|
|
| بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) | |
| |
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
عريس لقطه عضو فضى
عدد الرسائل : 1383 بلد الإقامة : الجيزه احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 8143 ترشيحات : 5 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) 30/6/2012, 15:25 | |
| حكاية سيدة أكتب إليكم قصة تقتحم علي ذاكرتي كثيرا هذه الأيام, حيث كانت سيدة تأتي لمنزلنا كل أربعاء لتقوم بأعمال النظافة, وكانت عفية أمينة نظيفة, تتخاطفها ربات البيوت في زمن تعذر فيه وجود الشغالات, وذات يوم حكت لي قصة حياتها, فعندما بلغت الثامنة من عمرها أحضرها.
والدها إلي منزل ناس كويسين لتعمل شغالة عندهم, وعلمتها ربة المنزل أصول التنظيف, وكانت تحضر لها كرسي المطبخ لتقف عليه وتطول الحوض, وتغسل الأطباق, وكان والدها يحضر آخر كل شهر ليقبض راتبها, وعندما بلغت الثانية عشرة أتي وأخذها ليزوجها من رجل في الأربعين من عمره, وحملت بعد فترة قصيرة من الزواج, وفي أواخر حملها غضب عليها زوجها ذات يوم فأمسك بإبريق ماء مغلي وصبه علي ظهرها فصارت لا تستطيع النوم لأن الحامل لا يمكنها أن تنام علي بطنها. مرت تلك الفترة الصعبة وأنجبت سيدة بنتا, وذات يوم مرضت البنت وكان عمرها أشهرا فأخذتها سيدة إلي المستوصف وجلست في الفناء تنتظر دورها. وكانت البنت تبكي وتصرخ صراخا متصلا, وكانت مصابة بإسهال, فوضعتها سيدة تحت الماء البارد لتغسلها وضربتها لتسكت فسكتت أخيرا, وعندما جاء الدور علي سيدة ودخلت المستوصف كشف الطبيب علي طفلتها وأخبرها أن البنت ماتت, وأردفت سيدة: أنا كنت صغيرة ومش فاهمة حاجة. سيدة حكت لي قصتها بعد ذلك الحادث بسنين طويلة, وكان زوجها قد توفي وترك لها خمسة من البنين والبنات, فعملت بنظافة البيوت لتربيتهم, وقد درسوا بالتعليم الثانوي التجاري ثم عملوا بالمصانع, ومنهم من سافر للدول العربية ليعمل وقد زوجتهم في سن مناسبة. وتقفز حكايتها إلي ذهني في كل مرة أسمع فيها عن قانون تخفيض سن زواج البنات, ولا أكاد أصدق أن أعضاء مجلس شعب منتخبين يمكن أن يكونوا هم من يسن مثل هذه القوانين المجحفة, فكتبت قصتها لعلها تلح عليكم, مثلما تلح علي, فإن لم يحدث فعلي الأقل يهدأ إلحاحها داخل رأسي. كتبت القصة كما سمعتها لم أزد فيها أي تفاصيل أو تحابيش كان من الممكن أن تجعلها أكثر تشويقا, لكني لم أغير فيها سوي اسم سيدة, وأراها تحكي قسوة الأيام بسبب العرف الاجتماعي بينما قسوة الزوج والأب محدودة نسبيا. ولعل مما يخفف وطأة حكاية سيدة أن يعاد رفع سن الزواج حتي تدرك البنت معني الأمومة. > وأقول لأم أمل كاتبة هذه الرسالة: لا سبيل لإنقاذ المجتمع من آفة تزويج صغار السن إلا بسن قانون واضح يرفع سن الزواج, فترك المسألة للعرف الاجتماعي فيه مخاطر شديدة, خصوصا في أوساط الأرياف والمناطق الشعبية التي تري سترة البنت في زواجها دون النظر إلي أي معايير أخري, وليست سيدة وحدها ضحية لهذه الأعراف البالية, وإنما هناك الملايين غيرها ممن وقعن ومازلن يقعن ضحايا الجهل في مثل هذه الأمور. والخطر الأكبر أن يذهب أعضاء البرلمان إلي سن قانون لتخفيض سن الزواج وهم لا يدركون فداحة الخطأ الذي يرتكبونه, لذلك فإنني أهيب برجال القانون وخبراء علم النفس والاجتماع التصدي لأي محاولات لسن قوانين تهدر إنسانية المرأة, وتؤدي إلي الخلل الاجتماعي بكل ما يترتب عليه من تفكك الأسر, وكثرة حالات الطلاق.
|
| | | عريس لقطه عضو فضى
عدد الرسائل : 1383 بلد الإقامة : الجيزه احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 8143 ترشيحات : 5 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) 30/6/2012, 15:28 | |
| الصفحة البيضاء بعد أن قرأت رسالتي اللحظة القاسية و الخط المستقيم دارت في ذهني مقارنة بسيطة بينهما أردت أن أضعها في هذه السطور, فالأمر يعود إلي أسلوب تربية كل من البطلين, فبطل قصة اللحظة القاسية فضل أبوه ألا يعمل وأن يذاكر فقط.
ووضعه في برج عال ولم يجعله يكد ويجتهد لأسرته, بل لنفسه فقط, بالرغم من ظروفهم البسيطة, فأصبح شخصا أنانيا يحب نفسه ولا يفكر في الآخرين, وتعود أن يأخذ ولا يعطي, وعندما جاءته فرصة سفر وذهب لكي يخبر أبويه بسفره, وجد موقفهما قد تغير من العطاء المستمر بلا حدود إلي رفض, فاصطدم معهما وعاندهما وسافر. أما بطل قصة الخط المستقيم فرباه أبواه علي العمل من أجل مساعدة أسرته وتوفير مصاريف مدرسته, وشعر بدفء أبيه وأمه النفسي قبل المادي, ثم تعرض لصدمة فقد أمه فزادته قوة, وعندما وجد وظيفة محترمة رضي بها ولم يفاضل بين الوظائف مثل بطل قصة اللحظة القاسية, وعندما باع الآلة الحاسبة وأراد أن يعطي ثمنها لأبيه اعترافا له بالجميل, كان ذلك أكبر دليل علي عدم أنانيته, فهو تعود علي أن يعطي ويأخذ, ولم يتعود علي أن يأخذ فقط, وأعتقد أنه لو حدث الموقف نفسه مع بطل قصة اللحظة القاسية لفضل بالطبع الآلة الحاسبة علي معاونة أبيه. خلاصة القول.. أنني لا ألتمس العذر لبطل اللحظة القاسية وأريد فقط أن أقول إن التعليم في الصغر كالنقش علي الحجر, فمن تعود علي الأخذ فقط لا يعطي شيئا في اللحظة المتوقع منه فيها العطاء, فالطفل ياسيدي كالصفحة البيضاء, والأهل هم الذين ينقشونها, فكل أب وأم يزرعان ما يريدان أن يحصداه من أبنائهما, فيجب علي كل الآباء أن يتوخوا الحذر, وهي مسئولية هم مكلفون بها من الله, فأرجو الحفاظ علي الأجيال القادمة وتعليمهم أسمي معاني الأخلاق والحب, وتعاليم الأديان, فأحيانا يقع الآباء في أخطاء خلال تربية أبنائهم ولا يشعرون بها ولا بالتقصير تجاههم إلا بعد فوات الأوان. {{ صاحبة هذه المقارنة الرائعة هي أمنية محمد ثروت, الطالبة بالشعبة الإنجليزية في كلية الحقوق, وأراها إضافة مهمة في الحديث الدائم عن أسلوب التربية الصحيح, فالابن دائما يعكس في كبره ما قدمه له أبواه في صغره, وكلما تعلم الطفل الاعتماد علي نفسه صار رجلا في الشدائد, وأصبح قادرا علي مواجهة تقلبات الحياة, ومدركا قيمة عطاء أبويه علي مدي مراحل عمره. فهل يتعظ الآباء فيربون أبناءهم علي العطاء؟ وهل يتعلم الأبناء فيردون الجميل لآبائهم؟
|
| | | عبد الكريم ربيع عضو متألق
عدد الرسائل : 788 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 7044 ترشيحات : 6 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) 12/7/2012, 23:39 | |
| الأقنعة الزائفة! أبعث إليك برسالتي وكلي أمل في أن تجد لي مخرجا من معاناتي التي تفوق الوصف من الذل والهوان علي مدي تسعة عشر عاما, وسأحاول جاهدة التركيز في كلماتي قدر استطاعتي. فأنا سيدة في الخامسة والأربعين من عمري وحاصلة علي ليسانس الآداب في اللغة الانجليزية وأعمل في جامعة خاصة, ووالدي أستاذ بها, وحرص منذ طفولتي علي أن يربطنا بأهلنا في الريف, واستطاع بعلاقاته الشخصية أن يحصل لوالدتي موجهة اللغة الفرنسية علي إعفاء من أعمال الامتحانات لكي تذهب بي وبشقيقي وشقيقتي لقضاء العطلة الصيفية سنويا عند جدي, فنتواصل مع أهلنا, وتتوطد علاقات المودة والصداقة بيننا. وكنا نلعب ونلهو مع أبناء أقاربنا وبمرور الأيام لاحظت اهتمام ابن عمتي بي خلال وجودنا في البلدة, وفي زياراته المتكررة لنا, وحرصه علي قضاء كل متطلباتنا, وتوسمت فيه الشهامة والمروءة, وكبرنا وكبرت معنا أحلامنا وحدثني أنه يأمل في أن أكون زوجته وشريكة حياته, فوجدتني أبادله نفس الإحساس, ورأيت فيه فتي أحلامي, ولم أعبأ بفوارق البيئة والنشأة بيننا. وما إن أوشكت علي التخرج حتي تقدم لخطبتي دكتور مهندس جيولوجي فرفضه أبي لغروره بعمله, ثم تقدم لي أستاذ بإحدي الجامعات وكان يحظي بثقته وإعجابه, حيث أنه هو الذي حثه علي مواصلة دراساته العليا حتي نال درجة الدكتوراه, لكنني لم أرتح اليه فرفضته, وتمسكت بابن عمتي الذي كان قد تخرج وقتها في كلية التجارة, وحذرني والدي من زواج الأقارب مؤكدا لي أن سلبياته كثيرة إلا انني أصررت علي الارتباط به, وكانت حجتي وقتها هي المثل الشائع اللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفوش!.. ورضخ والدي مرغما لرغبتي, وألحقه بوظيفة في الجامعة نفسها