مملكة البحرين
نبذة تاريخية:
توصلت فرق التنقيب عن الآثار في البحرين إلى اكتشاف آثار مهمة تدل على وجود حضارة قديمة تعود إلى الألف الثالث ق.م. وتسمى حضارة دلمون التي كانت تتوسط طرق التجارة والنقل بين حضارات مصر وبلاد ما بين النهرين والهند.
وبعد «دلمون» لم يسجل التاريخ أي شيء يذكر عن البحرين حتى فجر الإسلام في القرن السابع الميلادي فارتبطت جزيرة البحرين سياسياً واجتماعياً. بمجتمع الجزيرة العربية. وكانت دائماً تحت سلطة الخلافة الإسلامية في مختلف العهود. وفي أواخر القرن الثالث الهجري احتل أبو سعيد الجنابي ـ أحد قادة القرامطة ـ مدينة هجر عاصمة البحرين وقتها واتخذ من مدينة الإحساء عاصمة لدولة القرامطة. وقد انتهت هذه الدويلة سنة 976م. ثم تعرضت هذه المنطقة لغزو جينكزخان ثم زعيم المغول هولاكو وبقي المغول فيها إلى أن استولى عليها البرتغاليون وحصنوها كما حصنوا بعض موانىء الخليج العربي لتأمين طريق تجارتهم إلى الهند.
ظل البرتغاليون يسيطرون على البحرين من سنة 1521 إلى سنة 1602 م حين أجلاهم عنها الفرس واحتلوها. ولكن سلطان عمان ما لبث أن انتزعها منهم. ثم عاد الفرس لاحتلالها في عهد نادر شاه، فتصدت لهم القبائل العربية بزعامة آل خليفة وأخرجتهم منها عام 1783م.
في عام 1861 تعهد أمير البحرين الامتناع عن الحرب والقرصنة وتجارة العبيد مقابل المساعدة والحماية البريطانية، وكان هذا الاتفاق نتيجة تخوف حاكم البحرين من الأطماع الإيرانية، ورغبة بريطانيا في منع فرنسا وروسيا وألمانيا من التقدم باتجاه الهند.
وفي عام 1880 و1892م تعهد الحاكم مجدداً بعدم التنازل عن أجزاء من أرضه أو رهنها لأحد ما عدا الحكومة البريطانية، وكذلك عدم إقامة أية علاقات مع أي حكومة أجنبية دون موافقة الحكومة البريطانية.
في تلك الفترة بدأت البحرين تتأثر بالأحداث العربية التي كانت تحصل في بعض الدول العربية وخاصة عقب الحرب العالمية الثانية، وإبّان العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 شهدت البحرين تحركات شعبية واضطرابات. وفي عام 1957 أعلنت سيادتها القانونية على الأجانب الذين كانوا يخضعون لامتيازات خاصة بحيث لايطالهم القانون المحلي، ثم أصدرت طوابعها الخاصة في عام 1960 وكذلك أول عملة خاصة بها. وشهدت البحرين إضراباً آخر في عام 1965 سببه الرئيسي التخوف من صرف العمال في شركات النفط. وفي أيار 1966م أعلنت بريطانيا أنها سوف تنقل قاعدتها الرئيسية في الخليج من عدن إلى البحرين في عام 1968م. غير أنها أعلنت مجدداً أنها ستسحب كل قواتها الموجودة في شرقي السويس قبل نهاية 1971.
الاستقلال:
أعلن استقلال البحرين التام في آب 1971، وعقدت معاهدة صداقة مع بريطانيا، وأطلق الحاكم الشيخ عيسى على نفسه لقب «أمير». وفي أيلول 1971 انضمت البحرين إلى جامعة الدول العربية وإلى الأمم المتحدة. وفي كانون الأول 1972 أجريت انتخابات مجلس تأسيسي وضع دستوراً جديداً أجريت على أساسه انتخابات مجلس وطني في كانون الأول 1973.
البحرين ما بعد الاستقلال:
من انعكاسات حرب الخليج الأولى (العراق ـ إيران) على البحرين إعلانها عن كشف محاولة تغيير للحكم بدعم من إيران، فسارعت السعودية إلى توقيع اتفاقيات أمنية مع دول الخليج ومنها دولة البحرين الأمر الذي زاد في توطيد الأمن وتثبيته.
وفي 15 كانون الأول 1992 أعلن أمير الدولة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة عزمه على إنشاء مجلس للشورى، وما لبث أن شكله بالفعل بعد أسبوع من 30 عضواً علماً أن البحرين تختلف عن باقي دول الخليج العربي بميزة كبيرة ألا وهي وجود الأحزاب السياسية المختلفة فيها، وسبب ذلك يعود إلى تركيبتها الاجتماعية المتشكلة من عدة طبقات عمالية لم تغيرها فورة البترول فجعلت من مجتمعاتها قريبة من مجتمعات العراق وسوريا ولبنان. وقد أثر ذلك كثيراً على طبيعة القوى السياسية التي ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالحركات السياسية في أرجاء البلدان العربية مثل أحزاب البعث والناصرية وتيار الإخوان المسلمين.
وقد عاشت البحرين أجواء شغب وأعمال عنف متكررة بدأت في 21 كانون الأول 94 إلا أن حكمة السلطات في البحرين كانت كبيرة. حيث أنها حالت دون توسع دائرة الاضطرابات كما كانت تسعى حل المشاكل المستعصية لتخفف من حدة المتظاهرين. وقد عملت هذه السلطات على توطيد علاقتها مع مختلف الدول كي تحد من دعم مثيري الشغب واحتضانهم وعلى رأسهم بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
أما بخصوص النزاع الحدودي بين البحرين وقطر حول جزر حوار والمنزور والذي يعود إلى عام 1939 فإن محاولات الوساطات كانت متعددة وخاصة مبادرة المملكة العربية السعودية في هذا الخصوص، والتي كانت شديدة الحرص على انهاء هذا الخلاف. ثم جاءت محاولة قطر عرض هذا النزاع على محكمة العدل الدولية وذلك في العام 1994 إلا أن أمير دولة قطر الجديد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني والذي تسلم زمام الأمور في قطر بعد والده في حزيران 1995 أكد أن تسوية هذه الخلافات يمكن أن تسوى ضمن البيت العربي الخليجي وهذا ما شجع على المضي قدماً في المبادرة السعودية توفي الأمير عيسى بن سلمان في آذار 1999 وقد تقاطر رؤساء الدول العربية والإسلامية إلى البحرين لتقديم التعازي. وتسلم الحكم من بعده ابنه الأمير حمد بن عيسى آل خليفة الذي بدأ عهده الجديد بإصداره عفواً عن بعض الذين صدرت بحقهم أحكام لإدانتهم بأعمال تخريبية خلال السنوات الماضية، وعلى رأسهم الشيخ الشيعي عبد الأمير الجمري، في خطوة إيجابية بمثابة صفحة جديدة يفتحها الأمير في عهده هذا.
وفي عام 2002 أعلن أمير البحرين نفسه ملكاً على البلاد بعد أن صارت البحرين مملكة وفقاً للإصلاحات الدستورية الأخيرة التي أدخلت على دستور البلاد.