ديوان الشاعر الشريف حسن الغالبى

{ ذات ليل }

ذات ليل
طار بي شـوقي إليك
فرأيت الصبح في عينيك مرسوما
وأحسست دفأه في يديك
كأني معك
وكانت ليلة دفواء
سريت فيها مشوقاً إليك
فباغتني الصحو مكتسحا حلمي
فهويت من قمتي للهاوية
وكنت باقية زاهية
وكنت معي
وما زال بي من الحلم
كل التفاصيل وبعض نشوة
تذوقها الصحو واستبسلت
والشيء بالشيئي يذكر
وما زلت أنت
التي تجمع طيب الصفات
المذيبة للملالة والتأفف والسأم
فطوبى لقلب تهنا معك
وطوبى لبيت رباك
وطوبى لأم سقتك الأنوثة
والتأدّب والملاحة والتحلي بالقيم
وطوبى لمثيلات الصفات
وللقدوة الحسنة
فهن النافذات إلى العقول
وهن العابثات بأفئدة نافذة مترفة
وهن بهم أولى وأقدر
وأنت الملاحة
والقناعة وقدوة حسنة
فلمّي شتاتك واستقطبيني
لعلي ألم شتاتي وأنعم
بالدفء المريح
فدنياك منتجع آمن
وراحة روحي وفكري
وسفينة الإبحار وشط الأمان
بعيدا عن المطل الممل
ومعاناة القلق
وأنت معي كل شيء
سيبقى أنيقا جميلا ومبهج .

الطائف 27 / 3 / 1430هـ
23 – 3 – 2009 م
من مجموعتي العاشرة { مسارات ضبابية }

{ الحزن أعمق }

الحزن يسكن في زوايا النفس
أزّمها وحجّمها وقزّمها
وأضعفها ليعبث
وكلما حاولت أطرده
يغفّلني ، يجـاريني ، ينسيني
وينـزوي لا أدر أين
يراوغني ليلبث
وكأن سكناه بي طربا
ونفسي مرتعاً خصبا لحضرته
وأحاسيسي ملاذا آمنا
وأفكاري سفاري
الأقرباء اليوم هم الألداء
استعاضوا عن الولاء لبعضهم
بالحقد وأصناف البلاء
حينا لأطمـاع
وأحياناً لإشبـاع رغاب
وأخرى لأحقاد ، وتعثّر ، وتحيّز
حتى التوافه باتت معضلات
راعفات غلظة
كل حزب بما لديه فرح
بين التّباهي ، والتّرفع ، والأنانية
وغايات تـبرر الوسائل
ومراوغة ذكية
بات حسن الظن غباء
وطيّب القلب ( مسكين أهبل )
والمعاني الساميات هراء
والغلظة هيبـة
الكل يرسـم خطته
والمقاصد لا تسر ، ولا تليق
بمؤمن بمقـدّر الأقدار
خـيرها وشرها
وبمن كان بالإسلام يدين
ونبيه خاتم الأنبياء متم الرسالة
عليه صلاة الله وسلامه
والمسلمون إخوة
ومجاوري الحـرمين قدوة
ولمن أساء بحرمتها العقاب يضاعف
كما تضاعف الحسنات أضعافا مضاعفة

الطائف 17 / 6 / 1428هـ
2007-07-02
من مجموعتي التاسعة { آفة الرأي الهوى }

{ بقايا الزوايا }
بقاياي التي أثقلتها
ندوب الحياة بدرب الكفاح
تعاني جفاف الأماني وبُعْدَ الملاح
فطبع البقايا سُكْنَى الزوايا
لكي لا يراها أحد
وصِرْتُ بتلك الزوايا مقيماً
كأي بقايا تالفة مزعجة لا تسر
وتزعجني رغبتي للسباق
ودرب التحدي
كمن يطلب المستحيل
وتنتابني رغبة في البكاء الطويل
وتنتابني غربة بين أهلي
فأجزع أكثر
وأحبابنا في تلاهي الحياة
كل يكافح جاهدا طريقا طويلاً
مشغولا بما في الطموح
وما في الطريق
وأنا هنا قابع في الزوايا
أعاقر ما مضى بالزمان العجيب
وأرقب ما سيأتي علي
وما قد يكون
وما بيدي غير أن أنتظر
أنام وأصحو متعب الشعور
وينتابني ما يزيل السرور
ويدني الفتور
فأذكر ما كنت يوما عليه
وما مرّبي من نجاحات السباقات
تغرق عيني وأضعف أكثر
يرافقني التحسّر
لو أن دارا للمسنين مفعمة
بالوفاء الجميل تجمع الأنداد للتعايش
في تماثلها تكاملها الأنيق
لتكون منتجعا
يساوي قدر من بذلوا
وما بخلوا بمعرفة وجهد وتفاني
تحوي الملاعب والمسابح والزوايا
ومكتبة مجهزة بفـن للقراءة
وعيادات مجهّزة بعلم
للحياة الكريمة
عرفاناً وتقديراً وتكريماً
لمن كانوا للوطن خدما وحراسا
ليس شرطا أن يكون معدما
إنما للعيش مع الأنداد
متعـة فقدت
بعد تفـرّق الأحباب
أمسى كل في طريق مع رفيق
ليبقى الكبير وحيدا
يلعق الحسرات
إذا مات يشعرنا تعفنه
وإن عاش تأكله الوساوس والملل
للغرب دُوْرُ المسنين مفخرة
كمنتجعات فندقية
وخدمة تصون كرامة المشيب
وتسلم أهله اللوام والقلق المقيم
ويبقى في عيون الوطن
نوراً وقيمة
وقيمة تضاف للوطن
وتعبيرا أنيقاً لمن أدوا أمانتهم
وسلموا من بعدهم ميادين العمل
للبذل والبناء والعطاء لأغلى وطن

