الشاعر عبد القوى الأعلامى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالأحداثموسوعة الأعلامى الحرةأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر
 

 بريد الأهرام ( بريد الجمعة )

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1 ... 34 ... 65, 66, 67 ... 77 ... 88  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
كلمة حق
مرشح
كلمة حق

ذكر
عدد الرسائل : 540
نقاط : 6473
ترشيحات : 0

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 I_icon_minitime21/2/2014, 17:55

مفتاح الفرج
ما أكثر ما تلقيته من رسائل وتعليقات حول رسالة (العيون الخجولة) للفتاة التى تدرس بالثانوية العامة وتعانى التبول اللا إرادى، وترفض الخضوع، وهى فى هذه السن الحرجة للعلاج تلاشيا للعيون التى تنظر إليها حتى،

ولو كانت عيون الأطباء، وهناك من يعرض عليها الزواج، وبعضهم يصف لها تجاربه الدوائية، والإستعداد لاصطحابها إلى الطبيب، وإليكم ما يلى :

< أخت لك : أشعر بما تعانينه من آلام وأوجاع، فلدى أخ مر بظروف مشابهة، وإن كانت أوسع قليلا، وها هو قد وصل إلى سن الثلاثين، وقد عرف فى كل أيامه من المعاناة والألم والظروف القاسية معنى الثقة بالله، والصمود... فلست وحدك من تعانين الآلام، وكل واحد له متاعبه التى تختلف عن غيره، ومن هنا يتعين عليك التحلى بالصبر والاستعانة بالله، ولا تدرين فلعل الله يحدث بعد ذلك أمرا، فعندما قرأت رسالتك وجدت فيها ما كنت أبحث عنه لأخى الذى يعانى منذ ولادته من مرض خلقى اضطره للخضوع لجراحات عديدة على مدى سنين عمره، ولن اتطرق لمعاناته النفسية فى أثناء الدراسة والحياة الاجتماعية، وقد تحسنت حالته كثيرا، وصار الآن شابا وسيما مرحا لديه أحلام وحياة كاملة، وينقصه فقط من تتفهم ظروفه، وتقبل أن تشاركه الحياة، ولديه أصدقاء كثيرون ويسعى إلى تحقيق أحلامه.. والدرس الذى استفدته من تجربة أخى هو أن الإنسان قادر على أن يستمتع بحياته، وأنت يا أختى حالة خاصة اختصك بها الله لحكمة هو يعلمها، وسوف تنتج أحلى ما عندك.. وأرجو أن تسمحى لى بأن أتواصل معك، إذ يجب ألا تكونى وحيدة فيما تعانينه، «وعسى أن تكرهوا شيئا، ويجعل الله فيه خيرا كثيرا».

< صيدلانية : أرجو إبلاغ صاحبة رسالة (العيون الخجولة) بأن حالتها كانت محل دراستى لفترة فى كلية الصيدلة، ووجدت علاجا من مواد طبيعية يقوم المريض بتصنيعها بنفسه، وأراد الله على مدى خمسة عشر عاما الشفاء لكل من نصحته بها.

ويتلخص العلاج فى احضار بيضة واحدة نيئة وكسرها والحصول على قشرها وغسل القشر بالماء فقط، ثم كسره إلى قطع صغيرة، وتحميصه على نار هادئة فى طاسة بدون إضافة أى شئ حتى يصبح لون القشر غامقا مع تقليبه لكى لا يحترق، ويتم بعد ذلك طحن القشر بظهر ملعقة حتى يصبح بودرة، وتؤخذ ملعقة من البودرة، وتضاف إلى كوب من اللبن الحليب، وتضاف إلى الكوب ملعقة مماثلة من زيت حبة البركة، وملعقة من عسل النحل.. ويتم شرب الكوب مرة واحدة يوميا... ويتكرر ذلك لمدة أسبوع، وبإذن الله وفضله سيتم شفاؤها.

< الجدة : لى حفيدة فى سن كاتبة (العيون الخجولة) أى أننى فى مقام جدتها، وعلى استعداد لأخذها إلى الطبيب، وتشجيعها على إزالة خجلها، علما بأننى من عائلة كلها أطباء، ولى دراية كبيرة بهذه الأمور، واسأل الله أن يعيننا على حل بعض مشكلات الناس.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أم البنات
مشرفة
مشرفة
أم البنات

انثى
عدد الرسائل : 9513
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 210
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 Unknow10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 8010
نقاط : 19671
ترشيحات : 44
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 333310

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 I_icon_minitime1/3/2014, 00:34

بريد الجمعة يكتبه - أحمد البرى:
أغـــــــــــرب مــن الخيـــــــــــال!

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 2014-635291335250084159-8

يعتصرنى الألم وأنا أكتب إليك هذه الرسالة عن تجربة عايشت أحداثها، وشاء القدر أن يكون لى دور فيها، فأنا رجل من أسرة متوسطة، وأعمل فى وظيفة مستقرة، وتربطنى علاقات طيبة مع الكثيرين، ولى شقيقة تتمتع بالأخلاق الحميدة والجمال الهادئ منذ صغرها، وقد لفتت نظر تاجر معروف يعمل فى مجال الملابس المشغولة يدويا التى تجد اقبالا من السياح، ولديه وفرة وسعة فى المال، فتقدم إليها طالبا يدها..

ولم نجد فيه ما يعيبه فوافق عليه أبواى بعد أن أظهرت أختى ميلا للارتباط به، وخلال أشهر تزوجا فى حفل بالمنطقة الشعبية الشهيرة التى يعيش فيها، واقبلا على الحياة معا بحب وسكينة، ولاحظت عليها الاستقرار والسعادة، وبعد عام انجبت ولدا، وتبعته ببنت جميلة طارا بها فرحا، ودوت الزغاريد بقدومها، لكن هذا العش الهادئ لم يدم طويلا، إذ سرعان ما تدخل أهل زوجها، وافتعلوا الخلافات معها، وأوغروا صدره تجاهها، فأصبح يفتعل المشكلات معها لأتفه الأسباب، وذات مرة ألقى عليها يمين الطلاق، وفشلت كل محاولات الصلح بينهما، واستقرت بها الحال فى بيت أسرتها، ومعها طفلاها، ولم يدفع لهما أى نفقة برغم حالته الميسورة، ولم ترفع عليه أى دعوى قضائية لكى يصرف عليهما على الأقل وفقا للقانون، وتولى مسئوليتهما جدهما لأمها إلى أن رحل عن الحياة، فانتقلت المهمة إلى جدتهما التى ساندت أمهما فى الإنفاق عليهما، أما أنا فقد باشرت كل ما يتعلق، بهما بنفسى، وكنت لهما الخال والوالد إلى أن التحقا بالمرحلة الاعدادية.

وطرق بابنا طبيب ابدى رغبته فى الزواج من أختى، وشرح لنا ظروفه بأنه تزوج من فتاة عن طريق الأهل والمعارف، ولما مرت عدة سنوات دون انجاب خضعا للتحاليل الطبية، فأظهرت أنه غير قادر على الإنجاب بوضعه الصحى الحالى، وأنه يحتاج إلى العلاج فى الخارج، فسافر إلى لندن، حيث فحصه الأطباء، لكن زوجته لم تتحمل الانتظار، وطلبت الطلاق، فانفصلا، وأنه يعيش وحيدا، وكل ما يريده زوجة صالحة تؤنس وحدته، ورأى فى أختى هذه الزوجة التى يتطلع إليها مؤكدا أنه سيرعى ابنيها حق الرعاية، وأنه يراهما تعويضا من الله له فى الدنيا.. سمعت أختى هذه الكلمات الحانية، فوافقت عليه، وانتقلت إلى بيته مع ابنيها، وكان عند وعده، فأصبح أبا للطفلين ووفر لهما كل شىء حتى إن المنزل امتلأ بلعب الأطفال ، ويخيل إلى الزائر أنه فى حديقة ملاه.

وعلى الجانب الآخر، فلقد تزوج مطلق أختى من موظفة تعمل فى مجال الضرائب، ولما علم بأن ابنيه يعيشان فى كنف رجل آخر يعاملها أحسن معاملة، أكلت الغيرة قلبه، ليس من منطلق أنه ابوهما، ولكن من باب الشكل الاجتماعى، فعرض عليه بعض الاقارب ان يضمهما إليه فوافق، وحزن زوج اختى حزنا شديدا عندما جاء الوسطاء، وأخذوا الطفلين... ومرت أشهر ثقيلة عليه، ثم كانت المفاجأة أن أختى حملت وأنجبت ولدين، فكان الدرس الأول لمن يبتغى بأعماله وجه الله، إذ عوضه سبحانه وتعالى خيرا، ورزقه بهما جزاء عمله ورعايته لطفلى زوجته... أما ابنا أختى فقد عاملتهما زوجة أبيهما فى البداية معاملة حسنة ثم أظهرت وجهها الآخر خصوصا بعد أن أنجبت ولدا وبنتا مثل كثيرات من زوجات الآباء، فتمادت فى التفرقة بين ابنيه من أختى، وابنيه منها، لدرجة أنها كانت تغلق الثلاجة بالمفتاح، وتحتفظ بالطعام فى غرفة نومها... وهو ما لا يفعله أحد، ولم تحس ابدا بخطئها، ولا بتأنيب الضمير على هذا التصرف الذى لا يفعله عاقل حتى مع عابر السبيل، فيمنع عنه ما يقتات به إذا أحس بالجوع!.

ومرت سنوات طويلة على هذه الحال، وأبوهما لا يحرك ساكنا، فزوجته هى صاحبة الكلمة فى البيت، ولم ينقذ ابنا أختى من براثن هذه السيدة إلا أنا وزوج امهما، حيث ظللنا على اتصال بهما، وتابعناهما فى كل كبيرة وصغيرة حتى التحقا بجامعتين حكوميتين، وتخرجا فيهما.. أما أخواهما فقد الحقتهما والدتهما بجامعة خاصة وبمصروفات باهظة... وحاولت جاهدا الا تترك افعال ابيهما أو زوجته اثرا لديهما... وقلت لهما إن الله منّ عليهما بالصحة والتفوق، وأنهما سيكونان ذا شأن عظيم ذات يوم، ووفقنى الله فى توفير وظيفتين لهما.. لتستقر احوالهما بعد معاناة طويلة، وتعب نفسى أعجز عن وصفه.. واستكثرت زوجة أبيهما عليهما السعادة التى بدت عليهما بعد التحاقهما بالعمل، فأصدرت فرمانا بطردهما من البيت، حيث تسكن الاسرة فى شقة مساحتها ثلاثمائة متر مربع بمنطقة فيصل، وقال لهما أبوهما بكل بجاحة (لقد كبرتما وتستطيعان الآن الاعتماد على نفسيكما، فانتما تعملان، وليست لديكما مشكلة فى أن تنتقلا للإقامة فى مكان آخر، حيث إننى سأبيع هذه الشقة، واشترى شقة أخرى مساحتها سبعين مترا مربعا، ولن يكون لكما مكان فيها، وليس بإمكانى أن أصرف عليكما أو اساعدكما من الآن، لأن حالتى المادية صعبة للغاية، بعد أن أفلست تجارتى)!! تصور يا سيدى أن أباهما قال لهما ذلك بمنتهى البجاحة، فهذا الرجل الذى يدعى الفقر يملك شاليهات فى الساحل الشمالى ومارينا والعين السخنة، وعددا من المحال فى المركز التجارى الشهير بالقاهرة، ومصانع عديدة لملابس النساء والأطفال!.

لقد تسمر الشاب والفتاة فى مكانهما وهما يسمعان هذه الكلمات من أبيهما، ثم إذا به يجمع ملابسهما، ويطردهما خارج المنزل فى مشهد لا يصدقه عقل، ولو شاهدته فى فيلم سينمائى لاستغربت أن يصل خيال المؤلف إلى هذه الدرجة من القسوة، لكنها الحقيقة المرة التى عاشها ابنا اختى مع ابيهما وزوجته طوال هذه السنوات.. وفى النهاية لم يجدا ملاذا سوى والدتهما وزوجها الذى استقبلهما بترحاب شديد، وانضما إلى أخيهما من امهما من جديد، وشطب اسم والدهما من تليفوناتهما المحمولة!

أرأيت جحود أب بهذه الدرجة، برغم ثرائه الفاحش؟... ثم ألا يدرك هو وأمثاله أن ما فعله بابنيه ليس نهاية المطاف، وأن الله يمهل ولا يهمل، وسوف يعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون؟.. ثم متى يفيق هؤلاء من الحالة التى أوصلتهم إليها زوجاتهم، فأغضبوا الله وشردوا ابناءهم؟.

