التخصيص والتعميم والتغيير في الدلالة اللغوية
محمد فهمي يوسف
في حلقة لغوية متميزة عن الفروق اللغوية في دلالة الألفاظ بين
التخصيص والتعميم والتغيير في دلالات الكلمات في اللغة العربية
استمعت لهذا الحديث الشائق من الأستاذ الدكتور أحمد عادل عبد المولى
أستاذ علم النقد والبلاغة بجامعة القاهرة
في إحدى قنوات التلفاز يوم 14 سبتمبر عام 2010 في أمسية ثقافية
========================
تناول الأستاذ عادل عددا كبيرا من المفردات اللغوية ليشرح ببساطة ويسر للمستمع
الظواهر اللغوية التي اخترناها كعنوان للموضوع اختصرت منها الكلمات التالية :
الكلام عن اللفظ ومعناه في اللغة ؛ كيف يكون اللفظ مخصصا في الأصل عند علماء اللغة في المعاجم
استعمله القدماء في هذا التخصيص الدلالي ، ولأن اللغة كائن ينمو ويتطور فقد يطرأ على المعني الدلالي للكلمة تغيير إلى التعميم أو التغليب أو التطور العام بعيدا عن التخصيص الدلالي
فإذا أردنا أن نطبق ذلك على لغتنا العربية نجد هذا يحدث في الكثير من الكلمات العربية فعلى سبيل المثال لا الحصر :
1- كلمة ( قطار ) تخصصت دلالة اللفظ في القديم على ( الإبل التي يقطرُ بعضها بعضا ) على شكل سلسلة من الإبل التي تسير خلف بعضها
ثم مع تطور الزمان وظهور المخترعات الحديثة لوسائل النقل ظهر ( القطار ) المعروف وعرباته التي يجرها خلفه على نفس نمط التقاطر في الإبل قديما ، فسمي هذا ( التغيير الدلالي )
فإذا ما أطلق هذا اللفظ اليوم على مجموعة الإبل المتقاطرة في الصحراء وراء بعضها البعض وعلى عربات القطار التي تجرها القاطرة الأمامية أصبح الدلالة هنا عامة ( تعميم دلالي )
2- كلمة ( الطهارة ) عند التخصيص الدلالي للفظ الطهارة نعني بها ( عملية الختان )
وعند التعميم الدلالي
فهي تطلق على كل ما يتطهر به الإنسان
3- كلمة ( الحريم ) التخصيص الدلالي أنها تطلق على ( النساء ) ،
والتعميم الدلالي تطلق على كل ما يحرمُ الاقتراب منه عرفا وشرعا كالمال والممتلكات الخاصة
4- كلمة ( العيش ) يقول المظلوم مثلا لقد قطعت عَيْشِي )فهنا تعميم دلالي للكلمة ، أما التخصيص الدلالي لها فهو ( الخُبْزُ ) فالتعميم على كل ما يعيش به الإنسان
5- كلمة ( الوردُ ) تخصص دلالتها لنوع معين من الزهور ( تخصيص دلالي )
والتعميم الدلالي لها تطلق على جميع أنواع الزهر للزينة )
6- كلمة ( البأس ) التخصيص الدلالي تطلق عن ( الحرب ) ، والتعميم الدلالي عن ( أي شِدَّةٍ تنتاب الإنسان )
7- كلمة ( الريشة ) خصصت لما يكتب به قديما ، وتطورت بتطور الزمن فأصبحت تعني سن المعدن الذي في مقدمة القلم ، ويعتبر هذا الجانب من جوانب التغيير الدلالي للفظة
8- كلمة ( البحر ) يسمى في التخصيص ( تغليب التخصيص ) للمجرى ذي المياه المالحة ؛ وفي التعميم الدلالي تطلق على الاتساع المائي الكبير المخالف لمجرى النهر سواء كان ملحا أو عذبا
9- كلمة ( تعالى ) في الأصل خصص فعل الأمر في هذه الكلمة للصعود لأعلى ( تخصيص دلالي )
ثم عُمِّمَ للطلبِ على وجه العموم من أسفل أو أعلى أو من أي جهة
10- كلمة ( الحاجب ) وتعدد استعمالات تلك الكلمة فهي عند ( التخصيص الدلالي ) تطلق على حاجب العين ( لأنه يحجب العين عن أشعة الشمس )
ثم عممت الدلالة عندما أطلق اللقب ( الحاجب ) على رئيس الوزراء في الأندلس حيث كانت مهمته أن يحجب الخليفة عن الناس ، وكذلك أطلقت على من ينادي على القضايا في المحكمة أمام القاضي وهو يحجب القاضي عن المتخاصمين فالدلالة واحدة وهي الحجب
وهكذا تناولت الحلقة المرئية توضيحا لمعنى الدلالات اللفظية للكلمات في اللغة العربية بشكل جيد
11- ويحدث ذلك في الأسماء والأفعال كما أشرنا من قبل في المساهمة السابقة ومنه في الأفعال :
كلمة ( يُهَلِّبُ ) وتشير في التخصيص الدلالي اللغوي إلى الخطاف الذي كان يصعد عليه السارق ،
ويهلب بمعنى : يسرق ؛ وهي نسبة إلى ( المهلب بن أبي صُفْرَة ) وكان نصابا في عهد الحجاج بن يوسف الثقفي ( وهذا هو أصل اختصاص الكلمة ، ثم عمم معناها إلى السرقة عامة
12- كلمة ( الحرامي ) يقول الأستاذ محمود تيمور والأستاذ محمد العدناني أنها منسوبة إلى قبيلة قديمة اسمها ( بني حرام ) على سبيل التخصيص أصلا وكانت موصوفة بالسرقة ، ثم عمم المعنى نسبة إلى الحرام عموما
13- كلمة ( خِنْصَر ومنها الفعل يُخَنْصِر ) وتخصيص الكلمة في الأصل إلى الإصْبَع الأصغر الخنصر، ثم تطور معناها مع تطور اللغة وتغير المعنى إلى أداة قطع حادة صغيرة تكون مع صبية الجزارين يساعدون بها ، وبها أيضا يسرقون من اللحم لأنفسهم ، فأصبح في المدلول اللفظي تغير في المعنى
14- كلمة ( الحّمَّام ) ومنه الاستحمام أي؛ طلبُ الاغتسال بالماء الحميم الحار على سبيل التخصيص ، ثم جاء التعميم الدلالي من عكس الكلمة ( الاستبراد ) وهي طلب الاستبراد بالماء البارد أو الحار أو بخلطهما معا فأصبحت كلمة الحمام يستخدم في التخصيص والتعميم على السواء
15- كلمة ( الشُّرْطي ) وعند التخصيص ، هي شرط وعلامة معرفة الشيء برمز معين ومنه قوله تعالى عن الساعة نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي قد جاء أشراطها ) أي علاماتها ، ثم تغير معناها بالتعميم وأطلقت على شرطة أو علامة معينة توضع لتمييز رجل الشرطة ، وأضيفت ياء النسب إلى الكلمة فأصبحت ( شُرَطيّ نسبة إلى أي عمل يتعلق بالشرطة أو شُرْطي )
16- كلمة (الجَرْسَة ) وأصلها أنه في عهد الفاطميين ( مَنْ عَمِلَ ذنبًا كان يوضع في رقبته ( جَرَسًا )
ويُرْكبُ فوق الدابةِ مقلوب الوجه إلى خلف الدابة ، وتجوب به الميادين ليشتمه الناس ليفضح نفسه ) ، وهي أيضا نوع سام قاتل من الثعابين يفضح نفسه بصوت أجراس وصليل يحدث منه كتخصيص دلالي ، ثم عممت في الاستخدام لكل من يأتي فعلا سيئا أو قبيحا يفضحه صنعه
17- كلمة (الكُوسَة ) وهي في الأصل ( ثمر ) أو نبات معروف يسمى ( العائلة القرعية ) ، تمتد ملتوية في الأرض ، ثم أطلقت الكلمة على معنى ( الواسطة ( الوساطة أو الفوضى ) ودخلت اللهجة العامية بدخول الإنجليز مصر ، ثم حُرِّفَتْ وتخصصتْ دلالتها لمعنى الفوضى (chos)
18- ومن تخصيص التغليب الكلمتان نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي العمران ـــ والعِشَاءان ) فالكلمة الأولى تخصيص تغليب على ( أبي بكر وعمر بن الخطاب ) رضي الله عنها ، والثانية ( تخصيص تغليب على وقتي صلاة ( المغرب والعشاء )
19- كلمة ( الصينية ) إضافة ياء النسب إلى كلمة ( الصين ) تطلق على كل سلعة تُجْلَبُ من الصين كتعميم دلالي للفظة ، فإذا ما تحددت سلعة بعينها من البلد ذاته أصبح ذلك على سبيل التخصيصي الدلالي ، وانتقلت اللفظة إلى العامية حيث أطلقت على ( صينية الطعام المصنوعة في الصين )
20- كلمة ( النَّحْت ) هي في الأصل اللغوي ( جملة مختصرة في كلمة واحدة منحوتة من عدة كلمات ) أي مشتقة من خصائصها جميعا في اللغة العربية كما يقول النحاة نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي الحوقلة ـ والبسملة ـ والحيعلة ـ والحمدله ) وهكذا ، وهذا تغَيُّر في الدلالة المعنوية للألفاظ
المصدر : almolltaqa.com