التي أعمل بها, وبمرتب لم يكن يحلم به, ولم يدخر وسعا في مساعدتنا علي تجهيز عش الزوجية وأعد لنا شقة للسكن عشنا فيها خمسة أعوام لم يتحمل ابن عمتي خلالها مليما واحدا.. وما إن بدأت حياتي الزوجية معه حتي بدأت الأقنعة الزائفة التي كان يتخفي وراءها تتساقط يوما بعد يوم, وبرغم أنه كان التجربة الوحيدة بالنسبة لي فإنه ظل يسألني وبتهكم شديد مفيش بنت ملهاش ماضي.. عايز أعرف ماضيكي, فأغلظت له الإيمان بأنني لم أعرف غيره, لكنه لم يصدق إلا أوهامه وهواجسه, وأخذ يبحث في أوراقي الشخصية, وأرقام التليفونات التي أدونها في هاتفي, فربما يجد ما يؤكد شكوكه, ولكن خاب ظنه, وتكشفت لي صفاته السيئة, فهو حاد الطباع, عصبي المزاج, سريع الانفعال لأتفه الأسباب, مثير للمشكلات, كثير الكلام فيما لا يفيد, ولا يعرف غير الذم في الآخرين حتي أقرب الناس إليه, وإلي جانب هذه المساوئ بخيل ومقتر في الصرف علي متطلبات الأسرة, علاوة علي أنه شخصية ودنية. وهكذا وجدت أن كل خصاله تباعد بيني وبينه, فكتمت أحزاني, وواصلت حياتي معه عسي أن يتغير, وبرغم أنه يتقاضي مرتبا كبيرا فإنه لا يصرف علي الأسرة سوي المصروفات الضرورية, أما الكماليات ودروس الأولاد الخصوصية والملابس التي تليق بمستوي الأسرة فإنني أتحملها بالكامل, وإذا عزمت أهلي فإنني أنفق علي العزومة من مالي الخاص وحتي عندما يطلب مني الأولاد وجبات جاهزة وأطلب منه شراءها لهم علي حسابي فإنه يغالي في ثمنها, ويقول لي بكل بجاحة انه أخذ ثمن بنزين السيارة حتي لو كانت المسافة لا تزيد علي كيلو متر واحد! وبرغم ما قدمه والدي له, فإنه لا يذكره إلا بالسوء, وينعته بأحط الألفاظ ولا يلقي بالا لمشاعري تجاه أبي الذي يشهد له الجميع بدماثة الخلق, ويحظي بحب واحترام أعضاء هيئة التدريس والعاملين بالجامعة. لقد تفجرت الخلافات بيننا منذ الشهر الأول للزواج ولم يمر يوم واحد دون شجار, ووصل الأمر الي حد عقد جلسة عرفية كل عدة أيام, وكانت الجلسات تنتهي بالحكم لي وإدانته, وتعهده كتابة بعدم تكرار أخطائه, وللأسف فإنه في كل مرة تتغلب عليه طبيعته فيعود إلي شجاره أشد شراسة, خاصة بعد أن لاحظ تعلقي بأولادي, ولذلك تخيل أنه مهما فعل بي فلن ألجأ إلي طلب الانفصال. لقد صبرت عليه صبر الجمال, وتحملت ما لا يتحمله بشر من أجل أبنائي, لكنني وصلت معه إلي طريق مسدود وأيقنت أنه حالة مستعصية ووصل الأمر إلي إصابتي بانهيار عصبي, وذهبت إلي البلكونة لإلقاء نفسي منها حتي أتخلص من جحيمه فمنعني الجيران, وأنقذوني في آخر لحظة, واتصلوا بشقيقي, فجاءني مندهشا ومضطربا, واصطحبني الي منزل العائلة.. وعند هذا الحد أصررت علي طلب الطلاق, ومع أن لدينا الكثير من المستندات التي تدينه ومحاضر الجلسات العرفية, فإن والدي رفض رفضا قاطعا اللجوء الي المحاكم, حفاظا علي العلاقات العائلية, ووجدها زوجي فرصة للتنازل له عن كل شيء مقابل تطليقي, والأدهي من ذلك أنه طلب مني التوقيع علي إقرار بأن أقوم برعاية أولادي صحيا واجتماعيا وتعليميا, ولا أطالبه بالصرف عليهم, فوافقت علي طلباته حتي أتخلص من الكابوس الذي جثم علي أنفاسي طوال تسعة عشر عاما, وحتي الأثاث والأجهزة التي اشتريتها علي نفقتي الخاصة رفض تسليمها لي. وهذا قليل من كثير من معاناتي مع الرجل الذي فضلته علي من هم أكثر منه علما وخلقا, وكان جزائي هو أن أعيش معه سلسلة من النكد اليومي حولت حياتي الي جحيم يفوق جحيم دانتي في الكوميديا الالهية, وهنا أجبرني علي اتخاذ القرار الصعب بعد طول تردد.. إنني لم أتجن عليه في كل ما ذكرت.. والله خير شاهد علي كل ما جاء في رسالتي, بل إن هناك سلوكيات أخري وجدت حرجا بالغا في أن أذكرها لكم. لقد مضت ثمانية أشهر عشتها في كنف والدي, هادئة البال, مرتاحة الفؤاد, أنام ملء جفوني بعد أن عانيت السهر والأرق والعذاب خلال سنوات الهوان, وتحليت بالصبر حتي تبدد أملي, وضاق صدري بما لا يقال, وشتان بين حياتي معه, وحياتي بعده, فالفرق بينهما كالفرق بين الجحيم والجنة. وكلما تذكرت ما فعله بي أكاد أصاب بالجنون, ويزداد إصراري علي اللجوء إلي القضاء لكي أسترد الأثاث والأجهزة التي اشتريتها من مالي الخاص. وأجبره علي الصرف علي أولاده, لكن والدي يمنعني رافضا بشدة هذا الاتجاه, ثم فوجئت بأن مطلقي حرر بلاغا ضدي في الشرطة بأنني تركت له الأولاد, وأنه هو الذي يتولي رعايتهم منذ الانفصال, ولا أدري كيف يفعل ذلك ولماذا؟.. إنني أسألك: أليس من حقي وفقا للشرع والقانون أن أحصل علي حقوقي وحقوق أولادي الضائعة من منطلق أن أي قرار توقعه الزوجة وهي مكرهة تحت ضغط الحاجة إلي الخلاص لا يعتد به.. أم ماذا؟ وعلي جانب آخر فإن أبي قلق علي مستقبلي, وعرض علي.. إما القبول بزوج آخر تقدم لي, أو أن أعود إلي جحيم مطلقي مرة أخري.. أمران كلاهما مر, فلا يمكن لمن اكتوي بنار جهنم أن يعود إليها من جديد.. ولا أريد تكرار التجربة مع زوج ثان يتحكم في وفي أولادي, فلقد وهبت ما تبقي لي من عمر في سبيل رعايتهم لكنني في حيرة من أمري.. فأي الطرق أسلك؟.. بصرني بصرك الله بكل ما هو طيب. >>.. وأقول لكاتبة هذه الرسالة: الأفضل دائما أن نضع النقاط علي الحروف منذ البداية, فإذا كنت قد لمست منذ الشهر الأول للزواج خصاله السيئة, فقد كان الأحري بك أن تتوقفي لتعيدي حساباتك معه, فإن رجع والتزم أمامك بألا يعود إلي ما اقترفه في حقك من أخطاء, وأوفي بعهده, فعليك برأب الصدع ومواصلة المسيرة, وإذا لم يوف بما قطعه علي نفسه تكون لك وقفة أخيرة تقررين بعدها الانفصال إيثارا للسلامة, لكن أن تتركي له حياتك يتصرف فيها كما يشاء, فتمضي في صورة تنازلات من جانبك, وطلبات لا تنتهي من جانبه, فهذه سياسة مصيرها الفشل والطلاق, ولكن بعد أن يكون الأولاد قد كبروا, ويصبح الانفصال خطيرا عليهم, إذ سوف يتشتتون بينكما, وبالتأكيد ستكون لكل منكما حياة خاصة, ففي مثل هذه الحالات يتزوج الأب, وقد تجد الأم نفسها مضطرة للزواج, والاستقرار مع شريك حياة آخر, وهنا تصبح تربية الأولاد مشكلة مستعصية علي الحل. لقد كنت ياسيدتي بسيطة وراضية وقانعة بابن عمتك الذي لم تعرفي غيره, ولم تريدي زوجا سواه, برغم العروض المناسبة التي كانت متاحة لك, ويحضرني هنا قول أوسكار وايلد: هناك نوعان من النساء, الأول سهل وبسيط, والثاني مطلي بالألوان الزاهية, وأنت من النوع الأول, وخبرك ابن عمتك وعرفك منذ الطفولة, ولم يجتهد في أن يعرف خباياك التي كانت واضحة أمامه بلا زيف ولا خداع, وعندما ارتبط بك كان يدرك جيدا أنك بلا تجارب, بدليل أنه عندما فاتحك في الزواج وافقت علي الفور, وعرف برفضك من تقدموا إليك طالبين يدك من أجله, لذلك عندما سألك عن ماضيك كان يبحث عن قشة يتعلق بها لإضعافك ثم الضغط عليك لكي تسيري علي الخط الذي رسمه لك. وهذا النوع من الرجال لا يفكر إلا في نفسه, ولو أنه صادف فتاة مطلية بالألوان الزاهية لانجذب إليها ووقع فريسة لها. والواضح أنه ارتبط بك ليس من باب الحب, ولكن من نافذة المصلحة طمعا في الوظيفة, وأموالك وأموال أبيك, فلما أحس بأنه لن ينال ما كان يبتغيه بدأ في إثارة القلاقل والمتاعب لك, وأوصلك إلي طلب الانفصال بأي ثمن, فوقعت له إقرارات بإعفائه من مصاريف الأولاد والأثاث والأجهزة التي اشتريتها من مالك, وتحقق لك ما أردت, فلا تعودي إليه, لأنه سوف يكرر مآسيه معك, إذ ليس سهلا علي الإنسان أن يغير طباعه التي تلازمه مدي الحياة, ولا مانع أبدا من الارتباط بمن رشحه لك والدك إذا درست ظروفه جيدا وأيقنت أنه مناسب وأنك تستطيعين مواصلة الإبحار معه, بشرط أن يعلم أن أولادك سوف يعيشون في كنفك خلال فترة الحضانة, وأنك لن تفرطي فيهم تحت أي ظرف من الظروف. أما الحصول علي حقوقك التي تخليت عنها بإرادتك فبإمكانك أن ترفعي دعوي أمام المحكمة للحصول علي نفقة الأولاد, ولا قيمة للإقرار الذي وقعته علي نفسك مرغمة بالتنازل عن نفقتهم لأنك لا تملكين حق التنازل عما لا يخصك, وسوف تحكم لك المحكمة بذلك, وأما بالنسبة للأثاث والأجهزة فإن من صرفت معظم أموالها علي بيتها وأولادها لن تنتظر ثمن بضعة أجهزة, فركزي جهودك فيما يخص أولادك, وسوف تحققين ما فيه مصلحتهم, وفقك الله وهداك إلي ما فيه الخير, وهو علي كل شيء قدير.
