة فصدمتها، وانتقلت أختى إلى المستشفى فى حالة حرجة، وظلت فى العناية المركزة فترة طويلة، وعندما أفاقت من «البنج» كانت أول كلمة تنطق بها هى أحمد، وطلبت أن تراه. فهل يسمع نداءها ويستجيب لها، فلقد ملك قلبها، ولا تستطيع أن تنساه حتى وهى بين الحياة والموت؟

ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

لقد نشرت رسالتك بناء على رغبتك آملا أن يقرأها أحمد الذى وجهت النداء إليه، لكى يعيد جسور الصلة مع أختك، لكنى أرى أن أختك تبالغ فى مشاعرها نحو شاب لاتعرف عنه شيئا، ولا يمكن أن تقام زيجة ناجحة بمثل هذا التصور الذى تتخيله، فالزواج يقوم على علاقات متينة، والسؤال عن الطرفين، والتأكد من المشاعر.

ثم هل تتصورين أنه بعد مرور عدة سنوات كما تقولين على «لقاء الصدفة» لم يتزوج هذا الشاب؟ ففى الغالب انتهى الأمر بالنسبة له فور انتهاء المصيف، ولو كان جادا فى الزواج والارتباط لتبادلتم العناوين وأرقام الهواتف، ويعرف كل منكم مكان عمل الآخرين.

فعليك أن تهدئى أختك حتى تتعافى من أزمتها الصحية، وتبدأ حياة جديدة، ووقتها سوف تصادف من يحبها وتحبه ويبنيان معا أسرة صغيرة قوامها الحب والتعاون والمودة والتكافؤ وأسأل الله لها التوفيق والسداد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nasertoba
مرشح
nasertoba

ذكر
عدد الرسائل : 6343
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 Collec10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 110
نقاط : 17201
ترشيحات : 29
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 222210

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 I_icon_minitime20/2/2015, 12:54



بريد الجمعة يكتبه : أحمـد البـــرى
دموع فى الفراش !

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 2015-635599804822083316-208

لا أعرف كيف أصوغ كلماتى فى هذه اللحظة القاسية،

فالمعانى تفر منى برغم أننى أحاول التركيز، وليس بيدىّ حيلة إزاء ذلك، حيث إن هناك لحظات تتراقص فيها المعانى أمام عينى الإنسان، فإذا حاول أن يمسكها وجدها سرابا، لأن اللحظة ذاتها أعمق من أن تعبر عنها أى كلمات.لقد مضت أيام طويلة هى أطول من صمت قلبى الجريح، لم أفض خلالها لمخلوق بعذابي، ولا بالخنجر الذى يمزق قلبى وكبريائي، وشقاء الدنيا كلها يحيط بي، واستعصى عليّ النوم نتيجة الصدمة العنيفة الغادرة، وأبتلع مرارتى وحدي، وأدعو الله أن يمنحنى القدرة على الصمود، وتضميد الجرح الغائر والطعنة القاسية وأستطيع أن أعفو وأسامح من خانني، فلقد تزوجت منذ خمسة وعشرين عاما من رجل أحببته منذ الطفولة، وكبر حبنا فى أيام الدراسة، ثم أقمنا أسرتنا الصغيرة، وعشنا حياة جميلة، ولكن إذا بى أكتشف أنه يخونني، ويطعننى فى أنوثتي، وقد سامحته كثيرا، وأدينا العمرة وزرنا الحرمين الشريفين أكثر من مرة، وللأسف الشديد صار هو وضميره كأهل الكهف، ويرفض أن يصحو من غفوته!



أعلم ياسيدى أنك ستقول لي: إنه «روتين الحياة». أو أنها «أزمة منتصف العمر»، فأقول لك: لا إن الأمر ليس كذلك، فحياتى مع زوجى خالية من أى روتين، والعائلة كلها تشهد بذلك، ففى كل عام نحتفل بعيد زواجنا فى مكان مختلف عن العام السابق عليه، ولم ينس زوجى يوم ميلادى أبدا، ولا الاحتفال سنويا بأول لقاءاتنا، لكن عشقه النساء هو الذى ينغص عليّ حياتي، وفى كل مرة أحدثه عن معصيته لله، وأننى لم أقصر فى حقه، يقسم بالله أنه لم يرتكب الفاحشة، ولم يحب غيري، لكن قلبى تعب، ونفسى تحطمت، ولا أرى تفسيرا لاهتمامه الزائد بى الذى تحسدنى عليه الأخريات، إلا محاولة منه لإرضاء ضميره والتكفير عن ذنبه تجاه إنسانيتى وكرامتى التى وضعتها تحت قدميه، وأسأل نفسى أحيانا، لماذا أنا التى أبقى عليه؟!

فى البداية كنت أخاف على أطفالي، والآن أخشى من ضياع سمعتهم، وأشعر فى بعض الأحيان أن استمرارى معه ليس حبا ولا عداوة، وإنما مرده شعور غريب لا أستطيع تحديده، إذ ينتابنى تجاهه إحساس بالأمومة، ويصيبنى الرعب من أنه قد يهدم نفسه وبيته وأولاده الذين يرتبطون به بشدة، ويثقون فيه ثقة لا حدود لها، ولا يعرفون بالطبع شيئا عن نزواته، وكم قلت له: إنك زوجى وأبى وأخى وابني، وجهادى وعرقى ومستقبلي، وكل رصيدى فى الحياة الذى يسعدني، لكنه ينكر ما يفعله ويمضى فيه ثم ألاحظ ندمه دون أن يأخذ خطوة إيجابية لعدم تكراره.

وأقول لك بشيء من التفصيل إننى لم أعتد البحث وراءه أو التجسس عليه، لكن المصادفة وحدها هى التى قادتنى إلى رسائل تبعث بها إليه سيدة متزوجة وتقول له فيها: «ليتنى عرفتك من زمان». وتبثه كلمات الغرام على هاتفه المحمول ليلا ونهارا!.. تصور ياسيدى أن هذه السيدة الخائنة لزوجها وأولادها تتمنى لو كانت قد تزوجت ممن تخون زوجها وأبا أولادها معه، ونسيت ما قدمه لها الرجل الذى تحمل اسمه، والذى ينفق عليها، ويشترى لها ما تريده، ولم يحرمها من شيء حتى «الموبايل» الذى تهاتف به زوجي!

لقد اتصلت بها، وأخبرتها بأننى عرفت كل شيء عنها، وعن علاقتها الشائنة مع رجل متزوج وله بيت وزوجة وأولاد، فبكت وقالت لي: «لاتخربى بيتي، أنا أريد زوجى وأولادي»، وانتهت المكالمة، وسألت نفسي: إذا كانت تفضل بيتها وحياتها، فماذا تريد إذن من زوجي؟.. وأعدت الاتصال بها مرة أخرى بعد أن عرفت كل شيء عنها، وتوصلت إلى زوجها وأخبرتها بذلك، فكان ردها الصادم: «بلاش تفتشى ورائي، وفتشى فى نفسك علشان تعرفى زوجك بيعمل معاك كده ليه»!!.. نعم هذا هو رد الخائنة التى تكلمت ببجاحة بعد أن بكت فى المرة الأولي، وواجهت زوجى بأمر هذه السيدة، وبما قالته لى من كلمات «البجاحة» التى ليس لها حد، والتى تؤكد أن علاقتهما وصلت إلى حد الخطيئة، فكان رده أننى حبيبته و«عشيقته»، ولا يرى منى أى تقصير، بل التقصير منه هو! وكثيرا ما أصحو من نومي، فأجده قد دفن رأسه تحت قدمى يقبلها ويمسح دموعه فى ملابسي!

وبصراحة فإننى لم أعد أشعر بالأمان معه، فلقد تكسّر شيء كبير بيننا، ومع ذلك أخاف عليه من «يوم الندم» الذى تكتب عنه دائما فى ردودك على أمثال زوجى بقولك: «فيوم الندم قريب، وحينئذ سوف يعض النواجذ على ما صنع بنفسه، ولكن بعد أن يكون قد فات الأوان»، وأرجو أن يتعلم هذا الدرس ويستوعبه الآن، وأتمنى أن أسامحه على ما فعله بقلبي، فهو الجرح والسكين معا، والذى أفقدنى الثقة فى نفسي، وأدعو الله أن يغفر له ذنب وإثم «تخبيب» امرأة على زوجها، كما جاء فى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «ليس منا من خبَّب امرأة على زوجها».

وإنى أسألك: هل يأخذ الله الأولاد بذنب أبيهم الخائن، وماذا تقول عن زوجى وأمثاله؟ وأشكرك على سعة صدرك، فلقد كان ضروريا أن أستشيرك فى أمرنا، لأننى لا أستطيع أن أبوح بمكنون نفسى لأحد ولم أتعود أن أشكو زوجي، ولا أن أشوه صورته أمام الآخرين، وكان مبعث رسالتى إليك، هو أن الانسان يستطيع أن يعيش بعض الوقت بلا طعام ولا شراب، ولا يمكنه أن يعيش إلى ما لا نهاية دون فضفضة عما يجيش به صدره، وحتى الكلمات مهما بلغت درجة فصاحتها فإنها لاتعبر عما فى حلقى من مرارة وحزن، وقد فوضت أمرى إلى الله.



ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

لن ينفعك القلق يا سيدتي، بل سيكون مردوده عليك مزيدا من الاضطراب والتوتر، وسوف تضلين الطريق الصحيح الذى يسير بك نحو الاستقرار وراحة البال، فلقد بذلت كل ما فى وسعك مع زوجك، ومع من تأكدت أنه على علاقة بها، لكنه أقسم أنه لم يرتكب الخطيئة وأن حبه لك هو الأول والأخير، فلا تجهدى نفسك فى انتزاع اعتراف سيجر عليك مزيدا من المتاعب، ولن يجدى شيئا فى إصلاح أحواله، وأرجو أن تستفيدى من تجارب الآخرين الذين تعبوا وشقوا من أجل تغيير واقعهم المرير، فلم يفلحوا، وأيقنوا أنه لا سبيل، ولا راحة لهم إلا العمل، وفى ذلك يقول الشاعر الذى عاش حالا مماثلة:

فعشت ولا أبالى بالرزايا

لأنى ما انتفعت بأن أبالى

فدعى زوجك لخالقه، ويكفيك إرضاؤك ربك، وأنك لم تقصرى فى حقه، ولم ير منك إلا طيبا، أما خوفه من أن ينعكس سلوكه على أبنائه، أو أن يأخذهم الله بذنبه، فإنه سبحانه وتعالى يقول «ولا تزر وازرة وزر أخري»، فكل إنسان يحاسب على صنيعه، ولكل امرئ شأن يغنيه، هكذا أخبرنا الله فى كتابه الكريم، وهو ما يدعونا إلى أن نضع الأمور فى نصابها الصحيح، ومن هنا أقول لك: إياك وحالة القلق التى تعتريك من التفكير فيما لا حيلة لك فيه، فمرده عليك خطير صحيا ونفسيا، وعلاج مشكلتك هذه، أو أى مشكلات أخرى تواجهك، يكون بالهدوء وسعة البال، وليس بالتوتر والانفعال، وأتذكر كلمة للفيلسوف الفرنسى مونتين، وقد حكم مدينة «بوردو» الفرنسية، إذ قال لأهل المدينة «أرغب فى معالجة مشكلاتكم بيدي، وليس بكبدى ورئتي»، ومعناه أن التفكير العقلانى وحده هو الذى يقود الى حلول ناجحة.

وعندما أتناول مشكلتك من منظور عام، أجد أن هناك أسبابا تحيط بالرجل الذى يلجأ إلى إقامة علاقة غير شرعية مع أخريات، وتسهل له طريق الخيانة التى يحرمها الدين والشرع، ومنها أن يغرم بإنسانة أخري، حتى وإن كان يجد سعادة مع زوجته نتيجة حالة نفسية طارئة عليه، أو أن زوجته لا توافقه على بعض ممارساته فيجدها لدى غيرها، ويساعد على ذلك «الاختلاط الفج» الذى يعيشه الرجال والنساء فى أماكن متعددة، وهناك أيضا أسباب اجتماعية مثل رفض المجتمع فكرة «الزوجة الثانية» والتفكك الأسرى وغياب أحد الزوجين، وعدم التكافؤ، وانعدام الثقة بينهما، وفارق السن، ومن الأسباب الخاصة بالزوجة، والتى تدفع زوجها الى خيانتها، العشرة الباهتة، وعدم احترام رغباته وميوله، أو أنها تخشى من العلاقة الزوجية أو زاهدة فيها، فالخيانة الزوجية تأتى فى معظم الأحيان نتيجة عدم الإشباع العاطفى والجسدي، والإحساس بالنقص فى أشياء كثيرة، وقلة الاهتمام بالطرف الآخر وتجاهل مشاعره، وحين تبدأ المعاناة يحاول «الرجل أو المرأة» لفت نظر الطرف الآخر إليه، وتوضيح متطلباته، ولما ييأس من الوصول الى حل، يلجأ كلاهما الى البحث عن البديل، فيبحث الرجل عمن تلبى له احتياجاته، الى أن يجد امرأة أخرى يشعر معها بالاهتمام، والعكس صحيح بالنسبة للمرأة التى ينشغل زوجها عنها لأى سبب، إذ تشعر بالأسى والضياع، فتتطلع إلى من يلبى لها رغباتها، ولا حل لهذه «الفاجعة الأخلاقية» إلا التمسك بالتعاليم الدينية والتربية الصالحة، فهى الأساس، مع ضرورة وجود تفاهم أسرى ومساحة للحوار، وأن يكون قرار الزواج نابعا عن حب واحترام بين الطرفين، وحل مشكلاتهما بوضوح وصراحة أولا بأول، وحينها سوف تختفى هذه الكارثة من حياتهما.

ولعل هذه السيدة التى تربطها علاقة آثمة بزوجك تكون قد راجعت نفسها، وأيقنت أنها بخداعها زوجها، ومعرفتك علاقتها بزوجك، تلعب بالنار، وأن انكشاف أمرها على الملأ بات وشيكا، فتبتعد عنه، وتصلح علاقتها بزوجها الذى تحبه ويحبها، وتخشى الوقيعة بينهما، ولعل زوجك يصارحك بما يعانيه من نقص لديك، فتصلان معا إلى حل يريحكما ويعيد علاقتكما إلى سابق عهدها، وعليك أن تكونى حكيمة فى تعاملك معه، فرد فعلك السريع سوف تترتب عليه نتائج عكسية، ولذلك يجب أن تحافظى على «حاجز الخوف والحياء»، الذى يمنعه من البوح بخيانته لك، وسوف يستحى من معاملتك الطيبة له، ويخجل من نفسه، وشيئا فشيئا سوف يتوقف عن هذه العلاقة بوازع من تأنيب الضمير، علاوة على الوازع الديني، بدليل أدائكما معا العمرة وزيارة الحرمين الشريفين أكثر من مرة.

ولا أستبعد أنه يعانى حالة نفسية صعبة، وأنه بداخله لا يريد الخطأ، ولكنه مدفوع إليه نتيجة خلل ما فى حياته لم يفصح عنه، إذ أنك عندما تستيقظين من نومك، تجدينه يقبل قدميك، وقد بللت دموعه الفراش فيجفف عينيه فى ملابسك.. نعم هذا الفعل وحده يؤكد أن هناك شيئا ما خافيا وأنه يريدك أنت وليست تلك المرأة أو غيرها.. وأرجو أن يصارحك بما تضيق به نفسه، وأن تغفرى له زلاته، وترسمان معا طريق النجاة من البئر السحيقة التى انزلقت اليها قدماه، فيتعافى من حالته، ويعود إليك زوجا وحبيبا، ورفيق العمر لك وحدك الى الأبد، والله المستعان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أكرم عبد القوي
__________
__________
أكرم عبد القوي

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 23180
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 Profes10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 3011
نقاط : 37123
ترشيحات : 136
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 411

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 I_icon_minitime27/2/2015, 22:14

بريد الجمعه يكتبه: احمد البرى
الغائب الغالى !


بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 2015-635605855034386791-438
أكتب اليك وقد فاض قلبى من الحزن والقلق وتعبت نفسى وضاق صدرى
 بهمّ كبير لا اشكوه لأحد وأسأل الله أن أجد لديك الحل لمشكلتى العائلية التى طال عمرها وساء وضعها، فأنا امرأة متزوجة فى السادسة والعشرين من عمري، أهدانى الله زوجا طيبا وأكرمه ووفقه، وزادت فرحتنا وابتهجت حياتنا عندما رزقنا الله ولدا هو قرة أعيننا وسعادة عمرنا.وأروى لك قصتى منذ البداية فأقول: إننى نشأت منذ طفولتى بين أب وأم لا يعرف الود طريقا بينهما، وقلما أتذكر أن أمى ابتسمت يوما فى وجه أبي، فالخلافات والمشكلات بينهما لا تتوقف، وسببها الأساسى هو أن جدى يتحكم فى أبى لدرجة أنه لا يستطيع التصرف، أو اتخاذ أى خطوة فى حياته دون اذن منه، وتردد أمى على مسامعى أنها لم تكن راغبة فى الزواج بأبي، وأن أهلها هم الذين أجبروها على الارتباط به.
 
ومضت حياتنا أنا وأخى الذى يكبرنى بثلاث سنوات فى هذا الجو المشحون بالتوتر، وكثيرا ما لاحظت أن أبى له شخصية تميل للاكتئاب والانطوائية ولا يستطيع أن يحل أى مشكلة تواجهه، والغريب أنه مع حالة الإحباط التى تظهر عليه يقول إنه يعرف الحل لمشكلاته الأسرية، لكنه أبدا لا يحلها، وهكذا تتراكم المشكلة تلو الأخري، والنتيجة مشاحنات، وعدم وفاق، وكثيرا ما تدخل الأهل للصلح بينهما لكن ما تلبث الخلافات أن تدب من جديد.
وذات مرة سمعت أبى يقول لأمى إنه تزوجها ارضاء لأهله مع أنى فى بعض الأحيان كنت أشعر أنه يكن لها الحب دون أن يظهره لها، وفى المقابل لم تكن أمى تحمل فى قلبها أى مشاعر تجاه أبي، ولم أنس أبدا أنهما تطاولا على بعضهما على مرأى ومسمع منى، وكان مشهدا عنيفا ارتجف له جسمى وسيطر الخوف على قلبي، ومازال هذا المشهد يتراءى أمام عينى كل فترة، وأنجبت أمى بعدى بثمانى سنوات بنتا، وبعدها بسنة ولدا، ثم بعد سنتين بنتا أخري، وهكذا صرنا ولدين وثلاث بنات، وجاء يوم ترك فيه أبى المنزل بعد مشادة بينه وبين أمى لفترة امتدت لعام كامل، وكان أبى مقيما عند جدى فى تلك الفترة ولم ينصحه أن يعود الى بيته وأولاده، فضاقت أمى ذرعا بهذه المعيشة،خاصة أنه تركنا بلا مصروفات، ولم تستطع أمى أن ترعانا وحدها، فقالت لي: اذهبى أنت وأختك إلى أبيك، أنا لم أعد أحتمل الحياة بهذه الطريقة، وكان عمر أختى وقتها ستة أشهر، ولا تملك أمى شيئا لإعالتنا، وتركناها أنا وأختى وظللت أبكى على الرضيعة التى لا ذنب لها، وعلى نفسي، وتم الطلاق بين أبى وأمي، وعشنا نحن الخمسة مع أبى وجدى الصارم الذى لا تعرف الرحمة طريقا إلى قلبه، فأسلوبه معنا هو الضرب والإهانة ولن أنسى يوم أن طلبت أختى الصغرى أن ترى أمي، وكان عمرها وقتئذ خمس سنوات فانهال عليها ضربا، وقال لها: «لا تذكرى اسمها مرة أخري، لأنها تركتكم»، وبعدها رفعت أمى دعوى حضانة لكى تأخذ إخوتي، ولكنهم ظلوا فترة عند أبي، وفترة عند أمي، مما تسبب فى اضطراب نفسيتهم وتعبهم وسارت بنا الحياة وكبرنا ونحن يتملكنا الخوف من الناس لعدم اختلاطنا بأقاربنا، والرعب من معاملة جدى القاسية، وعندما بلغت سن الخامسة عشرة صار لنا سكن مستقل أنا وأبى وإخوتى الصغار، وأصبحت أنا المسئولة عنهم إلى حد كبير، أرعى مصالحهم وأنشغل بهمومهم، وأسهر على راحتهم، وكانت مسئولية ثقيلة علىّ وأنا فى سن صغيرة، فطلبت من أبى أن يستعين بخادمة تساعدنى فى أمور المنزل، فاستجاب تارة وتجاهلنى تارة أخري، وتعرضت لوعكات صحية ولم أجد أحدا بجانبي، فحتى أبى يزيد تعبى وارهافي، وأمى لم يعد لها أى وجود فى حياتنا بعد طلاقها من أبي، وأصبحت منبوذة من أهله.. أما أخى الأكبر الذى من المفترض أن يكون له دور حيوى فى حياتنا فإنه لا يعيش معنا بل أرسله جدى الى منطقة عشوائية ليعمل ويعيش فيها فتعلم منها كل ما هو سيئ وغير أخلاقى وصار مدمنا كل أنواع المخدرات، وكان دافع جدى لنفيه إلى هذه المنطقة هو كثرة شغبه لأن أخى بطبعه مشاغب وفاشل دراسيا، وسيطر عليه إدمان المخدرات ولم يفلح العلاج فى شفائه التام، فكان خلال الفترات التى تهدأ فيها حالته الصحية ونشعر انه تحسن كثيرا يعود من حيث أتى إلى حياة الإدمان، ودخلت الجامعة وإخوتى فى المراحل الدراسية المختلفة وترسبت سلبيات أمى وأبى والحياة التى عشناها فى نفوسنا وكبرت معنا واستفحلت مشكلاتنا، فأختى التى تلينى فى السن فى فترة المراهقة وتحتاج إلى متابعة مستمرة وأخى الأصغر منها ورث من أبى بعض الجينات السلبية والانطوائية وغير متفاعل مع الحياة، وهذا ما قاله الطبيب النفسى الذى زرناه، وأختى الصغرى تبكى دائما بلا سبب واضح وتكتم بداخلها حزنا كبيرا ولا تريد الفضفضة مع أحد. ولقد قدمت لهم ما فى استطاعتى وما قدرنى عليه ربى لكنى لم أستطع أن أقوم بدور الأم لأنى كنت فى أمس الحاجة الى أم بجانبي، وقد تحملت قسوة الأيام وتخرجت فى الجامعة وجاءتنى فرصة عمل ورآنى شاب توسمت فيه الهدوء فتزوجته وطالما دعوت الله أن يرزقنى الزوج الصالح الذى يملأ حياتى ويعوضنى عن آلام واحزان الماضى واستجاب الله لدعائى ورزقنى بزوج عوضنى حبا وحنانا، ومرت سنتان على زواجنا وخلال هذه المدة تدهورت حال أخوتى نفسيا ومعنويا، لأنى كنت أختهم وأمهم وصاروا ينتظرون زيارتى لهم مرة كل شهر بفارغ الصبر فلا أحد يشعر بهم أو يهتم بأمرهم.. هم وحيدون فى الدنيا.. أما أبى وبعد كل هذه السنين ومع الظروف النفسية والصحية التى عاشها فقد عجز عن فعل أى شيء حتى انه فى أول مرة يزورنى بعد زواجى احتضننى وبكى فاهتز وجدانى وبكيت معه وحزنت لحاله، أما علاقته بإخوتى فلقد أصبح عنوانها «الصدام» وصارت المشاحنات هى الحوار الوحيد بينهم.
إننى قلقة على مستقبل إخوتى وأخاف عليهم من تقلبات الزمن، فهم يعيشون بلا رقيب عليهم، أو متابع لأحوالهم، وتتدهور حالة أبى يوما بعد آخر، وقد تزوج احدى السيدات فترة قصيرة كانت زوجة أب متسلطة أذاقتنا الأمرين فطلقها.
وإننى أبعث اليك رسالتى وكل ما أحلم به هو أن يرسل لى الله امرأة صالحة لم يرزقها بأولاد فترعى اخوتى وتحن عليهم وتعتبرهم أولادها وتعوضهم عما يفتقدونه من حب ورعاية، وأن يعبروا الى بر الأمان مع أم لا أعلم أين أجدها لكنى أريدك يا سيدى أن تساعدنى ويوفقك الله فى ذلك لأنى قرأت فى بريد الأهرام عن السيدة التى كتبت إليكم أنها تفتقد حب وحنان الأم، وفعلا رزقها الله بالأم الفاضلة ناهد السمرة رحمها الله التى كانت لها نعم الأم والقلب الحنون بالرغم من وجود أمها الحقيقية..أنا لا أريد سوى ذلك لكى يطمئن قلبى على إخوتي، فإنه لن ينجح فى الزواج مرة أخري، وأنا على يقين بأنه لا يريد تكراره، وأنا مكبلة بالقيود، ولا أستطيع أن أفعل لـهم شـيئا، بعد أن صار لى بيت وزوج و ابن، لـهم عليّ حقـوق، ولـذلك لا أستطيع أن أتفرغ لاخوتى.. أريد أما ترعاهم وتحبهم وترشدهم لكيلا يضلوا الطريق الصحيح فى الدنيا ويفقدوا الأمان فحالهم تمضى من سيئ الى أسوأ وهم يشعرون بالوحدة ولعدم وجود من يقتدون به أو يؤثر فى نفوسهم بالايجاب. فهل أجد بين قرائك هذه الأم التى كثيرا ما قرأت فى بابك الشهير قصصا رائعة لمثيلاتها ممن يصنعن صنيعا جميلا فى الحياة؟
 
