في حكم إمامة من يلحن في القراءة
السـؤال:
ما حكمُ إمامةِ رجلٍ يلحن في قراءتِه للقرآنِ؟
الجـواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلّم تسليما، أما بعد:
فلا خلاف بين المذاهب الأربعة في عدم صِحَّة صلاة وإمامة من يتعمَّد اللحن المحيل للمعنى، أمَّا من يحيل المعنى غير متعمِّد في ذلك، فإن كان ذلك في الفاتحة لم تصحَّ إمامته، وإن كان في غيرها صَحَّت مع الكراهة وهو مذهب الشافعي وأحمد، أمَّا مذهب المالكية فلا تصحُّ إمامة اللحان في الفاتحة أو في غيرها، وذهب بعضهم إلى صِحَّة إمامته في غير الفاتحة بلا كراهة.
والصحيح عدم صِحَّتها؛ لأنَّ القرآن معجز بلفظه ومعناه، وإذا لَحَن في الفاتحة لحنًا يحيل المعنى بضمِّ أو كسرِ تاء «أنعمتَ» من الفاتحة زال إعجازها فلا تسمَّى قرآنًا، وفي الحديث: «لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ»(١)؛ ولأنه لم يقرأها قراءة صحيحة على الصفة التي أَمَرَ بها النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، ومن ثمَّ لا تصحُّ إمامته، أمَّا ما عدا الفاتحة فأهون، إذ تصحُّ الصلاة بالفاتحة فقط، أمَّا القراءة بعدها فمستحبة على القول الراجح.
هذا، وإذا كان يَلْحَن لحنًا لا يحيل المعنى كضمِّ الهاء من لفظ الجلالة في قوله تعالى: ﴿الحَمْدُ للهِ﴾، وفتح النون والميم في قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ فإنه على أصحِّ الأقوال كراهة إمامته وهو -أيضًا- مذهب الشافعي والحنابلة خلافًا للمالكية الذين يرون عدم صِحَّة إمامته، والأول هو الصحيح؛ لأنَّ مدلول اللفظ مع اللَّحْن الذي لا يحيل المعنى باقٍ من جهة، وقد أتى بفرض القراءة من جهة أخرى فتصحُّ صلاته وإمامته.
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٢٥ شعبان ١٤٢٦ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٩ سبتمبر ٢٠٠٥م
(١) أخرجه البخاري في «الأذان» أبواب صفة الصلاة (١/ ١٨٣) باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها، ومسلم في «الصلاة» (١/ ١٨٤) رقم (٣٩٤)، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه.