التليف الكبدي هول تحول نسيج الكبد من خلايا كبدية إلى نسيج ليفي مع تغير التركيب الطبيعي للكبد المعتاد، ما يمثل قصوراً شديداً في وظائف الكبد والضغط على الدورة البابية الكبدية ويؤدي هذا إلى ارتفاع الضغط في الوريد البابي الكبدي وحدوث مضاعفات للمريض أهمها الفشل في وظائف الكبد أو ظهور دوالي المريء والمعدة مع ما تمثله من خطر شديد على حياة المريض عند حدوث نزيف منها.
وهناك 30% من مرضى التليف الكبدي معرضون للوفاة في حالة حدوث أزمة النزيف الأولي ومعظم هؤلاء المرضى معرضون لحدوث نوبات نزيف مبكر اذا لم يتم التدخل لعلاج هذه الدوالي ومعرضون للإصابة بالفشل الكبدي الكلوي ويوجد نوعان منه، الأول قد يودي بحياة المريض بعد ثلاثة أسابيع ونسب الوفاة فيه مرتفعة، ومن المضاعفات حدوث استسقاء البطن وما يتبعها من حدوث الالتهاب الغشائي البروتيني البكتيري الذاتي وهو أحد العوامل التي تؤدي إلى حدوث الفشل الكبدي الكلوي وأيضاً حدوث نوبات الغيبوبة الكبدية المتكررة.
يقول الدكتور رضا الوكيل، أستاذ الكبد والجهاز الهضمي بطب عين شمس: يحدث التليف الكبدي لأسباب عديدة منها التهاب الفيروسي الكبدي «سي» و«بي»، وقد يحدث نتيجة بعض أمراض التمثيل الغذائي واهمها السمنة المفرطة التي تؤدي إلى تشحم الكبد الذي يؤدي إلى التهاب تشحمي يؤدي بدوره إلى تليف الكبد على مدى 20 عاماً، ويعد اختلال التمثيل الغذائي أحد الأسباب التي تؤدي إلى حدوث التليف فنقص الحديد يسبب التليف نتيجة اختلال في جينات المريض يؤدي إلى امتصاص كميات كبيرة من الحديد التي تتسرب بدورها في الكبد وكذلك النحاس، ما يؤدي الى حدوث ما يعرف بمرض ويلسون الذي يؤدي إلى التليف، وهناك بعض الأسباب الأخرى مثل احتقان الدم في أوردة الكبد نتيجة هبوط في عضلة القلب وهو ما يعرف بالتليف الناتج عن أمراض القلب، ويوجد أيضاً التليف الناتج عن انسداد القنوات المرارية الذي يؤدي إلى حدوث تليف في وقت قصير، هذا بالإضافة إلى بعض السموم والملوثات التي تسبب حدوث التليف، وفي الغالب يشعر المريض بحدوث ألم مزمن بأعلى البطن من الناحية اليسرى واليمني نتيجة تضخم الكبد في البداية، ثم يحدث تضخم بالطحال في الناحية اليسرى ومع تطور المرض ينكمش حجم الكبد تدريجياً ويتضخم حجم الطحال الذي قد يصل في بعض الأحيان إلى درجة كبيرة ما يعوق المرض عن أداء عمله وتظهر الأعراض في صورة فقدان للوزن مع الإحساس بالإعياء والإجهاد السريع وانتفاخ في البطن مع بروز السرة وظهور فتق في البطن أحياناً وبروز الأوعية الدموية الموجودة في جدار البطن مع ورم مائي بالساقين في بعض الأحيان.
ويضيف الدكتور رضا الوكيل: بعض المرضى المصابون بالتليف يتم اكتشافهم بالمصادفة نتيجة لحدوث نوبات نزيف الدوالي للمرة الأولى أو أثناء الكشف الطبي لسبب أو لآخر، وبعض الحالات لا يتم اكتشافها إلا في المضاعفات الخطيرة مثل سرطان الكبد الذي يعد أخطر مضاعات تليف الكبد أو عند حدوث نوبات الغيبوبة الكبيدة، ومن المعروف أن تليف الكبد يحدث تدريجياً مع بعض الحالات المصابة بفيروس «سي» حيث تحتاج إلى 20 عاماً حتى يحدث التليف لدى المريض، بينما يحدث بصورة أسرع في بعض الحالات المصابة بفيروسي «بي» ويحتاج إلى 10 سنوات وإلى عدة اشهر مع الانسداد المراري أو مع هبوط عضلة القلب ويحدث التليف نتيجة ترسيب ألياف الكولجين في جدار الأوعية الدموية المتخللة لخلايا الكبد مع حدوث تدمير للهيكل الحامل لهذه الخلايا.
ويرى الدكتور رضا الوكيل، أن كل المحاولات التي تبذل لعلاج التليف للتقليل من حدوث ألياف الكولجين أو ذوبان ما تكون منها لم تسفر عن نجاح يذكر، ويتمثل العلاج الحالي للتليف في الوقاية من أسبابه، بمعنى أنه يتم علاج فيروس «سي» أو «بي» وهبوط عضلة القلب لأنه من المعروف متى حدث التليف وعند درجة معينة لا يمكن إعادة الكبد إلى وضعه السابق إطلاقاً، ويتمثل العلاج في عملية زراعة الكبد سواء من متوفى حديث أو فص من الكبد من متبرع حي، وعلى الرغم من التطور الهائل الذي حدث في عمليات زراعة الكبد إلا أن هناك العديد من المشاكل التي تعترضها حتى الآن منها النقص الشديد في الكبد المتاح من المرضى حديثي الوفاة أو المتبرعين الأحياء والتكلفة العالية جداً التي تحتاجها مثل هذه العمليات، بالإضافة إلى نقص المراكز اللازمة لإجراء هذه الجراحة، علماً بأنها تحتاج إلى اختيار دقيق للمرضى الذين تجرى لهم هذه الجراحة من حيث السن أو حالة الكبد، ومن هنا تأتي أهمية علاج مرضى الالتهاب الكبدي الفيروس «سي» أو «بي» الذي أسهم بشكل كبير في الحفاظ على حالة هؤلاء المرضى والإقلال من حدوث حالات الكبد المتليف والإقلال من الإصابة بالسرطان الكبدي.
ويؤكد الدكتور رضا الوكيل، أن المريض المصاب بفيروسي «سي» ولديه تليف بالكبد فإن علاج الفيروس لن يزيل التليف من الكبد ولن يعالج التليف، علماً بأنه قد يحسن من وظائف الكبد لكنه لا يعيده إلى حالته الطبيعية تماماً، حيث إن مريض التليف بعد علاجه من فيروس «سي» واختفاء الفيروس طبقاً للتحاليل يتبقى التليف بكل مضاعفاته وكل احتمالات الخطورة فيه، ومن هنا ننبه هؤلاء المرضى إلى ضرورة المتابعة المستمرة مع الطبيب المختص لعمل الفحوصات الدورية وأهمها أشعة الموجات الصوتية على الكبد كل 6 شهور للاكتشاف المبكر لأي بؤر سرطانية قد تظهر في الكبد وبذلك يتم التعامل المبكر معها، إما بالكي الحراري أو حقن مواد كيماوية عن طريق القسطرة ويجب إجراء فحوص دورية لوظائف الكبد لتقييم حالته الوظيفية وعمل منظار دوري على المرىء والمعدة للاكتشاف المبكر لدوالي المرىء ومتابعتها إذا كانت صغيرة الحجم أو عمل ربط وقائي للحلقات المطاطية إذا كانت كبيرة الحجم.
ويشير الدكتور رضا الوكيل إلي أن المريض الذي يحصل على علاج فيروس «سي» ويختفي منه الفيروس يجب أن يجري فحصاً للتأكد من عدم وجود فيروس «بي» وأنه لا توجد أجسام مضادة من هذا الفيروس، ولذلك يجب أن يحصل على التطعيم ضد فيروس «بي» الذي يتمثل في 3 جرعات وسعره غير مكلف ولكنه يحمي الكبد من الإصابة بالفيروس، وعدم التعرض للملوثات أو السموم التي قد تضر الكبد، ونحذر عند التعامل مع الأدوية وأهمها المضادات الحيوية والمسكنات التي قد تسبب حدوث أزمة نزيف الدوالي والتنسيق مع الطبيب المختص في حالة وصف أي دواء له من أي طبيب في تخصص آخر.
http://alwafd.org/