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
للأخت الكبرى دور كبير فى حياة أفراد كل أسرة. فهى تتمتع بمكانة خاصة لديهم جميعا حيث يحبونها ويستشيرونها، وكل هذا رائع وجميل، لكن المغالاة فى هذا الدور فيها ظلم كبير لها، لما يضيفه الأهل إليها من مسئوليات تفوق طاقتها، وهذا ما حدث معك بسبب تفكك الأسرة، فوجدت نفسك مسئولة عن أخوتك، وكل الفرق فى العمر بينك وبينهم بضع سنوات، وقد غابت الحكمة تماما عن جدك فى التعامل مع الأزمات التى حلت بكم، فعلاوة على أنه يتدخل فى كل كبيرة وصغيرة، فإنه ارتكب خطأ جسيما عندما طرد شقيقك الأكبر من المنزل، فوجد نفسه فى منطقة عشوائية كل من فيها يتعاطون المخدرات، وربما يتاجرون فيها، فكان صيدا سهلا لأصدقاء السوء، كما أحدث جدك وقيعة بين أبويك، وهو يعلم أن أباك مريض نفسيا، ولديه أفكار مشوشة، ولا يستطيع أن يتبين الصواب من الخطأ نتيجة فرضه إرادته عليه، كما ساهمت أمك فى هذا التفكك بالشجار الدائم مع أبيكم حتى وقع الطلاق بينهما.. صحيح أنها تحملت متاعب كثيرة من أجلكم، ولم يكن أمامها سبيل لتوفير متطلبات معيشتكم بعد أن هجرها أبوكم إلى بيت والده، لكن الأفضل والأبقى كان هو أن تتريث فى توصيل الخلاف إلى الطلاق الذى يترتب عليه تشريد الأبناء، وبعد أن حدث الانفصال راح كل واحد يمارس حياته حسب هواه، وها هى أختك الصغرى تواجه سن المراهقة دون أن تجد من يوجهها أو يستمع إليها بعد زواجك وانشغالك بزوجك وابنك، ويحتاج الجميع إلى متابعة ومساندة من أم تشعرهم بحنانها وخوفها ولهفتها عليهم.. أم تسعدهم وتعمل على راحتهم مثل كل الأمهات الطبيعيات، ولقد وجدت ضالتك فى نموذج «ناهد السمرة» رحمها الله، التى اتخذت من كاتبة رسالة إلى «بريد الجمعة» تشكو جحود أسرتها ابنة لها، فكانت تزورها باستمرار، ومدت جسور الصلة معها بعد زواجها، فتطمئن عليها، وتشترى الهدايا البسيطة فى المناسبات لأولادها، كما تفعل الأم مع إبنتها وأحفادها، وهى نموذج مختلف عما تبغينه، فالدور الذى تطلبينه هو دور أم تعيش مع أبنائها وتتابعهم فى كل خطواتهم، ولن تتولاه أو تؤديه على الوجه الأكمل إلا سيدة تعيش مع أخوتك، وأحسب أنهم فى حاجة إلى أم بديلة، بمعنى أن يتزوج أبوك من سيدة مطلقة أو أرملة ليس لديها أطفال تقبل القيام بهذا الدور الانسانى، وتحتوى أباك الذى تقولين أنه غير راغب فى الزواج بعد فشل زيجته الثانية التى لم تعمر طويلا، فلقد كان طلاقه لهذه السيدة أمرا متوقعا بعد ما رويته عن طبيعته وسلبيته الشديدة أمام فرمانات جدك الصارمة، فهو إذا كان قد تخلص من هذه العقدة، ونادم على تفريطه فى حقكم، مثلما بدا لك من خلال دموعه التى تساقطت رغما عنه، وهو يزورك فى منزلك بعد زواجك، فليبحث عن سيدة مناسبة يشرح لها ظروفه من الألف إلى الياء، ويسألها: هل تقبل أداء رسالة «الأم» تجاه ابنائه أم لا؟.. فإذا وافقت وصادفت ارتياحا لديه، فليتم زواجه بها، أو أن ينتظر إلى أن يجد من تؤثر الآخرين على نفسها، وهن كثيرات ويزخر مجتمعنا بأمثالهن من سيدات فضليات يبتغين وجه الله بما يقدمن من أعمال الخير، وما أفضل هذه الرسالة التى يمكن أن تؤديها سيدة نحو أبناء صغار تتخبط بهم الحياة ولا يجدون من ينتشلهم من براثن الاهمال.
اننى اتعجب من الآباء والأمهات الذين ينجبون الأبناء بلا وعى، ويتركونهم فى مهب الريح، فتلقى بهم يمينا ويسارا، فيقعون فى دوائر «الانحراف السلوكى» و«الاكتئاب». فها هو أخوك الذى نفاه جدك إلى منطقة موبوءة يقع فى دائرة أقران السوء ومدمنى المخدرات، وها هى أختك توشك هى أيضا أن تقع فيما لا تحمد عقباه فى سنها الخطيرة، إذ يفوت على الكثيرين مراعاة أحوال أبنائهم. وأمزجتهم، ومقدراتهم. فالشدة التى استخدمها جدك مع أبيك، ومن ثم مع أحفاده لاغيا دور الأب، هى الخطر الهائل الذى أدى بوالدك ثم بشقيقك الأكبر إلى ما هما فيه، وتجاهل القاعدة الذهبية فى التربية، وهى الحزم فى المواقف التى تتطلب ذلك، واللين فى مواقف أخرى، فينشأ الابن سويا، قادرا على أن يتبين الحق من الباطل، والصواب من الخطأ، كما كان يجب على جدك أن يتوقف عن فرض الاملاءات على أبيك، وأن يترك له المسئولية، بعد زواجه واستقلاله بأسرته وحياته، ففكرة «استصغار الأبناء» مدمرة، ولعل الجميع يستوعبون هذا الدرس بالتدرج فى التعامل مع أبنائهم إلى أن يتركوا لهم كل الأمور عندما يبلغون سن الرشد.
وما أبشع أن يشعر المرء باليتم وأبواه على قيد الحياة، وما أتعس أن يحتاج إلى من يحنو عليه، ومنبع الحنان الطبيعى موجود ولكنه محروم منه، وأحسب أن الأم المثالية لاخوتك هى أم مقيمة معهم، وأرجو أن يتقبل أبوك فكرة الزواج بأخرى بشرط أن يكون قد تحرر من قيود جدك، وعليك أن تناقشى الأمر معه بصراحة ووضوح، فترك الأمور تمضى على هذا النحو ستكون له عواقب وخيمة عليهم، ولن يجدى نفعا البكاء أو استعادة الماضى.
وسل نفسك تسلو فى منازلها
هل الدموع ترد الغائب الغالى؟
نعم ياسيدتى.. الدموع لن ترد أمك التى غابت عن حياتكم، ولن تخلق أبا جديدا، ولكن السبيل إلى تدارك بعض ما فات، هو أن تظهر فى حياة أخوتك أم فاضلة تهب نفسها لإسعاد أبناء جنى عليهم أبواهم، فأوصلاهم إلى حافة الهاوية، فانتظرى عطاء السماء، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أكرم عبد القوي
__________
__________
أكرم عبد القوي

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 23180
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 Profes10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 3011
نقاط : 37123
ترشيحات : 136
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 411

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 I_icon_minitime27/2/2015, 22:23

سن القلق

لدى مشلة قد تكون أبسط من مشكلات الكثيرين من قرائك لكنها تتعبنى جدا،
وتضغط على أعصابي، ولا أجد حلا لها، فأنا فتاة أبحث عن الارتباط الحلال، أو بمعنى أصح انتظره، لكن فرصى تضاءلت فى السن المناسبة الى أن وصلت الى «سن القلق» والخوف، فلقد تقدم لى فى سن الثالثة والعشرين شقيق إحدى زميلاتي، وكنت وقتها فى قمة السعادة، لكنه فجأة تركنى بلا أسباب، ومرت أربع سنوات لم يطرق خلالها أحد بابي، ثم تقدم لى شاب آخر تعلقت به، لكنه ما لبث أن تركنى هو الآخر، وبعد أن بلغت سن الثلاثين جاءنى عريس ولكنى فى هذه المرة لم أشعر تجاهه بالراحة، وهو غير مناسب لى من حيث التفكير، ولم يتعلق به قلبي، أو أشعر نحوه بأى عاطفة، وأجد غصة فى حلقى عندما يتحدث معي، فأسلوبه وطريقة تفكيره بعيدان جدا عني، وعشت صراعا مع نفسى بسببه ووجدتنى أوافق عليه إرضاء لأهلى الذين لم يجدوا فيه ما يمنعنى من الارتباط به، وهو احقاقا للحق يبدو ملتزما دينيا من الناحية الظاهرية، أما من داخله فالله أعلم ببواطن الأمور، وقد قبلت الارتباط به من باب «اذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه، فزوجوه»، ولكن أين قلبى ومشاعرى وراحتى النفسية؟...
إننى أنتظر عدل الله الذى حرمنى من الجمال ومنحه لغيرى ممن حولي، ورزقهن بالأزواج المناسبين فى الوقت المناسب، وأنا لا أحقد عليهن، واسأل الله أن ينعم عليهن، وأن يرزقنى الرضا، وما دفعنى الى الكتابة إليك هو أننى لو استمررت على حالتى هذه فسأكون دائما فى حالة مقارنة وتعب ووجع قلب، فأرجو أن تفيدنى فى أمرى عسى الله أن يرزقنى ما يسر نفسى ويرضيني.
 
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
أرجو أن تتريثى قبل اتمام هذه الزيجة، فالزواج تحت ضغط الأهل بدعوى كبر السن أمر خطير، إذ إن مثل هذه الزيجات لا تستمر شهورا، وبعدها تحمل الفتاة لقب «مطلقة» وتسوء حالتها النفسية، وتعزف عن الانخراط فى المجتمع، وتشعر بمرارة من النظرة الخاطئة الى المطلقة، ولقد قلت كثيرا إنه لا توجد امرأة خالية من لمسة جمال لأنه مسألة نسبية، وأحيانا تكون خفة الظل أجمل كثيرا من الشكل، ولكل فتاة شاب يناسبها، ويريدها زوجة له، لكن لكل شيء أوان، ومهما طال الوقت فإن نصيبك العادل سوف يأتيك، فلا تتسرعى فى الزواج بمن لا ترتاحين له، فأول عامل لنجاح الزواج هو أن يتبين كل منهما فى الآخر خيطا يشده إليه، ويجذبه نحوه، فإذا كنت تفتقدين هذا الخيط فيمن تقدم إليك طالبا يدك، فلا تترددى فى رفضه، لأنك اذا تزوجته وأنت فى حالة نفور منه، فسوف تتوالى عليك المتاعب، وانى أبشرك بأن صدقك مع نفسك سيكون عائده عليك عظيما، والله المستعان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أكرم عبد القوي
__________
__________
أكرم عبد القوي

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 23180
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 Profes10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 3011
نقاط : 37123
ترشيحات : 136
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 411

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 I_icon_minitime7/3/2015, 00:38

بريد الجمعة يكتبه : أحـمــد البــــــرى
تائهة فى بحر الغرائب!


بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 2015-635611933841349577-134

أنا سيدة فى الرابعة والثلاثين من عمرى، قد تبدو رسالتى غريبة، وغير منطقية، بما فيها من أحداث تقترب من الخيال، لكنها الحقيقة التى عشتها كما هى، والله شاهد على كل كلمة كتبتها، والدموع تنهمر من عينى، وأدعوه أن يقف إلى جوارى ولا يخذلنى فيما أتضرع إليه أن يأخذ بيدى فيه،

ويعيننى على متاعبى التى لا يتخيلها بشر، فلقد تطلعت إلى الاستقرار، وحلمت بفارس الأحلام الذى يعوضنى عن حرمانى من أبى وأمى، ويكون سندى فى الحياة، ويسعدنى بالحنان والاهتمام اللذين افتقدتهما منذ طفولتى، حيث مات أبى قبل أن أكمل عاما واحدا، وعشت فى بيت خالى، وتزوجت أمى مرتين بعد ذلك، وفشلت فى الزيجة الأولى، واستقرت فى الثانية، وخلت حياتى من الأبوين، مما أثر على نفسيتى كثيرا، ومرت الأيام بحلوها ومرها، وشغلت كل وقتى فى المذاكرة، وتخرجت فى كلية نظرية، وعملت مندوبة مبيعات ودعاية فى شركة بالقطاع الخاص، وقادتنى الصدفة إلى المشاركة فى ندوة تناقش عددا من القضايا العامة، وفيها التقيت بشاب جذبنى بأسلوبه فى الحديث ودار بيننا نقاش حول موضوع الندوة، وبعد انتهائها تطرق إلى الكلام عن حياته الخاصة، وعرفت انه متزوج ولديه ولد، وعرض علىّ الزواج، فقبلت به، ثم أقنعنى بأن يكون زواجنا عرفيا إلى أن يرتب أوضاعه مع زوجته، وأحضر ورقة زواج عرفى وكتبها ووقعنا عليها، وأخذها معه، ثم طلب منى الالتقاء بشيخ على علاقة به فى محافظة مجاورة لمدينتنا الواقعة فى الوجه البحرى، ولم أفهم ما كان يرمى اليه، لكنى ذهبت معه، وهناك تركنى مع هذا الشيخ الذى عرض علىّ مشروبات كحولية، فرفضت تعاطيها، واستنكرت أن يفعل ذلك، وقلت له: كيف لزوجى أن يأتى بى إلى هنا، ولهذا الغرض الدنىء، وكيف لشيخ مثله ـ إن كان شيخا ـ أن يرتكب هذه الخطيئة الكبرى، فإذا به يرد علىّ برد غريب قائلا: «إحنا بنروح إلى ربنا عن طريق الخطأ».. فلم أتمالك نفسى وثرت فى وجهه، واتصلت بخالى الذى شهد على زواجى العرفى من هذا الشاب المستهتر. الذى حاولت أن أتدثر به، وأبدأ معه حياتى فإذا به نذل يفعل ما يفعله من أجل ملذاته هو وشيخه المزعوم، وبعد أن استدعاه خالى جاء وأعطانى ورقة الزواج العرفى بعد أن مزق الجزء الموجود فيه اسمه، وأنا فى حالة هيستريا، وخرجت من هذه التجربة المريرة محطمة نفسيا، ووجدتنى أعود إلى بيت خالى من جديد، وقد خارت قواى، وحمدت الله أن حياتى معه انتهت بلا أطفال.

