مع السلف في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكرذُكر عن الإمام ابن جنيد أنه رأى على خالد بن يزيد بن معاوية جبة خزّ ، فقال له : " أتلبس الخزّ ؟! ، فاعتذر قائلا : " إنما ألبس لهؤلاء - وأشار إلى الخليفة – " ، فغضب ابن جنيد وقال : " ما ينبغي أن يعدل خوفك من الله بأحد من خلقه " .
عن أبي عبدالرحمن العمري قال : " إن من غفلتك عن نفسك إعراضك عن الله ، بأن ترى ما يسخطه فتجاوزه ، ولا تأمر ولا تنهى خوفا من المخلوق . من ترك الأمر بالمعروف خوف المخلوقين نزعت منه الهيبة ، فلو أمر ولده لاستخف به ".
وقال الإمام الأوزاعي : " رأيت كأن ملكين عرجا بي وأوقفاني بين يدي رب العزّة ، فقال لي : أنت عبدي عبد الرحمن الذي تأمر بالمعروف ؟ ، فقلت : بعزتك أنت أعلم . فهبطا بي حتى رداني إلى مكاني ".
وقال إسماعيل بن عيّاش : " ولي السفاح ، فظهر جوره بإفريقية ، فوفد ابن أنعم على أبي جعفر مشتكيا ، ثم قال : جئت لأعلمك بالجور ببلدنا ، فإذا هو يخرج من دارك !! ، فغضب وهمّ به ثم قال له : كيف لي بأعوان على الخير ؟ فقال ابن أنعم : أفليس عمر بن عبد العزيز كان يقول : الوالي بمنزلة السوق ، يجلب إليه ما يُنفق فيه ؟ ، فأطرق طويلا فأومأ إلي الحاجب بالخروج " .
قال الموفق : " كان الحافظ المقدسي لا يصبر عن إنكار المنكر إذا رآه ، وكنا مرة أنكرنا على قوم وأرقنا خمرهم وتضاربنا ، فسمع خالي أبو عمر فضاق صدره وخاصمنا ، فلما جئنا إلى الحافظ طيّب قلوبنا ، وصوّب فعلنا ، وتلا : { وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك } ، وسمعت أبا بكر بن أحمد يقول : " كان بعض أولاد صلاح الدين قد عملت لهم طنابير ، وكانوا في بستان يشربون ، فلقي الحافظ الطنابير فكسرها ، فلما كان هو و عبد الهادي عند حمام كافور إذا قوم كثير معهم عصي ، فخفف المشي وجعلت يقول : حسبي الله ونعم الوكيل ، فلما صار على الجسر لحقوا بصاحبه ، فقال لهم : أنا ما كسرت لكم شيئا ، ذاك هو الذي كسر . فإذا فارس يركض نحو الحافظ ، فترجل وقبّل يده وقال : الصبيان ما عرفوك ".
وعن عبد الرزاق قال : " سمعت سفيان الثوري يقول : " أُدخلت على المهدي بمنى ، فسلمت عليه بالإمرة ، فنظر إليّ وتبسّم وقال : لقد طلبناك فأعجزتنا ، وقد جاء الله بك ، فارفع إلينا حاجتك ، قلت : قد ملأت الأرض ظلما وجورا فاتق الله ، وليكن منك في ذلك عبر . فنكس رأسه ثم قال : أرأيت إن لم أستطع ؟ ، قلت : تهرب بدينك . فطأطأ رأسه ثم قال : ارفع إلينا حاجتك ، فقلت : أبناء المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان بالباب ، فاتق الله وأوصل إليهم حقوقهم . فطأطأ رأسه ثم أخلى سبيلي ".
وعن يعقوب بن شيبة قال :قال لنا الأوزاعي : لما فرغ عم السفاح من قتل بني أمية ، بعث إليّ فقال لي : أخبرني عن الخلافة ، وصية لنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ، فقلت : لو كانت وصية من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ترك علي رضي الله عنه أحدا يتقدمه ، قال : فما تقول في أموال بني أمية ؟ ، قلت : إن كانت لهم حلالا فهي عليك حرام ، وإن كانت عليهم حراما فهي عليك أحرم . فأمرني فأخرجت ".
منقول