خاص - اموال الغد :
أوردت وكالة الأنباء الفرنسية تقريرًا قالت فيه إن الملياردير ناصف ساويرس مؤسس "أوراسكوم للانشاء والصناعة"، إحدى كبرى شركات التشييد والأسمدة في العالم قرر إنهاء الوجود القانوني لشركته في مصر، بينما باع شقيقه نجيب أسهم معظم شركاته في مصر، واحتفظ شقيقهما الثالث بموطئ قدم في الخارج من خلال شركة أسسها في سويسرا.
وأعلنت شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة (أو سى آي) في بيان أخيراً إنها "تلقت في 18 يناير الجاري عرضا من شركة (أو سي آي إن) الهولندية لمبادلة كل أسهم أوراسكوم المصرية بأسهم في الشركة الهولندية".
ويقول خبراء مصريون في سوق المال: إن 73% من أسهم أوراسكوم للإنشاء والصناعة المصرية متداولة في بورصة لندن، من بينها 55% يمتلكها ناصف ساويرس، و5% تمتلكها مجموعة أبراج الإماراتية، ويتم تداول 27% من أسهم الشركة في البورصة المصرية.
وأوضح البيان أن الشركة الهولندية الجديدة، التي أعلن تأسيسها في يوم تقديمها عرض الشراء، والتي ستقيد في بورصة أمستردام، ستشتري أسهم الشركة المصرية في لندن.
كما "ستتقدم بعرض للاستحواذ على كل أسهم" الشركة المتداولة في البورصة المصرية سواء بمبادلتها بأسهم لديها أو بشرائها مقابل 280 جنيها للسهم، وفقا لقانون سوق المال المصرية الصادر عام 1992".
وعائلة ساويرس المصرية القبطية واحدة من أكثر الأسر ثراء في مصر وإفريقيا، ويحتل ناصف المرتبة الرابعة في قائمة أغنى الأفارقة وفقا لمجلة فوربس، التي تقدر ثروته بـ 5,5 مليار دولار، ويأتي شقيقه نجيب الذي يستثمر في الاتصالات في المرتبة التاسعة من القائمة نفسها، أما شقيقهما الثالث الذي يعمل في مجال السياحة فتقدر فوربس ثروته بما يزيد على نصف مليار دولار.
وقال ناصف ساويرس في تصريحات نقلتها الصحف اليوم الإثنين: إن هذه "الصفقة تدل على الرغبة العالمية للاستثمار في مصر"، وأوضح أنه بذلك "تم جذب أكثر من ملياري دولار أمريكى من الاستثمار الأجنبي المباشر بتعهدات من مؤسسات أمريكية رائدة"، لتمويل عملية شراء أسهم أوراسكوم للإنشاء والصناعة المتداولة في البورصة المصرية.
وفق بيان نشر على موقع مجموعة أبراج فإن الشركة الهولندية الجديدة حصلت على تعهدات بتمويل عملية شراء الأسهم المتداولة في البورصة المصرية من بينها مليار دولار من شركة "كاسكيد" المملوكة لبيل جيتس.
وأكد ناصف ساويرس أنه "لن ينتج عن الصفقة أي تغييرات في سير الأعمال الاعتيادية في مصر، كما يستمر مقر المجموعة في القاهرة في إدارة أنشطة شمال إفريقيا والشرق الأوسط".
غير أن الخبراء المصريين يرون أن ناصف ساويرس يسعى من خلال هذه الصفقة أساسا إلى إخراج مجموعته من مصر حتى لو واصل العمل فيها كشركة أجنبية.
ورأوا أن قراره يرجع إلى الخوف من تضييق على استثمارته من قبل السلطة السياسية الجديدة في البلاد، بعد تولي الإسلامي محمد مرسي الرئاسة في يونيو الماضي.
وقال الخبير في سوق المال المصرية عيسى فتحي: "من الواضح أن ناصف ساويرس قرر الخروج من مصر خوفا من التضييق على أعماله ومحاولة فرض التزامات ضريبية جديدة عليه"، وأيد شيرين القاضي وهو خبير آخر في الاقتصاد وأسواق المال هذا الرأي، مؤكدا أن ناصف ساويرس "خرج خوفا من فرض ضرائب جديدة عليه".
كان الرئيس مرسي اتهم في خطاب ألقاه في أكتوبر شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة من دون أن يسمها بالتهرب من الضرائب، معتبرا أن صفقة بيع نشاط صناعة الأسمنت فى شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة فى 2008 تمت بطريقة خالفت القانون وأدت إلى التهرب من الضرائب.
واعتبر فتحي أن خروج شركة ناصف ساويرس من مصر سيؤدي إلى دخول أكثر من ملياري دولار إلى البلاد، لكنها ليست استثمارات جديدة بل ستستخدم فقط في شراء الأسهم، موضحا أنه في المقابل "ستفقد خزانة الدولة 600 مليون جنيه سنويا (قرابة مئة مليون دولار) هي قيمة الضرائب، التي كانت تدفعها الشركة حتى الآن".
لكن الأهم من وجهة نظر فتحي هو أنها "مؤشر سلبي على مناخ الاستثمار في مصر"، بينما تحاول الحكومة جذب الاستثمارات لإعادة إطلاق النمو وإعادة بناء الاحتياطي النقدي للبلاد الذي تآكل على مدي العامين الماضيين ليهبط من 36 مليار دولار إلى 15 مليارا.
وكان نجيب ساويرس شقيق ناصف الأصغر، باع معظم أسهمه في شركة أوراسكوم تليكوم إلى المجموعة الروسية فيمبلدون في 2010.
وفي 2012 أعلن أنه توصل إلى اتفاق مع شركة فرانس تيليكوم الفرنسية لبيعها معظم أسهمه في شركة موبينيل لخدمات الهواتف المحمولة، التي لم يعد يحتفظ بأكثر من خمسة بالمئة منها، وإن كان لايزال يمتلك شركة لينك لخدمات الإنترنت.
وفي ديمسبر الماضي باع ساويرس شبكة تليفزيون أون تي في، التي كان أسسها قبل سنوات في مصر إلى رجل الأعمال الفرنسي التونسي طارق بن عمار.
وكان الإسلاميون شنوا حملة عنيفة على نجيب ساويرس مطلع 2012 متهمينه بالإساءة إلى الإسلام، بعد أن نشر عبر حسابه على تويتر رسما كاريكاتيريا لميني ماوس وهي ترتدي النقاب، وقد قدم بعد ذلك اعتذارا علنيا مؤكدا أنه كان يمزح ولم يكن يقصد المساس بمشاعر أي مسلم.
أما الشقيق الثالث سميح ساويرس فاحتفظ بشركته إنترناشيونال هوتل هولدنج (اي اتش اتش) في مصر وإن كان لديه موطئ قدم في الخارج أيضا، إذ أسس شركة للتنمية السياحية في سويسرا قبل ثلاث سنوات.
ونقل آل ساويرس إقامة أسرهم خارج مصر بعد بضعة أشهر من قيام الثورة، التي أطاحت بحسني مبارك في 2011، وفق مصادر مقربة من العائلة