وترددت على مستشفى للصحة النفسية بحثا عن التعافى من هذه الأزمة، وشاركت فى جلسات للعلاج الجماعى التقيت خلالها بمن عانوا تجارب مماثلة، فكنا نفضى إلى بعضنا بالمواقف والمشكلات التى تضيق صدورنا بها، وهناك تعرفت على شاب متزوج، ولديه بنت صغيرة، ووجدته شابا محترما، يتمتع بقدرة كبيرة على اقناع الناس، وفهم ما يدور بداخلهم، وفك شفرات الاضطراب النفسى الذى يعانونه، وشيئا فشيئا عرفت من أشخاص مقربين إليه أنه غير مرتاح فى زواجه، ويفكر فى الانفصال عن زوجته، وأنه يتردد على المستشفى بعد أزمة بينه وبين والده نتيجة خلافات فى التجارة المشتركة بينهما، وبعد حوار طويل لى معه عرض علىّ الارتباط، والح فى طلبه، ووجدتنى مشدودة إليه، ولا أدرى إذا كنت قد أحببته أم اننى أوهمت نفسى بذلك.. المهم أن فكرة الزواج منه وهو متزوج كانت عادية بالنسبة لى، وربما أكون قد تعلقت بحلم غريب وأردت تكرار تجربة أمى الناجحة، فى زيجتها الثالثة من رجل متزوج، حيث ربطتها مع زوجته علاقة قوية قامت على التعاون، وعاشتا معا حياة خالية من المشكلات المعتادة بين «الزوجة وضرتها».. نعم لقد دفعتنى تجربتهما الرائعة إلى أن أحب دور الزوجة الثانية، واستمتعت بفكرة أن ألعب هذا الدور عندما رأيت أمى، وضرتها تمرضها، وبعد رحيلها عن الحياة صارت هذه السيدة هى الأم لبنت عمرها سنة وولد عمره ثلاث سنوات هما أخواى من أمى، ودفعنى أيضا إلى قبوله ما مررت به من تجارب غير جادة انتهت جميعا بالفشل من أول لقاء، وسعدت بإصراره على الارتباط بى، ووجدت فيه الأمل فى أن يكون لى بيت وزوج وسند فى الحياة. وقد سألته: ماذا ستصنع عندما تتحسن أحوالك مع زوجتك الأولى؟ فرد سريعا: «سوف أحافظ عليها لكى تتربى إبنتنا فى كنفنا، ولا تكون بعيدة عنى» وزاد على ذلك انه اتفق معها على زواجنا، وانها لا تمانع فى أن يجمع بيننا، واقتنعت بكلامه، كما أقنعنى أسلوبه فى جلسات العلاج الجماعى، وزاد تمسكى به أن أهله على علم بكل شىء، وأكد لى مقربون منه أنه غير مرتاح فى حياته الزوجية، وكلهم أيدوه فى «الزواج الثانى» ووجدته صادقا فى أن زوجته الأولى على علم بأنه سوف يتزوجنى، وكان يتصل بى عبر الهاتف من منزله، وهى إلى جواره، ونتحدث معا وقتا طويلا، ولم تتذمر أو تعترض على ذلك، وهكذا ارتبطت به عاطفيا وذهنيا، وتزوجنا وعشت فى شقة مستقلة بعيدا عن زوجته وكلنا فى نفس المنزل، وحدثت بالطبع مشكلات بيننا، لكنى تحملتها من منطلق أن السنة الأولى للزواج تكون فيها الخلافات كثيرة ويتم احتواؤها، ومرت أيام صعبة، واكتشفت أنه عصبى وأنانى ومستهتر، وسيئ العشرة، وبخيل جدا برغم دخله الكبير، من الأعمال الحرة التى يمتهنها، وتحملت كل متاعبه، فأنا بطبيعتى قادرة على تجاوز الأزمات، ربما لأن ظروف حرمان الطفولة الذى عانيته، جعلتنى صبورة ومتمسكة بالبيت لدرجة قضت على شخصيتى وارادتى، وصرت مثل «الخاتم فى أصبعه» واستسلمت لاهاناته، ورضيت باللحظات الحلوة القليلة فى حياتى، فأى شىء ولو حتى كلمة حلوة ترضينى، وتسعدنى، وليست لى طلبات غير رضاه عنى، ووجوده إلى جانبى، ولكن حتى هذا القليل تبدد من حياتى، فمع الوقت افتقدته لغيابه عن البيت فترات طويلة بلا سبب ولا عذر، ولست قادرة على التمرد، وليس لى مكان أرجع إليه، ولا أحد يردعه فى كل مرة يضربنى فيها أو يهجرنى أو يحرمنى من حقوقى البسيطة فى الحياة.

وأصل إلى الطامة الكبرى التى تؤرقنى والتى لا أجد لها مخرجا، فبعد زواجى مباشرة حملت وأنجبت ولدا فى 11 سبتمبر عام 2011، وقد فرح زوجى به كثيرا، ورفض أن استخدم أى وسائل لمنع الحمل، وعندما لا أستجيب لما يطلبه منى، يلجأ إلى فرض إرادته بأى طريقة، حتى ولو بالايذاء النفسى والبدنى، وهكذا حملت وأنجبت توأما، «ولدا وبنتا» فى 14 ديسمبر 2012.. والكارثة انه رفض استخراج شهادات ميلاد للأولاد، وألححت عليه أن يسجلهم لكنه كان يقول إنه سيسجلهم فى الوقت المناسب، ولا أدرى أى وقت مناسب يتحدث عنه، وبرغم خوفى منه حاولت أن استخرج لهم شهادات ميلاد لكن الموظفين بالسجل المدنى رفضوا تسجيلهم إلا بوجود الأب أو والده أو شقيقه، وكنت كلما فتحت هذا الموضوع الخطير تنتابه حالة عصبية ويغير مسار الحديث أو يطمئننى بأى كلام!!

ولأنه شخص غريب الأطوار فلقد جمعنى أنا وزوجته الأولى فى شقة واحدة، وحاول أن يجمعنا فى فراش واحد، وهى توافقه على كل شىء، لكنى رفضت فأعادنى إلى شقتى من جديد، وعرفت أنها ادعت له قولى اننى التى أنجبت له الولد الذى سيرثه، أما هى فلها بنت واحدة ولن ترث شيئا، وأشياء كثيرة من هذا القبيل!.. وبعد ذلك حملت من جديد. وأنجبت ولدا، هو الوحيد الذى تم تسجيله فى سجلات المواليد رغما عنه، لأننى وضعته فى المستشفى، ولم أفلح فى اقناعه بتسجيل أشقائه الثلاثة.. أعلم اننى أخطأت لأننى لم أتخذ موقفا قاطعا منذ البداية وألغيت عقلى وضيعت صحتى وشبابى بكثرة الانجاب، وكان الرعب ينتابنى كلما فكرت فى أخذ موانع الحمل فى أثناء وجوده خارج المنزل، كأنه يرانى!

.. وليت صنيعى هذا أعجبه، فلقد اتهمنى بأننى فاشلة، ومستسلمة لارادته، وأن هذه الشخصية لا تعجبه. وراح يبحث عن عروس جديدة، والقى علىّ يمين الطلاق، وأوصلنى أنا والأولاد إلى بيت خالى وأعطانى مائة جنيه فقط وقد مر على ذلك شهر كامل لم يسأل عنا خلاله، ولم يرسل لنا مليما واحدا لمصاريف المعيشة، وعرفت من الجيران أنه تزوج من إحدى السيدات، وانه باع العفش الخاص بى، ولم أصل إلى حل مع أهله، فلا أحد «يقدر عليه إلا ربنا»، والكارثة إننى اكتشفت حملى بالطفل بالخامس، ولا أعرف كيف أتصرف فيه، وأخشى من عقاب الله إذا أجهضت نفسى!!

لقد تعبت وخارت قواى، فخلال خمس سنوات أنجبت كل هذا العدد من الأولاد، وصارت تربيتهم فى ظل الظروف التى أحياها صعبة، وأبوهم فى واد خاص به، لا أعرف كيف يفكر، ولا كيف أحصل على حق أولادى منه وكل ما أتمناه أن أجد حلولا لمشاكلى معه، فحتى الطلاق لم يتم اثباته، والذى على أساسه أستطيع أن أطالب بحقوقى القانونية، وقد لجأت إلى محام فلم يقدم لى شيئا بل قال لى كلاما جارحا، ولم أفهم منه ماذا أفعل؟. ولقد فكرت فى أن أحرر ضد زوجى محضرا بالشرطة لإجباره على إثبات الأولاد ولكنى لا أعرف إن كان هذا الاجراء سيفيدنى أم لا؟.. فهم لم يحصلوا على أى تطعيمات حتى الآن ومعرضون للمشكلات الصحية!.. ولن تقبلهم أى مدارس، خصوصا وأن ابنى الأكبر سوف يحل موعد دخوله المدرسة السنة المقبلة!..

أرجوك أن ترشدنى إلى حل من أجل أولادى، فأبوهم يعيش حياته بلا ضمير ولا احساس، ولكن ألا يوجد قانون يحفظ للأولاد وجودهم؟ ويعطينى حقى فى الحياة الآمنة مثل كل البشر؟

ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

الخطأ الفادح الذى وقعت فيه منذ البداية، هو أنك جعلت نفسك «حقل تجارب زوجية»، مدفوعة بوهم اسمه نجاح أمك فى دور الزوجة الثانية بعد رحيل أبيك، وفشل زيجتها الثانية، فرحت تتقمصين شخصيتها أملا فى أن تكونى أنت وضرتك نموذجا لأمك وضرتها، وغاب عنك أنه ليس هكذا تبنى الزيجات الناجحة التى يجب أن تقوم على زوج وزوجة يكمل كل منهما الآخر، ولا يلجأ الزوج الى الارتباط بأخري، إلا اذا كانت فى حياته جوانب نقص لا تستطيع الزوجة الأولى أن تسددها له، حينئذ يفكر فى الزواج بأخرى بشرط أن يعدل بينهما فى كل شيء، ويحافظ على علاقة ود موصولة معهما، وهذا ما أعتقد أن زوج والدتك فعله، وأحسب أنه تزوجها بدافع الإنجاب، إذ من الواضح أن زوجته الأولى لم تنجب، واعتبرت ابنيه من أمك بمثابة ابنيها، وكما ساعدتها فى مرضها الأخير حتى لقيت وجه ربها، فإنها تؤدى الآن دور الأم لابنيها، وهى على هذا النحو ـ سيدة طيبة تتمتع بنقاء السريرة، ولم تهدم بيتها، أو تنفصل عن زوجها، مادامت قد رأت مشروعية زواجه الثانى وحاجته اليه.

إذن الأمر يختلف كثيرا مع ما حدث لك، ولا يدخل فيه ما تتحدثين عنه من الحرمان الذى عانيتيه فى طفولتك، ورغبتك فى أن يكون لك زوج وسند فى الحياة، فتلك الطريقة التى اتبعتيها فى الاعجاب والزواج، تؤكد أنك «مشوشة التفكير» منذ البداية، وتعودت «الثرثرة» مع كل من تجلسين معه، بدليل قولك فى استشهادك لإثبات صحة موقفك ورؤيتك «كما قال المقربون منه»، سواء عن الزوج الأول معدوم الضمير، أو الثانى الذى أظنه «فاقد الأهلية»، فالأول غرر بك بعد أن جذبك سحر كلامه، ورضيت منه بورقة زواج عرفي، وأخطأ خالك برضائه بهذه الزيجة حتى ولو بضغط منك، فمثل هذه الزيجة كان من المعروف مقدما أنها سوف تفشل بعد أن ينال غرضه منك، والأدهى أنه تزوجك بهذه الطريقة لكى يهبك لشيخه، ولا أدرى أى شيخ هذا الذى يرتكب الخطيئة، ويبررها لنفسه بقوله العجيب «احنا بنروح لربنا عن طريق الخطأ»، فأمثاله من المدعين كثيرون، ويجب كشفهم، وتقديمهم الى المحاكمة لكى يتخلص المجتمع من شرورهم وآثامهم، إذ أنهم يجدون ضالتهم فى السيدات البسيطات غير المتعلمات أو اللاتى فى نفوسهن مرض، ولذلك يجب اجتثاثهم فلا يكون لهم مكان بيننا.