الطائف 7 / 4 / 1430هـ
2 – 4 – 2009 م
من مجموعتي العاعشرة { مسارات ضبابية }

{ سكان مكة }

يا أخي مهلا تأدّب
أنت في أقـدس بقعة
أنت في البيت الحرام
أنت في أم القـرى
فتأدّب وتأدّب
تتضاعف الحسنات
في مهبط الوحي أضعافا
فما بال الخطايا والذنوب
وسوء القول والسلوك
ومحبطات العمل
فاغنم بقاءك
في أم القرى تنعم
وتعلم كيف تكتسب الأجور
وتجنّب كل موبقة
وغل وحسد
عار على سكان مكة
ألا يكونوا القدوة الحسنة
وألا يكونوا قناديلا
وأنوارا مضيئة
فأهل مكة دائما أملا
يهدون للكون أنبل الأخلاق
وأكرم الصفات والمثل
وأنبل السلوك
وقد ضربوا أروع المثل
التي حفلت بها شتى الميادين
وشتى الدروب والحقب
بأقسى الظروف
ولم يهنوا ولم يسأموا
وكانوا للواجب أهلا وحماة
ولخدمة الحرمين أمثل
فأهلا وسهلا
بمن شـدّه الشـوق
للحرمين يطلب ما لدى الله
من خير وفير غزير
وبرا بنفسه
ومرحى لمن فيها تأدّب
ومن بادر من أهلها بالمكرمات
وحسن السلوك ، وحسن الخلق
ليكتال في رحله بالأجور
وحسن العمل
يا رب لا تحرمنا رضاك
وما يؤهلنا لمرضاتك وهباتك .

مكة المكرمة 23 رمضان 1429هـ
2008-09-23
من الديوان العاشر { مسارات ضبابية }

{ من الضفاف إلى الضفاف }

فارقتني بهجتي
وأنسها غادر مياديني
وصادقتني سموم القلق مجبور
تبعثرت أجزائي العظمى
وتشتت الفكر
فقدت الوزن والحرف
وضيعتني لزومية البوح والقافية
لم أعد ذلك الشاعر الملهم
تغيّرت نظرتي للحياة
وأمسى يسامرني بوحدتي قلق
وأصبح خاطري في حالتي مكسور
أغازل الغيمات بين الغيوم
في انتظار هطول المطر
ليذهب الجفاف والكرب
وتحت الشمس أستعطي السراب
يجتاحني حزن وتلفّني أزمة
تنتابني غربة بين أهلي
وتدهشني غربة في الوطن
سأكتب للنابهـين من القوم
أني تحرّقت منهم عليهم
وأوليتهم جلّ همي
وهم يعلمون ولا يأبهون
وسافرت فيهم إليهم بجد المحب
من الضفاف إلى الضفاف
فضاع المدى والمدار
سيبقى التردّد في الحسم
ضعف يفل القرار
ويمحو التأجيل أغلب الآثار
ويقصم الجدل العقيم ظهر الحوار
معايير هذا الزمان القميئة
استباحت معاني القياس
وأغلقت سبـل التواصل
وثبّطت بعض الثوابت والقيم
وتلبّست تقليدها الأعمى
لمحاكاة الأراذل
وانحطاط النهج والمسلك
وكأن الناس يجتهدون ضد أنفسهم
وحالتي تزداد تعثرا وغربة
وتقزّماً محبطاً
وفطنت أن الموت رحمة
ومن عاش تشده دهشة وتعوده أخرى

