في سبعة أسئلة .. نلخص لك قصة انفصال بريطانيا عن الاتحاد الاوروبياستيقظ العالم اليوم 24 يونيو على واقع جديد يقضي بانفصال دولة بريطانيا عن عضوية الاتحاد الاوروبي في استفتاء شعبي بأغلبية 51.9%، بعد اندماج استمر 41 عاما.
في العرض التالي من «شبابيك» نلخص لك باختصار قصة الانفصال ودوافعها وتبعاتها إيجابا وسلبا، في سبعة أسئلة هي مجمل ما يدور في ذهنك.
متى نشأت فكرة الانفصال؟
منذ انضمام بريطانيا للاتحاد الأوروبي عام 1973 وترتفع أصوات من حين لآخر تطالب بالانفصال أغلبها من اليمين السياسي في البلاد، مع مرور الوقت تخافتت تلك الدعوات، حتى أعطاها كاميرون قبلة الحياة بوعد قطعه على نفسه أثناء منافسة حزبه في انتخابات 2015 بإجراء استفتاء على البقاء داخل الاتحاد من عدمه في حال فوزه.
أصحاب الدعوات القديمة تمسكوا بوعد رئيس الوزراء، يتزعمهم في ذلك الرئيس السابق لبلدية لندن بوريس جونسون، الذي يقود حملة مؤيدي الخروج.
على إثر ذلك تقدمت الحكومة البريطانية رسميا يوم 27 مايو 2015 إلى البرلمان بمشروع القانون الذي يفصل آليات الاستفتاء على بقاء البلاد عضوا في الاتحاد.
وبعد إقراره في البرلمان في العاشر من يونيو التالي بأغلبية (544 نائبا وبمعارضة 53 نائبا) حدد يوم 23 يونيو 2016 موعدا لتنظيمه. وهي المرة الأولى منذ 41 عاما التي يتاح فيها للشعب البريطاني أن يقول كلمته في هذا الشأن، إذ نُظم الاستفتاء الأول على انتماء بريطانيا إلى الكتلة الأوروبية عام 1975.
ما دوافع معسكر الانفصال؟
يدفع أنصار فكرة الانفصال عن الاتحاد الأوروبي بقضايا أربعة أساسية كمبرر لرأيهم وهي «الهجرة، الاقتصاد والتجارة، النظم والقواعد والسيادة» بحيث يعتقد الانفصاليين بضرورة استعادة السيطرة على حدود البلاد للحد من الهجرة من أجل خفض نفقات الرعاية الاجتماعية، وتنشيط الخدمات العامة والاحتفاظ بالوظائف للبريطانيين.
على صعيد الاقتصاد والتجارة فإن مؤيدي الانفصال يرون أن خروج المملكة المتحدة يسمح لها باسترداد إسهاماتها في ميزانية الاتحاد الأوروبي بنحو 8.5 مليارات جنيه سنويا. كما أنه سيسمح بزيادة الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030 من 0.6% إلى 1.6%، وفقا للتوقعات الأكثر تفاؤلا لمعهد الأبحاث “أوبن يوروب”.
كما يرى أنصار الخروج أن المملكة المتحدة على مستوى السيادة ستحتفظ بنفوذها كونها قوة نووية ومن دول حلف شمال الأطلسي ومن القوى الكبرى في مجلس الأمن الدولي.
هل تتأثر الدول الأعضاء بالاتحاد؟
واجهت نتيجة الاستفتاء الشعبي على المستوى الرسمي ردرو فعل حزينه حيث أبدى معظم المسؤولين بالدول الأعضاء أسفهم لهذا الخبر، وسريعا تداعى وزراء خارجية الدول الست المؤسسة للاتحاد الأوروبي لعقد اجتماع بعد يومين في برلين، للتباحث في تبعات خروج البريطانيين من الكتلة الأوروبية.
كما واجهت العملة المحلية لبريطانيا انخفاضا في سوق المال لم تشهده منذ عام 1985 فهوى الاسترليني أمام الدولار بأكثر من 10%، كما هبطت أسعار النفط بأكثر من 5% بسبب التصويت لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وتواجه بريطانيا بعد هذه النتيجة أخطارا بالتمزق، حيث صرحت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورغون، المتمسكة بالبقاء في الاتحاد، باحتمالية تنظيم استفتاء جديد حول الاستقلال عن المملكة المتحدة.
من جهته ذكر حزب الشين فين القومي الإيرلندي أن الحكومة البريطانية خسرت “أي تفويض” لتمثيل مصالح الشعب في إيرلندا الشمالية.
ماذا خسرت بريطانيا من الانفصال؟
خسرت بريطانيا بانفصالها عن الاتحاد الأوروبي كل امتيازات العضوية الكاملة في حرية دخول البضائع والسلع والخدمات بدون تعريفة جمركية لأكبر سوق في العالم وهي السوق الأوروبية الموحدة، التي تضم 500 مليون شخص، بحجم ناتج إجمالي يصل إلي 18 تريليون يورو، كما أنها ستفقد كل اتفاقات التبادل التجاري مع 53 دولة كانت ترتبط باتفاقات تجارة مع الاتحاد الأوروبي، بما فيها كندا وسنغافورة وكوريا الجنوبية والمكسيك، وهتكون مضطرة للتفاوض الثنائي مع كل دولة لتحصيل نفس الامتيازات.
وبموجب تقرير أصدرته وزارة الخزانه البريطانية في إبريل الماضي فإن حصيلة الضرائب ستنخفض إلى 36 مليار سترليني، كما يتوقع انخفاض الناتج القومي الإجمالي بنسبة 6,6% بحلول سنة 2030، في حين أنه لو بقيت بريطانيا داخل الاتحاد لارتفع الناتج القومي بنسبة تتراوح ما بين 3,4%-4,4% خلال نفس الفترة.
كذلك ستتراجع مكانة لندن كأبرز سوق مالي أوروبي، لصالح فرانكفورت ولكسمبورج، اللتان تنتظران الآن تحولهم لقبلة الصناديق السيادية بدلًا من لندن.
ما مصير اللاجئين إذن؟
لم تتضرر بريطانيا من أزمة اللاجئين فعليا وإن تصدر ملف الهجرة سجالات الفريقين المؤيد للخروج والمعارض له حيث تم استثناء المملكة من قبل المفوضية من مسألة توزيع اللاجئين علي مرتين، الأولي في سبتمبر عام 2015 عند مناقشة مقترح إعادة توزيع 160 ألف لاجئ من اليونان، والثانية في الثامن عشر من مارس 2016 بعد توقيع الاتفاق الأوروبي-التركي، حيث تم إعفائها أيضًا من بند إعادة توزيع اثنان وسبعين ألف لاجئ من تركيا علي دول الاتحاد وبذلك يتضح أن اللاجئين لن يتأثروا ببقاء بريطانيا داخل الاتحاد من عدمه.
ما مصير الاتحاد الاوروبي بعد خروج بريطانيا؟
بخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي واستقالة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون تتعاظم فرصة «اليمين المتطرف» في تولي الحكومة الانجليزية، في حين تصاعدت الدعوات في دول أعضاء داخل الاتحاد بأن تسلك حكومات بلادها طريق بريطانيا في إجراء استفتاءات شعبية، ففي فرنسا، طالبت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان باستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي .
وكتبت زعيمة حزب الجبهة الوطنية في تغريدة على حسابها على تويتر “انتصار الحرية! كما أطالب منذ سنوات، يجب الآن إجراء الاستفتاء نفسه في فرنسا والدول الأخرى في الاتحاد”.
كما كتب فلوريان فيليبو نائب رئيس الحزب في تغريدة على تويتر “حرية الشعوب تفوز دوما في النهاية. برافو للمملكة المتحدة.. الدور علينا الآن”.
وفي هولندا، طالب النائب اليميني المتطرف غيرت فيلدرز بإجراء استفتاء على إمكانية خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي.
وقال فيلدرز في بيان “يحق للهولنديين إجراء استفتاء أيضا. حزب الحرية يطالب أيضا باستفتاء على خروج هولندا من الاتحاد الأوروبي”.
من جانبه صرح المرشح الأقوى لتولي رئاسة الولايات المتحده الأمريكية دونالد ترامب وهو يميني معروف بمواقفه المتطرفه تجاه الأجانب، بأن قرار البريطانيين الخروج من الاتحاد الاوروبي قرار عظيم.
وقال “إنه أمر عظيم أن المواطنين البريطانيين قرروا استعادة وطنهم مرة أخرى بالتصويت لصالح الخروج من الاتحاد الاوروبي”.
إلى أي مدى يتأثر المواطن البريطاني بالقرار؟
اتضحت ملامح الاجابة على التساؤل المشار إليه عقب إعلان نتيجة الاستفتاء مباشرة، حين تهاوت قيمة الجنية الاسترليني أمام الدولار وهو ما يعني زيادة تكلفة شراء السلع والخدمات من الخارج وزيادة التضخم وانحفاض أسعار السلع البريطانية في حال التصدير.
كما سيلجأ البنك المركزي لمواجهة مشكلة التضخم، إلى زيادة سعر الفائدة على الجنيه. ومن شأن ذلك زيادة تكلفة قروض الإسكان والقروض عموما.
أكد ذلك تصريح كاميرون خلال حملته للتصويت بالبقاء داخل أوروبا إن كلفة قرض الإسكان قد تزداد بما يساوي 1000 جنيه في العام، ومع زيادة كلفة قروض الإسكان لملاك العقارات فمن المتوقع أيضا زيادة قيمة الإيجارات.
في السياق نفسه توقع العديد من الخبراء أن تؤدي الصدمة الاقتصادية للخروج من الاتحاد الأوروبي إلى زيادة عدد العاطلين عن العمل في بريطانيا.
وتقدر وزارة الخزانة انخفاض إجمالي الأجور نسبة تتراوح بين 2.8 في المائة و 4 في المائة عندما تصل إلى حدها الأقصى، أي سيكون معدل انخفاض دخل الشخص العادي نحو 780 جنيها في العام.
فيما يفقد المواطن البريطاني ميزة الانتقال داخل حدود الدول الأعضاء في الاتحاد الاوروبي بحرية، في المقابل تضع بريطانيا شروطها على العمالة الاوروبية الوافدة.
كما ستسترد المملكة المتحدة إسهاماتها في ميزانية الاتحاد الأوروبي بنحو 8.5 مليارات جنيه سنويا.
المصدر shbabbek