والثانى الذى ارتبطت به كزوجة ثانية أيضا إنسقت إليه، وأنت لا تعلمين شيئا عن تجربته الأولى بدعوى أن حب دور الزوجة الثانية يسيطر عليك، فكانت مصيبتك أفدح وأعظم من المصيبة الأولي، التى تداركتيها قبل أن تقعى فى المعصية، إذ أن هذا الشخص ليس طبيعيا بالمرة، فهو يمنعك من تعاطى موانع الحمل بدعوى أنه يحب الأطفال، ويطير فرحا مع ولادة كل ابن جديد، ومع ذلك لا يسجلهم فى سجلات المواليد، ولا أدرى كيف تسكتين على هذه الجريمة التى لا تقتصر كوارثها وتبعاتها عليكم فقط، وانما تمتد الى المجتمع والدولة، فحتى اللقطاء تستخرج لهم دور الرعاية الاجتماعية شهادات ميلاد، فما بالنا بأطفال ولدوا فى أسر مستقرة ومن أبوين متزوجين زواجا شرعيا مشهرا وموثقا؟.

إن ما تدعين أن موظف السجل المدنى قاله لك من أن الأب أو من ينوب عنه كوالده وأشقائه هم فقط المنوط بهم التبليغ عن المواليد غير صحيح بالمرة، فالبند الثانى من المادة 15 من قانون الطفل والتى تتناول الأشخاص المكلفين بالتبليغ عن الولادة ينص على أن «والدة الطفل هى التى تقوم بالتبليغ بشرط اثبات العلاقة الزوجية»، وما دمتما قد تزوجتما زواجا شرعيا، فإن التبليغ كان بإمكانك فى الوقت المناسب عقب الولادة، كما يجوز أن يتولى التبليغ من حضر الولادة من الأقارب والأصهار البالغين حتى الدرجة الثانية وفقا لما جاء فى اللائحة التنفيذية لقانون الطفل، ويسأل عن عدم التبليغ فى المواعيد المقررة المكلفون بالترتيب بدءا بالأب ثم الأم ومديرى المستشفيات ودور الحجر الصحي، والعمد والمشايخ.

هذا هو القانون، ولا سبيل الى تدارك ما فات إلا بتحرير محضر لزوجك فى قسم الشرطة التابع له مسكنكما، مدعما بوثيقة الزواج، ولن يستطيع انكار أنهم أولاده، فالنسب للفراش، وهناك الوسائل الطبية التى تثبت نسبهم إليه اذا حاول الإنكار، علاوة على الفضيحة التى تنتظره وسط الأهل والجيران وكلهم يعرفون قصته!

ويحار المرء فى تفسير اهمال بعض الآباء قيد أبنائهم فى سجلات الأحوال المدنية، حتى وان كانوا حالات نادرة، إنه لا مبرر لمسلكهم الذى ينم عن اهمالهم الجسيم لأولادهم، علاوة على ما يسببه من بخس الأطفال أهم حقوقهم، وهو «حق اكتساب الشخصية القانونية» التى تشمل الاسم والهوية، وما يرتبط بهما من حقوق مدنية، ثم إن مردود هذا الفعل الإجرامى خطير على المجتمع الذى يعيش فيه هؤلاء الأطفال دون مستندات تدل عليهم.

ولعل قصتكم الغريبة تجعل المشرع يعيد النظر فى قانون العقوبات لتكون عقوبة عدم الاخطار عن المواليد، وعدم قيدهم فى السجل المدنى رادعة، فالعقوبة الحالية هى السجن لمدة لا تزيد على خمس سنوات، ولا يتم تفعيلها، ولا تشكل رادعا يمنع البعض من انتهاك القانون.

إن هذا «السلوك اللاأخلاقي» يلحق ضررا بالغا بالأطفال، ولا يشعر المتسبب فيه بالألم، بل ولا يجد من يحاسبه الى أن يسبق «السيف العذل»، لأن معرفة الأطفال المتضررين بأحوالهم فى سن الرشد، سوف تمكنهم من استيفاء جزء يسير من حقوقهم، لا يعوضهم عما فقدوه من لا مبالاة الأهل، وغياب الدور الرقابى للمجتمع الذى قد لا يقبل الزج بالأب والأم المهملين فى السجن.

إذن الحل الواجب عليك اتخاذه الآن بلا تردد، هو أن تحررى محضرا فى قسم الشرطة بعدم قيد أولادك فى السجل المدني، مدعما بالأدلة والأسانيد التى تثبت نسب أولاده الثلاثة الذين لم يتم اثباتهم، ولم يستخرج لهم شهادات ميلاد، ووثيقة زواجكما أنت وأبوهم موجودة كدليل دامغ، وأيضا اثبات حملك فى الطفل الخامس الذى سيأتى الى الدنيا وأنت مطلقة لتدخلى فى دوامة جديدة.

وأرجو أن يصحو ضميره، ويعترف بأخطائه، ويعمل على تصحيحها، ففوق عقاب الدنيا، سوف ينتظره العقاب الإلهي، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
D.saad
شخصيات هامة
شخصيات هامة
D.saad

ذكر
العمر : 75
عدد الرسائل : 1927
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 210
بلد الإقامة : جمهورية مصر العربية
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 Profes10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 1210
نقاط : 9117
ترشيحات : 22
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 112

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 I_icon_minitime13/3/2015, 17:30


بريد الجمعة يكتبه : أحـمــد البــــــرى
امـرأة فى الغابة !

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 2015-635618010299320954-932

ترددت كثيرا فى أن أكتب إليك حكايتى المملوءة بالمآسي

، ثم حزمت أمرى بأن استشيرك فيها بعد أن تعبت من كثرة الهموم التى تلاحقنى منذ سنوات الصبا. وأرجو ألا ينزعج قراؤك منها، كما أنزعج من معظم ما تنشره فى بريدك واسع الانتشار لما فيه من أحزان وأوجاع الآخرين التى تفوق طاقة البشر، فأنا امرأة فى التاسعة والعشرين من عمري، ولكن فى داخلى أشعر أننى قدر هذا العمر ألف مرة نتيجة التجارب المؤلمة التى مرت بي، والظروف القاسية التى واجهتها، فلقد نشأت فى أسرة متوسطة تضم ثلاث بنات أنا واحدة منهن، وولد، وأبى وأمي، ولا أخفى عليك أن علاقتى بهم ليست كما أتمني، ولكنها أيضا ليست سيئة، ونحن نعيش فى إحدى قرى محافظة الدقهلية.تعودت منذ صغرى ألا أحكى أو أبوح بما فى داخلى إلى أحد، وكتمت أسرارى الحزينة، حيث تعرضت لأشياء ومواقف أثرت عليّ كثيرا، ومازالت عالقة بذهني، ولا تفارقه أبدا، فعندما كنت طفلة فى سن الثامنة ألحقنى أبى بكتّاب لدى أحد الشيوخ لكى أحفظ على يديه القرآن الكريم، وذات يوم ذهبت إليه كالعادة فرأيت هذا الشيخ فى غرفة ليس لها باب ولا شباك، وقد أخذ بنتا من زميلاتى ورفع ملابسها. وفعل بها أشياء يصعب وصفها، فحتى الحيوانات لا تفعلها، فما بالنا بشيخ وضع الأهالى ثقتهم فيه، فارتجف جسمى بشدة، وتسارعت نبضات قلبي، وهرولت إلى منزلنا، وأنا أردد بأنفاس متقطعة «الحمد لله» أنه لم يرني، وإلا فعل بى ذلك أنا الأخري، ولم أعد إلى الكتّاب مرة أخري، وحاولت أمى أن تعرف السبب فلم أخبرها بما حدث، ولما عرضت عليّ الذهاب إلى كتّاب آخر، وافقت، وانتقلت إليه، ومضت الأمور على مايرام لدى شيخ محترم لم أر منه أى فعل حقير كسابقه.



وفى يوم أسود كنت أجلس مع أختى وصديقة لها، وطلب منى أحد أعمامى أن أشترى علبة سجائر، فرفضت، فصاحت أختى الكبرى فيّ قائلة: «عيب.. ميصحش تقولى لعمك لأ» وكنا وقتها نجلس فوق سطح المنزل، وكانت المبانى على السطح بالطوب الأحمر فقط وبلا سقف، وبدون أبواب وشبابيك.. المهم إننى وافقت، وأحضرت له طلبه، ولم أكن أعلم ما ينتظرني، فلقد فعل بى عمى مثل ما فعله الشيخ مع زميلتى من احتكاكات خارجية قذرة، فمادت بى الأرض وانخرطت فى بكاء مرير، وزاد ألمى أن أمى رأتنى وأنا على هذه الحال، حيث تصادف أنها صعدت إلى السطح لنشر الغسيل. ولا أعلم كيف عرفت ما فعله عمى بي، وأخذتنى إلى الغرفة، وخلعت ملابسى الداخلية، وسبتنى وضربتني، وحذرتنى من أن أخلع ملابسى أمام أى أحد، فاستمعت إليها، ولم أجرؤ أن أسألها عن ذنبى فيما فعله هذا الرجل الذى سقط من نظرى وأنا فى تلك السن الصغيرة، ولا أريد أن أذكره بأنه عمي، بل إن فعلته التى يندى لها الجبين مازالت مؤثرة فى نفسى حتى اليوم، ولا تفارق خيالي، وأراها فى وجوه أولاده الذين مازالوا يسكنون مع أسرتى فى منزل العائلة.

ومنذ ذلك اليوم صرت مثل الولد، أتعامل بكل حزم وجدية، ولا أهتم بالشباب، وما أكثر من تقربوا منى لكنى صددتهم جميعا، وعشت حياة طبيعية، وركزت فى دراستى وحصلت على الثانوية العامة، والتحقت بالجامعة، ثم وجدتنى أتغير فجأة، ورحت أبحث عن الحب، وأنا لا أدرى أننى أؤذى نفسى بهذا المسلك الخطير، إذ تعرفت على شاب وأقنعنى أنه يحبني، ودعانى إلى زيارة شقته التى ستصبح بيتنا فيما بعد. وحدث ماهو متوقع من شاب وفتاة بمفردهما فى مكان مغلق، بل وما هو أبشع من ذلك، حيث فوجئت بسبعة من أصحابه فعلوا بى مثله، وخرجت من عنده، وأنا شبه فاقدة الوعي، ولعنت نفسى على تفريطى فيها، وقطعت صلتى بكل معارفى إلا صديقة واحدة هى التى وجدت سلواى معها، وزرت أحد الأطباء لكى أعرف إن كان هذا الاعتداء قد أثر على عذريتى أم لا، ففحصنى وأكد لى أننى مازلت عذراء، ومر شهر ولم تأتنى الدورة الشهرية، وأحسست بشيء غير طبيعى داخلي، فعدت إلى الطبيب من جديد، فقال لي: أنت حامل!.. وانخرطت فى البكاء، ووجدتنى أتصل بالشاب النذل الذى تصورت انه يحبني، لكنه ما أن سمع صوتى حتى أغلق هاتفه، ولم يبال برسائلى التى رجوته فيها أن يصحح خطأه ويتزوجني، وباءت كل محاولاتى معه بالفشل، وسألت صديقتى كثيرا عن حل لمأساتي، وأخيرا تخلصت من الحمل وأجهضت نفسي، وتألمت جسديا لكن الألم النفسى كان هو الأقوى والأشد قسوة، وأحسست أن حياتى انتهت عند هذا الحد.

وبعدها زرت أكثر من طبيب، وتأكدت من أننى مازلت عذراء، وسجدت لله شكرا، وأنا عازمة على ألا أعود إلا هذا الذنب أبدا، مهما تعرضت لمضايقات أو اشتدت علىّ الضغوط، وما ساعد على لملمة هذه الكارثة دون علم أهلى أننى كنت أسكن المدينة الجامعية، واقتربت اكثر من الله، فواظبت على الصلاة، كما أننى بطبعى أرتدى الملابس الوقورة، وطويت الماضى ظاهريا، وظلت آثاره العميقة فى نفسى، وكأننى فى غابة يسعى من فيها الى افتراسى بلا رحمة لأننى جميلة، فلا هدف لأى واحد إلا أن يذوق هذا الجمال، دون اعتبار أننى فتاة تسعى الى الحب والحياة السوية.

وبينما أنا على حالى الجديدة، وانصرافى إلى نفسي، تقدم لى شاب طالبا يدى فتركت مسألة قبوله أو رفضه لأهلي، ورأى أبواى أنه شاب مناسب وتمت خطبتنا، وكان مسافرا الى إحدى الدول العربية، وتحدثنا معا عبر الإنترنت كثيرا، ولأننى افتقدت الحب بمفهومه الحقيقى طوال حياتي، رسمت له صورة رائعة فى خيالي، أحببته على أساسها، ومرت الأيام، وعاد الى مصر وتزوجنا. ووقعت مشكلات بسيطة خلال فترة الخطبة كما يحدث عادة فى معظم الزيجات، وتجاوزناها «حتى يسير المركب» كما يقولون، ومنذ اليوم التالى للزفاف أظهر لى أهله وجههم الحقيقي، وانساق إليهم ونفذ إملاءاتهم عليه بالحرف الواحد ودون نقاش، وتعود على سماعهم فقط بلا أى اعتبار لما أقوله، وبغير حوار أو مناقشة، وظل معى شهرا وثلاثة أسابيع، وقبل أن يعود الى البلد العربى الذى يعمل به، زرنا الطبيب ووجدتنى حاملا فى طفلى الأول، وفرض علىّ شروطا جديدة أقساها ألا أزور أسرتى طوال سفره أى لمدة سنة كاملة، وحجته أنها عادة قديمة فى عائلته فلا تذهب الزوجة الى بيت أبيها إلا بعد مولودها الأول.. نعم فرض علىّ هذا الفرمان برغم أن أخته التى تزوجت قبلنا بفترة بسيطة، جاءت إلى أهلها فى أسبوعها الأول من الزواج!.