الطائف 17 / 12 / 1429هـ
15 – 12 – 2008
من مجموعتي العاشرة { مسارات ضبابية }

حبيبتي أنت

سيـدة النساء الرائعات
وأنت فاتنتي ، وملهمتي
لعلي في شغـاف القلب
أزرع نبضك الرائق
في دمي الحامي
وأرعــــاك
وأرويك
حنــانـا لائقـاً
وتوافـقـــا ترفـــاً
وأحميـك مـن العـاديات
والزلات والرغبات والترهات
وأحميك من سوء الظنون
وأمنع شتى الحمـاقات
لنجني أشهى الثمار
وأشهى العناقيد
ونحيا الحياة الأنيقة
المريحة التي تستحق التأمل
فنحن لها أحق وأقرب
ونحن لها أهل
فلا تحزني من شكوك
ولا تسأمي من مجالستي
ولا تتهيبين الحوار الصريح
تكـونين مرآتي ونافذتي
إلى دواخلك المريحة
ونواياك المليحة
ونبني القدوة المحمودة
في البنين ومن تحت الرعاية
لنكون في خير حال
بأقدس أرض
ولكي نكون أهلا للحمى
ولا بد أن نكون القدوة الحسنة
لعل الله يشفينا من الداء
الذي استشرى
وما زرع العدى بالدروب
التي أمست مسالكها مظلمات
من الموبقات والمهلكات
بأشكال محببة
ونوايا موغلات الغموض
كأنها ظلمات من فوقها ظلمات
ويشفينا من الأدواء والموضة
ونزهد تقـليدنا الأعمى
لصرعات مغربة
وأفكار مبللة المسالك مغرية
وأوهام مدسوسة دسمة السموم .

مكة المكرمة 17 رمضان 1429هـ
17 – 9 – 2008

{ الشعر جواد جفول }

جواد الشعـر لا يأتي = ويقفـل عائدا مخذول

إذا لـم أكــن وحـدي = يزيـد غيـابه ويطـول

ويعشق وحـدتي أبدا = ويأتي مثقـل المحمول

فرفقــة ماجـد تزهــو = بهـا أيامـنـا وتصــول

وتغني النفس عن عبث = يضيع الوقت والمأمول

وتكسب رفقة الأبرار = في أنس عبـير القـول

فصهوة طائعـاً طـرباً = توفّر جهـدي المكلـول

وتغمر خاطـري نشوة = بهــا أستــشـف القـول

ويعشق زاهـي الأزهار = في تل وبـين سهـول

ويعشق هـامياً هطـلٍ = وفيُّ الوعـد والمدلـول

ويعشـق فـاتر البسمة = على ثغـر ندٍ مذهـول

ويعشق نسمة خطـرت = ويعشـق ذلك المجهول

ويعشق نفحـة العطـر = وفاتنـة تزيل عقـول

ويعشـق زورقـاً أبحـر = لينقذ غـارقاً معـلول

ويبحـر بـي إلى جـزر = بها أنفـاق للمجهـول

ويصعـد بي إلى ربـوة = ويزرعـني بأرض محـول

ويـبقيـني مع الأحـزان = أجـتر الألـم بذهـــول

ويقحمني بأحداث موزّعة = ولا أدري متى ستـزول

وبعض النـاس يزعجـه = يحلّـق خاطـري ويجول

يفسّـر وحـدتي هـربا = وينقد خاطـري المشغول

فبعض النـاس لا يدري = معـاناة وكيف تصـول

يقـذفني بنظـرة غـل = وأخرى ترسـل المعسول

ويحسب أن جـوّ الشعر = وقتاً ضـائع المحصـول

ولا يدري معاناتي بأوقاتي = وساعاتي وكيف تطـول

الطائف 24 / 12 / 1429هـ

22 - 12 – 2008

من مجموعتي العاشرة { مسارات ضبابية }

{ صناعة الموت }

صناعة الموت آخذة
كثيرا من طموحات البشر
ناسين أن الموت آت لا محالة
وما قدّر الله لا شك صائر
والحياة تستحق أن تخدم
وعندما يعمل المرء
ما ينفع الناس يحظى بالرضى
وينعم في راحة البال حتما ويؤجر
ولا يعتريه عذاب آلام الندم
ولا يكره الناس أفعاله
ويبقى بخير وفير
ومن كال للناس يكتال
من كيله ما يساوي الفعل والنية
ويبقى رصيدا له أو عليه
لا يزوره التّغيّر
لدى من لا تضيع لديه الودائع
لا يراوده التفريط ولا النسيان والخطأ
يا أيها الإنسان عليك بالإحسان
والتجمل بالأجمل الأكمل
بالأمن والأمان يرتقي الأداء ويزهو
وتُعْمَرُ الحياة للإنسان بالنوايا الصالحات
وبالعمل المجد المتقن النافع النزيه
جميعنا راحلون ترافقنا نوايانا
وتشهد الأعمال والأعضاء والأماكن
فمن كان في روحه رأفة رافقته حين يحتاجها
عند اشتداد المواقف والحوادث والمحن
ومن يصنع الخير يجزى بأخير
وللتعايش بين الناس آداب التعايش
ومبادرات أفعال تسعد النفس والعاطفة
وتغدق الحياة بالعطاءات النافعات
وتسعد أيها الإنسان بإنجازك
ولرأفة القادر المتسامح وقعها الآسر
وللحياة في اطمئنان مذاقها المحفّز للتّطلّع
والموصل للنجاح وللسعادة والفرح
ما أجمل أن نحتفي بالفرح
ونفرش الدروب بالآمال والأعمال
وننشر في ملامح الحياة عوامل السلامة
ونبذل الخير لكل الناس مسرورين
ونرأف بالمخابر والمشاعر
ولعلنا نجدّ في حقن دماء البشر
لننعم بالحياة التي تستحق البقاء المريح .

{ لا تدهشوا }

لا تدهشوا
إن جئت يوما
ناسيا اسمي وعنواني
أو جئت يوما
مترنحا
أهذي وأفضي
وأبوح بالمكنون قسرا
وأخلط المتاح بالمباح
وأشتري همي
بأحزاني
أعاتب ضلي
وأشتكي مني إليَّ
أطلب الضعف قوة
وأحيل السهل صعبا
لا تعذروا غفلتي
وغفلتكم عني
والتمادي
فالشيء بالشيء
يا أهلي يسمى فيذكر
وبيئتي مؤثِّرة
أنا ابنها
فعلها يكبر معي
جميلها أراه مفخرتي
والمثالب قد تعيق
مسيرتي
وتفت من عزمي
ويضيع العمر تعديلا
وتبريرا وتأنيبا
واستياء
وأمثالي كثيرون
ضحيا الإهمال والسفه
وعالمي فوضوي
ومستهتر
وحالي لا يريح
ولا يُسَرُّ به الصديق
وكم شكا مني الطريق
وسيرتي تلفيق في تلفيق
كأنني والسوء توأمان
في أقدس الأوطان
والحماقة أعيت
من يداويها
يا رب نسألك
الهداية والصلاح
وكن لنا عـونا ووفقـنا
وألهمنا صلاح توجه التربية

الطائف 17 / 12 / 1432هـ
13 – 11 – 2011 م
من مجموعتي الثانية عشر { مسك الختام }

{ العنصرية }

العنصريون مرضى
وأمراضهم كثيرة مزمنة
والعنصرية داؤها العضال
يشتت الجهود المخلصة
ويفـتـك بالأوطـان
يعيـق مسـيرة التـنوير
والتطوير والمعاني السامية
ويفـسد مقصـد القافلة
وأهداف الجماعة
ويدخل الإنسان بمتاهة
تعصب أعمى يشتت أفكاره
ويقـتـل روح الطموح
يصادر الثـقـة
والمستفيد إبليس اللعين
لنجعل الهاجس رفعة الوطن
هنا تتضافـر الجهود
لرفعة الأوطان
ويرسم الطريق السهل
لكل مجتهد مخلص للوطن
وينعم الجميع بالأمان
ويزدهر الوطن
فليست المواطنة حكرا
على أحد الناس أو جماعة
فالكـل أبنـاء الوطـن
بظله ينعمون
دون توتر أو فـزع
ولرفعته بإصرار يعملون
يحتفون معا بالهوية
يجمعهم وطن
ويبقى للحياة بينهم
طعم ونكهة جذابة ولون
ويصير للجهد ثمن
يفيد الوطن
الدين لله أما الوطن
فللجميـع دون مـواربة
ودون عنصرية
ومحسوبية
نسأل الله السلامة
من مجاهل التوجهات
والأطماع والفـتن
ونسأل الله
دوام أمن الوطن
ورفعة كل محب للوطن

الطائف 24 / 1 / 1433هـ
19 – 12 – 2011 م
من مجموعتي الثالثة عشر { مرابع الأفكار }

» ديوان الوتر الحزين .. الشاعر الشريف على طلعت
» ديوان الشاعر عادل المرسى
» ديوان الشاعر ابن سينا
» ديوان الشاعر أبو العلاء حرز
» ديوان الشاعر ناصر صلاح