الرباط ـ حسن الأشرف
ارتفعت نسبة الجريمة في المغرب خلال الستة أشهر الأولى من سنة 2012 بـ12% مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2011، حيث تم تسجيل حوالي 289 ألف جريمة، مقابل 196 ألفاً السنة الماضية، وذلك وفق إحصائيات رسمية كشفت عنها جهات حكومية مؤخراً.
وكشفت الإحصاءات الرسمية عن ارتفاع معدل الجريمة في البلاد خلال السنة الحالية إلى حوالي 19 جريمة لكل 1000 مواطن، مقابل 17 جريمة لكل 1000 مواطن خلال العام الماضي، ما دفع وزارة الداخلية المغربية إلى الإعلان عن مضاعفة جهودها لمحاربة الجريمة ودعم الشعور بالأمن لدى المواطنين.
وعزا أخصائيون الارتفاع المتنامي لنسبة الجريمة في المغرب إلى تداعيات الهجرة من المدن إلى البوادي، وإلى عوامل الفقر والإقصاء، فضلاً عن انتشار السلوكيات الفردية والأنانية.
بين التهوين والتهويل
وتمتلئ صفحات الجرائد ووسائل الإعلام الإلكترونية كل يوم بالعديد من أخبار الجرائم والجُنح التي لا تكاد تخلو منها مدينة أو قرية، خاصة جرائم الاعتداء والعنف الجسدي والسرقة والاغتصاب والمخدرات والقتل أيضاً.
واعتبرت الأخصائية في علم الاجتماع ابتسام العوفير في حديثها مع "العربية.نت" أن توسع نطاق الجريمة في المغرب لم يصل إلى الدرجة المخيفة التي تستدعي الحديث عن مخاطر مُحدقة بأمن المواطنين، لكنه بالمقابل ليس بالأمر اليسير الذي يفضي إلى التهاون وعدم أخذ الإجراءات اللازمة.
وتابعت العوفير أن زيادة معدل الجريمة في النصف الأول من السنة مقارنة مع نفس الفترة الزمنية من العام المنصرم هو وليد عوامل عديدة متضافرة، أبرزها ارتفاع نسبة البطالة لدى الشباب، الشيء الذي يؤدي إلى الاحتقانات الاجتماعية والنفسية التي تشكل شخصية المجرم.
واستطردت الباحثة موضحة أن تدفق المهاجرين من القرى المهمشة إلى المدن الكبرى عامل حاسم في تفشي الجريمة، حيث يُصدم المهاجرون من فئات عمرية صغيرة السن بواقع آخر غير الذي رسموه في مخيلتهم، ليعيشوا الإقصاء التي يجعلهم أقرب إلى ارتكاب الجرائم.
الإقصاء والفردية
ومن جهته أوضح الأخصائي التربوي والنفسي عمر السماط أن تنامي الجريمة ليس حدثاً غريباً باعتبار أنه ظاهرة اجتماعية ونفسية طبيعية تتبع لتطور المجتمع المغربي وتوسعه أفقياً وعمودياً، وبالتالي تنوع وسائل الجريمة واتساع رقعتها الجغرافية يخضعان لمدى التحولات الحاصلة في بنية المجتمع ذاته.
ولفت الأخصائي في تصريحات لـ"العربية.نت"، إلى أن الشعور بالتهميش أو الإقصاء من لعب أي دور داخل الأسرة والمحيط القريب يساهم في دفع الشخصية العداونية إلى ارتكاب الجريمة بحسب درجة تهميشه وإقصائه.
وأوضح الباحث أن تحول المجتمع المغربي من مجتمع محافظ يعتمد على التكافل والتآزر إلى مجتمع تحكمه نزعة الفردية جعله مجتمعاً سريع الأعطاب تظهر عيوبه السلوكية المنحرفة بشكل بارز، غير أنها تؤول مع مرور الوقت إلى التأقلم مع التحولات في القيم الثقافية والتربوية للمجتمع