المعطي زكي إبراهيم
-اشتراك إسرائيل في مبادرة حرب النجوم في 1985 وهجرة اليهود السوفيتيين في التسعينيات أحدثا قفزات علمية نوعية
- رغم ضعف مواردها وقلة سكانها وضيق مساحتها طورت إسرائيل اقتصاداً عصرياً بانتقالها من الاقتصاد الزراعي الاستيطاني إلى اقتصاد المعرفة
-في 1973 كان لدي إسرائيل 2400 عالم وفي 1983 ارتفع العدد إلي 4600 وفي عام 1990 ارتفع إلى 25 ألف عالم وفي أواخر التسعينات بلغ عدد العلماء والمهندسين 135 لكل 10 آلاف إسرائيلي مقابل 85 في حالة الولايات المتحدة
- تطور إسرائيل أنفقت 1.5% من إجمالي الدخل القومي عام 1965 ثم 2.2% عام 1977 إلي 3% في 1984 إلي 3.7% عام 2000 لتصل إلي 4.8% عام 2002
تقسيم الدراسة:
1- معالم الإستراتيجية الإسرائيلية للبحث العلمي :
أولاً: العلم والتكنولوجيا أولوية قومية
ثانياً: الاهتمام المخطط بالتعليم
ثالثاً: العلم والتكنولوجيا لخدمة الأمن والعسكرة في إسرائيل
رابعاً: اثر عامل الهجرة علي تطور القدرات العلمية والتكنولوجية الإسرائيلية
خامساً: التعاون العلمي مع الخارج
سادساً: الإنفاق السخي علي البحث العلمي
سابعاً: الدور الفاعل للمشروع النووي الإسرائيلي
ثامناًً: الدور الفاعل للدول في دعم سياسات البحث والتطوير
تاسعاً: الاتجاه إلي العلوم كثيفة التكنولوجيا لأنها معيار التقدم
عاشراً: تحقيق القناعة والالتزام بالتوجه الاستراتيجي للدولة
2- نماذج للانجازات العلمية ( الإسرائيلية ) في بعض مجالات العلوم والتقنيات العالمية :
أولاً: الكمبيوتر وصناعة المعلومات
ثانياً: صناعة البرمجيات في إسرائيل
ثالثاً: علوم الذرة وتقنياتها
رابعاً: علوم الفضاء الكوني وتطبيقاته
خامساً: الوكالة الدولية الإسرائيلية لاستغلال الفضاء ( سالا )
سادساً: التكنولوجيا الطبية والبيولوجية
مقدمة :
الدارس للتجربة الإسرائيلية يلمح بوضوح ثلاث عوامل رئيسية كانت وراء النهضة الاقتصادية أولها الموارد البشرية التي اعتمدت أساسا علي موجات الهجرة، والثاني هو الرساميل من الخارج، أما الثالث فهو السياسة العلمية وهي موضوع بحثنا والحقيقة أن عملية التطور الشامل في إسرائيل ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالتطور العلمي الذي أدي إلي تطور مجالات الحياة الأخرى، لان العلم ولأسباب تاريخية وسياسية كان متقدماً عما عداه، بحيث انه لعب دوراً فاعلاً في نجاح النموذج العصري للاقتصاد الإسرائيلي، ولولا هذا الدور لما استطاعت إسرائيل في هذه السنين القليلة في عمر الشعوب أن تصل إلي ما وصلت إليه، ولذلك فان تتبع السيرة العلمية للدولة العبرية أمر جدير بالدراسة وفيه كثير من الدروس المستفادة.
- إستراتيجية البحث العلمي في إسرائيل
الواقع والتحديات :
1-أهمية البحث :
استطاعت إسرائيل رغم ضعف مواردها وقلة عدد سكانها وضيق مساحتها والتهديدات الموجهة إلي أمنها القومي بحكم أنها كيان استيطاني أقيم علي ارض لا يملكها أن تخلق اقتصاداً عصرياً، وان تتبني إستراتيجية واضحة المعالم راسخة الأركان للبحث العلمي مستغلة كل الظروف المتاحة محلياً وإقليميا ودولياً في أن تقفز باقتصادها من اقتصاد يعتمد علي الاستيطان الزراعي إلي ما يسمي باقتصاد المعرفة، وهو تطور حرق كثيراً من المراحل والبحث يرمي إلي دراسة محاور هذه الإستراتيجية، وكيف استطاعت إسرائيل من خلالها أن تنفذ هذه التنمية الناجحة.
وأهمية الدراسة تنبع مع أن إسرائيل أقامت نموذجاً فاق كل الاقتصاديات العربية المحيطة بها، رغم تمتع المنطقة العربية بوفرة السكان والموارد، التجربة إذن جديرة بالدراسة بحكم أن إسرائيل كيان مغتصب وبرغم كل الحديث الممل عن السلام، فما زالت هي العدو الأول
ومصر بتاريخها الطويل ما زالت تجربتها الاقتصادية تتعثر منذ عام 1952 إلي الآن، ولم يتحقق ما تتفق مع ثقلها السكاني والحضاري .
إن دراسة التجربة الإسرائيلية تفسح المجال لتقبل الدروس المستفادة منها خاصة مع توضيح معالم هذا التقدم وإبراز الانجازات التي تحققت بعد مشوارها الطويل والذي بدأ قبل أن تقوم الدولة .
2-أهداف البحث :
a. إبراز عناصر إستراتيجية البحث العلمي في إسرائيل .
b. دراسة مدي تأثير هذه العناصر علي مسار التقدم .
c. إبراز الانجازات التي تحققت كنتيجة لهذه الإستراتيجية .
d. تقييم هذه الإستراتيجية وإبراز التحديات التي تواجهها إسرائيل في المرحلة القادمة .
e. الدروس المستفادة في التجربة لنا في مصر .
3-المشكلة البحثية :
السؤال المحوري هو كيف يمكن لدولة شحيحة الموارد قليلة السكان تعيش في منطقة مليئة بالتهديدات بحكم أنها كيان مغتصب، كيف يمكن لدولة تعيش في هذا التوتر وتواجه هذه التحديات أن تخلق تجربة عصرية جديرة بالاحترام وتصل إلي اقتصاد عصري وحولها كيانات مستقرة تملك الموارد والسكان، ولم تستطيع أن تصل إلي ما وصلت إليه .
4-فرضيات البحث :
الفرضية الأساسية هي وجود إستراتيجية واضحة المعالم للبحث العلمي نجحت إسرائيل من خلالها في إيجاد هذا النموذج المتقدم للاقتصاد العصري .
البحث العلمي المخطط هو المتغير المستقل ونموذج الاقتصاد العصري هو المتغير التابع .