|
| | | عبد الكريم ربيع عضو متألق
عدد الرسائل : 788 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 7044 ترشيحات : 6 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) 12/7/2012, 23:43 | |
| الفكــــرة المـــرفــوضـــة أنا صاحبة المشكلة التي نشرت في بريد الجمعة بعنوان( الخطوة الأخيرة) وعندما قرأت القصة المنشورة عدت لما كتبته أنا, واكتشفت بعض العبارات التي لم أذكرها وأن ما كتبته لآخذ رأيكم فيه, لم تتوجهوا له قدر ما توجهتم لمشكلة ليست مطروحة للنقاش, فحينما أقول إنني صاحبة رأي منذ صغري فهذا معناه أنه لا يحق لأحد أن يجبرني مثلا علي اختيار نوع دراستي ولا الكلية التي ألتحق بها لأنني أعلم الناس بقدراتي العلمية, وهذا مقارنة بما حدث لأختي حيث تم اختيار القسم العلمي لها ثم كلية علمية لم ترغبها, ولكنها بطاعتها دخلت
أما عن وصفكم بأنني بشخصيتي المتمردة صارت لي الكلمة الأولي في المنزل فأقول: حينما أتزوج شخصا يلقي كل شئ في حياتنا الزوجية علي ولا يريد أن يتعب نفسه في اي موقف نتعرض له, ولا يريد ان يسمع أي مشكلة عن المنزل وحينما احتاجه كأب وزوج يتنصل من مسئولياته, فإنه لزاما علي أن أحرك المنزل الساكن, وإلا توقفت حياتنا ونحن في زمن ان لم تصاحب فيه ابناءك وتتواصل معهم فسوف تخسرهم, وكما ذكرت في ردك: إن القيادة تكون للرجل وعلي المرأة أن تسانده وترشده وتشد من أزره وهنا أسألك: وإن رفض الزوج ذلك.. ما العمل؟ ولم أذكر في رسالتي أن زوجي حين تعدي علي بالضرب جلست ابكي وانتظره ليصالحني, وانه مع احتدام النقاش بيننا علا صوتي عليه, لقد كان السبب غاية في التفاهة ولكنني لست مضطرة لسرد تفاصيل ارفض الحديث عنها ليس من اجله بل من أجل أبنائه ومن أجل عشرة السنوات الماضية التي لها حق علي, ولم اهدده بأنني أعيش معه من أجل الأبناء ولكن كان ضروريا أن يستشعر بأن أسلوب الحياة هذا يهدد حياتنا بالخطر ويزلزل المنزل من تحت قدميه كذلك لست مضطرة للحديث عن مشكلات تسييء لشخصه, وهذا ما دفعني لرفع قضية خلع وليس طلاقا للضرر وهذا ما أعلنته للقاضي في المحكمة ويحسب ذلك لي وليس علي, فأنا لن أقف في المحاكم وأجرح في الرجل الذي كان يوما زوجي, ولم أذهب لدار الإفتاء ولم أحدث اكثر من اربعة شيوخ إلا بعد ان استنفدت جميع السبل للإصلاح.. ولم يجئ في سياق الرسالة ما كتبته علي لسان زوجي( أنا نعم ظلمتك ولكن اهلك من ساعدوني علي ذلك لأنك لم تشتك لهم يوما وانت مظلومة ونصفوك). أما عن أبنائي فلي ولدان متفوقان في دراستهما, ولأحدهما انشطة اجتماعية وثقافية وأتباهي به في كل الدنيا وقد حاربت كثيرا من اجلهما. وقد تكون أصبت أنت حينما قلت إن قراري تأخر, لكنني كنت أحاول الاصلاح علي مر السنين الماضية وعانيت ما عانيت ولا أدري كيف توقعت انني( حادة الطباع ـ وتحدثت لزوجي بكلمات جارحة: وانني اشخط وانطر). يا سيدي الفاضل: إن قوة الشخصية لا تعني سوء الخلق أو الطباع, انا لست مدللة بل عانيت من الأمراض ورقدت تحت أيدي الجراحين العدد الذي لا يطيقه الكثيرون, وصبرت واحتسبت أجري عند الله, ولكنني لم اكتب ما استعطف به غير لأنني منذ زمن فوضت أمري إلي الله عز وجل الذي قال للدعوة المظلومة( وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين). أما الأهم في الموضوع فهو أنني لم ابعث رسالتي لأشاوركم في مسألة زواجي, وإلا كنت قد أرسلتها اليك قبل رفع دعوي الخلع ولكنني أرسلتها من أجل أبي وأمي اللذين يرفضان تماما فكرة الطلاق, ويضعان الناس امام أعينهما وماذا سيقولون عن ابنتهما المطلقة, وسألتك بالله أن تخاطبهما بأنني الاهم من الناس لهما.. هذا والله هو المعين لي. <<.. واقول لكاتبة هذه الرسالة: لقد بعثت الي برسالتك وانت تريدين ردا مؤيدا لك دون أن تذكري شيئا عن سلبيات زوجك, حيث تقولين إنك لست مضطرة لسرد تفاصيل ترفضين الحديث عنها, فكيف يمكن الحكم علي المسألة برمتها؟. أعلم أنك اتخذت قرارك بعدم الاستمرار مع زوجك, ولكن صاحب أي مشكلة ينظر اليها دائما من وجهة نظره الشخصية ويحاول تبرير أفعاله وإلقاء المسئولية علي الطرف الآخر.. وعلينا دائما أن ندعوه إلي التريث قبل اتخاذ قرار الانفصال أو محاولة رأب الصدع مهما بلغت التضحيات, ولكن أما وأنك قد قررت الانفصال فهذا حقك ولا أحد يلومك عليه, وعلي أبويك أن يسانداك في موقفك, وأنت بالفعل الأهم لهما, وهما لا يريدان سوي سعادتك وراحة بالك, ولذلك لا أؤيدهما مطلقا في الموقف الذي يتخذانه منك.. فقد يكون هذا الموقف مناسبا أو من الممكن القبول به لو أنك مازلت مترددة بين الطلاق أو الاستمرار في حياتك الزوجية.. لكن الوضع اختلف الآن وعليهما احتواؤك والوقوف الي جانبك, وأقول لهما: انها هي التي تعيش مع زوجها, وتعلم وتقدر ظروفها, وقد حاولتما قدر المستطاع تقريب المسافات بينهما, لكن من الواضح أن أي محاولة في هذا المسار سوف يكون مصيرها الفشل, فلا داعي للعناد والمكابرة, فلفظ مطلقة لا يعيب أبدا من تنفصل عن زوجها, مادامت قد وجدت أن الحياة معه مستحيلة.. وابنتكما بشخصيتها وقوتها قادرة علي تجاوز أزمتها, وسوف تبدأ بمساعدتكما حياة جديدة خالية من المنغصات, فلا تتركاها وحدها, ويكفيها محاولاتها الدؤوبة لاسترضائكما فهذا دليل علي نقاء معدنها وصدق مشاعرها, وخوفها من أن تغضبكما فلا تخذلاها, فمن حقها عليكما أن تجد لديكما صدرا حنونا, وقلبا محبا, فتستطيع أن تبدأ الحياة من جديد وكلها أمل وتفاؤل في مستقبل أكثر إشراقا.. والله المستعان. |
| | | عبد الكريم ربيع عضو متألق
عدد الرسائل : 788 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 7044 ترشيحات : 6 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) 13/7/2012, 00:38 | |
| الفــراق الــدامـــــي أكتب إليكم عن أبي الحبيب الذي وافته المنية منذ أيام, وأعرف أنني مهما قلت فلن أوفيه حقه أبدا.. لقد كان استاذا بكلية الطب ورجلا فاضلا وأبا رائعا, نعم كان لاذعا في نقده, لكن من عرفه عن قرب أدرك أن بداخله قلبا طيبا.
