الشاعر عبد القوى الأعلامى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالأحداثموسوعة الأعلامى الحرةأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر
 

 صراع البداوة والحضارة في الرواية العربية

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبير عبد القوى الأعلامى
نائب المدير الفني
نائب المدير الفني
عبير عبد القوى الأعلامى

انثى
عدد الرسائل : 9451
صراع البداوة والحضارة في الرواية العربية 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : صراع البداوة والحضارة في الرواية العربية 111010
العمل : صراع البداوة والحضارة في الرواية العربية Unknow10
الحالة : صراع البداوة والحضارة في الرواية العربية Mzboot11
نقاط : 17868
ترشيحات : 33
الأوســــــــــمة : صراع البداوة والحضارة في الرواية العربية 13156210

صراع البداوة والحضارة في الرواية العربية Empty
مُساهمةموضوع: صراع البداوة والحضارة في الرواية العربية   صراع البداوة والحضارة في الرواية العربية I_icon_minitime1/3/2010, 08:56

اختلاف الأجيال في أحوالهم إنما هو باختلاف نحلتهم من المعاش.
-قصص الأمم الخالية في القرآن الكريم ذات مغزى إخباري وعظي.
- الشخصيات في الرواية العربية الحديثة مختلفة عن الروح التي ظهرت بها شخصيات الرواية العربية القديمة.
-القراءة والكتابة والتدوين تعني حياة ثابتة مستقرة تعني بشؤون التحضر.
-الصراع الفكري الذي ظهر في النهضة العربية، صراع الجيل الأول مع الجيل الثاني، صراع الجهل مع العلم، وصراع القديم والجديد.
-تأثرت الحياة العلمية والذهنية والأدبية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر بالمضاربات النظرية التي عمت كثيراً من القضايا، حتى لنحسب أن الكون قد أصيب بانفجار معرفي.



**********************
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com/montada-f27/
عبير عبد القوى الأعلامى
نائب المدير الفني
نائب المدير الفني
عبير عبد القوى الأعلامى

انثى
عدد الرسائل : 9451
صراع البداوة والحضارة في الرواية العربية 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : صراع البداوة والحضارة في الرواية العربية 111010
العمل : صراع البداوة والحضارة في الرواية العربية Unknow10
الحالة : صراع البداوة والحضارة في الرواية العربية Mzboot11
نقاط : 17868
ترشيحات : 33
الأوســــــــــمة : صراع البداوة والحضارة في الرواية العربية 13156210

صراع البداوة والحضارة في الرواية العربية Empty
مُساهمةموضوع: رد: صراع البداوة والحضارة في الرواية العربية   صراع البداوة والحضارة في الرواية العربية I_icon_minitime1/3/2010, 08:57

تطور الفكر

قد لا نعني بصراع البداوة والحضارة في هذا الموضوع المعنى المعجمي لكل من هذه الألفاظ، ولكننا نعني صراع الفكر البدائي وضده الحضاري. ولا نود أن نناقض التعريفات شبه المتفق عليها في الدراسات الأدبية التاريخية النقدية التي درست الرواية من حيث كونها علامة للتحضر ولغة للمدنية، بيد أن تطور الفكر قد يخرج في مفهومه عن النطاق الإقليمي إلى النطاق المعرفي الأشمل والأعم إذا أخذنا الرواية فنا يحتوي على مجموعة من المعارف والأطر في شكل الواقع والمتخيل، إضافة إلى نفض غبار الدراسات الأكاديمية الضيقة، والنظريات المتهالك بعضها على أنقاض بعض.

وقد شهدت العقود الخمسة الأخيرة من هذا القرن بدايات خطيرة في عالم الرواية العالمية بشكل عام، والغربية بشكل خاص، وصارت الرواية هي المعول عليه الأول في نبض الحياة بصفة عامة، مما جعل الدارسين الجادين، والباحثين عن دراسة ورصد الحقائق يرجعون من حين إلى آخر إلى الرواية باعتبارها سجلاً فنياً حافلاً بالفكر، مستمدة مادتها من الحدث المعاصر (وبعضه يومي) بواقعية شديدة الإيغال في الخصوصية، أو متخيلة ذات استنباط بالتنبؤ الذي صار له كبير الأثر في العقد الخامس والسادس من هذا القرن، وما زال إلى يومنا هذا.