> ولكاتب هذه الرسالة أقول :

يغفل الكثيرون أن العقوق متبادل بمعنى أن من يعق ابناءه، سوف يعقونه، ومن يهمل رعايتهم والاهتمام بهم، لابد أنه سيجنى نفس صنيعه بعقوق مماثل، وربما عدم احترام أيضا.. ألا يعلم كل والد أن الله سوف يسأله يوم القيامة عن ولده، قبل أن يسأل ولده عنه، فكلاهما له حقوق على الآخر، وفى ذلك يقول ابن القيم (من أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى، فقد أساء إليه غاية الاساءة، وأكثر الاولاد جاء فسادهم من جانب الآباء باهمالهم لهم، فاضاعوهم صغارا، فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كبارا) كما عاتب بعضهم ولده على العقوق فقال : يا ابت : إنك عققتنى صغيرا، فعققتك كبيرا، واضعتنى وليدا، فاضعتك شيخا).

من هنا فإن ما فعله مطلق أختك مع ابنيه منها سوف ينعكس عليه فى حياته، وقبل رحيله عن الدنيا، فبرغم ثرائه ووجوده على قيد الحياة، فإنه كان دائما ومازال بالنسبة لهما كالميت، فلقد تربيا فى غياب رعايته، وصارا يتيمين، بل لو أنه مات وهما صغيران ما أحسا بالمرارة التى يشعران بها اليوم، وأتذكر قول الشاعر :

ليس اليتيم من انتهى ابواه من

هم الحياة وخلفاه ذليلا

إن اليتيم الذى تلقى له

أما تخلت وأبا مشغولا

والحقيقة أن هذا الرجل افتقد أمرين اساسيين سيكون لهما انعكاس سلبى على ابنيه وعليه ايضا، وهما العلاقة السليمة والقوية معهما والعدل بين اولاده من زوجتيه.. أما الآمر الأول، فيمكن ان نضرب له مثلا بالعلاقة القوية التى ربطت الأب يعقوب عليه السلام بابنه يوسف عليه السلام، التى وصلت قوتها إلى حد أن يوسف كان يخبره بكل شىء يحدث له حتى على مستوى الرؤى والاحلام التى يراها فى منامه، كما قال تعالى (إذ قال يوسف لأبيه يا ابت إنى رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر، رأيتهم لى ساجدين) وهكذا فتحت هذه العلاقة المتينة بمصارحة الابن اباه بكل ما يدور له آفاقا للحوار النافع والمفيد بينهما، بما يساعد الأب على معرفة كل المستجدات التى تطرأ على حياة ابنه بحيث يسهل التعامل معها حسب طبيعتها، وفى الوقت المناسب.

وأما الأمر الثانى، فيتعلق بالعدل بين الأولاد حتى تسلم الأسرة من العقوق والغيرة، بل والحسد أيضا، ومازلنا مع قصة سيدنا يوسف حيث يقول الله عز وجل (إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى ابينا منا، ونحن عصبة إن آبانا لفى ضلال مبين، اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا، يخل لكم وجه أبيكم، وتكونوا من بعده قوما صالحين) وقد قال إخوة يوسف ذلك ليس لأن أباهم لم يعدل بين جميع أبنائه، ولكن لمجرد احساسهم بأنه يحبه أكثر منهم، مع أن الحب فطرة قد لا يستطيع المرء أن يتغلب عليها، ولكن ينبغى على الأب أن يكتم الحب الزائد لأحد أبنائه أو بعضهم، ولتكن المعاملة الحقيقية والظاهرية سواء بين الجميع، وحينئذ يستطيع أن ينزع الحقد والغيرة منهم، وأن يزرع فيهم الألفة والمحبة تجاه بعضهم، وبذلك يسلم من النتائج السيئة التى سوف تترتب على عدم مساواته بينهم.

فإذا أراد مطلق أختك أن ينال رضا الله، فعليه أن يراجع موقفه، وأن يصلح ما أفسده من علاقته بابنيه منها، وأن يعمل على رأب الصدع الذى اصاب علاقتهما بأخيهما، وعلى زوجته أن تتأكد من أن معاملتها القاسية لابنى زوجها، وتفريقها بينهما، وبين ابنيها سوف تنعكس عليها فى حياتها، وستندم على ما فعلته بهما أشد الندم، وليكن زوج أختك الحالى عبرة له، بما أثابه الله به من ذرية صالحة جزاء صنيعه الحسن، ونقاء سريرته... أما أنت يا سيدى فيكفيك دورك الكبير فى تربية ابنى أختك ومتابعتهما حتى وصلا إلى بر الأمان، وعسى أن يستفيد بدروس قصتكم كل الأباء والأبناء.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أم البنات
مشرفة
مشرفة
أم البنات

انثى
عدد الرسائل : 9513
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 210
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 Unknow10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 8010
نقاط : 19671
ترشيحات : 44
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 333310

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 I_icon_minitime1/3/2014, 00:37

حافة الهاوية
تأخرت كثيرا في الكتابة إليك، وعندما قرأت رسالة «السقوط المروع»

حمستنى على الاستعانة برأيك في مشكلتي الشبيهة بما جاء في تلك الرسالة، فأنا شاب في السابعة والعشرين من عمري. وأقيم في إحدي دول الخليج منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة، وقد تعرفت علي فتاة فلبينية، ولا أدري ما الذي حدث لي علي يديها، إذ تعلقت بها كثيرا لدرجة أنني لا أتحمل مرور يوم واحد دون أن أراها، وقد عرفت أنها مسلمة فعرضت عليها الزواج أكثر من مرة لكنها ترفض، ولم تبين لي سببا واضحا لرفضها بالرغم من أنها تبادلني نفس المشاعر.

والمشكلة الحقيقية التي أعانيها هي أنني متزوج منذ أكثر من خمس سنوات ولي من زوجتي ابن، ومنذ أن عرفت هذه الفتاة تغيرت حياتي تماما، ولم تعد لي رغبة في العودة إلي مصر، أو حتي زيارة أسرتي مع أن طبيعة عملي تسمح لي بالسفر كل عام.. وخلال السنة الأولي لي في هذا البلد العربي حققت ما لم يحققه كثيرون من الناحية المادية، وقبل تعرفي علي هذه الفتاة لم يمر يوم واحد دون أن أتصل بزوجتي والتحدث معها وقتا طويلا.

لقد تبدلت حالي الآن ولم أعد أتصل بأسرتي إلا مرة واحدة كل شهر، كما أتيحت لي الفرصة مرات عديدة لأخذ اجازة، لكني أتراجع في كل مرة!

وقد حدثتني نفسي بأن الحالة التي أعيشها ربما يكون سببها أنني ارتبطت بزوجتي بالطريقة التقليدية وبترشيح من أمي وأختي، وليس عن حب، واني أسألك، هل أنفصل عنها، وأتركها تستكمل حياتها مع آخر، أم أرجع إليها ولابني وأطلب منها أن تسامحنى، فهي إنسانة علي قدر كبير من التدين، وقد طلبت مني أن آخذ إجازة أكثر من مرة، وأتحجج دائما بأن ظروفي لا تسمح لي بذلك؟ أرجو أن تدلني علي الطريق الصحيح!

> ولكاتب هذه الرسالة أقول:



أنت الآن علي حافة الهاوية، فإما أن تتماسك وتعود إلي صوابك، وتدرك أن ما تفعله خطأ. وسوف تحاسب عليه، وإما أن تواصل انزلاقك فى البئر السحيقة التي وقعت فيها، ولن تفلح كل الحلول في انتشالك منها.

ولا تظن أن زواجك من الفتاة التي ربطتك علاقة بها سوف يمنعها من أن تواصل الطريق الذي رسمته لنفسها، بل علي العكس قد يكون زواجك منها غطاء لها لاستنزافك ماديا ثم سرعان ما تتحول عنك إلي شخص آخر تجد فيه مآرب أخري.. أما زوجتك وابنك فهما الأبقي لك وأنت في مكنون نفسك تحبها، بدليل الساعات الطويلة التى كنت تقضيها معها علي الهاتف يوميا علي حد تعبيرك.. فانتهز يا سيدي الفرصة في أول إجازة، وعد إلى بيتك، وأعد النظر في مسألة السفر برمتها حتي لا تكرر الخطأ وتقع فيما وقع فيه بطل رسالة «السقوط المروع».

وأسأل الله لك الهداية والتوفيق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أم البنات
مشرفة
مشرفة
أم البنات

انثى
عدد الرسائل : 9513
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 210
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 Unknow10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 8010
نقاط : 19671
ترشيحات : 44
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 333310

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 I_icon_minitime1/3/2014, 00:39

الطعام الوحيد

أنا سيدة فى السادسة والثلاثين من عمرى، نشأت فى أسرة بسيطة بإحدى قرى محافظة الغربية لأب فلاح وأم ربة منزل وسبعة أشقاء، ولم أكمل تعليمى، إذ خرجت من المدرسة الابتدائية، والتحقت بمصنع لإنتاج الملابس لمساعدة أبى فى تكاليف المعيشة الصعبة، وما إن وصلت إلى سن الزواج حتى وافق والدى على ارتباطى بأول طارق لبابى دون أن يسأل عنه، أو يعرف أى تفاصيل عن ظروفه، وانتقلت للإقامة معه فى غرفة واحدة بمنزل أسرته..

وماهى إلا أيام معدودة بعد الزفاف حتى اكتشفت أن زوجى يعانى مرضاً عصبياً، ويتشاجر لاتفه الأسباب، ويتطاول علىّ بالسب والضرب، فلا أجد مفراً من العودة إلى منزل أسرتى، وذات مرة حاول إحراقى بالنار، ولما وصلت حالته إلى هذا الحد، نصحنى والده بترك المنزل خشية أن يحدث لى مكروه، وكنت وقتها قد أنجبت ابنى الوحيد، ولم يكن هناك مفر من الطلاق.. ووجدتنى عالة على أسرتى أنا وطفلى بعد عام واحد من الزواج، فحدث لى تطور مفاجئ مازلت أعانيه حتى اليوم، إذ اننى امتنعت تماما عن تناول الطعام والشراب، ولا أطيق أى شىء إلا اللبن فقط. وحتى الماء لا أشربه.. واحتار أطباء جامعتى طنطا والمنصورة فى تفسير حالتى، وأكدوا أننى لا أعانى أى مشكلات عضوية تمنعنى من تناول الطعام بشكل طبيعى،.. أما بعض »المشايخ« فقالوا لى إنها حالة نفسية، وحاولوا علاجى ببعض الأذكار، لكنى لم أصل إلى حل.

لقد أصبت بالهزال، ولا تنوى قدماى على حمل جسمى النحيل، وسقطت معظم أسنانى ويبدو منظرى غريباً، ويتعجب لحالى كل من يرانى.. ووسط هذه الظروف الصعبة، مات أبى بعد معاناة مع مرض الكبد والطحال، وصرت وحيدة فكل أشقائى تحت خط الفقر وليس بإمكانهم مساعدتى، ولا دخل لى سوى مائة جنيه نفقة صغيرى، ويضيق الخناق علىّ، وسوف أضطر إلى ترك الغرفة التى أقيم فيها، حيث ان أحد أشقائى سوف يتزوج فيها، وليس له مكان آخر يذهب إليه، وأحتاج يوميا إلى كيلو جرامين من اللبن، وأحياناً ثلاثة فى أيام الحر، وهكذا اكتملت دائرة المتاعب حولى ولا أرى مخرجا منها فماذا أفعل ؟

> ولكاتبة هذه الرسالة أقول :

لكل داء دواء بإذن الله، ولكن إياك والقلق، فهو واحد من الأسباب الرئيسية التى تتلف الجسم، وتضعف الصحة، فما تعانينه هو نتيجة للهم والحزن الذى أصابك من هذه الزيجة الفاشلة التى يتحمل والد مطلقك مسئوليتها، حيث انه لم يكن صادقا،ً حين طلبك زوجة لابنه وهو يعلم ما به من مرض عقلى وعصبى، ولا أدرى أى نصيحة أسداها لك بترك المنزل دون أن يحاول إصلاح تداعيات الخطأ الفادح الذى إرتكبه. فلقد كان عليه على الأقل أن يتابع أحوالك، لا أن يضعك وطفلك فى مهب الريح.

ولعل الخطوة الأولى الآن هى أن تعى أن إفراطك فى الحزن سيؤدى بك إلى الهلاك، وفى ذلك قال المتنبى :

والهم يخترم الجسيم نحافة

ويشيب ناصية الصبى ويهرم

فتعاملى مع واقعك بهدوء وتقربى إلى الله، وسوف يفرج كربك قريباً، ولن يتخلى عنك أهل الخير فى ظروفك العصيبة، فانتظرى عطاء من لا يغفل ولا ينام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صافى شان
مشرف
مشرف
صافى شان

ذكر
العمر : 31
عدد الرسائل : 2966
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 1111111
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 8911
نقاط : 11308
ترشيحات : 34
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 311

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 I_icon_minitime8/3/2014, 01:26


بريد الجمعة يكتبه - أحمد البرى:
الزيــــــــــارة الغــــــــــامضةبريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 2014-635297375624310025-431



لم أتخيل يوما أن تصل حالى إلى ما وصلت اليه، ولا أن أعيش الآلام النفسية القاسية التى أعانيها الآن، فأنا رجل فى سن الثالثة والخمسين، وقد بدأت حياتى العملية عندما أكملت المرحلة الثانوية قبل أربعة وثلاثين عاما، فى احدى المدارس التابعة لمركز إيتاى البارود بالبحيرة، وسافرت إلى الأردن، وعملت هناك، وربطتنى صداقات عديدة مع كثيرين من شباب الأردن..

واقتربت كثيرا من أحدهم، ووجدت معه وأسرته الألفة والراحة والطمأنينة، ففاتحته فى الارتباط بأخته، ونقل رغبتى إليها، فأبدت موافقتها، وباركت الأسرة ارتباطنا، وأقبلت على حياتى معها بسعادة غامرة، وفرح أهلى كثيرا باستقرارى وأثنوا على اختيارى، وواظبت على زيارتهم كلما اتيحت لى الفرصة للحصول على إجازة من عملى، ومرت الأيام، وانجبنا ثلاثة أولاد (ولدين وبنتا) وفاتحت زوجتى فى رغبتى العودة إلى مصر، والاستقرار فيها، فلم تمانع برغم تحفظ أهلها، بل وأسرت إلىّ بأنها تتطلع إلى الحياة عندنا، والاقتراب من أهلى، لكي ينشأ أبناؤنا بين ذويهم، وعدت إلى القرية التى تربيت فيها، وقدمت أوراقى فى وظيفة حكومية، وعملت مساعد مهندس ميكانيكى بأحد مراكز البحوث الزراعية، ثم رزقنا الله بولد وبنت ليصبح لدينا خمسة أولاد، وسارت أوضاعنا فى هدوء ورضا، ولم يعكر صفوها أى منغصات، وكانت زوجتى مثالا رائعا للزوجة الوفية والمخلصة، وأحبها أهل قريتنا، ووجدوا فيها الملاذ عند الحاجة أو طلب المشورة، وفجأة أصيبت بمرض فى الأعصاب شخصه الأطباء بأنه تصلب فى الفقرات، وترتب عليه شلل رعاش، فسافرت إلى أهلها بالأردن، ثم عادت إلى مصر، ولم تفلح كل محاولات علاجها هنا وهناك، ولازمت الفراش، أما أنا فقد أديت مهمتى الأب والأم معا، فسهرت على راحتها، وراعيت شئون البيت والأولاد، فكنت أستيقظ مبكرا، وأعد الإفطار ثم اصطحب الأولاد إلى المدارس، وبعد عودتى من العمل أواصل ترتيب البيت وأعطى زوجتى الدواء فى مواعيده، وواجهت ظروفا عصيبة، وتحديت نفسى، وقد منحنى الله من القوة والعزيمة ما ساعدنى على الصمود فى مواجهة ما اعترضنى من متاعب.

وأشارت والدتى علىّ بالزواج حتى يجد أولادى من يرعى شئونهم، فرفضت مجرد الحديث فى هذه المسألة، وقلت لها إن من تحملتنى فى الظروف الصعبة والأحوال السيئة التى مرت بى، وجاءت معى إلى مصر على غير رغبة أهلها، لا يمكن أن أتسبب لها فى أى أذى نفسى، فليس أقسي عليها من أن أتزوج، وهى موجودة معى مهما تكن الأسباب، وإن لم أقف إلى جوارها فى محنتها، فمتى أرد إليها بعض فضلها علىّ، فلم تنطق والدتى بكلمة واحدة، واستمررت فى أداء مهمتى التى اختبرنى الله بها، واشتد المرض على زوجتى ثم فارقت الحياة، فبكيتها كثيرا، ولم يفارق خيالى مشهد الوداع والجنازة فى طريقها إلى المقابر، وأولادى من حولى، وننادى عليها، ولكن هيهات أن ترد علينا... لقد إنتقلت إلى ربها راضية مرضية، وعزاؤنا أنها فى جنات النعيم التى وعد الله بها عباده المتقين، بما اتصفت به من صفات أعجز عن حصرها من الإخلاص والإيمان ونقاء السريرة... وبعد عودتنا إلى المنزل كان كل شىء مختلفا تماما، وخيم السكون على أرجائه، ومرت شهور، وأنا صامد رافضا الزواج والإتيان بزوجة أب لأبنائى.

وجاءنى إخوتى وفاتحونى فيه، وحدثنى أيضا أولادى بكلمات حانية عن أنهم يدركون مدى حبى لأمهم الراحلة، لكن الحياة يجب أن تستمر، وأن أتزوج بمن تعيننا عليها، فسكت، وتركت الأمر للظروف، ثم تعرفت على ممرضة من قرية مجاورة تعمل بالوحدة الصحية، وعرفت أنها مطلقة ولديها ثلاثة أولاد (اثنان مع ابيهما) وبنت معها عمرها أربع سنوات، وحكيت لها ظروفى، وعرضت عليها الزواج فوافقت، وطلبت منى أن أتقبل ابنتها قائلة إنها ستصبح أختا لأولادى، وعقدنا القران، وأنا فى سن الحادية والخمسين، ومر شهران فقط فى حالة هدوء، ثم بدأت المتاعب اليومية بين زوجتى واولادى، ولم يكن يمر أسبوع واحد إلا وتغضب فيه وتذهب إلى أسرتها، بلا سبب مقنع، فإذا أسرعت إليها لأعرف سبب غضبها أجد أنها وأختها الكبرى فى انتظارى، وهما متسلطتا اللسان، وتسهمان فى تعميق الخلافات لأتفه الأسباب.. وذات مرة، وفى حضورهما اشترطت زوجتى للصلح أن أخصص لها سكنا آخر بعيدا عن الأولاد، فرفضت بشدة، وانتهى لقاؤنا فى ذلك اليوم بعودتى بمفردى، وظلت هى فى بيت أسرتها، وأحس أبنائى بالمشكلة، فعرضوا علىّ أن يعيشوا داخل المنزل فى حالهم، وتعيش هى وابنتها معى بعيدا عنهم دون أى احتكاك، وفرضوا على أنفسهم العزلة، وكان لها ما أرادت، ولم أكن راضيا بهذا الحل لكننى اضطررت إليه والحزن يعتصر قلبى، واحترت كثيرا فى تفسير موقفها، ثم تبين لى أنها تريد أن تخرج وتعود وقتما تشاء دون أن يتابعها أحد، أو يرصد تحركاتها، على غرار أختها التى تغيب عن المنزل طوال اليوم، ولا تسمح لزوجها بأن يسألها أين ذهبت؟!.

وعلى مدى عام تقريبا صار خروجها متكررا، ولافتا للنظر، فتسرب الشك إلى قلبى، وحدثتنى نفسى أن أطلع على الأرقام المدونة بهاتفها المحمول لأعرف من الذى يتصل بها أو تتصل به، وأخذت الهاتف، وهى نائمة ووجدته مغلقا برقم سرى، فوضعته فى مكانه، وفى اليوم التالى سألتها عن سبب غلقها التليفون بهذه الطريقة، فافتعلت مشكلة لكى تغطى على الموضوع، وظل هذا الموقف فى مخيلتى حتى جاءت الفرصة، ومددت يدى إلى الهاتف امامها فقرأت عليه أرقاما غير مسجلة بأسماء، فنظرت اليها مستفسرا عن هذه الأرقام، فتغير وجهها، وانتزعت مني الهاتف، ومسحت كل الأرقام المدونة فيه، فاتصلت بشقيقها وأبلغته بأمر أخته فعنفها على موقفها لكنها ظلت على عنادها، ولاحظت القلق عليها بعد هذه المواجهة، وبدا لى أنها تخفى عنى شيئا ما، ثم تأكدت ظنونى عندما جاءتنى قائلة إنها ستمكث عند أختها يومين لكى تجرى عملية ختان لابنتها وابنة اختها فى أحد المستشفيات، وطلبت منى ألا أزور أسرتها فى هذين اليومين حتى لا أسبب حرجا للبنت!!.. وقبل الموعد الذى حددته للجراحة بيوم أخذت ابنتها وذهبت إلى منزل أسرتها، ثم عادت بمفردها، ولما سألتها عن البنت قالت إنها تركتها لدى جدتها، وسوف تعود إليها فى الصباح الباكر، وبتنا ليلتنا وعرضت عليها أن أوصلها إليهم، فقالت أن ابنها الأكبر من مطلقها سيأتى إليها لتوصيلها بالدراجة، فلا داعي لأن أتعب نفسي، فخرجت إلى عملي وبعد نحو ساعتين اتصلت بها للاطمئنان عليها فقالت لي إنها وصلت بالفعل، وهي الآن مع أمها، وبعد أن أنهيت عملي عدت إلى المنزل، وقبل غروب الشمس جاءني ابنها بصحبة أخته، وسألني عن أمه فقلت له: ألم تأت فى الصباح وتأخذها بالدراجة، فرد عليّ قائلا: لا! وفي هذه اللحظة جاءني اتصال هاتفي من زوج أختها الذي سألني: هل وصلتما الي الاسكندرية عند أختك: أريد الاطمئنان عليكما.. هنا أدركت وجود سر خفي وراء ادعاءاتها وكذبها وسارعت بالذهاب إلى أسرتها لكي أتبين الحقيقة.. وظهر عليهم الارتباك الشديد من هول المفاجأة الثقيلة.. إذ قالت لهم انها ستذهب معي الي الإسكندرية لزيارة أختي، وتركت لهم ابنتها بحجة أن الزيارة سوف تستمر يومين، وهكذا تكشفت للجميع خطتها التي حاولت حبكها لكي تبيت ليلتين خارج المنزل، وطالت جلستي مع أهلها حتي الصباح، ولم يغمض لنا جفن وظللنا نسأل عنها فى كل مكان ولم تنقطع محاولات الاتصال بها علي هاتفها المحمول الذي كانت تفتحه تارة فنسمع الرنين وتارة أخري يكون الرقم غير متاح الي أن فصلته تماما عندما أدركت أنها انكشفت!...

ومرت ساعات ثقيلة ولم أذهب الي عملي، وإنما توجهت الي قسم الشرطة والتقيت مع ابن عمها الذي يعمل بالمباحث وأبلغته بما فعلته ،فاتصل بشقيقه وزوج اختها واجتمعنا معا فى محاولة للوصول إلي مكانها، وسألنا عنها زميلاتها فى العمل فلم نصل إلى شىء، وقال لي ابن عمها ان لها خالا بكفر الدوار ربما تكون عنده واتفقنا علي أن نلتقي في المساء لمواصلة البحث عنها وذهبت إلي المنزل وبعد ساعات وقبل أن أعود الي ابن عمها اتصل بي وقال إنها موجودة بالفعل عند خالها، وسوف تأتي إلي بيتهم بعد قليل.. فانتظرت عدة ساعات ثم ذهبت الي بيت عمها وكانت الساعة وقتها تشير الي الحادية عشرة مساء فوجدتها هناك.. وسألتها بصوت عال: أين ذهبت؟ فردوا بالنيابة عنها «انها زهقانة منك».. ووقفوا فى صفها فوجهت كلامي الي ابن عمها بأنه لكي نسوي هذا الموضوع لابد أن يأتي خالها ويقسم بالله أنها كانت في زيارته، ويحدد الساعة التي وصلت إليه فيها درءا للشك الذي أصبح يقينا لديّ.. وانصرفت من عندهم ومر يوم آخر لكن خالها لم يحضر، أما هى فطلبت الطلاق، ولم أتردد وأحضرت المأذون وانفصلنا، وسمعت كلاما كثيرا سيئا عنها من بعض أقاربها وأهل قريتها ومنهم من قال إنها على علاقة بأحد الأطباء وهذا هو سبب انفصالها عن زوجها الأول، ومع أني طلقتها والشك يملؤني تجاهها إلا أنني لم أنسها، وحاولت العودة إليها فرفضت واستغرب من حولي موقفي، إذ كيف أفكر فى إعادتها إلي عصمتي بعد كل ما فعلته بي وما علمته عنها، ورشح لي أهلي فتاة في الثامنة والعشرين من عمرها، ربة منزل وجميلة ومطيعة فتزوجتها منذ شهرين وهي سعيدة معي لكن قلبي ما زال مع مطلقتي، وقد علمت منذ أيام إنها ملازمة للفراش فمرضت لمرضها وتنتابني هلاوس وأنا نائم، وأردد إسمها كثيرا، هكذا قالت لي زوجتي، وقالت أيضا إنها ستظل بجانب أولادي، ولا تمانع فى إعادتي لمطلقتي إذا كنت راغبا فيها من جديد، وأجدني حائرا ماذا أفعل؟.. اني أسألك هل استمر فى محاولاتي لإعادة مطلقتي إلى عصمتي، وإذا حدث ذلك.. هل ستعود الي السلوك نفسه الذي كان سببا فى انفصالنا؟ وهل سأكون حينئذ قد أخطأت فى حق زوجتي الحالية؟ وما هو السبيل للخلاص من هذا الكابوس الذي أحال حياتي الي جحيم؟.