ومرضت أمي، وحدد الطبيب المعالج موعد جراحة لها، فاتصلت به أرجوه أن يوافق على أن أزورها، فلم يرد علىّ، ولم تجد محاولاتى معه، وانساق الى أهله الذين أوغروا صدره ضدى بلا سبب، وأوقعوا بيننا خلافات لا معنى لها، ولا تفسير، وصم أذنيه وقلبه عن توسلاتي، وكلمات الحب والاحترام والتقدير التى بعثت إليه بها، وردّدتها عليه فى رسائلى المتواصلة، وذهبت إلى أسرتي، وجلست بجوار أمى واطمأننت عليها، وأرسلت له عبر الهاتف المحمول اننى زرت أمى قبل الجراحة، فاتصل بى ونهرنى بشدة، وقال لى أننى مطلقة منه الآن!... فهو يريد ألا اخرج من المنزل ابدا، وأن أصحو من النوم فى السادسة صباحا، وأنزل إلى والدته وزوجة شقيقه، وأظل معهما طوال اليوم، وأخدم الجميع، ولا أصعد إلى شقتى إلا عند النوم!.. وسمعت من العائلة كلاما كثيرا عن أن «حماتى وسلفتي» وشقيقاته يغرن منى لأننى أجمل واحدة فى البيت، وتردن إيذائى بأى شكل، ولم أهتم لذلك، وصبرت وتحملت من أجل أن تسير بى الحياة، ثم فوجئت به يتصل بى فى منتصف الليل ذات يوم، ويطردنى عبر الهاتف، وبعدها أغلق الهاتف، فاتصلت بشقيقى لكى يأتى إليّ ويأخذنى معه إلى بيت أهلي، فجاءنى مسرعا، ومستفسرا عما حدث، ولم يمنعنى أهله من الخروج، وتجاهلوا الأمر تماما، وظللت عند اسرتى تسعة أشهر كاملة إلى أن عاد فى إجازته السنوية.

ولكى يحمى أهله ماء وجوههم أمام الآخرين راحوا يدّعون أننى سببت أمه وشقيقاته، وأريد أكلات معينة، ولا أستطيع أن أصنع أى طعام، وقالوا كلاما كثيرا للناس هدفهم منه التشهير بي، ولكى يبرروا سبب غضبى ووجودى عند أهلى طوال هذه المدة!... وبرغم ما فعلوه لم أقطع رسائلى إليه، ولم أتوقف عند سبابه لي، فهو زوجى ولكن يؤلمنى ما يفعله بي، وما يزيد من حزنى أنه لا يعرف أى شيء عن حقوق الزوجة، ولا يهتم بمولودته، ولقد بعثت له بميعاد ومكان الولادة، وبعث أبى إلى أهله يخبرهم بولادتي، فلم يأت أحد منهم أو يسأل عني، ولو بالتليفون.

ومرت ثلاثة أشهر على الولادة دون أن يلين قلب زوجي، أو أحد من أسرته، ثم جاء من السفر، وأرسل واحدا من أهله دون أن يحضر بنفسه ليأخذني، ويشرح لى حكاية الطلاق التى قالها لي، وأى طلاق كان يقصده، فرفض أبى عودتى إليه بهذا الشكل، وعاودت الاتصال به لكى أقول له إن ما يفعله يسيئ إلينا جميعا، وبعد محاولات مريرة جاءنا قبل عودته إلى البلد العربى بأسبوع، ورجوت أبى ألا يحدثه فى شيء، وعندما سلم أبى عليه، أدار وجهه إلى الناحية الأخري، وتجاهل الكل موقفه حتى أرجع إليه، لكنها كانت عودة مهينة إلى أبعد الحدود، فلقد تركنى فى الشارع مع الاغراب وهم الذين أوصلونى إلى منزله، وبت ليلة عصيبة، لم يتحدث كلانا خلالها مع الآخر، ولم ينظر إلى ابنته ولو نظرة واحدة، وأجبرنى على الاعتذار لأمه على ما لم أقله عليها ابدا وامتثلت لإرادته حتى تسير الأمور.

وخلال ذلك الاسبوع تعرضت للبهدلة والاهانة بما يكفى بلدا كاملا.. وكان كل همه أن يأخذ شبكتى بحجة أنها من ماله، مستنكرا أن أخذها معى إلى بيت أهلي، ولا أعيدها مرة أخري، وتجاهل أنه لم يصرف علينا، ولا على الولادة، وطلبات بنتنا مليما واحدا، بل أنه أرسل أناسا كثيرين لإحضار الشبكة من عند أبي، فأصررت على الا يعطيهم أبى ذهبي، فهذا ملك لي، فمنع أهلى من دخول بيته، وسافر من جديد، ولم يعطنى سوى اربعمائة جنيه فقط، وجاءت أمى وأختى لتحدثا أمه عما يفعله بي، فنهرتهما هى وشقيقة زوجي، فأخذتهما عندى فى الشقة، واتصلنا بعمه، فجاء ومعه شقيقة زوجى الكبري، ثم تجمعت أخواته وانقض الجميع علينا، كما ينقض الأسد على فريسته، وخرج عمهم، وتركنا فى هذه المعركة، وكادت ابنتى الرضيعة أن تموت من شدة التجاذب، وكانت أمى تحملها، وأخذت تصرخ بشدة، وتمكنت من أن أخذها قبل أن تضيع مني، ثم تلفت حولي، فوجدت أمى تنزف دما من رأسها، وتجمع الجيران، وخلصونا من هؤلاء الاشرار!.

ولذت أنا وأمى وأختى ومعنا ابنتى بالفرار، ولم آخذ، ولا حتى فستانا واحدا من الفساتين التى اشتراها أبى لابنتي، وبعدها حرر شقيقه محضرا ضدى فى قسم الشرطة بأننى سرقت ذهبي!.. ثم حرروا محضرا وهميا لخالى بأنه هو الذى سرق الذهب وضرب أمهم وأطلق الرصاص، وتعددت محاضرهم الوهمية ضد أهلي، سواء ممن حضر منهم تلك الواقعة، ومن لم يحضر!، وتحولت المحاضر إلى النيابة ثم الى المحكمة، وحصلنا على البراءة من أول جلسة، وظللت فى بيت أبى ثلاث سنوات.. لا أنا متزوجة، ولا مطلقة، وأصبحت «سيرتى على كل لسان»، الى جانب التعب النفسى والعضوي، ولما فشلت فى إصلاح حال زوجى والحفاظ على أسرتنا رفعت ضده قضايا للحصول على حقوقى أنا وابنتي.. فإذا به يساومنى للعودة إليه مرة أخري، ويقول لي: أحضرى الذهب، فهو يريد أن يتمكن من شبكتي.. هذا كل هدفه من ارجاعى إليه، ولم يأبه بمرض ابنته التى ولدت مصابة بحول تبادلى فى عينيها، ولم يفكر فى إجراء جراحة لها، بل انه لم يسجلها فى السجل المدنى أو يبعث من ينوب عنه لتسجيلها، وتوليت ذلك بنفسى فى اليوم الثالث للولادة حتى لا تسقط من القيد.. إنهم أناس قلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة.

ولقد عاد الى مصر، ولم يطلقني، ولم يجر لابنته العملية، بل راح يبحث عن عروس جديدة، وتقطع قلبى فى الثانية الواحدة ألف مرة، وبعد كل هذا العذاب طلقنى غيابيا، وأخذت عليه أحكاما عديدة بالمتعة والنفقة ولم ينفذ أى منها، بدعوى أنه خارج البلاد، مع أنه يعود إلى مصر كل نحو 6 أشهر ولقد جئنا بشهادة تحركات له أكثر من مرة، لكن الموظف الذى يذهب إليه، يسجل أنه غير موجود، حتى وهو داخل المنزل، وبعد أن أعيتنا الحيل قمنا بالحجز على والدته، والغريب أنه عندما يذهب إليها رجال تنفيذ الأحكام يعطفون عليها ويتركونها، ويعودون من حيث أتوا!، ولا أدرى لماذا لا يعطفون علىّ أنا وابنتى ويأتون لنا بحقنا، فحتى أثاث الزوجية الخاص بى استخدمه شقيقه فى زواجه!.. كما أنه هو الآخر تزوج منذ نحو شهرين.. كل هذا والمسئول عن تنفيذ الأحكام يقول لأبي: انها حالة إنسانية، فأمه سيدة عجوز، ولا يستطيع أن يفعل معها شيئا، ولا أدرى عن أى إنسانية يتحدث هذا المسئول، فأنا لم أر أو أعش الإنسانية طوال عمري، فهل أصبحت موجودة الآن لتحرمنى من حقوقي؟.. وأى قانون يمنع مظلومة من الحصول على حقها لأن زوجها فى الخارج، وأمه عجوز، وهى التى تسيطر على كل شيء؟!.. فأنا أحيا فى هذا العذاب منذ أربع سنوات، ومع ذلك أتقى الله فى معاملتى له حتى الآن، وعندما يأتى فى اجازة ويطلب لقاء ابنته أرسلها له لكى يراها، أما أبى فيستشيط غضبا لأن مطلقى لا يصرف على ابنته، لكنى لا أستطيع أن أمنعها عن أبيها، وأخشى عقاب الله عز وجل.

ووسط هذه الأعاصير تعرفت على شاب من القاهرة عن طريق الانترنت منذ ثمانية أشهر، وتزوجنا سريعا، ورفض أن تأتى ابنتى معي، وعرضت الأمر على أهلى فقالوا لى إن أى شخص سيطلب ذلك، وهكذا تركتها مع أبى وأمي، وتيتمت الصغيرة فى حياة أبويها، وفقدت قلبى وروحى ببعدى عنها، وبعد الزواج وجدت زوجى غريب الأطوار، إذ منعنى من أن أحمل «موبايل» ورفض أن أعمل، أو أن أخرج من البيت ولو لشراء الطلبات، أو أن أفتح باب الشقة أصلا، فكل شيء لديه ممنوع، بحجة أنه خائف علىّ مما يحدث فى مصر الآن!.. إننى لا أعيش حياة طبيعية، وقد تحدثت معه كثيرا لكنه وضع طلاقنا فى كفة، وتنفيذ قائمة الممنوعات فى كفة أخري، والحقيقة أننى لا أطيق الحياة على هذا النحو القاسي، الذى لا مبرر له، ولا أحد يقبل به، وأصبحت بين خيارين.. فإما أن أبقى سجينة خوف زوجى المرضي، وفرماناته العجيبة، أو أن أنفصل عنه، وأظل سجينة العادات والتقاليد فى بيت أهلى كمطلقة للمرة الثانية، فبماذا تشير عليّ؟.. وهل من حل يريحنى من العذاب الأليم فى هذه الدنيا؟.





ولكاتبة هذه الرسالة أقول:



إذا فقد الرجل ثقته فى زوجته، وتسرب إليه الشك تجاهها فإن حياتهما معا تصبح مستحيلة، ومبعث هذه الثقة هو أن يطمئن إلى حسن عشرتها وهدوئها ورزانتها فى قياس الأمور، واتخاذ خطواتها فى الحياة، وأنها لا تنجرف إلى التعرف على الآخرين والاصغاء إليهم والعمل بما يملونه عليها من نصائح وأفكار غير مدروسة أو لها أهداف مشبوهة، لكن زوجك الحالى الذى انتهى بك المطاف معه، لا يشعر بذلك ويظن أنه كما عرفك وتزوجك سريعا على الانترنت فإنك سوف تتعرفين على غيره، وربما تنساقين إلى آخر.. هكذا تحدثه نفسه، وإن لم يبح إليك بذلك، فرأى درءا لهذه الهواجس أن يضرب حصارا عليك فى المنزل فلا تغادريه لأى سبب من الأسباب ولا حتى شراء متطلبات المعيشة اليومية، بدعوى الخوف عليك من الشارع وتداعيات الأحداث الجارية من محاولات الجماعات الارهابية زعزعة الاستقرار بزرع عبوات ناسفة هنا أو هناك، وهو تفسير غريب لم يجد غيره لكى يوهمك بأنه السبب فى عزلك بالمنزل، لكن الحقيقة على خلاف ذلك، فالحياة تسير بشكل عادى والأمور كلها على ما يرام، وهذه الزوبعات المتناثرة على يد هذه الجماعات لا تأثير لها على الاطلاق، فالشوارع مكتظة بالناس، ولم يدر بخلد أحد أن يقبع فى المنزل خوفا من هذه الأحداث، ثم لماذا لا يخاف هو على نفسه ويلزم البيت أيضا؟