إن ظهور مجموعة من الروايات استطاع أن يحول وجه الحياة العامة، السياسية والثقافية والاقتصادية، إلى وجهة جديدة، تطور فيها الفكر من المنظور البدائي القريب إلى المنظور الكلي البعيد، بل أبعد من ذلك، فقد تدخلت الرواية في كل شؤون الحياة، وصار الروائي يضع الأوليات من حيث قيمتها للحاضر والمستقبل. وقبل الخوض في هذه التفاصيل يجدر بنا أن نعود إلى مقولة لعالم الاجتماع، عبد الرحمن بن خلدون، حول هذه المسألة.

يقول ابن خلدون: "اعلم أن اختلاف الأجيال في أحوالهم إنما هو باختلاف نحلتهم من المعاش فإن اجتماعهم إنما هو للتعاون على تحصيله والابتداء بما هو ضروري منه ونشيط قبل الحاجي والكمالي فمنهم من يستعمل الفلح من الغواصة والزراعة ومنهم من ينتحل القيام على الحيوان من الغنم والمعز والنحل والدود استنتاجها واستخراج فضلاتها وهؤلاء القائمون على الفلح والحيوان تدعوهم الضرورة ولابد إلى البدو لأنه متسع لما لا يتسع للحواضر من المزارع والفدن والمسارح…."(1)

إذن يعرف ابن خلدون هذه الشريحة من المجتمع على أنهم أهل القرى والأرياف مثلما نعرفهم في زماننا هذا. وبما هذه الشريحة لها تجمعات، وفيها بالطبع نواد للقاءات اليومية فقد تفرعت الرواية الشفوية، بالطبع، إلى فرعين من القص:

أولا: الرواية الأخبارية، ولا تختلف عن الحكاية في شكلها الظاهري أما شكلها الداخلي فواقعي خبري موثق، قد يكون له مغزى، وقد يكون مجرد تسلية ثقافية. فقصص الأمم الخالية في القرآن الكريم ذات مغزى إخباري وعظي، ولأنها أخبار فقد كانت في الماضي، وليس منها إلا الموعظة للجيل الحاضر والمستقبل، كما حصلت الرواية المدونة في كتب المؤرخين والإخباريين مثل وهب بن منبه في كتابه التيجان، وعبيد بن شريه، وسيرة ابن إسحاق، وغيرها. وهذه كلها، قصص كانت تروى مشافهة حتى عصر التدوين في القرن الثاني، واختلاط العرب بالأمم التي دخلت الإسلام وتعلم الكتابة والقراءة… (2)

ثانياً: الرواية الرمزية، وهي نوع من الحكاية، وقد ظهرت عند العرب بجانب الرواية الإخبارية، إلا أنها تختلف عنها بعدم التوثيق، وغلبت عليها صفة التسلية العامة، واشتقاق المثل التطبيقي، وهنا يكون الاختلاف بين العامة والخاصة في استعمال الرمز. ويظهر الصراع بين البداوة والحضارة فيما بتعلق بأسلوب الطرح، حيث استمدت هذه الرمزية من حضارات ضاربة في القدم؛ مثل حضارات اليونان، وبلاد الرافدين، والفرس، والهنود، فالبدوي يأخذها تسلية وفكاهة، لكثرة ما يجد فيها من الحيوانات التي يؤاسيها، أو المتوحشة، وبالتالي يصنفها إلى غبي، وذكي، ولا يجد في الأمر غرابة، وهذا يعيدنا إلى تعريف ابن خلدون. لذلك لا يفلسف هذه الحكايات، ولا يسقط عليها رأياً أو تأويلاً.

بينما يجد الحضري فيها نوعاً من الغرابة، يدعوه إلى التفكير والبحث في الجانب الآخر عن معني الحكاية، وقد يحولها إلى نوع من الميثولوجيا "Mythology" مثلما ظهرت الرواية في أوروبا، دينية توجهيه (3). ولأن القراءة والكتابة والتدوين تعني حياة ثابتة مستقرة تعني بشؤون التحضر، فقد ظهرت البذور الأولي للرواية العربية قديماً مكتوبة (في عصر التدوين) يظهر فيها صوت الراوي على لسان الحاكي (الحكواتي) في قصص عنترة، وسيف بن ذي يزن، والزير سالم، والسيرة الهلالية، وكلها سير بطولة تجسد الصراع بين حياة البادية القائمة على الشجاعة، وروح المدينة القائمة على المسالمة والتجارة، والكسب المادي بالطرق السليمة والقوانين الشرعية، والطمع في الربح والخوف من الخسارة. فعنترة يقاوم صراعاً داخلياً في نفسه، ولا يجد لذلك الصراع حلاً غير الاعتماد على ما آتاه الله من قوة جسدية يطمح من ورائها إلى تحقيق ذاته المسلوبة بحكم لونه الشاذ بين أفراد القبيلة، ويستطيع تحقيق ذلك الهدف في بطولاته التي أعاد بها اعتبار القبيلة التي سلبت أموالها، ولم يستطع أبناؤها الذين لم يلاقوا ما لاقاه عنترة نفسه، من رد ما سلب منهم. حادثة أو مجموعة من الحوادث تعيد إلى عنترة أمنه واستقراره النفسي، ويعيد إليه صراع الحضارة والبداوة أمله في الزواج من ابنة عمه عبلة.(4)

