حسناء صفقة السلاح المشبوهة حامل
تهديدات بتصفية "هند" عند ظهورها من كبار الضباط المتورطين
"الوفد" تواصل انفرادها وتدخل بيت "هند" وتلتقي شقيقها وشاهد عيان القضيةهند روميحكتب: ياسر إبراهيم رغم مرور أسبوعين علي مقتل الرائد تامر حمودة، الضحية الأمنية في صفقة السلاح التي شهدتها حدائق الأهرام بالجيزة، مازالت هند روميح لغز الصفقة وكاتمة أسرارها هاربة،
وكأنها «إبره في كوم قش أو فص ملح وذاب» ولم تستطع أجهزة أمن الداخلية بكل فروعها، ومديرياتها القبض علي تلك الحسناء التي كانت همزة الوصل بين المصدر السري للمأمورية وهو محمد عويس الملقب بالمستشار الذي أطلق رصاصة الموت علي الرائد تامر وبين الضابط المتهم عبدالعزيز الهلباوي ابن شقيق أحد قيادات وزارة الداخلية الذي اعترف في التحقيقات بأنه حصل علي الأسلحة والذخيرة من ضابط بجهاز المخابرات المصرية.
وإذا كانت هند اللغز الأساسي في الصفقة المشبوهة اختفت في لمح البصر من منزلها بحدائق الأهرام، فإن اللغز الأكبر والذي عجز المحققون في القضية عن فك طلاسمه ورموزه هو اختفاء جهاز الهاتف الـ «آي فون» الخاص بالضابط المتهم الهلباوي، والذي يحتوي علي كل الاتصالات والصور والمكالمات التي دارت بينه وبين هند وضابط المخابرات محمد شريف الذي تحول هو الآخر إلي لغز ثالث بعد أن أكدت مصادر أمنية لـ «الوفد» أن هذا الاسم لا أساس له بالمخابرات، مشيراً إلي أن الأجهزة الأمنية تبين لها أن هذا الاسم لعميد بالمعاش في القوات المسلحة ويمتلك شركة للاستيراد والتصدير، ويقيم الآن بأمريكا وتم وضعه علي قوائم الانتظار والترقب في جميع المنافذ المصرية والبريد والجوية والبحرية، وهو ما حدث أيضاً مع هند التي وزعت صورها في مختلف المنافذ تحسبا لهروبها.
ولأن هند هي خيط القضية الأساسي الذي سيفك كل طلاسمها ويتسبب في توريط عدد من كبار الضباط والمسئولين كان من الطبيعي أن تختفي ليس بقرار منها وانما بتعليمات ممن يقومون بتشغيلها أو يتخذونها ستاراً لتحقيق مصالحهم وأغراضهم مستغلين جمالها وظروفها الاجتماعية والأسرية، وهو الأمر الذي لم يستبعده مصدر أمني بقوله: أن عائلة الضابط المتهم «الهلباوي» حذرتها من تسليم نفسها.
وكشف المصدر لـ «الوفد» أن أجهزة الداخلية حددت المنطقة التي تتردد عليها هند، رافضا تحديد الموقع بالضبط، لافتا إلي أن هند تلقت تهديدات من أسرة الهلباوي مؤكداً في الوقت نفسه أن ظهور هند سيكشف المزيد من أسرار القضية وسيورط أشخاصا أخري، بل ويزيد من مساحة الاتهامات الموجهة للهلباوي.. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن، هل بالفعل هند علي قيد الحياة كما يشير المصدر الأمني.. أم انها قتلت قبل أن تتمكن من الهرب خارج مصر؟، للإجابة علي السؤال قادتنا خطواتنا مرة ثانية إلي منزل هند الحسناء بالعمارة رقم 72 «د» بحدائق الأهرام وجلسنا إلي «عشري» البواب وقبل أن يحدثنا أقسم بأنه لا يعلم عنها أي شيء، ولا يوجد لديه معلومات تزيد عما قاله لرجال المباحث.. ويبدو أن لديه تعليمات مشددة بعدم الحديث ومع ذلك لم تغب عنه جدعنة بعض المصريين ولم يستطع إخفاء وجود محروس المحامي شقيق هند ونجلها إبراهيم والعاملة مني.. وما كاد ينهي عشري كلامه حتي أسرعنا إلي الطابق الثالث لنلتقي الأخ والأبن، وسألنا محروس المحامي.. ما حكاية هند وكيف تورطت في هذه القضية وصفقة السلاح المشبوهة مع الضابط عبدالعزيز الهلباوي؟، فأجاب بلغة الواثق من براءة اخته، أختي عمرها 34 سنة «مواليد 1978» انهت تعليمها المتوسط في مدينة المحلة بمحافظة الغربية، وتزوجت في سن مبكرة وانتقلت للعيش مع زوجها في القاهرة وأنجبت منه ولداً قبل أن تنفصل منه وتتزوج من عادل البحريني.
أقاطعه.. وهل تزوجت عادل في مصر؟ فيجيبني: لا.. سافرت للعمل في دبي وهناك تعرفت علي عادل فتزوجها وبعد فترة قررا العودة إلي القاهرة، وشراء بعض العقارات بمنطقة حدائق الأهرام.
< وهل تعمل شقيقتك في السمسرة؟
<< نعم.. تعمل في العقارات فهي تملك هذه الفيلا التي تقيم بها وأخري في 43 «ط» بهضبة الاهرام أيضا وتقوم بتأجيرهما مفروش.. واعتقد أن أختي بريئة ولو كانت مذنبة تعاقب بالقانون.
< وبما تفسر اختفاءها كل هذه المدة إذا كانت بريئة؟
<< فوجئت أختي بالقبض علي الملازم أول عبدالعزيز الهلباوي وعلمت أنه زج بأسمها في القضية.
< وما علاقتها به؟
<< عادي.. فهو جارها مثل مئات الجيران حولها، وهي من أو صلته للشقة التي يقيم بها، وأخبرها قبل الحادث بأيام قليلة ان لديه بعض الأسلحة يريد بيعها، وطلب منها إذا عثرت علي أي زبون أن تخبره فوراً.
< وهل هي التي عرفته علي محمد عويس مدير التنمية البشرية بأحد البنوك والمتهم بقتل الرائد حمودة؟
<< نعم هي التي عرفته علي عويس الملقب بالمستشار.
< ولماذا لا تنصحها بالظهور وتسليم نفسها للعدالة ويتم كشف لغز القضية؟
<< هند حامل في الشهر السادس وهربت بابنها الصغير، وسبق وأن طلبت منها تسليم نفسها إلا أنها خشيت أن يلفق لها قضية من قبل رجال المباحث.
< لماذا يلفقون لها قضية؟
<< طريقة المعاملة نفسها.. فعندما حضر الضباط كسروا باب الشقة ودفعوني وابنها ابراهيم وبعثروا كل المحتويات وسبونا بأفظع الألفاظ وأخذوا صورها الخاصة وأشياء أخري ورفضوا أن يطلعونا علي إذن النيابة بتفتيش الشقة.
< ولماذا لم تحرر شكوي ضد هؤلاء الضباط؟
<< حدث بالفعل فقد ذهب المحامي الخاص بنا وحرر شكوي في إدارة التفتيش بوزارة الداخلية مختصماً قسم الهرم وضباطه.
< وهل تتوقع انها مازالت بمصر؟
<< لا اعتقد.. ربما تكون غادرت البلاد.
> إلي هنا انتهي حديث محروس شقيق هند ولكن لم تنته بعد تفاصيل أغرب قضية شهدتها محافظة الجيزة في الأونة الأخيرة. ففي الوقت الذي لم يستبعد فيه العارفون ببواطن أمور الصفقة المشبوهة تصفية هند من قبل أسر المتورطين يبقي اختفاء جهاز هاتف الـ «آي فون» أحد أحراز القضية لغزا محيراً فكيف اختفي هذا الجهاز بقدرة قادر من مكتب رئيس مباحث قسم الاهرام المقدم عمرو رضا، ومن صاحب المصلحة في سرقة وأخفاء هذا التليفون المحمول الذي يحتوي علي الاتصالات التي تمت بين الهلباوي وهند وضابط المخابرات المزعوم بالاضافة إلي صور الأسلحة القناصة الأمريكية والإسرائيلية وبعض أنواع البنادق والطبنجات، وصور أخري لشخصيات كبيرة ومهمة بالدولة، وهل بالفعل كما يشاع صدرت أوامر عليا باخفاء الـ «آي فون» لطمس ما تبقي من معالم وتفاصيل الصفقة التي راح ضحيتها الرائد حمودة برصاصة طائشة من سلاح المخبر السري.
اسئلة كثيرة.. حاولنا البحث عن اجابة لها وكان ضبطنا الأول، وكما نحرص دائما تحقيقات النيابة، منذ سؤال المقدم عمرو رضا رئيس المباحث عن اختفاء جهاز الـ «آي فون» أجاب الضابط.. كان الهاتف معي في مكتبي ضمن أحراز القضية ولكن اثناء الانشغال باصابة الرائد تامر حمودة معاون مباحث قسم الهرم بطلق ناري ونقله إلي المستشفي لاسعافه، انشغلت عن الاحراز واختفي الهاتف المحمول.. ويرجح أن يكون أحد أفراد الأمن بالقسم وراء اختفائه.
هكذا كانت اجابة رئيس المباحث الذي تجاهل الحقيقة والواقع الذي عاشته «الوفد» وهي تتابع القضية لحظة بلحظة، فعقب الحادث وتحديداً في تمام الساعة الثامنة والنصف من مساء يوم السبت 22 سبتمبر التقت «الوفد» شاهد عيان تصادف وجوده داخل مكتب رئيس مباحث الهرم المقدم عمرو رضا بحضور العميد جمعة توفيق رئيس قطاع مباحث غرب الجيزة والعقيد محمود خليل مفتش مباحث القطاع والمقدم أحمد قابيل وكيل فرق البحث، فأثناء الحديث أمام شاهد العيان عن مقتل الرائد تامر حمودة سأل العميد جمعة توفيق المقدم عمرو رضا عن الهاتف المختفي من الأحراز، فخرج المقدم عمرو وغاب بضع دقائق وحضر إلي المكتب حاملا علبة بيضاء مكتوبا عليها «آي فون» وأخبر العميد جمعة بأن الجهاز المطلوب والهاتف المفقود في القضية.
وعقب ذلك خرج شاهد العيان منصرفا من المكتب.. وفي اليوم التالي فوجئ شاهد العيان بما تناقلته وسائل الإعلام واختفاء جهاز الهاتف الـ«آي فون» الخاص بالمتهم عبدالعزيز الهلباوي ابن شقيق أحد قيادات وزارة الداخلية!
وبعد ان استمعنا إلي رواية شاهد العيان الذي تحتفظ الوفد باسمه.. نعود ونسأل وزير الداخلية ومساعديه والأجهزة الأمنية المعنية بالتحقيق في القضية، أين اختفي هذا الجهاز الذي قد يكشف عن تورط أشخاص ومسئولين كبار في الدولة والأجهزة المعلوماتية السياسية في جلب وبيع الأسلحة المحرمة دوليا، وهل أخفاه أحد أفراد الأمن كما يدعي رئيس مباحث الهرم أم خرج به أحد الضباط الذي وردت أسماؤهم في القضية، وسلمه إلي قيادة أمنية كبيرة بمديرية أمن الجيزة.
وهل كما يتردد أن هناك تعليمات صدرت من جهة سيادية باخفائه ومن ثم توريط رئيس مباحث الهرم في القضية وتحميله مسئولية اختفاء الجهاز؟
اسئلة مختلفة لا يعلم الاجابة عنها سوي المقدم عمرو رضا الذي يفضل الصمت حاليا رافضا الحديث حتي يتم وضع السيناريو الذي ينهي القضية ويخرج منها بأخف الأحراز التي لا تزيد عن مجرد عقاب إداري يرحمه من أشياء أخري ربما يفعلها الضباط الكبار والمحتمل تورطهم في الصفقة التي ربما تقود لأخطر تنظيم دولي لتهريب الأسلحة عبر الأراضي المصرية.
يذكر هنا أن «الوفد» انفردت في عددها الصادر الخميس الماضي بنشر لغز وصور هند حسناء المحلة والوسيط الهارب بين الهلباوي الضابط المتهم والضابط الشهيد والضحية تامر حمودة، وطالبت «الوفد» وزارة الداخلية والأجهزة المعنية بسرعة ضبط هند التي يرجح هروبها خارج مصر أن لم يقم أهالي المتورطين في تصفيتها لدفن لغز الصفقة المشبوهة وسلق القضية.