في حكم شراء السلعة وبيعِها في السوق نَفْسه
السؤال:
تاجرٌ يشتري سلعةً ويدفع عليها عربونًا، ثمَّ يبيعها في نَفْس السوق بسعرٍ أغلى وهي لا تزال عند البائع فهل هذه الصورة جائزةٌ شرعًا؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فإنَّ هذه الصورةَ مِن البيع غيرُ جائزةٍ لعدمِ حيازة المشتري سلعتَه إلى رَحْله وهو المكان الخاصُّ به، ودليلُه حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: «ابْتَعْتُ زَيْتًا فِي السُّوقِ، فَلَمَّا اسْتَوْجَبْتُهُ لِنَفْسِي، لَقِيَنِي رَجُلٌ فَأَعْطَانِي بِهِ رِبْحًا حَسَنًا، فَأَرَدْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى يَدِهِ، فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي بِذِرَاعِي، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، فَقَالَ: «لَا تَبِعْهُ حَيْثُ ابْتَعْتَهُ، حَتَّى تَحُوزَهُ إِلَى رَحْلِكَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ، حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إِلَى رِحَالِهِمْ»»(١).
ولأنَّ المشتريَ إذا لم يَحُزْها أو يَقْبِضْها لا تدخل تحت ضمانه إذا تَلِفَتْ ويكون الضمانُ على حساب مال البائع وفي ذلك ربحٌ للمشتري لم يَضْمَنْه وقد نهى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في حديث عمرِو بنِ شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه «عن ربحِ ما لم يُضْمَن»(٢)، والربحُ الذي يضمنه الغيرُ ظلمٌ والظلمُ مَنْهِيٌّ عنه شرعًا.
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
(١) أخرجه أبو داود في «الإجارة» بابٌ في بيع الطعام قبل أن يُستوفى (٣٤٩٩)، انظر «صحيح أبي داود» للألباني (٣٤٩٩).
(٢) أخرجه وأبو داود في «الإجارة» بابٌ في الرجل يبيع ما ليس عنده (٣٥٠٤)، والترمذي في «البيوع» بابُ ما جاء في كراهية بيعِ ما ليس عندك (١٢٣٤)، والنسائي في «البيوع» باب: شرطان في بيع، وهو أن يقول: أبيعُك هذه السلعةَ إلى شهرٍ بكذا، وإلى شهرين بكذا (٤٦٣١)، وابن ماجه في «التجارات» باب النهي عن بيعِ ما ليس عندك، وعن ربحِ ما لم يُضْمَنْ (٢١٨٨). انظر «الإرواء» للألباني: (٥/ ١٤٧).