سماح أبوبكر عزت
(النجدة.. النجدة.. لص فى منزلى) استيقظ سكان القرية على صوت استغاثة جارهم الطبيب الذى هاجم لص منزله وسرق أمواله.. هرب اللص لكن أحد الجيران استطاع أن يمسك به ويقتاده لقاضى المدينة وهو متلبس بسرقة الأموال.. تجمع كل سكان القرية فى قاعة المحكمة، استمع القاضى لشكوى الطبيب المجنى عليه الذى قال: (عدت من عيادتى متأخراً، كان اللص مختبئاً وراء الباب وقد سرق الأموال)،
قال اللص: (المسئول هو النجار الذى لم يراع الأمانة فى عمله وصنع باباً ضعيفاً، فلو كان الباب قوياً، لما تمكنت من فتحه وسرقة أموال الطبيب).
قال القاضى للص: لن تفلت من العقاب مهما ذكرت من أسباب، لأنك سرقت.. حضر النجار فقال له القاضى: (هذا اللص يتهمك بالإهمال، فلو أنك صنعت باباً قوياً، لما استطاع أن يقتحم منزل الطبيب ويسرق أمواله)..
قال النجار: (الذنب ذنب تاجر الأخشاب الذى اشتريت منه الخشب، لو كان يراعى ضميره لما باع لى هذا الخشب الردىء الذى صنعت منه باب منزل الطبيب).
حضر تاجر الأخشاب فقال له القاضى: (أنت متهم بالإهمال، فقد بعت نوعاً رديئاً من الأخشاب صنع منه هذا النجار باباً ضعيفاً، استطاع هذا اللص أن يفتحه بسهولة ويقتحم بيت الطبيب فيسرق أمواله، فما دفاعك عن نفسك؟)، قال تاجر الأخشاب: (المجرم الحقيقى هو الحطاب الذى لم يراع الأمانة وباع لى أخشاباً رديئة النوع لم يقطعها من أجود أنواع الأشجار)، وصل الحطاب العجوز لقاعة المحكمة، فقال له القاضى: (لولا إهمالك فى اختيار نوع الأشجار التى قطعت منها الأخشاب، لما اشتراها النجار من تاجر الأخشاب، وصنع منها باباً ضعيفاً استطاع هذا اللص أن يفتحه بسهولة ويسرق الأموال). تأوه الحطاب العجوز من شدة الألم وقال: (الجانى الحقيقى هو طبيب القرية الذى ذهبت إليه عندما جرحت الفأس يدى وأنا أقطع الأشجار، لم يراع الأمانة فى عمله، وخيط الجرح دون أن يطهره فتورمت يدى ولم أستطع أن أقطع الأخشاب بعناية كالمعتاد)، اندهش الجميع وأولهم القاضى الذى قال للطبيب: (أنت الآن جانٍ، بدلاً من أن تكون مجنياً عليه، قال الطبيب: (الذنب ذنب الفأر الذى تسلل لدولاب الأدوية وحطم الزجاجات، فلم أستطع أن أطهر الجرح فى يد الحطاب، كان الجرح كبيراً أردت أن أضمده بسرعة)، قال القاضى ساخراً: (إذن فالمتهم الحقيقى هو الفأر)، ضحك جميع سكان القرية، لكن طفلاً صغيراً تقدم الصفوف حتى وصل عند القاضى وقال: (سيدى القاضى، تعلمت حكمة جميلة وحديثاً شريفاً يقول: «النظافة من الإيمان») فلو كان الطبيب يراعى ضميره فى عمله، لأهتم بنظافة عيادته فلا تدخلها الحشرات والفئران، أعجب القاضى بكلام الطفل الذكى فقال للطبيب: (أخذت جزاءك، أهملت فى عملك ولم تراع الأمانة فى علاج الحطاب العجوز)، وقال للص: (أما أنت فقد سرقت ولابد أن تنال جزاءك)، فقال اللص: (لست متهماً.. المتهم هو الفأر)، قال القاضى: (المتهم هو الإهمال فهو سبب كل المشاكل، ولو أتقن كل فرد عمله ستعيش القرية فى سعادة وأمان).