بعد مرور مائة عام على وعد بلفور
بريطانيا تستفز العرب وتنظم احتفالية تدعو لها قادة إسرائيلبلفور
الأهرام اليومى-خالد الأصمعى:فى خطوة إستفزازية تمثل تحديا للشعوب العربية والشعب الفلسطينى المنتهكة حقوقة والذى مازال يعانى من الظلم التاريخى الذى جره هذا الوعد المشئوم الذى اطلقه رئيس الوزراء البريطانى بلفور فى الثانى من نوفمبر عام 1917
وما اشبه اليوم بالبارحة، لم تعتذر بريطانيا عن وعدها الجائر بل تعيد الأيام كرتها وتقيم رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماى احتفالية للذكرى المئوية لصدور وعد بلفور دعت إليها رئيس وزراء دولة إسرائيل بنيامين نيتانياهو وكبار المسئولين هناك، ورغم مطالبة الرئيس الفلسطينى محمود عباس فى خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 20 سبتمبر الماضى بإعتذار حكومة بريطانيا عن جريمة وعد بلفور بحق الشعب الفلسطينى وأن يتبع هذا الاعتذار الاعتراف بالدولة الفلسطينية كاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس، إلا أن الرد البريطانى جاء متحديا بتمجيد بلفور والثناء عليه فى احتفالية دعى إليها زعماء الصهيونية فى العالم وعلى رأسهم قادة إسرائيل ورئيس وزرائها
«من لا يملك لمن لا يستحق» هى كلمة حق اطلقتها الدول والمنظمات العربية لمواجهة وعد رئيس الوزراء البريطانى الذى تحتل بلاده العديد من الأقطار العربية فهو منح وطنا قوميا لليهود على أراضى فلسطين، لم يكن يملك الوعد وقد اطلقه، واليهود لاحق لهم فى هذا الوعد ولكن اغتصبوه بالقوة العسكرية، لم تكن الكلمة كافية. بريطانيا ترى مثلما ترى إسرائيل الآن انها القوة المسيطرة صاحبة الكلمة على الأرض، وفى ظلمات القرن الماضى لم نكن نملك من امرنا ما يرد بريطانيا التى كانت عظمى عن مرادها فى منح ما لا تملك لمن تشاء، ولكن بعد مائة عام اقر الأبناء والأحفاد بظلم الآباء والأجداد ولم يتراجعوا ولم يخجلوا من الجريمة التى تشكل بداية ابشع ظلم تاريخي فرض على الشعب الفلسطينى عندما هجر وطرد من دياره إلى مخيمات اللجوء فى الوطن والشتات، وفى 2 نوفمبر تحتفل تريزا ماى بوعد بلفور، وتكرم الجلاد المحتل متجاهلة للضحية المقهور.
جاء الرد الفلسطينى متأخرا كثيرا ولكنه عبر عن الرفض للصلف البريطانى الذى يتخاصم وابسط القيم الإنسانية، بمقاضاة بريطانيا لرفضها الاعتذار عن وعد بلفور الذى لا يزال الشعب الفلسطينى يسدد فاتورة الظلم التاريخى الناتجة عن هذا الوعد الممتد منذ مائة عام من خلال تعرضه للتطهير العرقى والتهجير القسرى ومصادرة اراضيه واحتلال ارضه ومدنه وقراه وتشريد مئات الآلاف من ابنائه.
قال وزير الخارجية الفلسطينى رياض المالكى، بأنه يجري التحضير لرفع قضايا قانونية ضد بريطانيا فى حال أصرت على الاحتفال بمئوية «وعد بلفور» وأوضح المالكى فى تصريح لإذاعة صوت فلسطين الرسمية، أنه يجرى التحضير لرفع قضايا قانونية على بريطانيا لمطالبتها بإعادة حقوق الشعب وتصحيح خطأها التاريخى. ويطالب الفلسطينيون الحكومة البريطانية بالاعتذار عما عرف باسم «وعد بلفور»، الذى كان صدر عن وزير الخارجية الأسبق آرثر جيمس بلفور فى 2 نوفمبر من عام 1917، بإرساله برقية إلى زعيم الجالية اليهودية آنذاك ليونيل روتشيلد، يشير فيها إلى تأييد حكومة بريطانيا بإنشاء وطن قومى لليهود في فلسطين.
دعت هيئة العمل الوطنى فى قطاع غزة، والهيئات والمنظمات الحقوقية فى رام الله والقدس وكافة المدن الفلسطينية على ضرورة احياء مئوية وعد بلفور بشكل واسع فى كافة المحافظات والمخيمات وفى كافة اماكن تواجد الفلسطينيين فى الجاليات من خلال تنظيم المسيرات والوقفات امام السفارات الفلسطينية فى دول العالم لتأكيد موقفها الرافض لوعد بلفور، والضغط على حكومة بريطانيا لتقديم اعتذارها للشعب الفلسطينى وتعديل مسارها تجاه القضية الفلسطينية من خلال الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس، داعية الجماهير الفلسطينية فى الوطن والشتات للمشاركة بكامل ثقلها فى كافة الفعاليات .
على ان تكون الفعالية المركزية التى ستتوج فى الثاني من نوفمبر تعكس اجواء المصالحة من خلال مشاركة الكل الفلسطينى من قوى وطنية واسلامية وشرائح المجتمع وقطاعاته المختلفة، لإيصال رسالة قوية للمجتمع الدولى بضرورة العمل على رفع الظلم التاريخى الواقع على الشعب الفلسطيني وانصافه. ويجرى التحضير لسلسلة من الفعاليات الوطنية لإحياء الذكرى المئوية لوعد بفور من ندوات وورش عمل ولقاءات سياسية وبرامج اعلامية وحلقات دراسية فى الجامعات ووقفات واعتصامات امام مقرات الأمم المتحدة والصليب الاحمر .
وأكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف، أن احتفال بريطانيا بمئوية وعد بلفور يعد تهربا من تحمل مسئولياتها عن إصداره وإمعاناً في انحيازها لإسرائيل، وقال: إن بريطانيا تتحمل المسئولية الكاملة عن الوعد المشئوم الذى أسس لنكبة الشعب الفلسطينى المستمرة، الأمر الذى يستوجب اعتذارها للشعب الفلسطينى بالإضافة لضرورة جبر الضرر الذى لحق بهم نتيجة اقتلاعهم من أرضهم، وقال أبو يوسف لإذاعة صوت فلسطين، أن لجان فصائلية تابعة لفصائل العمل الوطني تجرى تحضيرات فى كل الأرضى الفلسطينية لإحياء الذكرى المئوية لوعد بلفور الجائر، فى كل مخيمات اللجوء وعواصم العالم وتحديداً في بريطانيا، بمسيرة ضخمة فى العاصمة لندن يشارك فيها أحزاب بريطانية وجاليات عربية وإسلامية للتعبير عن رفض الوعد المشئوم وتحميل بريطانيا مسئوليته. وشدد على أن الذروة ستكون يوم 2 نوفمبر، باحتفال مركزى أمام السفارة البريطانية فى رام الله والمركز الثقافى البريطانى فى غزه.
وفي خطوة تصعيدية جديدة ضد الحكومة البريطانية، قرر نشطاء بريطانيون إطلاق حملة شعبية لجمع 100 ألف توقيع لإجبار مجلس العموم البريطاني على مناقشة الطلب الفلسطيني للحكومة بالاعتذار رسميًا على إصدار «وعد بلفور» عام 1917 وما ترتب عليه من آثار كارثية عانى منها الشعب الفلسطينى منذ عام 1948، وجاءت الخطوة التصعيدية بعد أسبوع فقط من رفض الحكومة البريطانية رسميًا الاعتذار، وقالت رئيسة الحكومة تيريزا ماى، نصًا «نحن فخورون بدورنا فى تأسيس دولة إسرائيل» واكتفت بالاعتراف خلال ردها بوقوع تقصير فى حماية حقوق الفلسطينيين، وخلل فى الضمانات والتعهدات، واضافت «نحن ندرك أن وعد بلفور كان ينبغى أن يدعو إلى حماية الحقوق السياسية للطوائف غير اليهودية فى فلسطين، وهو ما دفع مجموعة من النشطاء في بريطانيا سواء بريطانيى الأصل أو بريطانيين من أصول عربية، إلى بدء حملة جديدة تعمل على وضع لائحة جديدة على الموقع الإلكترونى لمجلس العموم البريطانى، بهدف الحصول على 100 ألف توقيع خلال 6 شهور لإجبار البرلمان على مناقشة العريضة، وإجبار الحكومة البريطانية على الاعتذار.