الشاعر عبد القوى الأعلامى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالأحداثموسوعة الأعلامى الحرةأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر
 

 قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
هويدا رأفت الجندى
مراقب عام
مراقب عام
هويدا رأفت الجندى

انثى
عدد الرسائل : 4821
قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 111010
العمل : قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص Collec10
الحالة : قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 2210
نقاط : 10157
ترشيحات : 11
الأوســــــــــمة : قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 1111110

قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص Empty
مُساهمةموضوع: قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص   قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص I_icon_minitime14/9/2009, 14:29

قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص


أولى قدامة المعنى أهمية كبرى في نظريته في الشعر عامة حيث يؤلف عنده مدخلاً يضبط تصوره ائتلاف عناصر النص بالاستناد إلى فكرة "صورة المعنى" التي ستمثل المنطلق في تحديد فكرته عن الائتلاف.‏

يتنزل المعنى لدى قدامة أيضاً في مستويين: مستوى العنصر الذي يشمله وغيره من عناصر النص التركيب الائتلافي الشامل، وهو بذلك يغدو مادة غير مفارقة لشكلها، ومستوى المعنى في ذاته حيث يبحث من منظور قيمته وغايته.‏

وفي هذا المستوى الثاني ينضبط درسه في مسارين هما: محاصرته من منظور الغرض وتشخيصه ضمن قالب منطقي توضح فيه حدود المعنى عامة، وهو ما أسماه بنعوت المعاني وعيوبها.‏

وتنزّل المعنى ضمن خانة الغرض يحكمه قانون جماع الوصف فيه "أن يكون المعنى موافقاً للغرض المقصود، غير عادل عن الأمر المطلوب"، وهذا يخول لقدامة تقصّي المعاني حسب أوضاعها في الأغراض مشدوداً في كل ذلك إلى منظور الوظيفة. وأخلاقية الوظيفة التي تطول الغزل أيضاً لا تضاد الدعوة إلى الغلو ورفض الاقتصار على الحد الأوسط ذلك أن الغلو عنده "أجود المذهبين"، وهو لا يعدو أن يكون امتداداً بالموجود إلى "المثل وبلوغ النهاية في النعت"، وهو لا يعكر أهداف الوظيفة المبتغاة، بل يدخل ضمن تصور مثالي غايته نشدان الفضيلة.‏

وإذا كان ضبط المعنى في المستوى السالف يفرز درس نعوت الأغراض وعيوبها كالوصف والنسيب والمراثي والمديح وغيرها فإن تناوله في المنظور العام ينحصر في رصد علائق المعنى كما تتمثّل في صحّة التقسيم، وصحة التفسير، والتتميم، وصحة المقابلة والمبالغة، والتكافؤ، والالتفات، ثم يخلص إلى بحث عيوبها ويذكر إثرها عيوباً عامة أخرى كالاستحالة والتناقض التي يوجدها الجمع بين المعنيين المتقابلين، ثم يذكر من عيوب المعاني إيقاع الممتنع فيها في حال ما يجوز وقوعه ويمكن كونه، وهذا يخالف الغلو في المعنى لينتهي إلى اعتبار مخالفة العرف ونسبة الشيء إلى ما ليس له من هذه العيوب.‏

