الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57 عدد الرسائل : 18803 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32783 ترشيحات : 121 الأوســــــــــمة :
| موضوع: النوع الثالث معرفة المتواتر والآحاد 24/5/2010, 23:27 | |
| النوع الثالث معرفة المتواتر والآحاد 28
قال الكمال أبو البركات عبد الرحمن بن محمد الأنباري في كتابه ( لمع الأدلة في أصول النحو ) اعلم أن النقل ينقسم إلى قسمين تواتر وآحاد فأما التواتر فلغة القرآن وما تواتر من السنة وكلام العرب وهذا القسم دليل قطعي من أدلة النحو يفيد العلم واختلف العلماء في ذلك العلم فذهب الأكثرون إلى أنه ضروري واستدلوا على ذلك بأن العلم الضروري هو الذي بينه وبين مدلوله
ارتباط معقول كالعلم الحاصل من الحواس الخمس السمع والبصر والشم والذوق واللمس وهذا موجود في خبر التواتر فكان ضروريا وذهب آخرون إلى أنه نظري واستدلوا على ذلك بأن بينه وبين النظر ارتباطا لأنه يشترط في حصوله نقل جماعة يستحيل عليهم الاتفاق على الكذب دون غيرهم فلما اتفقوا علم أنه صدق
وزعمت طائفة قليلة أنه لا يفضي إلى علم البتة وتمسكت بشبهة ضعيفة وهي أن العلم لا يحصل بنقل كل واحد منهم فكذلك بنقل جماعتهم وهذه شبهة ظاهرة الفساد فإنه يثبت للجماعة ما لا يثبت للواحد فإن الواحد لو رام حمل حمل ثقيل لم يمكنه ذلك ولو اجتمع على حمله جماعة لأمكن ذلك فكذلك هاهنا وأما الآحاد فما تفرد بنقله بعض أهل اللغة ولم يوجد فيه شرط التواتر وهو دليل مأخوذ به واختلفوا في إفادته فذهب الأكثرون إلى أنه يفيد الظن وزعم بعضهم أنه يفيد العلم وليس بصحيح لتطرق الاحتمال فيه وزعم بعضهم أنه إن اتصلت به القرائن أفاد العلم ضرورة كخبر التواتر لوجود القرائن ثم قال واعلم أن أكثر العلماء ذهبوا إلى أن شرط التواتر أن يبلغ عدد النقلة إلى حد لا يجوز على مثلهم الاتفاق على الكذب كنقلة لغة القرآن وما تواتر من السنة وكلام العرب فإنهم انتهوا إلى حد يستحيل على مثلهم الاتفاق على الكذب
وذهب قوم إلى أن شرطه أن يبلغوا سبعين وذهب آخرون إلى أن شرطه أن يبلغوا أربعين وذهب آخرون إلى أن شرطه أن يبلغوا اثنى عشر وذهب آخرون إلى أن شرطه أن يبلغوا خمسة والصحيح هو الأول وأما تعيين تلك الأعداد فإنما اعتمدوا فيها على قصص ليس بينها وبين حصول العلم بأخبار التواتر مناسبة وإنما اتفق وجودها مع هذه الأعداد فلا يكون فيها حجة انتهى ما ذكره ابن الأنباري وقال الإمام فخر الدين الرازي في كتاب المحصول الطريق إلى معرفة اللغة النقل المحض وهو إما تواتر أو آحاد وعلى كل منهما إشكالات أما التواتر فالإشكال عليه من وجوه أحدها - أنا نجد الناس مختلفين في معاني الألفاظ التي هي أكثر الألفاظ تداولا ودورانا على ألسنة المسلمين اختلافا شديدا لا يمكن فيه القطع بما هو الحق كلفظة ( الله ) فإن بعضهم زعم أنها عبرية وقال قوم سريانية والذين جعلوها عربية اختلفوا هل هي مشتقة أو لا والقائلون بالاشتقاق اختلفوا اختلافا شديدا ومن تأمل أدلتهم في ذلك علم أنها متعارضة وأن شيئا منها لا يفيد الظن الغالب فضلا عن اليقين وكذلك اختلفوا في لفظ الإيمان والكفر والصلاة والزكاة فإذا كان هذا الحال في هذه الألفاظ التي هي أشهر الألفاظ والحاجة إليها ماسة جدا فما ظنك بسائر الألفاظ وإذا كان كذلك ظهر أن دعوى التواتر في اللغة والنحو متعذر وأجيب عنه بأنه وإن لم يمكن دعوى التواتر في معانيها على سبيل التفصيل فإنا نعلم معانيها في الجملة فنعلم أنهم يطلقون لفظة الله على الإله المعبود بحق وإن كنا لا نعلم مسمى هذا اللفظ أذاته أم كونه معبودا أم كونه قادرا على الاختراع أم كونه ملجأ للخلق أم كونه بحيث تتحير العقول في إدراكه إلى غير ذلك من المعاني المذكورة لهذا اللفظ وكذا القول في سائر الألفاظ
الإشكال الثاني - أن من شرط التواتر استواء الطرفين والواسطة فهب أنا علمنا حصول شرط التواتر في حفاظ اللغة والنحو والتصريف في زماننا فكيف نعلم حصولها في سائر الأزمنة وإذا جهلنا شرط التواتر جهلنا التواتر ضرورة لأن الجهل بالشرط يوجب الجهل بالمشروط فإن قيل الطريق إليه أمران أحدهما - أن الذين شاهدناهم أخبرونا أن الذين أخبروهم بهذه اللغات كانوا موصوفين بالصفات المعتبرة في التواتر وأن الذين أخبروا من أخبروهم كانوا كذلك إلى أن يتصل النقل بزمان الرسول صلى الله عليه وسلم والآخر - أن هذه لو لم تكن موضوعة لهذه اللغات ثم وضعها واضع لهذه المعاني لاشتهر ذلك وعرف فإن ذلك مما تتوفر الدواعي على نقله قلنا أما الأول فغير صحيح لأن كل واحد منا حين سمع لغة مخصوصة من إنسان فإنه لم يسمع منه أنه سمعه من أهل التواتر وهكذا بل تحرير هذه الدعوى على هذا الوجه مما لا يفهمه كثير من الأدباء فكيف يدعى عليهم أنهم علموه بالضرورة بل الغاية القصوى في راوي اللغة أن يسنده إلى كتاب صحيح أو إلى أستاذ متقن ومعلوم أن ذلك لا يفيد اليقين |
|