وعندما يمعن القارئ النظر في هذه الروايات السرية، يجد التركيز على البطولة والانتقام وأخذ الثأر حتى عند الصعاليك الذين ينظر إليهم القانون على أنهم مجرمون، يراهم العربي رمزاً للشجاعة والبطولة والنجدة. وعندما يتحول البدوي إلى الحياة المدنية ينقل معه الكثير من عاداته التي اعتادوا، مثل الثأر، وغسل العار والتأنق عن العمل في بعض المصالح التي لا تتفق وتربيته وعاداته.

ونجد الشخصيات في الرواية العربية الحديثة مختلفة عن الروح التي ظهرت بها شخصيات الرواية العربية القديمة، فما السبب في ذلك؟ هناك عدة أسباب يلاحظها الروائي أكثر من ملاحظة القارئ العادي، وهي تحولات المجتمع من طور إلى آخر. ففي الزمن الذي يتقلص فيه المجتمع الرعوي، وينشط فيه المجتمع الزراعي تكون من تبعاته، شدة الحفاظ على الأرض والدفاع عنها، وقلة المشاكل الاجتماعية وضرورة الاجتهاد في الحفاظ على التنمية.

ويزداد الأمر تعقيداً إذ تحول المجتمع الزراعي إلى المدينة، ولكن تبقى مشكلة متأصلة وموروثة، وهي الارتباط بالقبيلة وخاصة عندما يشعر أحد أبنائها باهتزاز النظام المدني، فالبدوي يكون انتماؤه عادة إلى القبيلة والقرية، بينما يكون انتماء الحضري إلى الدولة، ممثلة في المؤسسات المدنية.

فأين الروائي من هذه المنظومات المعقدة؟ قبل الإجابة على هذا السؤال، يجدر بنا أن نعود إلى مقولة الناقد، أندريه غرين A. Green الذي يقول "هل من الممكن إقامة علاقة بين الإنسان وإبداعه؟ فمن أي قوى يقتات هذا الإبداع إن لم يكن من تلك التي عند المبدع؟(5)

إذن المبدع، وميدان الإبداع ميدان واسع، والروائي على رأس هذه الكوكبة من المبدعين، ومادته المجتمع الذي يعيش فيه، يحس بآلامه وآماله، فلم تعد الرواية مجرد تسلية يقضي بها الأطفال والنساء الأوقات الفارغة، ولم تعد مادة للسمر وقطع الوقت، ولكنها أصبحت مادة للفكر والاستخلاص المعرفي من عدة جوانب، وليست من جانب واحد. وكانت المفاجأة كبيرة عندما ظهرت رواية زينب للكاتب المصري، د. محمد حسنين هيكل، في زمن كانت تعتبر الرواية ابناً غير شرعي في الأدب العربي، لسبب من الأسباب التي ذكرت شيئاً منها فيما سبق، إضافة إلى وجود الموروث الشعبي من المقامات التي كان ينشرها المويلحي، ولا أقلل من قيمة تلك المقامات وبعض القصص التي كتبها الكتاب والشعراء، مثل ليالي سطيح، لحافظ إبراهيم، ومسرحيات شوقي الشعرية، وكل هذه القصص متعلقة بالتاريخ. ومما يجعل المتلقي مرتبكاً اختلاف الصياغات.(6)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com/montada-f27/
عبير عبد القوى الأعلامى
نائب المدير الفني
نائب المدير الفني
عبير عبد القوى الأعلامى

انثى
عدد الرسائل : 9451
صراع البداوة والحضارة في الرواية العربية 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : صراع البداوة والحضارة في الرواية العربية 111010
العمل : صراع البداوة والحضارة في الرواية العربية Unknow10
الحالة : صراع البداوة والحضارة في الرواية العربية Mzboot11
نقاط : 17868
ترشيحات : 33
الأوســــــــــمة : صراع البداوة والحضارة في الرواية العربية 13156210

صراع البداوة والحضارة في الرواية العربية Empty
مُساهمةموضوع: رد: صراع البداوة والحضارة في الرواية العربية   صراع البداوة والحضارة في الرواية العربية I_icon_minitime1/3/2010, 09:01

ولم يستطع الدكتور هيكل أن يغامر بسمعته كمحام في رواية كتبها عندما كان طالباً في باريس يدرس الدكتوراه في المحاماة، والرواية، مثلما ذكرت، ليست بذات ثقل في عالم الأدب العربي آنذاك، فماذا هو صانع أمام هذا الإلحاح الشديد، والخوف الشديد أيضاً؟ عاد من بعثته 1912م، ولم يكتب لها الظهور إلا في 1914م. عامان من التردد، كما يذكر في المقدمة، وأخيراً يستقر رأيه على إخراجها باسم مستعار مناظر وأخلاق ريفية، بقلم فلاح مصري. لم يكن خوف هيكل من السلطات البريطانية بأشد من خوفه الأدبي، وما تمثله الرواية من صراع بين البداوة والحضارة، بين الريف والمدينة، الريف بتقاليده العريقة، والمدينة بتفتحها على معطيات العالم الآخر. الحب في الريف شبه محرم، وفي المدينة مظهر من مظاهر المدينة المتقدمة.

وتحقق هذه الرواية فتحاً عظيماً في عالم الرواية العربية، وإن كانت كلاسيكية في مضمونها فإنما قد فتحت الباب على مصراعيه في عالم السرد الروائي في العالم العربي، وبثت الطمأنينة في قلوب المبدعين لإنشاء رواية حديثه. ولم يضع مؤلفها اسمه عليها ولا عنوانها الذي عرفت به بعد إلا في الطبعة الثالثة، وحتى عندما كانت في المطبعة لم يضع عبارة "فلاح مصري" إلا بعد اكتمال الطباعة!(7)

إذن فتحت زينب الباب لكتاب الرواية العربية، فماذا حدث بعدها؟ صار الاهتمام بالرواية شديداً عند القارئ العربي، وكذلك عند الكاتب من ناحتين: التسلية والتطور الفكري المصاحب للنص.

الرواية والصراع الفكري

عندما نعود إلى جذور الرواية العربية في عصر التدوين، وقبله عصر الرواية الشفوية، نجد الرواية ما زالت في طور الحكاية ما بين الراوي والمتلقي، والراوي في هذه الحالة هو الوسيط الناقل للأحداث من صاحب السيرة الأصلي إلى المتلقي، وكل راو له وسيلة نقله. فقد تنقل نثراً، وقد تنقل شعراً. وليس هناك صراع في الأحداث كما نجده في رواية الخطاب السردي، سواء كان واقعياً أو متخيلاً، وهذا هو معني الرواية التي أخذت تقنيتها بالظهور على أيدي الكتاب الغربيين الذين أخرجوها من طور الحكاية المروية إلى طور الخطاب الفكري الذي يثير بدوره عدة تساؤلات حول العمل، ويعطي تصوراً للآراء المطروحة. فقد كتب تولستوي الحرب والسلام، (Peace and War )، ولم يكن مؤرخاً ناقلاً للأحداث التاريخية الجافة، ولا كاتباً لأحداث فترة تاريخية كما تريد سياسة هذه الفترة أن تكون ولكنه فنان صاغ هذه الفترة وحافظ على أحداثها وأثار ما فيها من صراعات داخلية وجانبية. وقد يكون هذا هو السبب الرئيسي الذي جعل الرواية الحكاية تتراجع في فترة خروج الرواية الخطابية التي يصعب، أو يستحيل، نقل أحداثها بوسيط كما عرف في الرواية الشفوية والسردية التاريخية، وهناك رأي للدكتورة يمني العيد حول هذه القضية: "إن تميز اللغة روائياً، … يتمثل بأثر له في الحكاية نفسها، كأن يتسع فضاء الرواية لأكثر من صوت من أصوات شخوصها، وتتفاوت مستويات الكلام تفاوت الفئات الاجتماعية التي تنتمي إليها هذه الشخوص، فيشف بذلك موقع الراوي عن موقف يفسح مجالاً لتعدد زوايا النظر من الحكاية، فتغتني الحكاية وتتلون شخوصها بألوان الحياة، فتستقل هذه الشخصيات بسلوكها وتنسج الحقيقي."(Cool

وهذا الرأي الذي أوردته الدكتورة يمنى العيد مشابه للرأي أوردناه، قبل قليل، ومضمونه أن الراوية سجل وثاقي مصاغ في قالب فني.

ونجد أن الصراع الفكري الذي ظهر في النهضة العربية، صراع الجيل الأول مع الجيل الثاني، صراع الجهل مع العلم، وصراع القديم والجديد. وقد تمكن الروائي من تجسيد كل منها في الموقع المناسب برمزية بالغة التعقيد، وواقعية تكشف الحقائق، وتبين شدة الصراع بين الفئات المختلفة أيديولوجيا والمختلفة في شؤون الحياة الخاصة التي تحكمها المصالح الشخصية، وقد تعدى الروائي قصص الرومانسية ومناقشة الأمور الأولية والمشكلات العائلية إلى تنظير للحياة والناس، فطرح الضروري والمفترض أمام كل الطبقات الشعبية والرسمية في البلاد، فشخصيات الثلاثية الصادرة في 1956م، لا تمثل سكان حي من أحياء القاهرة كما يتخيل بعض الكتاب والنقاد، ولكنها تمثل شريحة من الناس قد توجد في دمشق، أو تونس، أو أي عاصمة من عواصم البلاد العربية، وغير العربية، وكذلك هموم رجب عند عبد الرحمن منيف في شرق المتوسط هي فعل الذي يراه أحمد عبد الجواد عند نجيب محفوظ، وقس على ذلك ما تراه شخصيات، حامد دمنهوري في ومرت الأيام أو شخصيات الطيب صالح، في موسم الهجرة إلى الشمال وإبراهيم الناصر في سفينة الموتى وغيرها الكثير.

إن هذه الشخصيات التي تجمعها فكرة واحدة، هي العيش والبحث عن حياة أفضل، تختلف في كثير من الأفكار والرؤى، ولكن هذه الاختلافات قد تنتهي أمام اتفاق واحد، هو حضارة الإنسان وتغيير الوضع السيئ الذي يعيشه المستضعفون، ويظهر الصراع الفكري بين الشخصيات، من حيث الغنى والفقر، ومن حيث الطبقية المستبدة والمسيطرة، ولم تغفل أقلام الكتاب العرب عن معالجة هذه الأوضاع بشتى الأساليب والمذاهب الأدبية، وكان آخر هذه المحاولات، رواية ذاكرة الجسد للكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي، التي صورت مأساة الجزائر من خلال شخوصها. ولكن يبقى السؤال قائماً، متى يسمع المجتمع صوت الروائي؟

لقد أشرت في بداية المقال إلى أثر الرواية في تغيير المجتمع، وأضع الآن نموذجين من الرواية العالمية استطاعا تغيير الرأي العام. الأولى رواية بعنوان أرخبيل الجولاج للكاتب الروسي الكسندر سولجنستين، جعلت اليساريين يفكرون في وجود علاقة بين الشيوعية والقمع الشمولي، لذلك غيروا الكثير من مبادئهم اليسارية، منذ صدور الرواية في عام 1974م. والثانية صدرت في نفس الفترة بعنوان حقول القتل، للكشف عما حدث في كمبوديا، حيث قتل أكثر من ثلاثة ملايين. وغيرت رأي المواطن الكمبودي عن الوضع السائد.

هذان مثالان يبينان مدى ارتباط الرواية بالنظرة إلى المستقبل، وبيان عيوب الحاضر والصراع بين البداوة والحضارة، بين الإنسان الذي يتلقى المسلمات وبين الإنسان الذي يفكر في المستقبل، يرسم خططه على ضوء المعطيات الموجودة. صحيح أن الإنسان لا يطلب منه التخلي عن هويته، بل يجب عليه أن يحافظ عليها، ولكن مطلوب منه تثقيف هذه الهوية، والاستفادة من معطيات الحاضر، والنظر إلى آفاق المستقبل، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال الحضارة التي تعني الفكر المنظم على أسس علمية صادقة ومتطورة. المال لا يعني شيئاً في تطور الفكر والنظرة المستقبلية إذا لم يكن مبنياً على أسس فكرية اقتصادية خالصة.

محسن الشخصية الرئيسة في رواية إبراهيم الناصر غيوم الخريف، الصادرة إبان الطفرة الاقتصادية السعودية، كسب كثيراً من الطفرة وأسواق العقار، ولكنه فقد هذه الثروة في صفقة تجارية خاسرة لم يعلم عنها ولا عن أصولها ولا عن منشئها شيئاً. هذا هو سر الصراع بين البداوة والحضارة.

الحضارة تعني الفكر المنظم والبداوة تعني سير الأمور كيفما اتفق. يقول الدكتور، منذر عياشي "لقد تأثرت الحياة العلمية والذهنية والأدبية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر بالمضاربات النظرية التي عمت كثيراً من القضايا، حتى لنحسب أن الكون قد أصيب بانفجار معرفي، ولذا فإن هذه الأزمنة لتعد بحق أزمنة فاصلة في نوعية التفكير والتأمل والنشاط الذهني، ولقد كان للراوية من هذا الأمر نصيب فلقد ولدت بالمعني المصطلحي في ظل هذا التطور، وإنه لتطور نقل الإنسان من التفكير في غير ذات نفسه إلى التفكير في ذات نفسه، وأصبح وجوده البشري رهناً بتفكيره الإنساني. وصارت الحضارة من ثم، وبدءً من هذا التاريخ، صوره الحضارة الشخص."(9)

ونختم القول بأن الرواية قد حققت توازناً نوعياً في حياة الجماعة من خلال المدنية، والتحضر الذي أخذ مكاناً في العقلية العربية، لكن هذا المكان ما زال يشغله الكثير من الفراغ إذا قيس بالإنجاز المدني، ونقص في الإنجاز الحضاري، وضعف الهوية الحضارية في ظل الدعوات الإنمائية الإقليمية الضيقة، في الوقت الذي يدعي الكثير من المثقفين أنهم دخلوا عصر الانفجار المعرفي، في أزقة ومنحنيات القرية الكونية الواحدة. سنكون مناقضين لأنفسنا إذا ادعينا ذلك قبل أن نهيئ أنفسنا، ونفتح شهية مجتمعاتنا لتقبل هذه الوجبات السريعة الدسمة، ولن يتحقق ذلك إلا بالأيديولوجية الموحدة فكرياً، والتطبع بطابع العصر الفكري على ضوء المعطيات، والتطوير على قدر الإمكانيات الحضارية بالتحول التدريجي، والتقارب الفكري، لنتمكن من تكوين الهوية الثقافية الحضارية الخاصة بنا عرباً ومسلمين.

المراجع
1. عبد الرحمن بن خلدون، المقدمة، ص120، دار القلم، بيروت 1998م.

2. فاروق خور شيد، الراوية العربية، عصر التجميع، ص22، دار الشروق. د. ت.

3. د. سلطان سعد القحطاني، الراوية في المملكة العربية السعودية، نشأتها وتطورها، ص41، الرياض مطابع الصفحات الذهبية 1988م.

4. د. شكري عياد ود. يوسف نوفل، عنترة الإنسان والأسطورة، ص41، جامعة الملك سعود، 1982م.

5. مدخل إلى مناهج النقد الأدبي، عالم المعرفة 221، الكويت ص107، ترجمة الدكتور، رضوان ظاظا.

6. أنظر، عنترة الإنسان والأسطورة، مصدر سابق ص86.

7. أنظر، د. محمد حسين هيكل، زينب ص7، الطبعة الخامسة، دار المعارف القاهرة 1992م. وأنظر، د. يمني العيد، فن الراوية العربية بين خصوصية الحكاية وتميز الخطاب، ص61 وما بعدها، دار الآداب، بيروت 1998م.

8. د. يمني العيد، فن الراوية العربية، ص56، مرجع سابق.

9. د. منذر عياشي. العقلانية والراوية، مجلة الرافد س3، ع12 يوليو 1996م.


د. سلطان بن سعد القحطاني
نشر بتاريخ 01-02-2007
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com/montada-f27/
 
صراع البداوة والحضارة في الرواية العربية
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الاسكندرية فى الرواية المعاصرة
» انتقادات للأسوانى ومستغانمى وعائض القرنى بـ"الرواية العربية"
» التايمز البريطانية : حلب أصبحت خارج التاريخ والحضارة
» مصير الرواية في العصر الرقمي
» تعريف الرواية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشاعر عبد القوى الأعلامى :: المنتديات الأدبية :: المنتديات الأدبية :: منتدى الدراسات النقدية والبلاغة-
انتقل الى: