أودعت محكمة جنح عابدين برئاسة القاضي أمير عاصم، حيثيات "أسباب" حكمها الصادر بمعاقبة 3 نشطاء هم كل من أحمد ماهر وأحمد دومه ومحمد عادل، بالحبس لمدة 3 سنوات مع الشغل والنفاذ لكل منهم وتغريمهم، كل على حدة، مبلغ 50 ألف جنيه، وذلك لإدانتهم بارتكاب أحداث محكمة عابدين التي وقعت مؤخرا وتضمنت اعتداءات بحق قوات الشرطة المكلفة بتأمين المحكمة.
وقالت المحكمة في أسباب الحكم إنها أحاطت بواقعات الدعوى وظروفها من واقع مطالعتها لكافة الاوراق والتحقيقات التي تمت بشان واقعة الاتهام، وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة بطريق الاستقراء والتقين وكافة المكنات العقلية والقانونية، بما يتفق مع حكم العقل والمنطق، متسقا مع الصورة الصحيحة لمجريات أحداث واقعتها عن بصر وبصيرة، وبما ينبغي عليها من التمحيص الكافي اللازم بحثا عن الحقيقة.
وأكدت المحكمة أن جرائم التجمهر وتنظيم التظاهرة بالمخالفة لأحكام قانون التظاهر، ثابتة في حق المتهمين ثبوتا يقينيا على وجه الجزم واليقين من واقع التحقيقات.. حيث تجمعوا أمام المحكمة لمؤازرة المتهم الاول "أحمد ماهر" والتأثير على مجريات التحقيق معه بمعرفة النيابة العامة، وقاموا بدفع قوات الامن والتعدي عليها، وأثاروا الرعب والفزع بالمنطقة.
وأكدت المحكمة أن تلك الوقائع قد تأ يدت ذلك بمطالعة النيابة العامة لبعض مقاطع الفيديو المصورة التي قدمت إليها خلال مرحلة التحقيق، إذ ظهر فيها المتهمون الثلاثة بين حشد المتظاهرين يرددون هتافات مناهضة لقانون التظاهر، وتوجهوا لمبنى المحكمة محاولين دخوله عنوة رغم رفض قوات التأمين من رجال الشرطة، فقاموا برشقها بالحجارة.
وأشارت المحكمة إلى أن النيابة العامة لدى مناظرتها لملابس المتهم الاول تبين لها أنه يرتدي ذات الملابس التي ظهر بها في مقاطع الفيديو، وهو الأمر الذي يتضح معه جليا للمحكمة أن نية الاعتداء على الاشخاص والأموال، قد جمعت المتهمين وباقي أنصارهم من المتظاهرين وظلت تصاحبهم إلى أن تمكنوا من تنفيذ غرضهم، وهو محاولة التأثير على السلطات أثناء التحقيق مع المتهم الاول أحمد ماهر.
كما أكدت المحكمة ثبوت ارتكاب المتهمين الثلاثة – على وجه الجزم واليقين - لجرائم استعراض القوة واستخدامها ضد قوات الشرطة وأهالي المنطقة، بقصد ترويعهم وكذلك التعدي بالقوة و العنف والاتلاف العمدي للممتلكات، وحيازة ادوات بواسطة الغير مما تستخدم في الاعتداء على الاشخاص.
وتطرقت المحكمة إلى الدفاع الذي أبداه محامو المتهمين بشأن عدم دستورية عدد من نصوص قانون التظاهر، حيث أكدت المحكمة أن أركان الجريمة من أفعال وقصد جنائي قد وقعت من المتهمين، وهو ما يجعل الدفع بعدم الدستورية غير جدير بالاعتبار.
وأضافت المحكمة في ذات المسألة أن فكرة التشريع القانوني تتمثل في مجموعة القواعد التي تحكم سلوك الافراد في المجتمع، وتكفل الدولة التزامهم بها بوسائل التنفيذ الجبري للأحكام القضائية لضمان ألا تترك أمور المواطنين الحياتية والمعيشية سدى بين أيدي بعضهم البعض تحت ستار من الحرية، ومن ثم فإن الدستور قد أجاز فرض رقابة محدودة عليها في احوال استثنائية لمواجهة الأخطار التي قد تحيط بالمواطنين من جراء إساءة استعمال الحقوق المكفولة لهم.
وأضافت المحكمة أنه في ضوء ما تقدم فإن الدفع الذي اثاره الدفاع "بعدم الدستورية" غير سديد، إذ أن المادة الأولى من القانون التي دفع الدفاع بعدم دستورية بعض مواده، قد نصت على أن للمواطنين حق تنظيم الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية والانضمام اليها، وذلك وفقا للأحكام والضوابط المنصوص عليها في هذا القانون، بما مفاده أن القانون لم يشرع بغية حرمان المواطنين من ممارسة حقوقهم في تنظيم الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية، وإنما شرع لتنظيم ذلك الحق وبما يتفق مع أحكام الإعلان الدستوري المؤقت المدعي مخالفة القانون له، وهو ما يدل على أن المشرع قد توخى من خلال ذلك القانون ضمان حرية تنظيم التظاهرات السلمية، وقصد ان تتروى آفاقها وتنفتح مسالكها.
وأكدت المحكمة أن تنظيم التظاهرات والمواكب والحق في الاجتماعات يدخل تحت مظلة حرية التعبير التي لها أهداف لا تحيد عنها في الوصول لمجتمع أفضل، وأن المواد التي نعى عليها الدفاع بعدم الدستورية لا ترمي إلا لضمان استعمال وتنظيم ذلك الحق، متخذة مبدأها من نص الفقرة الاولى من المادة 10 من الاعلان الدستوري المؤقت، والتي أباحت للناس تنظيم كافة الاجتماعات العامة والتظاهرات بناء على اخطار ينظمه القانون، وهو ما اتبعه المشرع ورعاه عند اصدار تلك المواد، ومن ثم ترى المحكمة أن ذلك الدفع غير جدي وإنما قصد به إطالة أمد التقاضي، وتقضي المحكمة برفضه.