محاكمة سمرقند .. أعظم محاكمة فى التاريخفي خلافة أمير المؤمنين "عمر بن عبد العزيز" كان القائد "قتيبة بن مسلم الباهلي" قد فتح المدن والقرى ، وراح ينشر دين الله في الأرض , وفتح الله على يديه مدينة "سمرقند". ولكن افتتحها بدون أن يدعو أهلها للإسلام أو الجزية ثم يمهلهم ثلاثًا كعادة المسلمين , ثم يبدأ القتال ، فلما علم أهل "سمرقند" بأن هذا الأمر مخالف للإسلام كتب كهنتها رسالة إلى أمير المؤمنين أرسلوها مع أحد أهل "سمرقند".
وقال رسول "سمرقند" ذهبت واقتربت وإذا برجل يأخذ طينًا ويسد به ثُلمة في الدار وامرأة تناوله الطين , قال: فـ"رجعت إلى الذي دلني وقلت: أسألك عن دار أمير المؤمنين وتدلني على طيّان! ، فقال: هو ذاك أمير المؤمنين".
قال: فطرقت الباب وذهبت المرأة وخرج الرجل فسلم علي ورحب بي وغسل يديه, وقال: ما تريد؟ قلت: هذه رسالة من كهنة "سمرقند" فقرأها ثم قلبها فكتب على ظهرها, "من عبد الله عمر بن عبد العزيز إلى عامله في سمرقند أن انصب قاضيًا ينظر فيما ذكروا" , ثم ختمها.
فانطلقت أقول: فلولا أني خشيت أن يكذبني أهل "سمرقند" لألقيتها في الطريق ماذا تفعل هذه الورقة وهذه الكلمات في إخراج هذه الجيوش وذلك القائد الذي دوّخ شرق الأرض برمتها.
قال: وعدت بفضل الله مسلمًا كلما دخلت بلدًا صليت بمسجده وأكرمني أهله , فلما وصلت إلى وقرأ الكهنة الرسالة أظلمت عليهم الأرض وضاقت عليهم بما رحبت ، ذهبوا بها إلى عامل "عمر" على "سمرقند" فنصب لهم القاضي "جميع بن حاضر الباجي".
بدايه المحاكمه التاريخيه بدأت المحاكمة..القاضي :يا"قتيبة"، فجاء القائد المسلم "قتيبة بن مسلم" وجلس هو و"كبير الكهنة" أمام القاضي .
فقال القاضي: ما دعواك يا "سمرقندي" ؟.
قال: اجتاحنا "قتيبة" بجيشه ، ولم يدعنا إلى الإسلام ويمهلنا حتى ننظر في أمرنا.
التفت القاضي إلى "قتيبة" وقال: وما تقول في هذا يا "قتيبة" ؟.
قال "قتيبة": الحرب خدعة، وهذا بلد عظيم، وكل البلدان من حوله كانوا يقاومون ولم يدخلوا الإسلام ولم يقبلوا بالجزية.
قال القاضي: يا "قتيبة"
هل دعوتهم للإسلام أو الجزية أو الحرب ؟.
قال "قتيبة": لا إنما باغتناهم كما ذكرت لك.
قال القاضي: أراك قد أقررت ، وإذا أقر المدعى عليه انتهت المحاكمة ، يا "قتيبة" ما نصر الله هذه الأمة إلا بالدين واجتناب الغدر وإقامة العدل؟
ثم قال القاضي: قضينا بإخراج جميع المسلمين من أرض "سمرقند" من حكام وجيوش ورجال وأطفال ونساء ، وأن تترك الدكاكين والدور ، وأن لا يبقى في "سمرقند" أحد من المسلمين، على أن ينذرهم المسلمون.
بعد ذلك ..لم يصدق الكهنة ما شاهدوه وسمعوه ؛ فلا شهود ولا أدلة ، ولم تدم المحاكمة إلا دقائق معدودة.
تنفيذ الحكم.. خروح المسللمين من "سمرقند"وبعد ساعات قليلة ، في مشهد تقشعر منه جلود الذين شاهدوه أو سمعوا به ، سمع أهل "سمرقند" بأصوات ترتفع وغبار يعم الطرقات ورايات تلوح خلال الغبار ، ولماا سألوا ، قيل لهم: "إن الحكم قد نفذ ، وأن الجيش قد انسحب". وما إن غربت شمس ذلك اليوم ، إلا والكلاب تتجول بطرق "سمرقند" الخالية ، وصوت بكاء يُسمع في كل بيت على خروج تلك الأمة العادلة الرحيمة من بلدهم ، ولم يتمالك الكهنة وأهل "سمرقند" أنفسهم لساعات أكثر ، حتى خرجوا أفواجًا ، وكبير الكهنة أمامهم باتجاه معسكر المسلمين وهم يرددون "شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله". وتعد هذه المحاكمه من أعظم المحاكمات في التاريخ لما فيها من تأكيد علي أن "الإسلام" لم ينتشر في الارض الإ بالعدل والمساواه بين الناس.
"سمرقند".. أكبر المدن وأحسنهاتقع مدينة "سمرقند" في آسيا الوسطى، في بلاد "أوزبكستان" ، ومعنى الإسم "قلعة الأرض" ، وقد وصفها "إبن بطوطة" بقوله: "إنها من أكبر المدن وأحسنها وأتمها جمالاً، مبنية على شاطئ واد يعرف بوادي القصارين، وكانت تضم قصورًا عظيمة، وعمارة تنبئ عن همم أهلها". وفي سنة (87هـ ـ 705 م) تم الفتح الإسلامي لمدينة "سمرقند" على يد القائد المسلم "قتيبة بن مسلم الباهلي" ثم أعاد فتحها مرة أخرى سنة (92هـ ـ 710م). وبعد الفتح الإسلامى قام المسلمون بتحويل عدد من المعابد إلى مساجد لتأدية الصلاة، وتعليم الدين الإسلامى لأهل البلاد ، وفى بداية الغزو المغولى للمدينة ؛ قام "المغول" بتدمير معظم العمائر الإسلامية، وبعد ذلك اتجه "المغول" أنفسهم بعد اعتناق الإسلام إلى تشييد العديد من العمائر الإسلامية، خاصة في العهد التيمورى، وذلك على مدى (150) عامًا هي فترة حكمهم لبلاد ما وراء النهر من (617هـ ـ 1220م) إلى عام (772هـ ـ 1370 م). وقد اتخذ "تيمورلنك" سمرقند عاصمة لملكه، ونقل إليها الصناع وأرباب الحرف لينهضوا بها فنيًا وعمرانيًا، فكان عصر "تيمور لنك" بحق عصر التشييد والعمران. ـ وفى القرن (19م) استولى الجيش الروسى على بلاد ما وراء النهر ومنها مدينة "سمرقند". ـ وفى سنة (1918 م) بعد قيام الثورة الشيوعية في روسيا استولى الثوار على مدينة "سمرقند" وظلت تحت سيطرتهم إلى أن سقطت الشيوعية في عام (1992 م). وقد نالت "سمرقند" الاستقلال ضمن جمهوريات رابطة الدول المستقلة بعد تفكك الاتحاد السوفياتي.