[center]العلم طريق الإيمان
بقلم الأستاذ الدكتور: أحمد فؤاد باشا
Email: afbasha@hotmail.com
الحديث عن سرعة الصوت في التراث العربي يكتسب أهمية خاصة داخل الإطار المنهجي لتقييم المعرفة تاريخيا. ومن يستعرض هذا الموضوع في مختلف النصوص التراثية سوف يلاحظ أن البحث في سرعة الصوت يأتي في أغلب الأحيان مقارنا بسرعة الضوء. فقد ذكر البيروني. علي سبيل المثال. أن سرعة النور أعظم كثيرا من سرعة الصوت. وتحدث ابن سينا عن تأخر سماع صوت الرعد عند رؤية وميض البرق. واستطاع الحسن ابن الهيثم أن يثبت أن للضوء زمانا وسرعة معينة. كما أن للصوت زمانا وسرعة معينة. إلا أن زمان حركة الضوء أسرع بحيث لا يحس به أصلا.
ومما يؤسف له أن أحدا في ذلك الوقت لم يفد من هذه الأفكار الهامة في تقدير سرعة الصوت كميا. ونحن لا نري سببا لذلك غير عدم توافر أجهزة دقيقة لقياس الزمن بالثواني أو بأجزاء من الثانية في تلك المرحلة المبكرة من تاريخ التقنية عموما. وتطور أجهزة القياس الدقيق علي وجه الخصوص.. وتأخرت هذه الخطوة المهمة والبسيطة إلي القرن السابع عشر الميلادي عندما تمكن "ميرسن" و"جاسند" Mersenne & Gassendi من إجراء أول تجربة عملية لتعيين سرعة الصوت في الهواء عن طريق قياس الفترة الزمنية التي تنقضي بين لحظة رؤية النار المنبعثة من فوهة مدفع "بندقية" عند اطلاق قذيفة منه علي مسافة بعيدة وبين لحظة سماع صوت القذيفة. وظلت فكرة الربط بين ضوء وصوت صادرين من مصدر واحد في نفس اللحظة اساسا لتجارب عديدة أجريت بعد ذلك إلي أن تمكن "اسكلاجنون" E.Esclagnon خلال الحرب العالمية الأولي من تقدير سرعة الصوت في الهواء الجاري عند درجة الصفر المئوي بدقة عالية تقترب من القيمة المعروفة حاليا "330.1 متر في الثانية".
وقد أفاد المسلمون من فهمهم الواعي لأساسيات مبحث "الصوتيات" في مجالات نظرية وتطبيقية متنوعة. من بينها تطوير تقنية الهندسة الصوتية واستخدامها فيما يعرف الآن باسم تقنية الصوتيات المعمارية. فقد عرفوا أن الصوت ينعكس عن السطوح المقعرة ويتجمع في بؤرة محددة. شأنه في ذلك شأن الضوء الذي ينعكس عن سطح مرآة مقعرة. وقد استخدم التقنيون المسلمون خاصية "تركيز الصوت" في أغراض البناء والعمارة. وخاصة في المساجد الجامعة الكبيرة لنقل وتقوية صوت الخطيب أو الإمام في أيام الجمعة والأعياد.
حدث هذا قبل أن يبدأ العالم المعروف "والاس ك سابين" حوالي عام 1900م في دراسة أسباب سوء الصفات الصوتية لقاعة محاضرات في "جامعة هارفارد" الأمريكية. وتتبع سلوك الخواص الصوتية للقاعات وغرف الموسيقي.
نقلا عن صحيفة عقيدتى
[/center]