>> ولكاتب هذه الرسالة أقول:

لا أكاد أصدق أنك الرجل الذي قدم مثالا رائعا للزوج القوي المكافح الصابر حتي تعدي سن الخمسين، فشتان بين المنهج الذي سرت عليه طوال حياتك، وما آلت إليه أحوالك بعد زواجك من الممرضة المطلقة التي لم توضح كيف تعرفت عليها، وتزوجتها دون سؤال عنها، ثم انفصلتما بعد الزيارة الغامضة لخالها والتي لم تتكشف حقيقتها حتي الآن، وقد تزوجت للمرة الثالثة ولكن ها أنت تريد العودة إليها!!...

وهذا التخبط يدل علي أنك وصلت إلي مرحلة خطيرة من عدم «الاتزان النفسي» الذى يجعلك أسيرا للهواجس والاضطرابات، فعندما يتسرب الشك إلي الزوج تجاه زوجته، فإن علاقتهما تهتز، وتكون مرشحة للانهيار في أي لحظة إذ لا تستقيم الحياة فى وجود الشك، وعندئذ لا مناص من الانفصال، نعم ياسيدي هذا هو التصرف الطبيعي عندما يصبح الشك يقينا، ولا يمكن لعاقل أن يمد جسور التواصل من جديد من مطلقته مادام الأمر قد وصل الي هذا الحد من فقدان الثقة فيها، فلقد وضعت النهاية التي لابد منها فى مثل حالتك، فروايتك عن «الزيارة الغامضة» التي كانت السبب المباشر لطلاقكما توضح إلي حد كبير أنها ارتكبت خطأ فادحا لم تجد له تبريرا مقبولا، ولن تنسي ما علق بذهنك تجاهها، فما الذي يجذبك إليها الآن؟ وما ذنب زوجتك المسالمة التي تصغرك بربع قرن؟ إن الأجدر بك ان تقدر لها موقفها وتعلقها بك وبأولادك وتحتويها بحنانك وعطفك بعيدا عن السراب الذي تبحث عنه!.

إن الشك يا سيدي يؤدي بصاحبه دائما إلي الضياع، وما عاش إنسان أسيرا له، إلا وكان الخسران حليفه، والتعاسة طريقه، فاحذر العودة إلي مطلقتك، وغيّر أسلوبك فى الحياة واستفد من دروس تجربتك الفاشلة معها فيما هو آت. وحاول إن تقترب من زوجتك الحالية وأن تحتوي ما قد يطرأ بينكما من مشكلات، ودعك من التفكير الخيالي الذي يسيطر عليك ولا تندفع إلي اتخاذ قرارات غير مدروسة وابحث دائما عن مساحة مشتركة من التفاهم والحوار الدائم مع شريكة حياتك والتعبير لها عن حبك، ولا تنس ان ذكرك اسم مطلقتك يثير الأسي لديها، ويجعلها تفقد الثقة في نفسها، فتنشأ فجوة بينكما وتتسع بمرور الأيام، وتصبحان غريبين تحت سقف واحد.

وإني أري فى زوجتك الحالية من خلال وصفك لها بالطيبة والجمال والهدوء صورة من زوجتك الراحلة، وسوف تحفظك في غيبتك وتكون دائما وفية ومخلصة لك.. وفي ذلك يقول الحق تبارك وتعالي «الرجال قوامون علي النساء بما فضل الله بعضهم علي بعض، وبما أنفقوا من أموالهم، فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله».. أى أن الزوجة الصالحة هي التي تطيع زوجها، وتحفظه خلال غيابه فى نفسها وماله، وهذه هي الصفات الأصيلة فى زوجتك الجديدة بشهادتك.. وهذا هو المنهج الذي يجب علي أساسه اختيار الزوجة بعيدا عن «العاطفة الهائجة» التي تتعب صاحبها وتضنيه وتؤلمه وتؤرقه، كما هو حادث الآن لك، فمن ملك عاطفته وحكّم عقله ووزن الأشياء بميزانها الصحيح وجعل لكل شىء قدرا أبصر الحق، وعرف الرشد، والطريق واضح أمامك فلا تحد عنه، وتذكر قول الشاعر:

ما مضي فات والمؤمل غيب

ولك الساعة التي أنت فيها

فعليك ان تتطلع إلي المستقبل وسط أولادك الخمسة وزوجتك القانعة الراضية فهى هدية السماء لك.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاشق حركات بركات
عضو محترف
عضو محترف
عاشق حركات بركات

ذكر
عدد الرسائل : 486
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 Collec10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 510
نقاط : 6840
ترشيحات : 9
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 Awfeaa10

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 I_icon_minitime14/3/2014, 17:18

الــــــــــرحلة القـــــــــاسية


بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 2014-635303410500096842-9

تخيل ياسيدى أن يكون الماء والهواء حولك من كل الجوانب، ولكنك لا تستطيع التنفس والارتواء، وتظل فى حالة حرمان منهما.. ترى كيف ستتصرف وتواجه الأعاصير التى تحول بينك وبينهما وهما عماد الحياة؟
ان هذا ما أعانيه، ولا أجد مخرجا منه، ولذلك أكتب إليك برسالتى راجية أن أجد لديك الدواء لآلامى التى لا حدود لها، وأروى لك قصتى منذ البداية، فأنا فتاة نشأت فى أسرة فقيرة، لأب يعمل بالأجر اليومى ويقضى معظم أيامه فى البيت لقلة فرص العمل المتاحة أمامه، وأم ربة منزل تكره زوجها وتدعو عليه كل يوم على مرأى ومسمع أبنائها الخمسة، وكلما وجدها كذلك انهال عليها ضربا وإهانة، مع أن من يراه يشهد له بالطيبة وحسن الخلق، لكن عيبه هو ضيق ذات اليد.
وعندما كبرت وفهمت بعض ما يدور حولى فسرت كره أمى له بأنها كانت متزوجة قبله ممن هو أرقى منه تعليما ومستوى ماديا، وقارنت بين حاليهما فكان الأول الأفضل من كل الوجوه، ولذلك ظلت ناقمة على أبي، وكنت كلما وجدتها ترفع يديها بالدعاء عليه أصرخ وأبكي، وتصيبنى حالة هلع، ولا يعرف النوم طريقا إلىّ، وشيئا فشيئا تولدت لدىّ عقدة من الزواج، بل وكرهت كل الرجال، ولو استطعت أن أفنيهم جميعا من الأرض لفعلت، وكثيرا ما حدثت نفسى لو أن العالم كله من الجنس الحنون لباتت الحياة أفضل مما هى عليه! ولكن بمرور الأيام لاحظت أن أبى طيب القلب، وأن أمى بمعاملتها السيئة له هى التى تدفعه إلى الغلظة معها، وقد بذل جهدا مضنيا فى سبيل أن يحدث بينهما توافق من أجل أن تسير سفينة الحياة بنا فى أمان، ولكن هيهات أن يلين لها جانب، فهى لا تعرف غير الشدة أسلوبا فى المعاملة، وكانت تحثنا باستمرار على عدم الزواج، ومازلت أذكر العبارة التى دأبت على ترديدها لنا وهى «الواحدة تروح تشتغل وتصرف على نفسها أحسن من أى راجل»، وهكذا عاشا معا على الشد والجذب، إلى أن مات أبى كمدا وحسرة على حاله، ولم تتأثر أمى لوفاته، وصارت هى الآمرة والناهية فى كل شىء، وأصبح تأثيرها فينا أكبر وأقوى من ذى قبل.

وكان طبيعيا فى هذا الجو الكاره للحب أن أنعزل عن الآخرين، وألا أسمح لنفسى بالحديث مع أى شاب، ولم تطرأ على ذهنى علاقات الحب التى تسيطر على تفكير البنات والشباب التى تنشأ عادة فى سن المراهقة، وظللت على هذه الحال إلى أن حصلت على الثانوية العامة، ومع دخولى الجامعة صادفت أول حب فى حياتي، بل انه الحب الوحيد، وكان حبا صامتا، فلقد أحسست براحة عجيبة تجاه زميل لي، ولا أعرف سر تعلقى به عن بعد، لكن الأمور سارت على نحو لم أرتح إليه، حيث كنا نتلقى المحاضرات حتى وقت متأخر، وذات يوم أخبرنى أنه يريد التحدث معي، ولما اقتربت منه ضمنى إليه بقوة فأبعدته عنى وهرولت إلى خارج الكلية وقاطعته، ولم أغفر له فعلته التى اعتبرها تعبيرا عن حبه لى لكنى وجدتها غير ذلك، وتعمدت أن أتحدث مع كل زملائى إلا هو، وركزت فى دراستى التى شغلتنى عن أى شيء آخر وفى السنة الأخيرة تقدم لى أحد أساتذنى طالبا الزواج مني، وعبر لى عن حبه لى منذ السنة الأولى عندما رآنى لأول مرة فى الجامعة، وقال لى حان الوقت لكى نرتبط ونكمل معا مشوار الحياة... لكننى تذكرت شجارات أبى وأمى نتيجة الزواج عن غير حب من الطرفين فرفضته!

ومر ذلك العام وعندما ظهرت النتيجة وجدتنى الثانية على الدفعة، وتقدمت بأوراقى الى إدارة الكلية لتعيينى معيدة بالقسم الذى تخرجت فيه، ولكن لم يكن لى نصيب فى السلك الجامعي، ولم أجد فرصة عمل مناسبة، فقررت ان استكمل دراستى العليا، ولم أوفق فى السنة الأولى فقررت التوقف عند هذا الحد.. وذات يوم وخلال سفرى إلى إحدى المدن الكبرى التقيت بشاب فى إحدى وسائل المواصلات، ودار بيننا الحديث فى المسائل العامة وأحوال البلد، وأعجبنى أسلوبه وطريقة تفكيره وطلب منى رقم هاتفى فأعطيته له كما أعطانى رقم هاتفه، وتحدثنا معا أكثر من مرة ولما فاتحنى فى الزواج لم أمانع فتقدم لأسرتي، وأقمنا حفل خطبة بسيطا، وأهدانى شبكة قيمة وما هى إلا أيام حتى تكشفت حقيقته، فعرفت انه لا يعمل، ولم يحصل إلا على شهادة الإعدادية وأن والدته هى التى تصرف عليه، ويعتمد عليها اعتمادا كليا فى كل شيء، ولو تزوجته سوف أعيش مع أمه لأنها هى التى ستتولى الإنفاق علينا، وعلى الفور خلعت الشبكة التى لم يدفع ثمنها وإنما أهدتها له أمه، وأعدتها إليه.. وحمدت الله إننى عرفت وضعه الحقيقى قبل فوات الأوان، ولكن هذه التجربة الفاشلة تسببت فى زيادة كرهى للرجال، ووجدتنى أحاول من جديد استكمال دراستى العليا، فأعدت الالتحاق بها وكلى إصرار على تحقيق النجاح وقد وفقنى الله ونلت درجة الماجستير بامتياز.

وفى تلك الفترة تقدم لأختى شاب فوافقت عليه، وبعد شهر واحد من الزواج وجدته نسخة من الشخص الذى كنت سأرتبط به، فصارت هى التى تنفق عليه، حيث تعطيه مرتبها أول كل شهر، ليتولى دفع ايجار الشقة وشراء متطلبات المنزل.. ومضت حياتهما على نحو معكوس فصارت هى التى تخرج فى الصباح الباكر إلى عملها ثم تعود بعد الظهر فتطهو الطعام للأولاد وترتب البيت، أما هو فلا عمل له، ويقضى اليوم كله قابعا فى مكانه، وإذا خرج فمكانه فى المقهى المجاور للمنزل.. وقد أصبحا حديث الشارع الذى يقطنان فيه، ولسان حال جيرانه يتساءل من رجل البيت؟ ومع ذلك فإنه يصرخ فى وجهها إذا تأخرت فى إعداد الطعام أو حتى كوب الشاي! وحملت أختى مرتين لكن الحمل لم يكتمل بسبب الإجهاد فى العمل، ونصحتها الطبيبة التى تتابع حالتها بإجراء عملية ربط حتى يثبت الجنين وأن تأخذ إجازة من عملها، وقالت لها: إن حالتها تتطلب الراحة التامة.. ولك ان تتخيل مشاعر انسانة تخبرها الطبيبة مرتين بأن الجنين مات بعد ستة أشهر من الحمل والعذاب وقبل أن تضع مولودها بأسابيع .. ولم تجد مفرا من ان تستجيب لنصيحة طبيبتها وفى آخر حمل لها أبلغت زوجها أنها سوف تتوقف عن العمل من أجل جنينها فثار عليها ثورة عارمة وخيرها بين أن تستمر فى عملها أو أن يطلقها، فاختارت الطلاق وتنازلت عن كل حقوقها المادية، ووضعت مولودها بعد تطليقها بشهور فإذا به سليما معافى لا يعانى أى أمراض فانطوت على نفسها وضمت ابنها إلى صدرها وهى راضية وقانعة بنصيبها من الدنيا.. وأحسست بداخلى بمرارة شديدة من أجلها وزادتنى تجربتها التى عايشتها لحظة بلحظة إصرارا على عدم الزواج فكل الرجال صنف واحد.

وتوالت السنوات وها أنا قد تخطيت سن الأربعين وكلما مر بخيالى شريط الذكريات أجدنى قد قطعت شوطا كبيرا فى رحلتى القاسية مع الحياة، ولا أدرى كيف سأكملها فيما تبقى لى من عمر، وأصدقك القول اننى ولأول مرة أشعر بوخز فى صدرى الآن أكثر من أى وقت مضي، فلقد تباعد حلمى فى أن أكون أما بعد وصولى إلى هذه السن وتشتاق نفسى إلى طفل مثلما تحلم كل فتاة.

إننى أتعامل مع أساتذتى وزملائى بشكل طبيعي، ومازلت مقبلة على الحديث مع كل منهم حتى اذا فاتحنى فى الزواج أتحول إلى إنسانة أخري، فأكره مجرد النظر إليه.. وهكذا أصبحت وحيدة وتضاءلت أمامى فرص الزواج، فمعظم من يتقدمون لى إما أنهم متزوجون ويريدوننى زوجة ثانية أو خادمة لأولادهم.. وهناك قليلون يتقدمون لى ممن لم يسبق لهم الزواج وهم أصغر منى ويفاجأون بأننى أكبر منهم، فلقد منحنى الله وجها يجعلنى أبدو فى العشرينيات، ويخيل إلى من يرانى أننى توقفت عند هذا الحد، ولما يعلم عمرى الحقيقي، إما ان يتراجع من تلقاء نفسه أو أن يضغط أهله عليه لعدم إتمام الزيجة.

وإنى أسألك: هل أنا إنسانة طبيعية وما صادفنى فى حياتى أمر عادى يحدث لأخريات كما أحاول أن اطمئن بذلك نفسي، أم أننى مريضة نفسيا، وأحتاج إلى العلاج الدوائي، فلا تتخيل مدى الألم الذى أعانيه، والذى يلتهمنى كل ليلة عندما أغلق باب غرفتى على نفسي؟ وهل إذا تزوجت الآن سأكون قادرة على الإنجاب وأصبح أما ولى أولاد يؤنسون وحدتي؟ وهل بعد هذا العمر فى انتظار الحب أوافق على أى شخص لمجرد الزواج وأنا التى عشت عمرى كله أبحث عنه ولم أجده؟

إننى أعانى صراعا مريرا فى الحياة التى هزمتنى كثيرا فهل ترانى قادرة على مواصلة التحدى والفوز فى نهاية المطاف؟

<< ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

لا تسير الحياة على وتيرة واحدة.. هكذا أراد الله لهذه الدنيا الجامعة للضدين والرأيين والصلاح والفساد، ولذلك لا سبيل إلى التأقلم مع أوضاعنا إلا بأن نعيش واقعنا، ولا نسرح بخيالنا فى عالم المثاليات، ومن أراد السعادة عليه أن يضبط عواطفه واندفاعاته ويكون عادلا فى رضاه وغضبه، وسروره وحزنه، لأن الشطط والمبالغة فى التعامل والتفاعل مع الأحداث ظلم للنفس، وما أحسن الوسطية لكنك افتقدتيها منذ البداية بتأثير التنافر بين والدك ووالدتك اللذين لم يربطهما الوفاق، وظلت هى تنظر إليه نظرة دونية وتقارنه بزوجها السابق حتى ساد الكره داخلها تجاهه وبادلها نفس الإحساس، فخلت حياتهما من مشاعر المودة والألفة.. وهرب الحب من البيت كله، وانعكس ذلك كله عليك انت واخوتك وتكونت لديك عقدة من الرجال ورسمت خريطة لحياتك المنفردة بعيدا عن عالم الرجال، ثم رحت تتوهمين أن الحب وحده هو الطريق الذى يهديك إلى الحياة السعيدة دون أن تحددى ماهية هذا الحب، ولا كيف يختبر الإنسان مشاعره للتأكد منه وكأن الحب مجرد نظرة اعجاب لا أكثر ثم سرعان ما تكشفت الحقيقة المرة عندما حاول زميل الدراسة ضمك بالقوة، وبعدها حين تمت خطبتك لشاب تعرفت عليه فى وسيلة مواصلات ثم اتضح لك بالمعاملة أنه غير مناسب، ولا يصلح أن يكون زوجا، ولقد أوقعك تفكيرك السطحى فى هاتين التجربتين الفاشلتين، وتجاهلت أستاذك الذى طرق بابك، وكان واضحا فى رغبته الارتباط بك، ولم تمنحيه أو تمنحى نفسك فرصة للتعرف عليه! وهكذا كان مفهومك الخاطئ للحب سببا رئيسيا فى رفضك من يتقدمون إليك طلبا للزواج وظللت أسيرة له، وغاب عنك أن النظرة وحدها لا تكفى أساسا لقيام حياة زوجية ناجحة، وأن التكافؤ والتوافق عاملان مهمان فى اختيار شريك الحياة، ثم يتولد بعد ذلك الحب بالمعاملة الحسنة والعشرة الطيبة، والإخلاص والاحترام المتبادل، والصدق والصراحة، فهذه العوامل هى التى تبنى أرضية مشتركة بين الزوجين تساعدهما على مواصلة مشوار الحياة معا.

والمؤسف ان أبويك لم يدركا حقيقة مهمة وهى أن خلافاتهما المتكررة وشجارهما الدائم لهما انعكاسات سلبية على أبنائهما، وهو ما ظهر فى شخصيتك ورفضك الزواج حتى لا تكررى مأساة أمك التى ارتبطت بأبيك بعد فشل زواجها الأول، فكانت هذه الزيجة غير المستقرة بدعوى عدم الحب، وأغفلت أن عدم التكافؤ هو سبب متاعب أبويك حيث انها تزوجته من باب انها التجربة الثانية لها، وقدمت تنازلات من وجهة نظرها، ثم راحت تقارن بينه وبين زوجها الأول أمامكم. وهذا وحده سبب كاف لحالة القلق والاضطراب التى لازمت الأسرة، وكانت لها نتائجها السلبية عليكم حتى اليوم، لكنك تتحملين جزءا من المسئولية عما وصلت إليه أحوالك، فمن تلقت هذا القدر من التعليم وحصلت على الماجستير ما كان ينبغى أن تترك نفسها أسيرة للأوهام، فالخلاف بين والديك لا يعنى أن كل الأزواج على شاكلتهما، فما ينطبق على تجربة لا يسرى بالضرورة على تجارب الآخرين. ومن هنا يجب ألا تلتفتى وراءك، وعليك ان تنزعى تجربة أختك من ذاكرتك تماما، وأنت مازلت قادرة على العطاء، وتتمتعين بذكاء كبير ولست مريضة نفسيا كما تتوهمين، وإنما تضخمين الأمور على غير حقيقتها، ويجب أن تدركى أن المشاعر الإنسانية ليس لها مقياس محدد يتم البناء عليه، ومازالت الفرصة سانحة أمامك للزواج والإنجاب، ومن يدريك فربما يكون الحق تبارك وتعالى قد أراد لك عدم الزواج حتى الآن لحكمة هو يعلمها، ثم يفتح لك بعد ذلك أبواب السعادة مصداقا لقوله تعالى «لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا»

ويحضرنى قول الشاعر:

اذا تضايق أمر فانتظر فرجا

فأقرب الأمر أدناه إلى الفرج

وأذكرك أيضا بما جاء عن أسماء بنت عميس رضى الله عنها، إذ قالت: قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب؟ الله... الله ربى لا أشرك به شيئا» فهناك أمور قاسية تواجه الإنسان، وعندما يلجأ إلى الله، فإنه سبحانه وتعالى يكشف عنه ما به من ضر بشرط أن يكون صافى النفس، وأن يضع الأمور فى حجمها الصحيح، وأراك قادرة على ذلك بإذن الله.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أكرم عبد القوي
__________
__________
أكرم عبد القوي

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 23180
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 Profes10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 3011
نقاط : 37122
ترشيحات : 136
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 411

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 I_icon_minitime21/3/2014, 09:48

بريد الجمعة يكتبه - أحمد البرى:
اليــــــــوم المشهــــــــــود

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 2014-635309487307547546-754

تتساقط دموعى على الورق وأنا أكتب اليك رسالتى التى أرجو أن تنشرها يوم عيد الأم عسى أن تجد صدى وقبولا لدى ابنتي، ويوفقك الله فى فك كربى وتخفيف همى وألمي، فأنا سيدة فى الخامسة والستين من عمري، نشأت فى أسرة بسيطة، وخرجت من المدرسة دون أن أتلقى أى قدر من التعليم..

لكنى تعلمت القراءة والكتابة على يد أمى التى حصلت على شهادة متوسطة لكنها لم تعمل بها امتثالا لشرط أبى عندما تقدم إلى أسرتها طالبا يدها، وتفرغت كربة بيت لرعاية الأسرة، ولى أخ أكبر مني، وأخت تصغرنى بعدة سنوات. وقد سافرت الى الخارج منذ أكثر من ثلاثين عاما، وانشغل كل منهما بحياته.. أما أنا فقد تزوجت فى سن السادسة عشرة من شاب رأت فيه أسرتى عريسا مناسبا لي، ولم تمض أيام على زفافنا حتى عرفت أنه كان خاطبا أبنة عمه، وحدثت خلافات بينهما ففسخ الخطبة، وتزوجني، لكن العائلة لاحقته بأن العرف السائد لديهم هو الزواج من إحدى بناتهم، وأن عليه الالتزام به، وكحل وسط عرض علىّ أن أظل على ذمته ويتزوج ابنة عمه، ونقيم نحن الثلاثة فى المنزل نفسه، فرفضت، وهنا أبدى عدم ممانعته فى أن يطلقنى بشرط أن أتنازل له عن كل حقوقى المادية من اثاث وخلافه، فتركت له كل شيء غير نادمة، لأنه باعنى بلا ذنب ولا جريرة، وقبل أن أكمل عاما واحدا عدت إلى بيت أهلي، وأنا حامل فى الشهر السابع، وبعد شهرين وضعت طفلة جميلة هى قرة عينى وعنوان حياتي، وأعطاها أبوها نفقة قدرها جنيهان لا غير، رافضا أن يصرف عليها، ويوفر لها متطلباتها مثل كل البنات، ولم يساو بينها وبين أولاده الذين رزقه الله بهم فيما بعد، ولم أجد بدا من أن أخرج إلى العمل، فالتحقت بشركة للمنسوجات تابعة للقطاع العام، وركزت كل جهدى فيها، وصارت مهنتى «حياكة الملابس». ولم يفكر مطلقى فى أن يرى أبنته التى هى من لحمه ودمه، وزاد فى جفائه أنه توقف عن دفع الجنيهين، لكن الله أكرمنى بأكبر مما يتصور ووفر لنا مرتبى حياة كريمة فيها كل متطلبات المعيشة، وكبرت ابنتى شيئا فشيئا، وحصلت على دبلوم المدارس التجارية، وعملت فى جهة مرموقة، واستقرت بنا الحياة، وارتبطنا معا برباط وثيق، وصارت كل منا ملاذا للأخري، ووجدت فيها الإبنة والأخت والصديقة، وتحاشيت أن أحدثها عن الماضي، واكتفيت وقتها بأن أعطيها صورة عامة عن أبيها الذى لم تلتق به سوى ثلاث أو أربع مرات، وعندما كبرت وأدركت ما يدور حولها من أحداث، وباحتكاكها مع زميلاتها فى المدرسة راحت تلاحقنى بالأسئلة عن حياتي، وسبب انفصالى عن أبيها فحرصت على أن أجيب على أسئلتها إجابات قصيرة حتى لا تترك أثرا نفسيا سيئا لديها، وكانت تستمع إلىّ فى اهتمام شديد كأن هناك شيئا ما تبحث عنه، ثم سرعان ما تغير الموضوع عندما تجد الدموع تترقرق فى عيني، وتقول لى إنها سوف تعوضنى عن العذاب والآلام التى تعرضت لها، ولن تتركنى مثلما لم اتركها لأبيها، وجاء كثيرون من الشباب لطلب يدها، لكنها رفضتهم جميعا واحدا تلو الآخر بلا سبب، وكلما فاتحتها فى مسألة الزواج ترفض مجرد الحديث فيه، وقلت لها: أننى سأكون معها فى كل خطوة تخطوها، فالزواج سنة الحياة، ومعظم من تقدموا للارتباط بها شباب ممتازون، لكنها ظلت على موقفها الذى لم يتغير، ومرت سنوات عديدة، وحياتنا تسير على وتيرة واحدة، فهى تذهب إلى عملها فى الصباح الباكر، وأتبعها أنا الآخرى إلى عملي، ثم نعود آخر النهار فنتناول طعام الغداء معا ونتبادل الحديث فيما جرى طول اليوم من أحداث عامة أو المواقف التى صادفناها فى العمل إلى آخر الكلام الذى يكون غالبا محور الحديث فى كل البيوت، ثم نخلد الى النوم، وهكذا.

وذات يوم حدثتنى عن رغبتها فى الالتحاق بالجامعة المفتوحة ففرحت جدا، وساعدتها فى شراء الكتب التى تحتاجها، وسددت لها المصروفات الدراسية، وأقبلت على الدراسة بشغف ولاحظت عليها علامات السعادة عندما نجحت بتفوق فى الفصل الدراسى الأول، فأحسست براحة نفسية لم أشعر بها من قبل، ورتبنا حياتنا من جديد وحرصنا على الاستمتاع بيوم الاجازة الأسبوعية فى المنتزهات والحدائق، وقضاء الاجازة السنوية فى أحد المصايف لتغيير روتين الحياة.

وفى صباح أحد الأيام كانت واقفة كعادتها على ناصية الشارع الذى نسكن فيه فى انتظار اتوبيس الجهة التى تعمل بها، فصدمتها من الخلف سيارة ملاكي، فسقطت على الأرض وتبين إصابتها بانزلاق غضروفى وبعض الكدمات وانتابها صداع دائم، واتصل بى زملاؤها فى الشركة، فجئت اليها مهرولة، وحملتها إلى مركز طبى شهير، حيث أجريت لها الأشعات والتحاليل المعروفة فى مثل هذه الحالات ثم فحصها الطبيب فأكد أنها سليمة تماما.. هكذا قالت تقارير المستشفى، لكن طباعها تغيرت تماما، فلم تعد تتحدث معى بنفس الحماس والحضور الذى عهدته فيها.. ولم أفقد الأمل فى أن ترجع كما كانت، وكنت قد تعودت دهان شقتنا بنفسى كل فترة دون الاستعانة بالنقاشين، فهذه الشقة تحمل ذكريات خاصة بأسرتى، وقد آلت إلىّ من والدتى، وكنت أحضر أدوات النقاشة وأدهنها حجرة حجرة،.. وفى أثناء عملية الدهان الأخيرة دخلت علىّ ابنتى حاملة لوحة كبيرة لفتاة تشبه «الموناليزا» وعلقتها فى صالة الشقة فسألتها عن سر شرائها هذه اللوحة، فقالت إنها أرادت أن ترى شيئا جديدا غير وجهى الذى لا يفارقها ليلا ولا نهارا، وبرغم قسوة الرد فإننى اعتبرته مجرد دعابة، وربت على كتفها، وأنا أدعو الله أن يكتب لها السلامة من كل سوء، وبعدها التزمت الصمت تماما معى، وكلما حاولت أن أفهم ما تخفيه يعلو صوتها علىّ، ثم طلبت منى أن أخرج من حياتها، واتركها لشأنها وزاد الأمر سوءا شكها فى تصرفاتى، وراحت تظن بى الظنون، أنا التى أفنيت عمرى فى تربيتها، وتمادت فى إيذائى وسبى ثم تركت عملها، وتوقفت عن دراستها الجامعية وتفاقمت حالتها عندما علمت بوفاة والدها، إذ انتابتها حالة هيستيريا، وظلت تردد «مات قبل أن أحاسبه وآخذ حقى منه».. وعشنا معا فى صراع شديد، وأحس الجيران بشقاقنا، وحاولت أن آخذ لها اجازات مرضية من عملها، وأؤجل دراستها إلى أن تتعافى من هذه الحالة، لكنى لم أفلح فى إخراجها مما هى فيه، ولك أن تتصور حياة بهذه الصورة كيف تستقيم وتستمر وهى رافضة تماما أى علاج نفسى.

ثم جاء اليوم المشهود الذى طردتنى فيه من المنزل، وتجمع الجيران وحاولوا إعادتي، لكنها لم ترحم دموعى ولا توسلاتى، وفشل الجميع فى إقناعها بأننى أمها ولا يليق أن تذلنى هذا الإذلال، ولكن هيهات أن يلين قلبها، ورفضت إبلاغ البوليس بما فعلته بى، فهى ابنتى ولا أرضى أبدا أن يمسها أحد بسوء، وعرضت علىّ سيدات فضليات الإقامة لديهن إلى أن أجد حلا لحالة ابنتى فشكرتهن جميعا، وذهبت وأنا فى حالة انهيار إلى مركز الأمومة والطفولة الذى يهتم برعاية الأسر، ويقدم المساعدة فى حل المشكلات الاجتماعية، فرحب بى المسئولون عنه واستضافونى لديهم، وأوكلوا إلى اخصائية اجتماعية مهمة بحث حالتى، وتقريب المسافات بينى وبين ابنتى والحقونى بمركز الاستضافة التابع لهم فى مدينة أكتوبر، وكل من فيه سيدات يعانين ظروفا أسرية وخلافات مع أزواجهن، والاستضافة فى مثل هذه المراكز مؤقتة إلى حين الوصول الى حل.. وزارت الاخصائية ابنتى التى اتهمتنى بأننى السبب فى عدم زواجها، بإغلاقى الأبواب عليها، وأنها تحتاج الى أن تبعد عنى لمدة عام حتى تستعيد نفسها، وأبلغتنى الاخصائية بما كان من أمرها، وتواكب ذلك مع اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير، ووقوع الاضطرابات فى البلاد، ومرت شهور والأوضاع كما هى، وحدثتنى نفسى أن أذهب إليها عسى أن تكون قد تغيرت، لكنها لم تفتح لى الباب، وأصرت على عودتى من حيث أتيت، ومادت بى الأرض فسقطت مغشيا علىّ، وعلم مدير المركز بما حدث لى، فتابع حالتى بنفسه، وألحقنى بدار للمسنين تابعة للدولة فى حى شعبى بالقاهرة، وأقيم فيها منذ عامين، ولم تنقطع صلتى بالمركز، فالعاملون فيه على صلة مستمرة بى، وأحاول من جانبى أن أطمئن على ابنتى وأرسل إليها نصف معاشى، وأتقصى أحوالها من الجيران، لأننى كلما أتصلت بها تغلق الهاتف فى وجهى، وأحيانا تتصل بى لتقذفنى بكلمات جارحة، فأنخرط فى بكاء مرير، وأستعيد الذكريات الأليمة، وحياتى لم أذق فيها يوما حلوا، وسرعان ما استعيذ بالله من الشيطان الرجيم، إذ أعلم أن ما أنا فيه ابتلاء منه سبحانه وتعالى، وكلما تذكرت «إن مع العسر يسرا»، وأن فرج الله قريب وفقا لما وعدنا ربنا به، أشعر بارتياح، وأتطلع إلى اليوم الذى تعود فيه إبنتى إلى رشدها، وتتعافى من أزمتها، فلم يعد لى فى الدنيا أى مطالب سوى أن يجمعنى الله معها فيما تبقى لى من عمر فهل ترى لى حلا يحقق هذا الأمل؟

> ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

لم يكن ممكنا رأب الصدع الذى أصاب علاقتك بابنتك بالطريقة التى اتبعتها الأخصائية الاجتماعية بمركز رعاية الأسرة، حيث إنها تعاملت مع حالتك كما تتعامل مع الخلافات التى تنشأ عادة بين الأزواج حين تغضب الزوجة، وتجد فى مراكز الخدمة الاجتماعية ملاذا لها إلى أن تهدأ الأوضاع وتعود المياه الى مجاريها بعد توسط أخصائى المركز لتقريب وجهات نظرهما.. هذا بالطبع إذا لم يكن للزوجة أقارب تلجأ إليهم لمساندتها فى أزمتها فهم دائما الأقدر على حل الخلافات، فعلاقتك مع ابنتك فيها تراكمات كثيرة من أثر الزمن والسنوات الطويلة التى جمعتكما، وقد أسهمت عوامل عديدة فى وصولها إلى ما هى عليه الآن منها أنها افتقدت أباها طول عمرها، فى الوقت الذى نعم فيه أخوتها بالقرب منه، والمعيشة فى كنفه وصارت لهم بيوت مستقلة، وكونوا أسرا صغيرة، كما أنها تلفتت حولها فوجدت صديقاتها قد تزوجن، بينما هى لم تتزوج بعد بالرغم من أن سنها تقترب من الخمسين، حتى لو كانت هى التى رفضت فكرة الزواج فى بداية شبابها، فهذه طبيعة بشرية وإحساس داخلى من الصعب السيطرة عليه، وربما يكون أيضا للحادث الذى تعرضت له أثر سلبى عليها، وزادت حدته بمرور الوقت، وكذلك غياب كل الأقارب عن حياتكما وانغلاقكما الشديد على نفسيكما.. وأتصور أن هذه الأسباب مجتمعة هى التى ولدت لديها حالة اكتئاب شديدة دفعتها إلى شراء لوحة لفتاة تشبه «الموناليزا» لكى تتطلع إليها عسى أن تجد فى ابتسامتها الغامضة ما يسرى عنها همومها، ويزيل الغموض الذى اكتنف حياتها، وجعلها تسألك كثيرا عن حياتك والأسباب التى أدت بكما إلى الانعزال التام عن الآخرين.

ولقد كانت فرصة حل سوء التفاهم الذى علق بذهنها تجاهك سهلة لو أنك عدت إليها بعد أيام من استضافتك فى المركز الاجتماعى، ومشاركتك الأخصائية الاجتماعية زياراتها إليها، فالتلاقى المباشر يولد التفاعل، ويحرك المشاعر، ويلين القلوب، ويكون دور الوسيط مجرد تهدئة الطرفين وحثهما على نسيان الماضى، وبدء صفحة جديدة، أما أن تبتعدى عنها عاما كاملا لمجرد قولها للاخصائية الاجتماعية أنها تحتاج إلى فترة طويلة حتى تهدأ نفسها، فهذا هو الخطأ الكبير الذى وقعت فيه.. والواضح أن ابنتك مصابة بحالة اكتئاب شديدة ضاعفتها الوحدة التى تعيشها، وأزمة الثقة التى نشأت بينكما خلال السنوات الأخيرة، وأحسب أنك بذكائك الفطرى كنت قادرة على احتوائها بالإنصات إليها، وتقدير الضغوط النفسية التى تعرضت لها، وهى الأخرى كان عليها أن تقدر التضحيات الكبيرة التى قدمتيها لها، وتكريسك كل حياتك لإسعادها بعكس الكثيرات اللاتى يتركن أبناءهن فى رعاية الغير، ويتزوجن وينشغلن بحياتهن عنهم.. وليتها فى يوم عيد الأم تعيد دراسة موقفها منك، وأن تعى أن كل إنسان فى هذه الدنيا معرض للابتلاء فحياته نفسها قائمة على الابتلاء إذ يقول تعالى «إنا خلقنا الانسان من نطفة أمشاج نبتليه» ويقول أيضا «لقد خلقنا الإنسان فى كبد» أى فى مكابدة ومعاناة منذ ولادته، وليس كل ما يتمناه المرء يدركه، فالحياة مليئة بالمفاجآت كتلك المفاجأة التى تعرضتما لها، فالدنيا بالبلاء محفوفة وبالكدر موصوفة كما قال الشاعر أبو الحسن التهامى:

جبلت على كدر وأنت تريدها

صفواً من الآلام والأكدار

ومكلف الأيام ضد طباعها

متطلب فى الماء جذوة نار

نعم يا سيدتى، فالكل مبتلى، ولكن الابتلاءات متنوعة، ولا طريقة للتغلب عليها إلا الصبر الذى ذكره الله فى آيات كثيرة فى القرآن الكريم، قال تعالى «سلام عليكم بما صبرتم».. ويجب أن يتواكب صبرك مع تحرك إيجابى منك للقاء ابنتك التى أرى أنها تحتاج إلى فترة استشفاء نفسى فى أحد المستشفيات المتخصصة فى مثل هذه الحالات، وأرجو أن توسطى أهل الخير من القائمين على دار المسنين التى تنزلين بها لمساعدتك فى مد جسور الصلة بينكما، ولعل إخوتها من أبيها أن يصححوا خطأه بالسؤال عن أختهم والتواصل معها من باب صلة الرحم.. صحيح أن الأمر يتطلب نفسا طويلا وزيارات عديدة، لكن الأمل قائم فى تغييرها، وإصلاح ما فسد من علاقتكما وسوف أتصل بك لترتيب ما يمكن اتخاذه من خطوات نحو علاجها، وأتصور أنها ستتفهم ذلك تماما، فمن الطبيعى أن يمر الإنسان بأزمة نفسية، لكن هناك من يتجاوزها بالعزيمة والإصرار، وهناك من يعيش أسيرا لها فتتفاقم، وتؤدى به إلى الهلاك، وأحسب أن ابنتك قادرة على إدراك ما أقصده فتستجيب للعلاج والتواصل معك والإقبال على الحياة، ولعل الله يرزقها بمن هو أهل لها فتكمل معه المشوار وتظلل السعادة بيتكما من جديد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أكرم عبد القوي
__________
__________
أكرم عبد القوي

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 23180
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 Profes10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 3011
نقاط : 37122
ترشيحات : 136
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 411

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 I_icon_minitime21/3/2014, 09:50


فتـــــــاة
أبكـت القمــــــر

نا فتاة عمرى ثلاثة وثلاثون عاما، لكنى فى السنتين الأخيرتين أشعر أن عمرى زاد عشرين سنة،

وحكايتى أننى ارتبطت منذ عامين بشاب أحسست نحوه بأمان وسكن لم أشعر بهما من قبل تجاه أى شاب.. ورحت أتأمل حياته وكل ما يدور حوله، وتمنيت أن تأتى اللحظة التى يطلبنى فيها للزواج، وهو صاحب تجربة سابقة حولته من إنسان الى صخرة صماء لا تشعر ولا ترى أو تسمع، تجربة خطفت عمره وصحته وابنته الوحيدة التى أحبها أكثر من نفسه، وعانى آلاما رهيبة لبعده عنها بعد أن حرمته منها أمها.. وتدهورت صحته تماما فأصيب بجلطة دماغية، ووجد نفسه بقايا إنسان لا يستطيع أن ينطق بكلمة أمل حتى فى نفسه، ولا أخفى أننى أحببته، ولم استطع الابتعاد عنه برغم صده لي، وتأكيده أنه لم يعد يستطيع الارتباط بى لأسباب مادية وصحية ونفسية، وأنا متفهمة أنه فقد الثقة فى الجميع بعد أن تزوج امرأة تخلت عنه، وكلما حاولت الاقتراب منه يؤكد لى أنه من الأفضل أن تكون لى حياتى وبيتي.

إنه استسلم لليأس، وقد التحق بوظيفة أخيرا لكنه متمسك بأنه لا خير فى زواجنا.. فهل توجه إليه رسالة بأننى أريده، وأنه بزواجنا ستعود لى وله الحياة والأمل، مثلما فعلت بطلة قصة لى بعنوان «فتاة أبكت القمر» وهى أول قصة قرأها لى توأم روحي؟!

> ولكاتبة هذه الرسالة أقول:



ابتعدى عنه واعملى بنصيحته لك، فهو لا يريد الزواج منك، هذه هى الحقيقة التى تتغافلين عنها، ولا يواجهك بها وإنما يفتعل أسباباً أخرى لعدم إتمام هذه الزيجة، أما قولك إنه فقد الثقة فى الجميع لمجرد فشله فى زيجته من أم ابنته، فهو قول مبالغ فيه، وأراك تميلين الى تصديق ما ليس واقعا ولا حقيقة.. وستعود إليك الحياة والأمل حينما تزيلين الغشاوة التى تغطى عينيك فلا ترين الصورة كاملة.

إن الزواج مسئولية والتزام وليس كتابة قصص حب وحكايات مثل القصة التى تقولين إنه قرأها لك بعنوان «فتاة أبكت القمر».. فكرى بعقلانية، وستجدين نفسك مخطئة، وبقليل من التفكير سوف تسقطين هذه التجربة من حياتك، وستجدين من يبادلك الحب دون التذرع بأسباب واهية وغير منطقية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حماده قرني صلاح
مراقب عام
مراقب عام
حماده قرني صلاح

ذكر
العمر : 37
عدد الرسائل : 8036
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 Engine10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 8010
نقاط : 19318
ترشيحات : 79
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 111110

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 I_icon_minitime28/3/2014, 17:33

أحمد البرى
قــــــــــاهرة المستـــــــــــحيل

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 2014-635315561532322824-232

هزنى نداؤك فى بريد الجمعة إلى الأبناء بأن يكتبوا رسائل إلى أمهاتهم بمناسبة حلول عيدهن، فقررت أن أكتب إليك عن أم تختلف عن كل الأمهات.. أم من طراز خاص قاست الأمرين فى مشوارها مع الحياة، ولم تضعف أو تلين بالرغم من المصاعب الجمة التى اعترضت مسيرتها، وظلت كالطود العظيم فى تحديها ما أصابها من آلام...

إنها أختى التى تكبرنى بعدة سنوات، وعانت ظروفا صحية صعبة منذ نعومة أظافرها، حيث أصيبت بشلل الأطفال، واعوجاج فى العمود الفقري، ولاحظ أبى وأمى أن تركيبة جسمها تختلف كثيرا عن الطفلة الطبيعية، فحملاها إلى مستشفى معروف، ففحصها الاستشاريون، وأجرى لها أطباء الجراحة العديد من العمليات بالقدم والعمود الفقري، وانتهت بها الحال إلى تركيب عمود بلاتين يخترق ظهرها، وجهاز حديدى وعكازين تستند إليهما، ولم تكن تسير خطوات معدودة حتى تقع على الأرض، مرة من تلقاء نفسها، ومرات نتيجة اصطدام الأطفال بها، فيساعدها المارة على الوقوف على قدميها من جديد،وعندما بلغت سن المدرسة اشترى لها أبى مقعدا متحركا صار رفيقها فى كل تحركاتها داخل البيت وخارجه، وأقبلت على المذاكرة والتحصيل بنهم شديد ورغبة فى إثبات وجودها، وحققت تقدما ملحوظا فى الدراسة، وحصلت على الثانوية العامة بمجموع كبير أهلها للالتحاق بكليات عديدة، فاختارت كلية الآداب جامعة عين شمس، وهنا ظهرت عقبة جديدة، وهى كيف تنتقل إلى الجامعة يوميا، فطرقنا باب جمعية الوفاء والأمل، وكان القائمون عليها عند مستوى المسئولية، إذ وفروا لها (باص) بالكرسى المتحرك، ولم يتوانوا عن الحضور إليها صباح كل يوم، لأخذها إلى الكلية ثم إعادتها إلى المنزل بعد انتهاء المحاضرات.. وهو جهد عظيم لن أنساه ما حييت لأولئك الأوفياء.

ومضت أختى فى مشوارها الذى أذهل كل من يعرفون وضعها، فحفظت القرآن الكريم كاملا تلاوة وتجويدا، وعلمته للمئات من الفتيات بالمنطقة التى نقطن بها مؤمنة بأن (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) وعشنا فى تلك الفترة ظروفا عصيبة، إذ توفى أبى وتبعته أمي، وجزعنا لفراقهما، وسرعان ما استعادت أختى قواها وعزيمتها فاحتوتني، وصارت لى برغم عجزها الأب والأم والصديقة والأخت، وكل شيء فى الحياة.. وجاءنى شاب من أهل المنطقة طالبا يدي، فتولت هى المهمة كاملة بنفسها، وأشرفت على إعداد عش الزوجية، ولمست فى خطواتها معى لمسة رضا ونظرة حنان وابتسامة رقيقة لم تفارق شفتيها، مع أنها حرمت من أن تكون عروسا لظروفها الصحية.. وكان الله معها، إذ أيدها بنصر من عنده والتحقت بوظيفة فى نفس كليتها، وتسلمت عملها فور تخرجها أمينة بمكتبة الكلية.. وكانت مهمة (الباص) المخصص لها قد انتهت فظهرت عقبة المواصلات من جديد، وإذا بنا نفاجأ بمن يرسل لها سيارة مجهزة طبيا حتى تتمكن من الاعتماد على نفسها، جزاه الله كل خير، وكعادتها سارت فى عملها بخطى ثابتة وكلها إرادة وعزيمة على النجاح... ولم تكتف بذلك فكانت لها إسهامات فى مجال رياضة المعاقين، من خلال فرع الشباب والرياضة الخاص بهم، وخاضت جولات عديدة فى رمى (الجلة) والجرى بالكرسى المتحرك، وفازت بمراكز متقدمة فى المسابقات التى شاركت فيها وسافرت إلى دول أوروبية كثيرة بمؤازرة من اثنوا على موهبتها ورأوا أن بإمكانها تقديم الكثير فى هذا المجال أيضا..

وذات يوم أحست بتعب شديد، فاستدعينا لها الطبيب، وبعد الكشف والفحص أبلغنا بإصابتها بمرض السكر، فسمعت الخبر، ولم تتوقف عنده واحضرنا لها حقن الأنسولين، وخضعت يوميا لجرعاته التى لا تنتهى صابرة على هذا الابتلاء الجديد، ولم تزدها آلامها إلا راحة وطمأنينة، واقتربت من أبنائى وصارت لهم ولى أيضا بمثابة الأم التى ترعى صغارها وتخشى عليهم من (الهواء) كما يقولون.. وامتدت أمومتها وحنانها إلى كل الأطفال الذين تعرفهم وحرصت على شراء الحلوي، ووضعها فى حقيبتها ثم توزيعها على من يقابلها صغارا وكبارا، فى مشهد متكرر يغلفه الحب وتكسوه روح الدعابة التى لم تفارقها لحظة واحدة، وإننى أعجز عن وصف لفتاتها الإنسانية، وهى تحاور الأطفال، وتناقش الجيران فى المسائل العامة، وتضع معهم الحلول لمشكلاتهم الخاصة.

وبرغم هذا القلب الكبير الذى احتوى الجميع، فإن هناك صنفا من البشر ليست لديهم مشاعر، ولا أحاسيس، أو قل هم كالجماد، وربما أسوأ منه باعتبار أن الجماد لا يضر ولا ينفع.. أما هؤلاء فلا يراعون الله فى أعمالهم، ولا فى سلوكهم.. ونالت أختى من بعضهم أذى كثيرا.. هل تتصور يا سيدى أن مديرها فى العمل لم يكن يعطيها حوافزها كاملة، كما يعامل من هم أقل منها جهدا وكفاءة، بل وموقعا فى العمل بدعوى أنها معاقة، وكأن الإعاقة سبة فى جبين من يعانيها.. ولم يدرك ذاك المدير قيمة أختي، ولم يراع الله فيها، ولم يختلف عنه بعض الجيران قساة القلوب الذين تعمدوا إلقاء فضلات الطعام للقطط تحت شباك حجرتها، وأحيانا يلقون القاذورات على كرسيها المتحرك، ولما أقمنا مزلقانا بسيطا أمام باب المنزل لكى تتمكن من الدخول بالكرسى إليه فوجئنا فى الصباح بإزالته بحجة أنه استقطع مساحة من الشارع، ولا يتمكن من (ركن) سيارته... ولم يغير هذا السلوك شيئا من شخصيتها الحنونة والعطوفة وهدوئها المعهود، ولم تنطق بكلمة واحدة تعليقا على ما فعله هؤلاء بها، وأوكلت أمرها إلى خالقها... ثم داهمها مرض الكبد وتدهورت حالتها بشكل سريع وحدثتنى أنها تريد أداء العمرة، فأشفقت عليها من التعب فى ظل ظروفها المرضية لكنها أصرت على السفر كعادتها فى كل خطوات حياتها... وحصلنا لها على التأشيرة بعد اتخاذ الترتيبات اللازمة لمن تعانى ظروفها، وسافرت إلى الأراضى المقدسة واعتمرت، وعادت إلينا بعد عشرة أيام، وقد بدا على وجهها نور لافت لنظر كل من يراها، ووجدناها تردد (سبحان الله والحمد لله) والدموع تترقرق فى عينيها، وقد التف حولها أبنائى وأبناء الجيران، وهى جالسة على كرسيها، وأنا أنظر إليها، وأتأمل وجهها الملائكى بينما يمر بذاكرتى شريط حياتها الحافل بالتحدى وقهر المستحيل.. ولم تمض دقائق حتى فاضت روحها إلى بارئها وهى بين أيدينا وأمام ناظرينا.

إنها حاضرة فينا على الدوام وفضلها ثابت علينا ويطالبنا دائما وبرقة الأمومة أن نذكرها ونتذكرها ولا ننساها... وكيف لنا أن ننسى من ملأت حياتنا بشرا وسرورا، وكانت لنا هادية إلى طريق الحق والعمل والإيمان..

وإننى استعيد الآن كلمتها الأخيرة لأبنائى (تذكّروني).. وكأن النسيان هو أقسى ما تخشاه منهم، فهم أبناؤها الذين كرست لهم حياتها، وكانت تتصدى لى إذا عنفت أحدهم وتأخذه فى حضنها وتربت على كتفيه، وتنصحه بأن يفعل كذا، ولا يفعل كذا فيستمع إليها باهتمام وينفذ ما أشارت به عليه باقتناع تام.. وها أنا يوم عيد الأم أجمع أبنائى ونقرأ جميعا الفاتحة لروحها، ونبتهل إلى الله أن يسكنها فسيح جناته، فلقد عاشت حياتها راضية بالقليل، سعيدة بالزهيد، وحملت ما استطاعت من أثقال الحياة، ولم أر على ملامحها أبدا علامة اليأس، وظل الأمل يكسو وجهها إلى النهاية.

وأرجو أن تدعو لها بالرحمة وأن يسكنها الله فى الفردوس الأعلي، ولعل من عاملها بجفاء أو بخسها حقها يراجع نفسه، ولا يكرر فعلته مع من يعانون نفس ظروف أختى الراحلة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

< ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

لقد تجسدت كل معانى الأمومة فى أختك الراحلة فظلت لكل من حولها مصدر الحنان والرعاية والعطف والعطاء بلا حدود، واحتوت الجميع وزرعت فيهم بذور الأمن والطمأنينة وهدتهم إلى طريق الإيمان والهدوء النفسي، وبرغم مرضها وعجزها الذى يقهر الرجال، فإنها لم تهتز وواجهت أقدارها بقوة وشجاعة، وكانت إشراقة النور فى حياتكم ومدرسة الحياة مفتوحة الأبواب لكى يتعلم فيها الراغبون ليلا ونهارا، ولم يتوقف برنامجها التربوى ومنهجها الفطرى فى التعامل مع الآخرين ساعة واحدة، واستطاعت أن تكسب القلوب بالحب والفهم، فلمس فيها من عرفوها نقاءها ومعدنها الأصيل، ولأن لكل قاعدة استثناء فإن الاستثناء هنا بعض صغار العقول، ومتحجرو القلوب الذين نظروا إلى الحالة الصحية التى تعانيها نظرة دونية فلم يقدروها حق قدرها، ومنهم ذاك المدير الذى بخسها حقها فى الحوافز برغم أن عطاءها يفوق عطاء الأصحاء، وكذلك بعض الجيران الذين عبثوا بأشيائها وأزالوا التسوية البسيطة لمدخل المنزل لكى تتمكن من إدخال كرسيها الذى لا تستطيع التحرك بدونه وأجبروها على تركه أسفل المنزل فى الشارع، وهؤلاء صنف من البشر تعاموا عن ان الحساب قادم يوم يقفون أمام الله ليلقوا جزاء ما صنعوا وما اقترفوا من شرور وآثام .. يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فلقد غرتهم الدنيا بأشياء بسيطة، ونسوا أن متاعها زائل، ولا تساوى عند الله جناح بعوضة، وأنى اسأل هؤلاء وأمثالهم من المنتشرين فى بقاع الأرض، لماذا كل هذا الحقد، وهذه التصرفات اللاإنسانية التى لامبرر لها على الإطلاق.. ألا تدرون أن الله يمهل ولا يهمل، وأن الذين ظلموا سوف يواجهون سوء المصير وسيحصدون جزاء صنيعهم هذا فى الدنيا قبل الآخرة فلا يغتر أحد بقوته ولا بسلطانه؟!

وما أكثر الأصحاء الذين عاشوا فى الدنيا وغادروها دون أن يتركوا أثرا فيها، بينما من تعرضوا للابتلاء تركوا بصمات شاهدة على عطائهم، وذكرى جميلة تتناقلها الأجيال، مثلما فعلت أختك الراحلة، وصارت العيوب التى يراها البعض فيمن تعرض للابتلاء مزايا لا يدركها إلا العاقلون وفى ذلك يقول الشاعر بشار بن برد

وعيرنى الأعداء والعيب فيهمو

وليس بعار أن يقال ضرير

إذا أبصر المرء المروءة والتقى

فإن عمى العينين ليس يضير

رأيت العمى أجرا وذخرا وعصمة

وإنى الى تلك الثلاث فقير

فالإعاقة تمثل دائما حافزا على التحدي، وتزيد العقلاء قوة فلا ينهارون إذا صادفتهم عقبات، بل يتخذون منها نقاط انطلاق جديدة، وهذا ما فعلته أختك التى حققت نجاحات كثيرة، فحصلت على شهادتها الجامعية، وعملت فى وظيفتها التى التحقت بها فور تخرجها وظلت بها حتى اللحظة الأخيرة التى فارقت فيها الحياة وحفظت القرآن الكريم وعلمته لأبنائك وأبناء جيرانكم، وحصدت بطولات رياضية.. ومثلها تستحق أن تكون المثل الأعلى لكل من اقترب منها، فهى مثار فخر واعتزاز ومنهل للعطاء الذى لا ينضب أبدا ويتعلم منه الأبناء الإيثار، وتستفيد منه الأمهات الطريقة المثلى للتربية ومواجهة المحن والشدائد.

إن الإيمان بالله والعمل الصالح هما عماد الحياة الطيبة السعيدة وأحسب أن اختك الراحلة قد أدركت ذلك بفطرتها منذ مطلع حياتها، فآمنت بأن كل شيء بقضاء وقدر وأن ليس للإنسان إلا ما سعي، فدبت فى الأرض، ولم تلق بالا للمصاعب ولا للعوائق، وتحملت أقدارها بشجاعة من منطلق أن من لا يصبر اختيارا سوف يصبر اضطرارا، وهنا يقول المتنبي:

رمانى الدهر بالأرزاء حتى

فؤادى فى غشاء من نبال

فصرت اذا اصابتنى سهام

تكسرت النصال على النصال

وهان ولا أبالى بالرزايا

لأنى ما انتفعت بأن أبالي

فليكن عيد الأم فرصة لتذكير أولادك بخالتهم التى كانت أما لم يقل عطاؤها لهم عنك وليتخذوها قدوة فى العمل الصالح والدأب فى الحياة، وأسأل الله لها حسن الجزاء، وفقك الله إلى طريق الخير والتوفيق والسداد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حماده قرني صلاح
مراقب عام
مراقب عام
حماده قرني صلاح

ذكر
العمر : 37
عدد الرسائل : 8036
بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 111010
العمل : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 Engine10
الحالة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 8010
نقاط : 19318
ترشيحات : 79
الأوســــــــــمة : بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 111110

بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة )   بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) - صفحة 66 I_icon_minitime28/3/2014, 17:36

البيت الجديد

نحن ثلاث بنات وولد.. وكانت والدتى رحمها الله من

ذلك النوع الذى يقدس الذكور وترى أن الإرث حق للولد، وعليه أن يراعى أخواته بالأمنيات الطيبة، وهن يدعين له بالتوفيق والعزة والستر، ولا يطلبون منه شيئا.. والحكاية أن والدنا رحمه الله ترك لنا سيارة قديمة وشقة بالايجار وشقة تمليك، وبيتا ليس له ترخيص بناء، وقد بنى اخى الدور الأول فيه من ماله فى وجود أبى واستخرج له عقد صحة بيع ونفاذ وثلاثة دكاكين ومخزنا وصيدلية بالإيجار مقامة فى البيت نفسه، واستمسكت والدتى بالإرث بعد رحيل والدنا، ورفضت اطلاعنا نحن البنات على أى شيء من الايجارات أو ما يتعلق بالتركة، واختصت أخى بكل شيء، وبرغم أنه كان مسافرا إلى الخارج فإنها كانت تخبره فى الاجازات بما تم خلال سفره، وعندما كنت أفاتحها فى الإرث كانت تقول لى انسى هذا الأمر تماما ولا تتحدثى فيه، وذات يوم طلبت منى والدتى بطاقتى لعمل إعلام وراثة فأعطيتها لها، وبعد إستخراج إعلام الوراثة، أبلغت والدتى برغبتى فى شراء السيارة القديمة بسعر السوق فغضبت بشدة... وراحت أختى تطالب بها لنفسها دون مقابل كجزء من الإرث.. وحسمت والدتى الأمر بأن السيارة لشقيقنا وان علينا ان نتنازل له عنها.. هكذا قالت وقتها، وبعد فترة وجيزة اخبرتنا ببيع السيارة، وأعطت كل واحدة نصيبها من ثمنها وتنازلنا عن الشقة الايجار لأخي، أما الصيدلية فقد ظلت مع الصيدلى الذى استأجرها بمبلغ خمسين جنيها شهريا.

وجاء دور البيت بعد رحيل والدتى واتفقنا على ان تبنى كل واحدة لها طابقا فيه على نفقتها الخاصة، وكلما هممنا بالبناء يتذرع أخى بأن البيت ليس له ترخيص ويماطل فى البناء.. ومرت 12 سنة على هذا الوضع، وكلما طلبنا منه حل هذه المشكلة الأزلية يفتعل أى أسباب للتغطية على الموضوع.. فماذا نفعل؟

ولكاتبة هذه الرسالة أقول :

هذا الأسلوب فى التفرقة بين الأولاد والبنات عند توزيع الميراث يخالف الشرع، ويأباه الدين، ويتعرض مرتكبه للعقاب الالهى فى الآخرة، وقد يعجل الله له الحساب فى الدنيا، ويبعث اليه بإشارات عسى ان يفيق من غيه.

والواجب على الأب والأم ان يعدلا بين أولادهم فى العطاء ولا يجوز لهما تفضيل أحدهما على الآخر، ولو كان هذا المفضل بارا بوالديه، وربما يكون هناك استثناء لهما فى حياتهما بمؤازرة المحتاج منهم كأن يكون صاحب عائلة كبيرة لا يستطيع الانفاق عليها، أو معاقا لا يمكنه العمل والتنقل.

وبالنسبة لحالتكم وبعد رحيل أبيكم فإن على شقيقكن ان يتقى الله حتى يلقى الله وهو مطمئن البال، وليعلم ان بإمكانكن اللجوء الى القضاء ولكن لا تفضلن انتهاج هذا الطريق، فالمسألة بسيطة ويبقى الود وصلة الرحم هما الأساس لعلاقة عائلية ناجحة والله المستعان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بريد الأهرام ( بريد الجمعة )
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 66 من اصل 88انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1 ... 34 ... 65, 66, 67 ... 77 ... 88  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» بريد الجمعة يكتبة : احمد البرى الطفل الكبير !
» سطو مسلح على مكتب بريد في المعادي
» سطو مسلح على مكتب بريد «قها» في القليوبية
» اجعل لك بريد مجاني على الـ hotmail - شرح بالصور
» كيفية حظر بريد الكتروني بسكربت whmcs

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشاعر عبد القوى الأعلامى :: المنتديات العامة :: المنتدى العام-
انتقل الى: