هويدا رأفت الجندى مراقب عام
عدد الرسائل : 4821 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 10157 ترشيحات : 11 الأوســــــــــمة :
| موضوع: قراءة نقدية لرواية القلق السري 27/11/2009, 05:53 | |
| فوزية رشيد في روايتها (( قلق سري )) قنبلة الأسئلة الموقوتة
قراءة نقدية : محمود رمضان الطهطاوي
في روايتها الجديدة (( القلق السري )) الصادرة في القاهرة عن روايات الهلال عام 2000م ، تغوص الكاتبة البحرينية فوزية رشيد في دواخل المرأة بجرأة ملفتة للانتباه ، فترصد قلقها السري وتكشف عذاباتها وصراعاتها الداخلية ، ولكن من خلال طرح إشكالي يثور مسلمات الواقع شكل جديد ومغاير لكل طرح لفن الحكي ، تطرحه الكاتبة البحرنية (( فوزية رشيد )) في روايتها (( القلق السري )) والتي تحمل عنوانًا فرعيًا ( من عذابات شهر زاد ) يفتح بعض مسامات نسيج هذه الرواية التي تمزج فيها الواقع بالأسطورة ، مجسدة عذابات شهر زاد وقلقها السري ، في قالب سريالي ، وكأن البطلة قابضة على الجمر في رحلة هروبها من ذاتها ، من كل ما يحيط بها من حصار الأعراف والتقاليد الصارمة والمقيدة في محاولة طرح ما يقلقها ، ما يعذبها من الداخل ، تصارع الروح والجسد ، تقف على أعتاب التقاليد الصارمة والمقيدة في محاولة للخروج منها ز تقسم الكاتبة روايتها إلى قسمين ، القسم الأول تطرح فيه واقع البطلة وما يعتريها من صراع داخلي ورفضها لواقعها ، وقد نجحت في إبراز حالة البطلة النفسية ، مجسدة كل ما يدور حولها من قلق ، وفي الجزء الثاني تجسد لنا رحلة فرار البطلة من هذا الواقع الذي ترفضه ، وتنقلنا معها في ترحالات متعددة تكشف صدامها مع أنماط مختلفة من البشر من خلال ما تراه من تقاليد وعادات وقيم ، مجسدة بذلك تمردها الدائم وتوترها التوغل ، وتفاعلها مع ما تراه ، في لغة تقرب من الشعر في كثير من الأحيان ترمز ولا تشي ن تضع غلالة رقيقة أحيانًا وسميكة تارة أخرى ، ومرة تقفز كالحكيمة المجربة طارحة رؤية استشرافية . لقد استطاعت الكاتبة في هذه الرواية بشكل مغاير وجديد ، أن تقدم لنا شهر زاد في رحلتها الماتعة مع ذاتها لنتعرف على قلقها وعذاباتها وصراعاتها ، شهر زاد هنا تختلف عن شهر زاد ألف ليلة وليلة ، لأنها هنا تحكي عن عوالمها هي ، عن تجربتها هي ، عن هروبها من واقعها ، من ذاتها ، انفصامها ، انفصام الروح عن الجسد ، تطرح نزواتها ونزقها ، تصارع قيودها التي كبلها بها مجتمعها ، تحاول الخروج من شرقيتها المكبلة ، وكما يقول الناشر : (( هناك تداخلات عديدة تشتبك مع الوجود الإنساني في علاقته مع الذات والوجود ، والمرأة تحديداً تعيش صورة الوهم المرسوم لها وعنها أكثر مما تعيش حقيقتها وإمكانياتها ، في ذلك الوهم تتداخل الأسطورة والموروث .. الخرافة والتاريخ ، في لعبة سريالية مغلفة بالعبث الجميل ، في هذه الرواية تتحول غرائبية ألف ليلة وليلة إلى لغة سرية وارتحالات مختلفة ضمن عوالم غريبة في كل مرة يأخذ الارتحال شكلاً آخر في تماس عميق في البحث المضني عن العلاقة بالذات ، علاقة نفسية وفلسفية متداخلة تؤصل لرؤية مغايرة ومختلفة في سرد حداثي عميق وتقنية روائية عالية ن هي من الروايات التي لا تدرك إلا حين تقرا لتفتح باب الأسئلة على مصراعيه )) . الحدوتة بعد فض اشتباك السرد المتشابك ، والتعمق في أحداث الرواية ، وفك طلاسم الحدوتة ، تعثر على مجمل الحكاية التي تتلخص في شهر زاد الأنثى الرافضة لما يدور حولها والتي تتقوقع داخل ذاتها ، وعندما تصدم بواقعها وما يدور حولها ، ترفضه ، تهرب ، تفضل الترحال ، إلى عوالم مغايرة تعايشها وتتفاعل معها ، وفي النهاية تعود لتجد الأهل قد استنكروا خروجها على تقاليدهم وقرروا حرقها أمام الجميع . ذلك المجمل ، أما ما يحمله الباطن ، وما تفرزه الرواية ، وما تتكئ عليه الرواية فغزير ومتعدد ومتناقض ، إنه الصراع بكل مافيه من انفصام الشخصية التي تتصارع مع الجسد ومتطلباته ، والروح وسموقها . خلال ارتحالات البطلة توقعنا الكاتبة في حيرة ، هل هروب البطلة من ذاتها ، من مجتمعها ، وارتحالاتها المتعددة إلى عوالم أخرى للتمرد فقط على الواقع ، أم محاولة لاكتشاف ذاتها وتحريرها ؟ هل هذا الهروب من الشرق إلى الغرب التي تتعاطف معه تارة , وتنكره تارة ، هو محاولة لإيجاد معادلة وسطى ؟. ثم ماذا اكسبتها تلك الترحالات إلى العوالم المختلفة ، هل أمدتها بتلك القوة الخارقة للتحول إلى طيف ، ينفصم عن الجسد الذي يحترق أمام الجميع ؟ . هل كل كاحدث لها كان مجرد حلم إثر صدمة كما ذكرت الكاتبة في السطور الأخيرةة للرواية ، إذ أفضت بأن البطلة كانت في غيبوبة ، إثر ارتطامها بصخرة أم أن ذلك مجرد تبرير لما قدمته لنا من مزيج هلامي ، وعالم سريالي ، وتداخلات قد لا تحدث إلا في الحلم . الرواية تحتمل الكثير وتطرح العديد من التساؤلات ، وقد نجحت الكاتبة في إدهاشنا ، وإدخالنا عالم البطلة المتمردة ، مازجة المعقول باللامعقول. تمرد منذ البداية تكشف الرواية عن الصراع بين الرجل والمرأة حيث (( النساء في كل الأحوال ثكالى اللاتي أحببن أو اللاتي عشن بلا زواج ، والرجال ، يالهم من كائنات غريبة ومكشوفة ، لاشيء سوى أنانية ممجوجة وسطوة يدوخون وراءها وفيها ، لو كانوا غير ذلك لأصلحوا هذا الكون الفاسد بسيادتهم وقلوا من تبجحات سموهم أو العشق الذي لا يعرفون عنه شيئاً ، هذه المخلوقات لا يليق بها سوى ما أكنه لها من ازدراء )) . وتصرح شهر زاد لجدتها كاتم أسرارها والمتعاطف معها : (( ببساطة أني لا أريد أ أقترن برجل يقدم لي العلف كل صباح وتضيف : (( أريد أن أخرج من متاهة انتظار الآخر وتعليق أحلامي عليه .. كأنني مجرد صندوق في هذا البيت ينتظر نقله إلى بيت آخر )) . إنها تتمرد على واقعها بكل مافيه ، تفرض أن تكون شهر زاد التي تغلبت على روح الجلاد صراحة : (( أنا لا أرغب في أن أبني عالمي كما أشاء .. أن تنتشي روحي كما أشعر بنبضها .. إنني بحاجة إلى معرفة آخرين ولكن أولئك الآخرون الذين يشعرون ويفكرون مثلي ولا أجدهم هنا )) . ويصل تمردها أوجه عندما ترسم صورة الرجل المرتبط بأكثر من امرأة ( لم تستطع أن تتبين وجه أية واحدة منهن ، حتى بعد مرور سنوات طويلة ، والهياكل المشروخة لا يند عنها أي نثار ، حوريات مسحورات بجسارة الحظوة التي يتمتع بها رجلهن المشترك ، يقين ثابت أن ذلك حق قدسي اكتسبته من السماء قبل وجودهن )) . ويصل تحديها وتمردها مداه وهي تقول : (( أيخطر في بال أن يشاركك أحد جسدي وبشكل مشروع ومقنن ، هذا إذا شطح بنا الخيال مثلاً كالأزمة الغابر مثلما يقولون )) . وفي الجزء الثاني نصطدم بشهر زاد وقد انقسمت إلى نصفين ، بل إلى شخصين ، شخص يخضع لكل متطلبات الجسد ، ويلبي نداء الطبيعة ، وشخص آخر مغاير تماماً يبحث عن روحه عن لحظة سموق وسمو ، ويتصارع الضدان المتناقضان ليظهر لنا قدرة الكاتبة على صنع هذا الصدام . هروب وتستمر شهر زاد في محاولتها للتمرد فتهرب من لحظة الانفصام إلى عوالم أخرى باحثة عنها وفيها عن ذاتها ، فترحل إلى الغرب ، أو (( خط الجليد )) كما تذكر ، لتقدم لنا صورة (( كاترينا )) رمز للمرأة الغربية بكل ماتحمله من حرية ، وضياع ، وتشتت وخواء وتمزق روحي ، وتنجح الكاتبة في تصوير هذه الحياة بلغة رامزة لا مصرحة . تتساءل شهر زاد المتابعة لكاترينا (( هل تمزقها لمجرد البحث عن سكينة داخلية لم تصل إليها ؟ )) وتؤكد: (( اني لن أكون قادرة قط على أن أكون في موقعها العبثي ، رغم إدراكي ويقيني بعبثية كل ما حولنا ، لا لسبب إلا تردد داخلي ، وذعر يسيطر حين أفكر في إمكانية أن أجسد القلق بالشكل الذي يحاصرني به وتحاصرني هواجسه ، دون خوف من حكم الآخر أو توقف أمامه ، حين يكون ذلك الآخر ، هو كل الآخرين معاً )) . رغم تمرد شهر زاد وهروبها من واقعها ، من مجتمعها ، إلا أنها لا تنجرف ، بل ترفض كلياً ما تفعله كاترينا وإن تعاطفت معها لأنها ممزقة مثلها . وبعد : باسلوب روائي جديد ومغاير ، ولغة شاعرية ، تتشابك مع الشكل السريالي ، استطاعت فوزية رشيد أن ترسم لنا بعضاً من القلق السري لشهر زاد ، المرأة الرمز ، إنها شهر زاد الجديدة الرافضة ، المتمردة ، وكما تقول : (( أنا كامرأة أعيش ضعفي بشكل اعتيادي إنما قوتي وهي التي يجب أن اداريها حتى أرضيكم معشر الرجال وهذا عكس ما يحدث لكم )) . إن هذه التجربة الروائية العبثية الناهلة من الواقعية المتسربلة بالأسطورة ، النازحة إلى الحلم ، تعتبر إضافة جديدة لعالم الرواية بكل نزقها وخروجها ، لقد استطاعت الكاتبة أن تنقلنا إلى عاوالم ألف ليلة بمستوى سردي رفيع ، وشكل حداثي مغاير ، فالراوية هنا ( شهر زاد ) المتمردة ، لا الحكاءة ، شهر زاد الرافضة لا الخاضعة المسيسة ، شهر زاد الهاربة ، المنطلقة ، لا المقيدة المكبلة . |
|
رأفت الجندى المدير الإداري
العمر : 65 عدد الرسائل : 9511 بلد الإقامة : الفيوم احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 13232 ترشيحات : 29 الأوســــــــــمة :
| |
أبو طربوش عضو فعال
عدد الرسائل : 145 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 6123 ترشيحات : 0 الأوســــــــــمة :
| |