أوصى تقرير صادر عن هيئة المفوضين بمحكمة القضاء الإدارى باحقية المستهلك فى معرفة أماكن وتوقيتات قطع التيار الكهربائى وإعلان جدول يوضح سياسية تخفيف الأحمال بالمواعيد والأماكن المتطلبة لذلك والزام جهة الادارة بالمصروفات .
اكد التقرير الذى اعده المستشار اسلام الشحات رئيس هيئة المفوضين ان المستهلك له حق قانونى ودستورى فى المعرفة وفقا لمبادئ الحكومة والإفصاح والشفافية وتفعيل المسئولية الإجتماعية وحرية ممارسة النشاط الإقتصادى التى كفلها القانون للجميع، كما لا يمكن بدون تمكين المستهلك من الحصول على البيانات والمعلومات تطبيق أحكام الدستور والقانون على وجهه الصحيح ، فما قرره الدستور والقانون من الحق في المعرفة سيكون نصا بلا جدوى إن لم تتحدد ماهية و حدود الحق الأساسى للمستهلك و منه حقه فى المعرفة بتمكينه من معرفة توقيتات قطع خدمة التيار الكهربائى المتعاقد عليها باعتبارة مستهلاكا لتلك الخدمة.
واضاف التقرير ان حماية المستهلك وكفالة حقوقه ورعاية مصالحه الحيوية المشروعة هى فى حقيقة الأمر المفهوم المعاصر لحقوق الانسان ولما كانت جهة الإدارة قد امتنعت دون مسوغ من القانون عن إصدار قرار بتنظيم حق المستهلك المشترك في خدمة الكهرباء فى معرفة أماكن وتوقيتات قطع التيار الكهربائى.
واوضح التقرير ان جهة الادارة امتنعت عن إصدار وإعلان جدول يوضح سياسية تخفيف الأحمال بالمواعيد والأماكن يعد إهدار لأحد الحقوق الاساسية المتعلقة بحماية حقوقه و مصالحه الحيوية المشروعة ، فان قرارها المطعون فيه يكون قد وقع فى حمأة مخالفة القانون وهو الامر الذي يتعين معه التقرير بألغاء القرار المطعون علية علي النحو الوارد بالاسباب.
وأشار التقرير إلى أن قرار جهة الإدارة السلبي المطعون عليه بالامتناع عن إصدار قرار بتنظيم حق المستهلك في الحصول على المعرفة المتعلقة بحماية حقوقه ومصالحه المشروعة وفقاً لحكم المادة 2ـ البند هـ من قانون حماية حقوق المستهلك الصادر بالقانون رقم 67 لسنة 2006، هو قرار إداري مما يجوز الطعن عليه أمام مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري ومن ثم يضحي الدفع بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيا بنظر الدعوي وبعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري بلا سند من القانون خليق بالرفض وهو ما نكتفي بذكره بالاسباب دون المنطوق ، ومتي كان القرار من القرارات السلبية التي لا تتقيد بمواعيد دعوى الإلغاء ، فقد استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية الأخرى المقررة قانوناً، وتكون مقبولة شكلاً .
واستند التقرير فى توصياته على عدد من مواد الدستور، وهى المادة 8 من الدستور التى تؤكد "يقوم المجتمع علي التضامن الاجتماعي وتلتزم الدولة بتحقيق العداله الاجتماعية وتوفير سبل التكافل الاجتماعي بما يضمن الحياة الكريمة لجميع المواطنين علي النحو الذي ينظمة القانون".
والمادة 27 من الدستور علي ان " يهدف النظام الاقتصادي الي تحقيق الرخاء في البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية بما يكفل رفع معدل التنمية الحقيقي للاقتصاد القومي ورفع مستوي المعيشة وزيادة فرص العمل وتقليل معدلات البطالة والقضاء علي الفقر ويلتزم النظام الاقتصادي بمعايير الشفافية والحوكمة ويحمي المستهلك".
وتنص المادة 59 من الدستور علي ان " الحياة الامنة حق لكل انسان وتلتزم الدولة بتوفير الامن والطمأنينة لمواطنيها ولكل مقيم علي اراضيها.
وتنص المادة 68 من الدستور علي ان " المعلومات والبيانات والاحصاءات والوثائق الرسمية ملك الشعب والافصاح عنها من مصادرها المختلفة حق تكفلة الدولة لكل مواطن وتلتزم الدولة بتوفيرها واتاحتها للمواطنين بشفافية.
وأشار التقرير إلى أن مفاد ما تقدم ان علي الدولة التزام دستوري يفرض حقا لكل مواطن بضمان حياة كريمة وتحقيق اكبر قدر من الرخاء بالتنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية وهناك التزام علي الحكومة بمعايير الشففية وحماية المستهلك وتحقيق حياة امنة بتوفير كافة سبل الامن والطمأنينة واطلاع كافة افراد الشعب علي كافة البيانات وفقا للقانون وبمنتهي الشفافية فنحن جميعا شركاء وطن واحد لنا حقوق وعلينا واجبات
وأكد ان الحق فى المعرفة هو حق الإنسان فى أن توفر له الدولة كافة السبل الملائمة لتتدفق من خلالها المعلومات والحقائق والآراء والأفكار، ليختار من بينها وفقا لإرادته الحرة وعليها أن تحمى نفاذه الميسر إليها بعيدا عن تدخلها أو تدخل الغير الذى من شأنه إعاقة أو الحد أو الانتقاص أو منع تمتعه بهذه الحرية، وإذا كان الحق فى المعرفة وجه من وجوه حرية الرأى والتعبير فهو أيضا من أكثر الأوجه جوهرية فى الحوار السياسى المعتمد على المعلومات.
وجاء فى التقرير ان هذا الحوار يعد عماد الديمقراطية الحقة ويترتب على ذلك تفهم الرابطة الوثيقة بين حق الجمهور فى المعرفة والأسلوب الديمقراطى،وقد ذهب المقرر الخاص للأمم المتحدة المختص بدعم وحماية حرية الرأى والتعبير، والذى يعمل تحت إشراف لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة. فى تفسيره للمادة 19 . وشدد المقرر فى تقاريره المقدمة فى هذا الشأن على الطبيعة المركبة لحرية الرأى والتعبير وأوضح أنها تتناول حرية الصحافة حكق مركب يشمل العديد من الحقوق ومنها الحق فى المعرفة .
وذهب التقرير إلى حد القول بأنه: "نظراً للدور الاجتماعى والسياسى الذى تلعبه المعلومات فى المجتمعات المعاصرة، فإنه ينبغى الحرص على توفير حماية لحق كل فرد فى تلقى المعلومات والأفكار، إن هذا الحق ليس فقط الوجه الآخر للحق فى نقل المعلومات، وإنما هو حق قائم بذاته، فحق التماس المعلومات وإتاحتها إنما هو عنصر من أكثر عناصر حرية الرأى والتعبير جوهرية. إن تلك الحرية سوف تخلو من أى تأثير إذا لم يتوافر للناس سبيلاً للحصول على المعلومات، لذا تعد إتاحة إمكانية الحصول على المعلومات من الأمور الجوهرية للأسلوب الديمقراطى فى الحياة. ومن ثم ينبغى القيام بمراجعة صارمة للاتجاه الرامى إلى حجب المعلومات عن الجمهور."
وأضاف :"كما يعد الحق فى المعرفة وجها من وجوه حقوق المستهلك و حيث أن حماية المستهلك و كفالة حقوقه ورعاية مصالحه الحيوية المشروعة هى فى حقيقة الأمر المفهوم المعاصر لحقوق الانسان ، فالحرية لم تعد قصرا على الحريات و الحقوق السياسية فحسب ، و إنما إمتدت لتشمل الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية ، و إذا كان الأصل فى الحقوق المدنية و السياسية أنها تتسم بإمكان توكيدها قضاءً justiciable و إنفاذها جبرا Enforceable لكون مجرد إمتناع الدولة عن التدخل فى نطاقها ، دون مقتض ، يعتبر كافيا لضمانها الذى يكفى معه ألا تاتى الدولة ممثلة فى السلطة التنفيذية أفعالا تعارضها أو تنقضها ، فإنه و على نقيض ذلك لا يتصور ضمان الحقوق الإقتصادية و الإجتماعية ، و منها حقوق المستهلك الأساسية ، إلا من خلال تدخل الدولة إيجابيا لتقريرها عن طريق الاعتماد على مواردها الذاتية التى تتيحها قدراتها بما مؤداه أن الحقوق الإجتماعية و الإقتصادية هى التى تناهضالفقر و الجوع و المرض و الغلاء و الإحتكار".
وأكد أن الدستور حين حدد المقومات الاقتصادية للمجتمع فى المواد من (14) الى (30) منه والتى شملت حماية حقوق المستهلك، أو ما جاء بالمادة 47 التى تضمن الحق فى المعرفة والحصول على المعلومات والبيانات والإفصاح عنها لم يكن المشرع الدستورى يدعو لأمر يكون مندوبا، بل يقرر بها ما يكون لازما ، وبالتالى لا مجال للاختيار بين تطبيقها أو إرجائها ، بل يتقيد بها بالضرورة فلا يتخطاها أو يميل إنحرافا عنها.
وأوضح التقرير أن القيود التى يفرضها الدستور على المشرع و على ما تفوض فى تنظيمه منها السلطة التنفيذية بموجب القانون ، هى التى تحد نطاق السلطة التقديرية التى يملكها المشرع أو السلطة التنفيذية فى موضوع تنظيم الحقوق ، فلا تكون ممارستها صمتا و سكوتا يفرغ الحق من مضمونه فيجعله عدما معدوما ، و لا أن تكون ممارستها إنفلاتا من كوابحها ، أو إخلالا بضوابط تنظيمها .
وأضاف: "من غير المتصور أن يكون التقيد بنصوص الدستور عائدا لمحض تقدير المشرع ، أو أن يكون التقيد بنصوص القانون المتعلقة بالحقوق و الحريات عائدا لمحض تقدير السلطة التنفيذية لدى تفويضها تشريعيا فى ذلك ، ذلك أن القيد فى تطبيق أحكام الدستور تعبير عن إرادة أعلى هى التى تستند السلطتان التشريعية و التنفيذية إليها فى تأسيسها ، فإذا نشأتا وفق الدستور ، فذلك لتباشر كلا منهما وظيفتها فى الحدود التى رسمها ، فلا تتحلل إحداهما منها ، و إلا كان ذلك تمرداً من جانبها على ضوابط حركتها التى إستقام بها بنيانها ، ذلك أن الأصل فى سلطة المشرع فى موضوع تنظيم الحقوق ، أنها سلطة تقديرية ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها ، و تعتبر تخوما لها لا يجوز إقتحامها أو تخطيها ، و الدستور إذ يعهد إلى أى من السلطتين التشريعية و التنفيذية بتنظيم موضوع معين ، فان القواعد القانونية التى تصدر عن أيتهما فى هذا النطاق ، لا يجوز أن تنال من الحقوق التى كفل الدستور أصلها سواء بالصمت عن تنفيذها أو بنقضها أو إنتقاصها من أطرافها ، و إلا كان ذلك عدوانا على مجالاتها الحيوية من خلال إهدارها أو تهشيمها .
وأشار إلى أن الحق فى الحصول على المعلومات يعد من الحقوق الأساسية للمستهلك وايضا الحق فى رفع الدعاوى القضائية عن كل ما من شأنه الإخلال بحقوقه أو الإضرار بها أو تقييدها و ذلك بإجراءات سريعة و ميسرة و بدون تكلفة.
المصدر
رصد