كان الغريب يرتدى ملابس صياد فقير ويحمل جوالا في يده .
حرصت الخالة رشيدة أن تحمل الجوال عنه وتخبئه بعيدا في حفرة تحت سريرها .
تقدم الغريب إلى زينب ملوحا .
جرت زينب ورحبت بالضيف وسألته من يكون ؟ .
فكر الصياد ماذا يقول لزينب .. فهو لا يريد أن تعرف إنه أحد رجال المقاومة وإنه جاء لينفذ مهمة ضد العدو ، لأن السرية هامة جدا في المعارك والحروب .
نظر جندي المقاومة إلى ملابسه التي تخفى فيها وهمس في أذنيها وقال:
- إذا كنت تريدين أن تعرفي من أكون عديني ألا تخبري أحدا حتى خالتك .
همست زينب كما فعل جندي المقاومة وقالت :
- أعدك بذلك .
همس جندي المقاومة وقال :
- أنا السندباد البحري .
اندهشت زينب وقالت :
- أنا لا أصدقك لقد قرأت كثيرا عن مغامرات السندباد ..
وهو لا يترك مركبه وشراعه أينما ذهب .
فكر المقاوم للحظات وقال : - معك حق .. لكن مركبي تحطمت في المغامرة التي كنت أقوم بها بعد أن انتصرت على الأشرار واستعدت الكنوز التي سرقوها وسأتركها عندكم حتى استعيد مركبي.
- أتقصد أن الجوال الذي حملته خالتي به الكنوز التي استعدتها من الأشرار . - بالطبع لكن كما اتفقنا سيظل هذا سرا بيننا .
- لكنني مازلت لا أصدقك .. إذا كنت حقا السندباد فلتساعدني لنطرد الأعداء الأشرار من أرضنا .
ابتسم جندي المقاومة وقال بثقة :
- أعدك بذلك ولكن لابد أن تساعديني
قالت زينب :
- وكيف أساعدك وأنا صغيرة وضعيفة ولا أملك سلاحا
- إذا وثقت بنفسك وقدراتك وكنتِ صاحبة حق ستفعلين أي شيء من أجل قضيتك وستصبحين الأقوى حتما .
وقال المقاوم الذي تظنه زينب السندباد أن خالتها رشيدة حكت له ما فعله المحتلون حين رأتهم يسرقون دجاجاتها ، لذلك فهو يعرف كم هي شجاعة وطلب منها أن تساعده وتبيع الدجاجات إلى جنود الاحتلال في المعسكر القريب من قريتهم .
قالت زينب :
- لكنهم اعتادوا أن يسرقوا ما يريدون ولا يدفعون ثمنه.
ابتسم السندباد وقال إنه يريد منها أن تعرف عدد المتواجدين بالمعسكر وعدد حراسه وإذا أرادت أن تستعيد وطنها فلابد أن تضحى وتقدم ما تستطيع لوطنها .
رحبت زينب بشدة حين علمت ما يريده السندباد .
ووعدها السندباد إنه حين يعود ليأخذ جواله يكون قد أعاد إصلاح مركبه وشراعه ويعود برجاله ليطرد المحتلين ويستعيد الأرض بعد أن تخبره زينب بعدد الجنود بمعسكر الأعداء ، ثم ودع زينب وخالتها واختفى بين أستار الظلام .
في الصباح حملت زينب الدجاجات وصحبت شعاع الشمس وهى سعيدة .. تعجب شعاع الشمس وقال :
- أراك سعيدة اليوم على غير العادة
قالت زينب لشعاع الشمس :
- لأنني اليوم سأقوم بعمل كنت أشتاق كثيرا للقيام به.
ثم صمتت لحظة وخشيت أن يفهم شعاع الشمس شيئا من كلامها وقد وعدت السندباد أن يظل ما تفعله سرا بينهما وقالت :
- سأبيع الدجاجات وأربح مالا وفيرا ، أحقق به ما أريد.
واقتربت من معسكر الأعداء ومعها الدجاجات .
المحتلون رأوا الدجاجات بين يديها ففرحوا بها وفتحوا لها أبواب المعسكر وهم يقولون لأنفسهم :
( أنها تظن أننا سندفع ثمنا لدجاجاتها .. يا لها من ساذجة ! ).
لكن زينب قالت إنها لا تريد ثمنا لأنها تعرف إنهم يستطيعون أخذ الدجاجات بالقوة وإنها جاءت لتكسب صداقتهم .
راقت كلمات زينب للمحتلين وراقت لهم الدجاجات الثمينة أكثر .
ظلت زينب تذهب إلى المعسكر حتى عرفت عدد جنود المحتلين .
بعد أيام عاد السندباد ليلا ودق باب الخالة رشيدة لتحضر الجوال من الحفرة التي خبأته بها ورحبت زينب بصديقها السندباد الذي داعبها قائلا :
- هل بعت الدجاجات كما اتفقنا يا زينب
ضحكت زينب وقالت :
- ما أسهل البيع إن كان دون مقابل .. لم يبق بحظيرتنا دجاجة واحدة!.
ابتسم السندباد واحتضن زينب وقال :
- بالعكس يا زينب .. غدا سيدفع العدو ثمن كل ما اغتصبه غاليا .
وهمست زينب وقالت إنها أحصت عدد الجنود بمعسكر الأعداء .
في الصباح ترى أربعة جنود يحرسون المعسكر .
ومع غروب الشمس ينضم أربعة آخرون ، وداخل المعسكر يتراوح عددهم ما بين أربعة وعشرين إلى ثمانية وعشرين جنديا بخلاف قائد أو اثنين .
فرح السندباد بالمعلومات الخطيرة التي أحضرتها زينب .. فالمعسكر أحد أهم المعسكرات التي يخزن فيها العدو السلاح ومواد التموين والإمداد .. وطلب السندباد منها أن تمتنع عن زيارة المعسكر من الآن وصاعدا لأن ذلك فيه خطورة على حياتها .. فقد أدت مهمتها على أتم وجه ووعدها أن يعود قريبا ويحقق وعده ويساعدها على طرد الأعداء واستعادة بيتها وأرضها .
فرحت زينب وقالت :
- وهل أصلحت مركبك وشراعك يا صديقي ؟
- بالطبع ، ولم يبق إلا أن أحضر الرجال ونطرد الأشرار من أرضنا
ولكن كما اتفقنا سيظل الأمر سرا بيننا .
حمل السندباد جواله الذي أحضرته الخالة رشيدة وودعهما بعد أن وعدهما بلقاء قريب.
مع خيوط الفجر الفضية استيقظت زينب على دوي انفجارات عنيفة ، ففتحت نافذتها ورأت ألسنة النار تخرج من معسكر الأعداء .
احتضنت زينب خالتها وكبرا معا :
- الله أكبر .. الله أكبر
وعرفت زينب كم كان ثمن الدجاجات التي أخذها المحتلون غاليًا .
من حينها كلما نقر الصباح بأصابعه زجاج نافذتها تصحو زينب وتفتح نافذتها وترنو إلى الطريق في انتظار عودة سندبادها _الذي لم يخلف يوما عهدا قطعه على نفسه_ بمركبه ورجاله القادمين من كتب الحواديت ليطرد الأعداء ويحرر الوطن.