القناعة كنز لا يفني

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ليس الغِنَى عن كَثْرَة العَرَض، ولكنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْس))



احتجت لخمس دقائق فقط لكي أقنع صديقي العزيز أن لون السماء أخضر ولون العشب أزرق، لكنني لم أفلح في إقناعه أن القناعة كنز لا يفني برغم محاولاتي المضنية لذلك. والسبب أن الجملة الأولى تتعلق بعقله ، أما الثانية فتتعلق ببطنه، ولا شك أن ملء عقله الفارغ أسهل بكثير من ملء بطنه المتخم.

يصعب الآن أن يقتنع أحد بجملة ( من جد وجد ) أو ( البذل معيار العطاء ) فهذه الحكم بالنسبة لكثير من الناس مثل أسبوع النظافة الذي نستنتج منه أن نظافة الشارع مسؤولية عامل النظافة.
حكم كثيرة صحيحة ولا تقبل الشك تحولت اليوم إلى عزاء للفاشلين وقوالب نقولها عندما نتمنى ما يظهر لنا أنه محال (إن المنى رأس أموال المفاليس) كما يقول الشاعر، ولم تعد كما ينبغى ان تكون نوراً للفالحين وطريقاً للناجحين.

الفرق بين الغنى والمال

المنطقة المظلمة التي نحاول هنا أن نسلط الضوء عليها هي الفرق بين الغنى والمال ، وحتى نصل بسرعة دعونا نجيب على هذا السؤال :
هل الغنى هو امتلاك المال ؟
الجواب لا طبعاً ، لأن من لديه مليون قد يكون بحاجة إلى عشرة ملايين وهكذا.
إذن المال أداة من أدوات الغنى وهو أداة مهمة ولا شك، والأداة الثانية هي انعدام الحاجة، وهي تقف مع امتلاك المال في نفس الدرجة.
ونحن عندما ننظر إلى الغنى ننظر إلى ما يدفع الحاجة القائمة فيكون المال أو ما يقوم مقامه ، فأصبحنا نختصر الغنى في امتلاك المال وهذا ما يجعلنا نحوم حول ( أوهام الغنى ) .
لن تجد غنياً واحداً بالمعنى الحقيقي للغنى باعتبارنا المال هو الغنى أو أداته الوحيدة.

يتسأل كثير من الناس كيف يزيد دخله ولم تزل حاجته للمال كما هي ؟
والجواب هو في هذا التصور الخاطئ عن الغنى . لأن غناه ليس مرتبط فقط بالمال كما بينا. ولو بقي دخله على ما كان وانعدمت حاجته إلى المزيد من المال لأصبح غنياً بمال أقل مما يمتلكه الآن.
تأمل هذا الحديث مرة أخرى :
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ليس الغِنَى عن كَثْرَة العَرَض، ولكنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْس))



صديقي العزيز الذي كان كثير الشكوى من حاجته للمال بسبب ضعف راتبه الذي لم يكن يتجاوز الألفي ريال بدا مندهشاَ عندما وصل راتبه إلى خمسة الآف ومازال بحاجة إلى مزيد من المال ، فهل اكتشف أن الغنى مسألة منفكة عن المال ؟!
بالطبع لا ؟!
ولا يمكن أن يقتنع بذلك لأنه يرى أن مشكلته ستحل لو تضاعف راتبه إلى عشرة الآلف ، وهذا ليس صحيحاً .
إن الأثرياء يحتاجون إلى المزيد من المال بنفس الطريقة التي يحتاج الفقراء فيها إلى المال ، لكن لأغراض مختلفة وبقيمة مختلفة .
هناك أشياء في حقيقتها ليست مرتبطة بالمال ارتباطاً مباشراً والتأمل فيها يوضح المسألة أكثر.
فمثلاً نحن نسمع كثيراً عمن رأى فتاة وأحبها ثم لما فقدها لم يهنأ له بال ، إن حصوله على نساء الدنيا كلها لا تعوض هذا المحب عن حبيبته ، وحصوله على حبيبته لا يعني شيئاً، لأنها فقط مسألة حاجة لم تُسد.
"وما الحب إلا غرة وطماعة ، يعرض قلب نفسه فيصاب" كما يقول المتنبي .
منقووووول لجمال ما فيه فقد أبدع فيه الكاتب و أجاد

ما أشبه مواضيعك بمجالس العلم


ففيها الأستاذ متمثل في شخصك الكريم


وفيها الطلاب المتمثلين في الحضور

ريما الكريمة


دمت منيرة