حسن بن مصطفى بن مأمون
(1311- 1393هـ/1894 – 1973م)
ولد بالقاهرة فى 13-6- 1894م الموافق 9-12-1311هـ فى بيت علم في (حي الخليفة) بمدينة القاهرة
،و كان والده إمام مسجد الفتح بقصر عابدين ، ومن يشغل هذا المنصب يُعدُّ إمامًا دينياً لملك مصر ،فاعتني والده بتربيته التربية الدينية القويمة ، فحفظ حسن مأمون في طفولته القرآن مع تجويده ، ثم ألحقه أبوه بالتعليم الأزهري
وفي سنة 1327هـ 1909م حصل على الثانوية الأزهرية و التحق بمدرسة القضاء الشرعى
وفي سنة 1336هـ 1918م تخرج من مدرسة القضاء الشرعي
وعمل بالقضاء بالمحاكم الشرعية معظم حياته الوظيفية يًا يستعرض أدلة الفقهاء في المذاهب الفقهية المختلفة، وكان ذا بصيرة ملهمة في فقه النصوص الشرعية والإلمام بمقاصد التشريع ومعرفة أنماط الفتوى وأسباب تنوعها.
بدأت حياته الوظيفية في 4 -10- 1919م (الموافق 10-1-1338هـ) عندما عين موظفا قضائيا بمحكمة الزقازيق الشرعية بمحافظة الشرقية
وفي 1-7- 1920 م نقل للعمل كموظف بمحكمة القاهرة الشرعية
وفي 5-7-1339هـ الموافق 14-3-1921م تمت ترقيته إلى قاضٍ من الدرجة الثانية ونُقِلَ إلى محكمة طنطا الشرعية
وفي16-6-1348هـ الموافق 18-11-1929م نقل إلى محكمة مصر الشرعية،
و تمت ترقيته إلى قاض من الدرجة الأولى في نفس هذا الشهر،
ثم في في 1-2-1939م ( سنة 1358هـ ) رقي إلى منصب ( قاضي عام )،
وفى أوائل يوليو سنة 1920م نقل إلى محكمة القاهرة الشرعية،
وفي سنة 1349 هـ جري ترقيته إلى قاض من الدرجة الأولى .
وفي 3 -1-1941م الموافق 5-12-1359هـ صدر مرسوم ملكي بتعيينه بمنصب ( قاضي قضاة السودان )
وقد سافر هناك وأمضى في منصبه هذا قرابة 6 سنوات
وفي 17-2-1947م (الموافق 27-3-1366هـ) عاد إلى القضاء الشرعى بمصر للعمل بمنصب ( رئيس محكمة القاهرة الابتدائية الشرعية )
ثم ترقى ليكون عضوًا في المحكمة الشرعية العليا في 8-12-1947م الموافق 25-1-1367هـ
ثم في ( 13-5-1951م الموافق 7-8-1370هـ) عين نائباً لرئيس المحكمة العليا الشرعية
وفي 26-2-1952م الموافق1-6-1371هـ تولي منصب رئيس المحكمة العليا الشرعية
ولما قربت سن إحالته للمعاش وبالنظر للحاجة الماسة إلى كفاءة فضيلته قام مجلس الوزراء بمد عمله سنة أخرى بناءً على طلب وزير العدل وذلكوفي 24 -6-1374هـ الموافق 16-2-1955م
وفى 16 -2-1955م اقترح وزير العدل على مجلس الوزراء المصري إسناد منصب ( مفتي الديار المصرية ) إلى الشيخ حسن مأمون للانتفاع بعلمه الغزير وكفاءته الممتازة
فأسند مجلس الوزراء إليه منصب المفتي اعتبارا من 1-3- 1955م ( الموافق26-7- 1964م
وروي مفتي مصر (د. علي جمعة) أنه ذات يوم ذهب ضابط من السلطة في زمن الرئيس جمال وطلب من المفتي حسن مأمون إصدار فتوى تؤيد المذهب الاشتراكي فقام حسن مأمون بطرد الضابط من مكتبه.
أصدر فضيلته خلال فترة توليه منصب الإفتاء حوالي (12311) فتوى مسجلة بسجلات دار الإفتاء
ومن فتاويه الهامة جواز اعدام الجواسيس حيث أفتي بقتل من يتعاون مع الأعداء ملحقاً الأذى والضرر في صفوف المسلمين وقتل من يتجسس على المسلمين ويتصل بأعدائهم ويعطيهم علما بأسرار عسكرية سرية.
وفتواه بجواز تزويج الأنثي البالغة نفسها دون إذن وليها طالما تحرت شرطين أن الزوج كفؤ لها وأن المهر مهر مثلها حتى لا يعير وليها العاصب بمصاهرة غير الكفء أو بنقصها عن مهر مثلها
وفى 26-7-1964م الموافق 17-3-1384هـ عين الشيخ حسن مأمون في منصب (شيخ الأزهر ) بنص القرار الجمهوري رقم 2444 لسنة 1964 م
وهو شيخ الأزهر رقم 39 في قائمة من تولوا منصب ( شيخ الأزهر)
وكان مدير مكتبه هو العلامة المفسر ( محمد متولي الشعراوي )
وآنذاك كان يذاع بالتليفزيون المصري برنامج ( نور على نور ) لعلماء الدين الأفاضل يتحدثون في أمور الدين للشعب أسبوعياً بعد صلاة كل جمعة ،وكان المذيع ( أحمد فراج ) يعد البرنامج و يقدمه فكان يتردد كثيراَ على مكتب شيخ الأزهر ( حسن مأمون ) ، و في إحدى المرات دار حوار فقهي بينه و بين مدير مكتبه الشيخ الشعراوي .فأعجب أحمد فراج - بسعة علم الشيخ الشعراوي و بقدرته على الإقناع ، فطلب منه الظهور في حلقة تليفزيونية من برنامجه فوافق و من ذلك الحين اشتهر الشيخ الفقيه المفسر متولي الشعراوي عند الناس وبعدها صار له برنامج تليفزيوني دائم يفسر فيه معاني آيات القرآن للمشاهدين
وفي فترة ولاية الشيخ حسن مأمون لمنصب شيخ الأزهر نشر الكاتب الاسلامي (سيد قطب) كتاب (معالم في الطريق) وصف حال المجتمع في عهد جمال بالجاهلية00 وأرسل الكتاب للأزهر لفحصه فأعد رئيس لجنة الفتوى بالأزهر( الشيخ محمد عبد اللطيف السبكي ) فتوي طويلة حول كتاب سيد قطب قال فيه أن النظرة الأولى لكتاب (معالم في الطريق) تظهر أنه كتاب يلبي نداء الإسلام لكن المرء ينفر منه بعد ذلك من أسلوبه الملتهب- وتأثيره وخيم العواقب على النشء وعلى القراء الذين يعانون من نقص ثقافتهم. . واستطرد السبكي يفند الكتاب كلاً وجزءاً. وخلص إلي أن:
1- من الكفر وصف أية فترة بالجاهلية باستثناء الفترة التي سبقت البعثة المحمدية
2- سيد قطب استخدم مقولة (الحاكمية لله) لكي يطلب من المسلمين أن يعارضوا أي حكم أرضي وكتابه (معالم في الطريق) يسعى إلى إيهام بسطاء العقول وتحويلهم إلى متعصبين وقتلة عميان
أي كانت وجهة نظر الأزهر الرسمية ضد سيد قطب
بعد محاكمة صورية أعدم الرئيس جمال عبد الناصر الكاتب الاسلامي (سيد قطب) في 29-8-1966 (=12-5-1386هـ ) يعرف الجميع أنه أعدم في الحقيقة بسبب تأليفه لكتابه ولكن الاتهام الرسمي كان التآمر لقلب نظام الحكم ورفض جمال أية شفاعة لشافع للتنازل عن اعدامه
، وأثناء توليه مشيخة الأزهر ذلَّلَ الشيخ حسن مأمون الكثير من العقبات التي كانت تعترض الأزهر، ومع المناصب العليا التي شغلها فضيلته فإنه كان حريصًا على إلقاء الدروس على طلبة قسم القضاء بكلية الشريعة. كما ظل رئيسًا لمجلس إدارة مسجد الإمام الشافعي - وظل الشيخ يباشر عمله في مشيخة الأزهر حتى تناوشته الأمراض
لما جاءت سنة1389هـ سبتمبر 1969م ثقل المرض علي الشيخ حسن مأمون فاستعفى من منصب شيخ الأزهر أي استقال لاعتلال صحته
،
تفرغ الإمام حسن مأمون للعبادة والدراسة والتدوين، كما ظل يواصل الإشراف على الهيئة العلمية القائمة على تصنيف
(الموسوعة الفقهية الكبرى) التي يصدرها المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية. وللإمام فضل كبير في تنظيم هذه الموسوعة، وكتابة ومراجعة بعض موادها الفقهية.
من مؤلفاته:
-الفتاوى
وقد أصدر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الجزء الأول منها وطبعته دار التحرير بالقاهرة سنة 1969م.
-دراسات وأبحاث فقهية
نشرها الإمام أو راجعها في الموسوعة الفقهية الكبرى التي يصدرها المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة
-السيرة العطرة
وهي سلسة أبحاث كتبها الإمام وأذاعها .
-الجهاد فى الإسلام
ولم يطبع.
- تفسير موجز لسور: الضحى والانشراح، والقدر
وفي عام 1970م منحته مصر وسام الجمهورية من الطبقة الأولى
توفي يوم 19-5- 1973م الموافق 17-4-1393هـ)
و تكريما لاسمه وجهوده سمي شارع بالقاهرة باسمه
كما تم منح اسمه وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى بمناسبة الاحتفال بالعيد الألفى للأزهر
أهم المصادر:
- مقال عن الأمام حسن مأمون بموقع دار الإفتاء المصرية
http://dar-alifta.gov.eg/ViewScientist.aspx?ID=67
- الأزهر في ألف عام للدكتور محمد عبد المنعم خفاجي. ج1 ص ( 348، 349).
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن للشيخ علي عبد العظيم. ج2 ص (611- 633
الفحام ، محمد محمد
(1312 – 1400/1894 – 1980م)
صورة الشيخ الفحام :
ولد فى الإسكندرية في يوم 18-9-1894م الموافق 18-3-1312هـ
، فلما أتم حفظ القرآن ألحقته أسرته بالمعهد الديني بالإسكندرية، الذي أنشئ سنة 1321هـ 1903م
ذات يوما زار شيخ الأزهر ( سليم البشري ) المعهد فسأل الطالب محمد الفحام عدة مسائل فوجده مُلمًّا بالنحو فأثنى علي نجابته(
#1) ثم قرأ له الفاتحة ودعا له بالخير والبركة.
ولوحظ اهتمامه في نشأته بالمنطق والجغرافيا حتي أنه ألّف كتابا في المنطق بعنوان "الموجهات" وهو لا يزال طالبا في الصف الثاني الثانوي، انتفع به رفاقه في معهد الاسكندرية (
#2)
وأثناء الدراسة لاحت أمامه فرصة للالتحاق بدار العلوم، وكان كثير من طلبة الأزهر تركوا الأزهر للالتحاق بدار العلوم أو القضاء الشرعي طمعًا في مستقبل أفضل، واستشار الطالب والده في ذلك، فقال له: إنني واثق بجودة رأيك، وحسن اختيارك، فاتَّجه إلى ما تراه صوابًا والله معك، أما أمه فكانت امرأة صالحة تتفاءل بالأزهر فأوصته ألا يتركه، واستجاب لرأيها
وظل في هذا المعهد حتى واصل الدراسة بالقسم العالي،
وفي سنة 1341هـ= 1922م نال شهادة العالمية النظامية بتفوق بعد امتحان أداه بالجامع الأزهر
بعد التخرج اشتغل بأمور التجارة لفترة 4 سنوات ، لكن رغبته في التدريس دفعته لدخول مسابقة أجراها الأزهر لاختيار مدرسين للرياضيات
ونجح بجدارة في المسابقة(
#3)،
وبناء عليه في 4-10- 1926م الموافق سنة 1345هـ جري تعيينه مدرساً في المعهد الديني بالإسكندرية، فقام فيه علي تدريس الرياضيات إلى جانب تدريسه العلوم الدينية والشرعية (علوم الحديث والنحو والصرف والبلاغة (
و في سنة 1354هـ 1935م انتقل إلي القاهرة ليعمل في ( كلية الشريعة ) بوظيفة مدرس مادة (المنطق وعلم المعاني) (أي: المنطق والبلاغة)
كان انتقاله للعاصمة فرصة تبشر بإمكانية أن يواصل دراساته العليا
وبالفعل أرسلته مصر في بعثة تعليمية إلى فرنسا سنة 1355هـ 1936م
ونشبت الحرب العالمية الثانية وهو بفرنسا فلم يستطع العودة إلى مصر بعد حصوله على ليسانس الآداب بسبب الحرب العالمية الثانية فاستمر هناك فترة- وقد أنجب أثناء بعثته في فرنسا بنتين
وخلال تلك الفترة حصل على دبلوم تعليم اللغة العربية من جامعة بوردو 1363هـ ، ودبلوم في اللهجة السورية واللبنانية 1365هـ
وفي سنة 1366 هـ نوقشت رسالة الدكتوراه المقدمة منه إلي جامعة السوربون التي يعدونها أعرق جامعات فرنسا وكانت رسالة الدكتوراه بعنوان ( إعداد معجم عربي فرنسي للمصطلحات العربية في علمي النحو والصرف )
وبهذه الرسالة حصل علي شهادة الدكتوراه
واستطاع على الرغم من الظروف المحيطة به أن ينال دبلوم مدرسة الإليانس فرانسيز في باريس سنة 1938م 1357هـ ، كما نال دبلوم مدرسة اللغات الشرقية الحية في الأدب العربي سنة 1941م، ونال في نفس العام دبلومًا آخر في اللهجات اللبنانية والسورية، ودبلوم التأهيل لتعليم اللغة الفرنسية من كلية الآداب بجامعة بوردو سنة 1941م
فعاد لمصر في سبتمبر سنة 1946م 1366هـ يحمل دكتوراه جامعة السوربون
.وبعد عودته اشتغل مدرسا بكلية الشريعة، ثم نقل منها إلى كلية اللغة العربية لتدريس الأدب المقارن والنحو والصرف، ثم انتدب إلى جانب عمله مدرساً للأدب العربي بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية
وفي سنة 1947م طلبته لجنة المؤتمر الثقافي العربي الأول المنعقد في (بيت مري) في لبنان ليمثل الأزهر، وقد صحبه في تمثيل الأزهر الأستاذ المرحوم الشيخ محمد عرفة، والأستاذ المرحوم الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، وقد انتهز هذه الفرصة فزار معظم حواضر سوريا ولبنان وعقد صلات مودة وثيقة بينه وبين علمائها، وفي سنة 1949م اتصل به المسؤولون عن جامعة الإسكندرية للتدريس في كلية الآداب فيها فقام بالتدريس فيها مع تدريسه في كلية اللغة العربية بالأزهر.
رحلاته:
جاب العالم العربي ممثلا عن الأزهر
كما زار نيجيريا في سنة1371هـ 1951م بتكليف من مجلس الأزهر الأعلى للتعرف على أحوال المسلمين هناك ، فقضى بها خمسة أشهر، زار فيها أهم مدنها وقابل علماءها وأمراءها و استقبلته الجماهير بحفاوة منقطعة النظير حتى كانت دموعه تغلبه فتفيض من شدة التأثر.
وفي سنة 1952م زار باكستان ممثلا للأزهر في المؤتمر الإسلامي المنعقد بكراتشي حيث ألقى بحثًا قَيِّمًا ممتازًا نال إعجاب الأعضاء.
وفي مارس سنة 1959م ( سنة 1379هـ) تولى منصب عميد كلية اللغة العربية حتى سنة 1380هـ 1960م ، حيث ُباشر عمله في العِمادة والتدريس والتَّوجيه حتى حان موعد إحالته إلى المعاش في 18-9-1959م فصدر قرار جمهوري بمد خدمته عامًا، ثم صدر قرار آخر بمد خدمته ثلاثة أشهر أخرى حيث ترك العمل في 18-12-1960م
ولما أحيل إلى المعاش لم يخلد إلى الراحة والسكون؛ لأنه خلق مفطورًا على العلم وعلى العمل، وكانت شهرته قد ذاعت فأقبلت عليه الهيئات العلمية في الداخل والخارج كل الإقبال،
ففي سنة 1961م حضر وزير أوقاف باكستان إلى القاهرة واجتمع بلفيف العلماء بمكتب وزير أوقاف مصر لاختيار أحدهم لوضع منهج تدريس اللغة العربية والعلوم الإسلامية بأكاديمية العلوم الإسلامية في باكستان وكان فيهم الدكتور الفحام، وانفض الاجتماع، وسافر إلى الإسكندرية وما كاد يصل إليها حتى طلبه نجله هاتفيًّا للحضور إلى مكتب السفارة الباكستانية بالقاهرة لمقابلة وزير أوقاف باكستان في بيته وأنبأه باختياره للسفر إلى باكستان لوضع المناهج المطلوبة، فقضى هناك ستة أشهر أتمَّ فيها مهمته وأدَّى واجبه خير أداء، وانتهز الفرصة فزار مدن الهند وقابل علماءها الأعلام، واتصل بالهيئات الإسلامية فيها ووثق الروابط بينها وبين الأزهر.
وفي سنة 1963م سافر إلى موريتانيا ممثلا للأزهر لدراسة أحوال المسلمين فيها، وللوقوف على مدى حاجتهم إلى المدرسين من علماء الأزهر ومعرفة مقدار المنح الدراسية المطلوبة من الأزهر للطلبة الموريتانيين، والمعروف أن علماء موريتانيا يتحدثون العربية الفصحى ويحفظون كثيرًا من متون اللغة ومن عيون الشعر والنثر العربي فمنهم من يحفظ المعلقات، وغير ذلك، وقد بهرهم الشيخ الفحام بعلمه الغزير وخلقه القويم وإيمانه العميق، فاجتمع العلماء ومنحوه لقب (مواطن موريتاني) وسجلوا هذا في وثيقة علم بها وزير الداخلية في موريتانيا فوقَّع عليها معهم وجعلها وثيقة رسمية.
وفي سنة 1964م كلَّفه المجلس الأعلى للأزهر بالاشتراك في المؤتمر الإسلامي التمهيدي المنعقد في (باندونج بأندونيسيا) وفي سنة 1965م عاد إلى أندونيسيا للمشاركة في المؤتمر الإسلامي المنعقد في باندونج، والمكون من مندوبي الدول الإسلامية والإفريقية.
فتعرف إلى معظم زعماء وقادة العالم الإسلامي، ومنهم العالم الإسلامي الكبير عبد الكريم سايتو، زعيم المسلمين في اليابان الذي أهاب بعلماء المسلمين في المؤتمر لينشروا الإسلام في اليابان هاتفًا بهم: تعالوا بنا معشر المسلمين ننشر الإسلام في ربوع اليابان، وانعقدت أواصر الصداقة بينه وبين الدكتور الفحام، منذ ذلك الحين.
وفي سنة 1967م زار ليبيا والجزائر ثم أسبانيا وشاهد الآثار العربية الإسلامية الرائعة في مدريد، وطليطلة، وقرطبة، وأشبيلية، ومالقة، والجزيرة الخضراء، وغيرها، كما زار (الأسكوريال) واطلع على ذخائر التراث العربي فيها.
أما زياراته للمملكة العربية السعودية فقد تعددت حيث أدى فريضة الحج ست مرات، وأدى العمرة ثلاث مرات.
توليه منصب شيخ الأزهر :
في 5-7-1389هـ الموافق 17-9-1969م تولى مشيخة الأزهر خلفا لحسن مأمون وذلك بموجب قرار جمهوري رقم 1729
فنهض بأعباء المنصب ومسئولياته في ظل ظروف الحزن والمرارة بعد نكسة الجيوش العربية في حرب1967م 1387هـ واحتلال اليهود القدس والضفة وسيناء وتضحيات الشعب لبناء جيش أقوي وأكثر إيماناً وتدريباً.
وفجأة شوهدت بمصر كتب خسيئة واردة من بيروت للتبشير الضال كتبها بعض المحرفين يدعون أن القرآن يؤيد ألوهية عيسي وصلب عيسي ، وأن التوراة والإنجيل لازالتا علي نصهما الأصلي لم يلحقهما تحريف، وأن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) مسيحي! وأن القرآن هو ترجمته للكتاب المقدس من السريانية الي العربية وغير ذلك من التخريف المستهدف لتضليل البسطاء إلي تأليه عيسي مثلهم وإدخال المسيحية المحرفة لأن المسيحية الأصلية تقول بتوحيد الله وببشرية المسيح ونبوة محمد ليس فيها عقيدة تخالف الاسلام
وأحدثت تلك الكتب غضبة اسلامية في وقت تربص الأعداء بمصر واضطر شيخ الأزهر إلى عقد اجتماع علي عجل لمجلس البحوث الإسلامية في 28-1-1391هـ الموافق 25 -3- 1971م للتداول وكان في الشيخ أناة وحلم فمال إلى مواجهة الفتنة بالعلم والمجادلة بالحق وأقنع المجلس باختيار خمسة علماء لنقض الكتب التبشيرية،
وفجأة حدث في ضاحية (الخانكة ) احدي ضواحي القاهرة حادث مؤسف حيث أطلق مسيحيون مسلحون النار على بعض المسلمين، وتجهز بعض المسلمين للرد الموجع، وكاد الأمر يتحول لاشتباكات لولا تدخل رئيس مصر أنور السادات ببعض الاجراءات كما تشكلت لجنة برئاسة وكيل مجلس الشعب لتقصي الأسباب والتوصية بالحلول فأمدها شيخ الأزهر الفحام ببعض الأفكار التي أسكنت الفتنة
وفي سنة 1970م (بعد ولايته مشيخة الأزهر) زار السودان فقوبل بحفاوة منقطعة النظير
وفي سنة 1970م أيضاً تلقى دعوة من علماء المسلمين في الاتحاد السوفيتي ومفتيها ( ضياء الدين بابا خانوف ) لزيارة الاتحاد السوفيتي، فلبَّى الدعوة، وزار جمهوريتين إسلاميتين من جمهوريات الاتحاد السوفيتي الآسيوية وهما جمهورية أوزبكستان، وجمهورية طاجيكستان، كما زار سمرقند، وخرتنك وفيها ضريح الإمام البخاري رضي الله عنه، كما زار موسكو وليننجراد، وغيرها من البلاد الروسية، والتقى بزعماء المسلمين وعقد معهم أوثق الصلات.
وفي سنة 1971م زار إيران بدعوة من وزارة الأوقاف الإيرانية، فجال في كثير من مدنها الشهيرة، مثل طهران وأصفهان وقم، والتقى بكثير من أعلام الشيعة الإمامية، وقد استقبلوه بحفاوة عظيمة تتفق ومنزلته ، واتفق الجميع على العمل في سبيل تحقيق الوحدة الإسلامية .
وفى سنة 1392هـ 1972م اختير الشيخ عضوا بمجمع اللغة العربية
إستعفاؤه :
وفى مارس 1973م ( عام 1393هـ ) تقدم في العمر واعتلت صحته وعمره إذ ذاك 79 عاماً فرأى أنه ليس في استطاعته أن يقوم بتبعات منصب شيخ الأزهر فاستعفى فأجابه رئيس مصر أنور السادات على طلبه بالموافقة وأعفاه من منصبه لاعتلال صحته وأصدر قرار جمهوري في 27 من مارس سنة 1973م بتعيين الأستاذ الدكتور عبد الحليم محمود شَيْخًا للأزهر خلفاً له
وتم تكريم الشيخ محمد محمد الفحام في نفس العام عام 1973بمنحه وسام الجمهورية من الطبقة الأولى
بعد خروجه من المشيخة :
قضى الشيخ وقته في القراءة وكتابة البحوث لمجمع اللغة العربية
وفي سنة 1976م زاره صديقه الزعيم الإسلامي الياباني (عبد الكريم سايتو ) في منزله بالقاهرة ورجاه حضور المؤتمر الثامن لرجال الدين الذي سينعقد باليابان، فاستجاب لرجاء صديقه، وحضر مندوب المؤتمر فقابل الشيخ وطلب منه إعداد كلمة عن الإسلام فأعدها، وسافر إلى اليابان وحضر المؤتمر في 13-6-1976م، وألقى الكلمة فاستقبلت بالإعجاب والتقدير وترجمت إلى اليابانية والإنجليزية ليعم نفعها جمهرة الباحثين والدارسين.
مؤلفاته
انشغل بالتدريس عن تصنيف الكتب فلم يترك مؤلفات سوي :
معجم المصطلحات النحوية باللغة الفرنسية -
رسالة الموجهات فى المنطق-
سيبويه وآراؤه فى النحو-
المسلمون واسترداد بيت المقدس ( أصدرته الأمانة العامة لمجمع البحوث الإسلامية سنة 1970م)
- مقالاته في مجلات( الأزهر) و (منبر الإسلام) و (مجمع اللغة العربية)
- مقالات عديدة نشرها في مجلة المعرفة التي كانت تصدر بالعربية والفرنسية في باريس
وفاته:
في أيامه الأخيرة كان رجلا صواما قواما حتى لاقى ربه ، و قبل وفاته كان صائما رمضان وقام ليتوضأ فسقط على الأرض وأصيب بكسر قدمه - وقيل بل بكسر في عظام الحوض - ونظرًا لظروف شيخوخته حيث كان قد بلغ ال 86 عاما -فقد رفض الأطباء إجراء عملية جراحية له فلازم الشيخ السرير لمدة شهرين في بيته بالاسكندرية حتى توفي ببيته يوم19 -10-1400هـ الموافق 31 -8-1980م
وتكريماً له قبل وفاته تمت تسمية الشارع الذي يسكن فيه وهو (شارع أبيقور )- بالإبراهيمية )
باسم (شارع الشيخ محمد محمد الفحام)
وبعد موته تم منح اسمه وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى بمناسبة الاحتفال بالعيد الألفى للأزهر
أسرته :
له خمسة أبناء وهم:
1- محمود وهو يقيم بالأسكندرية
2- إبراهيم وهو ضابط وصل لرتبة لواء وقد توفي بالقاهرة
3- أحمد وقد توفي
4- ابنته التي تزوجت من محمد رضا وقد ماتت في السعودية
-5-ابنته التي تزوجت من الدكتور محمد هلال الذي مات عنها وتعيش بالقاهرة
========
الهامش :#1 ) - بحسب موقع دار الافتاء فالقصة هي أن الشيخ (سليم البشري) حضر لزيارة معهد الإسكندرية الديني، ومعه لفيف من كبار العلماء وفي مقدمتهم الشيخ (محمد أبو الفضل الجيزاوي) شيخ معهد الإسكندرية الديني ،وكان الوقت وقت امتحان الطلبة، فاهتزت هيئة الامتحان، وجاءت بالطالب (محمد محمد الفحام) الطالب بالسنة الثانية الابتدائية أمام لجنة الامتحان فسأله الإمام البشري في باب نائب الفاعل، فقال الطالب: إن بعض النحاة يسميه باب المفعول الذي لم يسم فاعله، فقال له الإمام البشري أي العنوانين تفضل؟
فقال الطالب: أفضل عنوان (نائب الفاعل) لسببين: أنه أوجز عبارة؛ ولأن نائب الفاعل لا يكون دائمًا هو المفعول به كأن يكون ظرفًا مثل قولك: سهرت الليلة، أو مصدرًا مثل: كتبت كتابة حسنة، أو جارًا ومجرورًا، مثل: أهذا طالب بالسنة الثانية الابتدائية أم الثانوية؟!
#2 ) - تم طبع هذا الكتاب بعد سنة 1932م، وأقبل عليه الطلبة في الإسكندرية وغيرها، وانتفع به طلاب العَالِمية المؤقتة
#3) -وكان الأزهر قد أعلن عن مسابقة بين العلماء في العلوم الرياضية لتعيينهم مدرسين للرياضة بالمعاهد الدينية سنة 1926م، فتقدم للامتحان وفاز فيه بتفوق، فعرض عليه الأستاذ خالد حسنين مفتش العلوم الرياضية بالأزهر أن يعينه بمعهد دمياط أو غيره من معاهد الوجه البحري فأبى التعيين في غير الإسكندرية، وتم تعيينه بها تلبية لرغبته
============
المصادر :
- تتمة الأعلام للزركلي، محمد رمضان، دار ابن حزم -بيروت، (1418هـ= 1998م).
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- المجمعيون في خمسين عامًا، محمد مهدي علام، الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية- (1406هـ= 1986م).
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف: علي عبد العظيم
- موقع الأزهر
- موقع دار الافتاء المصرية