الترادف في اللغة العربية:
هناك مقولة شهيرة تؤكد أن اللغة العربية غنية بمترادفاتها، والحق أن فيها ألفاظاً تتقارب معانيها ولكن لا تتحد تماماً في دلالتها.
والترادف لغةً: هو «الردف» وهو ما تبع الشيء، وكل شيء تبع شيئاً فهو ردفه.
والترادف: التتابع، ومن ذلك قوله ـ تعالى ـ: {بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9]. ونشير هنا إلى بعض الكلمات التي يشيع استخدامها على أنها مترادفات:
الجسم والجسد:
الجسم يطلق على: ما يكون فيه روح وحركة، أما الجسد فيستعـمل لمـا ليـس فـيـه روح أو حيـاة؛ وذلك استـناداً لقول الله ـ تعالى ـ: {وَإذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ} [المنافقون: 4]، وقوله ـ تعالى ـ: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَدًا} [الأعراف: 148].
الصَّبُّ والسَّكب:
السَّـكب: هـو الـصَّب المتتابع، وقـد ورد هـذا اللفظ في موضع واحد في القرآن الكريم: {وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ * وَمَاءٍ مَّسْكُوبٍ} [الواقعة: 30 - 31].
أما الصَّبُّ ففيه القوة والعنف، مثل قوله - تعالى -: {فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ} [الفجر: 13]، وكما في قوله: {ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْـحَمِيمِ } [الدخان: 48].
وعليه؛ فاستعمال لفظ «الصب» في العذاب يوحي بظلال أخرى غير التي نحسُّها في لفظ «السكب»؛ إذ نلاحظ القوة والعنف مع الصب، والهدوء والسلامة مع السكب.
الاستماع والإنصات والإصغاء:
الاستـماع: هـو إدراك المسـموع، أمـا الإنصـات: فـهو السكوت بغية الاستماع لشـيء مـا، وعلـى ذلـك فقـد جمع الله بينهما في قوله: {وَإذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204]؛ حيث إن الواجب على المسلم الاستماع للقرآن دون حديث أو حركة وذلك هو الإنصات. أما الإصغاء فمعناه لغةً: «الميل»، وذكر لسان العرب أن «أصغيْتَ إليه» أي ملْتَ برأسك نحوه، والإصغاء إذن يكون للسمع وغيره؛ فإذا مال الإنسان بسمعه قلنا: أصغى سمعه، وإذا مال بقلبه قلنا: أصغى قلبه، ومن ذلك في القرآن: {إن تَتُوبَا إلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]، وكما في قوله ـ تعالى ـ: {وَلِتَصْغَى إلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ} [الأنعام: 113] .
الغيث والمطر:
في القرآن الكريم نجد أن الماء النازل من السماء يُذكر باسمه، والغيث والغوث هو العون والمساعدة كما في قوله: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} [يوسف: 49]، كما أن مادة «غيث» تأتي بمعنى: الماء المغيث الذي يسقي الناس والزرع؛ كما في قوله ـ تعالى ـ: {إنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ} [لقمان: 34]، أما المطر فقد ورد ذكره في القرآن الكريم سواء جاء اسماً أو فعلاً في خمسة عشر موضعاً؛ منها. أربعة عشر في العذاب والعقاب صراحة، منها: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ} [الشعراء: 173]، وقوله ـ تعالى ـ: {وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ} [الفرقان: 40].
الزواج والنكاح:
كلمة «الزواج» والفعل «زوّج» لا يستعملان إلا بعد تمام العقد والدخول واستقرار الحياة الزوجية، لذا نلاحظ استعمال الفعل «زوّج» بصيغة الماضي الذي يدل على وقوع الحدث، كما في قوله: {كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ} [الدخان: 54]، وكما في قوله: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37].
أما «النكاح» فإنه يعني الرغبة في الزواج، أو إرادة وقوعه، أي قبل أن يتحقق الزواج فهو نكاح، لذلك نجد أن الأفعال التي تؤدي هذا المعنى في القرآن الكريم جميعها دالة على المستقبل؛ كما في قوله: {قَالَ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} [القصص: 27]، وكما في قوله: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ
“العقب” و”الولد”:
ان عقب الرجل أولاده الذكور والاناث وأولاد بنيه من الذكور والاناث، إلا انهم لا يسمون عقبا الا بعد وفاته.
الولد والسبط
الفرق بين “الولد” و”السبط”: ان اكثر ما يستعمل السبط في ولد البنت، ومنه قيل للحسن والحسين رضي الله عنهما: سبطا رسول الله “صلى الله عليه وسلم”، وقولنا سبط يفيد انه يمتد ويطول، وأصل الكلمة من السبوط وهو الطول والامتداد، ومنه قيل الساباط لامتداده بين الدارين، والسبط: شجر سمي بذلك لامتداده وطوله.
البعل والزوج
الفرق بين “البعل” و”الزوج”: ان الرجل لا يكون بعلا للمرأة حتى يدخل بها، وذلك ان البعال النكاح والملاعبة، ومنه قوله عليه السلام: “ايام أكل وشرب وبعال”.
وأصل الكلمة القيام بالأمر، ومنه يقال للنخل اذا شرب بعروقه ولم يحتج الى سقي: بعل، كأنه يقوم بمصالح نفسه.
الصاحب والقرين
الفرق بين “الصاحب” و”القرين”: ان الصحبة تفيد انتفاع احد الصاحبين بالآخر، ولهذا يستعمل في الآدميين خاصة فيقال: صحب زيد عمرا، وصحبه عمرو، ولا يقال: صحب النجم النجم أو الكون الكون، وأصله في العربية الحفظ، ومنه يقال: صحبك الله وسر مصاحبا أي محفوظا، وفي القرآن “ولا هم منا يصحبون” أي يحفظون.
وكلمة القرين تفيد قيام احد القرينين مع الآخر والجري على طريقته وان لم ينفعه، ومن ثم قيل للبعيرين يشد احدهما الى الآخر: قرينان.
الفرق بين “المولى” و”الولي”:
ان الولي هو المعان والمعين تقول: الله ولي المؤمنين أي معينهم والمؤمن ولي الله أي المعان بنصر الله عز وجل، ويقال ايضا: المؤمن ولي الله والمراد أنه ناصر لأوليائه ودينه، ويجوز ان يقال: الله ولي المؤمنين بمعنى انه يلي حفظهم، كولي الطفل المتولي شأنه، ويكون الولي على وجوه، منها: الحليف المعاقد، ومنها ولي المرأة: القائم بأمرها، ومنها ولي المقتول: الذي هو احق بالمطالبة بدمه.
والمولى على وجوه: هو السيد والمملوك والحليف وابن العم والاولى بالشيء والصاحب.
-مستجمع -