هل كسب محمود عباس شيئا من مشاركته في جنازة بيريز؟
رأى معلقون فلسطينيون أن مشاركة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في جنازة الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريز، تؤكد "غياب" الرؤية السياسية الفلسطينية، كما تسببت في "إهانة بالغة" للشعب الفلسطيني.
الهرولة السياسية
وأعلن فجر الأربعاء الماضي، عن وفاة بيرز (93 عاما)، أحد مهندسي المشروع النووي الإسرائيلي، وذلك بعد أسبوعين من إصابته بجلطة دماغية ادت لموته، حيث سارع الرئيس عباس بتقديم التعزية بوفاته، كما شارك في جنازته في القدس.
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد تجاهلت دعوة عباس لحضور جنازة بيريز، لكن الجانب الفلسطيني (الارتباط المدني) أجرى اتصالاته مع "منسق شؤون الحكومة الإسرائيلية" في الضفة الغربية المحتلة، بولي مردخاي، فأجرى مردخاي "مشاورات على مستوى مستشاريه وتقرر تقديم الطلب إلى الجانب الإسرائيلي الذي بطبيعة الحال أبلغ الجانب الفلسطيني الموافقة عليه"، وفق ما ذكره موقع "المصدر" الإسرائيلي.
من جهته، اعتبر عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، ورئيس لجنة التواصل مع الجانب الإسرائيلي، محمد المدني، مشاركة عباس بأنها "خطوة سياسية، أيده فيها كل الرؤساء المشاركين في الجنازة"، موضحا في تصريح صحفي؛ أن "الأمر لم يكن مجرد مشاركة في تشييع وحسب".
أما حركة حماس، وعلى لسان المتحدث باسمها سامي بو زهري، فقد اعتبرت في بيان وصلت "عربي21" نسخة منه، مشاركة عباس بأنها "خطوة ستوفر غطاء للأطراف الأخرى للهرولة السياسية وتشجيعا لها للتطبيع مع الاحتلال"، ورأت الحركة أن لهذه المشاركة "آثار كارثية على صعيد العمل الوطني الفلسطيني".
قمة المأساة
وأرجع الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، فايز أبو شمالة، قرار عباس للمشاركة في مراسم تشييع جثمان من وصفه بـ"القاتل والمجرم"؛ إلى عدة أسباب، منها "غياب الرؤية السياسية الواضحة لدى القيادية السياسية الفلسطينية وانسداد الأفق أمامها، وضعف الموقف الفلسطيني التفاوضي في ظل غياب البدائل".
وأضاف أبو شمالة لـ"عربي21" من غزة: "ومن أهم الأسباب هو رهن القرار الفلسطيني بمزاج شخص واحد"، مستهجنا "تودد عباس للاحتلال أن يأذن له بالمشاركة في تشييع بيريز، فأذن له رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو؛ وهذه قمة المأساة السياسية"، بحسب تعبيره.
وتحدث أبو شمالة عن واقعة "مهينة" بحق الشعب الفلسطيني، وهي "عدم ذكر نتنياهو اسم الرئيس عباس، والقفز عنه عند ترحيبه برؤساء الدول الحاضرين لحفل تشييع بيريز واحدا واحدا"، مرجعا ذلك لأن نتنياهو "لا يعترف بشيء اسمه فلسطين".
وحول الرسالة السياسية خلف تجاهل نتنياهو لرئيس السلطة الفلسطينية، قال أبو شمالة: "لو رحب نتنياهو بعباس لاعتبر ذلك اعترافا ضمنيا بدولة فلسطين، وحمل تجاهله رسالة خطيرة، وهي أنه لا يرى في الرئيس عباس نظيرا أو ندا له"، وفق تقديره.
وأكد أن مشاركة الرئيس عباس "ستزيد من الخسارة الفلسطينية والتمزق الداخلي؛ لأنه لا فائدة ولا قيمة ترجى منها، لا سياسية ولا اقتصادية ولا دبلوماسية"، وفق قوله.
ونقل أبو شمال، الذي كان يتابع مراسم تشييع جثمان بيريز الجمعة عبر القناة الثانية الإسرائيلية، قول أحد المحللين الإسرائيليين بأن "آخر إنجاز وهدية يقدمها شمعون بيريز للشعب الإسرائيلي؛ هي مشاركة محمود عباس في مراسم تأبين بيريز".
مغامرات عباس
من جانبه، رأى المحلل السياسي الفلسطيني خالد العمايرة؛ أن مشاركة عباس في مراسم تشييع بيريز "ألحقت الإهانة البالغة بالقضية والشعب الفلسطيني؛ الذي تسبب مجرم الحرب بيريز بنكبته".
وأكد أن الرئيس عباس وسلطته "لن تحصل على أي شيء سياسي مقابل تلك الزيارة، والضرر السياسي علينا كفلسطينيين وقع"، مضيفا: "هذه زيارة مخزية بكل ما في الكلمة من معنى"، كما قال.
وأوضح العمايرة الذي يقيم في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة، أن "عباس وهو رئيس حركة فتح، يقوم بمغامرات وحركته الثمن في الشارع الفلسطيني بالأراضي المحتلة والشتات أيضا"، ورأى أن "كل ما يقوم به عباس؛ يمثل من خلاله رؤية حركة فتح إلى حد بعيد".
وأضاف العمايرة: "لا يمكن أن تتهرب فتح من الفاجعة التي ارتكبها رئيسها عباس، إلا إذا تبرأت منه وقالت بأن عباس لا يمثلنا"، مشددا على أن قيام الرئيس عباس بـ"تكريم المجرم بيرز؛ أمر غير مقبول على الإطلاق وطنيا وسياسيا، وهو تصرف غير مسؤول"، بحسب تعبيره.