ولا شك أن الأثر الفلسفي والمنطقي الذين يشكلان منطلقات في رصد المعنى على هذا المستوى كانا خلف وسم قدامة بأنه "كان منحازاً إلى تقدير "المعنى"، إلا أن المعنى لا يلبث أن يستحيل عنصراً في البنية حيث يمتنع تحديد كينونة الشعر بالاستناد إلى جوهره المعنوي فقط؛ ذلك أن هذا الأخير لا يعدو أن يكون مادة أولية قابلة لأن تتشكل في صور شتى، ومن هنا فوسم القول بالشعرية بالاستناد إلى معناه فقط خروج عن حدود المحاصرة العلمية الدقيقة للنص الشعري، إذ إن الشعرية يحققها الإخراج الصوري للمعنى. فالتركيز لن يكون إلا على الصياغة وهذا يكشف عن حضور الوعي ببنية الكلام ومواصفاته الذاتية ذلك "أن المعاني كلها معرّضة للشاعر، وله أن يتكلم فيها في ما أحب وآثر، من غير أن يحضر عليه معنى يروم الكلام فيه، إذ كانت المعاني للشعر بمنزلة المادة الموضوعة، والشعر فيها كالصورة، كما يوجد في كل صناعة من أنه لا بد فيها من شيءٍ موضوع يقبل تأثير الصور منها، مثل الخشب للنّجارة، والفضة للصياغة، وعلى الشاعر إذا شرع في أي معنى –كان- من الرّفعة والضّعة، والرّفث والنّزاهة، والبذخ والقناعة، والمدح وغير ذلك من المعاني الحميدة أو الذميمة، أن يتوخى البلوغ من التجويد في ذلك إلى الغاية المطلوبة".‏

وإذا كان الموقف السابق يستدعي فسح المجال للشاعر لينتقي المعنى الذي يريد كأن يصور تجربة شخصية أو يقصد في المدح إلى الوصف بخلاف المعاني النفسية التي رسّخها قدامة مثل أن يصف الممدوح بجمال الوجه مثلاً، فإنه يبدو أن انفساح المجال المعنوي للشاعر لا يعني الخروج عن حدود المواصفات المحددة للمعنى اللائق بحسب ما تتطلبه مقتضيات الوظيفة ذلك أن إزالة الحظر على الشاعر فيما يبتغي قوله من المعنى لا يعني إزالة كل ضابط، بل ينبغي أن يكون الانتقاء وفق مراتب المعاني الملائمة للأغراض، وما دام تنوع الأغراض كثيراً فإنه يستتبعه تنوع المعاني وتفاوتها، وحتى لو حدث أن كان الوصف مخالفاً لمقتضى الغرض كبيتي امرئ القيس اللذين يوردهما قدامة وفيهما وصف لمغامراته النسائية ثم يعلق أن "ليس فحاشة المعنى في نفسه مما يزيل جودة الشعر فيه كما لا يعيب جودة النجارة في الخشب مثلاً رداءته في ذاته"، فإنما يأتي بالشاهد لتدعيم وجهة نظره في ضرورة قصد التجويد في القول بغض النظر عن قيمة المعنى، إذ لو كان الموقف عاماً لكان في إقراره فحش امرئ القيس وتجاوزه عن هذا الفحش، ما يبين عن مناقضته نفسه إذ يتطلب في الغزل ضد هذا المنحى بل يشده إلى منظوره الأخلاقي عامة ويتسامى به إلى اعتباره المقابل لمدح الرجال.‏

والمهم في مقامنا أن تقديم الصياغة انطلاقاً من فكرته عن صورة المعنى ينبني عليه رفض الاحتكام إلى مادة المعنى في ذاتها، إذ ما دام المعتبر هو تجويد الصياغة فلن يكون معيباً على الشاعر مدحه الشيء في قصيدة ثم ذمّه في أخرى إن أحسن المدح والذم بل ذلك يدل عند قدامة "على قوة الشاعر في صناعته واقتداره عليها". ومن هنا فالطرافة والاستغراب في المعاني ليست من علائم الجودة في شيء" إذا كانت المعاني مما لا يجعل القبيح منها حسناً لسبق السابق إلى استخراجها كما لا يجعل الحسن قبيحاً للغفلة عن الابتداء".‏

