شاكر الكناني
ذات يوم، في صباح كانون بارد، تستيقظ العائلة على دوي مفزع، فتهرع إلى باحة الدار، وتسمع لغطاً في الشارع القريب، ونداء:
ـ إلى الملاجئ.. إلى الملاجئ… قصف…قصف…قصف…
ويسود صمت، ثم ينتشر دخان كثيف.. ينبئُ عن حريق، فيصرخ ابن العائلة:
ـ لقد احترقت نخلتنا.. لقد ماتت…
فيردّ والده بثقة:
ـ ألم أقل قبل أيام أن النخلة لا تموت أبداً.. اسقها يا بني..
ظلّ الصبي أحمد مواظباً على سقي نخلته يومياً، بدلو من الصفيح، ممتثلاً لنصيحة أبيه..
وفي يوم من أيام الربيع، ينادي أحمد أباه فرحاً:
ـ في نخلتنا خوصة خضراء..
يحتضن الأب ولده، ويقبّله بين عينيه، ثم يرسل نظراته إلى قمة النخلة ليرى خوصة خضراء فعلاً، تتبعها خوصتان. فثلاث خوصات، فسعفة خضراء، فسعفتان، فثلاث سعفات متصّلات بتاج من السعف الأخضر، يكلّل قمة النخلة.
ومرّ الربيع، وجاء الصيف، فأثمرت نخلة أحمد بالرغم من لون جذعها الأسود..