وكان رحمه الله عطوفا وكريما فلم يبخل علينا بشيء, كنا نتجادل كثيرا, لكنه كان يترك لنا حرية الرأي والاختيار, كان دائما شغوفا بالعلم, وظل يقرأ في الطب حتي أخر لحظات حياته. تعلمت منه أن أتمسك دائما بالأمل حتي اللحظة الأخيرة وأن أفعل كل مافي وسعي لأصل الي هدفي, كان يتمتع بحس كوميدي لدرجة إنه كان يبكينا من كثرة الضحك, حتي أنه في أيامه الأخيرة كان يضحكنا, لقد عاني أبي علي مدي سنوات من مرض الكبد اللعين, كنا نستيقظ علي صوت صراخه ليلا من ألم التقلصات العضلية المصاحبة للمرض, وكان يصر علي الذهاب الي عمله وهو بحالة يرثي لها وجاءت علي لحظات تمنيت له الموت ليرحمه الله من آلامه, ومات أبي مبطونا ونحسبه عند الله شهيدا, ولا أصدق الي هذه اللحظة أنه مات فمازالت روحه تعيش بيننا.. إني والله راضية بقضاء الله, بل أحيانا أحس بأن لست في محنة, لأنني أشعر بأن ما حدث رحمة من ربي علينا لكنه الفراق الذي أدمي قلبي, كم أشعر أن هناك فجوة عميقة في قلبي, وكأن فقدت نور حياتي, لكن عزائي أنه بين يدي الرحمن الذي هو أحن عليه منا. يرحمك الله يا أبي, كم أنا أحبك الي حد الألم, أعرف أنني لم أكن أبوح بمشاعري تجاهك, ذاك أني كنت أشعر بأن كل كلام الحب لا يكفيك, كم أنا فخورة بأنني ابنتك وأدعو الله أن يكرمني بلقائك في الفردوس الأعلي. ورسالتي إلي الأبناء والبنات, أوصيكم بآبائكم, فهم قيمة لا يمكن تعويضها بأي ثمن.. وأخيرا أسألكم الدعاء لأبي ولأموات المسلمين جميعا بالرحمة والمغفرة وجزاكم الله عنا كل خير. {.. وأقول للدكتورة هبة الله مصطفي كاتبة هذه الرسالة: رحم الله أباك رحمة واسعة وأرجو أن تكون كلماتك باعثا للأبناء لاحترام آبائهم والتواصل معهم والسعي لنيل رضاهم.
|
| | | أكرم عبد القوي __________
العمر : 57 عدد الرسائل : 23180 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 37123 ترشيحات : 136 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) 27/7/2012, 17:54 | |
| الموقف العصيب!
توقفت كثيرا عند رسالة الكلمة الأخيرة التي تقول كاتبتها فيها إن الحياة مع زوج يطيعها وتكون كلمتها هي المسموعة في البيت, أفضل كثيرا من زوج متسلط لا يلقي بالا لها, ويشخط وينطر, ويجبرها علي تنفيذ أوامره كما ه وكانت بذلك ترد علي رسالة الخطوة الأخيرة للسيدة التي عانت كثيرا من سلبية زوجها, مما دفعها إلي طلب الطلاق.ودفعتني الرسالتان إلي أن أكتب إليك قصتي, فأنا سيدة عمري تسعة وخمسون عاما, ونشأت في أسرة سعيدة بين أبوين وأخوين, وجمعتنا المحبة والألفة والسعادة, وكنت الابنة المدللة لأبي, ووجدت من حولي يقولون إنني طالعة لأبي وأمي فزاد ذلك من ثقتي في نفسي, وتفوقت في دراستي, والتحقت بكلية من كليات القمة, وتفوقت فيها, وفور تخرجي عملت بواسطة أبي في وظيفة مرموقة, وتقدم للزواج مني شباب كثيرون, وفوضت مسألة الاختيار لوالدي, فاختار لي أحدهم متوسما أنه الأفضل لي, ولم تمر أشهر معدودة حتي اكتشفت أننا لا نتفق علي شيء, وجلست مع نفسي وحدثتها أن حياتي سوف تسير علي هذا النمط الذي لا يستقيم أبدا, وكنت وقتها حاملا في طفلي الأول, فأجلت الكلام في هذا الموضوع إلي ما بعد الولادة, وبعد أن وضعت طفلي ذهبت إلي أبي وشاورته في انفصالي عن زوجي, فرد علي قائلا: طالما أنه ليس هناك عيب جوهري فيه, فلا معني لهدم البيت, فعدت إلي منزلي, وجاهدت نفسي وحاولت الصبر كما قال لي أبي, وعاودت الحديث معه مرات ومرات, فكرر علي الإجابة نفسها, وعلي الجانب الآخر بذلت قصاري جهدي لتغيير طباع زوجي, ولو تدريجيا لكني فشلت, واستمر علي حاله. ومرت السنوات, وأنجبت من زوجي ثلاثة أطفال, وبعد الطفل الثالث كنت قد وصلت معه إلي طريق مسدود, وأيقنت أنه لا جدوي من المسكنات بعد أن أصبحت الحياة معه مستحيلة, فكتبت إلي المرحوم الاستاذ عبدالوهاب مطاوع بتفاصيل مشكلتي ورجوته ألا ينشرها, وأن يرد علي في زاوية ردود خاصة لكي لا يعرفني القريبون مني, وبالفعل جاء رده: انج بحياتك وانفصلي عنه والله المستعان. وهنا توجهت إلي والدي والدموع تملأ عيني, وتوسلت إليه أن يرحمني من العذاب الذي أعانيه, حيث أموت ببطء, ولا أحد يشعر بي, فأنا من تعيش في المنزل وليس هو, فإذا بي أري منه وجها لم أعهده من قبل, وأعلن بوضوح أنه يرفض تماما فكرة الطلاق, وهددني بأنه سيغضب علي, ويقاطعني مدي الحياة, وسألني السؤال الذي لا إجابة له: ماذا سيقول عنك الناس وأنت السعيدة دائما أمامهم, وصاحبة المركز المرموق؟ وكالعادة عدت إلي منزل زوجي وأنا خائفة من تهديد أبي لي, وتجرعت الحياة المرة, وكبر أبنائي, وأنا لست بالحية ولا بالميتة, وصرت شبحا بعد أن كنت زهرة المنزل, ورحل الضحك عني بلا عودة, وعانيت أمراضا كثيرة قال الأطباء إن أسبابها نفسية, واستمرت معاملة زوجي لي بطريقته نفسها التي لا أحب الخوض في تفاصيلها, وأنهي أولادي دراساتهم وتزوجوا, واستقل كل منهم بحياته, ولم أعد أري أيا منهم إلا في المناسبات, فهم دائما مشغولون بأعمالهم, وازدادت معاملة زوجي لي سوءا بمرور الزمن, وزاد الطين بلة أنني علمت أن له علاقات نسائية, وأخبرني معارفي بزواجه العرفي من إحداهن. وسيطر علي الصمت التام بعد أن استنفدت كل السبل في انتزاع موافقة أبي علي طلاقي, أو إصلاح أحوال زوجي, وأصبحت ألمح في عيني أبي كلاما لا يستطيع قوله, حتي دق هاتفي ووجدت علي الخط والدتي ترجوني القدوم بسرعة, لأن أبي يريد أن يراني, فذهبت إليه فإذا به يعاني سكرات الموت, وما أن رآني حتي أمسك بيدي وهو يبكي, ويطلب مني أن أسامحه علي موقفه مني قبل أن يلقي وجه ربه الكريم, فمر شريط حياتي الطويل علي ذهني في لحظة, واسترجعت كل سنوات عمري الحزينة التي شارك أبي فيها الزمن في الفتك بي, ولم أستطع النطق بكلمة واحدة, فتركته وعدت من حيث أتيت أخلف ورائي جروح سنين طويلة تسبب هو فيها, ولم يقف إلي جواري حتي أتجاوزها. وها أنا في نهاية العمر, حيث لا بداية بعد الآن, ومازلت أعاني القهر, والوحدة, والمصير المجهول, وبعد عام سوف أصل إلي سن المعاش لأعاني فراغ الزمان والمكان. وأريد أن أقول لصاحبة رسالة الكلمة الأخيرة إن المشكلات تتفاوت من شخص لآخر, ومن الظلم أن نحكم علي الناس بما يتفق مع أهوائنا, فأنت تتحملين الإهانة, لكن غيرك لا تتحملها, وربما لو كان قانون الخلع موجودا وأنا في شبابي للجأت إليه للخلاص من الجحيم الذي أنهي عمري, واليوم أجدني في أشد الندم لأنني لم أقف موقفا أغير به مسار حياتي, ولو فعلت ذلك لأصبحت في وضع أفضل مما أنا فيه, أما الأبناء الذين يتذرع بهم البعض لعدم الانفصال فإن الطلاق أفضل كثيرا من أبناء المشكلات, وإنني أشكر الاستاذ أحمد البري علي رده مخاطبا والد كاتبة رسالة الخطوة الأخيرة والذي قال فيه: إن الأب لابد أن يكون سندا لابنته, فالحقيقة أنني حين عانيت مع أبي الأمرين للحصول علي موافقته علي الطلاق, افتقدت من يحدثه هذا الحديث الرائع. ومن واقع ما عشته أقول لها: أنت من تكتوين بالجمر وحدك, وتعانين المر بمفردك, فيا صغيرتي استعيني علي الدنيا بالله الواحد القهار.. واعلمي أن رزقك ورزق أبنائك في السماء, ولا تتعجبي لتقصير زوجك في حق أبنائه, فهذا هو حال الناس عند الخصام, وسيعود يوما للبحث عن أولاده لأنه الأحوج لغفرانهم قبل أن يلقي الله.أما عن والديك فأخشي عليهما من تأنيب الضمير, وكوني علي يقين من أنهما لا ينامان الليل, وهما إذا كانا اليوم يبحثان عن الناس, فسوف يلجآن إليك غدا طلبا للغفران, وأخشي أن يصعب عليك تلبية طلبهما.