فإخراج الصورة للمعنى هو الغاية، وهذا لا يعني تجاهلاً للمعنى بل إقراراً باستحالته محتوى لا يمكن ضبطه إلا ضمن خواصه الصورية؛ ذلك أن تطبيقه المبدأ الفلسفي في الهيولى والصورة "حين رد ماهية الشعر إلى شكله"لا يعني إهمالاً للمعاني الشعرية بل ذلك يؤكد حضورها في النص حضوراً "غير مفارق للصورة أو الشكل"، وهذا الوعي بصورة المعنى والإحساس بتلاحم المادة وصورتها هو الذي هيأ لبحث ائتلاف عناصر النص، هذا البحث الذي يمر إلى درسه عقب تعرضه لهذه العناصر أفراداً حسب ما حدده منهجه الخاضع لمنظور منطقي في التصنيف.‏

أما مستوى البحث في عناصر البنية أفراداً فيظهر في تقصيه خصائص المعنى واللفظ والوزن والقافية ليتسنى لـه إحداث أوجه التآلف بينها جميعاً ضمن ثنائيات ضامة لكل عنصرين على حدة وكانت هذه المباشرة المفككة للعناصر من مقتضيات منهجه.‏

ويأتي عقب المعنى الذي أولاه أهمية بالغة –كما أشرنا في ما سلف- اللفظ الذي يشترط فيه "أن يكون سمحاً، سهل مخارج الحروف من مواضعها، عليه رونق الفصاحة، مع الخلو من البشاعة"(168)، ويعتني في وصف اللفظ بجوانب التلفظ مع ذكر الفصاحة عموماً دون تحديد خصائصها، ويمكن القول إن الوصف في النص السابق يتعلق ببنية الكلمة إجمالاً.‏

لكنه عندما يتعرض لذكر عيوب اللفظ يتجاوز المستوى السابق، حيث يرى أن من هذه العيوب استعمال الحوشي من الكلام، وجريه على غير سبيل الإعراب واللغة، ومنها أيضاً المعاضلة التي يحددها بالاستناد إلى رأي لأحمد بن يحيى المعروف بثعلب: بأنها مداخلة الشيء في الشيء، ثم يدقق التعريف بقولـه: "فمن المحال أن تنكر مداخلة بعض الكلام في ما يشبهه من وجه أو في ما كان من جنسه ويقي النكير إنما هو في أن يدخل بعضه في ما ليس من جنسه. وما هو غير لائق به وما أعرف ذلك إلا فاحش الاستعارة". ولا يعنينا موقف النقاد من فهم قدامة للمعاضلة بهذا الشكل، إنما يعنينا الإشارة إلى أن بحثه اللفظ يطول الدلالة، إذ أن كل قصد للتجوز في الكلام باستعمال الاستعارة حسنة كانت أم قبيحة، إنما يتم بالارتكاز على معاني الألفاظ ومن هنا يشمل بحثه اللفظ مستوى الدلالة ليومئ إلى المستوى التركيبي أيضاً، إذ إن التنبه إلى أثر اللحن في الإعراب لا يقوم إلا على الوعي بعلائق الوحدات في التركيب.‏

ثم ينتقل إلى المستوى الصوتي ليفرع منه درس الوزن والقافية مشترطاً في الوزن "أن يكون سهل العروض"، وفي القافية "أن تكون عذبة سلسة المخرج". وما دامت "بنية الشعر" إنما هي التسجيع والتقفية، وهو إحساس بالإخراج الشعري المتميز للقول بتأسيسه على علائق الانتظام الإيقاعي للصوت إذ كلما كان الشعر أكثر توظيفاً لهذه الخصائص الصوتية وأكثر اشتمالاً عليها "كان أدخل له في باب الشعر وأخرج له عن مذهب النثر". أقول ما دامت بنية الشعر كذلك يكون منطقياً إلحاحه على ضرورة الاعتناء بالتوافقات الصوتية كما تتجسد في التصريع والترصيع، ذلك أن قصد الشعراء إنما هو "المقاربة بين الكلام بما يشبه بعضه بعضاً".‏