ويخطئ من يتصور أن الحياة الزوجية من الممكن أن تستقيم على النحو الذى يفكر به، فهذا الفرمان الذى اتخذه سوف يؤدى إلى انتهائها إن لم يكن اليوم فسوف يكون غدا ولا تجدى معه الحلول المسكنة كمسايرته لبعض الوقت إلى أن يهدأ مثلما فشلت زيجتك السابقة، مع رجل لا يملك قراره، ويخضع لإرادة أهله، ولست هنا بصدد الحديث عن وقائع محددة، ولا عن تفاصيل المهازل التى حدثت بينكما، فتحليل هذه الوقائع لمعرفة من المخطئ ومن المجنى عليه، يتطلب الجلوس مع الطرفين لنتعرف على موقف كل منهما، وما صدر من أفعال من جانبهما، وإنما أتناول المسألة من منظور عام، فما أكثر الزيجات التى تفشل بعد شهور من الزواج لسبب واحد وإن تعددت أوجهه، وهو أن أهل العروس يرون أحيانا أن العريس «لقطة» أو يشغل وظيفة ممتازة، أو مسافر إلى الخارج، أو من عائلة ذات حسب ونسب إلى غير ذلك من الأسباب التى تغرى الكثيرين، فيسارعون إلى تزويجه ابنتهم وهم يظنون أنهم يحسنون صنعا بهذا الارتباط غافلين أو متغافلين أن عدم التعرف على هذا العريس فترة كافية يحجب عنهم كشف حقائق أهله وطباعهم، والأمر نفسه بالنسبة للطرف الآخر، إذ ينبغى على أهل الشاب أن يدققوا الاختيار، ويكونوا حريصين على استمرار الخطبة فترة مناسبة ليتبين كل من الطرفين ما يتيسر له من طباع الآخر... نعم.. لقد تجاهلت أنت وأهلك هذا الشرط المهم فى الارتباط. ومع أول خلاف تمسكت بأن تكون الشبكة لدى أسرتك وتمسك زوجك بأن تحضريها، وبغير أن أتطرق إلى نيته فيما كان سيفعله بالشبكة، فإنه لا يعقل أبدا أن تجعلى هدفك هو استمرار تخزينها فى بيت أبيك حتى بعد الصلح، فالذهب لا يبنى الحياة، ولا البيوت، بل إن صنيعك هذا هو الذى فتح أبواب جهنم عليكم، ومهما تكن قيمته فإنه لا يغنيك عن حياتك المستقرة شيئا, وأما عن تدخل الأهل من الطرفين بين الزوجين فإنه يباعد بينهما، ولا حل إلا بأن يضبطوا مسافة منكما فلا يقتربون حتى الالتصاق، ولا يبتعدون حتى يتصرف كلاكما بلا وعى وحسب هواه، فالنصيحة تكفى لكى يعيد الزوجان حساباتهما ويصفيا خلافاتهما، ويعودا معا إلى المسار الصحيح فى نهر الحياة.

وأما الجرائم القديمة التى ارتكبها المسمى بالشيخ فى الكتَّاب وعمك معدوم الضمير، وكذلك الشاب المستهتر الذى ارتكب خطيئته الكبرى معك هو وأصدقاؤه فإنك تتحملين جانبا منها بسكوتك عن هذه الأفعال، وكان يجب فضحهم جميعا، وأن تأخذى حذرك من الوقوع فى براثن الخطأ، لا أن توافقى شابا غرر بك على الذهاب معه إلى شقته أملا فى الزواج، فالرجل لا يثق أبدا فيمن توافقه على أفعاله، وتتصرف حسب هواه.. ولا يمكن أن يرتبط بها، وإنما يبحث عمن يستعصى عليه الوصول إليها، ولعلك استوعبت الدرس الآن، فأرجو أن تنسى كل الإساءات التى تعرضت لها، ولتتعلمى أن أعظم الأسباب لدفعها عنك هو أن تضعيها فى دائرة النسيان، ولتتطلعى إلى غد جديد، ودنيا مختلفة، ولا تعتبرى خلافاتك مع زوجك بسبب املاءاته أمرا سيئا، خصوصا وأنه زوجك الثانى بعد تجربتك الأولى الفاشلة، فنحن بحاجة للخلافات أحيانا لكى نعرف ما يخفيه الآخرون فى قلوبهم، وقد تكشفت لك نياته من أنه سيجعلك أسيرة المنزل، فبانت أغراضه وهددك بالامتثال لأمره أو الطلاق. تماما مثلما فعل زوجك الأول، ولا حل غير المصارحة والمكاشفة، فإن قراره هذا يحمل نبرة الشك فيك، وإذا تسرب الشك إلى قلب الرجل لا تستمر الحياة الزوجية، وحتما سيقع الطلاق، وربما بعد انجاب أولاد جدد، وليعلم أن المرأة إذا أرادت شيئا سوف تفعله، وأن ربها وضميرها ودينها وأخلاقها هى العوامل التى تضبط حياتها علاوة على حبها له، فلا يفسد حياته بنفسه، وان استجاب لك يا سيدتى ووضع الأمور فى نصابها الصحيح، فواصلى حياتك معه، وابحثى دائما عن المساحات المشتركة بينكما فقويها، وإذا تمسك برأيه فلا بديل عن الانفصال لأنه سيحدث إن عاجلا أو آجلا، ولا عيب أن تنفصلى للمرة الثانية، فأنت لم ترتكبى جرما ولا خطيئة، ودعك من العادات والتقاليد، ولا تبحثى عن السعادة فى الآخرين، وإلا ستجدين نفسك وحيدة وحزينة، بل ابحثى عنها داخل نفسك، ووقتها سوف تشعرين بها حتى لو ظللت وحيدة. وأخيرا فإننا جميعا نرتكب الأخطاء، ونتعلم منها وأذكر قول «ابراهام لينكولن» إذا أحس أحد أنه لم يخطئ أبدا، فهذا يعنى أنه لم يجرب أى جديد فى حياته، والمهم أن نتعلم من أخطائنا دروسا وعبرا تساعدنا على الابحار فى نهر الحياة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
هناء العدوي
مكرم
مكرم
هناء العدوي

انثى
عدد الرسائل : 1164
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 210
بلد الإقامة : القاهرة
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 Unknow10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 S3eed10
نقاط : 7550
ترشيحات : 12
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 112

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 I_icon_minitime20/3/2015, 22:20


بريد الجمعة يكتبه احمد البرى
الدمار الشامل!



بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 73 2015-635624001043043066-304

ضاقت بى السبل، وانعدمت الحيل، ووجدتنى فى طريق مظلم لا آخر له،

فقررت أن أكتب إليك عسى أن ترشدنى إلى وسيلة للخلاص مما أعانيه، فأنا رجل فى الثامنة والأربعين من عمري، نشأت فى أسرة فقيرة أو قل معدمة بلا أى إمكانيات، ومع ذلك كافح أبواى رحمهما الله كفاح الأبطال لكى أتم تعليمى الجامعي، حتى تخرجت فى كلية الحقوق، واقتربت منهما وكنت أكثر أشقائى ارتباطا بهما، وساعدتهما قدر طاقتى فى بداية حياتى العملية بعد أن اشتغلت بالمحاماة، حيث افتتحت مكتبا فى حجرة صغيرة بمنزل والدى المتواضع بمنطقة عشوائية فى شبرا مصر، وذات يوم جاءتنى سيدة ريفية من الزقازيق بمحافظة الشرقية ومعها طفلان، ولد عمره أيام وبنت عمرها سنتان، لرفع دعوى أحوال شخصية ضد مطلقها الذى قالت إنه أذاقها الأمرين، وانخرطت فى بكاء حار فأشفقت عليها وهدأت من روعها، وتوالى ترددها عليّ وظلت تطاردنى كل يوم برغم طول المسافة بين القاهرة والشرقية. وهكذا صرت أسيرا لها، فلقد سيطرت عليّ بما تملكه من خبرة ودراية كأنثى فى التعامل مع من هو عديم الخبرة فى التعامل مع الجنس الآخر، إذ لم تكن لى أى تجارب عاطفية طوال دراستى الجامعية، ولا بعد تخرجى، وخوفا من أن أقع فى الخطيئة، وأرتكب مايغضب الله عقدت قرانى عليها سرا، ولم أخبر أحدا من أهلى إشفاقا عليهم من وقع الصدمة، حيث كانوا ينظرون إليّ نظرة القدوة والمثل فى كل شيء، ولا يتصور أحدهم أن أتزوج بهذه الطريقة، واستأجرت لها حجرة وصالة فى منطقة قريبة من منزلنا، وكتمت هذا السر عنهم لفترة، ثم تناثرت الشائعات عن زواجى منها، وسألنى أبواى عن صحة هذا الكلام فنفيت علاقتى بهذه السيدة وقلت لهما إنها موكلتى فى قضية ضد زوجها، لكنى فى تلك اللحظة أدركت الخطأ الذى ارتكبته عندما اتخذت قرارا مصيريا بالزواج دون أن أستشير أهلي، ولم تكن لى نظرة بعيدة بما يمكن أن أتعرض له من متاعب أو قل إننى كنت استشعر ذلك دون اهتمام!

وكان طبيعيا مع نفيى الدائم لهذه الزيجة، أن يلح عليّ والدى رحمه الله بالزواج، بعد أن تخطيت سن الثلاثين فظللت أؤجل هذه المسألة إلى أن تعرفت على فتاة ملكت قلبى من أول لقاء، حيث وجدتها إنسانة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان فهى معلمة من أسرة محترمة، ولا يعيبها شيء وخشيت أن يرفضنى أهلها إذا تقدمت لها، ولما تحدثت معها فى الأمر استغربت كلامى واعتبرته كلاما مرسلا، فرددت عليها بأننى سأزورهم خلال أيام، وبالفعل تقدمت لخطبتها، وسأل أهلها عني، وعرفوا من الجيران قصتى مع السيدة التى تزوجتها فعاتبتنى فتاتي، ووعدتها أن أنهى هذه العلاقة التى لم أخبرها بها خشية أن تبتعد عني، فسكتت بما يعنى أنها توافق على الارتباط بي، وتمت خطبتنا، وفى الوقت الذى قررت فيه أن أطلق زوجتى الأولى عرفت أنها حامل فتراجعت عن تطليقها، وبعد شهور أقمت حفل زفاف بسيطا، وتزوجت فتاة أحلامي، ثم وضعت زوجتى الأولى ابنتنا الكبرى رشا وبعدها بعام وضعت زوجتى الثانية ابننا أحمد، وتوالت الأحداث وماتت والدتى ولحقها والدي، وهما لا يعرفان حقيقة زواجى الأول، وتنقلت من مسكن إلى آخر، وتخبطت بى الحياة فمرة تسير الأمور على ما يرام وتكون سهلة وميسرة، ومرات تتعقد وتتشابك، وتصبح كالسجن الكبير.

وشيئا فشيئا عرفت أن زوجتى الأولى ارتبطت قبلى بثمانية أزواج، ولم تكن كل زيجة منها تستمر أكثر من عام تنجب خلاله من زوجها ثم لا يلبث أن يطلقها، إلى أن التقت بى وتزوجتها وانتقلت بها إلى شقة فى قليوب لتكون بعيدة عن زوجتى الثانية واشتريت لها ثلاجة بالتقسيط وتعثرت فى سداد آخر قسطين، فرفع صاحب المحل الذى اشتريتها منه جنحة ضدى بالمبلغ ، كما تراكم إيجار الشقة حتى وصل إلى ألف جنيه حررت به إيصال أمانة لصاحب المنزل، وأما زوجتى الثانية فهى من منطقة المؤسسة بشبرا، وأخذت لها شقة بجوار والدتها سعيا لراحتها، وطلب صاحب الشقة مبلغ ألفى جنيه، كما اشترط من كان يستأجرها مبلغا مماثلا لكى يتركها، فحررت إيصالين بأربعة آلاف جنيه حلا للمشكلة، وتراكمت الديون عليّ، ولم أستطع سداد أى إيصال من الإيصالات الأربعة، فرفع أصحابها ضدى أربع دعاوى جنح خيانة أمانة فى محافظة القليوبية.

ولم تكن زوجتى الأولى تعلم بزواجى الثاني، لكنها تتبعتنى وعرفت أننى متزوج من معلمة فأقامت الدنيا ضدي، ودمرت حياتي، وبهدلتنى أنا وزوجتى الثانية، وأساءت إلى سمعتى فى الشركة التى عملت بها مديرا للشئون القانونية فاضطررت إلى الاستقالة، والاختفاء عن عيون الناس!، ولم تقبل زوجتى الثانية التى ظنت أننى طلقت الأولى بهذا الوضع ، فتركتنى وذهبت إلى أهلها، ولم تفلح محاولاتى لإرجاعها، ورددوا على مسامعى أننى أخفيت عنهم حكاية زوجتى الأولي، ولم أف بوعدى بتطليقها، وأنهم انساقوا إلى كلامى الوهمى واتهمونى بالكذب والمماطلة، وتشتتت حياتي، ولم أجد من يساعدنى فى لملمة بعض ما تبعثر من الاستقرار الذى تبدد بسبب سوء تصرفى وقلة خبرتي، سوى شقيقى الأكبر، فلجأت إليه وأنا فى قمة الخجل، وطلبت منه أن يتدخل من أجل الصلح معها، فاتصل بهم ووافقوا على لقائه، وهم يتصورون أننى سأذهب معه، ولذلك رتبوا الأمر، وأبلغوا المباحث بالحكمين الصادرين ضدى فى دائرة المؤسسة، ولم يكونوا على علم بحكمى قليوب وقد كانا باتين نهائيين، وتم عمل كمين لى للقبض عليّ. ففوجئوا بأن أخى هو الذى ذهب إليهم وحده، وفشلت الجلسة، وخرج أخى من عندهم كسيرا مذهولا من هول الموقف، وفى طريق عودته صدمته سيارة مسرعة، وحمله المارة إلى المستشفي، وبفحصه تبين أنه مصاب بارتجاج فى المخ، وتوقفت الأمور مع زوجتى الثانية عند هذا الحد، ولم أستطع زيارتها، أو حتى رؤيتها منذ مغادرتها المنزل، كما أنها كانت حاملا عندما تركت المنزل، وأنجبت ابنتنا رما فى بيت أهلها.