أولاً: العلم و التكنولوجيا أولوية قومية :
احتدم الصراع بين وجهتي نظر متباينتين بشان طبيعة الموقف من العلم ومن التوجهات الأساسية للجامعة العبرية حينما طرح موضوع إنشاؤها علي قيادات الحركة الصهيونية فوجهة نظر ” زئيف جاتوتسكي ” زعيم الحركة التصحيحية والتي يمكن وصفها بالشعبوية كانت إنشاء جامعة مفتوحة كبيرة الأعداد لتعويض الطلاب اليهود عما لحقهم من تميز مورس ضدهم في شرق وغرب أوربا، بينما وجهة النظر الأخرى والتي يمثلها ” حاييم وايزمان ” الذي تبني النموذج الألماني مؤكداً علي الطابع النخبوي للجامعة وعلي ضرورة التركيز علي البحث العلمي الأكاديمي وعلي الدراسات العليا، وكان لانتصار أراء وايزمان العامل الحاسم في صياغة توجهات النظام الأكاديمي الإسرائيلي، واعتمدت توجهاته كإستراتيجية علمية موثقة، باعتباره عالماً كيمائياً مرموقاً وانطلاقاً من هذه الرؤية فقد تم خلال الانتداب البريطاني إنشاء البنية العلمية التي نما منها العلم الإسرائيلي الحديث فقد أقيمت الجامعة العبرية في القدس والتخنيون ( معهد العلوم التطبيقية ) في حيفا ومحطة الأبحاث الزراعية في رحوفوت، وكذلك معهد وايزمان، كذلك عينت الحكومة مجلساً للأبحاث العلمية والصناعية، كانت مهمته الأساسية ربط الطاقة العلمية بالجهد الحربي، وهذا المجلس استمر بعد الحرب وشكل نموذجاً أولياً للمعالجة الرسمية لقضايا العلم والتكنولوجيا .
كذلك تم إقامة المعهد الجيولوجي سنة1949 ومختبر الفيزياء الإسرائيلي سنة 1950 وتعيين لجنة الطاقة النووية سنة 1952 وإقامة جامعة بار آيلان وبناء أول حاسوب الكتروني ( كمبيوتر ) في إسرائيل في معهد وايزمان 1955 وإقامة جامعة تل أبيب عام 1956 وبتعيين مجلس التعليم العالي وإقامة معهد أبحاث النقب سنة 1958 وإقامة جامعة بن جوريون في النقب سنة 1961 وإنشاء جامعة حيفا وإنشاء مركز الأبحاث الصناعية وشركة أبحاث البحار سنة 1966 ويمكن القول أن مرحلة بناء البنية المؤسسية للعلوم تركزت في الخمسينيات واستمرت حتى منتصف الستينات .
ثانياً: الاهتمام المخطط بالتعليم :
من منطلق اعتبار البحث العلمي أولوية قومية كان لابد من تخطيط الدولة للسياسة التعليمية وتحديداً التعليم العالي والبحث العلمي بما يمكنها من تخصيص كل قطاع أو فرع بحاجته من الموارد البشرية والمالية، وحتى نفهم مدي مخرجات التعليم العالي في إسرائيل، نقول أن الخريجين في اختصاصات العلوم الأساسية والتطبيقية يعدون المصدر الأول لكوادر العلماء في إسرائيل، ففي عام 1973 كان لدي إسرائيل 2400 عالم وبعد عشر سنوات ارتفع العدد إلي 4600 عالم، وفي عام 1990 كان لدي إسرائيل 25 ألف عالم وفي أواخر التسعينات نشر في إسرائيل، إن عدد العلماء والمهندسين لدي إسرائيل بلغ 135لكل 10 آلاف إسرائيلي مقابل (85 في حالة الولايات المتحدة ).
وفي دراسة للدكتور نادر فرجاني كان عدد المهندسين الإسرائيليين العاملين في البحث والتطوير عام 2000 = 3.8 بالألف من السكان، أي عشرة أمثال الرقم في حالة العالم العربي35 في الألف، ويتصدر معهد التحنيون مؤسسات التعليم العالي الإسرائيلي فقد تخرج منه حتى أخر عام 1997 نحو 40 ألف مهندس وعالم ومهندس عمارة وأطباء وخبراء في شتي العلوم والتكنولوجيا، ويتوزع العلماء والباحثون علي مختلف مراكز الأبحاث في القطاعات العلمية والصناعية والزراعية وسواها وفي قطاع الالكترونيات وحده هناك 40 ألف شخص ( أواخر التسعينات ) ثلثهم تقريباً من خريجي الجامعات ونحو 60% منهم مهندسون وتقنيون هذه المخرجات العالية لمؤسسات التعليم العالي ساهمت إلي جانب الهجرة في انتقال إسرائيل إلي مجتمع صناعي جديد نسبة العاملين في العلوم والتكنولوجيا ( أواسط الثمانينات ) 33% من مجموع القوة البشرية العاملة .
ثالثاً: العلم والتكنولوجيا لخدمة الأمن والعسكرة في إسرائيل :
العلم له دور مركزي منذ إنشاء الدولة الصهيونية ويقول بن جوريون أول رئيس وزراء في الدولة الصهيونية ( نجاح الدولة يتوقف علي تفوقنا النوعي ولذلك لابد من متابعة احدث التطورات في العلم والتكنولوجيا ووسائل النقل بهدف أن يكون لنا أحسن جيش في العالم وإلا خسرنا ) ولان الجيش هو الذي يحمي منجزات المجتمع علي كل الأصعدة، فقد كان هناك من البداية اهتمام بالصناعات العسكرية التي كانت بدايتها قبل قيام الدولة 1948 وتطورت بعد قيامها ثم قفزت قفزة نوعية بعد حرب 1967 حيث أصبح هدفها المحوري الإمداد الكامل بكل المتطلبات من السلاح والذخيرة من كل نوع، وعناصرها المكونة، والتجهيزات المتممة وقطع الغيار والمتفجرات ووقود الدفع والمواد الكيمائية وكل ما يمكن احتياجه للدفاع عن الدولة، هذا الاهتمام البالغ بالصناعات العسكرية كان هو الرافعة التي نهضت بالاقتصاد الإسرائيلي، وأصبح عام 1967 هو بداية عسكره الاقتصاد الإسرائيلي، حيث تحول المجتمع الإسرائيلي بفعل التصنيع الحربي من الاقتصاد الزراعي المبني علي صادرات الحمضيات إلي المجتمع علي درجة عالية من التصنيع، ولا شك أن التطور الذي حدث في الصناعات العسكرية كان هو القاطرة الرئيسية لباقي القطاعات، بحيث يمكن القول أن الجيش كان هو حاضنة الطفرة التكنولوجية وكما قال البروفسير “جادى اريفا” من جامعة تل أبيب “انك إن أردت أن تفهم صناعات التقنية العالية في إسرائيل فعليك أن تبدأ من الجيش” ففي الجيش يدخل الشباب والشابات في سن الثامنة عشرة ( موعد بدا الخدمة الإلزامية بالجيش ) ويتم إخضاعهم لتدريب مكثف علي علوم الكمبيوتر الأساسية ثم يعطونهم مسئوليات كبيرة في وظائفهم المختلفة في الجيش تفرض عليهم تحديات تجعلهم مضطرين للخلق والإبداع .
ويكفي لتقدير دور الجيش في الانطلاقة العلمية معرفة ما تم إنشاؤه من مؤسسات، فهناك هيئة تطوير الوسائل القتالية المعروفة اختصاراً “رفائيل” ومركز البحوث العسكرية الذي أنشا لدراسة وتطوير التكنولوجيا الحربية .
كما تم توجيه أكثر من 76% حسب الإحصائيات الرسمية المتاحة عام 1980 من إجمال الإنفاق الحكومي المخصص للبحث العلمي إلي الأبحاث العسكرية وقد أدت كل هذه الجهود مع الدعم العلمي والمالي الخارجي الكبير وخاصة الأمريكي إلي أن أصبحت مبيعات السلاح المصنع في إسرائيل يتم تسويقها في 62 بلد وتطور القطاع العسكري الصناعي إلي الحد الذي أصبح هو القطاع القائد في الاقتصاد في الثمانينات وتقدمت إسرائيل حتى احتلت المرتبة الخامسة بعد عمالقة الدول المصدرة للسلاح في العالم ويتجاوز حجم المبيعات السنوية للصناعات العسكرية ( حسب المعلن ) 2-2.5 مليار دولار وهذا الرقم اقل بكثير من الرقم الحقيقي.
رابعاً: اثر عامل الهجرة علي تطور القدرات العلمية والتكنولوجية :
مثلت الدول الغربية والشرقية المتقدمة وفي طليعتها الولايات المتحدة معيناً لا ينضب استمدت منه الدولة العبرية كل أشكال الدعم العلمي والتكنولوجي، وفي ظل قانون الجنسية المزدوج أصبح كل عالم أو تقني يهودي موظفاً لخدمة المشروع الصهيوني يمده بأخر المنجزات التي دفعت الدول الأخرى ثمناً غالياً مقابل الحصول عليها، ثم إذا ما توافرت شروط هجرته الكاملة حمل خلاصة جهود زملائه العلماء وجهوده إلي الدولة الصهيونية هدية مجانية .
ونموذج يهود الاتحاد السوفيتي نموذج مثالي في هذا الصدد، وفي دراسة أكاديمية نشرت أن نسبة العلماء اليهود المهاجرين قد بلغت عام 1968 حوالي 33% من مجموع المهاجرين في هذه الفترة وأشارت دراسات أخرى أن نسبة 86% من العاملين في القطاع الطبي من المهاجرين الوافدين، وان نسبة الكفاءات ( الأوروبية ) = 65% من أساتذة الجامعة العبرية وفي عام 1963 كان هناك 547 أستاذ في الجامعة العبرية منهم 34% فقط ولدوا في فلسطين، كذلك فان موجه الهجرة من الاتحاد السوفيتي من نهاية الثمانينات حتى منتصف عام 2000 حوالي مليون مهاجر كان هجرة نوعية تمثل قطاعات رفيعة التعليم متميزة الدراسة والكثير منها كان يعمل في قطاعات علمية وتكنولوجية شديدة التقدم والحساسية قبل انهيار منظومة الاتحاد السوفيتي،وقد استخدمت مجله focus تعبير المعجزة الجديدة لوصف تدفق العلماء والمهنيون اليهود من الاتحاد السوفيتي إلي إسرائيل .
خامساً: التعاون العلمي مع الخارج :
يتمحور التعاون العلمي الإسرائيلي مع الخارج حول ثلاث محاور علاقات مهنية بين علماء ومؤسسات بحثية من دول مختلفة وتمويل البحوث في إسرائيل من خلال صناديق أبحاث في الخارج وعلاقات علمية وتكنولوجية ضمن إطار اتفاقيات رسمية .
إسرائيل تشترك في اغلب المؤتمرات العلمية ذات المستوي الرفيع التي تعقد في الخارج وقد جاءت في الثانية بعد الولايات المتحدة في ترتيب الدول التي شاركت في المؤتمرات العلمية، ومعلوم أن المستوي الرفيع للبحوث الإسرائيلية في الخارج هو الذي أثار اهتمام صناديق البحوث في العالم ودفعهم إلي المساهمة في البحث العلمي في إسرائيل، وفي إطار الاتفاقات التي وقعت مع الخارج سافر من إسرائيل وحضر إليها نحو 1000 باحث سنة 1972 وحتى 1977 ضمن إطار هذه الاتفاقات ويعقد كل سنة 10-15 ندوة مشتركة كما يوجد في عام 1977 نحو 50 برنامج بحثي مشترك بين علماء إسرائيليين وآخرين .
كذلك طرأ تطور نوعي علي علاقات إسرائيل العلمية مع الخارج بعد توقيع الاتفاقية العلمية مع السوق الأوربية المشتركة، حيث أصبح بمقتضاها تحت تصرف إسرائيل مجمل المنجزات العلمية الجماعية لدول المجموعة الأوروبية، أما التطور الأكبر فهو الذي نتج من تطور العلاقات الأمريكية الإسرائيلية ومثال علي ذلك الصندوق القومي الأمريكي الإسرائيلي للبحوث 1974 وفي مستهل 1978 بدأ عمل صندوق قومي أخر للبحوث الصناعية، أما مشاركة إسرائيل في مشروع حرب البحوث خلال عهد ريجان فهو الانجاز الأكبر مع الأخذ في الاعتبار أن أمريكا ما كانت تنوي اشتراك جانب أخر في هذا المشروع العلمي الخطر والذي ترتب عليه منح خزانة التكنولوجيا الأمريكية أمام إسرائيل لولا المستوى المتميز للباحثين الإسرائيليين ويكفي أن نعلم أن إسرائيل قدمت حوالي 150 بحثاً لبرنامج حرب النجوم مما يدل علي أنها كانت قد قطعت شوطاً بعيداً في ميدان البحوث العلمية قبل أن تنضم رسمياً إلي هذا المشروع.
سادساً: الإنفاق السخي علي البحث العلمي :
من دلالات الأهمية القصوى والمكانة المتميزة للبحث العلمي في إسرائيل ذلك الإنفاق السخي عليه وتخصيص نسبة ملائمة من الناتج المحلي لميزانية الأبحاث، وقد تطورت هذه النسبة من1.5% عام 1965 إلي 2.2% عام 1977 إلي 3% سنة 1984 إلي 3.7% عام 2000 لتصل إلي 4.8% عام 2002 وإذا علمنا أن الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل بلغ 110 مليار دولار فان ما خص البحث العلمي منه بلغ حوالي 5.3 مليار دولار .
ومن الجدير بالذكر إن القطاع الخاص عام 2002 ساهم في 74% من الموارد المخصصة للبحث العلمي أي بزيادة تبلغ 42% علي نسبة إسهامه عام 1990 التي كانت 52% وهذا الإسهام المتزايد للقطاع الخاص في ميزانية البحث العلمي، يؤشر علي دور ووظيفة إنتاجية للعلم وعلي أن له عائداً تراكمياً مجزياً، ومن هذا العائد كان يجري اقتطاع هذه النسبة لان العلم ساهم في تحسين الإنتاج وتعظيمه، وهذا الإنفاق دلالة علي الدور الاجتماعي للعلم وعلي أن البحث العلمي كان مربوطاً بالإنتاج وان الأبحاث التي كانت تمول كان لها عائد اقتصادي مجزى.
تشجيع الابتكار والإبداع والمبادرات الفردية :
هذا العامل هو سبب ونتيجة في نفس الوقت، فان المناخ المواتي للبحث العلمي من إنفاق مادي وبنية تحتية واهتمام من الدولة علي اعلي مستوي ووجود عائد مجزي للبحث العلمي في تعظيم الإنتاج وتوافر المعرفة العلمية أكاديمياً وتجريبياً هيأ المناخ الملائم للمبادرات الفردية والإبداع المجتمعي المتمثل في براءات الاختراع، ويكفي أن نعلم أن عدد براءات الاختراع ارتفع من 210 براءة اختراع عام 1949 إلي 790 عام 1985 إلي 1212 عام 2002 .
وقد تكاتف إسهام الداخل والخارج في رفع عدد براءات الاختراع المنتجة أو المسجلة في إسرائيل .
وإسهام الخارج بعكس مساهمة في تمويل الأبحاث في إسرائيل وأكثر قفزة حدثت للبحث العلمي بعد 1985 وخلال فترة رئاسة ريجان واشتراك إسرائيل في مبادرة حرب النجوم مع السوفيت مع العلم بان الاتفاقيات الموقعة بقيت قائمة لتظهر نتائجها العلمية بعد ذلك.
كذلك يجب التنويه إلي الفترة 1990- 2002 والتي أحدثت أيضاً نقلة نوعية بسبب الهجرة النوعية لليهود السوفيتيين والذين لم يأتوا بشهادتهم فقط، وإنما أيضاً بما أنتجوه من العلم، ولكي يستفيد المجتمع الإسرائيلي من نتائج هذه الأبحاث.
سابعاً: الدور الفاعل للمشروع النووي الإسرائيلي :
حظيت الطاقة النووية بشقيها الأمني والمدني، باهتمام إسرائيل الكبير ويعود ذلك إلي الاهتمام المبكر بدور العلوم عموماً وهو يرجع إلي بدايات نشاط الحركة الصهيونية فبعد قيام الدولة، أصبح العامل الأمني أولاً وفي مراحل لاحقة العامل الاقتصادي الرافعة التي حملت مشروع إسرائيل النووي إلي الأمام ويمكن إيجاز أهداف إسرائيل النووية في :
1-الحصول علي سلاح نووي للدفاع عن وجود إسرائيل إذا حدث أي تهديد يهدد وجود الدولة العبرية .
2-استخدام الطاقة النووية في المجال الاقتصادي خاصة في مجال توليد الكهرباء وتحليه المياه .
ويكفي أن نعلم أن لجنة الطاقة النووية الإسرائيلية تشكلت في 13/6/1952 وقد ترأسها د/ بيرجمان مدير معهد ويزمان، والذي اكتشف اليورانيوم في الرواسب الفوسفاتية في النقب، وكان في اللجنة “5″ أعضاء أخرى منهم د/ دوستر وفسكي الذي تولي رئاسة اللجنة عام1966 وأهدافها تركزت في تقديم المشورة إلي الحكومة لأجل تنمية البحث النووي والإشراف علي تنفيذ الخطط المتفق عليها وتمثل إسرائيل في المؤسسات العلمية ذات الصلة بالموضوع النووي، وكان من أوائل مهمات اللجنة هو اكتشاف إمكانات الحصول علي معادن مشعة لإنتاج اليورانيوم والتوصل لإنتاج الماء الثقيل ( اكسيد الدوتيريوم ) المستخدم لإنتاج الطاقة النووية بطريقة اقتصادية.
والجدير بالذكر أن الدكتور/ دوستروفسكي سبق له العمل علي تطوير عملية لإنتاج الماء الثقيل خلال عملة في جامعة لندن وقد تمكن العلماء الإسرائيليون بالإضافة إلي إنتاج الماء الثقيل من النجاح في فصل اليورانيوم 235 عن حمض الفوسفوريك .كذلك تمكنت إسرائيل من الحصول علي الخبرة الألمانية في تخصيب اليورانيوم 235 بشكل يسمح باستخدامه في الأسلحة النووية ( نسبة تخصيب < 90% ) وهي طريقة بسيطة وقليلة التكلفة .
مما سبق يتضح أن التكنولوجيا النووية العسكرية هي في متناول يد إسرائيل وان امتلاكها بسلاح نووي أمر لاشك فيه ولكن الاختلاف قد يكون في عدد الرؤوس التي تمتلكها.
كذلك وجود محطات نووية لإنتاج الكهرباء وتحليه المياه أمر ثابت من واقع استقصاء القدرات الكبيرة التي أضيفت إلي الشبكة والزيادة في كميات المياه المتوافرة، رغم أن إسرائيل ترفض الاعتراف بذلك لأنها لم توقع علي معاهدة عدم الانتشار النووي NPT
كذلك يجب العلم بان تشغيل المحطات النووية لإنتاج الطاقة الكهربائية يسمح لإسرائيل بالحصول علي البلوتونيوم من الوقود المحترق والمعروف أن الرؤوس النووية تحتاج لكميات اقل من المواد الانشطارية إذا استخدم البلوتونيوم 239 بدلاً من اليورانيوم 235 .
ومن الجدير بالذكر أيضاً أن إسرائيل تسعي إلي الاستقلال في المجال النووي ويتجلي ذلك في محاولتها صنع المفاعلات النووية محلياً، وفي بناء مفاعلات تعتمد علي اليورانيوم الطبيعي حتى تمكنها الاستفادة من اليورانيوم 235 المستخرج من الرواسب الفوسفاتية الموجودة في صحراء النقب والذي يقلل اعتمادها علي اليورانيوم المستورد لتشغيل محطاتها النووية .
والذي يجب أن نشير إليه في التجاء إسرائيل إلي الخيار النووي سلمياً هو في حاجتها إلي إنتاج كهرباء رخيصة تخفض التكلفة الاقتصادية لمنتجاتها وبالتالي يعطيها قدرة تنافسية عالية علاوة علي أن إسرائيل لا تملك بترول وهي تضطر إلي استيراده، وإذا أضفنا إلي ذلك أن إسرائيل قد استنفذت كل مصادر المياه الطبيعية الموجودة فلم يعد أمامها إلا الخيار النووي لتوفير المياه، واهم من كل ذلك والذي قد يخفي علي كثيرين أن الخيار النووي سلمياً وعسكرياً لابد أن يستند علي قاعدة علمية علي أعلي مستوي، وعلي صناعات مغذية، وبالتالي فان التقدم التقني والعلمي المصاحب للنشاط النووي سلمياً وعسكرياً يساهم في تعزيز الدور الإقليمي لأي دولة، وربما كان هذا هو السبب في محاولة إسرائيل لإجهاض أي مشروع نووي في المنطقة بحيث تظل هي منفردة بالخيار النووي سلمياً وعسكرياً .
ثامناً: الدور الفاعل للدولة في دعم سياسات البحث والتطوير:
1-لعبت الحكومة الإسرائيلية الدور الرئيسي في قصة نجاح البحث والتطوير والبدايات كانت في عام 1968 حيث تم إنشاء المكتب العلمي الرئيسي the office of the chief scientist OCS في وزارات الصناعة والزراعة والدفاع والطاقة والصحة والتجارة ليكون المشرف الرئيسي علي عملية التطوير العلمي داخل هذه الوزارات حيث يكون مستشار الرئيس في كل وزارة عضواً في المكتب العلمي ويقدم استشارات خاصة بالتنمية والتطوير والبحث العلمي، كما يحدد التمويل اللازم لمشروعات التطوير وهو التمويل الذي يقدمه المكتب العلمي للرئيس، كما يشرف علي ما يسمي مناطق التكنولوجيا .