وإذا كان مبدأ المقاربة في الكلام يتحقق حسب ما سلف في اعتماد إيراد المتشابهات في المستوى التوزيعي للكلام بحيث يتم فيه للأصوات التناغم والانسجام باعتماد التكرار في العناصر الصوتية أو توزيعها وفق نسبة زمنية متوافقة، فإن أشكالاً من المقاربة تمثل عناصر النص جملة يحكمها مبدأ واحد هو: الائتلاف تحقق لمستويات النص المختلفة باعتمادها أشكالاً من التوافقات التي تتيح لـه أن يخرج منسجماً متناغماً، ذلك أن "مؤلف الكلام البليغ الفصيح، واللفظ المسجع الصحيح، كناظم الجوهر المرصع، ومركب العقد الموشح، يعد أكثر أصنافه، ليسهل عليه إتقان رصفه وائتلافه".‏

ويشكل مبدأ الائتلاف منظوراً شاملاً لكل مقاربة تحليلية للنص بدءاً من ضبط حد الشعر الذي يصاغ وفق محاصرة شاملة لكل العناصر المشكلة له، فهو "لفظ موزون مُقفّى يدل على معنى" ، إلى تشخيص أشكال التآلف الضابطة للعناصر.‏

والأساس المنطقي الذي كان خلف ضبط حد الشعر يكون المسؤول عن تفكيك البنية في هذه المقابلات الثنائية في شكل تتراص فيه العناصر إلى أن يكتمل البناء.‏

وإذا كنا سنؤخر القول في بحث ائتلاف اللفظ والمعنى إذ سيؤول بحث هذه العلاقة إلى الإقرار بالطاقة الإيحائية للغة وقدراتها على التكثيف، فإن ائتلاف اللفظ والوزن يكشف عن مفهوم أقرب ما يكون إلى الكم يرصد علائق الوزن بالألفاظ والعبارة في مستوى البنية الصرفية والتركيبية من منظور خارجي يكون التآلف فيه في انسجام الوزن وهيآت الكلام، وهو وإن طال الدلالة، إلا أن المعتبر هو الكم حيث لا ينبغي أن يطرأ على هذه العلاقة المتآلفة زيادة أو نقص يكون من شأنهما الإخلال بالعبارة أو الغرض، فائتلاف اللفظ والوزن يتحقق بأن "تكون الأسماء والأفعال في الشعر تامة مستقيمة كما بنيت لم يضطر الأمر في الوزن إلى نقضها عن البنية بالزيادة عليها أو النقصان منها، وأن تكون أوضاع الأسماء والأفعال والمؤلفة منها وهي الأقوال على ترتيب ونظام لم يضطر الوزن إلى تأخير ما يجب تقديمه، ولا إلى تقديم ما يجب تأخيره منها، ولا اضطر أيضاً إلى إضافة لفظة أخرى يلتبس المعنى بها، بل يكون الموصوف مقدماً والصفة مقولة عليها... ومن هذا الباب أيضاً أن لا يكون الوزن قد اضطر إلى إدخال معنى ليس الغرض في الشعر محتاجاً إليه، حتى إذا حذف لم تنقص الدلالة لحذفه أو بإسقاط معنى لا يتم الغرض المقصود إلا به، حتى إن فقده قد أثّر في الشعر تأثيراً بان موقعه".‏

ويكشف هذا الائتلاف عن تصور احتوائي يقوم بين الوزن والمعنى مما يؤدي إلى ترسيخ فكرة الوزن القالب، إذ لا يبدو في فهم قدامة أن الوزن انبعاث لتناغم الأصوات في البيت كما تشكلها بنية النص المتفاعلة عناصرها في المستويات المختلفة، حيث يتسنى للدلالة الامتداد إلى المستوى الصوتي أيضاً، وإذ ذاك لا يمكن تصور الوزن مفارقاً أو كالمفارق لباقي المستويات، ويؤكد هذا المنحى في التصور نعته ائتلاف المعنى والوزن حيث يتحقق بأن "تكون المعاني تامة مستوفاة لم تضطر بإقامة الوزن إلى نقصها عن الواجب ولا إلى الزيادة فيها عليه".‏

فكأن إقامة الوزن أمر طارئ على معانٍ مكتملة قد يوقعها الاضطرار في عيوب "منها المقلوب: وهو أن يضطر الوزن الشاعر إلى إحالة المعنى وقلبه إلى خلاف ما قصد به. ومنها: المبتور: وهو أن يطول المعنى عن أن يحتمل العروض تمامه في بيت واحد فيقطعه بالقافية ويتمه في البيت الثاني". فمقتضى الانسجام يستوجب تكيّف كل طرف مع الآخر بحيث لا ينتج عن محاولة الائتلاف هذه وتكلف إخراج القول في نسق واحد أدنى اضطراب وقلق.‏

وتتنزل القافية في صلتها بالمعنى ضمن هذا المجرى الذي يقتضي التحام القافية بما عداها من عناصر المعنى في البيت، ومن هنا تتجسد أبرز عيوبها في أن يؤتى بها "لأن تكون نظيرة لأخواتها في السجع، لا لأن لها فائدة في معنى البيت"، "أو أن تكون مستدعاة قد تكلف في طلبها فاستعمل معنى سائر البيت"، لذلك وجب أن يكون تعلق القافية بما تقدم من معنى البيت: "تعلق نظم له وملاءمة لما مرّ فيه". ويتحقق هذا التعلق اللاحم للقافية بسائر المعنى في أشكال من الائتلاف كالإيغال والتوشيح حيث يمثل هذا الأخير النموذج الأوفى لهذه الصلة "وهو أن يكون أول البيت شاهداً بقافيته ومعناه متعلقاً به حتى إن الذي يعرف قافية القصيدة التي البيت منها إذا سمع أول البيت عرف آخره وبانت له قافيته. مثال ذلك قول الراعي:‏

وإن وزن الحصى فوزنت قومي وجدت حصى ضريبتهم رزينا‏

فإذا سمع الإنسان أول هذا البيت استخرج منه لفظة قافيته، لأنه يعلم أن قوله وزن الحصى سيأتي بعده رزين لعلتين: أحدهما: أن قافية القصيدة توجبه، والأخرى: أن نظام المعنى يقتضيه لأن الذي يفاخره برجاحة الحصى يلزمه أن يقول في حصاه أنه رزين" فليست القافية في هذا التصور عنصراً موسيقياً يؤتى به لإحداث الانسجام الصوتي فحسب، وإنما هي عنصر حيوي في لحمة النظام المعنوي لمجمل البيت.‏

وأخيراً يتحقق جوهر الائتلاف في علاقة اللفظ بالمعنى التي تمثل قطب الرحى لمجمل علائق العناصر في البنية الشاملة، وتبرز بموجبها علاقة المعنى بصورته في أشكال من التآلف، تبدو أحياناً تطابقاً للعنصرين في نفس الحيّز الذي تشغله مساحة المعنى أو مساحة اللفظ، ويكون ذلك في ما سمي بالمساواة بين الطرفين" وهو أن يكون اللفظ مساوياً للمعنى حتى لا يزيد عليه ولا ينقص عنه". ويتحقق ذلك بأن تكون "الألفاظ قوالب للمعاني" حيث تتم التسوية بين الطرفين، فلا تفاضل في المقدار بينهما. وتأخذ العلاقة أحياناً أخرى خاصية "التلميح" التي تحقق كثافة في المعنى بحيث "يكون اللفظ القليل مشتملاً على معان كثيرة بإيماء إليها، أو لمحة تدل عليها". وعدم التكافؤ بين الطرفين لا يعني الإخلال، وإنما هو استغلال الإمكانات التعبيرية الكامنة في اللغة التي تنفي عن صلات الطرفين كل مباشرة وتغدو الدلالة بموجب هذا البناء المتكاثف محصلة الروابط الخفية بين الدوال والمدلولات ويتعمق ذلك في الإرداف "وهو أن يريد الشاعر دلالة على معنى من المعاني فلا يأتي باللفظ الدال على ذلك المعنى، بل بلفظ يدل على معنى هو ردفه وتابع له، فإذا دل على التابع أبان عن المتبوع"، وفي التمثيل "وهو أن يريد الشاعر إشارة إلى المعنى فيضع كلاماً يدل على معنى آخر وذلك المعنى الآخر والكلام ينبئان عما أراد أن يشير إليه".‏

ولقد أولى غير قدامة الإيحاء في اللغة عناية، إلا أن تنزيله لدى قدامة ضمن فكرته عن الائتلاف عامة ترسيخ لعلاقات العناصر النصيّة في وحدة ضامة لكافة المستويات تتألف في إطارها هذه العناصر في كيان شامل لها جميعاً، لكن هذه الوحدة الشاملة لا تقوم على وعي بتفاعل العناصر في بنية تجعل مستحيلاً إمكان تصور أي عنصر خارج إطارها البنيوي العام، ذلك رغم أنه "أدخل المفهوم الأساسي للائتلاف فهو لا يفضي بفضله إلى دراسة القصيدة بصفتها عنصر تنظيم عام، لكنه يجري في الواقع تصنيفاً منطقياً مدرجاً دراسة العلاقات الوسطية عوض التحليل البنيوي الحقيقي الهادف إلى فهم الآليات الداخلية".‏

إلا أنه رغم ضوابط التصنيف المنطقي، وانتهاء مشروع قدامة التأليفي بمواجهة كل عنصر في البنية على حدة، ثم إدراجه في علاقات توافق مع غيره، فإن كل ذلك لا يقلل من محاولته الكشف عن تكامل العناصر النصية في كون جامع يغدو بموجبه المعنى متآلفاً مع بقية طبقات النص. ويتأكد بذلك إحساسه العميق بحضور العناصر النصية بكياناتها البارزة حيث ينتفي عنها دور الوسيط المشير إلى المعنى فقط، بل تغدو خصائص الإشارة ترسيخاً لوعي بالنص "وأحسن البلاغة الترصيع، والسجع واتساق البناء، واعتدال الوزن، واشتقاق لفظ من لفظ، وعكس ما نظم من بناء، وتلخيص العبارة بألفاظ مستعارة، وإيراد الأقسام موفورة بالتمام، وتصحيح المقابلة بمعان متعادلة، وصحة التقسيم باتفاق النظمْ، وتلخيص الأوصاف بنفي الخلاف، والمبالغة في الرصف بتكرير الوصف، وتكافؤ المعاني في المقابلة، والتوازي، وإرداف اللاحق، وتمثيل المعاني".‏

فقدامة بن جعفر الذي أسس تصوره النص الأدبي بالاستناد إلى مقولة الائتلاف تمكن، رغم المنطلقات المنطقية، من أن يمتد بنظرته لتعانق عناصر النص المختلفة في منهج صارم انتظمت خطوطه بنية كتاب "نقد الشعر"، وتوزعت على إثرها مسائل النص ومستوياته. واستطاع أن يدلل على فكرة الإخراج الصوري للمعنى ببحث دقائق هذا الإخراج وبتتبع علائق عناصر النص المتوافقة لأحداث الدلالة. وبه كملت حلقة من حلقات البحث النقدي والبلاغي عند العرب طرحت أغلب الأسس التي سيعتمد عليها اللاحقون في تقصيّهم مسائل النص الأدبي وتجلية قضاياه.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الوتر الحزين
شخصيات هامة
شخصيات هامة
الوتر الحزين

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 18803
قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 111010
العمل : قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص Unknow10
الحالة : قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص Yragb11
نقاط : 32784
ترشيحات : 121
الأوســــــــــمة : قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 112

قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص Empty
مُساهمةموضوع: رد: قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص   قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص I_icon_minitime14/9/2009, 23:20

قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 0034

أختي الفاضله

بارك الله فيك لجهدك المثمر الطيب


وكل عام وانت بكل الخير والسعاده

قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص Get-5-2008-gulflobby_com_482biril



قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 20


قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 24




[img:f704]http://www.althkra.net/pic/ep/32[2.gif[/img:f704]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com
هويدا رأفت الجندى
مراقب عام
مراقب عام
هويدا رأفت الجندى

انثى
عدد الرسائل : 4821
قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 111010
العمل : قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص Collec10
الحالة : قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 2210
نقاط : 10157
ترشيحات : 11
الأوســــــــــمة : قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 1111110

قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص Empty
مُساهمةموضوع: رد: قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص   قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص I_icon_minitime15/9/2009, 04:25

الوتر الحزين كتب:
قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 0034

أختي الفاضله

بارك الله فيك لجهدك المثمر الطيب


وكل عام وانت بكل الخير والسعاده

قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص Get-5-2008-gulflobby_com_482biril



قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 20


قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 24




[img:f255]http://www.althkra.net/pic/ep/32[2.gif[/img:f255]



أستاذى الكريم

بارك الله فيك

فكم أسعدنى مرورك المشرف

دمت فى حفظ الرحمن ورعايته
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبير عبد القوى الأعلامى
نائب المدير الفني
نائب المدير الفني
عبير عبد القوى الأعلامى

انثى
عدد الرسائل : 9451
قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 111010
العمل : قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص Unknow10
الحالة : قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص Mzboot11
نقاط : 17867
ترشيحات : 33
الأوســــــــــمة : قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 13156210

قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص Empty
مُساهمةموضوع: رد: قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص   قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص I_icon_minitime27/10/2009, 09:12

قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 0703


أختى الغالية يسعدنى ما قدمته يداك

من افادة واثراء للعقول

دمت بكل الود


قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 15


قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 22

قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 22340


قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 0703
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com/montada-f27/
محمد العشيرى
عضو مبدع
عضو مبدع
محمد العشيرى

ذكر
عدد الرسائل : 946
قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 111010
العمل : قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص Office10
الحالة : قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 8010
نقاط : 8158
ترشيحات : 4
الأوســــــــــمة : قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 111110

قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص Empty
مُساهمةموضوع: رد: قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص   قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص I_icon_minitime1/11/2016, 21:10

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انجاز رائع ومواضيع مميز وابداع راقي
سلمت وسلمت الايادي التي شاركت وساهمت في هذا الطرح الجميل
بارك الله بك ولا تحرمنا من ابداعاتك وتميزك المتواصل
واصل في كل ما هو جديد ومفيد لديــــــــــــــك
فنحن بانتظار جديدك الرائع والجميــــــل
كوجودك المتواصل والجميل معنا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو طالب الأعلامى
عضو جديد
عضو جديد
أبو طالب الأعلامى

ذكر
عدد الرسائل : 44
قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 111010
العمل : قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص Profes10
الحالة : قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص W7eed11
نقاط : 3470
ترشيحات : 0

قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص Empty
مُساهمةموضوع: رد: قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص   قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص I_icon_minitime7/12/2016, 01:13

قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص 967255
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قدامة بن جعفر وائتلاف عناصر النص
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» (النص بين فكر كاتبه ووعي قارئه)
» تحليل النص الأدبى
» تحليل النص الأدبي
» الغموض في النص الأدبي
» بعض ماقيل عن انساب جعفر الطيار في مصر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشاعر عبد القوى الأعلامى :: المنتديات الأدبية :: المنتديات الأدبية :: منتدى الدراسات النقدية والبلاغة-
انتقل الى: