الصـوت: | مولاي ... |
السلطـان: | (ينتفض) مَنْ .... مَنْ |
الصـوت: | (بعبث) مولاي السلطان |
السلطـان: | (ينزل من على السرير) مَنْ أنت (يبحث عنه) ومَنْ سمح لك بالدخول .. ثم .. ثم أين أنت ؟ |
الصـوت: | (يضحك) لا تتعب نفسك ... لن تراني ! |
السلطـان: | (حائراً ) ولكن ..... |
الصـوت: | (بفخر) أنا يا مولاي .. من المعدودين الذين تنتهي عندهم حدود الاستئذان . |
السلطـان: | وكيف سنتفاهم إذن .. أيها ... أيها المجهول .. |
الصـوت: | كما نفعل الآن ... ألا تسمعني ؟ |
السلطـان: | (يتمشى) أسمعك ولا أراك ... ألا يكفيني ما أنا فيه ... |
الصـوت: | لأجل هذا أتيت .. |
السلطـان: | (يقف)لأجل ماذا .. |
الصـوت: | لأساعدك قليلاً .. |
السلطـان: | (يجلس ببطء) وما أدراك بعذابي (يتنهد) أيها .. أيها .. (بيأس) لا يهم .. ثم ماذا تستطيع فعله أنت أو غيرك لأجلي |
الصـوت: | سأثبت لك : أنا أعلم أن مصدر آلامك ينبع من .. إحساسك .. بأنك ... |
السلطـان: | ( يتنهد بشدة ) بأَنيّ ماذا ؟ |
الصـوت: | ظالم ظالم ظالم ... |
- نبرة الصوت تعلو مع كل كلمة والسلطان يهز رأسه بعنف - |
السلطـان: | (يضع يديه على عينيه) كيف عرفت ؟ |
الصـوت: | ألم نتفق على أن نتجاوز هذه النقطة الثانوية .. |
السلطـان: | (يهدأ) أنا (يقوم) أنا أراجع بنفسي أحكام الإعدام منذ فترة . ولا أجد فيها ما يوحي بأي ظلم .. |
الصـوت: | وهل من الضروري أن يكون الظلم قتلاً فقط ؟ فَكَّر في موضوع آخر ... |
السلطـان: | (يتمشى عاقداً يديه خلف ظهره) |
الصـوت: | فكر في موضوع أهون ... |
السلطـان: | أنا لا أذكر أني فعلت شيئاً يستحق (يضع يديه حول رقبته ) .. هذا العذاب .. أنا من يسهر على راحة الرعية كما علمني أبي السلطان .. كل وقتي وجهدي وتفكيري لشعبي (صمت) أيمكن أن |
الصـوت: | يمكن ماذا ... |
السلطـان: | (يجلس على كرس مقابل للسرير ) العجائز الثلاثة (يضحك) .. |
الصـوت: | ولم لا ... |
السلطـان: | (يغضب) لقد حاولوا عصيان أمري .. وتظلموا .. تصور .. أنا الذي لا أظلم أحداً يدعون عَليَّ في صلواتهم ويشكونني إلى الله .. أنا ؟! |
الصـوت: | (بحزن) وكيف عرفت منطوق دعواتهم ؟ |
السلطـان: | (متباهياً ) أنا لا يَخْفى علىَّ أمرً في هذه البلاد .. وخصوصاً أحوال العصاة .... |
الصـوت: | أَلاَ زلتَ تذكر جنايتهم ؟ |
السلطـان: | وكيف أنسى (يقف مواجهاً الجمهور) .. كانوا يسكنون كوخاً حقيراً بجوار حدائق القصر .. ثم أشار علىَّ المهندسون بضرورة توسيع الحدائق .. فأمرت بهدم الكوخ وإيداعهم في منزل كبير .. لم يكونوا يتخيلون أبداً طوال حياتهم أن يقيموا فيه أو حتى يمروا من أمامه.. (متسائلاً) أي ذنب فعلته إذن (باستنكار) أيُ ذنب ؟ |
الصـوت: | وماذا جرى لهم .. أتعلم ؟ |
السلطـان: | وماذا تراه سيجري لهم .. غير لؤمهم الذي كان مخبوءاً داخلهم وخرجْ .. اعترضوا وتجرؤا ودعوا علىّ في صلواتهم .. دعوا علىّ .. الأوغاد .. |
الصـوت: | اهدأ يا مولانا واجلس |
السلطـان: | (يجلس) |
الصـوت: | أترى يا مولاي هذا الحائط الذي خلف السرير ؟ |
السلطـان: | (ينظر) أراه بالطبع |
الصـوت: | وأنت صغير .. حاولت أن تصنع فيه نفقاً لتعبر إلى الغرف المجاورة .. |
السلطـان: | (يقهقه) نعم . نعم . أذكر |
الصـوت: | والحديقة التي أفسدت زهورها بحصانك وأنت شاب .. |
السلطـان: | نعم . نعم |
الصـوت: | وردهات القصر التي اتخذت فيها أخطر القرارات بعد أن كبرت |
السلطـان: | تماماً.. |
الصـوت: | هل تستطيع أن تنسى كل هذا ؟ |
السلطـان: | ............................... |
الصـوت: | كل هذا محفورٌ في ذاكرتك .. كل هذا يصنع الماضي .. |
السلطـان: | عندك حق .. |
الصـوت: | وهكذا العجائز .. عاشوا حياتهم في هذا الكوخ .. الطفولة والشباب والكهولة .. عندما يكبر المرء يكون من الصعب عليه أن تختلف حياته .. يكون كل ما يتمناه أن يموت في مكان يحبه وسط أناسٍ يحبهم .. |
السلطـان: | .. لكني .. لكني عوضتهم |
الصـوت: | ذهب الدنيا كله .. لا يعدل الإحساس بالظلم .. أو إحساس البعض بأنهم مجرد أشياء لا رأي لها ولا تستشار في أي أمر يخصها هي .. |
| (ينظر إلى أسفل .. ثم فجأة يعود له عناده فيقفز واقفاً ) قد يكونوا أيضاً خبثاء .. ويطمعون في المزيد (يتحرك) لكنني لست غبياً سأتأكد أولاً من الأمر كله .. |
| (يُغلق الستار) |