لماذا ألوان البديع كثيرة ؟

موضوع: لماذا ألوان البديع كثيرة ؟ 20/4/2009, 00:00

أيرجع ذلك إلى تكلف بعض البلاغيين في التنويع والتفريع لهذه الألوان البديعية ؟

وإذا كان هذا الجواب

فما سبب هذه التكلف ؟

أيكون السبب في هذا هو دعوة ابن المعتز لغيره من البلاغيين أن يضيفوا على ماجاء به من فنون ، حينما قال : ( اقتصرنا بالبديع على الفنون الخمسة اختيارًا من غير جهل بمحاسن البديع و لا ضيق في المعرفة فمن أحب أن يقتدي بنا فليفعل ، ومن أضاف إلى هذه المحاسن أو غيرها شيئًا إلى البديع فله الإختيار ) والتي امتد أثرها عبر القرون ..

وكانت النتيجة أنهم خلطوا بديعًا مزيفًا بالبديع الحقيقي كما يقول الدكتور شوقي ضيف في كتابه ( البلاغة تطور وتاريخ ) كالقسَم والاستدراك والتلفبق وعموم الخطاب .... الخ
يقول د. أحمد موسى: (كان المنحى الذي نحاه عبدالقاهر بأصباغ البديع أمثل المناحي وأجلها وأعودها على هذا العلم بأحمد النتائج وأطيبها إذ سلف به مسلك المباحث التي يتقوم منها أخواه -المعاني والبيان- وجعل الحسن فيه أصيلا يتم الغرض بوجوده ويعدم بعدمه، وأبرزه في معرض سليم العبارة صافي الديباجة قوي التصوير، ينبئ عن ذوق أدبي معدوم النظير، وقوة في التحليل والغوص على أسرار الأساليب ليس لها مثيل.
فلما كانت أواخر القرن السادس وأوائل السابع أخذ البديع كزيميليه ينحدر رويدا رويدا إلى هاوية الإسفاف والانحطاط، ويفقد صبغته الأدبية التي أبرزته في معرض الإشراق والإعجاب، ويتعثر في قيود ضيقة قدها له المنطق والفلسفة حتى صار هم العلماء تعديد ألوانه والاكتفاء بتحديدها كما تحدد الكلمات اللغوية، وسوق الأمثلة التقليدية التي يتوارثونها لكابر عن كابر...وقد زاده تعثرا على مر الزمن وقوعه فريسة للشراح والمقررين الذين يرون أن الحذق والتمهرإنما يظهران في العناية بالجدل الذي لا يفيد، وافتراض الاعتراضات والشبه، ثم الاشتطاط في الإجابة عليها، مما قضى على البديع وذهب بروعته الأدبية وأورده موارد العقم والجمود) . الصبغ البديعي: 243
هذا الكتاب من أعمق كتب البديع وأفضلها..لم يترك شاردة ولا واردة في علم البديع إلا ناقشها باستفاضة.. جزاه الله عنا خير الجزاء.
إن شئت أعطيتك بيانات الطبعة.
أما كتب أحمد مطلوب فنظرت نظرة سريعة في (أساليب بلاغية) الذي يتعلق بالبديع، وفي معجم المصطلحات، فلم أر شيئًا عن هذا المجال.

ما أذكره للدكتور محمود توفيق وجهة نظر في موضوع البديع جديرة بالاهتمام

وهو يرى أن البديع يمكن تأويله ( أي إرجاعه إلى مصدره ) من خلال علمي المعاني والبيان
وهو يرى أن كل بديع إما أن يكون الحسن فيه ناشئا من التركيب أو من وضوح المعنى وخفائه
فإن كان عائدا إلى التركيب فهو من المعاني وإن كان من المعنى مثل التورية فهو من البيان بل قد يكون المحسن نفسه يمكن تناوله من حيث التركيب ومن حيث جلاء المعنى فيكون داخلا في المعاني والبيان وهكذا يتوزع باب البديع فيهما، وقد أشار أن في هذا الموضوع جدة وهو بحاجة إلى رسالة علمية تؤصل القضية .
وفكرته هذه مرجعها إلى مجالات النظر في التفكير البلاغي فهو يتحدد عنده في خمسة أمور :
1- صورة المعنى المكنون في صدر المتكلم .
2- المعنى البياني الذي تحمله الصورة
3-دلالة صورة الكلام على معانيه
4-مقتضِيات اصطفاء الصورة
5-الأثر النفسي عند المتلقي

إن كثرة ألوان البديع يعد مما رزئت به البلاغة العربية عموما وعلم البديع بخاصة ولعل ذلك يعود أساسا إلى فترات الجمود التي عانت منها البلاغة العربية والذى انطوى أيضا على جفاف منابع الفن والجمال وانصراف قرائح النقاد آنذاك ومعهم البلاغيين أيضا إلى محاولات التقعيد والتشقيقات التى أضرت بالبلاغة العربية أكثر من النفع الذى كانت ترومه ، تلك المحاولات البائسة فقيرة الإنتاج , فكانت أن انصرفت الهمم نحو الانشغال بماهية تعريف اللون البديعى وذكر روافده المختلفة ، وما يتبعه من ألوان بديعية ترتبط به .
وهكذا تحولت وجهة الألوان البديعية إلى غير القصد الذى رامه عبدالقاهر وابن رشيق وحتى اببن المعتز المتقدم عنهم وأيضا السكاكى المتأخرعنهم.