2-صدور قانون تشجيع عمليات البحث والتطوير الصناعي لعام 1984 والذي ينظم انسياب الدعم لمشروعات البحث والتطوير، والتشريع استهدف هدفين رئيسين هما تطوير القاعدة العلمية وتطوير الصناعات ذات التوجه التصديري والقانون هو الذي ينظم حركة المكتب العلمي الرئيس .
3-برامج الدعم الحكومي للمكتب العلمي الرئيس يتوطن في إسرائيل الآن أكثر من 1800 مؤسسة في مجالات البحث والتطوير وتسهم بما يعادل 50% من الصادرات الإسرائيلية خاصة في مجال الصناعات التكنولوجية .
(أ)برنامج الدعم القياسي
هو برنامج الأساسي لنشاط المكتب العلمي الرئيس وهو ينظيم طريقة الحصول علي الدعم المالي لنشاطات البحث والتطوير للمؤسسات صغيرة أو كبيرة بشرط استيفاء الشروط ( بنسبة تصل الي50% ) ومن أهمها :
1-أن تتم أنشطة البحث والتطوير بواسطة المنشاة نفسها .
2-أن يتم تصنيع ناتج عمليات البحث والتطوير داخل إسرائيل .
3-ألا تنتقل المعرفة التكنولوجية إلي طرف ثابت
(ب) مشروع الحاضنات التكنولوجية :IN CUBATORS PROGRAM
الحاضنة التكنولوجية هي مؤسسة تهدف إلي تقديم الفرصة للمبتكرين من اجل تطوير وتحويل ابتكاراتهم إلي مشروعات جديدة وتسويق منتجاتها وقد دخل هذا النظام عام 1990 لاستثمار أفكار المهاجرين الروس وقد بدأ المشروع عام 1991 بعدد 350 مشروع مبتدئ حيث تمتلك الحاضنة 20% من رأس مال المشروع ويهدف المشروع إلي دعم القدرات ألابتكاريه في
مراحلها المبكرة ومساعدة المبتكرين في تطبيق أفكارهم، وتتولي كل حاضنة ما بين 10-15 مشروع في نفس الوقت وتقوم بتقديم الدعم والمساعدة في المجالات الاتية :
1-تحديد أمكانية تطبيق وتسويق الفكرة المطروحة .
2-تصميم خطة البحث والتطوير وتنظيم فريق البحث .
3-توفير رأس المال اللازم للتسويق .
4-الخدمات الإدارية والصناعية والمحاسبية وأحياناً الاستشارات القانونية .
(ج) مشروع الماجنيت MAGNET “مشروع تطوير البنية الأساسية للصناعات الإسرائيلية
علي الرغم من التطوير الحادث في الصناعات الإسرائيلية من السبعينات حتى بداية التسعينات إلا أن الصناعات التكنولوجية حتى أوائل التسعينات كانت مجزأة وصغيرة وغير قادرة في كثير من الأحيان علي عبء إنتاج تكنولوجيا جديدة كما أن الجامعات كانت بمعزل عن احتياجات التقدم الصناعي ولهذا أقدمت الحكومة علي ربط الجامعات والمعاهد الأكاديمية بالمشروعات الصناعية من خلال تكوين ما يسمي بتجمعات علمية وصناعية حيث يتم تشكيل كل تجمع من رجال الصناعة في مجال معين بالتواري مع المؤسسات الأكاديمية التي تقوم ببحث علمي يخدم نشاط هذا التجمع وذلك بتخصيص دعم يقارب 66% من ميزانية البحث والتطوير خلال 3-5 سنوات وللحصول علي هذا الدعم لكل تجمع يتم تطبيق قاعدة التنافس بين العروض المقدمة بحيث يحظي العرض الملائم والمطابق للمواصفات بالموافقة .
وقد غطت هذه التجمعات صوراً مختلفة لمجالات التقدم التكنولوجي منها تكنولوجيا الاتصالات والتكنولوجيا الحيوية والطاقة والميكروالكترونيك ويهدف مشروع الماجنيت إلي إقامة هذه التجمعات من اجل خلق قاعدة تكنولوجية تنافسية وتشير الدراسات إلي أن هذا الدعم لنشاط البحث والتطوير في إسرائيل كان له أثراً ايجابياً علي الإنتاجية وعلي تطور قطاع التكنولوجيا في إسرائيل، ويكفي أن نعلم أن نجاح نشاط المكتب العلمي الرئيس بمشروعاته المختلفة وخاصة في فترة التسعينات جعل الاقتصاد الإسرائيلي يشهد موجة من النشاط ألابتكاري ترتب عليها أن المعدل السنوي لإنشاء الشركات خلال العدة 1990-2000 كان ما يقرب من 400 شركة وبحلول عام 1988 كان نصيب الصناعات التكنولوجية المتطورة 30% من إجمالي الصادرات ارتفع إلي 70% من النحو في الناتج المحلي الإجمالي ويوظف قطاع تكنولوجيا المعلومات ( 55 ألف عامل بحجم مبيعات وفق إحصاءات عام 2000 ) 12.5مليار دولار سنوياً خلال عد التسعينات .
تاسعاً: الاتجاه إلي العلوم كثيفة التكنولوجيا لأنها معيار التقدم:
الولوج إلي اقتصاد المعرفة يعتمد علي المهارة العلمية والتقنية العالمية وعلي بنية إنتاجية راقية التنظيم ومنذ بداية إنشاء الدولة تم وضع هذه الإستراتيجية من البداية حيث تم الاستقرار علي فكرة المعهد العلمي وليس جامعة الإعداد الفقيرة وهو بتوجه استراتيجي يناسب إسرائيل ذات الموارد الطبيعية الفقيرة والقوة السكانية الصغيرة يسبب لما حولها، ولذلك لابد من الاتجاه إلي العلوم كثيفة التكنولوجيا التي تنتج منتجات تنخفض فيها بسب المواد الخام وترتفع فيها نسبة المكون البشري العلمي عالي الكفاءة ومنتجات من هذا النوع تكون قيمتها المضافة عالية، وبذلك يكون عائدها الاقتصادي عالي، وهذا يفسر بوضوح المعجزة الاقتصادية اليابانية التي اعتمدت أيضا علي الكفاءة البشرية العالية وعلي التقنية العالية وهذا التوجه الإسرائيلي كان له السند من القوي العلمية الداخلية، ومن وارد الهجرة كما أيده وما هم في تنظيم إنتاجيته العلمية لموارد المالية سواء التي تم توفيرها داخلياً أو التي أدت من المساعدات والمنح الداخلية فالمهم أن التوجه الاستراتيجي كان موجوداً وجاهزاً القاطرة العلمية تشد الاقتصاد من خلفها وتحقيق معدلات نمو عالية ما كان لها لتتحقق لولا هذا التوجه، ومن المعروف أن التوجه إلي اقتصاد المعرفة يقلل من الاعتماد علي القوي البشرية وبالتالي أيضا تقل تكلفة الإنتاج كما يؤدي إلي تغييرات جذرية غفي أنماط الإنتاج التقليدية بسبب الاعتماد علي المعرفة العالية المتوافرة من خلال الحاسبات الإلية والاتوماتيكية بحيث أن تري مصنعاً لا تتوافر عمله علي الإطلاق وإنما يتم إدارته من خلال غرفة التحكم فالإنتاج تحول إلي منظومة اتوماتيكية بالكامل وفق برنامج حاسب إلي ويتم الاستعانة بالإنسان الآلي في توجيه مسار العمليات الإنتاجية والإنتاج بهذه الطريقة يكون علي درجة عالية من الجودة والانضباط في معدلات الإنتاج والاستمرارية الأمر الذي لا يتحقق في حالة الاعتماد علي العنصر البشري الذي ينتابه التعب وتتغير كفاءته بسبب حالته النفسية وقد يتوقف عن العمل أو يتباطأ بسبب ظروف اجتماعية .
والأمر الجوهري في هذا التوجه هو نجاحه في عبور الفجوة المعرفية ولذلك اعتمدت دول جنوب شرق أسيا إلي اقتصاد المعرفة لان يعتمد أساسا علي الكوادر البشرية ويوفر عائد اقتصادي عالي حتى مع شح الموارد الطبيعية .
ولا شك أن التوجه نحو اقتصاد المعرفة قد مكن إسرائيل من أن تكون وادي السيليكون في منطقة الشرق الأوسط وهو الذي مكنها من اقتدار من الالتحاق بمبادرة حرب النجوم والتي ما كان من الممكن أن يوافق علي انضمامها إليها لولا المستوي العلمي العالي لباحثيها ولوجود إنتاج علمي متميز في أدق علوم المعرفة .وهو التوجه الاستراتيجي هو الذي مكن إسرائيل من الدخول بقوة إلي صناعة السلاح مع الاعتراف بان تحقيق الأمن والتفوق العسكري علي كافة البلاد العربية هو توجه رئيسي في الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية العليا ولذلك كانت النسبة الأكبر من ميزانية البحث العلمي تصرف علي البحوث العلمية العسكرية،وهذا التوجه كان له عائده الاقتصادي العالي فإسرائيل رغم ضمان حصولها علي السلاح من الحليف الأوربي والأمريكي كانت لتسعي منذ البداية إلي الاستقلال الاقتصادي رغم أنها دولة وظيفية بالأساس ولكن أحلام الهيمنة لتي لازمتها خاصة بعد حرب 1967 دفعتها إلي محاولة الاستقلال بكل المتطلبات الممكنة للجيش الإسرائيلي ولقد أثمر هذا التوجه عائداً يعتمد عالية لارتفاع القيمة المضافة لصادرات السلاح والتي يمكن أن تقفز إلي قيم عالية بسبب الحاجة إليها ولذلك فان وجود التوترات بل أقول صناعة التوترات أمر يخدم تصريف منتجات صناعة السلاح في إسرائيل .
والحقيقة أن الاستمرار في اقتصاد المعرفة وما يتطلب من بحث علمي مواكباً هو تحدي يواجه إسرائيل حالياً لحاجته إلي إنفاق هائل في البحث والتطوير ولرنما كان هذا هو السبب في ربط البحث العلمي في إسرائيل بالاقتصاد وبالتالي مساهمة القطاع الخاص في تمويل البحث والتطوير وحرص الدولة العبرية البالغ علي تشجيع براءات الاختراع لان التطوير يقلل بل شك نفقات الإنتاج وإسرائيل كما سنري لاحقاً تملك البنية المؤسسية القادرة علي تشجيع المبادرات الفردية وتحفيز الإبداع والابتكار .
عاشراً: تحقيق القناعة والالتزام بالتوجه الاستراتيجي للدولة :
ما ذكرناه عن معالم الإستراتيجية الإسرائيلية في البحث العلمي ما كان ليؤتي ثماره لولا الرؤية الإستراتيجية في كل القطاعات المرتبطة بالتنفيذ سواء علي مستوي الأفراد أو المؤسسات الرسمية وغير الرسمية وهذا لن يتأتي لولا وجود هذا الفكر الاستراتيجي والذهنية العلمية المفتحة في عقول من يقومون علي التنفيذ ووجود قناعة بجدوى بل بضرورة هذا التوجه، وبالتالي يتحقق الالتزام ويتم التنفيذ ويتحقق العائد العلمي والاقتصادي .
ويجب الاعتراف أن الأمر في التخطيط الاستراتيجي الناتج يعتمد علي وجود بني مؤسسية عالية الكفاءة ووجود خطط تفصيلية لكل قطاع ووجود إحصاء دقيق للتطور ( مركز الإحصاء المركزي ) ووجود متابعة لصيقة ومستمرة للواقع والانجازات وكل ذلك لا يمكن أن يؤتي ثماره لو لم تتوافر البيئة النفسية والمادية التي توفر الحافز والتشجيع وهذا كله تحقق في الدولة الإسرائيلية، وهو ما أثمر هذا التقدم العلمي والتقني والعائد الاقتصادي العالي .
2- نماذج للانجازات العلمية ( الإسرائيلية ) في بعض مجالات العلوم والتقنيات العالمية :
أولاً: الكمبيوتر وصناعة المعلومات :
تمكن العلماء الإسرائيليون من تصنيع أول كمبيوتر إسرائيلي عام 1945 أطلق عليه ويزاك weizac طور إلي طراز احدث أطلق عليه اسم ( جوليم ) واستمر الاهتمام بأبحاث الكمبيوتر ونظمه وبرمجته وكذلك بالجات ( الذكاء الصناعي ) حيث دربت أعداد كبيرة من الكوادر التقنية في أمريكا والغرب وحصلت من الولايات المتحدة علي جهازي كمبيوتر عملاق super computer احدهما من طراز ( I.B.M) ويتكون من (64) وحدة ويستطيع القيام ب 17 مليون عملية حسابية في الثانية الواحدة والثاني من طراز (CRAY) ويتكون من(16) وحدة ويمكنه إجراء 3.2 بليون عملية حسابية /ث والجهازان يمكنهما إجراء عمليات محاكاة تجارب الانفجاريات النووية ويستخدمان في تصميم الصواريخ والأسلحة الحديثة وهما مربوطان بالجامعات ومعاهد البحوث المختلفة ومراكز التطوير الصناعي .
وتعتبر محلة WEEK NEWS الأمريكية أن إسرائيل هي الجهة العالمية الوحيدة المؤهلة لمنافسة وادي السيلكون في كاليفورنيا في مجال صناعة أجهزة الكمبيوتر وتنصف إسرائيل في المرتبة الثانية بعد أمريكا من حيث عدد الشركات ذات الصلة بالكمبيوتر التي انتشرت في عقد التسعينات الماضي .
وفي تقيم لمجلة “وإيراد” الأمريكية المتخصصة في شئون المعلوماتية حازت إسرائيل المركز الرابع من حيث التأثير علي صناعية المعلوماتية في العالم، ويوجد في إسرائيل أكثر من نصف عدد وصلات الانترنت في العالم والدولة الصهيونية بما تمتلكه من بنية أساسية جيدة وكوادر مهنية عالية التأهيل وبما طرحته من ميزات استثمارية مغرية منطقة جذب ضخمة لكبريات الشركات العالمية كشركة “I.B.M ” التي تملك واحداً من أهم مراكزها في الخارج عام 1974 وشركة Micros
عملاق البرمجيات التي انشات فرعها (Microsoft-Israel ) عام 1989 وشركة Hewlett-Packard H.P التي أنشأت في فرعها في إسرائيل منذ أواخر الثمانينات وشركة موتورولا التي قررت التعاون مع شركة جنرال موتورز إنشاء مصنع لاشباة الموصلات في إسرائيل عام 1995 ولشركة موتورولا وهي رائدة في مجال تكنولوجيا المعلومات مختبر للأبحاث الالكترونية بإسرائيل وهو من أقدم الفروع الالكترونية حيث تأسس 1964 وصدر منذ منتصف 1995 بحوالي 600 مليون دولار .
كذلك فان شركة أنقل سبقت شركة موتورز بإعلانها عن استثمار 1.6 بليون دولار في إنشاء مصنع لاشباة الموصلات أيضاً في إسرائيل، كما قامت الشركة الأمريكية بتوسيع مصنعها في إسرائيل بكلفة تتراوح بين 2.5-3.5 بليون دولار، بما يمثل اكبر استثمار أجنبي في إسرائيل، وهذا المصنع يعتبر اكبر مصنع لشركة إنتل في خارج أمريكا وينتج فيه معالج بنتيوم 4 الذي يعمل بسرعة 1.7 ميجا بيت، ومن ابرز المجالات التي نجحت فيها إسرائيل مستفيدة من الدعم الخارجي الوفير في مجالات التقنيات المساعدة للطباعة الحديثة (OFF – SET ) مثل أجهزة التجهيز الطباعي وفصل الألوان والتوضيب الالكتروني وتكاد إسرائيل تحتكر هذا المجال عالمياً عبر شركاتها، كذلك حققت الشركات الإسرائيلية سمعة عالمية في مجال التكنولوجيا الطبية وبالذات في قطاع التصوير الشخصي ومن أهم الشركات الإسرائيلية العاملة في مجال الكمبيوتر شركة اكسنت ACCESENT وشركة كومفيرس تكنولوجي والتي يبلغ رأسمالها أكثر من 16 مليار دولا .
ثانياً: صناعة البرمجيات في إسرائيل :
تملك إسرائيل منذ منتصف التسعينات أكثر من مائتي شركة برمجيات تعمل في سوق ينمو بمعدل 20- 25% سنوياً وتشير نشرة البرمجيات الإسرائيلية انه في أواسط التسعينات كان هناك 15 ألف شخص متخصص في تكنولوجيا الكمبيوتر وبالنسبة للصادرات الصناعية كانت 5 مليون دولار عام 1984 ارتفعت إلي 180 مليون دولار عام 1993 وقفزت إلي 800 مليون عام 1994 ووصلت في منتصف التسعينات إلي قرابة 5 مليار دولار مشكلة قرابة نصف ناتج إسرائيل الصناعي والإجمالي لتصل عام 1997 إلي قرابة 6 مليار دولار وفي عام 1999 وصل حجم الصادرات إلي 8.5 مليار دولار بما يزيد بنسبة 7% عن عائدات عام 1998، وحققت إسرائيل انجازاً كبيراً في أوائل عام 2001 حيث أعلنت وزارة الصناعة والتجارة الإسرائيلية أن إجمالي قيمة الصادرات الصناعية الإسرائيلية بلغت 28.5 بليون دولار أي حوالي ستة أضعاف المصرية التي استحوذت أوروبا علي اغلبها ( 10.1-10.2) بليون دولار وصادرات إسرائيل الالكترونية قادت هذا الصعود إذ ارتفعت بنسبة 52% عن مستواها عام 1999 حيث بلغت 9.1بليون دولار .
ثالثاً: علوم الذرة وتقنياتها :
كما هو معلوم واكبت بدايات البحث النووي في إسرائيل إنشاء الدولة ذاتها الأمر الذي يعكس محورية قضية الأمن في هذه الدولة ومركزية دور العلم والتكنولوجيا في مجال حمايتها ومنذ بدايات خمسينات القرن الماضي تم عمل مسح تفصيلي لصحراء النقب للبحث عن رواسب الفوسفات الضرورية لاستخراج اليورانيوم وتولت وزارة الدفاع إرسال شباب العلماء إلي المراكز العلمية المتطورة للتدريب والتخصص في مجالات العلوم النووية المتقدمة واستدعي كبار علماء الذرة العالميين خاصة من اليهود للاستفادة من خبراتهم وانشات وكالة سرية للتجسس العلمي ( لآكام ) تابعة للمخابرات الإسرائيلية كما انشات وكالة الطاقة الذرية عام 1952 وتم تنظيم الاشتراك في المؤتمرات العلمية في الخارج وتم تجنيد كل السبل بما فيها الاحتيال والسرقة لتجميع كافة المعلومات للوصول إلي العتبة النووية .
وينبغي هنا التأكيد علي أن الانجازات الإسرائيلية في مجال التقنية النووية ما كانت لتتم لولا المساعدات الأمريكية والغربية، فقد شيدت فرنسا المفاعل النووي الرئيسي الإسرائيلي في ديمونة وقدمت قاعدة المعلومات النظرية والتقنية ودربت الخبراء والفنيين وقدمت الولايات المتحدة بموجب برنامج الذرة من اجل السلام مفاعل ( ناحال سوريك) بل أن المساعدات الأمريكية لإسرائيل لم تقتصر علي المعونات المالية والتقنية بل شاركت مباشرة في أبحاث معهد وايزمان واهدته الجزء الرئيسي من ميزانية مشاريعية النووية وهذا ما حدث أيضا في أبحاث الفضاء والصواريخ وتطوير التكنولوجيات العسكرية والتكنولوجيات المزدوجة الاستخدام ( عسكري / مدني ) أما النرويج فقد اشترت عشرين طن من الماء الثقيل الذي اكتشف بواسطة أحد العلماء الإسرائيليين مقابل بيعها مادة اليوارنيوم بعد فصل البلوتونيوم لها، كذلك سربت المملكة المتحدة أربعين طن من اليوارنيوم البريطاني بصورة سرية إلي تل أبيب في حين نقلت احدي الشركات البلجيكية أطنانا أخري من اليورانيوم إلي الدولة العبرية بطرق ملتوية، كذلك قدمت ألمانيا مسرعاً من نوع (Eratar) إلي دائرة الفيزياء النووية التجريبية بمعهد وايزمان ويمكننا رصد الانجازات التي تعود إلي علماء إسرائيليين علي رأسها :
1-إنتاج الماء الثقيل “أكسيد الديوتيريوم” المستخدم لإنتاج الطاقة النووية بطريقة اقتصادية .
2-استخلاص اليورانيوم “235″ من الرواسب الفسفورية الموجودة ي صحراء النقب .
3-تخصيب اليوارنيوم بواسطة الليزر حيث يمكن تخصيب ما يقرب من سبع جرامات 235 بنسبة 60% في اقل من يوم واحد وهي عملية اقتصادية للغاية توفر الوقت والتكاليف لدي تصنيع القنابل النووية .
رابعاً: علوم الفضاء الكوني وتطبيقاته :
شكلت إسرائيل مجموعة متكاملة من المؤسسات والهيئات لاقتحام عصر الفضاء أبرزها :
أ-اللجنة القومية لأبحاث الفضاء ISA التي انشات عام 1959 بعد عامين فقط من إطلاق قمر الفضاء السوفيتي الأول ” سيوتنيك” تعبيراً عن الحضور العلمي الإسرائيلي والجاهزية الذهنية القادرة علي استيعاب اللحظات المفصلية في تاريخ العلم وكان من باكورة أنشطتها إطلاق صاروخ شافيئا- 1 عام 1961 بمعونة فرنسية ثم شافيت-2 الذي حمل معدات للرصد الجوي إلي ارتفاع 800 كم وعقب حرب 1967 عمدت الدولة إلي توفير كافة أشكال الدعم للجنة التي رأسها العالم الإسرائيلي البارز “ارنست برجمان ” وقد ساعدته رئاسته لأكاديمية العلوم الإسرائيلية علي توفير الإمكانات المطلوبة لتطوير جهود اللجنة وخصص مبلغ مائتي مليون دولار لتحقيق هدف ” إنتاج قمر صناعي إسرائيلي ” بعد رفض الاستعانة بأقمار صناعية جاهزة ( تسليم مفتاح ) وقد نجح هذا المنهج تماماً حيث حظي برنامج إسرائيل الفضائي باعتراف دولي عام 1977 بموافقة المنظمة الدولية لعلوم الفضاء ( كوسياد ) علي عقد مؤتمرها السنوي في إسرائيل حيث شارك فيه نحو خمسمائة عالم مثلوا ثلاثين دولة من جميع القارات .
خامساً: الوكالة الدولية الإسرائيلية لاستغلال الفضاء ( سالا ) :
أنشأت عام 1983وتحددت مسئوليتها في تشييد بنية تحتية صناعية وعلمية لاستغلال الفضاء لتعود بالفائدة علي الدولة والرخاء لسكانها وصممت بنيتها المؤسسية بحيث تقوم بتجهيز برنامج ناجح للدراسات الفضائية والهيئات الإسرائيلية العامة في مجال علوم وتكنولوجيا الفضاء ترتبط بروابط وثيقة مع المؤسسات العلمية الشبيهة (وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا”NASA ) التي أعلنت عن مشاركة “ايلان رامون” كأول رائد فضاء إسرائيلي في أول رحلة لمكوك فضائي أمريكي بعد أحداث 11/9/2001 ضمن طاقم الرحلة المكون من سبعة رواد بينهما امرأتان .
وكذلك وكالة الفضاء الأوروبية “ESA” والمركز الفرنسي لأبحاث الفضاء Cnws” ” والمركز الألماني للفضاء داير”Dir” ووكالة الفضاء اليابانية وهيئة الفضاء الروسية”Rsa” وغيرها .
وقد استطاعت إسرائيل استغلال الظروف الاقتصادية المتردية التي واكبت فترة انهيار الاتحاد السوفيتي ومنظومة الدول الاشتراكية لاقتناص اكبر قدر من المكاسب في كل المجالات الإستراتيجية وعلي رأسها الفضاء حيث تم استقطاب عدد كبير من العلماء اليهود ذوي الخبرة الضخمة من خلال في برنامج الطيران والتسلح الفضائي السوفيتي وتم شراء جانب كبير من مجمع الفضاء السوفيتي في بيكويول بكازاخستان مقابل مساعدات مالية تنقذه من الإفلاس، كما تم الاتفاق علي إرسال رائد فضاء إسرائيلي فوق متن مركبة فضاء روسية والاتفاق علي قيام ما أصبح يسمي بأسرة الدول المستقلة بإنتاج صاروخ قاذف بمواصفات مناسبة لإطلاق ممر صناعي إسرائيلي/دانمركي .
ومعروف أن الصناعات الجوية المملوكة للدولة تلعب دوراً متميزاً في تطوير الاقتصاد الإسرائيلي فهي المصنعة لأقمار التجسس الصناعية أوفيك 4،3،2،1 كما أنها تنتج سلسلة من أقمار التصوير المدنية”Eros” والتي أطلق أولها بصاروخ لوس خلال شهر ديسمبر 2000 ويتبعه إطلاق قمرين آخرين عام 2001 لحساب شركة إسرائيلية استثمارية International Image Sat حيث يتوقع أن يدر عليها بيع الصور الملتقطة من الفضاء الخارجي دخلاً يقدر بملياري دولار في السنة .
كما استطاعت إسرائيل أن تعقد اتفاقات لإطلاق قمر صناعي لحساب دولة المجر واقتحمت إسرائيل حصون الصين (صديقة العرب) وتعاونت لإطلاق قمر صناعي إسرائيلي فوق الريف الصيني لتطوير نظم الاتصالات فيه، كما أعلنت الصين عن حصولها علي مركبتين فضائيتين للاتصالات صناعة إسرائيلية فيما اعتبر اختراقاً إسرائيلياً رئيسياً للسوق الأسيوي لحساب صناعة الطائرات الإسرائيلية (IAI) بوجه المنافسين الأوروبيين في صفقة تبلغ 700 مليون دولار كذلك قامت مجموعة تكنولوجيا الأقمار الصناعية في هونج كونج بالتعاقد مع إسرائيل علي تصنيع قمرين متقدمين للاتصالات من طراز عاموس بمبلغ 180 مليون دولار .
ومن الواضح أن منهج الاعتماد علي تطوير القدرات الذاتية مع الاستفادة من الخبرات الخارجية مكن إسرائيل من التحول إلي دولة منتجة في مجال الفضاء بدلاً من الاكتفاء باستيراد أو تأجير الأقمار الصناعية بنظام تسليم مفتاح وتجسيد نجاح البرنامج الفضائي الإسرائيلي يتمثل في القدرة علي إطلاق منظومتين للأقمار الصناعية الإسرائيلية للتجسس والاتصالات الأولي طراز أوفيك الأفق Offeg والثانية من طراز عاموس (Amos ) وفي تطور جديد كشفت مصادر إسرائيلية النقاب عن تطوير إسرائيل لأجيال جديدة من الأقمار الصناعية الحربية تتميز بصغر حجمها وخفة وزنها وتستخدم في أغراض الاستخبارات والاتصالات حتى أن وزن الواحد لن يتعدي 50كجم وهذه النوعية يسعي إليها سلاح الطيران الإسرائيلي منذ فترة لكي يتمكن من رصد جميع التحركات في الشرق الأوسط حيث يمكن إطلاقها تجاه الجبهة الشرقية التي يوجد بها العديد من الدول العربية .
سادساً: التكنولوجيا الطبية والبيولوجية :
حتى منتصف التسعينات كان عدد الشركات العاملة في مجال صناعة الأدوية والتكنولوجيا الطبية في إسرائيل يزيد عن 150 شركة تزايدت بمعدل 12% سنوياً وتجاوزت الاستثمارات الموجهة لمجال البحث والتطوير الطبي عام 1992 بقيمة 40 مليون دولار وتزعم إسرائيل أنها تملك في المجال الطبي والعلاجي قوة عاملة يفوق ما يحمله أفرادها من شهادات ودرجات جامعة علمية وتكنولوجية قياساً إلي عددهم، ما تحمله أفراد أي قوة عاملة طبية وعلاجية في العالم وتعززت هذه الخبرة بوصول المهاجرين من الاتحاد السوفيتي السابق وتنشط إسرائيل بغزو أسواق غير تقليدية تصديراً لمنتجاتها في هذا المجال كالصين وبعض الدول العربية كالمغ