وأقول لكاتبة هذه الرسالة: كان الواجب علي أبيك حين ذهبت إليه بعد إنجابك طفلك الأول تشكين عدم توافقك مع زوجك, أن يحاول إصلاح ما بينكما من خلافات, فإذا استطاع ذلك كان خيرا لكما, وإذا وجد عناء ومكابرة من زوجك سعي إلي تسريحك منه بإحسان نزولا علي رغبتك باعتبار أنك أدري بحياتك, وبقدرتك علي تحمل سلبيات زوجك, لكنه ألقي بمتاعبك جانبا, مركزا اهتمامه علي نظرة الناس إليك لو انفصلت عنه, ومتصورا أنك سوف تتأقلمين علي حياتك معه بمرور الأيام, فكتمت أحزانك, وتقوقعت علي نفسك دون أن تجدي دواء شافيا ينجيك من حياتك الكئيبة. والحقيقة أنني لا أعفي أباك من الخطأ الذي ارتكبه في حقك, إذ أنه اكتفي بإسداء نصائحه لك دون أن يتحرك لمواجهة زوجك بحماقاته معك, ومع ذلك فإنك أخطأت كثيرا عندما اعترف أبوك وهو علي فراش الموت بأنه قد جانبه الصواب في ضغطه عليك للاستمرار مع رجل لا يقدرك, ولا يقيم وزنا لآرائك وأفكارك, فلقد قابلت ندمه بالتجاهل, وطلبه منك السماح والغفران بالعند والمكابرة, وما كان لمثلك أن تفعل هذا, بل كان يجب أن تسارعي إلي تقبيله, والتهدئة من روعه, فهو لم يقصد إلا مساعدتك, ولكن كل إنسان يتصرف وفقا لما يتراءي له من حلول يعتقد أنها الأفضل, حتي وإن لم تكن كذلك. وأتصور أن إيمانك بالله هو الذي سيدفعك إلي طلب العفو والمغفرة له, والسعي إلي التواصل مع أمك, فالإيمان هو الذي يحرر الإنسان من الحزن والقلق, وهو مفتاح وسر السعادة والقوة التي تقف وراء كل نجاح ماديا كان أو معنويا, ومن يؤمن بالله يهد قلبه, والله بكل شيء عليم. وأجدني أردد مع الشاعر بدر شاكر السياب قوله:
الحمد لله مهما استطال البلاء..ومهما استبد بقلبي الألم
فاحمدي ربك, فما تعانينه من آلام نفسية أخف كثيرا مما يكابدنه غيرك من أزواجهن من متاعب, ومع ذلك يصبرن ويتحملن في سبيل الفوز برضا الله سبحانه وتعالي, وليكن التسامح هو الجسر الذي تتقربين به إليه عز وجل, فنحن جميعا ضعفاء, ولدينا أخطاء, والأفضل دائما هو أن يغفر كل منا للآخر هفواته. وإذا كان أبناؤك ياسيدتي قد تزوجوا وصار لكل منهم بيته وأسرته, فإنه باستطاعتك تبادل الزيارات معهم والاتصال الدائم بهم, وما تبقي من عمر يجب أن تستثمريه الاستثمار الأمثل بطاعة الله, والإخلاص في عبادته, والتجاوز عن أخطاء الآخرين وإساءاتهم, والتسليم دائما بأنه لا راد لقضاء الله وقدره, وعليك أن تثقي في أنه سبحانه وتعالي سوف يثيبك من نعمه ظاهرة وباطنة, وهو علي كل شيء قدير. |
| | | أكرم عبد القوي __________
العمر : 57 عدد الرسائل : 23180 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 37123 ترشيحات : 136 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) 27/7/2012, 18:24 | |
| القيم التائهة أبعث إليك بحكايتي, وأملي أن تجيب عن سؤالي: هل أصبحنا في وقت لا يلقي وزنا للقيم التي تاهت أو ضاعت وسط الضجيج الذي نحياه بحثا عن لقمة العيش؟ وهل من حل لهذه المعضلة التي لا تمثل مشكلة بالنسبة لي وحدي وإنما هي قضية الملايين من الشباب؟ فأنا شاب عمري28 سنة, وأعمل محاسبا في دولة عربية, وقد خطبت مرتين: الأولي لم تدم طويلا, حيث تركتها وأنا علي اقتناع تام بأنها لاتصلح لي كزوجة, فلم تكن تحترم أهلي, ولم أرتح إليها, وكنت أطمئن نفسي بأن الحب والراحة يأتيان بعد الزواج, لكنها لم تدع لي فرصة لذلك, وفسخنا الخطبة سريعا. أما الثانية فهي محور رسالتي, حيث اتصل بي أهلي وأبلغوني بأن هناك فتاة طيبة وعلي خلق وتعمل في مجال الرعاية الطبية, وأنها مناسبة لي, فأمهلتهم إلي اليوم التالي, وأديت صلاة الاستخارة, ثم وافقت علي أن يتقدموا إليها, وأبدي أهلها موافقتهم, وحدثتها عن طريق الإنترنت, وشرحت لها كيف أنني خضت تجربة لم يكتب لها النجاح, وأنني أود أن تكون علاقتنا قائمة علي الصراحة والوضوح, وأن يتقي كل منا الله في الآخر, وسألتها عما إذا كان في حياتها أحد أم لا, وقلت لها إذا أجابتني بالإيجاب فسوف أنسحب في هدوء ولا أخبر أحدا, وسأجعل الرفض من جانبي, أما إذا أجابت بالنفي فسنحاول مد جسور الثقة بيننا, لكنها أكدت أنها غير مرتبطة بأي علاقة, وأنها تسعي إلي الزواج والاستقرار.ومضت الأمور علي ما يرام قرابة ستة أشهر, وحاولت جاهدا أن أقترب منها وأن تقترب مني, لكن لاحظت أن شيئا ما تخفيه عني, وحاولت أن تبرر برودة مشاعرها بأنها تحبني بنسبة87%, وأن الباقي سوف يأتي بالعشرة, وطلبت مني أن أنزل إلي مصر في إجازة لكي نقرأ الفاتحة في حضور الأسرتين, ولا تتخيل مدي سعادتي بها, وكنت أول كل شهر أحتفل معها بأول مكالمة لنا والتي تعرفنا فيها عن طريق الإنترنت.. هل تتصور أنني من شدة حبي لليوم الذي عرفتها فيه أني جعلته الباس وورد للكريدت الخاص بي لكي أتذكره دائما. وهكذا وجدتني ملهوفا عليها باستمرار, وكنت أنتظر منها كلمة بحبك, ووجدتها تقول لي ذات مرة: لما تيجي سوف تسمع ما تتمناه.., وأقنعت كفيلي بالنزول في إجازة جديدة فوافق, وجئت علي عجل إلي القاهرة, وما إن التقيت بها حتي أحسست بأن هناك شيئا ما تخفيه عني, ولم تكن مقابلتها لي بما كنت أمني نفسي به, ومع ذلك عرضت عليها أن نحتفل بـالشبكة لكنها طلبت تأجيلها بحجة عدم وجود وقت كاف لأنني سأسافر بعد أيام, فدعوتها للخروج في نزهة معا فتعللت بأنها لا تحب الخروج, ومرت الإجازة وعدت إلي البلد العربي, وساءت حالتي النفسية وقررت أن أفسخ خطبتها لكنها كانت سرعان ما تعود إلي هدوئها, وذهبت والدتي لتستطلع الأمر فوجدتها تبكي, فاتصلت بي وقالت: لو لم تكن تبكي لقلت إنها لا تحبك, فلنت لها وعدت أحدثها بكلام رومانسي, لكنها قالت لي: إن الرومانسية حرام, فلم أجادلها وقلت: إنني سأؤجل كل كلام بيننا إلي ما بعد الزواج, وعرضت عليها أن نقيم حفل الشبكة والزفاف في يوم تاريخ ميلادها. وكانت الصاعقة أنها قالت لي: لابد أن نبعد عن بعض, لأننا لسنا متوافقين, بالله عليك بعد كل ما بيننا أسمع هذا الكلام, ثم ماذا فعلت لها؟.. لقد ظللت خمسة أيام أرفض تناول الطعام حتي سقطت مغشيا علي, وتحاملت علي نفسي وكلمتها وبكيت وأنا أتحدث معها, لكنها صمتت ولم تعلق, فأخذت إجازة جديدة وعدت إلي مصر وذهبت لزيارة أهلها فاستقبلوني بفتور, أما هي فلم تخرج من حجرتها ولم تسلم علي!!وأصبحت في حالة صراع مع نفسي, فلماذا أشتريها إذا كانت هي قد باعتني؟ وسافرت إلي الخارج من جديد, ولم يمر أسبوعان حتي أخبرني صديق لي بأنها تلبس دبلة ذهبية في يدها اليمني, فاتصلت بوالدتها وأخبرتها بما علمت فإذا بها تعترف بأن ابنتها تمت خطبتها!! ولا أدري كيف حدث ذلك؟! وهكذا كان نصيبي وقدري أن أفتح قلبي وصدري لمن يغدر بي, ولكن ماذا كان سيحدث لو أنني تزوجتها وهي متعلقة بآخر؟! وهل أصبح الغدر وانهيار القيم هو سمة هذا العصر الذي لم يعد فيه أي نوع من الأمان النفسي؟ >> وأقول لكاتب هذه الرسالة: دعنا نتفق أولا علي الأسس التي يقوم عليها الزواج الناجح, وهي التوافق بين الشاب والفتاة في كل شيء.. أقول التوافق وليس التطابق, بمعني أن يكون هناك تقارب بينهما بحيث تتسع مساحات النقاش وتبادل الآراء فيما يتعلق بحياتهما معا.. فإذا حدث ذلك يصبح كل طرف منهما مؤهلا لقبول الطرف الآخر, والتعايش معه والإحساس به, وهكذا يصلان معا إلي دستور أسري يلتزمان به ويصبح وثيقتهما في الحياة. ويتعين علي الآباء والأمهات أن يعلموا ذلك ويضعوه في حساباتهم عند اختيار عروس لابنهم, أو الموافقة علي عريس لابنتهم, وعليهم أيضا أن يحرصوا علي توفير فرص اللقاء بينهما لكي يستطيع كل منهما أن يتخذ القرار المناسب. ومن الواضح أن هناك حالة تخبط في قضية ارتباطك منذ البداية, وهي أنك أوكلت الموضوع برمته إلي أهلك دون أن تكون لك الكلمة النهائية فيه, بدليل أنك رحت تبث فتاتك حبك دون أن تراها أو تجلس معها, أوتحاول أن ترسم خطة حياتك معها. ونسيت تماما أن الحب عطاء متبادل, فحين يتحاب اثنان, فلن يسعدهما شئ أكثر من المنح والعطاء, حيث يعطي المحب لحبيبه كل شيء.. يعطيه أفكاره وحياته, وجسمه وكل ما يملك, ويشعر بالمنح ولذته ويخاطر بكل شيء ليعطي المحبوب أكثر وأكثر. نعم كان يجب عليها أن تقصر المسافات بينكما, وتقابل حبك بحب, ومشاعرك بأفضل منها, لكنك علي الجانب الآخر كان ينبغي عليك بعد أن وافقت أسرتها عليك أن تكون علاقتك مباشرة معها, وليس عن طريق والدتك أو أسرتك, فكل فتاة تريد أن تكون لها خصوصيتها مع من ارتبطت به, وأن تشعر بأنه لها, وأن علاقتها ليست مشاعا لمن يريد ان يتدخل فيها. والفتاة العاقلة هي التي تري فيمن ترتبط به أنه كل حياتها, وعلي الشاب العاقل أن يكون كذلك, وأنت كنت صريحا معها في كل شيء حتي إنك أخبرتها بتجربتك السابقة, ولم تخف عنها شيئا.. لكنها فعلت معك النقيض, ومارست سياسة التمويه عليك حتي تمت خطبتها بالفعل, ومثلها لا تستحق أن تذرف عليها دمعة واحدة, لأنها حتي لو تزوجتك فلن تكون مخلصة لك, وسيكون هناك دائما حاجز نفسي بينك وبينها, حيث ستعيش معك بجسدها.. أما روحها فستكون مع إنسان آخر.. وعواقب هذا السلوك مشينة, وقد تؤدي الي ما لا تحمد عقباه. أحمد ربك أنه كشف لك الأمور قبل الزواج, وليس معني أنك فشلت في خطبة أو اثنتين أن العيب فيك, ولكن معناه أن تتأني في الاختيار وأن يكون رأي أهلك استرشاديا وليس إجباريا, فأنت الذي ستعيش الحياة المستقبلية مع شريكة حياتك وليسوا هم. انك بذلت كل ما في وسعك وطرقت البيوت من أبوابها, وكان الأولي بها وبأهلها آلا يخذلوك, لكنهم لم يخلصوا النية في تعاملهم معك, وكانوا يعرفون جيدا موقف ابنتهم الرافض لك.. أو أن العريس الذي خطبت له لم يكن قد تقدم لها رسميا, ولذلك حاولوا الإمساك بالعصا من منتصفها, فإذا جاءهم طالبا يدها قبلوه, وتركوك. وإذا لم يتحقق لهم ذلك لجأوا إليك من باب عصفور في اليد ولا عشرة علي الشجرة. وليس هكذا تبني البيوت ويتعامل الناس في مسألة الزواج. لقد كان ينبغي علي أهلها أن يكونوا صرحاء معك ويخبروك بحقيقة موقفهم منك بعد أن ظهر لهم هذا العريس, لكنهم مارسوا سياسة الخداع عليك, فصدقت كل كلمة قيلت لك.. ومهما يكن من امر ما حدث لك في الخطبتين فـإنني أنصحك بأن تنتبه الي موقع خطواتك وان تنظر إلي المستقبل بعين جديدة غير تلك العين اليائسة, وتكون علي ثقة من أن الله سوف يكتب لك ما فيه مصلحتك, فلا تضيع اليوم في البكاء علي الأمس حتي لا يضع منك الغد في البكاء علي اليوم. ولا داعي لهذه المرارة التي ألمسها في كلماتك, واعلم أن الحياة التي نعيشها كالقهوة التي نشربها, فعلي كثرة ما هي مرة فـإن فيها حلاوة. وفقك الله وهو وحده المستعان.
|
| | | أكرم عبد القوي __________
العمر : 57 عدد الرسائل : 23180 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 37123 ترشيحات : 136 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) 27/7/2012, 18:27 | |
| ألوان من العذاب أكتب إليك عن زوجي الذي يمارس معي ألوانا مختلفة من القهر والعذاب. وأروي لك قصتي منذ البداية عندما كنت طالبة بالجامعة, حيث نشأت في أسرة بسيطة لها عاداتها وتقاليدها المحافظة, ولذلك لم أبح بحبي للشاب الذي ارتاح إليه قلبي في تلك السن, ولم أشعره بذلك, وظللت أراقبه من بعيد, وسيطر علي حبه.. لكنه ظل حبا مكتوما في القلب حتي تخرجنا ومضي كل منا إلي سبيله. ومرت سنوات تقدم لي خلالها الكثيرون ولكن لم يجذبني أحد, فرفضتهم واحدا بعد الآخر, فاتهمني من حولي بأنني لايعجبني العجب.. وأخيرا استسلمت للواقع ووافقت علي أحدهم, وخلال أسابيع معدودة تزوجته وانتقلت إلي عالم جديد كله صدمات.. صدمة وراء الأخري.. ووجدتني أمام رجل أناني, يجعل كل شيء جميل أقبح من القبح!. هل تتصور أنني تأثرت به, وتبدلت من إنسانة جميلة تحب الآخرين إلي انسانة أخري شريرة.. فالكل كانوا يعرفون عني أنني أتفاني في خدمة من حولي, وقد أغدقت عليه حبي ومشاعري.. لكنه حولني إلي شخصية أخري, ولم يناديني يوما باسمي, وصرت زوجة بلا اسم للانجاب فقط.. ولما أحس بضيقي من هذا التصرف أمعن في ذلك. وإذا عرف أنني أحب شيئا ما فعل عكسه.. ولا ينسي أن يذكرني من حين لآخر بأنه أنقذني من العنوسة متجاهلا العدد الكبير من الخاطبين الذين رفضتهم وهو يعرفهم بالاسم. وهكذا أصبحت آلة في يديه يحركها كيفما شاء.. ووسط هذا الجحيم لم يهون علي عذابي سوي ذكري حبيبي الذي طوت الأيام صفحته!.. فكلما تذكرته أشعر بأنني مازلت أحمل قلبا عامرا بالحب.. وكثيرا ما حلمت بأنه عاد إلي بل دعوت الله بذلك, وبالفعل حصلت علي رقم هاتفه, واتصلت به فقط لأسمع صوته, وتحديت حيائي وحكيت له ما يحدث معي لكنه كان شهما كعهدي به فقدم لي نصائحه.. ولم تخرج مكالماتنا عن حدود الأدب, وظل في منتهي التحفظ معي.. ولقد أعادت عباراته وكلماته نظرتي المتفائلة, وأصبحت أكثر حيوية وإشراقا, وزادت قدرتي علي الصبر والتحمل والعطاء والتقرب إلي الله! واكتشفت أنه لايرد ولايبعث إلي برسائله عبر المحمول إلا إذا بعثت إليه أولا, وكان واضحا أنه يفعل ذلك بدافع الاشفاق ــ ولايدري أنه أعاد إلي الأمل والحياة!! وإزاء موقفه عدت من حيث بدأت أكثر انكسارا.. وانزوت مشاعري من جديد.. وعادت إلي قلبي حسرته ومرارته وانهزامه.. انني أعيش فترة اضطراب عصيبة, ولا أدري أين سترسو سفينتي؟ >> وأقول لكاتبة هذه الرسالة: دائما يلقي كل طرف سواء رجلا أو امرأة باللائمة علي الطرف الآخر, ويخلق الأسباب والذرائع التي يحاول بها أن ينفي تهمة التقصير أو الخيانة عن نفسه.. وأنت ياسيدتي فعلت ذلك فأسهبت في الحديث عن نفسك وعن التزامك الديني والأخلاقي بعبارات مطولة حذفتها لعدم أهميتها في سياق الحديث عن مشكلتك.. والمعني الذي قصدتيه من ذلك هو ايضاح أنك إنسانة محبوبة ومسالمة.. الخ.. ولأن قلبك تعلق بشاب من طرف واحد, فإنك رفضت الكثيرين ممن تقدموا لك.. وعندما خفت أن يفوتك قطار الزواج ارتبطت علي الفور بمن جاء طالبا يديك دون إمعان فيما إذا كنت ترتاحين إليه أم لا, فتوالت عليك الصدمات, واكتشفت أن فتاك الذي غاب عنك مازال فارس أحلامك.. وتوقفت عند كل هفوة من زوجك, وحاولت ايجاد المبرر الذي يدفعك إلي إعادة التفكير في فتاك.. فهل هذه هي الاخلاق العالية والتقرب إلي الله الذي تدعين أنك تراعينه في كل تصرفاتك؟ وهل يعقل أن تكون سيدة علي ذمة رجل وقلبها مع رجل آخر وتري أن الله استجاب لدعائها وحلمها بأن تعود المياه إلي مجاريها؟ والمدهش أن فتاك السابق يرفض هذه العلاقة التي تلحين عليها, وهو علي هذا النحو رجل ملتزم لا يخوض في علاقات محرمة يرفضها الدين ويأباها العاقل الذي يتحاشي الانزلاق الي حافة الهاوية. إن المرأة الحقيقية هي التي تستطيع أن تزرع الجمال في قلب الرجل, وأن تنفذ إليه من باب الحب وحسن العشرة. جربي وسوف تجدين النتيجة الطيبة التي تشعرك بأنوثتك وبأنه رجل لم يرتبط بك من باب الشفقة لعامل السن, كما تقولين, وإنما تزوجك لأنه رأي فيك الشريكة المناسبة التي يطمئن إليها وان تكوني أما لأبنائه ويكمل معك مسيرة الحياة, فهذه هي الحقيقة التي تتعامين عن النظر إليها والإيمان بها وانصرفت للحياة في الخيال مع انسان آخر له بيت وزوجة وأولاد!! كفاك حمقا أيتها الزوجة العاقلة والتفتي إلي أبنائك واعلمي أنه يخفق في الزواج كل من يعجز عن التضحية أو يتردد في تقديمها. وعلي الجانب الآخر فإنني أنصح زوجك بأن يغير معاملته لك.. وأن يعطيك مساحة من الود, فكل رجل خالص القلب والعزيمة يحترم زوجته ويترفق بها ويحنو عليها وليكن هو هذا الرجل إذا كان حريصا علي استقرار بيته وأسرته. وأسأل الله لكما الهداية والبعد عن المعاصي, فمن آمن واتقي وراعي المولي عز وجل في كل أقواله وأفعاله يكون محصنا من الخوف والحزن, وبالتالي لا يقع فيما يغضب الله, ويعيش هادئ النفس مطمئن البال, فاسعدي بأولادك وزوجك فهم مرفأ الأمان لك, ولا أحد غيرهم
