الناي لم يكن سببا في سعادة نعمان
سماح أبوبكر عزت
ناى من البوص هل يمكنه أن يكون سبباً فى سعادة إنسان وتعاسة إنسان آخر؟
إنه الناى الصغير الذى لا يفارق راعى الغنم نعمان فهو رفيقه، وهو يرعى الأغنام بالنهار ويحرسها بالليل.
جلس نعمان على الرمل عند شاطئ النهر، وعزف على الناى فأيقظت نغماته الشجية الطيور لتخرج من أعشاشها تعزف معه أجمل الألحان، وفجأة انزلقت قدمه فى الرمل وسقط منه الناى وغاص فى مياه النهر.
بكى نعمان، وسقطت دموعه فى النهر، تجمعت حوله الأسماك، رأته السمكة الفضية، فغاصت فى النهر وخرجت ومعها ناى من الفضة، قدمته لنعمان، نظر نعمان للناى بدهشة وقال للسمكة: أشكرك لكن هذا الناى من الفضة.
ضحكت السمكة وقالت: كيف ترفض الفضة وهى أغلى من البوص؟
قال نعمان: الناى الذى صنعته بيدى من البوص أغلى عندى من كل الكنوز، فهو صديقى وعندما أنفخ فيه يشعر كل منا بالحياة.
إذا وجدتى الناى سأكون أسعد إنسان ولن أنسى لك هذا الجميل مدى الحياة.
جلس نعمان عند حافة النهر وهو حزين ورسم شكل الناى على الرمل وحوله الطيور تغرد اللحن الذى كان يعزفه، رأته البومة فقالت له: لا تحزن يا نعمان وثق أن الله معك لأنك دائما تساعد الآخرين، ويكفى أنك لا تخاف أو تسخر منى مثلما يفعل الكثير من الناس، تعزف لى أجمل الألحان على الناى الذى أتمنى أن تجده بإذن الله.
طارت البومة بعيدا وفجأة رأى نعمان نوراً يخرج من الماء.
كانت السمكة الذهبية التى قدمت له ناياً من الذهب.
قال نعمان فى دهشة: ناى من الذهب لى أنا! ابتسمت السمكة الذهبية وقالت: أنت تستحقه بدلاً من الناى القديم.
جلس نعمان وقال للسمكة الذهبية: أشكرك لكن لن آخذ هذا الناى.
من شدة بكائه وحزنه غلبه النعاس، وبعد فترة استيقظ نعمان فوجد الناى بجانبه احتضنه فى فرحة، ابتسمت
السمكة الفضية وقالت: خذ هذا الناى الفضى يا نعمان هدية منى لك على أمانتك.
وقبل أن يرد نعمان قالت السمكة الذهبية: وهذا الناى الذهبى أنت تستحقه يا نعمان مكافأة على صدقك وقناعتك.
اختفت السمكتان وأخذ نعمان الناى الفضى والناى الذهبى وباعهما، واشترى بالمال قطيعاً كبيراً من الماشية والخراف والأغنام، وبنى بيتاً كبيراً على شاطئ النهر وكعادته فى كل ليلة كان يعزف على نايه القديم أجمل الألحان.
وفى يوم من الأيام قابل نعمان جاره دهشان الذى سأله
من أين جئت بهذا القطيع الكبير الذى ترعاه؟
حكى نعمان قصة الناى لدهشان، وبعد أيام ذهب دهشان
عند شاطئ النهر بعد أن سرق الناى وألقاه فى النهر، وبكى بصوت عالٍ أزعج الطيور والأسماك فخرجت السمكة الفضية غاضبة ومعها ناى من الفضة أخذه دهشان بلهفة وقال: أشكرك أيتها السمكة هذا هو الناى الذى أبحث عنه.
اختفت السمكة وبكى دهشان بصوت عالٍ أزعج السمكة الذهبية فخرجت ورأت الناى الفضى على الرمل.
قال لها دهشان: هذا الناى أعطته لى السمكة الفضية ولكن الذى ضاع منى كان من الذهب.
أخذت السمكة الناى الفضى وغاصت فى قاع النهر وضحك دهشان وقال: خدعت السمكة وسوف تعطينى الآن ناياً من الذهب، أخيراً سأصبح غنياً مثل نعمان.
خرجت السمكة الذهبية وقالت: أحضرت لك الناى الذى ألقيته فى النهر.
نظر دهشان فوجد الناى الذى سرقه من نعمان فغضب وقال لها: أريد نايا من الذهب.
قالت السمكة: سأعطيك الناى الذهبى ولكن بشرط.
قال نعمان فى لهفة: موافق على أى شرط.
قالت السمكة: اعزف على هذا الناى وإذا أعجبنى عزفك سأعطيك الناى الذهبى.
أمسك دهشان بالناى ونفخ فيه، ولكن الناى لم يصدر أى صوت، وأخذ دهشان ينفخ فيه بكل قوته ولكن دون فائدة.
ابتسمت السمكة الذهبية وقالت: أنت طماع وكذاب يا دهشان، أنت لم تملك أى ناى فى يوم من الأيام، لقد سرقت ناى نعمان.
قال دهشان فى غيظ: أنا لم أكذب، هذا الناى هو الكذاب، لقد خدعنى كما خدعنى نعمان. كان سببا فى سعادته وتعاستى.
قالت السمكة: طمعك هو السبب فى تعاستك، الناى لم يكن سببا فى سعادة نعمان وثرائه ولكن قناعته وصدقه هما السبب، وأنت يا دهشان سرقت من ائتمنك على سره وخدعته لكن الناى كشف كذبك ولم يصدر أى أنغام.
اكتشف نعمان ضياع الناى وذهب عند شاطئ النهر، وهناك وجد الناى على الرمل ونفخ فيه فعزف أحلى الأنغام نظرت السمكة من بعيد ورأت نعمان وسمعت الأنغام فقالت: حقاً الناى لا يكذب، كشف خداع دهشان وصدق نعمان