الدواء المستحضر بالكحول
السؤال:
هل يجوز التداوي بمستحضَرٍ يُستعمل فيه: ثلاثُ لتراتٍ من زيتِ الزيتونِ، ويضاف له خلُّ الكحولِ، أو قارورةُ خمرٍ؟ وبارك اللهُ فيكم، ونفعنا بعلمِكم.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فاعلمْ -حفظك اللهُ- أنَّ زيتَ الزيتونِ شجرةٌ مباركةٌ كما أخبر اللهُ عزَّ وجلَّ في سورةِ النورِ بقولِه تعالى: ﴿يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ﴾ [النور: ٣٥]، وبقولِه صلَّى الله عليه وآلِه وسلَّم: «كُلُوا الزَّيْتَ وادَّهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ»(١)، وما وُصِفَ بالبركةِ كائنٌ له النفعُ بإخبارِ الوحيِ الإلهيِّ لا محالةَ، أمَّا الخلُّ فقدِ امتدحه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم بقوله: «نِعْمَ الأُدُمُ الْخَلُّ»(٢) فإنْ خلط الأوَّلَ بالآخَرِ أيِ الجائزَ في جنسِه اختلاطًا يُقِرُّه أهلُ الاختصاصِ مِنَ الطبِّ استنادًا إلى العلَّةِ العقليةِ في الأمورِ الدنيويةِ وأنه ناجحٌ، أي: يأتي هذا المزيجُ بنتائجَ إيجابيةٍ في دفعِ الأذى ورفعِ الوجعِ فإنَّ هذا المستحضَرَ يجوز التداوي به كسائرِ الأطعمةِ المخصَّصةِ للتداوي شربًا وتدليكًا.
أمَّا إضافةُ الخمرِ المحرَّمِ شرعًا إلى زيتِ الزيتونِ فلا يصحُّ التداوي به فضلاً عن اتِّخاذِه أو إضافتِه إلى غيرِه من الموادِّ لقولِه صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم: «إِنَّ اللهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً فَتَدَاوَوْا وَلاَ تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ»(٣)، وفي آخر: «إِنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِي حَرَامٍ»(٤)، ولَمَّا «سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَمْرِ تُتَّخَذُ خَلاًّ؟ قَالَ: «لاَ»»(٥).
والله أعلم، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آلِه وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
الجزائر في: ١٥ ذي القعدة ١٤١٦ﻫ
(١) أخرجه أحمد في «مسنده» (٢٥/ ٤٤٨)، والترمذي في «الأطعمة» باب ما جاء في أكل الزيت (١٨٥٢)، من حديث أبي أسيد رضي الله عنه، والحديث صحَّحه الألباني في «الصحيحة» رقم (١/ ٧٢٤)، وحسَّنه الأرناؤوط في تحقيقه ﻟ«جامع الأصول» (٧/ ٤٧٣).
(٢) أخرجه مسلم في «الأشربة» (٢٠٥١)، من حديث عائشة رضي الله عنهما.
(٣) أخرجه أبو داود في «الطبِّ» باب في الأدوية المكروهة (٣٨٧٤)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (١٠/ ٩)، من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه. والحديث حسَّنه الأرناؤوط في تحقيقه ﻟ«جامع الأصول» (٧/ ٥١٢)، وانظر «السلسلة الصحيحة» للألباني (٤/ ١٧٤).
(٤) أخرجه ابن حبَّان في «صحيحه» (١٣٩١) من حديث أم سلمة رضي الله عنها. والحديث صحيح. انظر: «البدر المنير» لابن الملقن (٨/ ٧١٢)، «التلخيص الحبير» لابن حجر (٤/ ٢٠٦)، «المقاصد الحسنة» للسخاوي (٢٠٠).
(٥) أخرجه مسلم في «الأشربة» (١٩٨٣)، من حديث أنس رضي الله عنه.