|
| | | أكرم عبد القوي __________
العمر : 57 عدد الرسائل : 23180 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 37123 ترشيحات : 136 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) 3/8/2012, 01:15 | |
| الصمت الرهيب أنا سيدة أقترب من سن الستين, وقد مررت بتجربة قاسية مع زوج انخدعت فيه, فصارت حياتي معه جحيما لا يطاق, وحتي بعد مرور عشر سنوات علي رحيله مازلت أقاسي الأمرين بسببه, وإليك قصتي منذ البداية. فلقد عملت فور تخرجي في هيئة مرموقة, واحتللت فيها مركزا مهما, وتقدم لي شاب لم يجد فيه أهلي عيبا, ووصفوه لي بأنه طيب, وهكذا يراه كل الناس, علي عكس طبيعته التي تبينتها فيما بعد, فهو دائم الصمت, ولا يتكلم إلا نادرا, ولا يستطيع أحد أن يعرف عنه شيئا حتي أنا, وأنجبت منه بنتين الفرق بين عمريهما أربع سنوات, وأمضيت حياتي معه علي هذا النحو, وهو إما أنه مسافر دائما دون أن أري عائدا ماديا لهذا السفر, أو أنه معنا بجسده وليس معنا بروحه, وفشلت محاولاتي معه لكي نعيش معا حياة أسرية كزوجين وابنتيهما, فلقد ظل علي حاله, وتحملت هذه الحياة الصعبة, وتوليت الصرف علي شئون حياتنا ومتطلباتها من راتبي ودخلي الخاص, ولم يسهم فيها إلا بقدر ضئيل, ولم ألتفت إلي ذلك أو أتوقف عنده, ومرت سنوات عمري دون أن أشعر بها بين تربية البنتين بمفردي, وقيامي بعملي المرهق, وبحثي الدائم عن حل لمشكلاتي التي ظلت مستعصية علي لعدم استعداد الطرف الآخر للمساهمة في إيجاد وسيلة للتغلب عليها. وباءت محاولاتي معه بالفشل, وظل يعيش معنا صورة فقط, وكان حريصا كل الحرص علي أن تظل تلك الصورة موجودة في أذهان الجميع.. لزوجة تعمل في مكان يعرفه الجميع, وفتاتين تتعلمان ولا يعرف كم تصرف كل منهما, ومظهر لنا وله لايعرف له قيمة, وسيارة يتم تغييرها بمعرفته كلما أراد, ولا يتحمل من قيمتها شيئا! ومع كل ذلك لم يكن لي وجود في حياته كزوجة, وهو كذلك لا وجود له كزوج في حياتي, وانقطعت كل صلة بيني وبينه, وكلما طالبته بأن يذهب كل منا إلي حاله يثور رافضا بشدة مجرد فتح هذا الموضوع, لأنه المستفيد أولا وأخيرا من استمرار حالة اللازواج واللاطلاق التي نحياها, حيث كان يعمل في أعمال حرة متغيرة, وحتي عندما حاولت أن أجعل له عملا ثابتا عن طريق قرض من مكان عملي باسمي استغله أسوأ استغلال, فلقد أنشأ مشروعا بهذا القرض, وحدثت له مشكلة كبري فيه, وطلب مني أن أحلها له كدوري في حياته منذ زواجه مني, فرفضت لأنه وقع إيصالات أمانة بمبالغ كبيرة لشركاء له, وعجز عن سداد المبالغ المستحقة عليه, ولم أكن أستطيع أن أسددها له بإمكاناتي المتواضعة, كما أنني لا أعرف أين ضاعت هذه الأموال, وفيم أنفقها, المهم أن الأمر وصل معه إلي حد تهديده بإبلاغ الشرطة, وعرف الجميع بما حدث, وكان ذلك مفاجأة لكل من يعرفه وهو الإنسان الصامت الذي يبدو هادئا ومؤدبا, ولم يكن أحد يتخيل أن يفعل ذلك كله, وصار الجميع علي بينة من أمره.. الأهل والجيران والأصدقاء. ولم يكن هناك بد من أن يهرب إلي شقيقه للإقامة معه لكي يكون بعيدا عمن يطرقون باب شقتنا كل يوم للمطالبة بأموالهم, وشيئا فشيئا عرفت أن السبب الرئيسي لهذه المشكلة هو علاقته بعدة سيدات كان يصرف عليهن الأموال التي يجمعها نظرا لعدم وجودي في حياته, وعرفت أيضا أنه اشتري شقة أخري غير التي نقيم بها تمهيدا للمعيشة بها فيما بعد, وإلي جانب ذلك فإنه متزوج عرفيا من سيدة كانت تتردد عليه في مكان عمله, وفي دوامة هذه الأخبار التي عرفتها من مكان عمله, وتأكيد القريبين منه أن هناك سيدة كانت تذهب إليه يوميا, جاءني خبر وفاته طرف شقيقه, وقيل إن السبب هبوط حاد في الدورة الدموية, فذهبت أنا وابنتاي وأهلي إلي منزل شقيقه, وهناك عرفت أنهم نقلوه إليه من المكان الذي كان موجودا به, ولا أدري لماذا لم ينقلوه إلي شقتنا؟! لقد مات ياسيدي دون أن أواجهه بما فعله معي, فلقد كنت أريد أن أقول له: لماذا غدرت بي كل هذا الغدر؟ ولماذا كنت تخونني برغم محاولاتي معك لكي أعرف سببا لهروبك مني؟ حيث كان يتعلل دائما بأنه معمول له سحر في الشقة يجعله لا يطيق الجلوس معنا, أو التعامل معي! وكان يلجأ إلي شقيقي صديقه الحميم, ليقنعني بالعدول عن طلبي الطلاق لكي أرحم نفسي من العذاب الذي أعيشه مع تمثال لا وجود له, ولا إحساس عنده, أناني أراد أن يعيش حياة كلها رفاهية دون أن يفكر من أين له بها؟ ولم يشعر بزوجته التي لم يكن في حياتها سوي بيتها وابنتيها وعملها المرهق الذي تنفق منه علي كل متطلباتهم. وحتي عندما اختفي من حياتي منذ سنوات بعيدة لم أحاول تعويض إهماله لي من كل النواحي, برغم أنني كنت وقتها في بداية الثلاثينيات من عمري, وكنت أنظر إلي ابنتي كلما استبد بي اليأس من إصلاحه أو الانفصال عنه, وأقول في نفسي: إنه سيكون موجودا في زواجهما عندما تكبران. أما البنتان فهما مصيبة أكبر في حياتي من والدهما, فبعد وفاته بهذه الصورة التي لا تخطر علي بال أحد, بدأتا تعاملانني بشكل مختلف تماما, فمشاجراتهما معي دائمة, صراخ من الكبري, وعويل من الصغري ولم تلقيا بالا بطعن أبيهما لي, والغريب أنه استعداهما علي, وبالذات ابنتي الصغري التي أفهمها أنني السبب في الأزمة المالية التي يعيشها, وكان بإمكاني أن أحلها له, وعرفت أنه باع السيارة التي اشتريتها من مالي الخاص وسدد بها جزءا من ديونه, والآن تهددني بأنها سوف تأخذ كل شيء كثمن لعدم وقوفي إلي جوار والدها, ولا أدري علي ماذا تهددني؟ ولا ما الذي تريده الكبري التي قاطعتني هي الأخري.. وكل منهما متزوجة من شاب اختارته بمعرفتها وأجبرتني علي الموافقة عليه, ولم أخذلهما واشتريت لهما كل لوازم الجهاز دون مساعدة من أحد. ونتيجة لهذه الظروف القاسية أصابتني أمراض عديدة, ونقصان شديد في الوزن لعدم تناول الطعام بالأيام, وما أكثر الليالي التي بتها باكية, ولم يعرف النوم طريقه إلا بالمهدئات.. وظللت سنوات أرتدي الملابس السوداء.. ليس حزنا عليه, وإنما رثاء لحالي وعمري الذي ضاع هباء, وفي كل يوم عندما أجلس إلي نفسي أسألها: لماذا فعل بي كل هذا الغدر والخيانة؟ ولماذا لم يسرحني بإحسان ويعيش هو حياته كما يحلو له؟ ولم أجد ملاذا مما أنا فيه سوي اللجوء إلي الله والتقرب إليه, فأديت فريضة الحج, وعدة عمرات, وطلبت منه عز وجل أن يخفف عني همي وألمي, وأن يعينني علي عقوق ابنتي. لقد ضاعت صحتي, ولم يبق منها إلا القليل الذي يجعلني أقف علي قدمي وأخدم نفسي, وأسأله سبحانه وتعالي أن يحافظ لي عليها حتي لا أضطر إلي طلب المساعدة منهما, ولا حول ولا قوة إلا بالله. {{ وأقول لكاتبة هذه الرسالة: البدايات تحدد دائما النهايات, ولما كانت بدايتك مع زوجك خاطئة, تمثلت في قيامك بكل مهام الأسرة حتي توفير مستلزمات المعيشة, كان طبيعيا أن يضغط عليك أكثر وأكثر للحصول علي أكبر مكاسب مادية ممكنة تساعده علي تحقيق أطماعه وملذاته وانغماسه في علاقات مشبوهة كتبت له تلك النهاية المؤلمة, بل وتمادي إلي ما هو أبعد من ذلك فأوغر صدر ابنتيك ضدك بحديثه الدائم عن تخليك عنه, وعدم مؤزارتك له في إقالته من عثرته متجاهلا كل ما قدمته له, ومستغلا صغر سن البنتين وعدم إلمامهما بكل جوانب حياتكما معا منذ زواجكما. إنها سلسلة متصلة من الأخطاء التي تراكمت فوق بعضها حتي أصبح من الصعب التغلب عليها, وبالطبع فإن ما فات لا يمكن تداركه, لذلك يجب أن ننحيه جانبا ونكتفي منه باستخلاص العبر والدروس, ونتطلع إلي آفاق أرحب وأوسع, وندرك أن رحمة الله وعفوه فوق كل شيء, ولذلك أقول لك: إن الخير كامن في المكروه, وإن العبد نتيجة ضعفه وعجزه لا يدري ما وراء حجب الغيب, ويكتفي دائما بظواهر الأمور, فالمحنة التي مررت بها دفعتك إلي