فاروق شوشة: فاروق حسني لم يكن يجيد التحدث بالعربية !محيط - كتبت - سميرة سليمان
حمّل أمين عام مجمع اللغة العربية الشاعر فاروق شوشة ثورة يوليو والأنظمة التي تلتها، مسئولية تدهور اللغة العربية الفصحى، وذلك بعد أن أصبحت لغة خطابات رؤساء الجمهورية والمسئولين بالعامية، بحجة أن يصل خطاباتهم إلى قطاعات الشعب العريضة، رغم أن هذه القطاعات تستمع لبرامج الإذاعة بالفصحى وتستوعبها .
وأكد شوشة على أنه قبل الثورة لم يكن يجرؤ الملك أو المسئولين أو رؤساء الأحزاب على التحدث بالعامية .
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد ظهر اليوم الاثنين، في مقر مجمع اللغة العربية بالقاهرة .
وأوضح الشاعر المصري أن المجمع يحتاج إلى تعديل قانونه ولوائحه التنفيذية بما يتلائم مع احتياجات المجتمع، مناشداً البرلمان الذي يسيطر عليه أغلبية إسلامية، أن يهتموا باللغة العربية.
يواصل: ميدان التحرير في الاسبوع الأول من الثورة كانت شعاراته المستخدمة جميعها باللغة العربية الفصحى، في حين أن الحزب الوطني حين أقام مؤتمره السنوي لعامين متتاليين، هما 2009 – 2010 كان شعاره مكتوب بالعامية، وكذلك كانت اللافتة الكبرى وراء رئيس الجمهورية والمتحدثين في جلساته المختلفة بالعامية، وكأنهم يريدون القول أن العامية لغتنا والتجهيل وسيلتنا!.
وامتد نقد شوشة كذلك إلى وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني، قائلاً أننا عشنا عصراً كان وزير الثقافة فيه يخطئ في بنية الكلمة، وليس في إعرابها فقط، ورغم كونه وزير الثقافة لأطول مدة في تاريخ مصر، إلا أنه كان نموذجاً سلبياً فيما يتصل باتقانه اللغة العربية، في حين كان ثروت عكاشة وزير الثقافة الراحل مؤخراً وهو ضابط عسكري يتميز باتقانه اللغة العربية، وكأنه أحد أبنائها.
وخلال كلمته، كشف الشاعر فاروق شوشة عن إصدار المجمع لمعجم موضوعي للأطفال، يحدثهم بلغة فصحى بسيطة، ويضم موضوعات حياتية للطفل، مثل تطور وسائل المواصلات، وعلوم الاتصال وغيرها، و سيتم إرسال المعجم إلى وزارة التربية والتعليم، لطبعه وتوزيعه على أطفال المدارس .
ورداً على سؤال "محيط" أن قرارات المجمع غير ملزمة ومن ثم جهد أعضائه يذهب أدراج الرياح، أكد المتحدث أنه منذ ثلاث سنوات طلب المجمع من مجلس الشعب أن تصبح قراراته تتمتع بسلطة تنفيذية، وليست مجرد توصيات، وان تنشر تلك القرارات في جريدة "الوقائع" المصرية وهي الجريدة الرسمية ليصبح لها سلطة تنفيذية ملزمة بعد ذلك، والمجلس أصدر قانونا بذلك بالفعل، لكن لم تصبح القرارات ملزمة، لأن ليس للمجمع سلطة مخاطبة الوزراء.
يواصل: المجمع هيئة مستقلة غير تابعة لوزارة، لكن ميزانيته تدخل ضمن وزارة التعليم العالي، وطلبنا من وزير التعليم الحالي أن يفعل القانون الذي صدر منذ ثلاث سنوات وهو وعد بذلك، حتى يكون المجمع مؤثر في الدولة.
ويرى شوشة أن ما يحدث في مصر يخالف الدستور الذي يقول أن لغة مصر الرسمية هي اللغة العربية، بينما من يسير في شوارع مصر يشعر بأنها أحد شوارع لندن لكثرة استخدام اللغات الأجنبية بها على واجهات المحلات والمؤسسات المختلفة، ورغم صدور القانون المنظم لذلك، منذ عام 1958 أثناء الوحدة بين مصر وسوريا، والذي يقضي بألا يرفع شعار على مؤسسة أو مكان عمل إلا باللغة العربية، وإذا كانت المؤسسة غير عربية، يرفع اسمها بلغة أخرى بشرط أن يضاف إليها اللغة العربية، وقد تم تنفيذ هذا القانون وقت الوحدة، لكن بعد انفصالنا عن سوريا لم نعد نلتزم به، رغم تطبيق سوريا له، وليبيا كذلك.
امتدح شوشة في كلمته الصحافة لتبنيها اللغة العربية الفصحى الميسرة، وإيصالها إلى القراء، وهو المستوى الثاني من الفصحى بعد المستوى القديم الذي كُتب به التراث، ثم أخذت الإذاعة عن الصحافة لغتها الفصحى البسيطة، ثم انتقلت إلى التليفزيون، مشيراً إلى أن كبار أدباء مصر هم من فعلوا ذلك بالصحافة وساهموا في تطور لغتها حين كانت الصحف يرأسها هؤلاء الأدباء، مثل طه حسين، وأنطون الجميل وغيرهم، مؤكداً أنهم من نشروا لغة الصحافة الجديدة، بعدما أوجدوا لنا هذا الحل العصري لمشكلة اللغة.
وأشار شوشة إلى أن النص الأول في قانون المجمع يقضي بضرورة حماية اللغة العربية والعمل على أن تكون قائمة باحتياجات العصر، ومن ثم أتت لجان المجلس متشعبة فمنها المتخصص في الإنسانيات، وعلوم التاريخ والجغرافيا، والنفس وغيرها، وبعضها الاخر لجان مختصة بالعلوم البحتة كالأحياء والكيمياء، وعلوم الحاسوب.
على صعيد آخر، ناشد الشاعر فاروق شوشة نقيب الصحفيين ممدوح الولي بالتعاون مع المجمع لتدريب الصحفيين، والمصحيين اللغويين والمدقيين، من أجل الارتقاء باللغة الصحفية، مشيراً إلى ان المجمع خاطب من قبل النقابة من أجل تفعيل التعاون بينها وبين المجمع، وبالتحديد منذ ثلاث سنوات، لكن لم يتلق رداً.
بخصوص قضية تعريب الأسماء، أشار شوشة إلى أننا سنبقى في موقف مضطرب ومرتبك طالما لا نخترع شيئاً، ونعيش فقط على مخترعات الغرب، لذلك سنبقى نعرب الأسماء، أي نكتبها كما هي لكن بحروف عربية، مثل سينما، وكمبيوتر.
كما انتقد شوشة المدارس، ووصفها بانها حظائر لتجميع ألوف الدارسين، وانتقدها لأنها ألغت المكتبة، والفناء الذي أصبح كله مباني الآن لاستيعاب طلاب جدد، وألغت ساعة الهوايات التي كانت فرصة لممارسة اللغة العربية، لذلك أهملت اللغة العربية، مشيراً إلى أن النموذج الحقيقي للمدرسة هي المدارس الأجنبية التي رغم مراعاتها لأصول التدريس، إلا أنها لا تهتم باللغة العربية، لتُخرج نموذجاً غريباً لمواطن لا يعرف لغته.