التحفيز في العمل ومدى أهميته
من أهم الخطوات لزيادة الإنتاج وتطوير العمل والإبداع فيه هي دراسة السلوك الإنساني حيث تبحث عن أسباب قيام الأفراد بعمل ما بحماس، بينما لا يتوافر مثل هذا الحماس والرغبة عند شخص أو أفراد آخرين أو حتى للشخص نفسه في مراحل زمنية متفاوتة، ومن هنا تظهر أهمية عملية التحفيز.
التحفيز هو تنمية الرغبة في بذل مستوى أعلي من الجهود نحو تحقيق أهداف المؤسسة، على أن تؤدي هذه الجهود إلى إشباع بعض الإحتياجات عند الأفراد، وهناك عدة أنواع للحوافز فهناك حوافز مادية وهي حوافز ملموسة، تتخذ أشكالاً متنوعة كالأجر والعلاوات السنوية والزيادات في الأجر والمشاركة في الأرباح والمكافآت والأجور التشجيعية، وأخرى معنوية كالحاجة للتقدير والثناء على الجهود المبذولة، وهناك حاجه إلى إشباع للحاجات الإجتماعية للأفراد كالحاجة إلى الأصدقاء والإنتماء إلى الجماعة، والتي تزيد من تماسك العاملين وتشدهم نحو العمل.
من أهم نظريات التحفيز نظرية ما سلو للحاجات حيث تعد إحدى أهم النظريات في تصنيف الحاجات، حيث فيها تصور للحاجات الإنسانية في شكل سلم حاجات ضمن مستويات الحاجات الإنسانية كالأكل والطعام، ثم حاجات الأمن أي التي تبعد الشعور بالخطر والخوف وعدم الاستقرار أي فقدان الوظيفة، ثم حاجات إجتماعية أي الشعور بالإنتماء وقبوله من طرف المجتمع، والحاجة إلى العلاقات الإنسانية، فالإنسان مدني اجتماعي بطبعه، وحاجات حب الذات وهي التي يبدأ الفرد في تحقيقها بعد توفر الحاجات السابقة وهنا تبدأ مرحلة إثبات الوجود، والتطلع إلى المستوى الأرقى، وهناك نظريات أخرى في التحفيز مثل نظرية ماكليلاند حسب هذه النظرية تم تقسيم الأفراد إلى مجموعات وفقا لسلوكهم والذي يتحدد حسب حاجاتهم إلى ثلاثة أنواع رئيسة: الحاجة إلى السلطة، الحاجة إلى الإنتماء والحاجة للإنجاز، وغيرها من النظريات.
الحوافز هي المثيرات التي تحرك الإنسان للإستجابة والقيام بسلوك معين لتحقيق هدف معين ومساعدة المؤسسة على انجاز أداء معين، فهي تختلف عن الدوافع التي تعرف بالرغبات والحاجات التي تسير وتوجه السلوك الإنساني نحو أهداف معينة، فالدافع للعمل: شيء ينبع من نفس الفرد ويثير فيه الرغبة في العمل أي هو دفعة من الداخل أو قوة داخلية تكتمل في نفس الإنسان وتدفعه للبحث عن شيء محدد، وبالتالي توجه تصرفاته وسلوكه باتجاه ذلك الشيء أو الهدف، وأهم تلك الدوافع هي الحاجات الإنسانية باختلاف أنواعها التي تنبع من شعور الإنسان بالحاجة إلى شيء معين فتخلق تلك الحاجة رغبة محددة في الحصول على ذلك الشيء فيسعى إلى البحث عما يشبع تلك الحاجة، أما الحافز على العمل فهو شيء خارجي يوجد في المجتمع أو البيئة المحيطة بالشخص يجذب إليه الفرد باعتباره وسيلة لإشباع حاجاته التي يشعر بها، وعلى ذلك فالفرد الذي يشعر بالحاجة إلى النقود يدفعه ذلك الشعور إلى البحث عن عمل ويكون تفضيله لعمل على آخر هو بقدر زيادة الأجر (الحافز) في حالة عن أخرى إذ يتجه الفرد نحو ذلك الحافز الذي يحقق أقصى إشباع ممكن لحاجاته.
الإداره بجميع مستواياتها عليها أن تقوم بالدور التحفيزي المادي والمعنوي لأفراد مؤساستها كي تقودهم نجو تحقيق أهداف المنظمة وزيادة الإنتاج، حيث يحتاج الفرد إلى هذا التحفيز وليس فقط دوافعه الداخليةستقود الى نجاح وتطوير المنظمه وتحقيق أهدافها المطلوبة.
أنواع الحوافز
مفهوم الحوافز
• تعرّف الحوافز بأنّها مجموعة من العوامل الّتي تعمل على إثارة القوى الحركيّة في الإنسان، وتؤثّر على سلوكه وتصرّفاته.
• ينظر إلى الحوافز على أنّها تشمل كل الأساليب المستخدمة لحثّ العاملين على العمل المثمر.
• وتعرّف الحوافز بأنّها: كلّ الوسائل والعوامل الّتي يكون من شأنها حثّ الموظّفين والعمّال على أداء واجباتهم بجد وإخلاص، وتشجيع العاملين على بذل أكبر جهد زائد عن المعدل، في مجال الإنتاج.
أنواع الحوفز
الحوافز من حيث هدفها
تقسم الحوافز من حيث هدفها إلى قسمين:
• الأداء الجيّد؛ حيث تُعطى الحوافز هنا مقابل الأداء العادي أو الجيّد، وهو ما كانت تشترطه النظريّات الكلاسيكيّة في الإدارة؛ حيث كان المتوقع من الفرد أن يزيد من الأداء العادي أو الجيّد، وإذا انخفضت مستويات الأداء بمرور الوقت لتصل إلى الحد الأدنى للأداء وهو الذي يحفظ للفرد وظيفته فيتقاضى راتبه ويحصل على الحوافز المقررة. أي أنّ العامل قد يستمر في وظيفته نتيجة أدائه الحدّ الأدنى الّذي يضمن عدم طرده من عمله، وكذلك الحال في المنظّمات البيروقراطية فإنّ حوافز الأداء الجيّد مثل التّرقية، والتّقدير والعلاوات. وغيرها تقرّر في الغالب بناءً على مدى التزام الفرد بالأداء المقرّر، ولا يتوقّع منه أن يزيد عليه أو يطوّره أو يجدّد فيه.
• الأداء الممتاز؛ حيث تقدّم الحوافز هنا للشّخص صاحب الأداء الممتاز، والّذي يتضمّن قدراً من الابتكار والتّجديد، وهذا ما تسعى إليه الاتّجاهات الحديثة بالإدارة مثل: منهج الإدارة بالأهداف مثلاً، فإنّها تتضمّن حوافز تقدّمها الإدارة مقابل الأداء الممتاز المبتكر الّذي يضيف العامل من خلاله للعمل شيئاً جديداً، كأن يتوصّل إلى طريقة جديدة للأداء توفّر بعض الوقت أو الجهد، أو تبسّط الإجراءات، وتختصر خطوات العمل، أو تتمكّن من تحقيق اقتصاد في التّكاليف، أو تقدّم للإدارة اقتراحاتٍ نافعة، وتختلف نواحي الإبداع بالطّبع من منظّمة لأخرى، ومن وظيفة لأخرى، ومن مهنة لأخرى، وتقوم الإدارة بتحديد نواحي الإبداع والتميّز والتّجديد في ضوء مجالها الخاص وبيئتها المحيطة التي تقدّم عنها حوافز خاصة .
الحوافز من حيث طبيعتها أو (قيمتها)
وفيما يلي يأتي تفصيل موجز لهذه الأنواع من الحوافز:
الحوافز الماديّة
تتعدّد أشكال هذه الحوافز وتختلف صورها من قطاع إلى آخر، وتتمثّل هذه الحوافز في المكافآت الماديّة، ويعتبر الحافز النّقدي المادي من أهم طرق الحوافز في هذا الوقت؛ وذلك لأنّ النقود تشبع كلّ حاجات الإنسان تقريباً، وهي حقيقة واقعة ذات أثر ملموس بعكس الوسائل الأخرى.
بالإضافة لذلك فإنّ الحوافز الماديّة تتناسب مع مفهوم النّاس في الظّروف الرّاهنة عن العمل؛ حيث إنّه عن طريق المال تستطيع إشباع ضروريّات الحياة من مأكل ومسكن، كما أنّ المال يعتبر ضروريّاً للصحّة والتّعليم، بالإضافة إلى قدرته على توفير كماليّات الحياة والمركز الاجتماعي. كل ذلك يعتمد على المال إلى حد كبير. ويتمثّل المال في الأجر الّذي يتقاضاه الفرد مقابل ما يقوم به من عمل، ويوزّع هذا الأجر على العامل أو الموظّف بطرق شتّى، وهي تختلف من منظّمة لأخرى طبقاً لطبيعة العمل ونظام الأجور المتّبع داخل كل منظّمة، ونجد أنّ كلّ طريقةٍ من هذه الطّرق لها أثرها البالغ في حفز ودفع العامل لزيادة الأداء والاستمرار في العمل. ومن هذه الطّرق الّتي لا حصر لها على سبيل المثال:
• الأجر اليومي: ولكن لهذا الحافز عيب يتمثّل في أنّها لا تعطي الفرصة للموظّفين أو العاملين لبذل جهد أعلى وذلك لشعورهم وإدراكهم بأنّهم يتساوون من حيث النّتيجة والأجر مع غيرهم من الموظّفين غير الأكفّاء، إلا أنّه على الرّغم من ذلك فإنّ حوافز الأجر اليومي أو بالساعة أو بالشّهر تعطي الفرصة للعامل أو الموظّف ليصل بإنتاجه إلى مستوى رفيع بغضّ النّظر عن الوقت، وليس هناك ما يؤدّي إلى الإسراع في إنجاز عمله حتّى يزداد أجره.
• الأجر الشّهري: وهو الأجر الّذي يتقاضاه الموظّف أو العامل نهاية كلّ شهر عن ما قام به من عمل خلال الشّهر حسب ما هو متّفق عليه في عقد العمل. وإذا كانت الأنواع السّابقة تمثّل أكثر أنواع الأجور الماديّة انتشاراً نجد أنّ هناك أنواعاً أخرى للحوافز والمكافآت والّتي تمثّل في صور مختلفة وعلى سبيل المثال:
1. العلاوات المستحقّة بداية كلّ عام: تتمثّل في الزّيادة السنويّة للعمّال أو الموظّفين، وتحدّد من خلال قانون العمل والذي يطبّق عادةً على جميع العاملين بالدّولة أو القطاع الخاص، ويكون لها حد أقصى وحد أدنى.
2. مكافأة نوعيّة العمل: وهي رتبة في الدّرجة تمنح اعترافاً بالأداء ذي النّوعية العالية، وهو يجاوز الأداء المقرّر للوظيفة من حيث نوعيّة وكميّة العمل والمعرفة الفنيّة. وتمنح هذه المكافأة بالإضافة إلى الزّيادة السنويّة، ويجب أن يقضي الموظف داخل المؤسسة (12) شهراً منذ بداية عمله وهي الفترة المطلوبة لاستحقاق هذه المكافأة بجانب التميّز في العمل.
3. مكافأة الموظّف: وهي مبلغ نقدي، أو جائزة عينيّة، أو كلاهما تمنح لموظّف واحد من الموظّفين في المنشأة في كلّ عام لتميّزه وإبداعه في العمل، ولإسهاماته البارزة، على أن يكون مستوفياً لمعايير استحقاق مكافآت الانضباط الوظيفي.
4. مكافأة الانضباط في العمل: وهي مبلغ نقدي يمنح لمجموعة من الموظّفين في السّنة بمعدّل حصّة واحدة لكلّ قطاع، ومن شروطها الحضور المبكّر إلى العمل وعدم التّأخير، والتّواجد في مكان العمل، وعدم الانصراف خلال الدّوام، وعدم التغيّب عن العمل إلّا في الإجازات السنويّة.
5. مكافأة نهاية الخدمة: وهي مكافأة تقديريّة، أو عينيّة تمنح للموظّف الخاضع لقانون سنّ التّقاعد عند انتهاء خدمته بسبب وصوله إلى سنّ التقاعد، أو لأسبابٍ صحيّةٍ، أو الوفاة، وتختلف نسبة هذه المكافأة من مؤسسة إلى أخرى.
الحوافز المعنويّة
تعتبر الحوافز المعنويّة أحد الرّكائز ذات الأهميّة القصوى في منظومة الحوافز الّتي تضعها المؤسّسة والتي بدونها لا يمكن أن تكتمل صورة الحوافز التي تشجع على العمل، وتزيد من الأداء داخل المؤسّسة؛ وذلك لأنّ الإنسان اجتماعيٌّ بفطرته وبطبعه، ولا يمكن أن يعيش بعيداً عن احترام وتقدير الآخرين له.
كما أنّ للموظّف العديد من المطالب غير الماديّة، وهذه المطالب تختلف من شخص لآخر، ولكن يمكن حصر هذه المطالب أو الحاجات في الحاجة إلى الأمن والانتماء، والمكانة الاجتماعيّة، والعلاقات الطيّبة برؤسائه، وزملائه أيضاً في حاجتهم إلى الاحترام سواء كان هذا الاحترام لنفسه أو احترام الآخرين له؛ وذلك حتّى يتكوّن لديه الإحساس بالثّقة والمقدرة والكفاءة، وعلى النّقيض فإنّ نقص هذه الحاجات قد يولّد فيه الإحساس بالضّعف والعجز والإحباط.
وتعتبر الحوافز المعنويّة والّتي تتجاوز النّواحي الماديّة مهمّة أيضاً في تحفيز العاملين، ومن الأمثلة على الحوافز المعنويّة:
• إشراك العاملين في تحديد الأهداف وزيادة دورهم وتفاعلهم مع المنظّمات الّتي يعملون فيها، فيجب على المسؤولين إدراك أهميّة شعور العاملين والنّظر إلى الطرق الّتي تمكّنهم من إشباع رغبات العاملين الّتي تساهم إذا تحقّقت في زيادة الدافعيّة لدى العاملين، وينظر إلى أسلوب الإدارة بالأهداف على أنه يشكّل حافزاً أساسيّاً في هذا الاتجاه، ويحتوي هذا الأسلوب على ثلاث خطوات هي:
• تحديد الأهداف على كافّة المستويات وبمشاركة العاملين وعلى المستوى الإداري الّذين يعملون فيه في تحديد هذه الأهداف.
• تحديد مواعيد لإنجاز الأهداف المحدّدة، بحيث يتمّ احترام هذه المواعيد الّتي اتّفق عليها أصلاً بمشاركة الجميع وضمن المعطيات المعروفة.
• المتابعة والتّغذية الرّاجعة لمستوى الأداء المتحقّق والتصرّف على ذلك الأساس.
• الاعتراف بجهد العاملين: حيث يعطي كثير من العاملين أهميّة للاعتراف بجهودهم، ويعتبر ذلك حافزاً مهمّاً لبذل جهود إضافيّة في العمل، ومن الأمثلة على التطبيقات الممكنة لهذا الأسلوب التحفيزي، إعطاء جوائز معنويّة مختلفة للعاملين مثل: تسميّة الموظّف المثالي أو تقديم رموز معنويّة أخرى، كعمل احتفالات، أو إعطاء إجازات استجمام مدفوعة الأجر، أو إعطاء كتب شكر أو أوسمة أو أية أشكال أخرى، تختلف من منظّمة إلى منظّمة أخرى، ومن دولة إلى دولة أخرى، كما أنّ أسلوب تشجيع الموظفين على تقديم اقتراحات لتطوير العمل، ومكافأة أصحاب الاقتراحات الّتي يتم تطبيقها، وإشراك ممثّلين عن العمّال مع الإدارة في اتّخاذ القرارات، وكافة هذه الأساليب تصبّ في اتّجاه زيادة ولاء العاملين لبذل أقصى الجهود من قبلهم عطفاً على كون مشاركتهم حافزاً معنويّاً دون أدنى جهد من الإدارة العليا.
وقد برهنت كثير من الدّراسات والتّجارب التي أخذها المسؤولون في مواقع العمل والإنتاج المختلفة على أنّ هناك حوافز غير الحوافز المادية، والّتي لها تأثير كبير على تحفيز الموظّف أو تزيد من ارتباطه بالعمل، تتمثّل في الحوافز المعنويّة؛ كالمدح، والتشجيع، ووضع أسماء المجدّين في لوحات الشّرف، والشهادات التقديريّة.
وللحوافز المعنويّة صور عديدة ذكرنا جزءاً منها في المقدّمة السابقة، وسوف نوضّح من خلال النّقاط التالية صوراً لهذه الحوافز، ولكن في الإطار المؤسّسي:
• مكافأة مدّة الخدمة: هي مكافأة تمنح للموظفين ذوي الخدمات الطويلة، والّذين يرجع لهم الفضل في تطوير عمل المؤسّسة، أو الذين يمثّلون القدرة والنّشاط والجديّة للآخرين، وتشكّل هذه المكافأة شهادة لخدمة عشر سنوات، وشهادة وميداليّة لخدمة عشرين سنة، وشهادة وميدالية أكبر لخدمة ثلاثين سنة، وهي تمنح في حفل رسمي.
• رسائل التّقدير والإطراء: وتعرف رسالة التقدير بأنّها: تقدير كتابي للاعتراف بعمل معيّن أو خدمة جديرة بالتقدير، وكذلك رسالة الإطراء تقدير كتابي عن عمل يتجاوز المتطلّبات العاديّة للواجبات الرسميّة.
• المدح والتأنيب: وهي تقديم المدح والثّناء للأفراد عند قيامهم بأداء الأعمال الصّحيحة السّليمة، وتوجيه اللوم والتأنيب للأشخاص عندما يقومون بأداء واجبات أو أعمال خاطئة غير سليمة.
• التّيسير الاجتماعي: يوجد التّنافس عندما يعمل الأفراد على انفراد، أو في مجموعات، ويجب أن يتوافر جوّ للمنافسة داخل المؤسسة ولكن بصورة شرعيّة وتسمّى بالمنافسة الإيجابية.
• دوافع العمل النفسية: وهو شعور الموظّف بالاطمئنان على صحّته وعمله ومستقبله وأولاده، بعيداً عن الخوف ومحاط بضروب مختلفة من التأمينات الاجتماعيّة ضدّ حوادث العمل، وأمراض المهنة والشيخوخة والبطالة والوفاة، وهذا له دور كبير؛ حيث ينعكس ذلك إيجابيّاً على أداء العامل؛ لأنّ الشّعور بالأمان شرط ضروريّ من شروط الصحّة النفسيّة السليمة، وإذا كان أمن الفرد أساس توازنه النّفسي، فأمن الجماعة أساس الإصلاح الاجتماعي، وقد أشارت البحوث إلى علاقة الحوافز الماديّة والمعنويّة بصحّة العامل النفسيّة، وزيادة إنتاجه وهي علاقة لها صور إيجابيّة.
• دوافع العمل الاجتماعيّة: أن يكون الفرد موضع تقدير واحترام من الآخرين، وأن تكون له مكانته الاجتماعية وبمنأى عن نبذ المجتمع، أي يتوفّر لدى الفرد الشعور بأنّ له أهميّة اجتماعيّة، وأنّ وجوده وجهوده لها قيمة وتأثير على الآخرين؛ ذلك لأنّ التّقدير الاجتماعي يعزّز الشّعور بالأمن، ويزيد من الرّغبة في العمل الجماعي.
• العمل والحاجة إلى التّقدير: يطلق عليها حاجات الإنجاز؛ لأنّها تتضمّن تكوين علاقات مع الآخرين، وتشمل: الحب، الرّضا، القبول، الصحّة، الصّحبة، المكانة الاجتماعية.
• العمل والحاجة إلى تحقيق الذّات: والمقصود بها أنّ الإنسان يوجّه كلّ إمكاناته وطاقاته، ويسعى لاستغلالها داخل العمل، وذلك للوصول بها لطموحاته وأهدافه المنشودة، أي يضعها موضع الإنجاز، وتعتبر هذه الحاجة هي الّتي تدفع الفرد للتّعبير عن ذاته، وإثبات شخصيّته، وأن يقوم بأعمال نافعة ذات قيمة للآخرين من خلال القيام بعمله الموكّل إليه.
• دوافع الإنجاز: وتتمثّل بشعور العامل بأنّ لديه الرّغبة ليؤكّد ذاته في عمله من خلال ما يقدّمه من تحسينات وابتكارات، واختراعات للعمل؛ أي إحساسه وشعوره بأنّ ما يقوم به من عمل يتوافق مع الأهداف المنشودة لوطنه والّتي تسعى المؤسّسة لتحقيقها.
• دوافع الاستقرار: أي حاجة العمّال الصناعيين إلى شعورهم بالاستقرار بالعمل، وأنّ هناك عدالة في المعاملة ولا توجد تفرقة من حيث الترقية، أو استحقاق العلاوة، وكذلك الاستقرار من ناحية المستقبل وما يحدث لهم في حالة حدوث إصابة عمل، أو في حالة الإصابة بأي مرض.
الحوافز من حيث الأطراف ذات العلاقة أو (المستفيدون)
الحوافز الفرديّة
وهي الحوافز الّتي تركّز على إيجاد روح التّنافس الفردي، وهي الّتي تمنح لفرد معيّن لمضاعفة الأداء، أو كمكافأة له على إنتاجه المتميّز، ويؤدّي هذا إلى خلق جوٍّ من التنافس بين الأفراد .
فالحوافز الفرديّة هي ما يحصل عليه الفرد وحده نتيجة إنجاز عمل معيّن، ومن أمثلتها: الترقيات، المكافآت، والعلاوات التشجيعية .
والحوافز الفرديّة قد تكون إيجابيّة أو سلبيّة، مادية أو معنوية، فيأخذ العامل مكافأة تشجيعيّة نظير عمله الممتاز، ويحصل على تقدير رئيسه في صورة ثناء أو خطاب شكر، أو اشتراك في اتّخاذ قرار، أو حل مشكلة معيّنة، وتوجد الحوافز الفرديّة لإشباع مجموعة من الحاجات عند الأفراد سواء كانت نفسيّة أو اجتماعيّة أو ماديّة.
الحوافز الجماعيّة
وهذه الحوافز تركّز على العمل الجماعي، والتعاون بين العاملين، ومن أمثلتها المزايا العينيّة والرعاية الصحيّة، والرعاية الاجتماعيّة، التي قد توجّه إلى مجموعة من الأفراد العاملين في وحدة إدارية واحدة، أو قسم واحد، أو إدارة واحدة لحفزهم على تحسين ورفع كفاءة الأداء والإنتاجية، وقد تكون الحوافز الجماعيّة إيجابية أو سلبيّة، مادية أو معنوية.
وتهدف الحوافز الجماعيّة إلى إشباع حاجات نفسيّة واجتماعيّة وماديّة لدى أعضاء الجماعة الواحدة؛ مثل حاجات الانتماء والولاء وتقدير الآخرين، وتسهم الحوافز الجماعيّة في زيادة التّعاون بين الأفراد، وتقوية الرّوابط، وإثارة التّنافس بينهم، وزيادة رغبتهم في تحقيق المصلحة العامّة والأهداف المشتركة، وتحتاج الحوافز الجماعيّة إلى حرص عند تطبيقها يتمثّل في تحديد المعايير الّتي توزّع الحوافز على الأفراد بناءً عليها، فكلّما كانت هذه المعايير عادلة زاد إقبال الأعضاء على العمل للحصول على الحوافز المتاحة، أمّا إذا لمسو أنّها غير عادلة أو تشوبها المحاباة، أو التفضيل الشخصي فإنّهم يشعرون بالغبن وبأن جهودهم تضيع وسط الجماعة، فتظلّ حاجتهم للاحترام والتقدير وإثبات الذات ناقصة أو محبطة، الأمر الذي يؤدي إلى إحباطهم وانصرافهم عن الإسهام في الجهد الجماعي .
الحوافز من حيث أثرها أو (من حيث فاعليتها)
حوافز إيجابيّة
وهي ما تحمل من مزايا مختلفة للفرد إذا قام بالعمل المطلوب، وتقدم له عطاء ملموساً أو غير ملموس، وتعتمد على التّرغيب والأمل والتفاؤل. وهذه الحوافز تدخل فيها كافّة المغريات الماديّة والمعنويّة عند زيادة الإنتاج أو تحسين مستواه، وتعتبر من أفضل الأساليب في تحريك الأفراد العاملين في معظم الحالات؛ لأنها تشيع مناخاً صحيّاً مناسباً في ظروف العمل المحيطة، ولتنوعها لتشمل أكبر شريحة من العاملين.
والحوافز الإيجابية تنمّي روح الإبداع والتّجديد في العمل لدى العاملين، لأنها تتلاءم ورغبات العامل بحيث تترك بعض النّتائج الإيجابيّة على مجريات العمل مثل حافز المكافأة النّقدية التي تمنح للعامل مقابل قيامه بعمل يستدعي التقدير.
والهدف الرئيسي لهذا النوع من الحوافز هو تشجيع الأفراد العاملين، وحثّهم على إحداث السلوك المرغوب فيه، وخير مثال على هذا النوع من الحوافز هو: عدالة الأجور الأساسية، ومنح الأكفّاء علاوات استثنائية، وثبات العمل واستقرار الفرد في عمله؛ فالحوافز الإيجابيّة لها أثرها الملموس في تقوية الرابط بين الحافز والأداء، واستخدام الحافز عندما يحقّق العامل إنجازاً متميزاً وجيداً يؤدي بالضرورة إلى الاستمرار في تحقيق مزيد من الإنجاز في الأداء، وهذه الحوافز تكون فعّالة ومؤثّرة عندما تستخدم فور قيام العامل بالتصرف المطلوب، فالمكافأة على سبيل المثال لا تكون قادرة على التّأثير الإيجابي في السلوك ما لم يتوفر شرطان هما:
• أن تكون الحوافز مشروطة ومتوقّفة على معدّل الأداء الكمّي ومستواه النّوعي، فكلّما كان الإنتاج عالياً وجيّداً يزداد تبعاً لذلك حجم الحافز.
• أن تؤدّي الحوافز إلى إشباع حاجات معيّنة يشعر العامل بضرورة إشباعها، فإذا لم يستطع الحافز إشباع الحاجات والرّغبة لدى العاملين فإنّه يفقد قدرته التحفيزية وتكون فائدتة شبه منعدمة .
حوافز سلبيّة
وهي الّتي تهدف إلى التأثير في سلوك العاملين عن طريق أسلوب العقاب والوعيد والتأديب المتمثّل في جزاءات ماديّة؛ كالخصم من الأجر، أو الحرمان من العلاوة والترقية.
فالحافز السّلبي يتضمّن نوعاً من العقاب، وهذا العقاب يجعل الشخص يخشى تكرار الخطأ حتّى يتجنّب العقوبة حافزاً لعدم الوقوع في الخطأ والمخالفة، ومن النّاحية العمليّة فإنّ الحافز السلبي لا يحفّز العامل على العمل وإنّما هو يحذّره، ولا يدفع للتعاون ولا يعلّم الأداء، وإنما يعلّم كيف عليه أن يتجنّب العقاب، وكيف يتحاشى العامل المواقف التي توقع في العقاب دون الامتناع عن العمل؛ فالخوف من الفصل مثلاً، وسيلة رقابة وتحكّم غير سلبيّة من النّاحية السيكولوجيّة، ولا تؤدّي بذلك إلى أقصى الطّاقات لدى الفرد الذي عادةً ما يؤدّي العمل بالدرجة التي لا تعرّضه للفصل.
إنّ الحوافز السلبيّة تتمثّل بالدرجة الأساسيّة في التخويف، أو التهديد بالعقاب، أو غير ذلك من العوامل ذات الصفة الإلزامية أو الإيجابيّة التي تحاول إجبار الأفراد على التصرّف بصورة معيّنة، وإلّا فإنّهم سيخضعون لعقوبة، ومن أبرز صور هذه العقوبة: التّهديد بالفصل، أو تخفيض الرّاتب، أو الحرمان من الإجازة، أو النقل لمكان بعيد وغير مرغوب.
ويرى كثير من المديرين بأنّ العقاب أو التّهديد أداة فعّالة لتحقيق الطّاعة والولاء من قبل العاملين، وقد يكون هذا مفيداً أكثر من غيره من الوسائل، وحافزاً قويّاً لتقويم الفرد لسلوكه، ولكن قد يكون العقاب أو التّهديد به سبباً لخوف الفرد بدرجة لا يمكن الاستجابة بطريقة إيجابيّة للتعليمات والمقترحات وتنمو لديه اتّجاهات غير ملائمة عن العمل.
يؤخذ بالتّخويف والعقاب الّذي تتضمّنه الحوافز السلبيّة لإجبار الأفراد على الامتناع عن سلوك غير مرغوب، وليس بهدف التّرغيب على عمل معين، وقد يسهم في رفع الكفاءة الإنتاجيّة، إلا أنه قد يترك آثاراً سلبيّة في نفوس العاملين ممّا يولّد لديهم شعوراً بالإحباط تجاه العمل؛ ولهذا يجب على المرؤوسين أن يأخذوا في عين الاعتبار حجم العقاب، وأن يكون العقاب متكافئاً مع السّلوك الّذي أحدثه.
والحوافز السلبية تحدث توازناً في عمليّة التحفيز، فهي تذكّر العاملين بأنّهم مثلما يثابون على الأداء الممتاز، فإنهم يعاقبون على الأداء الضّعيف فتحفظ الإدارة بذلك رهبتها وتضمن جديّة العاملين. كما قد يؤدّي تجنّب العاملين للعقاب إلى اكتساب الطرق السليمة للسلوك الوظيفي والأداء، إلا أنّها قد تحدث بعض الآثار السلبيّة وخاصة إذا لم تحسن الإدارة استخدام الحوافز السلبيّة، أو إذا أسرف الرؤساء في استخدامها، لذلك فإنّ الإدارة الجيّدة هي التي تعطي الأولويّة للحوافز الإيجابيّة وتوسّع مجالات استخدامها، وتحدّد بوضوح السّلوك اللازم للحصول عليها، وتقدّمها للعاملين في حينها أي عندما يقومون بهذا السّلوك المطلوب.
هناك عدّة آثار ضارّة للتّخويف والعقاب منها:
• إنّ فرض العقاب على العاملين دون توضيح أسبابه قد يولّد لديهم الخوف مما يضع شبح العقاب أمامهم دائماً.
• إن العقاب قد يؤدّي إلى عدم التّعاون بين العاملين وقد يجعلهم يخافون من الوقوع في الخطأ.
• إنزال العقاب على الفرد يجعله دائماً متردّداً، ويشعر بالخوف وعدم تحمّل أي مسؤوليّة في العمل مخافةً من الوقوع في الخطأ.
• أسس منح الحوافز: إنّ منح الحوافز لا بد أن يكون مبنيّاً على مجموعة من الأسس حتّى تحقّق الأهداف المرجوّة منها، ولا تكون سبباً في نتائج عكسيّة على الموظّفين بشكل خاص، وعلى المنظّمة وأدائها بشكل عام، ويمكن إجمال هذه الأسس في الآتي:
• اعتماد الحافز على السّلوك: ويعني ذلك أن يأتي الحافز على أثر سلوك محدّد، وهذا يتطلّب أن يكون في المنظّمات سياسات وقواعد للحوافز توضّح متى، وكيف يمكن للموظّف الحصول على الحافز سواء كان الحافز إيجابيّاً، أو سلبيّاً، وأن يكون الموظّفون على علم بهذه السّياسات.
• التوقيت: ويقصد بذلك بأن يأتي الحافز بعد السّلوك مباشرة؛ لأنّه كلّما طالت الفترة بين السلوك والحافز أصبحت العلاقة بينهم علاقة غامضة ومتناقضة.
• حجم الحافز: وهذا يتعلّق بصغر أو كبر الحافز، والصّغر والكبر مصطلحات نسبيّة ولكن المقصود بها (أن يكون الجزاء من جنس العمل) أي على قدر العمل ويمكن أن يصبح الحافز بدون فائدة إذا لم يعرف الموظّف من خلال سياسة وقواعد الحوافز بالمنظّمة ما يجب عليه القيام به للحصول على الحافز من نوع معيّن وكيفيّة معيّنة.
• نوع الحافز: للحوافز أنواع كثيرة منها الحوافز الماديّة والمعنويّة والإيجابيّة والسلبيّة والداخليّة والخارجيّة، والمهم هنا هو أن يتعرّف المشرفون على الحوافز الأكثر تأثيراً على الموظف الّذي يرغب في تحفيزه.
• الثّبات: وهو المساواة في تطبيق الحافز فإذا عمل موظّف عملاً جديداً، وحصل على مكافأة نتيجة ذلك العمل؛ فإنّه من الطبيعي أن يحصل أي موظف على نفس المكافأة إذا عمل نفس عمل الموظف السّابق (العدل أساس الحكم)
ملخّص
تعتبر الحوافز بأنّها عبارة عن مجموعة متنوّعة من العوامل الّتي تهدف إلى إثارة القوة والتّنازع الحركي لدى الفرد؛ حيث إنّ الحافز يعتبر إحدى العناصر الأساسيّة المهمّة للتّأثير على سلوكيّات وتصرّفات الفرد، كما أنّ أصحاب الأعمال عادةً ينظرون إلى الحافز بأنّه الأداة والأسلوب الّذي يتمّ استخدامه بهدف الحصول على عمل مثمر ومميّز من العاملين. كما إنّ للحوافز أهداف ومنها الأداء الجيّد وهو أن يقوم الفرد بتأدية أعماله على أكمل وجه، وذلك لشعوره بالحماس وغالباً ما تكون إثر حافز عرض عليه، ومن أهداف الحوافز أيضاً: الأداء الممتاز والّذي قد يقود الفرد أو العامل إلى الإبداع والابتكار والسّعي دوماً لتخطّي العوائق، كما أنّ للحوافز أنواع منها ماديّة والتي تتمثّل بالمكافآت الماديّة أو شيء ذو قيمة ماديّة، أو حوافز معنويّة وهي الّتي تتمثل باحترام الإداري لعامليه وتقديرهم على جهودهم؛ فيكون العاملون سعداء، ويقدّمون كافّة ما عندهم لتحقيق الأهداف والغايات الّتي يعملون من أجلها، وهذا يعتبر من الحوافز .
المصدر : mondeadm
جهاد البطاينة