تيمور بن فيصل (1913 ـ 1932 م):
سعى تيمور لإخماد نار الثوار بالتفاوض معهم، غير أنهم لم يقبلوا بأي تنازل، بل شنوا عليه هجوماً كبيراً بقيادة الشيخ عيسى بن صالح الحارثي، إلا أن السلطان تمكن وبمساعدة من الجيش الإنكليزي من الانتصار على القبائل، ولكنهم لم يقضوا عليهم، بل ظلت الأوضاع على ما هي عليه فكان السلطان تيمور مسيطراً على مسقط والمدن الساحلية، وكان الإمام مسيطراً على بقية المناطق. وفي عام 1920 وقعت «معاهدة السيب» بين السلطان تيمور والقبائل التي كان يمثلهم الشيخ عيسى بن صالح الحارثي.
وهكذا أصبحت عمان منذ توقيع تلك المعاهدة في 25/9/1920 ولمدة حوالي نصف قرن مقسمة بشكل فعلي إلى عمان الساحل تحت سلطة السلطان، ومسقط وعمان الداخل تحت سلطة الإمام. ثم عمدت بريطانيا على إغراق السلطان تيمور بالديون، فأدرك السلطان عجزه عن القيام بأي شيء فتخلى في عام 1932 عن العرش لولده سعيد.
سعيد بن تيمور 1932 ـ 1970 م):
تولى سعيد بن تيمور الحكم رسمياً في 10 شباط عام 1932، وكان في العشرين من العمر. تربى سعيد في مدرسة الأمراء في مايو في مقاطعة أجمير في الهند.
عمد سعيد إلى فرض ضرائب باهظة على الشعب بحجة تسديد الديون لبريطانيا فكانت البلاد تعيش في حالة تخلف تام وكأنها في القرون الوسطى واستمرت على هذه الحال طيلة عهده أي حتى عام 1970.
وبالنسبة لسلطة الإمام فقد توفي الإمام محمد بن عبد الله الخليلي، فانتخب الإمام طالب بن علي مكانه وقد عمل على استرجاع بعض ما فقدته الإمامة من نفوذ، إذ أن السلطان إضافة إلى تدعيم سلطته في المناطق الساحلية أخذ يمد نفوذه شيئاً فشيئاً إلى بعض المناطق الأخرى. فأعلن الإمام الثورة على السلطان لكنه وبمساعدة القوات الانكليزية استطاع إفشال ثورته. واستطاع الإمام طالب بن علي شقيق الإمام غالب من الهرب إلى السعودية ومنها إلى القاهرة حيث أسس مكتباً لنصرة عمان.
الدول العربية تثير القضية في الأمم المتحدة:
لاقى مكتب نصرة إمامة عمان في القاهرة دعماً كبيراً من السلطات المصرية زمن الرئيس جمال عبد الناصر، فعاد الإمام طالب إلى عمان في صيف 1957م. وقاد ثورة مسلحة ضد السلطان، وراح يهدده بشكل واضح، فاستعان السلطان سعيد مجدداً بالإنكليز فتمكن من إعادة سلطته وتدعيم موقعه.
إلا أن الأوضاع السيئة التي كانت تعيشها عمان نتيجة الحظر المفروض عليها من كافة الجوانب دعا العديد من الدول العربية إلى طرح «القضية العمانية» على الجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشتها وذلك عام 1960. فأفشلت بريطانيا المناقشة ثم أثير الموضوع مجدداً عام 1961 وكذلك أفشل الموضوع.
إلا أن إصرار العديد من الدول العربية على طرح هذا الموضوع دعا بالأمم المتحدة إلى إرسال لجنة عام 1963 لتقصي الحقائق، إلا أن هذه اللجنة وضعت تقريراً منافياً لأخبار الدول العربية، فاتهمتها الدول العربية والعديد من دول العالم الثالث بالانحياز لبريطانيا فتكونت لجنة ثانية من أعضاء الأمم المتحدة لدراسة القضية العمانية كانت نتيجتها أن وضعت تقريراً يوصي بأن تنهي بريطانيا «حمايتها» أو احتلالها لعمان فوراً.
ثورة ظفار:
اندلعت ثورة ظفار عام 1963 بقيادة «جبهة تحرير ظفار» التي كانت تتألف من عناصر مختلفة المشارب السياسية. وبعد مؤتمر حمرين عام 1968 أصبح توجه هذه الجبهة ماركسياً، بفضل الدعم اليمني الجنوبي (سابقاً).
وقد لاقت هذه الجبهة تأييداً واسعاً من مختلف القطاعات نتيجة حالة البؤس والحرمان والضنك الذي كانت تعيشه البلاد. وقد حققت أفواج هذه الثورة انتصارات كبيرة وكادت تقضي على السلطان سعيد، إلا أن السلطان قابوس ابن السلطان سعيد تسلم زمام الحكم في 23 تموز 1970.
السلطان قابوس بن سعيد (1970 ـ.... م):
بعد توليه الحكم في 23 تموز 1970بادر السلطان قابوس إلى جعل اسم «سلطنة عمان» الإسم الرسمي لدولته، وعمد إلى نهج سياسة جديدة قائمة على إزالة كل مظاهر التخلف الشديد التي طبعت عهد السلطان سعيد، والانفتاح على العواصم العربية والأجنبية. أراد السلطان قابوس (الذي كان متفهماً ومتعاطفاً مع كثير من مطالب الثوار قبل تسلمه السلطة) أن يخرج الجيش العماني من مأزقه، فطلب دعماً من الأردن، ثم من المملكة العربية السعودية، وكذلك من باكستان، وفي عام 1973 أرسل شاه إيران حملة عسكرية مؤلفة من 8 آلاف رجل (مزودة بطائرات هيليكوبتر وسفن حربية)، فنزل قسم منهم في صلالة عاصمة ظفار. وبدأت المعارك مع الثوار. وفي أقل من سنتين، تمكن السلطان قابوس مع هذه القوات من القضاء نهائياً على هذه الثورة.
النهضة العمرانية والاقتصادية في عهد السلطان قابوس
ما إن توصل السلطان قابوس إلى القضاء على ثورة ظفار 1975، حتى وقع اتفاق لوقف إطلاق النار مع جمهورية اليمن الجنوبي (الذي كان الداعم الأساسي للثورة) وذلك في 11 أذار 1976.
بعد ذلك، أطلق السلطان قابوس بن سعيد خطته التنموية الأولى. أعقبها بالثانية فتحقق تقدم، أجمع المؤرخون على اعتباره فريداً من نوعه وقياسياً، إذ نقل عمان وفي غضون سنوات قليلة من عصر القرون الوسطى إلى العصر الحديث، وعلى مختلف الأصعدة والقطاعات خاصة في التربية والتعليم والمواصلات.
وعلى صعيد العلاقات الخارجية فقد وضع السلطان قابوس خطوط عريضة لهذه العلاقات أهمها:
ـ انتهاج سياسة حسن الجوار مع الجيران وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأية دولة.
ـ تدعيم علاقة عمان مع مختلف الدول العربية، وإقامة علاقات ودية مع باقي دول العالم.
ـ الوقوف إلى جانب القضايا العربية في المجالات الدولية.
ـ الالتزام بالخط الذي تسير عليه دول العالم الثالث.
انضمت عمان إلى جامعة الدول العربية عام 1971 وكذلك إلى الأمم المتحدة في ذات العام. وقد ارتفع عدد البعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى سلطنة عمان من 5 بعثات عام 1979 إلى 75 بعثة في عام 1980. وانفردت عمان بعدم قطع علاقاتها مع مصر بعد زيارة الرئيس المصري السادات إلى إسرائيل.
ولدى قيام مجلس التعاون الخليجي في عام 1981 انضمت سلطنة عمان إلى عضويته، وما لبثت أن أصبحت عضواً فاعلاً ومؤثراً.
وفي 2 حزيران عام 1995م صدر بيان صحفي مشترك بمناسبة الاحتفال بانتهاء ترسيم الحدود الدولية بين الجمهورية اليمنية وسلطنة عمان.
في 10 تموز عام 1995م جرى التوقيع على الخرائط النهائية للحدود بين المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان.
في العام 1996م صدر أول دستور في سلطنة عمان ينظم شؤون الدولة ويحدِّد المبادىء العامة لسياستها في الداخل والخارج.
في عام 1997م جرت انتخابات الولاية الثالثة لمجلس الشورى.
في عام 1998م تقبل السلطان قابوس في قصر العلم أوراق اعتماد أول سفير فلسطيني لدى سلطنة عمان مفوض من قبل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. وقد امتازت سياسة السلطان قابوس بحسن الجوار مع الجيران وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأية دولة، وتدعيم علاقات عمان مع الدول العربية وإقامة علاقات ودية مع دول العالم، والوقوف بجانب القضايا العربية.