الرجوع إلي الله فأديت الحج والعمرة, وصار الاستغفار هدفك, وحسنا أنك فعلت ذلك, وعرفت أن التقرب إليه سبحانه وتعالي هو الطريق إلي السعادة الدائمة, ومادمت تلتزمين الصراط المستقيم, فعليك أن ترضي عن نفسك وأن تعلمي أن ما قدمته لزوجك سيكون لك يوم القيامة في ميزان حسناتك. أما عن ابنتيك فأقول لهما: لستما في حاجة إلي أن أذكركما بحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم حينما سأله أعرابي عن أحق الناس بحسن صحبته, فقال له: أمك ثم أمك ثم أمك, فحنان الأم وحبها وتضحيتها من أجل أولادها لا يدانيها أي شيء, وهذا هو ما جعل جان جاك روسو يقول: لو كان العالم في كفة وأمي في كفة لاخترت أمي, فهي أعظم قائد في معركة الحياة, ويكفيها أنها رعتكما بكل حب وحنان حتي صار لكما شأن كبير وتزوجتما وسعدتما بحياتكما, ومهما يكن من أمر الخلاف بينها وبين أبيكما فإن حكمكما عليها ليس حكما عادلا, فلقد سمعتما بالمشكلة من جانبه, ولم تعطيا لها فرصة الدفاع عن نفسها, فلا تنسيا فضلها عليكما وقولا ما قاله لينكولن من أنه مدين بكل ما وصل إليه وما يرجو أن يصله من رفعة إلي أمه, والحقيقة أنني أخشي أن يصيبكما الندم علي ما تقترفانه من ذنب في حقها, والسبيل الصحيح لرأب الصدع الذي أصاب علاقتكن هو أن تستعيداها وتصلاها قبل أن تفقداها إلي الأبد, ووقتها لن تجنيا سوي الحسرة والندم. أسأل الله لكما الهداية, ولها راحة البال, وأن يجمعكن علي طاعته.. إنه علي كل شيء قدير
|
| | | أكرم عبد القوي __________
العمر : 57 عدد الرسائل : 23180 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 37123 ترشيحات : 136 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: بريد الأهرام ( بريد الجمعة ) 3/8/2012, 01:17 | |
| الدرس البليغ أنا شاب في منتصف العقد الثاني من عمري, تخرجت في إحدي كليات القمة بجامعة شهيرة, وكنت اتنقل اليها يوميا من مدينتي الساحلية التي تبعد عنها ساعتين, وعشت سنوات شبابي ملتزما أخلاقيا ومحافظا علي أداء الصلاة, ولم يبهرني الجو الجديد الذي عشت فيه, ولم يخطر لي أن أصادق الفتيات, أو أن أتقرب من إحداهن أو مجرد التفكير في الزواج بعد تخرجي, فلقد كان كل همي أن أسافر الي الخارج, وأحقق حلم العمل والثراء!. وفجأة وجدتني أسيرها ولا أستطيع الخلاص من حبها الجارف الذي تسلل الي قلبي.. إنها فتاة وقعت عيناي عليها, فإذا بي أنسي كل طموحاتي وأحلامي وأقول إلا هي: ولم تجذبني اليها لا نظرة عين ولا جمال ولا غيرهما.. وإنما جذبتني اليها أخلاقها, وروحها الجميلة التي تسمو فوق كل الماديات. وجمع بيننا عامنا الدراسي الرابع, وكتمت حبي في قلبي, أراقبها من بعيد وأسأل الله أن تكون من نصيبي, بل لا أخفيك سرا أنني كنت علي يقين من أنه سبحانه وتعالي سوف يبقيها لي مادام الخير واردا علي يديها.. ومرت الأيام واقترب موعد تخرجنا, وراح قلبي يدق بنبضات مسرعة وتملكني الخوف أن تنتهي الدراسة دون أن أرتبط بها. وخطرت لي فكرة أن أوسط أحد أساتذتي بالجامعة بيننا لكي لا يقع عليها أي حرج, وتقول رأيها له بصراحة, وطلبت منه أن يشرح لها ظروفي وأن يسألها إذا وافقت علي الزواج مني من حيث المبدأ إن كان ممكنا أن تعيش معي في مدينتي الساحلية؟. وفهم أستاذي ما قصدته وقال لي إنه سيفاتحها في الأمر كوالد.. وطلبها في مكتبه وأخذت أعد الدقائق والثواني وأترقب الجواب.. وجاء دوري ودخلت اليه في مكتبه وأنا أكاد استنطق الجواب قبل أن يبدأ في الحديث معي.. وبهدوء وثقة قال لي إنها لا تمانع في الارتباط بك مادمت شابا متدينا وخلوقا.. وخرجت مسرعا وركبت سيارة الأجرة الي مدينتي ورويت القصة كاملة لأسرتي, فوافقوه علي اختياري وأكدوا لي انها حياتي وأنني أدري بشئوني, ولم تسعني الفرحة بما سمعته منهم, واتصلت بوالد فتاتي وطلبت منه موعدا لمقابلته, وعرفت منه أنه عرف بقصتي, واختتم المكالمة الهاتفية مرحبا بزيارتي مع أسرتي.. وذهبنا اليهم وقرأنا الفاتحة, وكان يوما جميلا من أيام حياتي. وعدت الي بلدتي وأنا في قمة السعادة.. لكنها سعادة لم تدم إلا ليلة واحدة.. ففي صباح اليوم التالي اتصلت والدتها بأبي واعتذرت له عن عدم إتمام الخطبة, لأنها تخشي علي ابنتها من الغربة.. وكرر أبوها الاعتذار للسبب نفسه, ونسي أنه قضي شبابه كله في مدينتي قبل أن ينتقل الي القاهرة, والمدهش يا سيدي أنهم يملكون شقة بالقرب من بيتنا فأين هي الغربة التي يتحدث عنها؟!. والحقيقة أن موقفهم مني لم يضعف إيماني بحبي ولا اصراري علي الزواج من فتاتي فلقد قررت أن أواصل كفاحي معهم حتي أفوز بفتاتي, فأنا أطلب شيئا مشروعا, وواجب علي أن أدافع عنه, وأخبرتها بأنني لن أتخلي عن حلمي في الارتباط ووعدتني بأن تحاول إثناء أهلها عن موقفهم مني, واتفقنا علي أن نستعين بالله, وحولنا كل صلوات السنن الي استخارات, وداومنا علي الإلحاح في الدعاء, وأفضت فتاتي بقصتنا إلي بعض أقاربها لكي يقنعوا والديها, وزدنا في الاستغفار لحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم من لزم الاستغفار كان له من كل ضيق فرج, ومن كل هم مخرج, ورزقه الله من حيث لايحتسب.. ولم تفارقني أبدا مقولة ابن القيم من كان لله كما يريد, كان الله له فوق ما يريد ولك أن تتخيل يا سيدي ما حدث في فصول قصتي بعد ذلك. إن اصعب ما في الحياة هو ان الحلال بها اصعب عن الحرام, فمن يريد العفاف تواجهه آلاف العقبات.. أما من يهوي العبث فتتفتح له الأبواب.. لقد مضت تلك الفترة بكثير من التوتر لدرجة أنني بدأت أفقد الأمل تدريجيا.. وواصلت قراءة القرآن الكريم, وتدبر معانيه وتوقفت كثيرا عند آية في سورة إبراهيم عليه السلام تقول: ومالنا ألا نتوكل علي الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن علي ما آذيتمونا وعلي الله فليتوكل المتوكلون. لقد بعثت هذه الآية الأمل في نفسي, وجددت نشاطي, واعتزمت ان أفاتح والدها من جديد. فاتصلت به وما إن سمع صوتي حتي اعتذر لي عما مضي, ووعدني بتسهيلات كثيرة لكي تتم زيجتنا, وحدد لي موعدا لإنهاء إجراءات الخطبة. ألم اقل لك.. إن كرم الله كبير, وأن نعمه لاتعد ولا تحصي, إذ ما الذي حول موقف والد فتاتي إلي هذه الدرجة دون أن اكلمه في شيء,.. انها قدرة الله خالق كل شيء ومدبر كل أمر.. وهكذا أقمنا حفل الخطبة بعد هذه المكالمة التي بعثت الأمل من جديد, ولاحظت ذهولا علي الجميع الذين لم يتصوروا أن تسير الأمور بكل هذه السهولة واليسر, بعد الصعوبة والعسر.. وظللنا مخطوبين عاما ونصف العام.. وفي كل مرة أزورهم فيها أجد حفاوة بالغة. وقد عقدت قراني وأمامنا وجهزنا بيت الزوجية في مدينتي الساحلية.. ولم تتوقف فصول القصة عند هذا الحد, بل فاجأني حماي بأنه سوف ينتقل إلي نفس المدينة التي نعيش بها ليكون إلي جوارنا, بالرغم من أنه يعيش منذ أكثر من30 سنة بالقاهرة, وله مشروعات عديدة بها.. فهل هناك كرم بعد كرم الله, أو عطاء بعد عطائه عز وجل؟ {{ وأقول لكاتب هذه الرسالة: إنها الثقة به سبحانه وتعالي, وبأنه علي كل شيء قدير, فكان حقا من نعمه عليك أن ينصرك ويؤازرك في موقفك حتي تنال ما تتمناه, وإنني أهيب بالآباء والأمهات ان ينظروا إلي الزواج نظرة واقعية بعيدا عن المظاهر الكاذبة والتقاليد البالية والأهواء الشخصية, وأن يأخذوا بشرع الله وما قسمه سبحانه وتعالي لكي يعيش أبناؤهم حياة مستقرة وهادئة فما نشاهده اليوم من ارتفاع معدلات الطلاق إنما هو مؤشر خطير علي تفكيرنا المادي البحت, وتجاهلنا الجوانب الروحية والمعنوية, والصلة بالله عز وجل. نعم يا سيدي.. إنه درس جميل لمن أراد ان يتدبر مشيئة الله, وأن يسلك الطريق القويم, وإني أرجو لك حياة هادئة مستقرة مع عروسك التي جمعتك الأيام بها بعد رحلة كفاح مشرفة..
|
| | | |
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
|