عدد الرسائل : 2865بلد الإقامة : مصراحترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 8654ترشيحات : 32
موضوع: بائعة الورد 29/4/2008, 14:44
بائعة الورد
ظلام الليل يستهويني . فأنا أحبه .. أعشقه .. أمشي لساعات دون ملل فيه . الشوارع تخلو من المارة . أشعر بأن الكون أصبح لي وحدي . أفكر فى عمق . في هدوء . أملأ رئتاي بنسمات الهواء الصافي . دون غبار . دون دخان . دون أن يلوث بالأنسان . سيسأل أحدكم : هل أنت تهرب ؟ ومن ماذا ؟ سأجيبه : أني فعلا أهرب . فأنا أعمل مدرساً للتربية الرياضية . وطول اليوم . رفع . مد ... ثنى . أفرد يديك جيداً يا ولدي . لا تنظر في الأرض . طوال اليوم على هذا الحال .. يا كابتن هذا يضربني .. هذا يشتمني والأستاذة فلانة تقول لك عاقب هذا بالضرب لأنه يشاكس زملائه . المدير يقول هناك أولاد يتسربون من أعلى السور . معنى هذا أني في المدرسة مطلوب منى الضبط والربط . أو بمعنى آخر أمثل فيها قسماً للشرطة والسجان وفرد الأمن . وعندما أعود للمنزل أواجه نفس الأمر . أعرفتم لماذا أهرب . حتى جاءت الليلة المشهودة . عندما رأيت رجلاً يحاول أن يجذبها إلى السيارة . وهى تقاومه . صوت مكتوم يصدر عنها . وهو لا ييأس .. تنشب أظافرها فيه كالنمرة . حتى سال الدم من وجهه . وقفت لأستطلع الأمر .. رآني .. تركها .. ركب السيارة وهرب . نظرات الحيرة في عيني ... قالت لي : يحسبني مجرد سلعة . رأيت في يديها سلة يتدلى منها زهور وورود . تناثر على الأرض أكثر مما في السلة . قالت : أنى بائعة ورد . لا أملك إلا هذا . من أجل أمي وخمسة من الأخوات . رفعت عيناي إليها رغم الأدب. يا الله .. سبحانه من صور . وجه كالماسة يتلألأ . عينان لا قرار لهما كالبحر . روح صافية تطل من عينيها .( معذور هذا الذئب ) . . مدت يدي إلى جيبي . كل ما بداخله أخرجته . ووضعته بين يداها . قالت : كثير هذا . أنى لم أبع بمثل هذا المبلغ منذ السنوات . ودفعت لي كل ما لديها من الورد . نظرت إليه . مسكينة تلك الوردات .. رماك حظك العاثر في يد القمر . ولذا لا يرى جمالك أحد . وودعت هاتين العينين . وذهبت . أتشمم في الورد لأتنسم فيه عطر يديها . مسكين أيها الورد ... عبيرك ذاب في عبير يديها وتلاشى . مرت أيام وليالي . ووجهها ملئ كياني . كثيراً ما أغمض عيني وأغوص في بحر عينيها اللا متناهي . أجمع الياقوت والمرجان واللآلئ من أعماق عينيها . أجاهد نفسي حتى لا أعود إليها مرة أخرى . أتحاشى مروري من هذا الشارع . فأني أخشى على قلبي من سلطان هاتين العينين . فإن أمروني .. لن أجد من قلبي إلا الطاعة ... قالت زوجتي : لماذا تتمسك بهذه الوردات الذابلات ؟ وحالك منذ الأيام ليس هو الحال ؟ نظرت بعينيها . رأيت بداخلهما عيناي بائعة الورد . ودون أن أشعر قلت لها : ما أسمك ؟ أفقت من حالتي هذه على صوت الضحكات . وقالت لى : أتسألني الآن عن أسمى بعد زواج أربعة عشر عام ؟ عموما يا سيدي أنا اسمي ( عبد العال ) ها ها ها .. مسكينة أيتها الزوجة . فأنا تزوجتها كرد فعل لحبي الأول لـ ( سلمى ) . فسلمى كانت كل حياتي . دموعي . آهاتي . حتى جئت أنت في المكان الخطأ . في الزمان الخاطىء . فأنا لم أختار . ( هم ) اختاروا لي . وأنا مازلت الباحث عن الحب . أريد الصدق . أريد نوراً يملأ كل حنايا القلب . يأسر روحي . حتى يشعرني بأني إنسان . تركتها وذهبت . وجدت قدماي تقوداني إلى بائعة الورد . ليست موجودة . مرت الأيام وأنا أكرر مروري من هذا الشارع . لكن لا أجدها . لقد ذابت كحبيبات السكر في الماء . في أحد الأيام رأيت وردة تقترب من أنفي . رفعت عيناي . فإذ بالبحر الصافي أقصد تلك ( العينان ) . وصوت نسيم هادئ يداعب وجداني ويقول . نسيت أن أشكرك لإنقاذي . هذه الوردة ستشكرك بدلا عني . واختفت كنسمات البحر في لحظة . لم أعلم كم زمن وقوفي هذا ؟ أنظر للوردة . أتشمم فيها عطر ملاكي الفواح . هل هذا معقول ؟ هل أحببت بائعة الورد . أسمع بعض القراء يتضاحكون علي .. فلنجتمع . ولنعقد جلسة ... هيا . ولا يتغيب منكم أحداً . أسمع منكم واحد يسأل : كيف وأنت مدرس ومتزوج وعندك أولاد تحب مرة أخرى ؟ ومن !! ... بائعة الورد ؟ وجهت كلامي إلى الجمع ( نقطة نظام يا أخواني ) فأنا رجل ديمقراطي . وسأجيب على سؤال هذا القارئ : أنى أبحث عن سلمى . وسلمى هنا ليست شخص . سلمى هي معنى للحب . فالأم ترعى أولادها بدافع سلمى (أقصد الحب ) . الناس تعيش بسلمى . ضاعت مني في أحد الأيام . ووجدتها . فهل يرضيكم أن أحرم منها مرة أخرى ؟ أني أحتاج لـ ( سلمى ) . هل تريدون أحكم على نفسي بالموت ؟. باللاحب ؟ .. بجفاف القلب ؟ أخواني أسمع في الصفحة ضوضاء . فلنقترع ونأخذ بغالبية الأصوات . من منكم يستطيع العيش بدون سلمى فليرفع يده .... ( منافقة ) أقصد موافقة . فأنتم يا أعضاء الحزب (الحاكم ) في واد ونحن في وادي . تعودتم مجرد رفع الأيدي . وأنا سأعلنها ( قرار من المجلس سيد قراره ) سأذهب وألبي نداء القلب . ومن منكم يريد أن يشهد عرس الحب فليتبعني . أنه الشارع الذي تقف فيه سلمى ( أقصد بائعة الورد ) لكن ما هذا الجمع ؟ . أكثر من ألف . أسمع رجل يقول أنها بائعة الورد . قلت لنفسي : هل كل هؤلاء الناس يريدون سلمى ؟ . اخترقت الجمع .. جثة مسجاة على الأرض . مغطاة حتى الرأس . ورأيت وردة بجانبها . وردة بيضاء مخضبة بالدم . بكيت بصوت عالي .. قال الضابط لي : هل تعرفها ؟ أكشف عن وجهها وأجبنى؟ مدت يدي وأنا أتمنى ألا تكون . وبكيت . تساقطت دموعي على خديها . قال لي : هل تعرفت عليها ؟ قلت : نعم .. نعم .. أنها سلمى قد ( ماتت مرة أخرى ) قال الضابط : يظهر أنه رجل مجنون ومن هنا أخرجوه . لم أعد للمنزل . فأنا قررت أن أهدي للناس الحب . حتى تنعم سلمى في الجنة . أحضرت الورد . في نفس مكانها ووقفت . ودون مقابل أهدي للناس الورد .
خبر عاجل وافانا مراسلنا من أم الدنيا بالخبر التالي . بعد السيطرة على وباء أنفلونزا الطيور ظهر مرض غامض تسبب في موت أكثر من ( 2017 ) شاب خلال شهرين تحت عجلات السيارات والغريب أن هذا العدد في شارع واحد وهو شارع ( 45 ) يوليو وقد كان كل منهم يحمل سلة مملوءة بالورود وقد بدأت الحالات المشتبه بأنها حالات إنتحار مباشرة من بعد موت بائعة للورد في نفس الشارع وقد أقيمت غرفة عمليات مشكلة من جميع الوزارات لمعرفة سبب هذه الظاهرة وقد تردد اسم ( سلمى ) فى التحقيقات وعلى ما يبدو أنها اسم لمنظمة إرهابية تتبع إحدى الدول الأجنبية .
عدل سابقا من قبل أيمن عبد القوى في 30/10/2012, 17:11 عدل 3 مرات
أكرم عبد القوي __________
العمر : 57عدد الرسائل : 23180بلد الإقامة : مصراحترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 37126ترشيحات : 136الأوســــــــــمة :
موضوع: رد: بائعة الورد 1/5/2008, 01:33
متعك الله بموفور الصحة والرزق كما متعتنا
رنة خلخال مرشح
العمر : 45عدد الرسائل : 1481بلد الإقامة : الفيوماحترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 7523ترشيحات : 5الأوســــــــــمة :
موضوع: رد: بائعة الورد 2/5/2008, 21:11
ممتازة بارك الله فيك
هويدا رأفت الجندى مراقب عام
عدد الرسائل : 4821بلد الإقامة : مصراحترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 10159ترشيحات : 11الأوســــــــــمة :
موضوع: رد: بائعة الورد 27/11/2008, 00:42
قصة رائعة كتبت سطورها بكل براعة
احييك على اسلوبك السلس والبسيط
دمت متألق أستاذى القدير
رأفت الجندى المدير الإداري
العمر : 65عدد الرسائل : 9511بلد الإقامة : الفيوماحترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 13234ترشيحات : 29الأوســــــــــمة :
موضوع: رد: بائعة الورد 30/11/2008, 20:53
أيمن عبد القوى الأعلامى مؤسس المنتدى
عدد الرسائل : 2865بلد الإقامة : مصراحترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 8654ترشيحات : 32
موضوع: رد: بائعة الورد 30/10/2012, 15:37
أكرم عبد القوي كتب:
متعك الله بموفور الصحة والرزق كما متعتنا
أخى الحبيب أكرم ... أكرمك الله دمت متألقاً
أيمن عبد القوى الأعلامى مؤسس المنتدى
عدد الرسائل : 2865بلد الإقامة : مصراحترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 8654ترشيحات : 32
موضوع: رد: بائعة الورد 30/10/2012, 15:40
هويدا رأفت الجندى كتب:
قصة رائعة كتبت سطورها بكل براعة
احييك على اسلوبك السلس والبسيط
دمت متألق أستاذى القدير
أختنا وأستاذتنا الكريمة المكرمة هويدا رأفت أشكركم لحسن مجاملاتكم وأعتبر هذه الكلمات وسام على صدر محاولتى القصصية المتواضعة
أيمن عبد القوى الأعلامى مؤسس المنتدى
عدد الرسائل : 2865بلد الإقامة : مصراحترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 8654ترشيحات : 32
موضوع: رد: بائعة الورد 30/10/2012, 15:42
رأفت الجندى كتب:
أخي الحبيب وأستاذي الكريم رأفت بك الجندى تشرفت بمروركم الرائع بروعة شخصكم الكريم أستاذي الحبيب .. دمت بخالص الود والتقدير
أيمن عبد القوى الأعلامى مؤسس المنتدى
عدد الرسائل : 2865بلد الإقامة : مصراحترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 8654ترشيحات : 32
موضوع: رد: بائعة الورد 30/10/2012, 17:13
رنة خلخال كتب:
ممتازة بارك الله فيك
أختنا وأستاذتنا الكريمة المكرمة رنة خلخال أشكركم على مروركم الذي عطر وجه الصفحات
صفاء الروح مراقب عام
عدد الرسائل : 3955بلد الإقامة : أرض الإسلاماحترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 9811ترشيحات : 102الأوســــــــــمة :
موضوع: رد: بائعة الورد 5/11/2012, 17:24
اخي الفاضل و استاذي القدير أ. أيمن عبد القوي لا أخفيك اخي انها المرة الثالثة أو الرابعـة التي قرأت فيها هذه القصة الاكثر من رائعة ووقفت كثيرا امام روعة الاسلوب و جمالية المعنى المستقى منها ان مفهوم الحب اصبح يؤخذ منه فقط الاسم كما أراد ذلك الشخص في بداية القصة ان يأخذ سلمى غصبا لانه لم يرى سوى جمالها الظاهري اما الحب بمعناه السامي و العميق ففقط اصحاب القلوب النقية هم من يفتقدونه و يشعرون بغيابه او اغتياله في زمن ضاعت فيه المعاني و لم يتبقى سوى المسميات جوفاء و عقيمة
استاذي القدير
لا تبخل علينا بكتاباتك و ابداعاتك القيمة فنحن هنا في انتظار ان نستزيد و نتعلم منك فنون الكتابة و نستمتع بعمق المعاني و جمالية الاسلوب تقبل مروري مع خالص التقدير و الاحترام