وتملكنى الرعب من كل شيء حولي، ولم أجد أمامى سوى أن أستجيب لإملاءات زوجتى الأولى برغم كل ما فعلته بي، فتركت القاهرة، وانتقلت معها إلى الزقازيق، واستأجرت لها شقة هناك، وعشت فيها غريبا مطاردا، وأنا لا أملك قراري، ولا أى شيء، وقد أنجبت ابنتنا الثانية منها وأطلقت عليها اسم مني، ليصبح لدى أربعة أبناء، بنتان من الأولي، «رشا ومني»، وولد وبنت من الثانية «أحمد ورما»!!!

وفى الزقازيق وجدتنى بلا عمل، ولا هدف، وصرت إنسانا محطما، إذ لم يكن لى عمل، ولا مصدر رزق. فعملت بالمحاماة تارة، وبمهن أخرى تارة، وزادت أوضاعى سوءا بالانتكاسة الصحية والنفسية لزوجتي، فبعد زواجى منها، عرفت أنها مصابة بالربو المزمن وحساسية الصدر، وبمرور الوقت تبين أنها مصابة بفيروس «سي»، ثم أصيبت أخيرا بالسرطان، وأجدها فى حالة هياج دائم لا ينقطع ولا يتوقف ليلا ونهارا، وبمجرد أن ترانى تنهال عليّ بالسباب والشتائم، ووصلت بها الحال إلى حد تقطيع الملابس، وتلفت حولى فلم أجد أحدا من أهلها، وعشت فى رعب، متحملا كل ذلك من أجل ابنتّى منها، ولم يكن لى مكان ألجأ إليه.



وهدانى تفكيرى إلى أن أعرض الأمر على النقابة التى أنتمى إليها، عسى أن تجد لى حلا، فلجأت إلى نقابة المحامين العامة بشمال القاهرة، وحصلت منها على ألف جنيه، أخذت به شقة فى منطقة عبود بالدور الأرضى عبارة عن حجرة وصالة، وجئت بابنتىّ معى من الزقازيق بملابسنا فقط، ودون أى شيء من العفش الذى تركته لزوجتي، وهربنا من المصير المجهول الذى كان يتهددنا هناك. وقد اشتريت سريرا مستعملا تنام عليه البنتان أما أنا فأفترش الأرض. ولا أستطيع أن أصف لك معاناتنا فى ليالى الشتاء القاسية، ورطوبة الدور الأرضي، ولم تفلح البطاطين التى اشتريتها بشق الأنفس فى تدفئتنا، ولم نذق طعم اللحم منذ فترة طويلة، ودفعت المصروفات الدراسية للبنتين بالكاد، ونحن الآن معرضون للطرد من هذه الشقة لأننى لم أتمكن من تسديد إيجارها الذى تراكم عليّ منذ حصولى عليها، وليس لنا مكان نذهب إليه، ولا يوجد لدى ما أستطيع بيعه لتسديد ديوني.

وقد حاولت جاهدا أن أعيد المياه إلى مجاريها مع زوجتى الثانية التى لم أطلقها حتى الآن برغم رفعها دعوى طلاق مازالت منظورة بالمحكمة، إلا أننى فشلت تماما فى إقناعها بعودة حياتنا معا من جديد، فلقد زهدت فى المعيشة معي، وعندما خرجت من شقتنا غاضبة. تركت كل شيء، ولم تأخذ العفش ومحتويات الشقة فأقام صاحب المنزل دعوى ضدي، وحجز على العفش وباعه!!

واليوم وأنا أقترب من سن الخمسين أتلفت حولي، فلا أجد سوى الهم والحزن، والحرمان من زوجتى الثانية التى تمثل لى الحب والمودة، ومن ابنىّ أحمد، ورما التى لم أرها منذ ولادتها حتى الآن.. فقد أصبح أولادى أيتاما، فهناك رشا ومني، يتيمتا أم لم تعد تعى ما يدور حولها، وأحمد ورما يتيما أب بعيد عنهما، مع أن المسافة التى تفصلنى عن بيت أمهما بضعة أمتار، إن الألم يعتصر قلبى والدموع تلازم عينىّ، ولا أستطيع أن أقترب من المنزل الذى يعيشان فيه، وإنى أسألك، هل يكون لى نصيب فى أن يلتئم شمل أسرتى من جديد، وأن تعفو زوجتى الثانية عما سببته لها من متاعب وآلام؟ فالخناق يضيق من حولي، وحياتى كلها مضطربة، ولقد وصلت بى الحال إلى درجة أننى لم أستطع تسديد رسوم القيد بدرجة النقض والاستئناف العالى بمجلس الدولة، واسودت الدنيا كلها أمامي، ولا أجد مخرجا مما أعانيه، وإنى صابر على بلائي، وفوضت أمرى إلى الله، وأرجو أن تشير عليّ بما يمكن أن أفعله من أجل أن أواصل الإبحار فى سفينة الحياة مع أولادى الأربعة؟





ولكاتب هذه الرسالة أقول:



بعد كل ما ارتكبته من أخطاء وجرائم فى حق نفسك وحقوق الآخرين تتصور أنك الضحية ولست الجاني، وهو ادعاء تحاول أن تبرر به أفعالك، وسلوكك غير السوي، فالعبرة ليست بأن تتزوج زواجا شرعيا فقط، وإنما أيضا بأن تكون قادرا على إقامة حياة مستقرة وعادلة بين زوجاتك، ورعاية أولادك، لا أن تشتت الجميع بين البلاد، وتحاول أن تمتص كل فريسة إلى آخر نقطة دم فيها.. فلقد بررت زواجك من الأولى بأنها نصبت شباكها حولك فوجدت نفسك أسيرا لها، ولذلك تزوجتها دون علم أهلك بدعوى أنك كنت عديم الخبرة، ولا أدرى لماذا لم تدافع عن حبك لها إذا كنت بالفعل قد أحببتها أو على الأقل وجدت ضالتك معها، ولماذا لم تحاول أن تقرب المسافات بينكما، فينشأ الحب والتفاهم بالعشرة؟ ولا أدرى ما الذى أتى بها من الزقازيق إلى القاهرة لكى تقيم لها دعوى ضد مطلقها، وكيف أنك من واقع أوراقها لم تكتشف منذ البداية أنها تزوجت ثمانى مرات، وأن لها من كل زيجة ابنا يعيش مع أبيه!، ثم كيف تعرفت على زوجتك الثانية؟.. هل ساقتها إليك الصدفة أيضا؟ فأحببتها من أول نظرة، ولماذا لم تكن صريحا معها فتقول لها إنك متزوج من أخرى وانتظرت إلى أن عرف أهلها حقيقة وضعك الأسرى عندما سألوا عنك فى المنطقة التى تعيشون فيها، وفاتك أن الصراحة والصدق هما مفتاحا النجاة؟

وقد أخطأت زوجتك الثانية عندما قبلت بهذا الوضع، فلقد كان عليها أن تفسخ خطبتها لك بمجرد علمها بكذبك عليها، فالكذب فى هذه الحال لا يمكن مداواته، والأمر هنا لا يدخل فى باب «كذبة وتعدي» كما يحلو للبعض تبرير قبولهم بأوضاع خاطئة، لأن الكذبة تتعلق بأمر مصيرى فلقد أنجبت زوجتك الأولى اثنتين، والثانية اثنين، وتخبط الكل، ودخلوا فى دوامة ألاعيبك، وحتى معاملاتك مع الآخرين من أصحاب العقارات التى استأجرت شققا بها، والمحلات التى اشتريت منها أجهزة منزلية، لم يسلموا من الحيل التى لجأت إليها لكى لا تسدد مستحقاتهم لديك، وفعلت ذلك من باب «الفهلوة»، وتصورت أن كونك محاميا سوف يجعل الآخرين يرهبونك ويخشون من أن تدبر لهم المكائد فينصرفوا عنك وفاتك أن صاحب الحق لا يأبه بأى شيء فهو يمتلك الأدلة والأسانيد التى تثبت حقوقه وبالتالى فإنك سوف تقع يوما فى يد العدالة مهما يطل الوقت!.. ويقينك فى ذلك هو الذى دفعك إلى مغادرة القاهرة وفرارك إلى المحافظة التى تقطن بها زوجتك حيث ظللت هناك طريدا سنوات عديدة.



واستمرارا لأنانيتك المفرطة وبعد أن استنفدت كل أغراضك من زوجتك الأولى التى ساءت حالتها الصحية وصارت عبئا عليك، لم تجد بدا من أن تعود إلى القاهرة، وأن تتذكر فجأة أن لك ولدا وبنتا يعيشان مع أمهما التى تركتها كالبيت الوقف ولم تطلقها إمعانا فى إذلالها وإخضاعها لإملاءاتك عليها، ولا أدرى لماذا لم ترفع هى دعوى خلع فتريح نفسها من هذا العذاب فأنت لا تملك شيئا من الممكن أن تعطيه لها. ولن تستطيع أن تنفذ ضدك أحكاما بالنفقة والمؤخر وغيرها من مستحقاتها وأنت تهرب كل فترة إلى مكان جديد.

إنك لا تريد زوجتك الثانية لكى يعيش ابناك منها معك كما تدّعي، وإنما لكى تصرف مرتبها عليك. وتتولى مسئولية البيت بدلا منك، حتى إذا استتبت لك الأمور، تبحث عن ضحية ثالثة تكرر معها ما فعلته مع سابقتيها.. نعم هذه هى الحقيقة المؤلمة المحفورة فى نفسك، لكنك لا تبوح بها، فحتى لو سلمنا جدلا بأنها قبلت العودة إليك، كيف ستصرف على أسرة مكونة من ستة أفراد، وأنت مكبل بالديون، ولا تمتهن عملا يدر عليك دخلا، ولم تقل ما هو عملك الآن، ومن أين تأتى بالنقود الضرورية للقمة العيش؟..

أيضا مازلت مدينا بالإيجارات القديمة، وثمن الأجهزة التى حصل أصحابها على احكام نهائية بسجنك، إذ لم تدفع رسوم نقابة المحامين للانتقال إلى الجدول الجديد، وكل هذه العراقيل علاوة على التفكير الأنانى لا تستقيم معها أى حياة.

وإذا كنت تبحث عن مخرج لما أنت فيه، فليس أمامك سوى أن تبدأ مشوارا جديدا، فتبحث عن عمل فى المحاماة أو غيرها، بحيث يدر عليك دخلا مناسبا، وما أكثر الأعمال الخاصة التى يجرى الإعلان عنها، فتستطيع أن تسدد ديونك كلها، وأن تعيش مع ابنتيك حياة مستقرة، وبعدها تحدد موقفك من زوجتيك فإما أن تعيش معهما بالمعروف، وإما أن تسرحهما بإحسان، ولا يعقل أن تأكل زوجتك الأولى لحما ثم ترميها عظما بعد أن تكاثرت عليها الأمراض، وعشت معها كل هذه السنوات الطويلة برغم علمك بزيجاتها الثماني، وأما زوجتك الثانية فالأمر متروك لها إن شاءت تعود إليك، أو أن تنفصل عنك، ولا يستطيع أحد أن يجبرها على أمر لا تريده.

والمهم أولا أن تعيد النظر فى فلسفتك فى الحياة وأن تتعلم من الأخطاء القاتلة التى وقعت فيها بإرادتك، وبغير ذلك لن تنصلح أحوالك وسيكون أوان العلاج قد ولي، وإنى أرجوها ألا تتعجل أمر الطلاق منك، أو العودة إليك، إلا بعد أن تتضح لها أمورك إذا كنت حقا تريد اصلاح نفسك.. كما أرجو أن تكون قد استوعبت الدرس جيدا، وأسأل الله لك الهداية والتوفيق، وهو على كل شيء قدير.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بريد الأهرام ( بريد الجمعة )
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 73 من اصل 88انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1 ... 38 ... 72, 73, 74 ... 80 ... 88  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» بريد الجمعة يكتبة : احمد البرى الطفل الكبير !
» سطو مسلح على مكتب بريد في المعادي
» سطو مسلح على مكتب بريد «قها» في القليوبية
» اجعل لك بريد مجاني على الـ hotmail - شرح بالصور
» كيفية حظر بريد الكتروني بسكربت whmcs

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشاعر عبد القوى الأعلامى :: المنتديات العامة :: المنتدى العام-
انتقل الى: